التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

الرد على من زعم أن الإسراء والمعراج خرافة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
: لقد تجرأ أحد المتعالمين منا في ليبيا على حادثة الإسراء والمعراج ، فقال في مقالة نشرتها إحدى الصحف : إن حادثة المعراج هي محض خرافات ، ولا يمكن أن تحدث لبشر، واستدل بذلك بالآية الكريمة في سورة الإسراء التي يقول الله عزل وجل فيها : ( أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)الإسراء/93؛ فقال إن القرآن ينفي إمكانية رقي الرسول صلى الله عليه سلم للسماء ، وقال : إن ذلك يخالف القران بنص الآية ، وأن المعراج مجرد رؤية مناميه واستدل بالآية : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ )الإسراء/60. وفي النهاية أقول لفضيلتكم : إن هذا الموضوع أدخل علي شبهة ، ولكني مؤمن بأنها معجزة ؛ أرجو الإجابة والتوضيح ، بحيث ينتفي التعارض بين الآية التي تنفي رقي البشر ، وبين معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ علما بأنني مؤمن بأنه لا تعارض في القرءان . أفيدونا جزاكم الله خيرا .

الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل ، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة ، وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه ، قال الله سبحانه وتعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الإسراء/1 .
وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماوات ، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد ، وفرض عليه الصلوات الخمس ، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة ، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف ، حتى جعلها خمسا ، فهي خمس في الفرض ، وخمسون في الأجر , لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه .

وقد اختلف الناس في الإسراء والمعراج ، فمنهم من قال : إنه كان مناما ، والصحيح أنه أسري وعرج به يقظة ؛ لأدلة كثيرة يأتي ذكرها .
قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " والمعراج حق ، وقد أسري بالنبي وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء ، ثم إلى حيث شاء الله من العلا ، وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى ، ما كذب الفؤاد ما رأى ؛ فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى " انتهى .

وقال ابن أبي العز الحنفي في "شرح الطحاوية" رحمه الله : " اختلف الناس في الإسراء :
فقيل : كان الإسراء بروحه ولم يُفْقد جسدُه ، نقله ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية رضي الله عنهما ، ونقل عن الحسن البصري نحوه . لكن ينبغي أن يعرف الفرق بين أن يقال كان الإسراء مناما وبين أن يقال كان بروحه دون جسده ، وبينهما فرق عظيم ، فعائشة ومعاوية رضي الله عنهما لم يقولا كان مناما ، وإنما قالا : أسري بروحه ولم يفقد جسده ، وفرق ما بين الأمرين أن ما يراه النائم قد يكون أمثالا مضروبة للمعلوم في الصورة المحسوسة ، فيرى كأنه قد عرج إلى السماء وذهب به إلى مكة ، وروحه لم تصعد ولم تذهب ؛ وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال ، فما أرادا أن الإسراء كان مناما ، وإنما أرادا أن الروح ذاتها أسري بها ؛ ففارقت الجسد ثم عادت إليه ، ويجعلان هذا من خصائصه فإن غيره لا تنال ذات روحه الصعود الكامل إلى السماء إلا بعد الموت .
وقيل : كان الإسراء مرتين : مرة يقظة ، ومرة مناما … ، وكذلك منهم من قال : بل كان مرتين : مرة قبل الوحي ومرة بعده ، ومنهم من قال : بل ثلاث مرات : مرة قبل الوحي ومرتين بعده ؛ وكلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة للتوفيق ، وهذا يفعله ضعفاء أهل الحديث ، وإلا فالذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة قبل الهجرة بسنة ، وقيل بسنة وشهرين ، ذكره ابن عبد البر …
وكان من حديث الإسراء أنه أسري بجسده في اليقظة على الصحيح ، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، راكبا على البراق صحبة جبرائيل عليه السلام ، فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماما ، وربط البراق بحلقه باب المسجد ، وقد قيل : إنه نزل بيت لحم وصلى فيه ، ولا يصح عنه ذلك ألبتة .
ثم عرج به من بيت المقدس تلك الليلة إلى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبرائيل ففتح لهما ، فرأى هناك آدم أبا البشر ، فسلم عليه فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته ، ثم عرج به إلى السماء الثانية…"
إلى أن قال رحمه الله : " ومما يدل على أن الإسراء بجسده في اليقظة قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) الإسراء /1 ؛ والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح ، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح ؛ هذا هو المعروف عند الإطلاق ، وهو الصحيح ؛ فيكون الإسراء بهذا المجموع ، ولا يمتنع ذلك عقلا ، ولو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة ؛ وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهو كفر " انتهى من "شرح الطحاوية" (1/245).

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/33) : " ثم اختلف الناس : هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه ، أو بروحه فقط ؟ على قولين ، فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً ، ولا ينكرون أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل ذلك مناماً ، ثم رآه بعد يقظة ، لأنه كان عليه السلام لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، والدليل على هذا قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) الاسراء/ 1، فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام ، فلو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيء ، ولم يكن مستعظماً ، ولما بادرت كفار قريش إلى تكذبيه ، ولما ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم ، وأيضاً فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد ، وقال تعالى : ( أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ) وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) الاسراء /60، قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، والشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ، رواه البخاري [ 2888 ] ، وقال تعالى :
( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) النجم/17 ، والبصر من آلات الذات لا الروح .
وأيضاً فإنه حمل على البراق ، وهو دابة بيضاء براقة لها لمعان ، وإنما يكون هذا للبدن ، لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه ، والله أعلم " انتهى .

وقال الشيخ حافظ الحكمي في "معارج القبول" (3/1067) : " ولو كان الإسراء والمعراج بروحه في المنام لم تكن معجزة ، ولا كان لتكذيب قريش بها وقولهم : كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس ، شهرا ذهابا وشهرا إيابا ، ومحمد يزعم أنه أسرى به اللية وأصبح فينا إلى آخر تكذيبهم واستهزاءهم به صلى الله عليه وسلم لو كان ذلك رؤيا مناما لم يستبعدوه ولم يكن لردهم عليه معنى ؛ لأن الإنسان قد يرى في منامه ما هو أبعد من بيت المقدس ولا يكذبه أحد استبعاد لرؤياه ، وإنما قص عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرى حقيقة يقظة لا مناما فكذبوه واستهزؤوا به استبعاد لذالك واستعظاما له مع نوع مكابرة لقلة علمهم بقدرة الله عز وجل وأن الله يفعل ما يريد ولهذا لما قالوا للصديق وأخبروه الخبر قال : إن كان قال ذلك لقد صدق . قالوا وتصدقه بذلك ؟ قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء يأتيه بكرة وعشيا أو كما قال " انتهى .

وقال الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه ( التنوير في مولد السراج المنير ) : " وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبي ذر ومالك بن صعصعة وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس ، وشداد بن أوس وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبة وأبي ليلى الأنصاريين ، وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبريدة ، وأبي أيوب وأبي أمامة وسمرة بن جندب وأبي الحمراء ، وصهيب الرومي وأم هانىء ، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين ، منهم من ساقه بطوله ، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد ، وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة ، فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون ، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون " انتهى نقلا عن "تفسير ابن كثير" (3/36).

ثانيا :
لا ينقضي العجب من هذا المسلك الذي سلكه الكاتب المذكور في الاستدلال ، فإنه اقتصر على ذكر مطلب واحد من مطالب الكفار ، فأوهم أن الجواب القرآني : (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) منصب على هذا المطلب ، وهو الرقي في السماء ، وأن هذا يدل على عدم إمكانه . والحق أن هذا الجواب وارد على مجموع ما طلبه المشركون تعنتا وتفننا في الجحود والإنكار ، وإليك هذه المطالب كما بينها القرآن : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) الاسراء/90- 93 فتأمل في هذه المطالب التي لا يحسن في جوابها إلا الجواب القرآني : ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً ) .
فهل بإمكان من هو بشر أن يفجر الأرض ، والأنهار ، ويسقط السماء ، ويأتي بالله ! وبالملائكة ! ويرقى في السماء فيأتي منها بكتاب موجه إلى كل كافر ! كما جاء في التفسير عن مجاهد وغيره ، وهو موافق لقوله تعالى : ( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) المدثر /52 . لا شك أن ذلك ليس من خصائص البشر ، ولا هو في إمكانهم ، فهذا الاستبعاد منصب على مجموع هذه المطالب ، لا على آحاد كل منها ، وإلا ففيها مطالب مما هو ممكن عادة ، فقد ثبت أن الماء نبع من بين أصبعيه الشريفتين صلى الله عليه وسلم ، كما في صحيح البخاري (3576) ، وغيره ، فكيف بتفجير نبع من الأرض ، ولا استحالة ـ أيضا ـ في أن يكون له جنة من نخيل .. ، على نحو ما طلبوا ، إلا أن هؤلاء لم يكن له غرض في حصول هذه الأشياء حقيقة ، إنما هي من باب المبالغة في العناد ، والتعنت مع الرسول ، من أجل التمادي في طغيانهم .
قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله : " ولما كان اقتراحهم اقتراح مُلاجّة [ المبالغة في الخصومة ] وعناد ، أمره الله بأن يجيبهم بما يدل على التعجب من كلامهم بكلمة ( سبحان ربي) التي تستعمل في التعجب .. ثم بالاستفهام الإنكاري ، وصيغة الحصر المقتضية قصر نفسه على البشرية والرسالة قصرا إضافيا ، أي لست ربا متصرفا أخلق ما يطلب مني ، فكيف آتي بالله والملائكة ، وكيف أخلق في الأرض ما لم يخلق فيها " . انتهى .
"التحرير والتنوير" ( 15/210-211) .
ثالثا :
احرص على قلبك يا عبد الله ، وكن على دينك أحرص منك على الدرهم والدينار ؛ فلا تدع لشياطين الإنس والجن سبيلا أن يسترقوا اليقين من قلبك ، أو يزعزعوا الإيمان فيه ؛ وما دمت لم تحصل من العلم الشرعي ، ما يحصنك ضد شبهات المشككين ، ففر من هؤلاء ، ومجالسهم ، ومدونةهم ، ولا تسمع لزخارف قولهم ، فإنك لا تدري إذا نزلت الشبهة في قلبك متى تخرج منه ، وإذا عرضت الفتنة ، هل أنت ناج منها أم من المفتونين .
نسأل الله تعالى لنا ولجميع عباده الموحدين الهداية والتوفيق والسداد .
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

مسارات لرد عملي على الفيلم المسيء للنبي صلّى الله عليه وسلم من السنة

مسارات لرد عملي على الفيلم المسيء للنبي صلّى الله عليه وسلم

مجدي داود


بسم الله الرحمن الرحيم


حلقة جديدة من حلقات الإساءة للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- تمثلت هذه المرة في فيلم من إنتاج إحدى منظمات أقباط المهجر، المدعومين من الكنيسة المصرية، والذين يقومون بالتواصل الدائم معها، ويدافع عنهم القساوسة ومحامو الكنيسة، الفيلم الجديد تم بتعاون أقباط المهجر، مع القس الأمريكي الموتور "تيري جونز" الذي قام بحرق نسخ من القرآن الكريم سابقًا.

والفيلم يحمل الكثير من الإساءة للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وجرى تصويره بصورة سيئة للغاية، وتظهر فيه بوضوح الأيدي اليهودية الخبيثة، في محاولة لتحسين صورة اليهود في الوقت الذي تشوه صورة النبي الكريم –صلى الله عليه وسلم- وسيرته العطرة.

جاءت ردود الفعل على هذا الفيلم المسيء مخيبة للآمال بشكل كبير، فقد صمتت الهيئات والمنظمات الإسلامية العالمية ولم نجد لها رد فعل على مستوى الإساءة، كما صمتت كبرى الحركات الإسلامية في مصر والعالم، واكتفت ببيان هزيل مساء الثلاثاء، بينما خرج البعض الآخر في تظاهرة غير منظمة أمام السفارة الأمريكية في القاهرة، تم خلالها إنزال العلم الأمريكي وحرقه، ورفع العلم المرتبط بتنظيم القاعدة –وإن كان له أصل تاريخي في سيرة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أما في ليبيا فقد هوجمت القنصلية الأمريكية في بنغازي، وعلى إثر ذلك قتل السفير الأمريكي وأصيب آخرون، بينما طالب البعض بردود فعل أهدأ وأجدى، إلا أن المقترحات المقدمة ليست على مستوى الفعل المسيء.

الغريب في ردود الفعل التي ظهرت خلال الأيام الماضية، أنها موجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن الطرف الأساسي في إنتاج وإعداد ذلك الفيلم، هم أقباط المهجر، وهم مسيحيون مصريون مدعومون من الكنيسة، تربطهم علاقات ومصالح مع دوائر صهيونية وأمريكية نافذة، وكان الأولى أن توجه معظم ردود الأفعال في مصر، للضغط على أجهزة الدولة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء، لإنزال العقاب المناسب بهم على جريمتهم.

هناك الكثير من المسارات التي يمكن السير فيها جميعًا في وقت واحد، للرد على هذه الإساءة الجديدة، دون أن تسبب لمصر حرجًا بالغًا على المستوى الدولي، فلا شك أن اقتحام السفارة وإنزال العلم سيحرج القيادة المصرية الجديدة، التي لا تزال تخطو خطواتها الأولى في استعادة الاستقرار للبلاد، واستعادة دورها ومكانتها الخارجية، ومن هذه المسارات، ما هو سياسي وقانوني ودستوري ودعوي واقتصادي .. إلخ.

من أهم المسارات التي يجب السير فيها لمواجهة هذه الأزمة، هو الضغط السياسي من قبل الدولة والقوى السياسية الفاعلة على الكنيسة الأرثوذكسية لإعلان موقف واضح صريح تجاه أقباط المهجر، لا يتمثل في مجرد إعلان رفض إنتاج هذا الفيلم، بل في إنهاء علاقة هؤلاء المجرمين بالكنيسة نهائيًا، وكذلك القساوسة الذي يمتهنون الهجوم على الإسلام وسب النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وعلى رأسهم زكريا بطرس ومرقس عزيز، ويجب التأكيد على رفع يد الكنيسة عن هؤلاء تمامًا، حتى يلاقوا عقابهم دون أن يكونوا متمتعين بحصانة من نوع ما.

وفي ذلك الإطار أيضًا، يجب سن القوانين التي تلزم الدولة بمراقبة الكنائس والإشراف عليها ماليًا وأمنيًا، وألا تسمح بأن يكون في الدولة مكان تُمنع فيه أجهزتها الأمنية والرقابية من دخوله، أيًا كان، سواء كان كنيسة أو دير أو مسجد، أو حتى البطريركية، وكذلك إلزام الكنيسة بعدم لعب أي دور سياسي، كما أن الأزهر لا يلعب دورًا سياسيًا.

ومن أهم سبل الضغط -والتي تعتبر أشد وأنكى من حرق الأعلام واقتحام السفارات- الضغط على الكنيسة لإخراج المسلمات المحتجزات داخل الأديرة والكنائس، وعلى رأسهن الأسيرة كاميليا شحاته زاخر، وفتح ملف الشهيدة وفاء قسطنطين، ومعاقبة المتورطين في جريمة مقتلها وسلبها حريتها وسلب الأخريات حريتهن، وحبسهن بالمخالفة للقانون، وإزالة الحواجز والعقبات أمام دخول القاصرات إلى الإسلام، وعلى رأسها ما يسمى بجلسات النصح، وكل هذا سيدفع الكنيسة إلى إيقاف هؤلاء المتطرفين؛ لأنها ستجد نفسها في مواجهة الدولة والمجتمع، وحينها ستتخلى الولايات المتحدة والمنظمات اليهودية والمسيحية عن أقباط المهجر، حيث لن يكون لهم –حينها- نفوذ في مصر.

وفي المسار الدستوري، يجب على القوى السياسية والشعبية أن تمارس الضغط على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، من أجل إقرار مواد تجرم الإساءة للذات الإلهية وذوات الأنبياء والرسل الكرام جميعًا، وأمهات المؤمنين، وصحابة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وأن يعاقب من يرتكب ذلك بأشد العقوبة المقررة في الشريعة الإسلامية، ولا يستثنى من ذلك أي شئ، سواء أطلقوا عليه فنًا أو إبداعًا أو تمثيلًا، أو غير ذلك من المسميات التي يراد بها هدم العقائد الدينية الثابتة، والأسس والثوابت والتقاليد الاجتماعية والأواصر الأسرية، وتفكيك نسيج المجتمع.

لا يصح بعد هذا الفيلم المسيء، أن نقبل بغموض حول هوية الدولة في الدستور الجديد، فينبغي أن تكون المواد التي تتحدث عن هوية الدولة ومصادر التشريع واضحة بينة لا تقبل خلافًا بين القانونيين، حتى لا نجد أنفسنا ندور في دوامة من التفسيرات التي لا تنتهي، والتي يجيدها القانونيون والدستوريون، فيفرغون المواد من مضمونها، وبذلك تصير هوية الدولة معرضة للخطر بشكل كبير.

وفي المسار الاقتصادي، ينبغي على الجماهير الغاضبة أن تقوم بحملة مقاطعة شعبية واسعة لأقباط المهجر وكل من يدعمهم في الداخل، وهؤلاء كلهم معروفون لدى المصريين، وكانت حملة المقاطعة التي دشنت العام الماضي لشركة "موبينيل" التابعة لنجيب ساويرس، مؤلمة إلى الحد الذي جعله يسب اللحظة التي أساء فيها إلى الإسلام، ويعتذر اعتذارًا واضحًا، وإذا ما استطاعت القوى الإسلامية في مصر تدشين حملة مقاطعة قوية واسعة، بعيدًا عن الاعتبارات والمواءمات السياسية، فإنها ستمثل أحد أهم أساليب الرد العملي على العدوان السافر على مقام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وبالطبع هذه الحملة إن نجحت، فسيكون لها تأثير قوي في التمييز بين المسيحيين الوطنيين الذين يريدون الاستقرار والأمان لهذا البلد، وبين المأجورين مسعري الفتن، ممن يرتبطون بالدوائر الصهيونية العالمية.

على المستوى الخارجي، ينبغي على الحكومات العربية والإسلامية جميعها، وفي القلب منها مصر، الاحتجاج الرسمي لدى الولايات المتحدة على إنتاج ذلك الفيلم، وإيصال رسائل واضحة لرفض هذه التصرفات، والضغط في اتجاه إصدار قانون تجريم الإساءة للمقدسات الإسلامية، والسماح للقضاء في الدول العربية والإسلامية بملاحقة رمزية لهؤلاء المجرمين، حتى يشعروا أن ثمة جريمة قد يعاقبون عليها إذا هم دخلوا الدول الإسلامية.

كذلك فإن الإعلام -أيضًا- له دور بارز في الرد العملي على هذه الإساءة، فالإعلاميون والصحفيون وأصحاب الرأي والفكر، منوط بهم خلق رأي عام شعبي، يرفض أي إساءة للرموز والشعائر الإسلامية، فما يقوم به الإعلاميون العلمانيون اليوم، أنهم يفرغون كل الرموز من معانيها ومكانتها لدى الناس، فها هم يهاجمون الحجاب والحج ويتهجمون على النصوص والغيب والذات الإلهية وصحابة النبي الكريم، ثم يزعمون أن هذا حرية رأي وتعبير، وإذا كان لابد من صياغة القوانين التي تجرم ذلك، فلابد أيضًا أن نوجه الجماهير إلى رفض ذلك رفضًا قاطعًا، حتى تكون الجماهير داعمًا أساسيًا للدولة في مواجهة الانحراف والشذوذ الفكري.

وينبغي أن يستغل الإعلاميون والصحفيون والكتاب والمفكرون، تلك الفرصة لكشف حقيقة أقباط المهجر، وفضح علاقاتهم القوية بالاستخبارات الأمريكية، وبالعديد من المنظمات الصهيونية والتنصيرية على مستوى العالم، وكذلك علاقتهم القوية بالكيان الصهيوني، والمصالح المتبادلة بينهم، والمخطط الذي يسعون لتنفيذه في مصر، لصالح الصهيونية العالمية، وهناك الكثير من المهتمين بالشأن التنصيري، يمتلكون المعلومات والأدلة الكافية لإثبات عمالة وخيانة هؤلاء، بشكل قاطع يوجب محاكمتهم.

هناك الكثير من وسائل الرد العملي على الإساءة المواجهة للنبي الكريم –صلى الله عليه وسلم- كل حسب استطاعته ومقدرته، وكل دولة حسب ظروفها، ولكن يجب أن تكون هذه الوسائل مناسبة، بحيث لا تشكل مشكلة أو ضغطًا لاحقًا على الدول العربية، مثل اقتحام السفارات والهجوم على الرعايا الأمريكيين.


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

حديث ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) – في الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعض الروافض يحتجون بحديث : ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) الموجود في البخاري , وهذا صراحة فيه حجة لهم على تكفير معاوية رضي الله عنه ، ولا يوجد الكثير من الرد على هذه الشبهة على الإنترنت . فأرجو تفنيد هذه الشبهة . الجواب :
الحمد لله
أولا :
الواجب إحسان الظن بمن اصطفاهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فهم خير صحابة لخير نبي ، لا يجوز في حقهم إلا حسن الثناء عليهم ، ومن وقع فيهم فهو متهم على دينه .
قال أبو زرعة الرازي رحمه الله : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآنَ والسننَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى وهم زنادقة " انتهى من "الكفاية في علم الرواية" للخطيب البغدادي (ص 49) .
وانظر جواب السؤال رقم : (187689) .
ثانيا :
إنما اقتتل عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على التأويل والاجتهاد ، الذي يبدو لصاحبه أنه على الحق ؛ ولذلك لما استبان لبعضهم أنه كان مخطئا ندم على خروجه وقتاله ، والندم توبة ، والتوبة تجب ما قبلها ، وخاصة في حق أشرف الخلق وأعلاهم قدرا وأعظمهم حرما وجاها بعد أنبياء الله ورسله .
ومن تحقق الأمر علم أن هذا القتال كان سببه أهل الفتنة ، الذين روجوا لها بالباطل.
وقد خرج في هذا القتال كثير من الصحابة رضي الله عنهم يبغون الإصلاح بين الناس ، وكان القتال أبغض شيء إلى أنفسهم ، ولكن كان أمر الله قدرا مقدورا .
ثالثا :
روى البخاري (447) عن أَبِي سَعِيدٍ الخدري في ذكر بِنَاءِ المَسْجِدِ ، قَالَ: " كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ ، وَيَقُولُ: ( وَيْحَ عَمَّارٍ ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ ) قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: " أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ " .
فالمراد بالدعاء إلى الجنة في هذا الحديث : الدعاء إلى سببها وهو طاعة أمير المؤمنين ، والمراد بالدعاء إلى النار : الدعاء إلى سببها ، وهو مشاقة أمير المؤمنين ، والخروج عليه .
لكن من فعل ذلك باجتهاد وتأويل سائغ ، فهو معذور .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ حَيْثُ أَخْبَرَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّهُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ، وَقَدْ قَتَلَهُ أَهْلُ الشَّامِ فِي وَقْعَةِ صِفِّينَ ، وَعَمَّارٌ مَعَ عَلِيٍّ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِهِ ، وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ أَحَقَّ بِالْأَمْرِ مِنْ مُعَاوِيَةَ .
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَةِ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ بُغَاةً : تَكْفِيرُهُمْ ، كَمَا يُحَاوِلُهُ جَهَلَةُ الْفِرْقَةِ الضَّالَّةِ مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا بُغَاةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ فِيمَا تَعَاطَوْهُ مِنَ الْقِتَالِ، وَلَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا، بَلِ الْمُصِيبُ لَهُ أَجْرَانِ، وَالْمُخْطِئُ لَهُ أَجْرٌ .
وَمَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ قَوْلِهِ: " «تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» ": لَا أَنَالَهَا اللَّهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَدِ افْتَرَى فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْهَا ؛ إِذْ لَمْ تُنْقَلْ مِنْ طَرِيقٍ تُقْبَلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: «يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ» : فَإِنَّ عَمَّارًا وَأَصْحَابَهُ يَدْعُونَ أَهْلَ الشَّامِ إِلَى الْأُلْفَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ ، وَأَهْلُ الشَّامِ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَأْثِرُوا بِالْأَمْرِ دُونَ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ ، وَأَنْ يَكُونَ النَّاسُ أَوْزَاعًا عَلَى كُلِّ قُطْرٍ إِمَامٌ بِرَأْسِهِ ، وَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى افْتِرَاقِ الْكَلِمَةِ ، وَاخْتِلَافِ الْأُمَّةِ، فَهُوَ لَازِمُ مَذْهَبِهِمْ وَنَاشِئٌ عَنْ مَسْلَكِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَقْصِدُونَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ ." .
انتهى من "البداية والنهاية" (4/538) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" فَإِنْ قِيلَ : كَانَ قَتْلُهُ بِصِفِّينَ ، وَهُوَ مَعَ عَلِيٍّ ، وَالَّذِينَ قَتَلُوهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ : فَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الدُّعَاءُ إِلَى النَّارِ ؟
فَالْجَوَابُ : أَنَّهُمْ كَانُوا ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَهُمْ مُجْتَهِدُونَ لَا لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِي اتِّبَاعِ ظُنُونِهِمْ ، فَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْجَنَّةِ : الدُّعَاءُ إِلَى سَبَبِهَا وَهُوَ طَاعَةُ الْإِمَامِ ، وَكَذَلِكَ كَانَ عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَةِ عَلِيٍّ ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْوَاجِبُ الطَّاعَةُ إِذْ ذَاكَ ، وَكَانُوا هُمْ يَدْعُونَ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، لَكِنَّهُمْ معذورون للتأويل الَّذِي ظهر لَهُم " .
انتهى من "فتح الباري" (1/ 542) ، وينظر : "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (4/437) .
فلا بد أن نفرق بين المجتهد المخطئ ، وبين المتعمد الفساد والفتنة .
وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الحجرات/ 9- 10.
فدل ذلك على أن حصول القتال بين المؤمنين ممكن ، دون أن تسلب إحدى الطائفتين اسم الإيمان لقتالها الطائفة الأخرى ، ثم قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) .
فسماهم – مع قتالهم – إخوة ، وأمر المسلمين بالإصلاح بينهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُمْ مَعَ الِاقْتِتَالِ ، وَبَغْيِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ : مُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ ، وَأَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ ؛ فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ : قُوتِلَتْ الْبَاغِيَةُ ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالِاقْتِتَالِ ابْتِدَاءً.
وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْمَارِقَةَ [ الخوارج ] : يَقْتُلُهَا أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ ، فَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ مَعَهُ هُمْ الَّذِينَ قَاتَلُوهُمْ .
فَدَلَّ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُمْ أَدْنَى إلَى الْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ مَعَهُ ، مَعَ إيمَانِ الطَّائِفَتَيْنِ " انتهى من مجموع الفتاوى (25/ 305-306) .

وعنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ ) رواه مسلم ( 1064).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فهذا الحديث الصحيح دليل على أن كلتا الطائفتين المقتتلتين – علي وأصحابه ، ومعاوية وأصحابه – على حق ، وأن عليّاً وأصحابه كانوا أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه " .
انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 4 / 467 ) ، وينظر أيضا : "مجموع الفتاوى" (4/437-438) .
وينظر للمزيد جواب السؤال رقم : (147974) ، (140984) .
والحاصل :
أن مجرد قوله : ( ويدعونه إلى النار ) لا يعني الكفر ، والعياذ بالله ، ومن قال ذلك فإنما أتي من بالغ جهله ، بل هذا من أحاديث الوعيد : كما أن آكل الربا في النار ، وآكل مال اليتيم في النار ، ونحو ذلك من أحاديث الوعيد ، التي لا تستلزم كفر صاحبها ، وإن كانت تدل على أن عمله محرم ؛ بل من الكبائر .
بل قد حمل بعض أهل العلم قوله ( ويدعونه إلى النار ) على الخوارج .
قال ابن بطال رحمه الله :
" قوله: (يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) ، إنما يصح ذلك في الخوارج الذين بعث إليهم علىّ عمارًا ليدعوهم إلى الجماعة ، وليس يصح في أحد من الصحابة؛ لأنه لا يجوز لأحد من المسلمين أن يتأول عليهم إلا أفضل التأويل ؛ لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أثنى الله عليهم وشهد لهم بالفضل ، فقال تعالى: (كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس) آل عمران/ 110 .
قال المفسرون : هم أصحاب رسول الله، وقد صح أن عمارًا بعثه علىّ إلى الخوارج يدعوهم إلى الجماعة التي فيها العصمة " انتهى من "شرح صحيح البخاري" (2/ 98-99) .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (171167) .
والله تعالى أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

قمة الإخلاص عند السلف من السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد ضرب سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين أروع الأمثلة في الإخلاص وصدقهم مع الله عز وجل، حتى حبب الله لهم الخلق والعباد، وألقى لهم القبول في الأرض، ورفع من شأنهم ، وأعلى ذكرهم .وإليك أيها السني المبارك هذه الأمثلة والنماذج لتكون عوناً لنا على الاجتهاد وتحرى الإخلاص.


عن الربيع بن خثيم أنه قال لأهله : اصنعوا لنا خبيصاً، فصنعوا له فدعا رجلاً به خبل ( فساد في العقل وهو ضرب من الجنون) فجعل يلقمه ولعابه يسيل، فلما ذهب قال أهله : تكلفنا وصنعنا ما ندري هذا ما أكل، فقال الربيع : (( لكن الله يعلم )) [ الحلية 2/107]


كان أبو وائل إذا صلى في بيته ينشج نشيجا، ولو رجعت له الدنيا على أن يفعله وأحد يراه
ما فعله. [ السير 4/165]
عن الأعمش قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي، فإذا دخل الداخل نام على فراشه. [ السير 4/264]


عن حماد بن زيد قال: كان أيوب في مجلس فجاءته عبرة، فجعل يمتخط ويقول( ما اشد الزكام)) اهـ [ السير 6/20]


وعن ابن واسع: (( إن الرجل ليبكي عشرين سنة، وامرأته معه لا تعلم )) اهـ [ السير 6/122]


عن سلام، قال: كان أيوب السختياني يقوم الليل كله، فيخفي ذلك فإذا كان عند الصبح رفع صوته، كأنه قام تلك الساعة. [ السير 6/17]
عن شعبة، يقول: ما من الناس أحد أقول إنه طلب الحديث يريد به الله إلا هشام صاحب الدستوائي ، وكان يقول: ليتنا ننجو من هذا الحديث كفافا لا لنا ولا علينا. ثم قال شعبة: إذا كان هشام يقول هذا فكيف نحن؟؟ [ السير 7/150]


وعن سهل بن منصور، قال: كان بشر يصلي فيطول ورجل وراءه ينظر، ففطن له فلما انصرف قال: (( لا يعجبك مارأيت مني، فإن إبليس قد عبد الله دهرا مع الملائكة )) اهـ
[ السير 8/361]


وقال محمد بن عبدوية: سمعت الفضيل يقول( ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما )) اهـ [ السير 8/427]
وقال الشاطبي: (( لا يقرأ أحد قصيدتي هذه، إلا وينفعه الله لأنني نظمتها لله )) اهـ
[ السير 21/263]


وعن نعيم بن حماد سمعت ابن المبارك يقول: ما رأيت أحدا ارتفع مثل مالك، ليس له كثير صلاة ولا صيام، إلا أن تكون له سريرة. قلت( الإمام الذهبي): (( ما كان عليه من العلم ونشره أفضل من نوافل الصوم والصلاة لمن أراد به الله )) اهـ [ السير 8/97]


قال عون بن عمارة :سمعت هشاما الدستوائي :يقول والله ما أستطيع أن أقول أني ذهبت يوما قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل. قلت( الإمام الذهبي): والله ولا أنا فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا، وصاروا أئمة يقتدى بهم، وطلبه قوم منهم أولا لا لله، وحصلوه، ثم استفاقوا وحاسبوا أنفسهم فجرهم العلم إلى الأخلاص في أثناء الطريق، كما قال مجاهد وغيره: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية، ثم رزق الله النية بعد وبعضهم يقول: طلبنا هذا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله فهذا أيضا حسن. ثم نشروه بنية صالحة وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا وليثنى عليهم فلهم ما نووا. [ السير 7/152]


وعن الفيض، قال لي الفضيل: (( لو قيللك امرائي، غضبت وشق عليك، وعسى ماقيل لك حق، تزينت للدنيا وتصنعت، وقصرت ثيابك وحسنت سمتك، وكففت أذاك حتى يقال: أبو فلان عابد ما أحسن سمته فيكرمونك، وينظرونك، ويقصدونك ويهدون إليك مثل الدرهم الستوق( المزيف) لايعرفه كل أحد، فإذا قشر، قشر عن نحاس )) اهـ [ السير8/438]


ولما خرج محمد بن عبد الله بن حسن لزم (ابن أبي ذئب) بيته إلى أن قتل محمد، وكان أمير المدينة الحسن بن زيد يجري على ابن أبي ذئب كل شهر خمسة دنانير، وقد دخل مرة على والي المدينة فكلمه وهو عبد الصمد بن علي عم المنصور فكلمه في شيء فقال: عبد الصمد بن علي إني لأراك مرائيا، فأخذ عودا وقال: (( من أرائي فوالله للناس عندي أهون من هذا )) اهـ [ السير7/141]


قال عاصم الأحول: (( كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام فتركهم )) اهـ [ السير4/210]وأما شدة اتهام السلف لأنفسهم، واحتقارهم وازدرائهم لها، برغم كثرة الأعمال، والطاعات والمجاهدات، فحدث ولا حرج. وإليك أيها الحبيب هذه الأمثلة التي تبين كيفية احتقارالسلف الصالح لأنفسهم مهما عملوا من أعمال.


قال الفيض بن اسحاق: قال لي الفضيل: (( تريد الجنة مع النبيين والصديقين، وتريد أن تقف الموقف مع نوح وإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام؟؟ بأي عمل وأي شهوة تركتها لله عز وجل، وأي قريب باعدته في الله، وأي بعيد قربته في الله )) اهـ [ تهذيب الحلية 3/10]


وقال محمد بن واسع : (( لو كان يوجد للذنوب ريح، ما قدرتم أن تدنوا مني من نتن ريحي )) اهـ [ صفوة الصفوة 3/268]


وعن يونس بن عبيد قال : (( إني لأعد مائة خصلة من خصال البر، ما في منها خصلة واحدة )) اهـ [ تهذيب الحلية 1/437]


وقال محمد بن أسلم الطوسي: (( قد سرت في الأرض ودرت فيها، فبالذي لا إله إلا هو ما رأيت نفساً تصلى إلى القبلة شراً عندي من نفسي )) اهـ [ الحلية 9/244]
وعن ابن المبارك قال: (( إذا عرف الرجل قدر نفسه، يصير عند نفسه أذل من كلب )) [ السير 8/399]


قال أبو أمية الأسود: سمعت ابن المبارك: يقول أحب الصالحين ولست منهم، وأبغض الطالحين وأنا شر منهم ثم أنشأ يقول:


الصمت أزين بالفتى ……………………….. من منطق في غير حينه

والصدق أجمل …………………………….. بالفتى في القول عندي من يمينه

وعلى الفتى بوقاره …………………………….. سمة تلوح على جبينه

فمن الذي يخفي علي …………………………… اذا نظرت الى قرينه

رب امرئ متيقن …………………………………. غلب الشقاء على يقينه


فأزاله عن رأيه ………………………………….. فابتاع دنياه بدينه
[ السير 8/417-418]


وعن وهيب بن بن خالد قال: قال أيوب السختياني: (( إذا ذكر الصالحون كنت منهم بمعزل)) اهـ [ صفوة الصفوة 3/210]


وعن الحر بن عبد ربه القيسي ، وكان ذا قرابة لرياح بن عمرو القيسي ، قال: كنت أدخل المسجد وهو يبكي، وأدخل عليه البيت وهو يبكي ، فقلت له يوماً: انت دهرك في مأتم، فبكي ثم قال: (( يحق لأهل المصائب والذنوب أن يكونوا هكذ)) اهـ [ صفوة الصفوة 3/261]


وقال السري السقطي: (( ما أحب أن أموت حيث أعرف ، فقيل له: ولم ذاك يا أبا الحسن ؟؟ فقال: أخاف أن لا يقبلني قبريفأفتض)) اهـ. [ الحلية 10/98-99]


وقال خلف بن تميم: سمعت سفيان الثوري بمكة وقد كثر الناس عليه، فسمعته يقول: (( ضاعت الأمة حين احتيج إلى مثلي )) اهـ [ تهذيب الحلية 2/363]


قال مروان بن محمد قال: قال أبو حازم: (( ويحك يا أعرج يدعي يوم القيامة بأهل خطيئة كذا وكذا، فتقوم معهم، ثم يدعي بأهل خطيئة )) اهـ [ صفوة الصفوة 2/393]
كان عامر بن عبد قيس راهب العرب يقول: (( أأنا من أهل الجنة ؟؟ أو مثلي يدخل الجنة )) اهـ [ الحلية1/290]


وكان الربيع بن خثيم يبكي حتى تبتل لحيته فيقول: (( أدركنا أقواماً كنا في جنبهم لصوصاً )) اهـ [ الحلية2/108-109]


وقال مهدي بن ميمون: قال: مطرف لقد كاد خوف النار، يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة )) اهـ [ السي 4/194]


وقال مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير، قال: حبس السلطان ابن أخي مطرف فلبس مطرف خلقان ثيابه، وأخذ عكازا وقال: (( أستكين لربي لعله أن يشفعني في ابن أخي )) اهـ [ السير 4/195]


عبد الله بن بكر: سمعت إنسانا يحدث عن أبي، أنه كان واقفا بعرفة فرق، فقال: (( لولا أني فيهم لقلت قد غفر لهم )). قلت( الإمام الذهبي): كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها. [ السير 4/195]


وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

من أخلاق غزوة بدر: الرحمة السنة النبوية

من أخلاق غزوة بدر

الرحمة

إن إيثار الحقِّ والرحمة بالخَلْق من شعار هذه الأمة ودِثارها؛ فربُّها الرحمن الرحيم، ورسولها رؤوف رحيم، ومن مواقف الرحمة في هذه الغزوة:
استقرارُ الرأي بعد انتهاء المعركة على قَبُول الفِدية في الأسرى وإطلاقهم، وكان من بينهم أبو عزة عمرو بن عبيدالله بن عثمان بن أهيب بن حذافة، كان محتاجًا ذا بنات فقال: يا رسول الله، لقد عرفتَ ما لي من مال، وإني لذو حاجة وذو عيال، فامْنُن عليَّ، فمَنَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ عليه ألا يُظاهِر أحدًا، فقال أبو عزة يمدح رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:
مَن مُبلغ عني الرسولَ محمدًا
بأنَّك حقٌّ والمليك حميدُ

وأنت امرؤٌ تدعو إلى الحقِّ والهدى
عليك من الله العظيم شهيد

وأنت امرؤ بوِّئت فينا مباءة
لها درجاتٌ سهلةٌ وصُعُود

فإنَّك مَن حاربتَه لَمُحَارَبٌ
شقيٌّ ومَن سالمتَه لسعيد

ولكن إذا ذُكِّرتُ بدرًا وأهلَه
تأوَّب ما بي، حسرة وقعود[1]

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان ناسٌ من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فِداء، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يُعلِّموا أولادَ الأنصار الكتابةَ"[2].


فانظر إلى هذا الموقف الجليل، الذي فيه الرحمة بالأسرى، والحكمة في إدارة الأمور، والاهتمام بالعلم وتحصيله، سابقًا بذلك كلَّ الأنظمة العصرية التي أقرَّت الخدمةَ الاجتماعية كعقوبة لبعض المُخالَفات، وإن لم تَرْقَ إلى هذا المستوى الشامخ في معاملة الأسرى.


وهذا أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة يرى أباه – وكان من قَتْلى الكفار – محمولاً ليلقى في القليب، فيكتئب ويتغيَّر لونه حزنًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا حذيفة، لعلك دخَلك في شأن أبيك شيء؟))، فقال: "لا والله يا رسول الله، ما شككتُ في أبي ولا في مصرعه، ولكن كنتُ أعرف من أبي رأيًا وحِلمًا وفضلاً، فكنتُ أرجو أن يهديه ذلك للإسلام، فلما رأيتُ ما أصابه، ذكرتُ ما مات عليه من الكُفْر، بعد الذي كنتُ أرجو له، أحزنني ذلك"، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، وقال له خيرًا[3].


فهذه فريدة بَدْرية، تُمثِّل قوةَ التَّجاذُب بين الإيمان في ذروة اليقين، والعاطفة البشريَّة في قمة الوفاء النبوي، فالإيمان في الإسلام لا يُميت المشاعرَ البشريَّة، ولكنَّه يُهذِّبها، فيُحوِّلها من عصبية جاهليَّة إلى وفاء لا يُنكِره المنهجُ في تطبيقه العِلْمي، فأبو حذيفة إذ يرى أباه يُقتَل ثم يُلقى في قليب بدر يأخذه أسفُ العاطفة البشرية والرحمة والوفاء بأبيه، ولكنه يَظلُّ مُزمَّلاً بإيمانه الراسخ رسوخَ الأطواد الشامخات[4].


إنَّ المسلمين يُحِبون الخيرَ لأعدائهم، وإن رفَعوا عليهم السيوفَ، ويبكون أسفًا عليهم إذا ماتوا على الكُفْر؛ لأنَّ قلوبهم قد امتلأت رحمة على خَلْق الله وشفقة بهم أن يُصيبهم عذاب أليم.

إيهاب كمال أحمد

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

ماذا فعل خالد بن الوليد بـ70 ألفاً من الأسرى الفرس – سنة النبي

ماذا فعل سيف الله المسلول خالد بن الوليد بـ70 ألفاً من الأسرى الفرس في معركة

أقام الفرس مع نصارى العرب في العراق تحالفاً لقتال قوات المسلمين التي يقودها خالد بن الوليد والتي ألحقت بهم آلاف القتلى في معارك سابقة .
واصطف جنود التحالف المجوسي الصليبي بقيادة “جابان”، وصادف وصول خالد وجيشه أن الجيوش الفارسية والصليبية قد أعدوا طعام الغذاء وجلسوا للطعام، وعندها أمرهم القائد العام ‘جابان’ بأن يتركوا الطعام ويستعدوا للصدام مع المسلمين، ولكن الغرور والكبر داخلهم؛ لأن تعدادهم كان يفوق المائة والخمسين ألفًا! وخالفوا أمر قائدهم ثم خالفوه مرة أخرى عندما أمرهم بأن يضعوا السم في الطعام؛ فإذا ما انتصر المسلمون وأكلوا من هذا الطعام ماتوا!
عندما رأى خالد وجنوده هذا الغرور والكبر من جنود التحالف أصدر أوامره بالهجوم مباشرة عليهم، وبدأ القتال الذي صار ينتقل من حال إلى أشد منه لقوة الحقد والحسد الصليبي على المسلمين، وكذلك صبر الفرس، طمعًا في وصول قائد الفرس “بهمن جاذويه” بالإمدادات من المدائن عاصمة الفرس، ولقي المسلمون مقاومة عنيفة منهم،

واشتد القتال وتقارع الأبطال وتأزم الموقف وتطايرت الأشلاء وانسكبت الدماء وكان الوقت عصيباً على الطرفين، فوقف خالد وقفة مع خالقه وناصره في وسط المعمعة، وأقسم عليه قائلاً: “اللهم لك عليَّ إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحداً أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم”، فاستجاب الله لدعاء سيفه ومنح المسلمين أكتافهم فنادى منادي خالد “الأسر الأسر، لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر”، فأقبلت الخيول بهم أفواجاً يساقون سوقاً وقد وكَّل بهم رجالاً يضربون أعناقهم في النهر، ففعل ذلك بهم يوماً وليلة، ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد، وكلما حضر منهم أحد ضربت عنقه في النهر وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر، فقال له بعض الأمراء: “إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه فتبر بيمينك”، فأرسله فسال النهر دماً عبيطاً فلذلك سُمّي “نهر الدم” إلى اليوم، فدارت الطواحين بذلك الماء المختلط بالدم العبيط ما كفى العسكر بكماله ثلاثة أيام وبلغ عدد القتلى سبعين ألفاً”. (انتهى من البداية والنهاية، بتصرف). ولذلك تجد الفرس -وإلى اليوم- يبغضون خالداً أشد البغض (باسم القومية تارة، وباسم الرفض تارة أخرى).

ثلاثة أيام وخالد والصحابة والتابعين يضربون أعناق من استسلم من الفرس!! ولذلك لمّا قصد خالد دومة الجندل قال الأكيدر لأصحابه، وقد كان مِن أعظم أمراء دومة الجندل ومِن أعقلهم: “أنا أعلم الناس بخالد، لا أحد أيمن طائر منه في حرب ولا أحدَّ منه، ولا يرى وجه خالد قوم أبداً – قلّوا أم كثروا- إلا انهزموا عنه، فأطيعوني وصالحوا القوم”، فأبَوا عليه، فقال: “لن أمالئكم على حرب خالد” وفارقهم، ولكن خالداً قبض عليه وقتله، ثم فتك فتكة “خالدية” بدومة الجندل..

وهذا هو تحقيق قول الله تعالى: [فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ]، فقد بلغ صيت خالد بلاد فارس كلها، بل إن أخبار انتصاراته وشدته على أعدائه وصلت الروم في الشام فكانوا في راحة ودعة وسعة لبعد خالد عنهم، فلما وصل خالد إلى الشام ارتجت البلاد وانخلعت قلوب الروم وخارت قواهم وأيقنوا بأن السيف الذي أطن أيدي الفرس قد استدار حده ناحيتهم ليفصل الرقاب عن الأجساد، فكانت اليرموك والفتوحات على الطراز الخالدي “ضرب الأعناق، وضرب الرقاب، وضرب كل بنان، وإثخان”..

وقد وصل خبر ما فعله خالد بن الوليد للخليفة أبو بكر، فقال كلمته الشهيرة: ‘يا معشر قريش! عدا أسدكم [يعني خالدًا] على الأسد [يعني كسرى والفرس] فغلبه على خراذيله [أي على فريسته]؛ أعجزت النساء أن ينشئن مثل خالد! ‘

منقول : البداية والنهاية لابن كثير

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بيده – في الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كان النبي صلى الله عليه وسلم أمياً لا يكتب ، ولذلك كان له خاتم يلبسه ويختم به مراسلاته ، ولكن كيف يمكن التوفيق بين ذلك وبين ما جاء في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال : " يوم الخميس ، وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال : ( ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه ) ، وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة " قال يعقوب بن محمد : سألت المغيرة بن عبد الرحمن ، عن جزيرة العرب ، فقال : " مكة والمدينة واليمامة واليمن " ، وقال يعقوب ، والعرج : أول تهامة" (4.228) ، وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها (صحيح البخاري 7.88) ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم ليس لأنه أمي لا يكتب ؛ ولكن ليختم كتبه ورسائله التي كان يرسل بها إلى ملوك الأرض ، وقد كانت عادتهم في ذلك الوقت أن لا يقبلوا كتابا إلا مختوما من صاحبه .
روى البخاري (2938) عن أنس رضي الله عنه قال : " لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ ، قِيلَ لَهُ : إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " .
ثانيا :
كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسولا أميا ، لا يقرأ ولا يكتب ؛ كما وصفه ربه عز وجل بقوله : ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف/ 158.
وقال تعالى : (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت/ 48 .
فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ كتابا أو يكتب شيئا قبل نزول الوحي .
وقد اختلف أهل العلم : هل تعلم النبي صلى الله عليه وسلم القراءة والكتابة بعد نزول الوحي أم لا ؟
فذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه كتب صلى الله عليه وسلم ، يوم الحديبية وغيره ؛ فقد روى البخاري (4251) في خبر الحديبية : (… فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ … ) .
وكذلك الحديث الذي رواه البخاري (3053) ، ومسلم (1637) وهو الحديث الذي ذكره السائل في سؤاله .
وأكثر العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم ما قرأ ولا كتب شيئا حتى مات .
قال ابن كثير رحمه الله :
" وَهَكَذَا كَانَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلَا يَخُطُّ سَطْرًا وَلَا حَرْفًا بِيَدِهِ ، بَلْ كَانَ لَهُ كُتَّابٌ يَكْتُبُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْوَحْيَ وَالرَّسَائِلَ إِلَى الْأَقَالِيمِ ، وَمَنْ زَعَمَ مِنْ مُتَأَخَّرِي الْفُقَهَاءِ ، كَالْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَتَبَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ : "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" فَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: (ثُمَّ أَخَذَ فَكَتَبَ): وَهَذِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: ( ثُمَّ أَمَرَ فَكَتَبَ) ، وَلِهَذَا اشْتَدَّ النَّكِيرُ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ على من قال بقول الباجي، وتبرؤوا مِنْهُ ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا وَخَطَبُوا بِهِ فِي مَحَافِلِهِمْ : وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّجُلُ -أَعْنِي الْبَاجِيَّ، فِيمَا يَظْهَرُ عَنْهُ -أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ ، لَا أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ ، وَمَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ ، فَضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ " .
انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 285-286) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ – يعني رواية يوم الحديبية – أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فَادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَشَنَّعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ وَأَنَّ الَّذِي قَالَه مُخَالف الْقُرْآنَ … وَذكر ابن دِحْيَةَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ وَافَقُوا الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ ، وَاحْتج بَعضهم لذَلِك بأحاديث ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عنها بضعفها، وَعَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالْكَاتِبُ فِيهَا عَلِيٌّ ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بِأَنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي كَتَبَ ، فمعنى (كتب) أي : ( أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ ) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .
انتهى باختصار من "فتح الباري" (7/ 503-504) .
فالراجح – والله أعلم – أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب ولم يقرأ حتى مات ، وما ورد من كونه كتب – كما في حديث الحديبية – ، فإنما معناه : أمر عليا رضي الله عنه أن يكتب .
وعلى ذلك فقوله في حديث ابن عباس : ( ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا) إنما يعني : آمر من يكتب لكم ، لا أنه صلى الله عليه وسلم كان سيكتب بنفسه ، وخاصة أنه في مرض الموت ، وقد أصابه من التعب والضعف ما أصابه ، فالمناسب – ولو كان يحسن الكتابة – أن يأمر أحدا ممن بحضرته أن يكتب .
ثالثا :
قول السائل :
" وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها " غير صحيح ؛ فلم تكن العقود تكتب وتوثق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
وكتابة عقد النكاح وتوثيقه إنما يقصد به ضمان الحقوق ، وليست كتابة العقد ركنا من أركان النكاح أو شرطا في صحته .
وتنظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (154865)
والله أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

قصيدت حبيب قلبي محمد عليه اسلام من السنة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

بشرى الكئيب بنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم

بشرى الكئيب بنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم… كتبه/سلطان بن عبدالرحمن العيـــد

[

بسم الله الرحمن الرحيم
——————————————————————————–

المقدمة:
الحمد لله الذي شهدت له بربوبيته جميع مخلوقاته، وأقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته، وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا كفؤ له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من بريته، وسفيره بينه وبين عباده، وحجته على خلقه، أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، أرسله على حين فترة من الرسل، وليل الكفر مدلهمٌ ظلامه، شديد قتامه، ففلق الله بمحمد صلى الله عليه وسلم صبح الإيمان، فأضاء حتى ملأ الآفاق نوراً، وأطلع به شمس الرسالة، وجعله سراجاً منيراً، فهدى به من الضلالة، وعلَّم به من الجهالة، وبصر به من العمى، وأرشد به بعد الغي، وكثَّر به من القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة، واستنقذ به من الهلكة، وفتح الله به أعيناً عمياً، وآذناً صماً، وقلوباً غلفاً، فبلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد عليه الصلاة والسلام في الله حق جهاده، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، وشرح الله له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وقرن اسمه باسمه فإذا ذُكر ذكر معه، كما في الخطب والتشهد والتأذين، فصلى الله وسلم وبارك عليه ما تعاقب الليل والنهار.

من فضائله صلى الله عليه وسلم

لقد أكرم الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بكثير من الخصائص والمعجزات، فجعله نبيه وخليله وسيد ولد آدم، وأكرم الرسل، وعظَّم قدره، ورفع ذكره، وأعلى مقامه، وأخذ العهد على جميع الرسل والأنبياء لئن بعث محمد ليؤمنن به، وجعله خاتم النبيين، وجعل أزواجه أمهات المؤمنين، وبعثه إلى الناس أجمعين، وتكفل بحفظه وعصمته، وجعله شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأكرمه بالإسراء والمعراج، وشقِّ الصدر وانشقاق القمر، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأعطاه جوامع الكلم، ومفاتيح خزائن الأرض، ونصره بالرعب، وجعل قرنه الذي بعث فيه خير القرون، وقدَّمه على الأنبياء فصلى بهم في بيت المقدس إماماً، وإذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام آخر الزمان فإنه يصلي خلف رجل من أمته صلى الله عليه وسلم تكرمة الله له ولأمته.
وهو صلى الله عليه وسلم أول من يبعث، وهو إمام الأنبياء، وأول من يمر على الصراط، وأول من يقرع باب الجنة، وأول من يدخلها، أعطاه الله الوسيلة والفضيلة، والمقام المحمود، والحوض المورود، والكوثر، وبيده لواء الحمد، وهو صلى الله عليه وسلم أول شافع وأول مشفَّع، وأكثر الناس تابعاً يوم القيامة، صدق الله عز وجل حين قال (لقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)[آل عمران:164].

تكريم الله لخليله محمد صلى الله عليه وسلم

• ومن تكريم الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن كرَّم ما يتصل به:
-فقد كرم نسبه الشريف، فجعله خير الناس نسباً.
-وكرم أهل بيته فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
-وكرم قرابته فأوجب لهم المودة، كما قال ربنا عز وجل (قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[الشورى:23].
-وكرم قومه وعشيرته، فشرَّفهم ورفع قدرهم، قال عز وجل (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)[الزخرف:44]، أي: شرف لك ولقومك.
-وكرم نسائه صلى الله عليه وسلم ، ورضي عنهم، فجعلهن أمهات المؤمنين، وحرم نكاحهن من بعده.
-وكرم ابنته فاطمة – رضي الله عنها-، فجعلها سيدة نساء أهل الجنة أو نساء العالمين.
-وأكرم زوجته خديجة – رضي الله عنها- التي آزرته زمن الشدة بمكة، فجعل لها بيتاً في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
-وكرم سبطيه الحسن والحسين فجعلهما سيدي شباب أهل الجنة.
-وكرم صحابته – رضي الله عنهم-، فكانوا خير هذه الأمة بل خير القرون بعد الأنبياء والمرسلين، فحبهم دين إيمان وبغضهم نفاق وعدوان، والطعن فيهم زندقة.
-وكرم مدينته عليه الصلاة والسلام، فجعلها حرماً، وجعل ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة، وجعل الصلاة في مسجده الشريف بألف صلاة.
-وكرم أمته فجعلها وسطاً، وخير الأمم، وشاهدة على من سبقها من الأمم.
-وكرم قرينه من الجن فأسلم، فلا يأمره إلا بخير.
فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار.

رحمة للعالمين

يـا أمة الإسلام:
•إن الله جعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم سبباً لهداية الخلق إلى طريق الحق، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال:
لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، قسَّم في الناس، في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئاً، فكأنهم وجدوا إذ لم يصيبهم ما أصاب الناس، فخطبهم، فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي…).
•وهو صلى الله عليه وسلم أولى بأمته من أنفسها، كما قال ربنا عز وجل (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) [الأحزاب:6].
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أولى بموسى منهم..).
وقال عليه الصلاة والسلام : (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة..) متفق عليه.
•وكان النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم رحيماً رءوفاً حريصاً على أمته، كما وصفه ربه بذلك في قوله (?َلقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)[التوبة:128].
وفي صحيح مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه وقال: (اللهم أمتي، اللهم أمتي)، وبكى. فقال الله عز وجل: (يا جبريل، اذهب إلى محمد – وربك أعلم- فسله ما يبكيك؟) فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال – وهو أعلم- فقال الله عز وحل: (يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك).
•وقد جعله الله رحمة مهداة، قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]، ووصفه ربه بقوله (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ)[التوبة:61].
•ووضع الله عنهم الإصر والأغلال بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى في وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف:157].
فدينه دين اليسر والسماحة ورفع الحرج.
•وبركته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، على من اتبعه، فقد اختصه الله بالشفاعة العظمى، والحوض المورود تكرمة له ولأمته، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان..) ثم ذكر منهن: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).
•وكان صلى الله عليه وسلم يشتاق لرؤية أحبابه من المؤمنين:
ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة، فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا)، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: (أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد).

محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والذب عنه

•ولقد ضرب الصحابة الكرام – رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيم سنته، والذب عنه، فمن ذلك:
-قول أبي طلحة رضي الله عنه يوم أحد: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، لا تشرف، لا يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. متفق عليه.
-وتترس أبو دجانة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، حتى أصابته السهام في ظهره رضي الله عنه، يحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
-ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلمت المدينة، وأصابهم من الحزن ما أصابهم، حتى قال عمر ما قال، فجاء أبو بكر رضي الله عنه وتلا قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُل ُأَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)، فلما أيقن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، قال: فلم تقدر رجلاي على حملي وسقطت.
-وجاء من طرق: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمتم ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بكى رضي الله عنه، وقال: إن الناس لم يعطوا في هذه الدنيا شيئا أفضل من العفو والعافية فسلوهما الله عز وجل….) رواه أحمد وغيره.
-يقول أنس رضي الله عنه: قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت. فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم . فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم.
-وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي. رواه البخاري.
-يقول أنس رضي الله عنه: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (وما أعددت للساعة؟). قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال صلى الله عليه وسلم : (فإنك مع من أحببت). قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (فإنك مع من أحببت). قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم. متفق عليه.
-وفي الصحيح عن أبي سعيد رض الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، فقال: (إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عند الله). فبكى أبو بكر رضي الله عنه، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. قال أبو سعيد: فعجبنا له، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا؟!. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به.

حكم من سبه أو انتقصه عليه الصلاة والسلام

لقد حرم الله إيذاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) [الأحزاب:57].
وقال عز وجل (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61].
وقال سبحانه وتعالى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً) [الأحزاب:53].
وأجمعت الأمة على قتل من ينتقص رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين وكذلك من نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام ومنكر من القول وزور، قال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل، وممن قال ذلك: مالك بن أنس والليث بن سعد وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي. ا.هـ
وقد ذكر غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"الساب إن كان مسلماً فإنه يكفر ويقتل بلا خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم… وإن كان ذمياً فإنه يقتل أيضاً في مذهب مالك وأهل المدينة.. وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث". ا.هـ
وأفتى فقهاء الأندلس بقتل ابن حاتم الطليطلي، وصلبه لاستخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم ، وتسميته إياه أثناء مناظرته باليتيم وختن حيدرة، وزعمه أن زهده لم يكن قصداً، بل اضطراراً.
وأفتى فقهاء القيروان وأصحاب سحنون بقتل إبراهيم الفزاري، وكان شاعراً متفنناً في كثير من العلوم، فرفعت عليه أمور منكرة في الاستهزاء بالأنبياء ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، فأمر القاضي بقتله وصلبه، فطعن بالسكين وصلب منكساً.
وفي الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل كعب بن الأشرف، وقال: من لكعب بن الأشرف، فإنه يؤذي الله ورسوله. فتوجه إليه من قتله.
وكذلك قتل أبا رافع: قال البراء: وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعين عليه.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، بقتل ابن خطل وجاريتيه اللتين كانتا تغنيان بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد روي عن أبي برزة رضي الله عنه أنه قال: أخرجت عبد الله بن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، فضَربتُ عنقه بين الركن والمقام. وهذا في اليوم الذي أحل الله فيه القتال لرسوله صلى الله عليه وسلم بمكة، وهذا جزاء من سب وشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وسأل الخليفة هارون الرشيد، الإمام مالك عن رجل شتم النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر له أن فقهاء العراق أفتوا بجلده. فغضب الأمام مالك، وقال: يا أمير المؤمنين، ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها؟! من شتم الأنبياء قتل، من شتم الأنبياء قتل.
يقول الإمام أحمد:" كل من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو تنقصه – مسلماً كان أو كافرا- فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يستتاب".
وقال القاضي عياض:" فأما الذمي إذا صرح بسبه أو عرَّض أو استخف بقدره، أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به؛ فلا خلاف عندنا في قتله إن لم يسلم؛ لأنا لم نعطه الذمة أو العهد على هذا".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – غفر الله له-:" والدلائل على انتقاض عهد الذمي بسب الله أو كتابه أو دينه أو رسوله، ووجوب قتله، وقتل المسلم إذا أتى ذلك: الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين والاعتبار". أي: القياس.
قال تعالى (وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ) [التوبة:12].
قال شيخ الإسلام :" يجب علينا أن نبذل دماءنا وأموالنا حتى تكون كلمة الله هي العليا، ولا يجهر في ديارنا بشيء من أذى الله ورسوله".
ثم قال – غفر الله له-:" إن المعاهد له أن يظهر في داره – أي: بلاده- ما شاء من أمر دينه الذي لا يؤذينا".
وقال – رحمه الله-:" في قوله تعالى (وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ..)، قال:" إنه جل وعلا سماهم أئمة الكفر لطعنهم في الدين… فإذا طعن الذمي في الدين فهو إمام في الكفر، فيجب قتاله لقوله تعالى (فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) ولا يمين له؛ لأنه عاهدنا على أن لا يظهر عيب الدين وخالف".
وقال ربنا عز وجل في تكفير المستهزئ برسول الله صلى الله عليه وسلم : ?َولَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ?لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ? [التوبة:65،66].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وقد دلت هذه الآية على أن كل من ينتقص رسول الله صلى الله عليه وسلم جاداً أو هازلاً فقد كفر".

سنة الله فيمن انتقص الرسول صلى الله عليه وسلم

ألا فليبشر من يكذب ويطعن ويتعدى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذل والهوان في الدنيا والآخرة، وإليك هذه الحادثة فإنها شاهد على ذلك:
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: كان منا رجل من بني النجار، قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، فانطلق هارباً حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه، قالوا: هذا كان يكتب لمحمد، فأعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه، فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذاً.
وهذا من فضيحة الله له؛ لأنه كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لحق بالنصارى، فكان يقول – كما عند البخاري-: لا يدري محمد إلا ما كتبت له.
فأظهر الله كذب الكاذب، وانتصر لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن تعدى عليه، وهؤلاء الذي يطعنون في رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم لهم نصيب من هذا الذل والهوان، فإن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته.
وها هو شيخ الإسلام يعقب على الحادثة المتقدمة بقوله:
"ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة، عما جربوه مرات متعددة، في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا – يعني النصارى-، قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا، حتى نكاد نيأس!!، إذ تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والوقيعة في عرضه، فعجلنا فتحه وتيسر، ولم يكن يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة – أي: مقتلة- عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه صلى الله عليه وسلم ، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوه فيه عليه الصلاة والسلام.
وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل الغرب حالهم مع النصارى كذلك، ومن سنة الله أن يعذب أعداءه : تارة بعذاب من عنده، وتارة بأيدي المؤمنين" ا.هـ
•وفي التاريخ أيضاً عبرة، ولن تجد لسنة الله تبديلا:
لقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، وكلاهما لم يسلم، لكن قيصر أكرم النبي صلى الله عليه وسلم وأكرم رسوله، فـثبت الله ملكه، ويقال: إن الملك بقي في ذريته زمناً طويلاً، وأما كسرى فقد مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتله الله بعد قليل، ومزَّقه كل ممزق، ولم يبق للأكاسرة ملك.
قال شيخ الإسلام:"وهذا والله أعلم تحقيق لقوله تعالى:(إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ)، فكل من شنأه وأبغضه وعاداه؛ فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره… ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يتب إلا ولابد أن تصيبه قارعة، وقد ذكرنا ما جربه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرضوا لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
ثم بين – رحمه الله- آثار هذا الطعن وواجب المسلمين عند حصوله فقال:
" أما انتهاك عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه مناف لدين الله بالكلية، فإن العرض متى انتهك سقط الاحترام والتعظيم، فسقط ما جاء به من الرسالة، فبطل الدين، فقيام المدحة والثناء عليه والتعظيم والتوقير له: قيامُ الدين كله، وسقوط ذلك: سقوط للدين كله، وإذا كان كذلك: وجب علينا أن ننتصر له صلى الله عليه وسلم ممن انتهك عرضه".
وقال أيضاً – غفر الله له-:"إن تطهير الأرض من إظهار سب رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب بحسب الإمكان؛ لأنه من تمام ظهور دين الله، وعلو كلمة الله، وكون الدين كله لله، فحيثما ظهر سبه ولم ينتقم ممن فعل ذلك لم يكن الدين ظاهراً، ولا كلمة الله هي العليا".
ولله درُّ حسان بن ثابت رضي الله عنه حين خاطب من طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
هجوتَ محمداً فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

شبهــــات

•ومما ينبه عليه في هذا المقام: أن تنفيذ العقوبات الشرعية المتقدمة – من قتل وغيره- المرجع فيه إلى ولاة الأمر، فليس لأحد أن يفتات عليهم.
•وكذلك العقوبات الاقتصادية من مقاطعة وغيرها: المرجع فيها إلى السلطان ليأمر بما فيه مصلحة للإسلام والمسلمين، فإنه أعلم منك بذلك، وعلى هذا فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية: أن الأمر في هذا لولي الأمر.
•وليحذر من استغلال جماعات التكفير والتفجير لهذه الحادثة من أجل إحداث فوضى عالمية أخرى يساء فيها إلى الإسلام وأهله، وكذلك يحذر من استغلالهم هذا الحدث لتلميع قياداتهم الفاشلة، بدعوى نصرة الدين!، فإن الخوارج لا يرجى منهم نصرة للإسلام وأهله، بل هم شرٌ وبلاء، يفسدون ولا يصلحون، ومربيهم الأول ذو الخويصرة قد تعدى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين رآه يقسم مالاً فقال: يا محمد اعدل فإنك لم تعدل!!.
وكذلك أسلافهم استباحوا دماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلوا ابن عمه وزوج ابنته المبشر بالجنة علي بن أبي طالب، واليوم يستبيحون بلادنا ودماءنا تفجيراً وتخريباً، وقتلاً لرجال الأمن الموحدين وغيرهم، ثم يزعمون الانتصار للنبي المختار صلى الله عليه وسلم !.
وأما موقفهم من أحاديثه صلى الله عليه وسلم في لزوم الجماعة والتحذير من المنازعة ونكث البيعة والخروج على ولاة الأمر وتكفير المسلمين وسفك دماءهم، إن موقفهم من أحاديثه صلى الله عليه وسلم في ذلك موقف سيء ومخزي، خالفوا السنة واتبعوا أهواءهم وعصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أقول هذا: لأن خفافيش الظلام ودعاة الفتنة قد اعتادوا على استغلال مثل هذه الأحداث العامة لتمرير أطروحاتهم، وإبراز رموزهم، والتصدر أملاً في التفرد في قيادة الجماهير دون (العلماء وولاة الأمر)، فليتهم يتوبون مما طرحوه من تبريرات مخزية لقتل أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجال الأمن الموحدين وغيرهم، والتفجير في البلاد التي تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالمملكة العربية السعودية.

سقوط الديمقراطية والحرية الغربية

•ألا قاتل الله الديمقراطية الغربية التي تبيح الكفر والفسوق وانتهاك حرمات الله، وشتم أنبيائه والاستهزاء بهم بدعوى الحوار!، وحرية التعبير!، والرأي والرأي الآخر!!
أهذه هي الديمقراطية والحرية التي يبشرون العالم بها؟!
قبحها الله من ديمقراطية وحرية كفرية.
•وأما دعواهم حفظ حقوق الإنسان فكذب وباطل، وتغرير بالشعوب، وإلا فأين حفظ حقوق رسل الله وأنبيائه؟!، ولماذا الانتقائية في هذا الحفظ المزعوم؟!
نعم: هل يجرؤ هذا العلج المتعدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هل يجرؤ على التشكيك في أكذوبة صلب المسيح عليه السلام؟!، أو محرقة اليهود مثلاً ؟! صدق الله عز وجل حين قال:(وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال:73].
وهؤلاء لن يضروا إلا أنفسهم، قال تعالى: ?ِإنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ? [الأنفال:36].
ألا ليت عباد الصليب يحاسبون أنفسهم ويتوبون إلى الله من معتقداتهم الباطلة وشركهم، وليكفوا عن هذا السفه والاستعداء، وليعلموا أن هذا الذي يسمونه حرية تعبير، إنما هو زيادة في الكفر، وظلم وعدوان، لن تقبل به أمة محمد صلى الله عليه وسلم أبداً، تحت أي مبرر، نعم لن نغير عقيدتنا ولن نرضى بسب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، تحت مظلة الديمقراطية والحرية المزعومة، التي نشرت الفوضى والاضطراب والفسق والانحلال في كثير من بلاد العالم، فقنن الكفر والرذيلة والتعدي على الله عز وجل وأنبيائه عليهم السلام ودوفع عن ذلك باسم الحرية!!، ويريدون منا أن نقبل هذا السفه ونتخلى عن ديننا وقيمنا، قال الله تعالى: (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً? وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً* إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً) [الإسراء:74-75].
أين أنتم يا عباد الصليب المزعوم من أخلاق أهل الإسلام وتوقيرهم لأنبياء الله ورسله دون استثناء ؟!، دون استثناء ؟!،(كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)[البقرة:285].
ألا فاستمعوا للثناء على موسى عليه السلام نبي بني إسرائيل، في قوله تعالى: ?َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً? [الأحزاب:69].
وأنصتوا لهذا التنويه العظيم بشرف عيسى السلام الذي بعثه الله إلى النصارى، ففي سورة آل عمران من القرآن الكريم يقول الله تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)[آل عمران:45]. إلى غير ذلك من آيات القرآن العظيم.
أين هذا من قدحكم وطعنكم واستهزاءكم برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ؟!.
• وبعد يا معاشر العقلاء: يحق لنا أن نسأل:
من هو الظالم المعتدي؟!، ومن هو الذي يستخف بالعقول ؟!، ومن هو الفوضوي؟!، ومن هو الذي يتعدى على حقوق الإنسان ؟!، ومن الذي يسعى لمصادرة حريات الشعوب؟!، ومن الذي يتكلم بلهجة ولغة القرون المظلمة ؟!، ومن الذي يغذي العداء وينشر الكراهية ؟!
أليس هذا تطرفاً ؟!، أليس هذا إرهاباً؟!، أليس هذا غلواً نصرانياً ؟!، أليس هذا عنصرية؟!، أليس هذا سوء خلق وقلة أدب ؟!، أليس هذا كفراً بالله الواحد القهار ؟!
يقول الله ?: ?إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً? أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً? وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً? [النساء:150-152].

مواقف محمودة في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

•إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليحمدون موقف المملكة العربية السعودية وما صدر عن علمائها وولاة أمرها من الانتصار لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، واستنكار هذا التعدي على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس هذا بغريب على بلاد الحرمين – أعزها الله-، ولا أدري ما ذا سيقول مشايخ الطرق الصوفية، أهل الكذب والبهتان، فإنهم قد أوهموا العوام من أتباعهم بأن أهل السنة (الذين يسميهم دراويش الصوفية: الوهابية) لا يجلِّون رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتقصون من قدره!!، ومنهم من يزيد في الكذب فيزعم أنهم لا يصلون عليه صلى الله عليه وسلم ، ولهذا التزم أقطاب الصوفية الصمت فلم يصدر عنهم ما فيه نصرة للرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة، لاشتغالهم بترقيع كذبهم القديم، وهم يرون نصرة بلاد الحرمين وعلمائها وولاة أمرها وشعبها لرسول صلى الله عليه وسلم وسبقهم في ذلك.
• وإن تعجب فعجب صمت قنوات الفجور والفتنة عما يجري وكأن الأمر لا يعنيها!!، أم أنها لا تنطق إلا إذا كان في الأمر إساءة للسعودية؟!، وطمس لجهودها الخيرة؟!، وما كذبهم وإرجافهم في حادثة الجمرات عنا ببعيد، فقد أجلبوا بخيلهم ورجلهم، واستعانوا بكل أفاك أثيم للطعن في بلاد الحرمين وعلمائها، وأجرموا في حق إخواننا القائمين على خدمة حجاج بيت الله الحرام، والله حسيبهم، وهو جل وعلا لا يصلح عمل هؤلاء القنواتيين المفسدين!!.
وأما اليوم فليس لمن يوجه هذه القنوات العميلة مصلحة في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمر الأمر وكأنه لا يعنيها، ?وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ? [محمد:38].
•يقول ابن القيم – غفر الله له-:
هذا ونصر الدين فرض لازم لا للكفاية بل على الأعيان
بيد وإما باللسان فإن عجز ت فابالتوجه والدعا بجنـان
ما بعد ذا والله للإيمان حبة خردل يا ناصر الإيمـــان
بحياة وجهك خير مسؤول به وبنور وجهك يا عظيم الشان
من ذاك للمضطر يسمعه سوا ك يجيب دعوته مع العصيـان
إنـا توجهنا إليك لحاجة ترضيك طالبها أحق معــان
فاجعل قضاهـا بعض أنعمك التي سبغت علينا منك كل زمان
انصر كتابك والرسول ودينك الـ عالي الذي أنزلت بالبرهان
وأقر عين رسولك المبعوث بالد ين الحنيف بنصره المتــدان
وانصره بالنصر العزيز كمثل ما قد كنت تنصره بكل زمـان
يا رب وانصر خير حزبينا على حزب الضلال وعسكر الشيطان
وأقـم لأهل السنة النبوية الأ نصارَ وانصرهم بكل زمـان
وأعزهم بالحق وانصرهم به نصراً عزيزاً أنت ذو السلطـان
ولك المحامد كلها حمداً كما يرضيك لا يفنى على الأزمــان
وعلى رسولك أفضل الصلوات والتـ سليم منك وأكمل الرضوان
وعلى صحابته جميعاً والألى تبعوهم من بعد بالإحســــان
والله أعلم وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه
سلطان بن عبد الرحمن العيد
1/1/1437هـ

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

"ويحكم ماذااا تزعمــــــون؟؟؟؟" من السنة

بصراحه موضوعي هذاا كتبته من ثلاثه شهور لكني ماقدرت اشارك فيه لظروف كثيره..
خير الكلام ماقل ودل…. وخير ماكتب ماشفاء واستل لن اقول في قولي هذا فداك يارسول الله لانه سبقني اليه من سبق ولكن ساقول
"هل تعلمون مثله؟؟"
ماعلمت باحد كسر جبابرت الارض مثله ولم اعلم برجل اعطي شفاعة الخلق قبله وماعلمت برحمة بعد رحمة الله اشفقت منها الارض كرحمته
وماسمعت اذنايا برجل رفع الله في العالمين ذكره قبله او بعده
فـــــــاي رجل هذا برايكم تزعمون؟؟
انه من ملك الله حبه في الخلق حتى افتدوه باعراضهم
وصدق من قال….
فان ابي ووالده وعرضي* لعرض محمد منكم فداء’
حتى قـــــال….
والافاصبرو لجلاد يومٍٍ* يعز الله فيه من يشاء’
بابي انت وامي يارسول الله وساضيف شعرا عجز لساني ان يقول غيره:
أماعلمتم لدين الله من أمدا… وهل علمتم أغير الرب جبار’
وهل علمتم رسولا زاده شرفا… رباًيصلي عليه جل عظماه’
ماتعلمون غير السخر من ادبا..وان علمتم فجود القوم ان جارو
مازاده عزا الا القوم ان سخرو..ردو عليهم حماة الدين أن قالوا
" الا رسول الله تباً اما سمعوا…قول الذي قال بالعرضين افداه’
وطلحة بن عبيد الله في احداً … يكفيه أن قال عنه خير من قالوا
هو شهيد على الارض وان عجبوا… يفدونه’ حتى عند الموت ماهانوا
اما عجبتم أذاك العظم في رجلاٍ… فهل سمعتم برجلا فاق عظماه’
…………..
وما علمت اي قوة هذه التي فجرت قلوب المسلمين بالدعاء على اعداء الدين "بكرةً واصيلا"
اللهم أعز الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر اعدائك أعداء الدين . وانتقم اللهم لمقام نبيك محمد خير من سار على الارض الى يوم الدين, وادحر ماقاله عنه الجبابرت والملحدين , وارفع ذكره في العالمين واجبر كسر المسلمين واجمعهم على الحق ابداً يارب العالمين
وانفعني بكلماتي هاذه يوم يبعثون واجعلها لي لسان صدقٍ في الاخرين
والحمدلله رب العالمين

تقبلوا مشاركتي هذه اختكم

نــــــوف

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده