التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

نجاوي محمدية – سنة النبي

نجــــــــــــــــــاوي محمديه


حار فكري

حارَ فكري.. لستُ أدري ما أقولْ
أيُّ طُهرٍ ضمَّه قلبُ الرسولْ
أيُّ نورٍ قد تجلَّى للعقولْ
أنتَ مشكاة الهدايةْ.. أنتَ نبراسُ الوصولْ

أيُّ مدحٍ كان كُفْواً للشمائلْ
يا رسولاً بشَّرَتْ فيه الرسائلْ!
أيُّ كونٍ نبويٍّ فيك ماثلْ!!
أنت نورٌ.. أنت طهرٌ.. أنت حَقٌّ هَدَّ باطلْ

قد تَبِعنا سُنةَ الهادي المطاعْ
فنجونا من عِثارٍ وضَياعْ
وشدَوْنا في سُوَيْعاتِ السَّماعْ
((طلعَ البدرُ علينا من ثنيّات الوداع))




طال ابتهالُ المصطفى

الأرض تضرع للسماءْ *** صحراؤها من غير ماءْ
والجاهليةُ عربدتْ *** ظلماً ، وسفكاً للدماء!
عبدوا الحجارَ وأفسدوا***ظلموا الصغارَ مع النساءْ
أخنى الظلامُ عليهمُ *** والجهلُ خيّمَ و الغباءْ
هل رحمةٌ وهدايةٌ *** تمحو ظلام الأشقياء ؟
هل من نبيٍ مرسلٍ ؟ *** طال انتظارُ الأنبياءْ
ومحمدٌ .. لهفي لهُ *** لهفي لنجوى الأنقياءْ
متعبّد في غاره *** يرنو إلى جهة السماءْ
يدعو و يسأل ربَّه *** بالحب يدعو والرجاءْ
طال ابتهالُ المصطفى***أمّن يجيب له الدعاءْ ؟
ما لِلحجاز تفجرّت *** فيها ينابيع العطاءْ!
هاقد أطلّتْ زمزمٌ *** والوحيُ يهبط في حراءْ
والمصطفى حاز الهدى *** والله يعطي من يشاءْ



حدّثْ صديقي عن جمال محمدٍ

هاتِ الحديثَ مِزاجُه الأشواقُ
وصِفِ الحبيبَ فكلُّنا توّاقُ

نهوى الحروفَ تعطّرتْ أردانُها
بشذا الأحبةِ .. والهوى أذواقُ

فغدا يُحدّثُ عن جلال المصطفى
فتوضأتْ بدمــوعها الأحداقُ

يَحكي بشوقٍ عن جمال محمدٍ
أحلى اللُّغى ما قالتِ الأشواقُ

عن قلبه ،عن حبه ،عن لطفهِ
عن كل ما قد جادتِ الأخلاقُ

تحيا بذكر محمدٍ ترنيمةٌ
في القلب تسري والهوى خفّاقُ

طوبى لمن عن نهجهِ لم يَغفلوا
يوماً، وذاقوا في الهوى ما ذاقوا

طوبى لمن في دربهِ قد أوْغلوا
ناموا على أحلامهم وأفاقوا

ساروا إليه تحثهم آمالُهم
وأنا الأسيرُ، فهل يُفكُّ وثاقُ؟!

طالتْ وطالتْ غربتي ياإخوتي
وحبيبُ قلبي دونه الآفاقُ

طال الطريقُ فكيف أبدأ رحلتي
وأنا الضعيفُ وما لديَّ بُراقُ ؟!

لا تُطرقي يا نفسُ هيّا فاذهبي
وتحسّسي.. لا ينفعُ الإطراقُ

يا نفسُ جِدّي إنْ يشأْ ربُّ الورى
لا يلبثِ الأحبابُ أن يتلاقوا




جلَّ من ربَّاك


ربَّاكَ ربُّكَ.. جلَّ من ربَّاكا *** ورعاكَ في كنفِ الهدى وحماكا
سبحانه أعطاك فيضَ فضائلٍ *** لم يُعْطها في العالمين سواكا
سوّاك في خلقٍ عظيمٍ وارتقى *** فيك الجمالُ.. فجلّ من سوَّاكا
سبحانه أعطاك خيرَ رسالةٍٍ *** للعالمين بها نشرْتَ هُداكا
وحباكَ في يوم الحساب شفاعةً *** محمودةً.. ما نالها إلاّكا
اللهُ أرسلكم إلينا رحمةً *** ما ضلَّ من تَبِعتْ خطاه خُطاكا
كنّا حيارى في الظلامِ فأشْرقتْ *** شمسُ الهدايةِ يومَ لاحَ سناكا
كنّا وربي غارقين بغيِّنا *** حتى ربطنا حَبْلَنا بعُراكا
لولاك كنا ساجدين لصخرةٍ *** أو كوكبٍ.. لا نعرفُ الإشراكا
لولاك لم نعبدْ إلـهًا واحدًا *** حتى هدانا اللهُ يومَ هداكا
أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ *** وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكا
والجذعُ يُسمعُ بالحنين أنينُه *** وبكاؤُه شوقًا إلى لُقياكا
ماذا يزيدُك مدحُنا وثناؤُنا *** واللهُ في القرآنِ قد زكّاكا؟!
ماذا يفيدُ الذّبُّ عنك وربُّنا *** سبحانه بعيونه يرعاكا؟!
"بدرٌ" تحدثنا عن الكفِّ التي *** دمتِ الطغاةُ فبوركت كفّاكا؟!
و"الغارُ" يخبرُنا عن العين التي *** حفظتك يوم غفت به عيناكا
لم أكتبِ الأشعارَ فيك مهابةً *** تغضي حروفي رأسَها لحلاكا
لكنها نارٌ على أعدائكم *** عادى إلهَ العرشِ مَن عاداكا
إني لأرخصُ دون عرضِك مهجتي *** روحٌ تروحُ ولا يُمسُّ حماكا
شُلّتْ يمينٌ صوَّرتك وجُمِّدتْ *** وسطَ العروقِ دماءُ من آذاكا
ويلٌ فويلٌ ثم ويلٌ للذي *** قد خاضَ في العِرضِ الشريفِ ولاكا
يا إخوةَ الأبقارِ هن سباتكم *** "مَن في القطيع سيصبح الأفّاكا؟!"
النارُ يا أهلَ السباقِ مصيرُكم *** وهناك جائزةُ السباقِ هناكا!!
تتدافعون لقعرها زمرًا ولن *** تجدوا هناك عن الجحيمِ فكاكا
هبوا بني الإسلام نكسر أنفهم *** ونكون وسطَ حلوقِهم أشواكا
لك يا رسولَ اللهِ نبضُ قصائدي *** لو كانَ قلبٌ للقصيد فداكا
هم لن يطولوا من مقامك شعرةً *** حتى تطولَ الذّرةُ الأفلاكا!!
والله لن يصلوا إليك ولا إلى *** ذراتِ رملٍ من ترابِ خُطاكا
هم كالخشاش على الثرى ومقامُكم *** مثلُ السماك.. فمن يطولُ سماكا؟!!
روحي وأبنائي وأهلي كلهم *** وجميع ما حوت الحياةُ فداكَ



مَن أخبرَ الروح أن المصطفى فيه ؟!


أُهدي إليكَ نشيداً رحتُ أخفيهِ
بين الدموع ، حلاواتُ الهوى فيهِ

أهدي إليك فؤاداً راح يسكنهُ
عطرُ الحبيب، فما أزكى مغانيهِ!

بين الصِّحاح تجوبُ الروحُ سائلةً
عنه الحروفَ ، وكم جلّتْ معانيهِ!

لو كنتُ أدري حديثَ الركب إذ رحلوا
نحو الحجاز هوىً .. لو كنتُ أدريهِ!

شدوا الرحالَ وفي أرواحهم طربٌ
يحدو الجِمالَ ، فيطوي الدربَ حاديهِ

ساروا إليكَ وكان الشوقُ يحملهمْ
لكنّ شوقي أنا حارتْ أمانيهِ

ساروا إليكَ وراح القلبُ يسألهمْ
لو يعلمُ القلبُ أن الدربَ يبغيهِ !

أوْ يعلمُ الركبُ أن الروحَ تَسبقهمْ
نحو الحبيبِ ، فهل حقاً تلاقيهِ !

روحي تطير وتهوي عند مسجدهِ
من أخبرَ الروحَ أن المصطفى فيهِ؟!



يا رسول الإسلام


يارسولَ الإسلام ؛ إنَّ رجائي *** أنْ يسودَ الإسلامُ في الأرجـاءِ
أن يقودَ الإيمانُ كـل فـؤادٍ *** أن ينيـرَ القرآنُ كـلَّ فضـاءِ
أن يغيبَ الظلامُ من كل دربٍ *** ليصيرَ عمري دفقـةً من سنـاءِ
أنت فخري وأنت نُعمى حياتي *** أنت عمري يا سيـّدَ الأنبيـاءِ
أنت خيـرٌ و رحمـةٌ مهـداةٌ *** جئتَ تمحو مدامـعَ الصحـراءِ
أيُّ طهـرٍ عمَّ دنيـانا وعطـرٍ *** وسلامٍ سرى من نجاوى حـراءِ!
يارسول التوحيدِ ؛ إنَّ دعـائي *** أنْ يَظلّ التوحيـدُ ملءَ دمـائي
يارسول الإسلام ؛ إنَّ رجـائي *** أنْ تقول الأجيالُ : أين لـوائي ؟



عِطـرُ المدينة

وقالوا: (( وصلتَ مطارَ المدينهْ )) *** فثارتْ بقلبي معانٍ دفينهْ
ثرىً أم ثراءً وطِئْتُ؟! وحِرتُ! *** وليستْ لغاتُ الحيارى أمينهْ!
طويْتُ المكانَ.. طويتُ الزمانَ *** طويتُ الشراعَ.. أَرحتُ السَّفينهْ
وقلت: أسارعُ ألقى النبيَّ *** تعطّرتُ.. ليس كعطرِ المدينهْ!
وفارقتُ صحبي وحيداً بدربي *** أُداري حياءً دموعاً سخينهْ
وغامتْ رؤايَ.. وعُدتُ سوايَ *** وأطلقتُ روحاً بجسمي سجينه
سجدتُ.. سَموتُ.. عبرتُ السماءَ *** وغادرتُ جسمي الكثيفَ وطينَهْ
سجدتُ ألبّي.. أسائلُ ربي *** لينصرَ جُنْدَ النبيِّ ودينهْ
وجئتُ المَقـامَ.. أريد السلامَ *** وقلبي يُسابقُ شوقاً حنينَهْ
ولاحَ الجلالُ.. وباحَ الجمالُ *** ذكرتُ رياضَ الخلود وعِينَهْ
مدينةُ حِبّي مراحٌ لقلبي *** سناءٌ صفاءٌ نقاءٌ سكينهْ
بقرب حبيبي سكوني وطيـبي *** أقمْ يا زمانُ ،أقمْ في المدينهْ
ومرَّ الزمانُ.. وآن الآوانُ *** فقلبي حزينٌ.. وروحي حزينهْ
وقلتُ: ((أعودُ إذا شاء ربي)) *** وخلّفتُ روحي هناكَ رهينهْ




إلى الأنصار قد وصل الرسولُ


( ووصل المهاجرون إلى الأنصار، يحملون لهم الهِداية لا الهَدايا ..
فاستقبلوهم بالحب والإيثار..
ولولا الأنصار، لما عُرف معنى الإيثار..
ولولا الهجرة ، لكان محمدٌ من الأنصار..
وقبل الهجرة في الأرض، كان المعراج في السماء ..
وبهما يتعلم المسلم من المهاجر الأكرم صلى الله عليه وسلم ،
كيف يهاجر على كافة المحاور ).

***
إلى الأنصار ترتحلُ الحُمولُ *** مهاجرةً ، وقائدُها الرسولُ
فيثربُ تنتشي السّعَفاتُ فيها *** ومكةُ تشـتكي فيها الطلولُ
أيرحلُ بدرُها في الليل منها؟!***سَلوا التاريخَ عن هادٍ يقولُ
لصاحبه:(أبا بكرٍ! تصبّرْ *** ولا تحزنْ ، فثالثنا الجليلُ )
دليلُ الدرب في البيداء يسري*** مع المختارِ في دربٍ تطولُ
دليلَ الدرب! تدري، لستَ تدري*** بهذا الدربِ أيّكما الدليلُ !
ألم تبصرْ ؟!.. له الآفاقُ ترنو*** وبين يديهِ تَرتعشُ السبيلُ !
خُطى القَصواء في الصحراء تحكي*** بُراقاً في سماواتٍ يجولُ
خُطى التاريخ قد وطأتْ خُطاها *** ليبدأ بعدها عهدٌ جميلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ: *** أيا بُشرى لقد وصل الرسولُ
همُ الأنصارُ .. إيثارٌ وحبٌ *** وأحمدُ في قلوبهمُ نزيلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ : *** ( وربِّك يا محمدُ لا نقيلُ.. )
همُ الأنصارُ .. إيمانٌ ونصرٌ *** وراياتٌ.. وتاريخٌ يطولُ
وحولَ محمدٍ حامتْ قلوبٌ *** و طافتْ حول ناقتهِ الخيولُ
وها إنـّا و إنْ كنا غفلنا *** فإنّـا بعد صحوتنا نقولُ:
هو الإسلامُ دينُ الله يبقى *** ويحمل صرحَه جيلٌ فجيلُ
وإنّا في العقيدة قد غُرسنا *** كما غُرستْ بطيبتنا النخيلُ
مع الهادي وصُحبتِه هوانا *** وشرحُ الحبِّ أمـرٌ يستحيلُ
مهـاجرةً وأنصاراً سنحيا *** رعيلُ الفتحِ يتبعُهُ الرعيلُ



حديث الدموع


يُحدث دمعُك عند الرجوعْ *** فيصغي فؤادي وكلي خشوعْ
فحدّث وكرر.. أنا لا أملُّ *** ومَن ذا يَملُّ حديثَ الدموعْ ؟!
***
تناجي دموعك عن أحمدِ *** وكيف ابتدا رحلةَ المسجدِ
وكيف أنارت دروبَ الحياة *** أحاديثُه الغرُّ في "المُسندِ"
***
فؤادي به – يا أخي – مابهِ *** من الشوق يُزجى لمحرابهِ
فحدث أخيّ عن المصطفى *** وعن قلبه .. عن مدى حبهِ
***
حديثُ الدموع أنار السبيلْ *** فسارت خُطاي بدربي الطويلْ
وكان دليلي اتباع الرسولِ *** وكلُّ الهدى باتباع الرسولْ



نجوى إلى ضيف حراء


كلّ طيرٍ قد تغنّى *** يغمر الأكوانَ فنّا
كل عنقـودٍ تدلى *** راح يُجنى أو سيُجنى
كل شوقٍ في فؤادٍ *** قد تمنّى ما تمنى
كل فكرٍ جاب كوناً *** كل شعرٍ سار حُسنا
كل لوحاتٍ تراءت *** في الدنى لوناَ فلونا
كل بيتٍ من قصيدي *** فوق بيتٍ راح يُبنى
كل حرفٍ من حروفي *** كل لفظٍ،كل معنى
كل هذا يا حبيبي *** صيغَ في نجواك لحنا
***
أي شوقٍ للسماءِ *** في ابتهالات حراءِ
أي شكوى أي نجوى *** أي خوفٍ و رجاءِ
أي عطرٍ نبويٍ *** عمَّ أرجـاءَ الفضاءِ
أي دمعٍ راح يرنو *** نحو أبواب السماءِ
أي نورٍ لاح يمحو *** كلَّ جهل الجُهلاءِ
أي حبٍ أحمديّ *** مَجَّ عطراً في دمائي
أنت أنسامُ صباحي *** أنت أحلامُ مسائي
أنت عطري أنت عمري*** يا ختامَ الأنبياءِ



رسالات الحب


يَحار القلبُ في ذكراكْ*** فيسألني متى ألقاكْ ؟
أصبّرهُ .. وأعذرهُ *** فمن يهواكَ لا ينساكْ
***
يحار القلبُ والفكرُ *** يحار اللحن والشعرُ
رسولَ الله ما السرُّ *** مُنى المليار في لقياكْ!
***
رسولَ الله يا عمري*** ألا يا حامل الذكرِ
بقلب زجاجة العطرِ***حروفٌ تبتغي نجواكْ
***
رسولَ الله في قلبي *** رسالاتٌ من الحبِّ
هنا في آخر الركبِ *** محبٌ قصدُه رؤياكْ



إشراق دمعة


يشرقُ دمعي فأواريهِ *** يخفقُ قلبي فأداريهِ
تشهدُ عيني أنكَ فيها *** يشهدُ قلبي أنك فيهِ
***
سأكلمُ صحبي عن حبي*** سأكلم.. يا رحمةَ ربي
يشهدُ قلبي أنكَ قلبي *** أنكَ عمري و أمانيهِ
***
يا منْ قد أرسله اللهُ *** يا من لا أتبعُ إلا هو
وهداهُ قد شـعّ سناهُ *** يَشغَلُ فكري بمعانيهِ
***
سُنتُكَ العصماءُ دليلي *** تهديني في كل سبيل ِ
جيلٌ يتعلمُ من جيل ِ *** ويُعلمُ سيرتكَ بنيهِ



ومليارٌ يُسلّمُ يـا حبيبي

((من موافقات القدر ! أني لما فرغت من القصيدة ، وفرغت هي مني ، اتصلت بأخي "منشد الرافدين" محمد ناصر العزاوي لأسمعه إياها ، وإذ به يقول : أحزم الآن أمتعة السفر إلى المدينة!! هل أسلّم لك على الحبيب؟! فقلت : فاسمع إذن ))

يموجُ القلبُ في كونٍ رحيبِ *** ويشدو الحبّ في لحنٍ غريبِ
فبعضُ اللحنِ صمتي ودموعي *** وبعضُ اللحنِ قوْلي: يا حبيبي
***
رأيت القلبَ من شوقٍ سباهُ *** يجوز الدربَ، لا يدري مداهُ
وليس يحارُ قلبي في سُراهُ *** وكيف يحارُ من يبغي حبيبي ؟!
***
يسير الركب في دربٍ طويلِ *** نهايتُه بمحـرابِ الرسـولِ
ومن يدري بحالي في وصولي *** أ أسكتُ ! أم أناجيهِ: حبيبي ؟!
***
سـلامُ الله نلقيهِ عليكَ *** رسولَ الله ..كم نهفو إليكَ !
سـلامُ الله يَغشى صاحبيكَ *** ومليارٌ يُسلّمُ يـا حبيبي
***
رسولَ الله ! حيّرَني المقامُ *** وما أدري ،أيسعفني الكلامُ ؟!
فبعضُ البوْحِ نجوى وسلامُ *** وبعضُ البوحِ صمتٌ ياحبيبي




يا ركبَ طيبةَ سلِّموا

في صحراء الحجاز،أذّن نبيّنا إبراهيمُ في الناس بالحج. ثم رَحل تاركاً صغيره إسماعيل وأمه ..
يا أمّ إسماعيل! لا تعجبي من أمر الله ..
فطفلك هُنا لأنه يحمل في أطوائه وديعةَ القدر , وهديّةَ السماء إلى الأرض الظامئة إلى النور..
فمِن نسله يُبعَث الرسول الخاتم , الذي يُبارك الله به العالم ..
فلا تعجبي يا أُمّاه .. ولا تعجلي, فلن يُضيّعكما الله ..
وظمِئ إسماعيل.. وظمئت أمُّه مرّتين!.
وسعتْ الأم سبعة أشواط.. وثبتتْ قدم الطفل في طريق القدر..
ومن تحت قدم الصّغير تفجّر الماء العذب الطّهور! فارتوى إسماعيل ، وظمِئنا !.
يا عجباً !كيف سرى ظمأ الصغير عبرَ العصور, حتى سكن الوجدان ؟!
وكيف دَوى صوت الأذان في الآفاق والدّهور, حتى مَلأ الآذان ..
وكان صداه " لبيّك اللهمّ.. لبيك " !

طالَ النوى فدعِ الهوى يتكلّمُ *** ودعِ الفـؤادَ بحبّهِ يترنّمُ
فعساهُ يسلو بالحُداءِ ، فإنه *** قد شاقَه البيتُ العتيقُ وزَمزمُ
يا أهل وادٍ غيرِ ذي زرعٍ نما ***كيف الورى قطفوا الحضارة منكمُ؟!
يا مهجةً تهوي إلى أُمِّ القرى *** أَرُزقتِ نُعمى الحبِّ إلا فيهمُ؟!
فترابهمْ كُحلٌ لعينِ مُحِبّهمْ *** وسناؤُهمْ، هل يستعادُ سناهمُ ؟!
من ذا يردُّ إلى البصائرِ نورَها ***أقميصُ يوسفَ أم حديثٌ عنهمُ؟!
يا نَسمةً عبرتْ بروضِ أحبتي *** قولي لهمْ: عَتَبُ الأحبةِ مُؤلم ُ
قولي لهمْ: ما حلَّ قلبيَ غيرُهم*** أوَ غيرَهم يهوى ويرضى المسلمُ ؟!
إني وملياراً هنا نقفو سنا *** منهاجِهمْ أبداً .. و إناّ منهمُ
في كل عامٍ أرتجي لُقيـاهمُ *** فأقولها :"يا ركبَ طيبةَ سلّموا "!




أطلقيني يا مدينة


أطلقيني يا مدينةُ من حدودي *** ثم زيدي في انطلاقي.. ثم زيدي

ذوِّبيني بالنجاوى زلزليني *** كلما زُلزلتُ حقّقتُ وجودي

إنّ روحي بالنجاوى حلّقتْ *** واستحمَّتْ ثم عادت من جديد

كدتُ والأعضاءُ مني سُجَّدٌ *** أملكُ الأكوانَ في رِقِّ السجودِ

أَجتلي الأفكارَ ، أَرتادُ السَّنا *** أرشفُ الأنوارَ من نبعِ الخلودِ

أَيُّ نورٍ في علاكِ قد سباني *** أيُّ طهرٍ.. أيُّ عطرٍ.. أيُّ جودِ؟!

طبتِ بالمختارِ في هجرتهِ *** طبتِ يا طيبةُ في يومِ السعودِ

حَبَّذا الأنصارُ من أهلٍ.. ويا *** حَبَّذا المختارُ من جارٍ جديدِ

حلّقي بي يا مدينةُ وارفعيني *** أطلقيني.. أَعتقيني من قيودي



عِطـرُ المدينة


وقالوا: (( وصلتَ مطارَ المدينهْ )) *** فثارتْ بقلبي معانٍ دفينهْ
ثرىً أم ثراءً وطِئْتُ؟! وحِرتُ! *** وليستْ لغاتُ الحيارى أمينهْ!
طويْتُ المكانَ.. طويتُ الزمانَ *** طويتُ الشراعَ.. أَرحتُ السَّفينهْ
وقلت: أسارعُ ألقى النبيَّ *** تعطّرتُ.. ليس كعطرِ المدينهْ!
وفارقتُ صحبي وحيداً بدربي *** أُداري حياءً دموعاً سخينهْ
وغامتْ رؤايَ.. وعُدتُ سوايَ *** وأطلقتُ روحاً بجسمي سجينه
سجدتُ.. سَموتُ.. عبرتُ السماءَ *** وغادرتُ جسمي الكثيفَ وطينَهْ
سجدتُ ألبّي.. أسائلُ ربي *** لينصرَ جُنْدَ النبيِّ ودينهْ
وجئتُ المَقـامَ.. أريد السلامَ *** وقلبي يُسابقُ شوقاً حنينَهْ
ولاحَ الجلالُ.. وباحَ الجمالُ *** ذكرتُ رياضَ الخلود وعِينَهْ
مدينةُ حِبّي مراحٌ لقلبي *** سناءٌ صفاءٌ نقاءٌ سكينهْ
بقرب حبيبي سكوني وطيـبي *** أقمْ يا زمانُ ،أقمْ في المدينهْ
ومرَّ الزمانُ.. وآن الآوانُ *** فقلبي حزينٌ.. وروحي حزينهْ
وقلتُ: ((أعودُ إذا شاء ربي)) *** وخلّفتُ روحي هناكَ رهينهْ



صـراع


" استبدّ بي الشوق لزيارة المدينة .. وأمّلتُ النفس بتحقيق أمنياتٍ دفينه ..فحالَ القدر دون مرادي ..
وتوهّمتُ أني وصلت الروضة المطهّرة ، وأني أسلم على المصطفى صلى الله عليه وسلم و أخاطبه في نفسي ، وأقول :
" يارسول الله ، مخلَّف رابعٌ في أمتك .. وجنديٌّ في الصف الأخير من جنودك .. إلا أنه يحبُّ اللهَ ورسوله "..
أراودُ نفسي .. وليستْ تُجيـبْ *** ِللُقيـا حبيـبي ، وأين الحبيبْ ؟!
أقولُ لهـا : إنَّ صبري انتهـى *** وصدري وجيبٌ ، وعمري نحيبْ
فقـالت : أراكَ تريـد الهـلاكَ *** فدربُ المحبـّةِ دربٌ عجيـبْ !!
سكـونٌ وشوقُ .. وعِتقٌ و رِقُّ *** به – لو علمتَ – الوليدُ يشيبْ !
إذا مـا رحلتَ تظـنُّ وصلتَ *** وهل كلّ شيءٍ أردتَ قريـبْ ؟!
* * *
عجبتُ لهـا !! تشتكـي أنّهـا *** غريبةُ دربٍ .. وأنـّي غريـب ْ!!
أيا نفـسُ : قلبي خبيـرٌ بدربي *** ففي الدرب نورٌ و خِصبٌ وطيبْ
وفيـه جمـالٌ ، وفيـه جـلالٌ *** وفيـه مـراحٌ لكـلّ القلـوبْ
و يا نفسُ: طيبـي بلُقيا حبيبـي *** وهل في الحياة كلُقيـا الحبيبْ ؟!
* * *
فقلتُ لنفسي وقالتْ .. وحرتُ *** وحـارتْ بظلِّ صراعٍ رهيـبْ!
فأمسكتُ فأسي وحطّمتُ نفسي *** وقلتُ :وصلتُ ديـارَ الحبيـبْ !


عنقـود عنـب


(( لما آذى سفهاء الطائف نبيّنا صلى الله عليه وسلم , أوى إلى شجرةِ عنب يُناجي ربّه في ظلها..
فأقبل (( عدّاس )) خادمُ البستانِ بقِطفِ عِنب.
فلما وضعه بين يدي الرسول, مَدّ يمينه قائلاً: (( باسم الله )), ثم أكل.
فقال عدّاس : إن هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلاد ؟! .
قال الرسول : ومن أيّ البلادِ أنت يا عدّاس, وما دينك ؟! .
قال : أنا نصراني من أهل نينوى .
قال الرسول : من قريةِ الرجلِ الصالحِ يونُس بنِ متّى ؟!.
قال : وما يُدريك ما يونُس بنُ متى ؟!.
قال الرسول : ذاكَ أخي, كان نبيّاً, وأنا نبيّ )) .
فأكبّ عدّاس على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلّها معلناً شهادة التوحيد ,
وبذلك أضحى هذا العنقود, أسعد عنقود عنب في التاريخ )) .
كان عنقوداً ندِيّـا *** رائـعَ الحـبِّ شهِيّا

قد تَحَلّى .. وتَدَلّى *** مُشرقاً مثـلَ الثريّـا

لم يكنْ يَحسَبُ يوماً *** أن يكونَ القِطفُ شيّـا

غيرَ عُنقودٍ سيُجنى *** ثم يُطوى الذّكرُ طَيّـا!

قال عَدّاسُ الكريمُ : *** أيّـها القِطـفُ إِلَيّـا

زارَنا ضيفٌ عظيمُ *** وجهُهُ طَلْـقُ المُحيّـا

قُمْ بنـا نَسعى إليهِ *** نَرتوي بالنّـور ريّـا

نَرتمي بـين يديـهِ *** قُمْ بنـا نسمو سويـّا

أيها العنقودُ ! هيّـا *** نَدخل التاريخَ.. هيّـا

لم نكنْ نحلُمُ يومـاً *** أنّنـا نلقى النّبيّـا !!





نفحات الهجرة…

شعّ الهدى، و البشرُ في بسماتهِ *** و اليُمن و الإيمان في قسماتهِ
و تفجرت فينا ينابيع الهدى *** و استيقظ التأريخ من غفواتهِ
" إقرأ و ربُّك" في حراء تحررت *** و الدهر غافٍ في عميق سباتهِ
جبريل حاملها و أحمد روحها *** إن الحديث موثّقُ برواتهِ
مُهج الملائك بالتلاوة تنتشي *** فتُقَبّل الكلماتِ فوق شفاتهِ
صلى عليك الله يا من ذكره *** قربى . . ونورُ الله من مشكاتهِ
يا من كساه الله حلّة سمته *** و كساهُ بالقرآن حُلّة ذاتهِ
لمّا أضاء الله مهجة قلبه *** هانت عليه الروحُ في مرضاتهِ
غسل الكرى عن أعين الدنيا كما *** يُجلى الدُّجى بالفجر في فلقاتهِ
و أنار بالآيات كلّ بصيرةٍ *** فكأن نور الشمس من قسماتهِ
و اقتاد للجنّات أسمى موكبٍ *** "إياك نعبدُ " تمتماتُ حداتهِ
إقرأ معاني الوحي في كلماته *** في نسكهِ و حياتهِ و مماته
لو نُظّمت كلّ النجوم مدائحا *** كانت قلائدهن بعض صفاته
يا من بنى للكون أكرم أمّةٍ *** من علمه . . من حلمه و أناته
صاروا ملوكا للأنام بعيد أن *** كانوا رعاءَ الشاءِ في فلواته
فسل العدالة و الفضيلة و الندى *** وسل المعنّى عن مُلمِّ شتاته
و سل المكارم و المحارم والحيا *** من غضّ عن درب الخنا نظراته؟!
من حطّم الأصنام في تكبيره *** من عانق التوحيد في سجداتهِ
من أطلق الإنسان من أغلاله *** من أخرج الموءود من دركاته؟!
من علّم الحيران درب نجاتهِ *** من أورد العطشان عذب فراتهِ؟!
من هدّ بنيان الجهالة و العمى *** وبنى الأمان على رميم رفاتهِ؟!
فإذا بأخلاق العقيدة تعتلي *** زور التراب و جنسه و لغاتهِ
وإذا لقاء الله يأسر في رضا *** وتشوّقٍ من كان عبد حصاته
ورأى جنان الخلد حقّا فازدرى *** دنياه . . و استعلى على لذّاتهِ
أرأيت إقدام الشهيد و قد سعى *** للحتف معتذراً إلى تمراته !!
حملوا الهدى للكون في جفن الفدا *** فتحرر الوجدان من شهواتهِ
خيّالة المجد المؤثل و العلا *** فكأنما ولدوا على صهواتهِ
سمّارة المحراب في ليل ، وإن *** نادى الجهاد فهم عُتاة كماته
في الهجرة الغراء ذكرى معهدٍ *** نستلهمُ الأمجاد من خطراته
تاريخ أمتنا . . و منبع عزّنا *** و دروبنا تزهو بإشراقاته
فيه الحضارة والبشارة والتقى *** ومُقِيل هذا الكون من عثراته
فتألقي يا نفس في نفحاته *** واستشرفي الغايات من غاياته..



دمتم بود

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

عبد الله بن الزبير من السنة

[BACKGROUND="90 #000000"]

عبد الله بن الزبير

هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي. وأمه السيدة "أسماء بنت أبي بكر الصديق". وهو أحد العبادلة، وأحد الشجعان من الصحابة، وأحد من ولي الخلافة منهم، يكنى أبا بكر.

مولد عبد الله بن الزبير :

ولد عام الهجرة، وحفظ عن النبي وهو صغير، وحدَّث عنه بجملة من الحديث، وهو يُعَدّ أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة،

وكان فرح المسلمين بولادته كبيرًا، وسعادتهم به طاغية؛ لأن اليهود كانوا يقولون: سحرناهم فلا يولد لهم ولد.ونشأ عبد الله بن الزبير نشأة طيبة، وتنسم منذ صغره عبق النبوة، وكانت خالته السيدة عائشة رضي الله عنها تُعنَى به وتتعهده، حتى كنيت باسمه، فكان يقال لها: "أم عبد الله"؛ لأنها لم تنجب ولدًا.

قصة بيعة عبد الله بن الزبير للرسول :

فعن هشام بن عروة، عن أبيه وزوجته فاطمة، قال: خرجت أسماء حين هاجرت حبلى، فنفست بعبد الله بقباء. قالت أسماء رضي الله عنها: فجاء عبد الله بعد سبع سنين ليبايع النبي، أمره بذلك أبوه الزبير، فتبسم النبي حين رآه مقبلاً، ثم بايعه.

أهم ملامح شخصية عبد الله بن الزبير :

1- كثرة حبه للعبادة بجميع أنواعها :

يروي عبد الملك بن عبد العزيز، عن خاله يوسف بن الماجشون، عن الثقة بسنده قال: قسَّم عبد الله بن الزبير الدهر على ثلاث ليال؛ فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو
ساجد حتى الصباح.

2- حبه الشديد للجهاد :

لم يكن غريبًا على من نشأ هذه النشأة الصالحة أن يشب محبًّا للجهاد؛ فقد شهد وهو في الرابعة عشرة من عمره معركة اليرموك الشهيرة سنة (15هـ/ 636م)، واشترك مع أبيه في فتح مصر، وأبلى بلاءً حسنًا، وخاض عمليات فتح شمال إفريقيا تحت قيادة عبد الله بن سعد في عهد عثمان بن عفان ، وأبدى من المهارة والقدرة العسكرية ما كفل للجيش النصر، كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر.

بعض مواقف عبد الله بن الزبير مع الرسول :

روي من غير وجه أن عبد الله بن الزبير شرب من دم النبي؛ كان النبي قد احتجم في طست، فأعطاه عبد الله بن الزبير قائلاً: "يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد". فلما بَعُد، عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال: "ما صنعت بالدم؟" قال: إني شربته؛ لأزداد به علمًا وإيمانًا، وليكون شيء من جسد رسول الله في جسدي، وجسدي أَوْلَى به من الأرض. فقال: "أبشرْ، لا تمسَّك النار أبدًا، وويل لك من الناس، وويل للناس منك".
وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنَّكه رسول الله بتمرة لاكها في فِيه، ثم حنّكه بها، فكان ريق رسول الله أول شيء دخل جوفه، وسمّاه عبد الله، وكناه أبا بكر بجدِّه أبي بكر الصّدّيق.
مواقف عبد الله بن الزبير مع الصحابة :

موقف عبد الله بن الزبير مع عمر بن الخطاب :

تنبَّأ له عمر بن الخطاب بمستقبل باهر؛ لما رأى من رباطة جأشه وثبات قلبه واعتداده بنفسه؛ فقد مرَّ عمر بعبد الله وهو يلعب مع رفاقه من الصبيان، فأسرعوا يلوذون بالفرار هيبةً لعمر وإجلالاً له، في حين ثبت عبد الله بن الزبير، ولزم مكانه، فقال له عمر : ما لك لم تفر معهم؟ فقال عبد الله : لم أجرم فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسع لك.
موقف عبد الله بن الزبير مع معاوية بن أبي سفيان :

كان لعبد الله بن الزبير مزرعة بمكة بجوار مزرعة معاوية ، وكان عمال معاوية يدخلونها، فكتب ابن الزبير لمعاوية خطابًا كتب فيه: (من عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول إلى معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد، إن عمالك يدخلون مزرعتي، فإن لم تنههم ليكونَنَّ بيني وبينك شأن، والسلام).

فلما وصل الخطاب لمعاوية كتب له خطابًا ذكر فيه: (من معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد إلى ابن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول، لو كانت الدنيا لي فسألتها لأعطيتكها، ولكن إذا وصلك خطابي هذا فضُم مزرعتي إلى مزرعتك، وعمالي إلى عمالك، فهي لك، والسلام). فلما قرأها بلَّها بالدموع، وركب من مكة إلى معاوية في الشام، وقبَّل رأسه، وقال له: "لا أعدمك الله عقلاً أنزلك هذه المنزلة".

مواقف عبد الله بن الزبير مع التابعين :

موقف عبد الله بن الزبير مع يزيد بن معاوية :

لما تولى يزيد بن معاوية الخلافة سنة (60هـ/ 679م)، حرص على أخذ البيعة من الأمصار الإسلامية، فلبت نداءه وبايعته دون تردد، في حين استعصت عليه بلاد الحجاز حيث يعيش أبناء الصحابة الذين امتنعوا عن مبايعة يزيد ، وكان في مقدمة الممتنعين الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، غير أن يزيد بن معاوية ألحَّ في ضرورة أخذ البيعة منهما، ولو جاء الأمر قسرًا وقهرًا لا اختيارًا وطواعية، ولم يجد ابن الزبير مفرًّا من مغادرة المدينة والتوجه إلى مكة، والاحتماء ببيتها العتيق، وسمَّى نفسه "العائذ بالبيت"، وفشلت محاولات يزيد في إجباره على البيعة.
وبعد استشهاد الحسين بن علي في معركة "كربلاء" في العاشر من المحرم سنة (61هـ/ 10 من أكتوبر 680م) التفَّ الناس حول ابن الزبير ، وزاد أنصاره سخطًا على يزيد بن معاوية ، وحاول يزيد أن يضع حدًّا لامتناع ابن الزبير عن مبايعته، فأرسل إليه جيشًا بقيادة مسلم بن عقبة، غير أنه توفي وهو في الطريق إلى مكة، فتولى قيادة الجيش "الحصين بن نمير"، وبلغ مكة في (26 من المحرم 64هـ)، وحاصر ابن الزبير أربعة وستين يومًا، دارت خلالها مناوشات لم تحسم الأمر، وفي أثناء هذا الصراع جاءت الأنباء بوفاة يزيد بن معاوية في (14 من ربيع الأول سنة 64هـ/ 13 من إبريل 685م)، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوف جيش يزيد .

موقف عبد الله بن الزبير مع الحصين بن نمير :

توقف القتال بين الفريقين، وعرض (الحصين بن نمير) على ابن الزبير أن يبايعه قائلاً له: "إن يك هذا الرجل قد هلك (أي يزيد)، فأنت أحق الناس بهذا الأمر، هلُمَّ فلنبايعك، ثم اخرج معي إلى الشام؛ فإن الجند الذين معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فوالله لا يختلف عليك اثنان".
لكن ابن الزبير رفض هذا العرض، الذي لو قبله لربما تمَّ له الأمر دون معارضة؛ لأن بني أمية اضطرب أمرهم بعد موت يزيد بن معاوية ورفْض ابنه معاوية بن يزيد تولي الأمر، ثم لم يلبث أن تُوُفِّي هو الآخر بعد أبيه مباشرة.

أعلن ابن الزبير نفسه خليفة للمسلمين عقب وفاة يزيد بن معاوية ، وبويع بالخلافة في (7 من رجب 64هـ/ 1 من مارس 648م)، ودخلت في طاعته ومبايعته الكوفة، والبصرة، ومصر، وخراسان، والشام معقل الأمويين، ولم يبق سوى الأردن على ولائه لبني أمية بزعامة حسان بن بَحْدَل الكلبي، ولم يلق ابن الزبير تحديًا في بادئ الأمر، فهو صحابي جليل تربَّى في بيت النبوة، واشتهر بالتقوى والصلاح والزهد والورع، والفصاحة والبيان والعلم والفضل، وحين تلفَّت المسلمون حولهم لم يجدوا خيرًا منه لتولي هذا المنصب الجليل.

بعض الأحاديث التي نقلها عبد الله بن الزبير عن النبي :

يروي عروة، عن عبد الله بن الزبير ، أنه حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند النبي في شِرَاج الحَرَّة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرِّح الماء يمر. فأبى عليه، فاختصما عند النبي، فقال رسول الله للزبير: "اسْقِ يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك". فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك! فتلوَّن وجه رسول الله، ثم قال: "اسْقِ يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر". فقال الزبير : والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65].

وعن أبي نعيم، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عباس بن سهل بن سعد، قال: سمعت ابن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول: يا أيها الناس، إن النبي كان يقول: "لو أن ابن آدم أُعطِي واديًا مَلْئًا من ذهب أحبَّ إليه ثانيًا، ولو أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا، ولا يسدّ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".

ما قيل عن عبد الله بن الزبير :

– قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله يومًا لابن أبي مُلَيْكة: صِفْ لنا عبد الله بن الزبير . فقال: "والله ما رأيت نفسًا رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليه، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا أو ثوبًا مطروحًا، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي، فوالله ما أحسَّ بها ولا اهتزَّ لها، ولا قطع من أجلها قراءته، ولا تعجَّل ركوعه".

– وسئل عنه ابن عباس فقال على الرغم مما بينهم من خلاف: "كان قارئًا لكتاب الله، مُتَّبِعًا سنة رسوله، قانتًا لله، صائمًا في الهواجر من مخافة الله، ابن حواريّ رسول الله، وأمه أسماء بنت الصديق، وخالته عائشة زوجة رسول الله، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله".
– قال عمر بن قيس: "كان لابن الزبير مائة غلام، يتكلّم كل غلام منهم بلغة أخرى، وكان الزبير يكلّم كلَّ واحد منهم بلغته، وكنت إذا نظرتُ إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجلٌ لم يُرِد الله طرفةَ عين. وإذا نظرتُ إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجلٌ لم يُرِد الدنيا طرفة عين".

وفاة عبد الله بن الزبير :

توجّه الحَجَّاج الثقفي بعد مقتل مصعب بن الزبير على رأس جيش كبير من عشرين ألفًا من جند الشام إلى الحجاز، وضرب حصارًا على مكة، فأصاب أهل مكة مجاعة كبيرة. وراح عبد الله بن الزبير يسأل أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، ماذا يفعل وقد تخلّى عنه الناس؟ فقالت له: "إن كنت على حقٍّ فامضِ لشأنك، لا تمكّن غلمان بني أميّة، وإن كنتَ إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت! أهلكت نفسك ومن معك؛ القتل أحسن". فقال: "يا أُمَّتِ، إني أخاف إن قتلوني أن يمثِّلوا بي". قالت: "إنّ الشاة لا يضرُّها سلخها بعد ذبحها".
فخرج من عندها، وذهب إلى القتال، فاستشهد في المعركة في (17 من جمادى الأولى 73هـ/ 4 من أكتوبر 692م)، وبوفاته انتهت دولته التي استمرت نحو تسع سنين. وكان عُمر ابن الزبير يوم استشهاده 72 سنة.

[/BACKGROUND]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

الصحيح من معجزات النبي الفصيح متجدد

الصحيح من معجزات النبي الفصيح / تعرف على قدره العظيم / متجدد [ 2 ].


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه وبارك وسلم كما تحبه وترضاه يا رب آمين.
ومن معجزات سيدنا محمد : صل يارب عليه وعلى آله وبارك وسلم

انشقاق القمر
عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً ، فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا.
(رواه البخاري ).
وحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، قَالَ : انْشَقَّ الْقَمَرُ ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، شِقَّتَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اشْهَدُوا .
( متفق عليه ).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : انْشَقَّ الْقَمَرُ ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِلْقَتَيْنِ ، فَسَتَرَ الْجَبَلُ فِلْقَةً ، وَكَانَتْ فِلْقَةٌ فَوْقَ الْجَبَلِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اللَّهُمَّ اشْهَدْ ». ( رواه مسلم ).
………………………………………….. …………….
معجزته في إنزال الغيث
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَجُلاً ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، يَوْمَ جُمُعَةٍ ، مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَائِمٌ يَخْطُبُ ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَائِمًا ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ ، فَادْعُ اللَّهَ ، يُغِيثُنَا ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :
« اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا » ، قَالَ أَنَسٌ : وَلاَ وَاللَّهِ ، مَا نَرَى فِى السَّمَاءِ ، مِنْ سَحَابٍ ، وَلاَ قَزَعَةً ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلاَ دَارٍ . !!!!!
قَالَ : فَطَلَعَتْ ، مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ ، مِثْلُ التُّرْسِ ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ ، انْتَشَرَتْ ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ ، فَلاَ وَاللَّهِ ، مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا ، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ ، مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ ، فِى الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَائِمٌ يَخْطُبُ ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : هَلَكَتِ الأَمْوَالُ ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا ، قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : « اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا ، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ » . قَالَ : فَأَقْلَعَتْ ، وَخَرَجْنَا نَمْشِى فِى الشَّمْسِ ، قَالَ شَرِيكٌ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ ؟؟؟ فَقَالَ مَا أَدْرِى.
( رواه البخاري ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معانى بعض الكلمات :
[ ( من باب كان نحو دار القضاء ) أي في جهتها ، وهي دار كانت لسيدنا عمر ، سميت دار القضاء ، لكونها بيعت بعد وفاته ، في قضاء دينه ، ( هلكت الأموال ) المراد بالأموال هنا المواشي ، خصوصا الإبل وهلاكها من قلة الأقوات ، بسبب عدم المطر والنبات ، ( وانقطعت السبل ) أي الطرق ، فلم تسلكها الإبل ، إما لخوف الهلاك أو الضعف ، بسبب قلة الكلأ أو عدمه ، ( فادع الله يغيثنا ) ، هكذا في جميع النسخ أغثنا بالألف ويغثنا بضم الياء من أغاث يغيث رباعي والمشهور في كتب اللغة أنه إنما يقال في المطر غاث الله الناس والأرض يغيثهم بفتح الياء أي أنزل المطر قال القاضي عياض قال بعضهم هذا المذكور في الحديث من الإغاثة بمعنى المعونة وليس من طلب الغيث إنما يقال في طلب الغيث اللهم غثنا قال القاضي ويحتمل أن يكون من طلب الغيث أي هب لنا غيثا أو ارزقنا غيثا كما يقال سقاه الله وأسقاه أي جعل له سقيا على لغة من فرق بينهما ( ولا قزعة ) هي القطعة من السحاب ، ( سلع ) هو جبل بقرب المدينة ، أي ليس بيننا وبينه من حائل ، منعنا من رؤية سبب المطر ، فنحن مشاهدون له وللسماء وقال الإمام النووى ومراده بهذا الإخبار عن معجزة رسول الله صلى الله عليه و سلم وعظيم كرامته على ربه سبحانه وتعالى بإنزال المطر سبعة أيام متوالة متصلا بسؤاله من غير تقديم سحاب ولا قزع ولا سبب آخر لا ظاهر ولا باطن ( مثل الترس ) الترس : هو ما يتقى به السيف ن ووجه الشبه الاستدارة والكثافة لا القدر ، ( أمطرت ) هكذا هو في النسخ وكذا جاء في البخاري أمطرت بالألف وهو صحيح وهو دليل للمذهب المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من أهل اللغة ( سبتا ) أي قطعة من الزمان وأصل السبت القطع ، ( هلكت الأموال وانقطعت السبل ) هلاك الأموال وانقطاع السبل ، هذه المرة من كثرة الأمطار ، لتعذر الرعى والسلوك ( حولنا ) وفي بعض النسخ حوالينا وهما صحيحان ( الآكام ) قال في المصباح الأكمة تل وهي دون الجبل وأعلى من الرابية وقيل دون الرابية ( والظراب ) واحدها ظرب وهي الروابي الصغار ( فانقلعت ) ولفظ البخاري فأقلعت وهو لغة القرآن أي فأمسكت السحابة الماطرة عن المدينة الطاهرة وفي نسخة النووي فانقطعت قال هكذا هو في بعض النسخ المعتمدة وفي أكثرها فانقلعت وهما بمعنى ].
………………………………………….. ………………….

كفاية شرسراقه بدعوته : صلى الله عليه و سلم
حديث أَبِي بَكْرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، إِلى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً فَقَالَ لِعَازِبٍ :
ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلُهُ مَعِي قَالَ : فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي : يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا ، وَمِنَ الْغَدِ ، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّريقُ ، لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ ، لَهَا ظِلٌّ ، لَمْ تَاتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً وَقُلْتُ : نَمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ ، فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بَغَنَمِهِ ، إِلَى الصَّخْرَةِ ، يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا فَقُلْتُ : لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ ؟؟؟
فَقَالَ : لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، (أَوْ مَكَّةَ) قُلْتُ : أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ ؟؟؟؟
قَالَ : نَعَمْ ، قلْتُ : أَفَتَحْلُبُ ؟؟؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَأَخَذَ شَاةً ، فَقُلْتُ :
انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى : ( قَالَ الرَّاوِي : فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى ، يَنْفُضُ ) ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، يَرْتَوِي مِنْهَا ، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ : فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ : اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ ؟؟؟؟ قُلْتُ : بَلَى قَالَ : فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْسُ ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ !!!! ، فَقُلْتُ : أُتِينَا يَا رَسُولَ اللهِ !!!!!!!! فَقَالَ : لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا
فَدَعَا عَلَيْهِ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا ، أُرَى فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ .
فَقَالَ : إِنِّي أُرَاكُمَا : قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ ، فَادْعُوَا لِي.
فَاللهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا : الطَّلَبَ .
فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَنَجَا ، فَجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا ، إِلاَّ قَالَ :
كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ قَالَ : وَوَفى لَنَا. ( متفق عليه ).
………………………………………….. ……………..

المصادر
القرآن العظيم
كتب المتون الصحيحة
كتاب مائة معجزة من معجزات النبي المصطفى / حبيب بن عبد الملك بن حبيب


برنامج المكتبة الشاملة للتحقق من الاحاديث

[ يتبع رجاءا].

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هل ثبت أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له يوم القيامة – سنة النبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل ثبت أن أحدا من الصحابة طلب الشفاعة ( المتعلقة بيوم القيامة ، لا الاستغفار) من النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته ؟

الجواب :
الحمد لله
أولا :
ثبت عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة :
روى الإمام أحمد (16076) عَنْ خَادِمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَقُولُ لِلْخَادِمِ : ( أَلَكَ حَاجَةٌ؟ ) قَالَ : حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، حَاجَتِي قَالَ : ( وَمَا حَاجَتُكَ؟ ) قَالَ : حَاجَتِي أَنْ تَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ: ( وَمَنْ دَلَّكَ عَلَى هَذَا؟ ) قَالَ : رَبِّي قَالَ : ( إِمَّا لَا، فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ) .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 249) : " رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ " .
وقال الألباني في "الصحيحة" (2102) : " إسناده صحيح على شرط مسلم " .
وصححه – أيضا – محققو المسند .

وروى أحمد أيضا (24002) وابن حبان (211) والطبراني في "الكبير" (134) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: عَرَّسَ بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَافْتَرَشَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ ، قَالَ : فَانْتَهَيْتُ إِلَى بَعْضِ الْإِبِلِ ، فَإِذَا نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ قُدَّامَهَا أَحَدٌ ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ قَائِمَانِ ، قُلْتُ : أَيْنَ رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَا : مَا نَدْرِي غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا صَوْتًا بِأَعْلَى الْوَادِي ، فَإِذَا مِثْلُ هَزِيزِ الرَّحْلِ قَالَ : امْكُثُوا يَسِيرًا ، ثُمَّ جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي ، فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ ) ، فَقُلْنَا : نَنْشُدُكَ اللهَ ، وَالصُّحْبَةَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ؟! قَالَ: ( فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي ) ، قَالَ : فَأَقْبَلْنَا مَعَانِيقَ إِلَى النَّاسِ ، فَإِذَا هُمْ قَدْ فَزِعُوا ، وَفَقَدُوا نَبِيَّهُمْ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ مِنْ رَبِّي آتٍ، فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ ، وَإِنِّي اخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ ) . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، نَنْشُدُكَ اللهَ وَالصُّحْبَةَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ؟! قَالَ : فَلَمَّا أَضَبُّوا عَلَيْهِ قَالَ : ( فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنَّ شَفَاعَتِي لِمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتِي )
صححه محققو المسند ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3637) .

ثانيا :
المقصود من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة في هذين الحديثين وغيرهما : سؤاله أن يدعو الله لهم أن تنالهم شفاعته ، ويأذن له صلى الله عليه وسلم فيهم ؛ ففي رواية لحديث عوف بن مالك المتقدم عند الطبراني في "الكبير" (136) : " فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ : ( اللهُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ) ثُمَّ أَتَيْنَا الْقَوْمَ فَأَخْبَرْنَاهُمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ فَقَالَ : ( اللهُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ) .
ورواه أحمد (19724) من حديث أبي موسى بمعناه وفيه : " فَجَعَلُوا يَأْتُونَهُ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ، فَيَدْعُوَ لَهُمْ " .

وذلك أن الشفاعة لله جميعا ، قال عز وجل : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ) الزمر/ 44 ، فلا يشفع أحد إلا لمن أذن الله له ، قال تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) البقرة/ 255 ، وفي حديث الشفاعة : ( … فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ ، قُلْ تُسْمَعْ ، سَلْ تُعْطَهْ ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا ، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ )
رواه البخاري (4476) ، ومسلم (193) .

وأما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث : ( فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي ) : فمرد ذلك الخبر إلى الوحي عن رب العزة ، كما في بشراه بالجنة لمن بشره ، ونحو ذلك من أمور الغيب .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها – سنة النبي

وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها

الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد المرسل رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، وعلى آله وأصحابه الذين حملوا كتاب ربهم سبحانه، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى من بعدهم، بغاية الأمانة والإتقان، والحفظ التام للمعاني والألفاظ رضي الله عنهم وأرضاهم وجعلنا من أتباعهم بإحسان.
أما بعد: فقد أجمع العلماء قديماً وحديثاً على أن الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ثم إجماع علماء الأمة.

واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها القياس، وجمهور أهل العلم على أنه حجة إذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر:

أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز، وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به، والوقوف عند حدوده، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[1]، قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[2]، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[3]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[4] وقال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[5] . وقال تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِه}[6] والآيات في هذا المعنى كثيرة. وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به، دالة على أن من تمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلال، ومن ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته في حجة الوداع: ((إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله)) رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به)) فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: ((وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي)) وفي لفظ قال: في القرآن: ((هو حبل الله من تسمك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال)).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه، مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.
أما الأصل الثاني من الأصول الثلاثة المجمع عليها: فهو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، يؤمنون بهذا الأصل الأصيل، ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة، وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة، فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته، وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته، حتى تقوم الساعة، ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله، والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره، ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة، والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات، وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.
ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[7]، وقوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[8]، وقال تعالى في سورة النساء أيضا: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[9]، وكيف تمكن طاعته ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله، إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت كلها غير محفوظة، وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له، وهذا من أبطل الباطل، ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به، وقال عز وجل في سورة النحل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[10]، وقال فيها أيضا: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لهم الذي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[11]، فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم تبيين المنزل إليهم، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[12]، وقال تعالى في السورة نفسها: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[13].
وقال في سورة الأعراف: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[14] وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته، أو القول بأنه لا صحة لها، أو لا يعتمد عليها، وقال عز وجل في سورة النور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْم}[15]، وقال في سورة الحشر: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[16] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام، واتباع ما جاء به، كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتاب الله، والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه، وهما أصلان متلازمان، من جحد واحداً منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال، وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب طاعته، واتباع ما جاء به، وتحريم معصيته، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله))، وفي صحيح البخاري عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل يا رسول الله ومن يأبى؟ قال ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))، وخرج أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه))
وخرج أبو داود وابن ماجة بسند صحيح: عن ابن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)). وعن الحسن بن جابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه يقول: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أشياء ثم قال ((يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله)) أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح. وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته، أن يبلغ شاهدهم غائبهم، ويقول لهم: ((رب مبلغ أوعى من سامع))، ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه)) فلولا أن سنته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إلى يوم القيامة، لم يأمرهم بتبليغها، فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه عليه الصلاة والسلام وعلى من نقلت إليه بالأسانيد الصحيحة.
وقد حفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية، وبلغوها من بعدهم من التابعين، ثم بلغها التابعون من بعدهم، وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن، وجمعوها في كتبهم، وأوضحوا صحيحها من سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قوانين وضوابط معلومة بينهم، يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها، وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصحيحين وغيرهما، وحفظوها حفظاً تاماً، كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين، وإلحاد الملحدين، وتحريف المبطلين، تحقيقاً لما دل عليه قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[17]، ولا شك أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي منزل، فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيض الله لها علماء نقادا، ينفون عنها تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأن الله سبحانه جعلها تفسيرا لكتابه الكريم، وبيانا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى، لم ينص عليها الكتاب العزيز، كتفصيل أحكام الرضاع، وبعض أحكام المواريث، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.

ذكر بعض ما ورد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها..

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد من العرب، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها))؟ فقال أبو بكر الصديق: (أليست الزكاة من حقها؟ والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها) فقال عمر رضي الله عنه: فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق وقد تابعه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فقاتلوا أهل الردة حتى ردوهم إلى الإسلام، وقتلوا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنة، ووجوب العمل بها.
وجاءت الجدة إلى الصديق رضي الله عنه تسأله عن ميراثها، فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء، ولا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لك بشيء، وسأسأل الناس. ثم سأل رضي الله عنه الصحابة: فشهد عنده بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس، فقضى لها بذلك، وكان عمر رضي الله عنه يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله، فإن لم يجدوا القضية في كتاب الله، فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أشكل عليه حكم إملاص المرأة، وهو إسقاطها جنيناً ميتاً، بسبب تعدي أحد عليها، سأل الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك، فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة. فقضى بذلك رضي الله عنه.
ولما أشكل على عثمان رضي الله عنه حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها، وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بعد وفاة زوجها: أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله. قضى بذلك رضي الله عنه، وهكذا قضى بالسنة في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.
ولما بلغ علياً رضي الله عنه أن عثمان رضي الله عنه ينهى عن متعة الحج أهلَّ علي رضي الله عنه بالحج والعمرة جميعاً، وقال: (لا أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس).
ولما احتج بعض الناس على ابن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج، بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تحبيذ إفراد الحج، قال ابن عباس : (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟)، فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفهما لقول من دونهما، أو لمجرد رأيه واجتهاده!.
ولما نازع بعض الناس عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في بعض السنة، قال له عبد الله : (هل نحن مأمورون باتباع عمر أو باتباع السنة؟) ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله. وهو يحدثهم عن السنة، غضب رضي الله عنه وقال: (إن السنة هي تفسير كتاب الله)، ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك، مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام، والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً. ومن ذلك أيضا أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما حدث بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) قال بعض أبنائه: والله لنمنعهن. فغضب عليه عبد الله وسبه سباً شديداً، وقال: (أقول قال رسول الله وتقول: والله لنمنعهن؟).
ولما رأى عبد الله بن المغفل المزني رضي الله عنه، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أقاربه يخذف، نهاه عن ذلك وقال له: (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف)، وقال: ((إنه لا يصيد صيداً ولا ينكأ عدواً، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين)). ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال: (والله لا كلمتك أبدا، أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخذف ثم تعود).
وأخرج البيهقي عن أيوب السختياني التابعي الجليل، أنه قال: (إذا حدثت الرجل بسنة فقال: دعنا من هذا وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال). وقال الأوزاعي رحمه الله: (السنة قاضية على الكتاب)، أي تقيد ما أطلقه، أو بأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[18].
وسبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)) وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي رحمه الله أنه قال لبعض الناس: (إنما هلكتم في حين تركتم الآثار) يعني بذلك الأحاديث الصحيحة.
وأخرج البيهقي أيضًا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: (إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغاً عن الله تعالى)، وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله، العلم بالآثار)، وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين).
وقال الشافعي رحمه الله: (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب). وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولاً وجاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه، فاضربوا بقولي الحائط).
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي، وخذ من حيث أخذنا) وقال أيضا رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي سفيان، والله سبحانه يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[19] ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك).
وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[20] قال: (الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة).
وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة) وقال موفق الدين ابن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام، ما نصه: (والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة، لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله بطاعته، وتحذيره من مخالفة أمره) انتهى المقصود. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[21] أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته، وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي: فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا، {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك.

كما روى الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني وتقتحمون فيها)) أخرجاه من حديث عبد الرزاق.
وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة: (مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة) ما نصه: (اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة) انتهى المقصود. والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً، وأرجو أن يكون في ما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه، والسلامة من أسباب غضبه، وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم إنه سميع قريب.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

كم رمضان صام الرسول صلى الله عليه وسلم السنة النبوية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كم رمضان صام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟.

الحمد لله
أجمع العلماء على أن صوم شهر رمضان فرض في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صام تسع رمضانات ، لأنه صلى الله عليه وسلم توفي في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة .
قال في "الإنصاف" :
فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إجْمَاعًا , فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ إجْمَاعًا اهـ .
وقال النووي في المجموع :
صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ تِسْعَ سِنِينَ ; لأَنَّهُ فُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ , وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ اهـ .
وانظر أيضاً "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/20) .


الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هدي النبي عليه الصلاة والسلام في العمل الخالص لوجه الله تعالى

[BACKGROUND="100 #000000"]



هدي النبي عليه الصلاة والسلام في العمل الخالص لوجه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.


أي عمل خالص لوجه الله لا يتصل بمصالح الإنسان خير من الدنيا و ما فيها :


يقول عليه الصلاة والسلام: ((غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس و غربت))
[مسلم والنسائي عن أبي أيوب]
أي هل لك عمل خالص لله عز وجل مئة في المئة, لا ترجو مديحاً, ولا مكانة, ولا منفعة, ولا تألقاً, ولا ثناء؟
غدوة في سبيل الله ـ ذهاب ـ مشيت مع إنسان لوجه الله، عدت مريضاً لوجه الله، ذهبت إلى مجلس علم لوجه الله، غدوة أو روحة، أي عمل لا يتصل بمصالحك إطلاقاً؛ لا بكسب المال, ولا بعلاقات الأهل, ولا بسمعة, عمل تبتغي به وجه الله, ولا تريد أحداً أن يطلع عليه, قال:
((غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس و غربت))
[مسلم والنسائي عن أبي أيوب]
كما يقول النبي عليه الصلاة والسلام مخاطب الإمام علياً رضي الله عنه : ((فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى الله بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ))
[أخرجه البخاري و مسلم عن سهل بن سعد الساعدي ]
البشر خمسة آلاف مليون, والبشر من آدم إلى يوم القيامة, لا يعلم عددهم إلا الله, كل هؤلاء بكفة, وكلام النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بكفة خاصة؛ لأن النبي لا ينطق عن الهوى, إنه يبلغنا عن الله.

على كل إنسان أن يبحث عن عمل خالص لوجه الله عز وجل :


حركة الحياة واضحة, الناس كلهم يكبر, يعمل, يتزوج, ينجب أولاداً, تكون له حرفة, كل كلامه, وكل حركاته, وكل تصرفاته، تابعة لمصالحه, أي يكون وكيل شركة؛ المديح والثناء للبضاعة, ولا يوجد أفضل منها, ومن أحسن الأنواع, ولم يأت مثل نوعها, سحبوا الوكالة منه يذمها ـ هو نفسه يذمها ـ و يمدح غيرها, كل كلامه تابع لمصالحه, كل تصرفاته؛ يمدح نفسه, يحطم غيره, يمدح بضاعته, يذم بضاعة الآخرين, أين الأدسم يلبي؟ أين يشعر بسعادة يلبي؟ هكذا الناس؛ كل كلمة يتكلمونها, كل حركة يتحركونها ,في سبيل مصالحهم.
نحن نريد عملاً ليس له علاقة لا بمصالحك, ولا ببيتك, ولا بأولادك, ولا بدخلك, ولا بمهنتك, ولا بحرفتك, ولا بسمعتك, ولا بمكانتك, ولا بسرك, تبتغي به وجه الله وحده؛ لا تتحرك إلا في سبيل الله, لا تبتغي أن يمدحك الناس, هذا العمل خير لك من الدنيا وما فيها, ماذا يوجد في الدنيا؟ نحن أحياناً بعيدون عما في الدنيا؛ يوجد في الدنيا أموال لا تأكلها النيران, شركة أدوية أمريكية, مبيعاتها أربعمئة مليار في العالم كم أرباحها؟ مالكها إنسان واحد, هناك شركات عملاقة تبيع للعالم كله, مالك هذه الشركة كم حجمه؟ أين يسكن؟ له طائرة خاصة؟ له يخت خاص؟ له ألف إنسان يخدمه؟
أن تهدي رجلاً واحداً، تذهب إلى بيته, تقنعه بالإسلام, تدعوه إلى مأدبة حتى يميل لك، تكرمه, تعطيه شريطاً, تقنعه بالإسلام, تقدم له هدية ليس لك مصلحة فيه, ولا يهمك أمره, ولا يقدم لك شيئاً, ولا ينفعك, لكنك ابتغيت بهذا العمل وجه الله.
جالس في بيتك، زوجتك أمامك, أولادك أمامك, بيتك مريح, وأنت مرتاح ومسرور, نهضت وارتديت ثيابك, وجئت إلى مجلس علم, على الأرض, لا يوجد شيء؛ لا كأس عصير, ولا كأس شاي, ولا مقعد مريح, ولا منظر جميل, جالس تستمع, تتعلم كلام الله, ما الذي دفعك إلى دخول هذا المسجد؟ الله عز وجل, ابحث عن عمل خالص.

على الإنسان أن يعمل للآخرة لا للدنيا فقط :


النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان ماشياً مع أصحابه, لقي قبراً, فقال: (( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم))
[ رواه ابن المبارك عن أبي هريرة ]
ما هي دنياكم؟ أراض, محاضر, مزارع, فيلات, معامل, شركات، يوجد وكلاء شركات أدوات غذائية؛ شخص في الشام ربحه بليون, هناك حجوم أرباح كبيرة جداً, والله قال لي شخص: أخذت بيتاً بمئة وخمسين مليون في الشام, إذا كان سعر بيته مئة وخمسين مليون؛ ماذا عن حق سيارته؟ نوع مصروفها؟ يأتي إنسان ليقنع إنساناً بالدين, يتعذب معه قليلاً, يتحمله, يزوره, يغريه, يقدم له هدية, يأت به إلى الجامع, كان شارداً وانضبط خير لك من الدنيا, وما فيها.
أغنى غني بالعالم ـ روتشيلد ـ كان يقرض الحكومة البريطانية, خزائنه الحديدية عبارة عن غرفة ـ ليس صندوقاً حديدياً ـ مرة دخل بطريقة, أو بأخرى, الباب أغلق عليه، صرخ, صاح, لا يوجد أمل, ثم جرح يده, وكتب: (أغنى رجل في العالم, يموت جوعاً, وعطشاً) مات ضمن خزانته الحديدية.

على الإنسان أن يبحث عن عمل ليس له علاقة بكل مصالحه :


أنا هدفي: ابحث عن عمل ليس له علاقة بكل مصالحك أبداً، سمعت عن شخص ـ أنت لست مكلفاً أن تفعل هذا الشيء ـ يقوم بخدمة المساجد خدمة صعبة جداً, لا أحد يفعلها, هو يفعلها ولا أحد يعلم به, متعبة, محرجة, يقدمها و يقول لك: هذه لله, يا ترى هل لنا عمل مثل هذا؟ نحن ضمن الدين إنسان يتكلم الناس يستمعون له، هذه الدنيا أما هكذا عمل! سراً، لا أحد يعلم به, تزور فقيراً, تؤمن له طعامه, تعود مريضاً لوجه الله, أحياناً تأتيك دعوة فرضاً خارج دمشق, مكان بعيد ـ قرية ـ على كأس شاي, والكتاب بالطريق, ولا يوجد صالة مكيفة, ولا ضيافة ثمينة جداً, ولا يوجد شيء يطرب له الإنسان, فتلبية دعوة الفقير, تأخذ من وقتك ثلاث ساعات, أربع ساعات, ساعة ذهاب, وساعة إياب, وساعة إقامة، على كأس شاي, على جلسة على كرسي خيزران في الطريق, كي تجبر خاطره لوجه الله, تلبية دعوة الفقراء من عمل الآخرة, وتلبية دعوة الأغنياء من عمل الدنيا.
إنسان له قريبة ـ ابنة أخته فرضاً ـ مسكينة, زوجها فقير, يسكنان في منطقة بعيدة, لا أحد يزورهم بسبب فقرهم، الغني إذا عطس, يأتيه مئة شخص ـ قلوبنا عندك, خير إن شاء الله ـ سافر, رجع من سفره, الجميع يزوره, كيفما تحرك الجميع يؤدي فرائض الود, والولاء, أما إذا كان الإنسان فقيراً و مرض لا أحد يخطر على باله أن يزوره, ينجب ولداً, ويموت الولد, ويسافر, ويرجع, ويعمل, ولا أحد يزوره, ولا أحد يدعوه, هل خطر في بالك أن تزور فقيراً ليس له شأن في الحياة؟ إذا زرته لا يقدم لك شيئاً, لكن أنت تُشرّفه بهذه الزيارة, نريد عملاً لوجه الله؛ عملاً تبتغي به وجه الله .
لي قريبة, لها مبلغ من المال عند الدولة ـ أسهم قديمة تأممت ومن ثم وزعوا على صغار المساهمين ـ المبلغ بمقدار الوكالة وهي مقعدة, ذهبت وأملي في المئة واحد أن يوافق الموظف, قلت له: يوجد إنسانة مقعدة في البيت, ولها مبلغ عندكم, هل من الممكن أن تذهب إلى بيتها وتعطيها المبلغ؟ يريد بصمتها وتوقيعها حتى تستطيع أن تقبض المبلغ وهي بحاجة له, قال: نعم ـ والدنيا رمضان ـ قلت له: أنا آخذك في السيارة, فلم يرض، قلت في نفسي: لا يريد أن يأتي، طلب العنوان, أخذ العنوان, والله عصراً طرق الباب: أين الحجة؟ وبصمها, وأعطاها المبلغ, ومعه الحقيبة والدفتر, قال لي: هل من الممكن أن أصلي العصر عندكم؟ قلت له: تفضل, فقلت له: هل من الممكن أن أوصلك؟ قال: لا, لم يرض أن أوصله, والسيارة موجودة, ومكانه بعيد، أحب أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله، لا أحد يفعلها, أحياناً: شخص يجلس مع شخص يعلمه القرآن ـ هو أستاذ رياضيات ـ ولا يوجد عنده وقت, وكل ساعة بألف ليرة, ورجل فقير سأله أن يعطيه عدة دروس, فأجابه: على عيني.
حدثنا أحد أخواننا ـ طبيب أسنان ـ جاءت إلى عيادته إنسانة, واجهتها كلها مشوهة, وهي معلمة, كلما تريد أن تفتح فمها, التلميذات يضحكن عليها ـ منظرها ليس مقبولاً ـ سألته: كم تكلف العملية؟ قال: تكلف ستين ألفاً فانزعجت، فقال لها: سنعمل العملية, ومن ثم نحل المشكلة, أجبرها أن تصلح أسنانها, قال لي: عملت حوالي شهرين أو ثلاثة, في تقويم أسنانها، و قلت لها: إن هذا العمل لوجه الله, قال لي: في حياتي كلها ما سعدت, وما شعرت بسرور كهذه المرة، طبعاً عنده مئة زبون, ومئة زبونة, كل واحد حسابه أربعون ألفاً, خمسون ألفاً, أما هذه لوجه الله, أحياناً تجد محامياً يدافع عن شخص فقير لوجه الله، لا يريد منه شيئاً, طبيب يعالج إنساناً لوجه الله, فهناك في الطب, في الهندسة, في التعليم, في شتى شؤون الحياة, أعمال لوجه الله .
إنسانة وهي تمشي في الطريق شاهدت سيارة صدمت سيارة ثانية فحطمتها، الذي صدم السيارة الثانية قوي ومتجبر و صاحب السيارة الثانية إنسان ضعيف يعيش منها, فصار يبكي, فقالت له: يا بني! هذه تصليحتها علي, ليس لها علاقة معه, هي تمشي في الطريق, لقيت شخصاً اعتدى على آخر, والمعتدى عليه ضعيف, والمعتدي قوي, قالت له: امش، تصليح هذه السيارة عليّ, نريد عملاً لله, ليس لك مصلحة فيه, بهذا العمل في الآخرة تفوق أغنياء العالم, تفوق أقوياء العالم, تفوق أصحاب الحظوظ في العالم. " قال له: يا معاذ, أخلص دينك, يكفك القليل من العمل".
أحياناً إنسان متعب, لا يستطيع أن يتحرك, يأتيه عمل صالح، رغم تعبه يفعله, رغم تعبه يخرج من بيته, رغم تعبه ينفق ماله, أحياناً معك مبلغ بسيط لآخر الشهر, يأتيك شخص تعطيه إياه .

الدين ليس قضية مظاهر بل علاقة متينة مع الله عز وجل :


أنا هدفي أن الدين عظيم, لا تستهلكه استهلاكاً رخيصاً, الدين ليس قضية مظاهر، قضية علاقة متينة مع الله, قضية إخلاص لله, فعلى الإنسان أن يبحث عن عمل لا يبتغي به إلا وجه الله.
((غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس و غربت))
[مسلم والنسائي عن أبي أيوب]
والله بلدنا فيه خير, تجد أناساً يبذلون من مالهم, من وقتهم, من صحتهم, أحياناً أدخل حكماً بين شخصين, مرة اختلف اثنان ـ أب وابنه ـ والله جلست معهم للساعة الثانية عشرة, أول جلسة, وثاني جلسة, الأب لم يرض ـ الأب ليس من أخواننا ـ ذهبوا إلى القضاء, في القضاء القاضي عين حكماً, أخذ مئة ألف على جلستين؛ خمسون من الأب, وخمسون من الابن, وكما حكمت حكم, الناس ماذا يقولون: ليس لنا دخل, فخار يكسر بعضه, أريد راحتي أريد .
نحن نريد هذا النمط الذي تبتغي به وجه الله، لا تبتغي سمعة, ولا ثناء, هناك أشخاص إذا عمل عملاً, لا يحب أحداً أن يعلم به, هذه لله لا يحب أحداً أن يعلم به, هذه لله:
(( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ……… وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ))
[ البخاري عن أبي هريرة]
إنسان يصلي قيام الليل, لا أحد يعلم به, هناك شخص ـ مثل جحا ـ يسهر ليلة, يريد أن ينام الليل كله, يظل يتحدث عن نفسه، ماذا فعل؟ ماذا عمل؟ لكي ينتزع إعجاب الناس, هذه شهوة, وهناك شخص يريد الله عز وجل, لا يهمه أحد, أحاديث كثيرة أخذت منها هذا الحديث: ((غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس و غربت))
[مسلم والنسائي عن أبي أيوب]



والحمد لله رب العالمين

[/BACKGROUND]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

تغريدات عن خليفة النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه


بسم الله الرحمن الرحيم
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه كنزًا من الكنوز، ادخره الله تعالى لنَبيّه صلى الله عليه وسلم، وشَرُف بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم والقرب منه حيًا وميتًا.

1 – هو عبدالله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي.
اشتُهر بأبي بكر الصديق.
ولُقّب بالصديق لسبقه لتصديق النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء.

2- غلب عليه كذلك اسم عتيق، وذلك لمّا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت عتيق الله من النار » (رواه ابن حبان).

3- اشتُهر والده عثمان بأبي قُحافة، وأسلم عثمان رضي الله عنه يوم فتح مكة، وعمره قريب من ٩٠ سنة.

4- أمه هي سلمى بنت صخر بن مالك، وتُكنى أم الخير. وأسلمت سلمى في بداية أمر الإسلام رضي الله عنها.

5- يجتمع نسب أبي بكر الصديق مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في مُرة بن كعب، وعدد آبائهما إلى مُرة سواء.

6- وُلد أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، فهو أصغر من الرسول صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف.

7- أما صفته رضي الله عنه، فقد كان: أبيضًا نحيفًا شديد النحافة، خفيف اللحم، لا يستمسك إزاره من نحافته.

8- قال صلى الله عليه وسلم: «مَن جَرَّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة »، فقال أبو بكر: يارسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي…(1/2)

9- … إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لست ممن يصنعه خُيلاء». وهذه تزكية عظيمة منه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. (2/2)

10- من صفته رضي الله عنه أنه: غائر العينين، ناتئ الجبهة -أي بارزة- وكان معروق الوجه -أي قليل اللحم- دقيق الساقين.

11- وكان حسن القامة ليس بالطويل وليس بالقصير عاري الأشاجع -أي مفاصل الأصابع قليلة اللحم- خفيف العارضين يخضب لحيته بالحناء.

12- رغم نحافته الشديدة رضي الله عنه، كان أفضل الأمة بعد نبيِّها صلى الله عليه وسلم.
وكان من أنسب قريش.
والنسّابة هو البليغ العلم بالأنساب .

13- ومن صفاته رضي الله عنه أنه رجل أَسِيف -أي سريع البكاء والحُزن .
كان رقيق القلب لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن.

14- قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أبا بكر رجُلٌ رقيق القلب إذا قرأ القرآن لا يَملك عينيه (متفق عليه).

15- وكان رضي الله عنه رجُلًا مُؤلفًا لقومه مُحببًا سهلًا. وكان تاجرًا ذا خُلُق ومعروف وكان قومه يألفونه لعلمه وحسن مجالسته.

16- ولم يشرب الخمر لا في الجاهلية ولا في الإسلام، وما سجد لصنم قط. تزوج رضي الله عنه عدة زوجات في الجاهلية والإسلام.

17- من زوجاته:
1) قُتيلة بنت عبدالعُزى، ورُزق منها: عبدالله – وأسماء.
وطلقها أبو بكر في الجاهلية، ولم يثبت لها إسلامًا.

18- ومن زوجاته:
2) أم رُومان بنت عامر رضي الله عنها أسلمت في أول الإسلام.
ورُزق منها: عبدالرحمن، وعائشة.

19- ومن زوجاته:
3) أسماء بنت عُميس الخثعمية رضي الله عنها، وكانت زوجة جعفر فاستُشهد عنها يوم مُؤتة.
ورُزق منها: محمد.

20- ومن زوجاته:
4) حبيبة بنت خارجة الأنصارية رضي الله عنها. ورُزق منها: أم كلثوم
وولدت أم كلثوم بعد وفاة أبيها.

21- ومن زوجاته:
5) أم بكر:
قالت عائشة : إن أبا بكر تزوج امرأة من كلب يُقال لها: أم بكر فلما هاجر أبوبكر طلقها (رواه البخاري ).

22- وكان رضي الله عنه صاحبًا للنبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، وكان يعرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته، فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم انطلق رجالًا من قريش…(1/6)

23- … إلى أبي بكر الصديق وقالوا له: يا أبابكر إن صاحبك!
قال: ما شأنه؟
قالوا: هو ذاك في المسجد يدعو إلى عبادة إله واحد…(2/6)

24- … ويزعم أنه نبي.
فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطرق عليه بابه، فلما ظهر له النبي صلى الله عليه وسلم…(3/6)

25- … قال له: يا أبا القاسم ما الذي بلغني عنك؟
فقال صلى الله عليه وسلم: «وما بلغك عني يا أبا بكر؟»
قال: بلغني أنك تدعو إلى توحيد الله…(4/6)

26- … وزعمت أنك نبي.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم يا أبا بكر، إن ربي جعلني بشيرًا ونذيرًا، وأرسلني إلى الناس جميعًا»…(5/6)

27- … فقال: والله ما جربت عليك كذبًا، وإنك لخليق بالرسالة لعظم أمانتك، وصلتك للرحم، وحسن فعالك، مُد يدك فإني مُبايعك.(6/6)

28- هكذا أسلم أبوبكر الصديق رضي الله عنه بلا تردد، ولا نقاش، بلا طلب للمعجزات، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمَّاه الصِّدِّيق.

29- حديث: "ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت عنده كَبوة وتردد إلا أبا بكر.. إلخ" (رواه الديلمي في مسنده وهو حديث ضعيف).

30- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبوبكر: صدق، وواساني بنفسه وماله» (رواه البخاري ).

31- قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "اتفق الجمهور على أن أبابكر الصديق رضي الله عنه أول مَن أسلم من الرجال".

32- قال عمار بن ياسر: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبُد وامرأتان وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين" (رواه البخاري ).

33- الأعبُد هم: بلال، وزيد بن حارثة، وعامر بن فُهيرة، وأبو فُكيهة مولى صفوان بن أمية، وشُقران.

34- وأما المرأتان فهما: خديجة بنت خُويلد والأخرى أم أيمن بركة الحبشية حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن تكون الأخرى سُمية أم عمار.

35- قال حسان بن ثابت: إذا تذكرت شجوًا من أخي ثقة *** فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلاَ (1/3)

36- خير البرية أتقاها وأعدلها *** بعد النبي وأوفاها بما حملاَ (2/3)

37- الثاني التالي المحمود مشهده *** وأول الناس منهم صدَّق الرُسُلاَ (3/3).

38- بدأ أبو بكر الصديق رضي الله عنه يدعو إلى الله وإلى الإسلام مَن يثق به من قومه ممن يَغشاه ويَجلس إليه.

39- فأسلم على يديه رضي الله عنه: عثمان بن عفان، الزبير بن العوام، عبدالرحمن بن عوف، سعد بن أبي وقاص، طلحة بن عُبيدالله، وغيرهم.

40- وكان أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه من أشد الناس دفاعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، والقصص في ذلك كثيرة جدًا.

41- قال أنس: لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غُشي عليه، فقام أبوبكر الصديق فجعل يُنادي: ويلكم أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله.

42- وكان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أموالٌ عظيمة، أنفقها كلها في سبيل الله، ومن ذلك تحرير العبيد المسلمين.

43- من هؤلاء العبيد الذين حرَّرهم أبوبكر الصديق بماله الخاص: بلال بن رباح، عامر بن فُهيرة، أبو فُكيهة مولى صفوان بن أمية.

44- قال أبو قُحافة والد أبي بكر الصديق لولده أبي بكر: أراك تُعتق رقابًا ضعافًا، فلو أنك أعتقت رجالًا جلدًا يقومون دونك…(1/2)

45- (2/2) فقال أبو بكر رضي الله عنه: "يا أبتِ إني أُريد ما أُريد لله عز وجل". يعني لا أُعتقهم إلا لله وحده، لا أريد منهم شيئًا.

46- فنزل فيه رضي الله عنه قوله تعالى: {فأما من أعطى واتقَى . وصدَّق بالحسنى . فسنيسره لليسرى} [الليل:5-7]، إلى قوله {ولسوف يرضى} [الليل:21].

47- ولما اشتد العذاب على المسلمين بمكة، استأذن أبوبكر الصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة، فأذن له صلى الله عليه وسلم.

48- خرج رضي الله عنه من مكة مُهاجرًا إلى الحبشة فلما وصل إلى منطقة برك الغماد باليمن، لقيه ابن الدُّغنَّة سيد قبيلة القارة

49- فقال: أين تُريد يا أبا بكر؟
قال: أخرجني قومي -أي تسببوا بإخراجي بسبب العذاب- وأُريد أن أسيح في الأرض أعبد الله.

50- فقال ابن الدُّغنَّة: إن مثلك لا يَخرج ولا يُخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتُقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق.

51- هذه الصفات لأبي بكر الصديق رضي الله عنه هي نفس الصفات التي وصفت بها خديجة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي.

52- ثم قال ابن الدُّغنَّة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: ارجع واعبد ربك ببلدك فأنا لك جار -يعني حامٍ لك-.

53- ورجع وارتحل ابن الدُّغنَّة مع أبي بكر الصديق، وأخبرهم أن أبا بكر الصديق في جواره، فلم تُكذب قريش جواره.

54- وقالت قريش لابن الدُّغنَّة: مُر أبا بكر يعبد ربه في بيته، ولا يستعلن به علينا، فإنَّا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا.

55- ولبث أبوبكر الصديق رضي الله عنه لذلك يعبد ربه في بيته ولا يستعلن بصلاته، ولا يقرأ القرآن في غير بيته.

56- ثم بَنى أبو بكر الصديق مسجدًا صغيرًا بفناء بيته -أي أمام بيته- وكان يُصلي فيه ويقرأ القرآن فيه.

57- فهو أول مَن بَنى مسجدًا في الإسلام.
خافت قريش من بناء المسجد الذي بناه أبوبكر الصديق، وأخبرت ابن الدُّغنَّة فرد جواره

58- وهكذا رد أبوبكر الصديق جوار ابن الدُّغنَّة، وبقي رضي الله عنه في مكة، ولم يخرج منها إلى وقت الهجرة إلى المدينة.

59- ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة وهاجر كل مَن يستطيع الهجرة، جاء أبو بكر الصديق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه بالهجرة

60- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «على رِسلك» -يعني على مهلك- «لعل الله أن يَجعل لك صاحبًا».
يقصد النبي صلى الله عليه وسلم بالصاحب نفسه صلى الله عليه وسلم.

61- وفي رواية ابن إسحاق في السيرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصِّديق: «لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبًا».

62- فأعدَّ أبو بكر الصديق راحلتين له وللنبي صلى الله عليه وسلم، فلما أذن الله لنَبيِّه صلى الله عليه وسلم بالهجرة، قال صلى الله عليه وسلم لجبريل: «مَن يُهاجر معي؟»

63- قال جبريل عليه السلام: "أبوبكر الصديق" (رواه الحاكم في المستدرك)
ذهب صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وأخبره أن الله قد أذن له بالهجرة.

64- فقال أبو بكر الصديق للنبي صلى الله عليه وسلم: الصُحبة يا رسول الله -يعني أنا سأكون صاحبك بالهجرة- فقال صلى الله عليه وسلم: «الصُحبة».

65- فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه فرحًا بصُحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة.

66- أعدَّ أبو بكر رضي الله عنه عُدته للهجرة، وأخذ معه كل ماله وأنفقه على النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته

67- وفي الليل خرج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبوبكر الصديق، وتوجها إلى غار ثور واختبآ فيه.
أقام صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبوبكر في الغار ثلاثة أيام.

68- وكان عبدالله بن أبي بكر يأتيهما كل ليلة ويُخبرهم خبر قريش
وكان عامر بن فُهيرة مولى الصديق يأتيهما كل ليلة ويسقيهما اللبن.

69- وكانت أسماء بنت أبي بكر الصديق تأتيهما كل ليلة بالطعام، فنرى أن أبا بكر سخّر كل ما يملك من مال وولد ومولى لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

70- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر الصديق».
فبكى أبو بكر وقال: "وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله".

71- بدأ كفار قريش يبحثون عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في كل مكان حتى وصلت مجموعة من كفار قريش إلى غار ثور الذي اختبأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه.

72- فسمع أبوبكر الصديق أصواتهم، فخاف رضي الله عنه، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا".

73- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بكل ثقة بنصر الله له: «لا تحزن إنّ الله معنا».
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يُنزل السكينة على قلب أبي بكر.

74- فأنزل الله سكينته على أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، فهدأ روعه واطمأن قلبه.

75- وأنزل الله في هذا الموطن قوله تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار} [التوبة من الآية:40]

76- {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه} [التوبة من الآية:40].

77- وهذا من أعظم مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، إذ أثبت الله له الصُحبة لنَبيِّه صلى الله عليه وسلم بنص القرآن.

78- هؤلاء الكفار الذين وصلوا إلى غار ثور، لم يتكلف واحد منهم أن ينظر داخل الغار، صرف الله قلوبهم عن ذلك، ثم رجعوا.

79- رواية نسج العنكبوت على فم الغار، وبيض الحمامة أخرجها الإمام أحمد في مُسنده بإسناد ضعيف، فلا تصح هذه الرواية.

80- أقام النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصِّدّيق في الغار ثلاث ليالٍ، فلما خَمدت عنهما نار الطلب، وسكن عنهما الناس خرجا وتوجها إلى المدينة.

81- سار هذا الموكب المبارك إلى المدينة: (النبي ، أبوبكر الصديق، عامر بن فُهيرة يَخدمهم في الطريق، الدليل عبدالله بن أُريقط).

82- لم تَعرف الدني مَوكبًا أنبل منه قصدًا، وأبعد غاية، وأخلص نيَّة، وأعمق في الأرض أثرًا من موكب النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته.

83- وصل النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه إلى المدينة المنورة بحفظ الله ورعايته له، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مُردفًا أبا بكر الصديق معه على ناقته.

84- لما استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد هجرته، بدأ عهد جديد من البذل والعطاء لتبليغ دين الله، وكان لأبي بكر دور بارز في ذلك.

85- شارك أبوبكر الصديق رضي الله عنه في كل غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يَتخلَّف عن أي مشهد شهده النبي صلى الله عليه وسلم.

86- في غزوة بدر الكبرى كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في العريش الذي بُني للنبي صلى الله عليه وسلم.

87- قال علي بن أبي طالب: "جعلنا للنبي صلى الله عليه وسلم عريشًا فوالله ما دنا منّا أحد إلا أبوبكر شاهرًا بالسيف على رأسه صلى الله عليه وسلم لا يَهوي إليه أحد".

88- ولما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر الابتهال والتضرع لربه، وسقط رداؤه صلى الله عليه وسلم من شدة تضرعه لربه، جعل أبوبكر يلتزمه ويُسوِّي عليه رداءه..(1/2)

89-(2/2).. ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم: يارسول الله بَعِّض -أي خفِّف- مناشدتك ربك، فإنه سيُنجر لك ما وعدك.

90- قال الحافظ ابن كثير : "وكان أبوبكر الصّدِّيق رضي الله عنه رقيق القلب ، شديد الإشفاق على رسول الله صلى الله عليه وسلم".

91- وفي شأن أسرى غزوة بدر الكبرى استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ما يفعل بهم، هل يقتلهم أم يأخذ منهم الفداء؟

92- فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: يانبي الله هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم..(1/2)

93-(2/2).. قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم للإسلام، فيكونوا لنا عضُدًا.
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

94- وفي غزوة أُحُد ثبت أبوبكر الصديق مع النبي صلى الله عليه وسلم ثباتًا عظيمًا، ولم يفر، وثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق رُغم الخوف الشديد.

95- وفي غزوة بني المصطلق عندما وقع حادث الإفك، وانقطع الوحي شهرًا كاملًا، ووقع بعض الصحابة الصادقين بهذه الفتنة ..(1/3)

96-(2/3).. وكان من بين الذين وقعوا في هذه الفتنة ابن خالة أبي بكر الصديق مسطح بن أُثاثة رضي الله عنه، وكان مسطح من المهاجرين..

97-(3/3).. الأولين، وممن شهد غزوة بدر الكبرى، وكان فقيرًا، وكان أبوبكر الصديق يُنفق عليه لقرابته منه وفقره.

98- فلما برَّأ الله عائشة رضي الله عنها، قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: والله لا أنفق على مسطح نفقة واحدة بعد اليوم.

99- فنزل قوله تعالى في الصديق: {ولا يَأْتَلِ أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله} [النور من الآية:22].

100- {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} [النور من آية:22]، ولا يأتل: يعني ولا يحلف.

101- فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: بلى والله إني أُحب أن يغفر الله لي، وأرجع إلى مسطح النفقة التي كان يُنفقها عليه..(1/5)

102-(2/5).. وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه عظيم الثقة بالنبي صلى الله عليه وسلم ففي غزوة الحُديبية لما ثقُلت على المسلمين شروط صلح الحُديبية..

103-(3/5).. والتي في ظاهرها نصر للمشركين، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر الصديق: يا أبا بكر ألسنا على الحق؟..

104- (4/5).. قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
قال: بلى، قال عمر: فَلِمَ نُعطي الدنية في ديننا؟..

105-(5/5).. فقال أبوبكر رضي الله عنه: يا عمر إنه رسول الله، وليس يَعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق.

106- وفي هذا الحديث دلالة على أن أبا بكر كان أكمل الصحابة وأعرفهم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأعلمهم بأمور الدين وأشدهم موافقة لأمر الله.

107- وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه من أعظم الصحابة في الحرص على فعل الخيرات والتنافس فيها، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة ..(1/4)

108-(2/4)..على الصدقة يومًا فقال عمر رضي الله عنه: اليوم، أسبق أبا بكر الصديق، فجاء عمر بنصف ماله فقال له صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟»..

109-(3/4).. قال عمر: مثله، فجاء أبو بكر بكل ماله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله..

110-(4/4).. فقال عمر رضي الله عنه: والله لا أسابقك إلى شيء أبدًا.
هكذا كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه.

111- قال النبي صلى الله عليه وسلم يومًا في عبدالله بن مسعود: «مَن سرَّه أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد».

112- فلما سمع عمر بن الخطاب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله لأغدون إلى ابن مسعود فأُخبره -وهذا من حرصه لحب الخير لابن مسعود-.

113- فذهب عمر لابن مسعود ليُبشِّره بكلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي قاله فيه، وإذا به يجد أبا بكر الصديق سبقه إليه وبشَّره..(1/2)

114-(2/2).. فلما رأى عمر ذلك، قال: والله ما سابقت أبا بكر الصديق إلى خير قط إلا سبقني إليه.

115- روى الإمام أحمد في الفضائل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "إن أبا بكر الصِّدِّيق كان سابقًا مُبَرَّزًا".

116- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟»
قال أبو بكر: أنا.
قال صلى الله عليه وسلم: «مَن تبع منكم اليوم جنازة؟»..(1/3)

117-(2/3).. قال أبو بكر: أنا
قال صلى الله عليه وسلم: «مَن أطعم منكم اليوم مسكينًا ؟»
قال أبو بكر: أنا
قال صلى الله عليه وسلم: «مَن عاد منكم اليوم مريضًا ؟»..

118-(3/3).. قال أبوبكر: أنا.
فقال صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة » (رواه مسلم).

119- وكان رضي الله عنه مُسدَّدا لقوة تقواه، وصدقه، وإخلاصه.
قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَمَنَّ الناس عليَّ في صُحبته وماله أبوبكر».

120- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كان أبوبكر الصدِّيق أحبَّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان خيرنا وسيِّدنا" (رواه البخاري ).

121- جاء في فضله أحاديث كثيرة منها:
قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبوبكر: صدقت وواساني بنفسه وماله».

122- قال عمرو بن العاص للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟
قال صلى الله عليه وسلم: «عائشة ».
قال: فمن الرجال؟
قال صلى الله عليه وسلم: «أبوها».

123- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: «أما إنك أول مَن يدخل الجنة من أمتي» (رواه الإمام أحمد في الفضائل).

124- قال أبو موسى للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هذا أبو بكر الصديق يستأذن.
فقال له صلى الله عليه وسلم: «ائذن له وبشِّره بالجنة» (متفق عليه).

125- قال صلى الله عليه وسلم: «إن أمَنَّ الناس عليَّ في صُحبته وماله أبوبكر، ولو كُنتُ مُتخذًا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر» (متفق عليه).

126- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبوبكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعليّ في الجنة …» ثم ذكر صلى الله عليه وسلم بقية العشرة.

127- قال صلى الله عليه وسلم: «مَن أنفق زوجين في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة ، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومَن كان من..(1/3)

128-(2/3).. أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومَن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومَن كان من أهل الصيام دُعي من باب..

129-(3/3)..الريان» فقال أبو بكر: يا رسول الله هل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟
فقال صلى الله عليه وسلم: «نعم وأرجو أن تكون منهم».

130- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "وليس فيكم مَن تُقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر الصِّدِّيق" (رواه البخاري ).

131- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أفضل هذه الأمة بعد نَبيِّها صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصِّدِّيق" (رواه أحمد).

132- وكان أبو بكر الصِّدِّيق حافظًا لكتاب الله تعالى.
قال النووي: "أبوبكر الصديق أحدُ الصحابة الذين حفظُوا القرآن كله".

133- وقال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر من كثير من الأحاديث أن أبا بكر كان يحفظ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم".

134- من أدلة حفظ أبي بكر الصديق القرآن كاملًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر الصديق أن يؤمَّ الناس في مرض موته صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم..(1/2)

135-(2/2).. «يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله» (رواه مسلم).
وكان رضي الله عنه أعلم الصحابة على الإطلاق، والأدلة على ذلك كثيرة.

136- وفي مرض النبي صلى الله عليه وسلم كان أبوبكر الصديق قريبًا من النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال صلى الله عليه وسلم: «لا يَبقين في المسجد باب إلا سُدَّ إلا باب أبي بكر».

137- وكان موقف الصِّدِّيق رضي الله عنه يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم موقفًا عظيمًا حفظ الله به الدين، فقد اهتزَّ الصحابة وزُلزِلوا.

138- وكان عُمر رضي الله عنه يُهدِّد مَن يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات، فجاء أبوبكر رضي الله عنه وكان غائبًا، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم..(1/10)

139-(2/10).. وكشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم -وكان مُغطى- ثم أكبَّ عليه وقبَّله، ثم بكى، وقال: "بأبي أنت وأمي يانبي الله، طِبتَ حيًّا..

140-(3/10).. وميتًا، والله لا يجمع الله عليك موتتين، أمَّا الموتة التي كُتبت عليك فقد مُتّها، ثم لن تُصيبك بعدها موتة أبدًا".

141-(4/10).. ثم خرج رضي الله عنه على الناس، وإذا به يرى عمر رضي الله عنه يخطب في الناس يقول: مَن قال إن رسول الله مات ضربت..

142-(5/10).. عنقه بالسيف، فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: على رِسلك -يعني على مهلك- ياعمر، فأبى عمر أن يسكت من شدة الصدمة..

143-(6/10).. بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبوبكر على الناس، وبدأ يخطب فيهم فقال:
"أيها الناس من كان يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد مات..

144-(7/10).. ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت، وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قُتل انقلبتم على..

145-(8/10).. أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزي الله الشاكرين}.
فلما سمع الناس هذه الآية من أبي بكر الصديق..

146-(9/10).. اشتد بكاؤهم وكأنهم يسمعونها لأول مرة.
قال عمر رضي الله عنه: والله ما هو إلا أن سمعت أبابكر تلا هذه الآية حتى هويت..

147-(10/10).. إلى الأرض، وقلت أهذه الآية في كتاب الله.
هكذا من شدة صدمته رضي الله عنه بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم نسى هذه الآية.

148- قال ابن عباس رضي الله عنهما: "والله لكأنَّ الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبوبكر الصديق".

149- قال أحمد شوقي رحمه الله: وما بلاءُ أبي بكر بمُتَّهمٍ *** بعد الجَلائِلِ في الأفعال والخِدَمِ

150- بالحَزمِ والعَزمِ حَاطَ الدين في مِحَنٍ *** أضلَّت الحِلم من كَهْلٍ ومُحتلِمِ

151- وحِدنَ بالراشد الفاروق عن رَشَد *** في الموت وهو يَقينٌ غير مُنبهم

152- يُجادِلُ القومَ مُستلًا مُهنَّده *** في أعظم الرُسْلِ قَدرًا كيف لم يَدُم

153- لا تعذِلُوهُ إذ طاف الذُهُولُ به *** مات الحبيبُ فضَلَّ الصَّبُّ عن رَغَمِ

154- ماذا يكون لو لم يأتِ أبوبكر الصدِّيِّق في هذه اللحظة الحاسمة؟
ماذا يكون لو استمر عمر رضي الله عنه بموقفه هذا؟

155- سبحان مَن ثَبَّت أبا بكر الصِّدِّيق هذا الثبات العظيم في أعظم موقف مرَّ على الإسلام والمسلمين، وهو موت
النبي صلى الله عليه وسلم.

156- لم يُذهِب الحُزْن بلُبِّهِ، ولم تُنْسه المصيبة رُغم شدِّتها ما عرف من الحق -وهو أنه صلى الله عليه وسلم سيموت- فقام في الصحابة ذلك..(1/2)

157-(2/2).. المقام العظيم، فعلم الصحابة أن الذي يقوله أبوبكر هو الحق، وأنه أعلم الناس، وأربطهم جأشًا، وأنفذهم بصيرة.

158- اجتمع الأنصار رضي الله عنهم في سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال عمر بن الخطاب لأبي بكر الصديق..(1/2)

159-(2/2)..انْطَلِقْ بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نَؤُمُهم، ومعنا أبو عُبيدة بن الجراح رضي الله عنه.

160- فلما وصلوا إلى سقيفة بني ساعدة وإذا الأنصار مجتمعون، وعلى رأسهم سيد الأنصار سعد بن عُبادة رضي الله عنه.

161- فلما اجتمع بهم أبوبكر وعمر وأبو عُبيدة رضي الله عنهم، تكلم خطيب الأنصار ثابت بن قيس رضي الله عنه حتى فرغ من كلامه.

162- قال عمر: فلما فرغ من كلامه أردت أن أتكلم، وكنت قد هيأت مقالة أُريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر الصديق..(1/9)

163-(2/9) فقال لي أبوبكر: على رِسلك.
قال عمر: فتكلم أبوبكر، فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة كنت أريد أن..

164-(3/9).. أقولها إلا قال في بديهيته مثلها، أو أفضل منها.
فكان مما قال أبو بكر: أيها الناس نحن المهاجرون أول الناس إسلامًا..

165-(4/9)..وأكرمهم أحسابًا، وأوسطهم دارًا، وأحسنهم وجوهًا -أي مكانة- وأكثرهم ولادة في العرب، وأمسهم رحمًا برسول الله صلى الله عليه وسلم..

166-(5/9).. أسلمنا قبلكم، وقُدِّمنا في القرآن قبلكم، فقال تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} [التوبة من الآية:100]

167-(6/9).. فنحن المهاجرون وأنتم الأنصار، إخواننا في الدين، وشُركاؤنا في الفيء، وأنصارنا على العدو، آويتم وواسيتم..

168-(7/9).. فجزاكم الله خيرًا، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، ولن يُعرف هذا الأمر -أي أمر الخلافة- إلا لهذا الحي من قريش..

169-(8/9).. هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، ولقد علمتَ يا سعد -بن عُبادة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد: «قريش وُلاة هذا الأمر..

170-(9/9).. فبرُّ الناس تبع لبرِّهم، وفاجرهم تبعٌ لفاجرهم».
فقال سعد بن عبادة رضي الله عنه: صدقت.

171- ثم قال أبوبكر الصديق: وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيد عمر، وبيد أبي عبيدة.

172- قال عمر: فوالله ما كرهت من كلام أبي بكر إلا هذه، ووالله لئن تُضرب عُنقي لا يُقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن..(1/3)

173-(2/3).. أتأمر على قوم فيهم أبوبكر.
ثم قال عمر رضي الله عنه: يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبوبكر..

174-(3/3).. أن يَؤُم الناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبابكر الصديق؟
قالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر الصديق.

175- وفي رواية أخرى قال عمر: مَن له هذه الثلاثة؟
{إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة من الآية40]، مع من؟

176- ثم قال عمر رضي الله عنه: "أبسط يدك يا أبا بكر"، فبسط يده، فبايعه عمر وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار.

177- وهكذا استقر الأمر على بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك في يوم الاثنين 12ربيع الأول سنة 11هـ يوم وفاة النبي .

178- فلما كان صبيحة يوم الثلاثاء اجتمع الناس في المسجد النبوي لبيعة أبي بكر الصديق البيعة العامة.

179- فبايعه الصحابة قاطبة المهاجرون والأنصار، وذلك قبل دفن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم جاء علي والزبير وطلحة وبايعوا أبا بكر الصديق.

180- روى الإمام أحمد في الفضائل عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: لما بُويع لأبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان علي والزبير بن العوام..(1/7)

181-(2/7).. يدخلان على فاطمة فيُشاورانها، فبلغ عمر، فدخل على فاطمة، فقال لها:
يا بنت رسول الله ما أحدٌ من الخلق أحب إلينا..

182-(3/7).. من أبيكِ، وما أحدٌ من الخلق بعد أبيكِ أحب إلينا منك، وكلمها -في أمر بيعة أبي بكر- فدخل علي والزبير على فاطمة..

183-(4/7).. فقالت لهما: انصرفا راشدين، فما رجعا إليها حتى بايعا.
قال الحافظ ابن كثير : وهذا اللائق بعلي رضي الله عنه..

184-(5/7).. والذي تدل عليه الآثار من شهوده رضي الله عنه مع أبي بكر الصديق الصلوات، وخروجه معه إلى ذي القصَّة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم..

185-(6/7).. وبذله له النصيحة والمشورة بين يديه
وأما ما وقع في الصحيحين من مُبايعة علي لأبي بكر بعد موت فاطمة، وذلك بعد..

186-(7/7).. ستة أشهر من وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم، فذلك محمول على تجديد البيعة ، وهذا هو المظنون به رضي الله عنه.

187- وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وأما بيعة علي رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها..(1/2)

188-(2/2).. فكانت بيعة ثانية مُؤكدة للأولى.
وهكذا تمت البيعة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، واستقرت الأمور، والحمد لله.

189- لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب قاطبة إلا مكة والمدينة والطائف والأحساء.
قالت عائشة رضي الله عنه: لما قُبض النبي صلى الله عليه وسلم..(1/2)

190-(2/2).. ارتدت العرب قاطبة، وظهر النفاق .
وصار المسلمون كالشعرة البيضاء في ظهر الثور الأسود، قليلون جدًا أمام مَن ارتد.

191- أول عمل قام به أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد توليه الخلافة هو:
إنفاذ جيش أسامة الذي جهّزه النبي صلى الله عليه وسلم قُبيل وفاته..(1/2)

192-(2/2).. بيومين، وكان أسامة قد خرج بجيشه من المدينة، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم رجع أسامة بجيشه إلى المدينة.

193- فلما ارتدت العرب، وعظُم الخطب، واشتد الحال، وظهر النفاق ، أخذ خليفة النبي صلى الله عليه وسلم يُشاور الصحابة في جيش أسامة.

194- فأجمع الصحابة على إبقاء جيش أسامة في المدينة ولا يخرج، لأنه القوة الوحيدة التي كانت عند المسلمين بعد الردة.

195- فرفض خليفة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رفضًا قاطعًا، وقال قولته الشهيرة:
والذي لا إله غيره لو جرت الكلاب بأرجل أمهات المؤمنين..(1/6)

196-(2/6).. ما أوقفت جيشًا سيَّره النبي صلى الله عليه وسلم، ولا حللت لواء عقده النبي صلى الله عليه وسلم.
وفعلًا خرج جيش أسامة رضي الله عنه، وخرج معه خليفة..

197-(3/6).. النبي صلى الله عليه وسلم يمشي على رجليه يُودع جيش أسامة ويُوصيه، فقال أسامة:
ياخليفة رسول الله، والله لتركبن أو لأنزلن..

198-(4/6).. فقال أبو بكر: والله لا تنزل ولا أركب، وما علي أن أُغبِّر قدمي في سبيل الله.
فكان خروج جيش أسامة في ذلك الوقت ..

199-(5/6).. من أكبر المصالح.
خرج جيش أسامة، فكان لا يمر على حي من أحياء العرب إلا أُرعبوا منهم، وقالوا:
والله ما خرج هؤلاء..

200-(6/6) إلا وعندهم قوة
فلما أنفذ أبو بكر جيش أسامة قلَّ الجُند عند أبي بكر فطمعت الأعراب القريبة من المدينة في غزوها.

201- جعل أبوبكر الصديق رضي الله عنه على أنقاب المدينة حُرَّاسًا، وجعل عليهم أمراء، فمن الأمراء الذين جعلهم أبو بكر..(1/2)

202-(2/2)..
1- علي بن أبي طالب
٢- الزبير بن العوام
٣- طلحة بن عُبيد الله
٤- سعد بن أبي وقاص
٥- عبدالرحمن بن عوف
٦- ابن مسعود

203- جعلت وفود العرب تَقْدُم المدينة للقاء أبي بكر الصديق يُقرُّون بالصلاة، ويمتنعون عن أداء الزكاة .

204- فقال الصحابة لأبي بكر الصديق:
نتركهم وما هم عليه من منع الزكاة ، ونتألفهم حتى يتمكن الإيمان من قلوبهم، ثم يُزكُّون.

205- فرفض أبوبكر الصديق ذلك رفضًا قاطعًا، وقال له عمر رضي الله عنه:
علام نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن..(1/8)

206-(2/8).. أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم..»، ثم قال..

207-(3/8).. عمر رضي الله عنه لأبي بكر: "تألف الناس يا خليفة رسول الله وارفق بهم".
فقال أبوبكر لعمر رضي الله عنهما:..

208-(4/8).. "رجوت نُصرتك، وجئتني بخُذلانك، أجبار في الجاهلية خوَّار في الإسلام، إنه قد انقطع الوحي، وتم الدين، والله..

209-(5/8).. لأقاتلنَّ مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا -هي أنثى ولد الماعز- كانوا..

210-(6/8).. يُؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.
قال عمر: فوالله ماهو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال..

211-(7/8).. فعرفت أنه الحق.
قال الحافظ في الفتح: وفي هذه القصة دليل على أن السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة ، ويطَّلع..

212-(8/8).. عليها آحادهم، ولهذا لا يُلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تُخالفها، ولا يُقال كيف خفي ذا على فلان؟

213- وقال الحافظ ابن كثير : استطاع أبوبكر الصديق رضي الله عنه أن يرد شارد الدين بعد ذهابه، وأرجع الحق إلى نصابه.

214- ومن أعمال أبي بكر الصديق العظيمة جمعه للقرآن، وذلك بعد أن كثُر القتل في حفظة القرآن في معركة اليمامة الشهيرة.

215- فأمر زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه بأن يجمع القرآن من حفظته، فجُمع القرآن وحُفظ من حفظته، فحُفظ من الذهاب.

216- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبوبكر الصديق، كان أول من جمع القرآن بين اللوحين.

217- قال الحافظ ابن حجر: وما فعله أبوبكر رضي الله عنه يُعدُّ في فضائله، ويُنوه بعظيم منقبته رضي الله عنه لثبوت قول..(1/2)

218-(2/2).. النبي صلى الله عليه وسلم: «من سنَّ سُنة حسنة فله أجرها وأجر من عَمل بها».
فما جمع القرآن أحد بعده إلا كان له مثل أجره إلى يوم القيامة

219- وبعد أن تمهَّدت جزيرة العرب، وطهَّرها أبوبكر الصديق من أمر المرتدين، حرَّك جيوشه لغزو الروم.

220- وبدأت الفتوحات الإسلامية في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفُتح جزءٌ كبيرٌ من أرض الشام حتى جاءت معركة اليرموك.

221- وخلال معركة اليرموك تُوفي أبوبكر الصديق رضي الله عنه.
وكان قد مرض رضي الله عنه 15 يومًا قبل وفاته، لا يخرج إلى الصلاة

222- وكان قد أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يُصلي بالناس.
وقبل وفاته رضي الله عنه أوصى بتركته إلى الخليفة بعده.

223- قالت عائشة رضي الله عنها:
لما مرض أبوبكر مرضه الذي مات فيه قال: انظروا ما زاد من مالي منذ دخلت الإمارة فابعثوا به..(1/2)

224-(2/2).. إلى الخليفة بعدي.
قالت عائشة : فلما مات نظرنا فإذا عبد كان يحمل صبيانه، وناضح -أي ناقة- كان يسقي بستانًا له.

225- فبعثوا بها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبكى عمر وقال:
رحمة الله على أبي بكر، لقد أتعب من بعده تعبًا شديدًا.

226- ثم جاء يوم الاثنين لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة 13 هـ، وهو اليوم الذي تُوفي فيه أبوبكر الصديق رضي الله عنه.

227- قالت عائشة : قال لي أبو بكر: أي يوم تُوفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قالت: يوم الاثنين.
قال: إني لأرجو أن أموت فيه..(1/2)

228-(2/2).. فمات يوم الاثنين عشية، وعمره 63 سنة، وهو نفس عمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ودُفن بجوار النبي صلى الله عليه وسلم، وجُعل رأسه عند كتفي النبي صلى الله عليه وسلم.

229- توفي رضي الله عنه في نفس اليوم والعمر الذي توفي فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجمع الله بينهما في التربة كما جمع بينهما في الحياة

230- كان ابن عباس إذا ذُكر عنده أبو بكر الصديق قال:
كان ثاني 2 إذ هما في الغار، وثاني 2 في العيش، وثاني 2 في القبر .

231- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنَّك يا أبا بكْرٍ أوَّلُ مَن يَدْخُلُ الجن َّةَ مِن أُمَّتي» (رواه الإمام أحمد في الفضائل).

الحمد لله الذي أعان على ختم سيرة أفضل هذه الأمة بعد نبيِّها أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وأسأل الله أن يجمعنا به في دار كرامته.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على كرسي ؟ – في الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلس على كرسيٍ ؟
الجواب :
الحمد لله
كان حال النبي صلى الله عليه وسلم على الغاية في التواضع للخلق ، والعبودية لله رب العالمين ، روى أحمد (7160) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : ( إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ ، قَبْلَ السَّاعَةِ )، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ : ( يَا مُحَمَّدُ ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ : أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا ؟ ) ،، قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: ( بَلْ عَبْدًا رَسُولًا ) " .
قال محققو مسند أحمد : " إسناده صحيح على شرط الشيخين " .
وكان يجلس على الأرض ، ويأكل على الأرض .
روى الطبراني في " الكبير" (12494) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ ، [أي : يمسكها ليحلبها] وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ ) وصححه الألباني في " الصحيحة " (2125) .
وروى البغوي في " شرح السنة " (11/ 287) عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُلْ ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ، مُتَّكِئًا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكَ ، فَأَصْغَى بِرَأْسِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ تُصِيبَ جَبْهَتُهُ الأَرْضَ ، قَالَ: (لَا ، بَلْ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (544) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" كان صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض تارة ، وعلى الحصير تارة، وعلى البساط تارة " انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/ 126) .
فهذا كان غالب حاله صلى الله عليه وسلم .
وكان ربما احتاج إلى أن يُسمع الناس كلامه ، ويبلغهم جميعا ، فيدعو بكرسي فيجلس عليه ، ويعلم الناس .
روى مسلم (876) عن أبي رِفَاعَةَ قال : " انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، رَجُلٌ غَرِيبٌ ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا ، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا " .
قال النووي رحمه الله :
" وَقُعُودُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْكُرْسِيِّ لِيَسْمَعَ الْبَاقُونَ كَلَامَهُ وَيَرَوْا شخصه الكريم " انتهى .
وقد ثبت عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم جلسوا على الكراسي والأسِرَّة :
فروى البخاري (1594) عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: " جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الكُرْسِيِّ فِي الكَعْبَةِ ، فَقَالَ: " لَقَدْ جَلَسَ هَذَا المَجْلِسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وشيبة هو ابن عثمان بن أبي طلحة (صحابي) رضي الله عنه .
وروى أبو داود (113) عن عَبْد خَيْرٍ قال : " رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ……..إلخ الحديث " وصححه الألباني في "صحيح أبي داود "
وروى البخاري (7266) عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ، قَالَ : " كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقْعِدُنِي عَلَى سَرِيرِهِ ".
فالجلوس على الكرسي لا حرج فيه ، فإن احتاج الإنسان إلى الجلوس عليه لتعليم الناس وإسماعهم : فهو مستحب ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك .
والله تعالى أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

الله أعلم حيث يجعل رسالته من السنة

[BACKGROUND="90 #000000"]


اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ



حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وما أعظمها من حياة لو فكر أحدنا أن يسرُدَها في شكل قصة..
لكانت أروعَ قصة.. لأن حياتَهُ مليئة بالأحداث والعبر والمفاجآت.. ولكنـ ها أعظم من أن تكون قصة..
ولو فكر أحدُنا أن يُؤَرخَ هذه الحياة.. لَكانت تأريخا لأحداثٍ لم يعرف التاريخُ مثلها.. لأنهُ صلى الله عليه وسلم.. أعظم من عُرِفَ في التاريخ.. ولكنـ ـهُ أسمى من أن يكون تاريخا..
سيرتهُ غير ما أَلَّفَ الناسُ من سِيَرْ ولكن سنتركُ التأريخ والسرد القصصي.. ونذكرُ محمدا صلوات الله عليه.. مِثلما تشتاقُ أرواحُنا إلى ذِكرِه.. وكما نُحِبُّ أن نَتحدَّثََ عنه..
سماهُ الله محمدًا .. ليلتقِي الاسمُ والفعل، ويَتطابقَ الاسمُ والمُسَمَّى.. في الصورةِ والمعنى
وشَقَّ لهُ من اسمهِ ليُجِلَّهُ *** فَذُو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ
شبَّ الحبيبُ والله يحفظهُ ويُحيطُهُ من أقذارِ الجاهلية.. لما يُريدُ به من كرامتهِ ورسالتِهحتى بلغَ أن كان أفضلََ قومِهِ مروءة.. وأحسنُهم خُلُقَا.. وأكرمُهُم حَسَبَا..وأحسنُهم جِوارا.. وأعظمُهُم حِلْمَا.. وأصدَقُهُم حديثا.. وأعظمُهُم أمانة.. وأبعدُهُم عن الفُحش..حتى ما أَسماهُ قومُهُ إلا "الأمين"
كانت حياته قبل البعثةِ هادئة صافية فهو ابنُ الصحراء.. والصحراء تَطبعُ أهلها بالصفاء.. وتَغرِِسُ في أبنائِها حُب الحرية.. وحُب الشجاعة.. وحُب الكرم.. وحُب السخاء..
أما عن السُّلالة.. فهو ابنُ إبراهيم خليلُ الله.. ابنُ اسماعيل ذبيحُ الله.. ابنُ قريش سادةُ العرب.. ابنُ بني هاشم سادةُ قريش كريمُ الأصل وكريمُ المنبت.. فهو الشجرة الطيبة في الأرض الطيبة وما من شيء يقربه من الانسانية ويُبعدُهُ عن الكبرِ والجبروت، إلا سلكَ الله بهِ إليهِ سبيلا..
بعثهُ الله رحمةً للعالمين.. وللناسِ كافةً بشيراَ.. ومن قبلِ ذلك.. أخذَ ميثاقًا على كل نبي بعثهُ قبلهُ.. للإيمانِ به، والتصديقِ له.. وأن يُؤدُّوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدَّقهُم..
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران/81
( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم/ 4 شهادةٌ من ربه جل في عُلاه.. وكَفَى بها فَضْلَا
(وكان خُلُقه القرآن) -الألباني/ صحيح الجامع/ 4811
شهادة من أقربِ الناس إليه، عائشة رضي الله عنها وأرضاها..
حفِظهُ الله من كل خُلُقٍ رديء.. لأنه منذُ الأَزَل مُرَشَّحٌ لإصلاحِ العالم.. مُهَيَّأٌ لإسعادِ البشرية.. مُعَدٌّ بعناية لإخراجِ الناسِ من الظلماتِ إلى النور
فهو الرجل لكن النبي، والإنسان لكن الرسول، والعبد لكن المعصوم، والبشر لكن الموحى إليه سجيته العفة والمروءة والأمانة والفصاحة.. لم يكن يكذِبُ كِذبَةً واحدة، ولم تُعْلَم لهُ عَثرَةً واحدة ولا زَلَّةً واحدة ولا مَنقَصَةً واحدة لم يستطع أعداؤُه حِفظَ زلةٍ عليه.. مع ترصُّدِهِم ذلك.. ومع شدةِ عداوتِهِم وعظيمِ مكرهِم وضراوةِ حِقدِهِم.. ولم يَعثُرُوا في ملف خُلُقِهِ الكريم على ما يَعِيبُه.. بل كان مُستودَعَ أماناتِهم ومردَّ آرائهِم ومَرجَعَ مُحاكماتِهِم ومَضربَ أمثالِهِم في البرِّ والسموِّ والرُّشدِ والفَصَاحة
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم/4 وهكذا كان..
كم أَثنَى اللهُ على خُلُقٍ *** في أحمدَ أَصدقِ منْ صَدَقَا
وبُعِثَ النُّور.. ونَزَلَ غَيثُ الخير والبركة على الدنيا بِأكملِها.. وجاء أمرُ الله بأداءِ الرسالة..
قال صلى الله عليه وسلم:" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث" (أخرجه البخاري 79، ومسلم 2282 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه)
إرساء القاعدة.. قاعدة لا إله إلا الله محمد رسول الله.. كانت هي الغاية والشريعة السمحاء كانت هي الوسيلة.. ومسالِكُها.. تطهير هذه الدنيا من أَدرانِها وخَبَثِها.. والسلوك بالبشرية من ضيق الدنيا الى سِعةِ الآخرة، ومن ظُلماتِ الشرك الى نورِ التوحيد، ومن شَقاءِ الكُفر إلى سعادةِ الإيمان.. وطرد الجهل.. ومحاربة الظلم.. وإزهاق الباطل.. ونفي الرذيلة
وكان دَيْدَنُهُ في ذلك كله.. مَكَارِمُ الأخلاق.. ومَحَاسِنُ الطباع.. ومَجَامِعُ الفضيلة.. وجَوَامِعِ الكلم..
قال صلى الله عليه وسلم: ( إنما بُعِثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاق ) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 20571
أَدَّبهُ الله فأحسنَ تأديبَه.. ومن كُل بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَاه.. فكان أَحسَنَ الناسِ نسبًا وخُلقًا ودينًا..
قد أَدَّبَ رَبِّي مُرْسَلَهُ *** هوَ أكرَمُ مَنْ رَبِّي خَلَقَا
كان في دعوتِهِ الناسَ إلى هذا الدين..جميلَ الصفات مُشرِقَ المحُيَّا.. قريبٌ من القلوب.. حبيبٌ إلى الأرواح.. لا تُفارقُ ثغرهُ البَسمة.. مع ما كان يَعلُو وجههُ من جلالةٍ ومهابة.. وَسِعَ الناسَ بأخلاقِه.. وأَسعَدَ البشريةَ بدعوتِه
ثبّتَ الله قلبَه.. وسدّدَ كلامَه.. وحفِظَ عينَه.. وحصّن لسانَه.. وتَوَلَّى أمره.. فهو محفوظٌ مُبارك
يقول عليه الصلاة والسلام: ( إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا) عن عائشة رضي الله عنها..صحيح البخاري/رقم 20
وانظر معي إلى قول الله سبحانه وتعالى في حق من بعثهم برسالاته إلى البشرية..
(… اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ…) سورة الأنعام/ جزء من آية 124
فدتهُ دماءُ أصحابهِ وأتباعِه.. وحنَّتْ إليهِ قلوبُ إخوانِه وقد أُشْرِبَت بحُبهِ وهامَت شوقاً إليه.. حتى الجذعُ الجماد الذي لا يعقِل.. أَنَّ لذكراه..
يا حبيبي يا رسول الله..
نُحبكَ ونشتاقُ إليك ونَحِنُّ إلى رؤيتك وصحبتِك في الجنة.. نَتحسرُ على فواتِ شرفِ صحبتكَ ورِفقَتِكَ في الدنيا.. وعزاؤُنا وَعدُ الله بأن يَسعدَ بِلقائِكَ كُلُّ منِ اتبعَ سُنَّتَك..
قلوبنا تنفطِرُ عند سماعِ سيرتك.. أنتَ.. يا خيرُ من وطِئَت قَدَماهُ الثَّرَى.. يا حبيبَ من في السماواتِ ومن في الأرض.. يا مُنقِذَ هذهِ الأمَّة.. يا من أكرمكَ اللهُ بأن بعثَكَ إلينا لتسلُكَ بنا شِعابَ هذهِ الدنيا.. لِتَرسُو بِنا في جناتِ النعيم..
لقد أحبنا الله حين بعثكَ إلينا.. ورحِمنا بِكَ في الدنيا.. ويَرحَمُنا بكَ يومَ الحشرِ على ضِفافِ الكوثر وفي العرضِ عليهِ بشفاعتِكَ فينا..
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم في العالمين.. إنك حميد مجيد












[/BACKGROUND]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده