المدينة النبوية مَهْدُ الإسلام
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً.. أما بعد: طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع12
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: بل على سعد بن خيثمة والأول أثبت، وأقام بقباء أربعة أيام، الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان اليوم الخامس –يوم الجمعة- ركب بأمر الله له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إلى بني النجار أخواله، فجاؤوا متقلدين سيوفهم، فسار نحـو المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي وكانوا مائة رجل13، وبعد الجمعة دخل المدينة، ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول ويعبر عنها بالمدينة مختصراً. والأنصار لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة، إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن ينزل رسول الله عليه. فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته: هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة. فكان يقول لهم: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة)، فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلاً، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول فنزل عنها وذلك في بني النجار –أخواله-، وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك، فجعل الناس يكلمون رسول الله في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله فأدخله بيته فجعل رسول الله يقول: (المرء مع رحله) وفي رواية عند البخاري، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (أي بيوت أهلنا أقرب؟) فقال أبو أيوب: أنا يا رسول الله هذه داري وهذا بابي. قال: (فانطلق فهيئ لنا مقيلاً) قال: قوما على بركة الله)14. والحمد لله رب العالمين…
1 مختصر سيرة الرسول للنجدي (150-152). 2 زاد المعاد (2/50)، وابن هشام (1/429-541). 3 صحيح البخاري باب وفود الأنصار. 4 البخاري برقم2597. 5 الرحيق المختوم (130-132) . 6 المنهج الحركي للسيرة النبوية لمنير الغضبان (1/159). 7 فقه السيرة (126-127). 8 صحيح البخاري. 9 الرحيق المختوم 155. 10 صحيح البخاري. 11 البداية والنهاية عن الدلائل للبيهقي (3/216). 12 المصدر السابق 3/218 عن البيهقي في الدلائل (2/505-506). 13 صحيح البخاري، وزاد المعاد. 14 صحيح البخاري.
|