التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

رضاعة النبي صلى الله عليه وسلم السنة النبوية

في صبيحة يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل ، وُلِد أفضل الخلق ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مكة المكرمة ، في أشرف بيت من بيوتها ، فقد اصطفاه الله من بني هاشم ، واصطفى بني هاشم من قريش ، واصطفى قريشاً من سائر العرب ، قال ـ صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله خلق الخلق ، فجعلني في خير خلقه ، وجعلهم فرقتين ، فجعلني في خير فرقة ، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة ، وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً ، فأنا خيركم بيتاً، وخيركم نفساً ) رواه أحمد .
فكان نسبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أطهر الأنساب ، وتمتدّ أصول هذه الطهارة حتى تصل إلى آدم عليه السلام .

وقد تُوفي والده ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل مولده ، وتولى أمره جدّه عبد المطلب ، الذي اعتنى به وشمله بعطفه واهتمامه ، وكانت أول من أرضعته ثويبة أََمَة عمه أبي لهب ، فمن حديث زينب ابنة أبي سلمة أن أم حبيبة ـ رضي الله عنها ـ أخبرتها أنها قالت : ( يا رسول الله ، انكح أختي بنت أبي سفيان ، فقال : أو تحبين ذلك؟ ، فقالت : نعم ، لست لك بمخلية ، وأحب من شاركني في خير أختي ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إن ذلك لا يحل لي ، قالت : فإنا نُحدَّث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة ، قال : بنت أم سلمة ؟ ، قلت : نعم ، فقال : لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ، إنها لابنة أخي من الرضاعة ، أرضعتني و أبا سلمة ثويبة ، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن ) رواه البخاري .

ومن مرضعاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ : حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية من بني سعد ، الذي كان استرضاعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في باديتها ـ بني سعد ـ شأنه شأن سادات قريش ، يرضعون أولادهم في البوادي ليقووا أجساما ، ويفصحوا لسانا .

وخلال طفولته في رعاية حليمة السعدية وقعت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ آيات وإرهاصات دلت على بركته وفضله ، وأشهر ما روي في ذلك حديث حليمة السعدية ـ رضي الله عنها ـ الطويل المشهور الذي رواه كافة أهل السير ، والذي فيه أنه بمجرد حلول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليها لإرضاعه ورعايته ، امتلأ ثديها باللبن ، فارتوى منه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وابنها ، بعد أن كان يبكي من الجوع لجفاف ثدي أمه ، ولا ينام هو وأهله ، وامتلأ ضرع ماشيتها باللبن بعد أن كانت يابسة ، وأصبحت راحلتها نشطة قوية تسير في مقدمة الركب ، بعد أن كانت عاجزة تسير في مؤخرة الركبان ، وحيثما حلت أغنام حليمة تجد مرعاً خًصْباً فتشبع ، ولا تجد أغنام غيرها شيئا ، وكان ينمو نمواً سريع لا يشبه نمو الغلمان .
ولذلك تحايلت حليمة لإقناع والدة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بضرورة رجوعه إلى البادية بحجّة الخوف عليه من وباء مكة ، وقد أحب أهل بيت حليمة هذا الطفل المبارك ، وأحسنوا في معاملته ورعايته وحضانته ، حتى كانوا أحرص عليه وأرحم به من أولادهم .

وتعد حادثة شق الصدر التي حصلت له ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثناء وجوده في بني سعد من إرهاصات النبوة المبكرة ، ودلائل اختيار الله إياه لأمر جليل .
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ : ( أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب ، فاستخرج منه علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأمه (جمعه وضمه) ، ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه – يعني ظئره (مرضعته) ـ فقالوا : إن محمداً قد قُتِل ، فاستقبلوه وهو منتقع (متغير) اللون . قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره ) رواه مسلم .
وبهذه الحادثة الكريمة نال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شرف التطهير من حظ الشيطان ووساوسه ، ومن مزالق الشرك وضلالات الجاهلية ، مع ما فيها من دلالةٍ على الإعداد الإلهيّ للنبوّة والوحي منذ الصغر ، وقد دلت أحداث صباه وشبابه على تحقق ذلك فلم يرتكب إثماً ، ولم يسجد لصنم رغم انتشار ذلك في قريش .

وقد زعم بعض المستشرقين أن حديث شق الصدر أسطورة نشأت عن تفسير قوله تعالى : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } (الشرح:1) ، وأنه لو كان لها أصل فهي تشير إلى نوع من الصرع ، وهذا الذي زعموه سبقه إليهم المشركون حين اتهموا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجنون ، فنفى الله عنه ذلك فقال : { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ }(التكوير:22).
وكذلك ذهب أصحاب المدرسة العقلية ـ من المسلمين المتأثرين ببعض المستشرقين ـ إلى تأويل حادث شق الصدر ، فمنهم من قال أنها أسطورة ، ومنهم من قال أنها أمر معنوي ، وغير ذلك مما قالوه وزعموه .

ومن أوجز ما قيل في حادثة شق الصدر في الرد على مثل هؤلاء، كلام ابن حجر فبعد أن عرض لذكر الروايات الدالة على شق الصدر وتكرره قال : " وجميع ما ورد من شق الصدر ، واستخراج القلب ، وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة ، مما يجب التسليم به دون التعرض لصرفه عن حقيقته ، لصلاحية القدرة الإلهية ، فلا يستحيل شيء من ذلك " .
ومما ينبغي على المسلم أن يعلمه أن ميزان قبول الخبر إنما هو صحة الرواية ، فإذا صحت فلا يجدي البحث بعد هذا لصرف الكلام إلى غير حقيقته .

لقد كانت رضاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وطفولته ملفتة للنظر ، فيها من الأحداث والإشارات ما يشير إلى علو منزلته وفضله وبركته ، وعناية الله به وحفظه ، لأن الله ـ عز وجل ـ قدَّر من الأحداث ما يسلط به الضوء عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذ رضاعته بل منذ ولادته ، لأن هذا الطفل سيكون فيما بعد هادي البشرية ، وخاتم النبيين ، ورحمة الله للعالمين ..



موقع مقالات اسلام ويب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

المستجيبون للدعوة من غير اهل مكة

بدأت دعوة الإسلام المباركة – التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم – في مكة ، ثم أخذت تنتشر خارجها ، وأخذ عدد الذين دخل الإسلام قلوبهم من غير أهل مكة يزداد يوماً بعد آخر ، وكان من أوائل من استجاب لهذه الدعوة المباركة من خارج مكة :

1- سويد بن الصامت
وكان من أهل يثرب ، ومن شعرائها البارزين ، صاحب شرف ونسب ، جاء إلى مكة حاجّاً أو معتمراً ، فالتقى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعرض عليه الإسلام فأسلم ، وكان إسلامه في أوائل السنة الحادية عشرة من البعثة .

2- إياس بن معاذ
وقد جاء مع وفد الأوس لمحالفة قريش على الخزرج ، وكان غلاماً حدثاً ، وعندما التقى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دعاهم إلى الإسلام ، فوجدت كلماته طريقها إلى قلب إياس ، الذي مات بيثرب وهو يوحد الله عز وجل ، وكان ذلك أوائل سنة 11 من البعثة .

3- أبو ذر الغفاري
كان من سكان نواحي يثرب ، ولما سمع بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أرسل أخاه ينظر الخبر ، ثم رحل بنفسه إلى مكة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، وطلب منه عرض الإسلام عليه ، فأسلم ، وأشار عليه النبي بكتم إسلامه ، لكنه فضّل الجهر به وإعلانه على الملأ من قريش ، ولقي بسبب ذلك إيذاءً في قومه ، كما جاء في صحيح البخاري .

4- الطُفيل بن عمرو الدَّوسي
سيد قبيلة دوس ، كان شريفاً في قومه ، وشاعراً لبيباً أريباً، قدم مكة في سنة 11 من البعثة ، فاستقبله أهل مكة وحذروه من محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته ، حتى عزم على عدم كلامه ، ولا سماعه ، إلا أنه سرعان ما تراجع ، وأتى النبي وطلب منه عرض الإسلام عليه ، فأسلم ، وعاد إلى قومه داعياً إلى الله ، وما زال بهم حتى جاء بسبعين أو ثمانين بيتاً كلهم قد دخل الإسلام قلبه ، وقد استشهد يوم اليمامة رحمه الله ورضي عنه .

5- ضِماد الأزدي
من أزد شنوءة باليمن ، قدم مكة ، وسمع ما كانت قريش تصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه شاعر أو مجنون ، وكان يُرقي المرضى والمصابين ، فأتى الرسول صلى الله عليه وسلم وعرض عليه أن يرقيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد ) رواه مسلم .

وكان لتلك الكلمات وقْعٌ في نفسه ، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيدها عليه ثانية ، ثم قال: " لقد سمعت قول الكهنة ، وقول السحرة ، وقول الشعراء ، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء …هات يدك أبايعك على الإسلام ".

وكان من الذين وجد الإسلام طريقاً إلى قلوبهم غير ما تقدم ، نفرٌ لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في موسم الحج سنة 11من البعثة ، وكانوا من شباب الخزرج بالمدينة ، فدعاهم إلى الإسلام ، فاستجابوا له ، وكانوا ستة نفر، هم: أسعد بن زرارة ، و عوف بن الحارث ، و رافع بن مالك بن العجلان ، و قطبة بن عامر ، و عقبة بن عامر ، و جابر بن عبدالله .

وقد رجع هؤلاء إلى المدينة بالدعوة إلى الله ، حتى لم يبق بيت من بيوت الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهكذا أخذ الإسلام – الدين الخاتم – يشق طريقه في ربوع المعمورة حتى عمَ جزيرة العرب زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم واصل الخلفاء الراشدون العمل على نشره خارج الجزيرة ، وكذلك فعل من جاء بعدهم ، حتى بلغ الإسلام أغلب بقاع الأرض ، وصدق الله إذ يقول : { والله متم نوره ولو كره الكافرون } .

موقع مقالات اسلام ويب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

سيدة التابعيات أم الدرداء الصغرى من السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الكاتب: إعداد: منال المغربي

امرأة فاضلة، لقيت الكثير من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، عدّها الإمام المقرىء المحدّث ابن السميع في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام… حصلت على شهادات موقّعة من أكابر العلماء أثنوا فيها على تميّزها في علمها وعبادتها وفضائلها. إنها التابعية الجليلة أم الدرداء الصغرى… نسبها ونشأتها هُجَيْمة بنت حُيَي من قبيلة من حِمْير يقال لها: أوصاب، تُعتبر من أعزّ قبائل حِمْير، وأعلاها شأناً، ولقد قيل لها: الأَوْصابية، أو الوصابية. دمشقية المولد والنشأة. نشأت هُجَيمة يتيمة في حِجر أبي الدرداء عويمر بن زيد بن عبدالله من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تختلف معه في برنس ـ وهي طفلة ـ إلى المسجد، تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حِلَق القرّاء. ولما شبتْ أمَرَها كافلها أن تلحق بصفوف النساء. ثم تزوجها بعد ذلك، ومات عنها، ومنه أخذت كُنيتها… زواج الآخرة حياة طيبة جمعتها بالصحابي الجليل أبي الدرداء جعلتها تحرص على الوفاء له في الحياة وفي الممات، قال لها زوجها ذات مرة: "إذا غضبتِ أرضيتُكِ، وإذا غضبتُ فأرضيني؛ فإنك إن لم تفعلي ذلك فما أسرع أن نفترق". فما فرّقهما إلا الموت. عن لقمان بن عامر عن أم الدرداء أنها قالت: "اللهم إنّ أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا اللهم فأنا أخطبه إليك فأسألك أن تزوجنيه في الجنّة" قال: "فلا تنكحي بعدي"؛ فمات أبو الدرداء، وكان لها جمال وحُسن؛ فخطبها سيدنا معاوية فقالت: "لا والله لا أتزوج زوجاً في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله عز وجل في الجنة". حدّثت عن زوجها بوقار واحترام شديد، فكانت تقول: "حدثني سيدي"، مثال ذلك قولها: حدثَنِي سيِّدي أَبو الدَّرْدَاء، أنّه سَمِعَ رَسُول اللَّهِ [، يقول: "إذا دعا الرجلُ لأَخيهِ بظهرِ الغَيْبِ، قالت الملائكةُ: آمين، ولكَ بِمِثْل". طلب العلم وتعليمه هذه التابعية تُعتبر من الرواة الثقات، أصحاب كتب السُّنة النبوية، كالإمام مسلم في صحيحه، وأبي داود والترمذي وابن ماجة في كتبهم، فلقد روت عن سلمان الفارسي وكعب ابن عاصم الأشعري وعائشة وأبي هريرة وطائفة، وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء.. ومما يدلّ على فضلها وسَعة علمها أن عبد الملك بن مروان كان كثيراً ما يجلس إليها في مؤخر المسجد بدمشق . لم تتوان عن طلب العلم في كبرها؛ عن الإمام ابن أبي أوفى عن أم الدرداء قالت: قلت لكعب الأحبار: "كيف تجدون صفة رسول الله [ في التوراة؟" قال: "نجده محمد رسول الله اسمه المتوكل ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا صخّاباً في الأسواق، وأعطى المفاتيح فيُبصر الله به أعيناً عوراً، ويُسمع آذاناً صُمّاً ويقيم به ألسناً معوجّة حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله واحد لا شريك له، يُعين به المظلوم ويمنعه". عن الإمام يونس بن ميسرة قال: كنتُ جالساً عند أم الدرداء؛ فدخل زياد بن جارية؛ فقالت له أم الدرداء: "حديثك عن رسول الله في المسألة؟" فحدّث به. الواعظة لم تكن هُجيمة من ذلك النوع من النساء اللواتي اكتفين بطلب العلم وبإصلاح أنفسهن فقط بل اشتهرت رحمها الله بالنصيحة لمن أراد مداواة قلبه وإصلاح نفسه. وكانت تُلقي محاضراتها ودروسها في مسجد بني أمية الكبير، قال عنها الإمام ابن الجزري في كتابه: «غاية النهاية في طبقات القراء»: «قرأتُ القرآن عليها سبع مرات». كما أنها لم تخَفْ خليفة كانت فرائص الرجال ترتعد أمامه، بل أسدت إليه النصيحة عمل بها أم لم يعمل؛ فعن الإمام الفقيه زيد بن أسلم عن أم الدرداء أنها كانت عند عبد الملك بن مروان ذات ليلة، فدعا خادماً له فأبطأ عليه فلعنه، فقالت أم الدرداء: "سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة". مجالسها مع النساء كم من نساء يجتمعن في مجالس تعدّ مرتعاً خِصْباً للغيبة والنميمة واللغو الباطل واللهو العابث والغفلة التي لا خير فيها؛ ولكن مجالس أم الدرداء لم تكن من هذا النوع، قال يونس بن ميسرة بن حبلس عالم دمشق: "كنا نحضر مجلس أم الدرداء وتحضرها نساء متعبدات يقمن الليل كله حتى أن أقدامهن قد انتفخت من طول القيام". تواضعها كانت هجيمة معروفة بالتواضع وعدم الاغترار بالنفس؛ فإذا طلب أحدٌ إليها مثلاً الدعاء لم ترَ أنها أهلٌ لذلك؛ قال إلإمام براهيم بن أبي عبلة: قلت لأم الدرداء ادعي لنا: قالت: أوَبلغتُ أنا ذلك؟ أي: هل بلغت درجةً يطلب مني فيها الدعاء؟ اهتمامها بأمر المسلمين بالرغم من كثرة مجالسها العلمية وانشغالاتها المتعددة نجدها رضي الله عنها تهتم بجيرانها وذوي قرابتها وبعامة المسلمين. عن الإمام إبراهيم بن أبي عبلة قال:" مرض أهلي فكانت أم الدرداء تصنع لي الطعام فلما برؤوا قالت: "إنما كنا نصنع طعامك إذ كان أهلك مرضى فأما إذا برؤوا فلا". قلبٌ معلّق بالقرآن قالت لرجل يصحبهم في السفر: "ما يمنعك أن تقرأ وتذكر الله عز وجل كما يصنع أصحابك؟"، قال: "ما معي من القرآن إلا سورة، وقد رددتها حتى أدبرتها"، فقالت: "وإن القرآن ليدبر؟ ما أنا بالتي أصحبك إن شئت أن تقوم، وإن شئت تتأخر، فضرب دابته وانطلق". مكانتها ذكر الإمام الحافظ ابن حبان في كتابه الثقات أنها كانت تقيم ستة أشهر في بيت المقدس وستة أشهر بدمشق… وهي في سفرها إلى بيت المقدس أو مقامها في الشام كانت تتمتع بمكانة عالية وكلمة مسموعة عند الخلفاء الأمويين. أم الدرداء الصغرى ضربت في كل غنيمة من غنائم الطاعات بسهم، فلقد كانت راوية حديث، وواعظة متمكِّنة، وعابدة وزاهدة وفقيهة، حتى وافتها المنية بعد عام 81 من الهجرة. وهكذا فلتكن المسلمات. رحم الله أم الدرداء برحمته الواسعة، ورضي عنها وأرضاها..
منقولـ

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

ليخرجن الاعز من الاذل – سنة النبي

كانت جذور النفاق عميقة في نفس عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين ، وبدايتها قبل هجرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يوم كانت المدينة تعيش صراعا وقتالاً شرساً بين الأوس والخزرج ، وانتهى الصراع بينهما على اتفاق بين الفريقين يقضي بنبذ الخلاف وتنصيب ابن سلول زعيماً على المدينة ، ثم ماتت هذه الفكرة بدخول الإسلام إلى أرض المدينة ، واجتماع الناس حول راية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فصارت نظرة ابن سلول للإسلام تقوم على أساس أنه قد حرمه من الملك والسلطان ، وبذلك كانت مصالحه وأهواؤه الشخصية وراء نفاقه ، وامتناعه عن الصدق في إسلامه ، ومن ثم الكيد للإسلام والمسلمين .

انطلق ابن سلول ينفث سمومه في صنع الافتراءات والخلافات ، وإثارة الفتن للتفريق بين المسلمين للقضاء على دولة الإسلام ، ومن ذلك قولته الخبيثة التي قالها عقب غزوة بني المصطلق (المريسيع) ـ والتي تعبر عن مدى حقده على الإسلام والمسلمين ـ : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " ، ويعني بالأعز نفسه ، ويقصد بالأذل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن معه من أصحابه .

عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( كنا في غزاة (بني المصطلق) فكسع (ضرب) رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري : يا للأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين ، فسمع ذاك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ما بال دعوى جاهلية ؟ ، قالوا يا رسول الله : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال دعوها فإنها منتنة ، فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال : فعلوها ؟ ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فبلغ النبي ـ صلى الله عليه وسلم -، فقام عمر فقال : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم -: دَعْه ، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) رواه البخاري .

واستدعى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبد الله بن أبي بن سلول هو وأصحابه ـ المنافقين ـ ، فأنكروا ذلك ، وحلفوا بأنهم لم يقولوا شيئا ، فأنزل الله سورة المنافقين ، وفيها تكذيب لهم ولأيْمانهم الكاذبة ، وذلك في قول الله تعالى :{ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ . يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ }(المنافقون8:7 ) .

وكان لعبد الله بن أبي بن سلول ولد مؤمن اسمه عبد الله ، لما علم بالأحداث وبما قاله أبوه استأذن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قتل أبيه لما قاله ، فنهاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك ، وأمره بحسن صحبته .

فلما وصل المسلمون مشارف المدينة ، تصدى عبد الله لأبيه ، وقال له : " قف والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالدخول ، فإنه العزيز وأنت الذليل"، فأذن له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فظهر بذلك مَنِ العزيز ومَنِ الذليل ، فلا أذل لابن سلول من أن يقف ولده أمامه ويمنعه من دخول المدينة حتى يأذن له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

ولقد ضرب عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ـ رضي الله عنه ـ بهذا الموقف مثالا عمليا للإيمان في أوثق عراه ، وهو الولاء والبراء .

ومن خلال هذا الموقف مع قولة ابن سلول ظهرت لنا حكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد قابل ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما قاله ابن سلول بالصبر ، وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل النبيين ، لكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يغضب لنفسه أو ينتقم لها ، بل يغضب لله ـ عز وجل ـ ، فلو أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أذن لعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول بقتله لقتله ، لكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صبر وعفا ، ولما استأذنه عبد الله ـ رضي الله عنه ـ في أن يقتل أباه لما قاله ، قال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا ، ولكن بر أباك، وأحسن صحبته ) رواه ابن حبان .

وفي ذلك أيضا تأكيد من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مراعاة البر بالآباء وحسن صحبتهم في الدنيا وإن كانوا كافرين، عملا بقول الله تعالى : { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }(لقمان:15)..

وكذلك ظهر في هذا الموقف حكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في محافظته على وحدة الصف الداخلية للمجتمع المسلم ، وعلى السمعة الطيبة للإسلام والمسلمين ، وحتى لا يُشاع بين العرب أن محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقتل أصحابه ، فينفض الناس من حوله ، وينفرون من دخول الإسلام ، ففرْق كبير بين أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ، وبين أن يتحدث الناس عن حب أصحاب محمد محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

وفي ذلك يقول ابن تيمية : " إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة ، لئلا يكون ذريعة إلى قول الناس أن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقتل أصحابه ، لأن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ، وممن لم يدخل فيه " .

وهكذا كان رد فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قولة ابن سلول ـ مع مرارتها وألمها ـ فيه من المعاني الكثير ، التي ينبغي أن يقف المسلمون معها للاستفادة منها في واقعهم .

موقع مقالات اسلام ويب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

وقفة مع إسلام عكرمة بن ابي جهل – في الاسلام

كان عكرمة من أشد الناس عداوة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقد شرب هذه العداوة من أبيه ـ فرعون هذه الأمة ـ ، مما جعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في فتح مكة يعفو ويؤمّن الناس جميعا إلا أربعة ، بل ويأمر بقتلهم وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة ..

فعن مصعب بن سعد عن أبيه ـ رضي الله عنهما ـ قال : " لما كان يوم فتح مكة أمَّن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وسماهم .." ، وكان منهم عكرمة بن أبي جهل .. فهرب وذهب إلى البحر ليأخذ سفينة وينطلق بها إلى اليمن ، إلا أن الله ـ عز وجل ـ شاء له الهداية فأسلم ..
يقول سعد : " .. وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة : أخلصوا فان آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا ، فقال عكرمة : لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص ، ما ينجيني في البر غيره ، اللهم إن لك عليَّ عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه آتي محمدا فأضع يدي في يده ، فلأجدنه عفوا كريما ، قال : فجاء فأسلم .."(أبو داود)..

ويروي عبد الله بن الزبير قصة إسلام عكرمة ـ كما ذكر الواقدي والسيوطي ـ فيقول :

" .. قالت أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل : يا رسول الله ، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن ، وخاف أن تقتله فأمنه ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( هو آمن ) ..
فخرجت أم حكيم في طلبه ومعها غلام لها رومي ، فراودها عن نفسها ، فجعلت تمنيه حتى قدمت على حي من عك ، فاستغاثتهم عليه فأوثقوه رباطا .. وأدركت عكرمة وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تهامة فركب البحر ، فجعل نوتي(ملاح) السفينة يقول له : أخلص! فقال : أي شيء أقول ؟ ، قال: قل لا إله إلا الله ، قال عكرمة : ما هربت إلا من هذا .. فجاءت أم حكيم على هذا الكلام ، فجعلت تلح عليه وتقول : يا ابن عم ، جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس ، لا تهلك نفسك .. فوقف لها حتى أدركته فقالت : إني قد استأمنت لك محمدا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، قال: أنت فعلت ؟ ، قالت: نعم ، أنا كلمته فأمنك فرجع معها ، وقال : ما لقيت من غلامك الرومي ؟ ، فخبرته خبره فقتله عكرمة ، وهو يومئذ لم يسلم .. " ..

ويكمل عبد الله بن الزبير القصة فيقول : " .. وجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها ، فتأبى عليه وتقول : إنك كافر وأنا مسلمة ، فيقول : إن أمرا منعك مني لأمر كبير ..
فلما رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – عكرمة وثب إليه ، وما على النبي – صلى الله عليه وسلم ـ رداء ، فرحا بعكرمة .. ثم جلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فوقف بين يديه ، وزوجته منتقبة ، فقال: يا محمد إن هذه أخبرتني أنك أمنتني ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( صدقت ، فأنت آمن ) ، فقال عكرمة : فإلى ما تدعو يا محمد ؟ ، قال : ( أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتفعل ، وتفعل ـ ، حتى عَدَّ خصال الإسلام.. ) ، فقال عكرمة : والله ما دعوتَ إلا إلى الحق وأمرٍ حسن جميل ، قد كنتَ والله فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقنا حديثا وأبرنا برا ..

ثم قال عكرمة : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. فسُرَّ بذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ثم قال : يا رسول الله علمني خير شيء أقوله ، قال : ( تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله ) ، قال عكرمة : ثم ماذا ؟ ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( تقول أُشْهِد الله وأشهد من حضر أني مسلم مهاجر ومجاهد ) ، فقال عكرمة ذلك ..
فقال رسول الله : ( لا تسألني اليوم شيئا أعطيه أحدا إلا أعطيتكه ) ، فقال عكرمة : فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها ، أو مسير وضعت فيه ، أو مقام لقيتك فيه ، أو كلام قلته في وجهك أو وأنت غائب عنه ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – 🙁 اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها ، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك ، فاغفر له ما نال مني من عرض في وجهي أو أنا غائب عنه ) ..
فقال عكرمة : رضيت يا رسول الله ، لا أدع نفقة كنت أنفقها في صدٍ عن سبيل الله إلا أنفقتُ ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله .. ثم اجتهد في القتال حتى قتِل شهيدا (أي في يوم اليرموك) .. وبعد أن أسلم رد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – امرأته له بذلك النكاح الأول .." .

وقد أخرج ابن عساكر عن عمرو(ابن دينار) قال : " .. لما قدم عكرمة بن أبي جهل المدينة ، اجتمع الناس ، فجعلوا يقولون : هذا ابن أبي جهل ، هذا ابن أبي جهل ! ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا تؤذوا الأحياء بسبِّ الأموات ) ..

وفي قصة إسلام عكرمة ـ رضي الله عنه ـ بيان لحكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسمو خلقه ، ورحمته وسماحته ..
فرغم أن عكرمة كان أحد الذين عادوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل ذلك وآذوه إيذاء شديدا ، فقد كان لعفوه وسماحته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكلماته وترحيبه في استقباله ، وأمره لأصحابه بعدم إيذائه بسبهم لأبيه ، ومعانقته عند قدومه ، الأثر الكبير في إزالة ما على قلبه من ركام الجاهلية ، وكان كافيا لتغيير حياته ، واجتذابه إلى الإسلام ..
ومن ثم تأثر عكرمة ـ رضي الله عنه ـ بموقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاهتزت مشاعره ، وتحركت أحاسيسه ، ودخل نور الهداية قلبه فأسلم ، وقال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " .. قد كنت والله فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقنا حديثا وأبرنا برا .. " ..
فأي حكمة وأخلاق كريمة كانت عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ !! ، وصدق الله ـ تعالى ـ حيث يقول عن نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم:4)، ويقول : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }(الأنبياء:107) ..

وكذلك في إسلام عكرمة ـ رضي الله عنه ـ تتجلى لنا صورة من صُوَر عِفَّة المرأة المسلمة ـ أم حكيم – رضي الله عنها -، فقد دعاها عكرمة ـ زوجها ـ إلى الجماع ولكنها رفضت ، وأبت عليه ذلك مُبَرِّرة رفضَها قائلة : " إنك كافر، وأنا مسلمة " .. فهي ما سعت وراءه لرغبات نفسها ، بل لَحِقَت به لتريه طريقَ الإسلام ، ولتهديه – بإذن الله – سواء السبيل ..
فما كان من عكرمة إلاَّ أنْ قال : " إنَّ أمرًا منعكِ مني لأمرٌ كبير " ..
وهكذا نجحت أم حكيم ـ رضي الله عنها ـ في زرع البذرة الطيبة في نفس زوجها ، وعادت به إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليعلن إسلامه بين يديه ، بعد أن كاد يضيع في ظلمات الشرك والوثنية ..

لقد تغير عكرمة ـ رضي الله عنه ـ بعد إسلامه تغيرًا كاملاً .. وهكذا الإسلام يصنع الرجال والنساء على نَهْجه ، بصورة مختلفة تمام الاختلاف عن حياتهم قبل الإسلام ..

موقع مقالات اسلام ويب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

الصحابيه التي لم تظمأ ابداّ – سنة النبي

الصحابيه التي لم تظمأ ابداّّّ
بسـم الله الرحمـــن الرحيـــم…

قال الواقدي : اسمها بركة بنت ثعلبة [ بن عمرو بن حصن بن مالك بن مسلمة بن عمرو بن النعمان ] وكانت أمة لعبد الله بن عبد المطلب ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول أم أيمن أمي بعد أمي ويقال كانت لآمنة بنت وهب أم النبي – صلى الله عليه وسلم – وهي التي هاجرت على قدميها من مكة إلى المدينة ، وليس معها أحد ، وذلك في حر شديد فعطشت فسمعت حفيفا فوق رأسها ، فالتفتت فإذا دلو قد أدليت لها من السماء فشربت منها ، فلم تظمأ أبدا ، وكانت تتعهد الصوم في حمارة القيظ لتعطش فلا تعطش وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يزورها ، وكان الخليفتان يزورانها بعده وقد روي مثل قصتها عن أم شريك الدوسية أنها عطشت في سفر فلم تجد ماء إلا عند يهودي وأبى أن يسقيها إلا أن تدين بدينه فأبت إلا أن تموت عطشا ، فدليت لها دلو من السماء فشربت ثم رفعت الدلو وهي تنطر .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده