[BACKGROUND="100 #999999"]
كان في شبابه ، رضي الله عنه ، غرة فتيان قريش واوفاهم جمالا ووصف المؤرخون شبابه بقولهم
"كان أعطر أهل مكة" .
الصحابي الجليل " مصعب بن عمير " لقُب بـ مصعب الخير
حُظِيّ بتدليل والديه فكان ابن مدلل يعيش في نعمة
إتصف بالقوه والشجاعه ، كان من السابقين للاسلام ، و من القراء ، ومعلما ، وسفيرا ، وبطلا ، ومتفاني في حب الرسول صلى الله عليه وسلم .
،،
كانت ام مصعب ذات شخصيه قوية ولم يكن مصعب يخاف احداً على وجه الارض
سوى امه فقرر ان يكتم إسلامة حتى يقضي الله امرا .
،،
اصبح مصعب يذهب الى دار الارقم ويجلس الى رسول الله صلي الله عليه وسلم ،
متمسكا بايمانه ، محاولا إخفاءه ، حتى لايحل عليه غضب امه ..
ولكن مكه في تلك الايام لايُخفى فيها سر فعيون قريش وآذانها على كل طريق ..
إلا ان رآه ( عثمان بن طلحه ) .. وهو يتردد خفية الى دار الارقم ثم راه وهو يصلي
كصلاه محمد صلى الله عليه وسلم فسابق ريح الصحراء ذاهبا الى ام مصعب لياتيها النبأ
ووقف مصعبٌ أمام أمِّه، وعشيرته، وأشراف مكة مجتمعون حوله يتلو عليهم في يقين الحق، وثباته،
القرآن الذي يغسل به الرسول، صلى الله عليه وسلم، قلوبهم، ويملؤها به حكمة، وشرفا، وعدلا، وتقى .
وهمَّت أمه أن تُسْكته بلطمة قاسية، ولكن اليد التي امتدت كالسهم، ما لبثت أن استرخت، وتنحَّت أمام النور الذي زاد وجهه وسامة ، وبهاءه جلالا ، يفرض الاحترام ، وهدوءاً يفرض الاقناع .
فقررت حبسه في دار اغلقتها .. حتى خرج بعض المؤمنين الى الحبشه
فسمع النبأ وغافل امه ومضى الى الحبشه ، الى ان اطمأن واصبحت حياته
جديره بان تقدم قربانا لبارئها الاعلى ..
خرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول الرسول صلى الله عليه وسلم
فما ان رآوه وحنوا رؤوسهم وغضوا ابصارهم وذرفت اعينهم من الدموع ذالك لانهم رأوه يرتدي جلبابا مرقعا .
وتملى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مشهده بنظرات حكيمة، شاكرة ، مُحبّة،
وتألقت على شفتيه ابتسامته الجليلة، وقال: "لقد رأيت مصعبا هذا، وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه، ثم ترك ذلك كله حبا لله ورسوله".
وخرج مصعب من النعمة الوافرة التي كان يعيش فيها، وأصبح الفتى المتأنق المعطّر،
لا يُرى إلا مُرتديا أخشن الثياب، يأكل يوما، ويجوع أياما، ولكن روحه المتعلقه بالايمان جعلت منه إنساناً آخر يملأ الأعين جلالاً ..
وتمضي الايام ، وتقوم غزوة أحد ويقف الرسول صلى الله عليه وسلم
ليختار مصعب حاملا للرايه .. وتبدأ المعركه الرهيبه ويحتدم القتال .. ويخالف الرماه
امر رسول الله ويغادرون موقعهم الى اعلى الجبل بعد ان رأوا المشركين ينسحبون
وسرعان ماتحول النصر الى هزيمة .
عندمآ رأوا الفوضى : ركزوا على رسول الله .. وأدرك مصعب بن عمير الخطر .. رفع اللواء عاليا
وكبر تكبيرة كالزئير ومضى يحارب .. ليشغل المشركين عن رسول الله
ذهب يقاتل لوحده كأنه جيش يد تحمل الرأيه ويد تضرب بالسيف ..
ولكن الاعداء يتكاثرون عليه ، وقع مصعب وسقط اللواء ..
يقول ابن سعْد: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن شُرَحْبيل العَبْدَري، عن أبيه قال: "حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب، فأقبل ابن قميئة وهو فارس، فضربه على يده اليُمنى فقطعها، ومصعب يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأخذ اللواء بيده اليسرى، وحنا عليه، فضرب يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء، وضمه بعضديه إلى صدره، وهو يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه واندقَّ الرمح، ووقع مصعب، وسقط اللواء".
وقع بعد ان خاض استبتال عظيم .. وقع وكان يقول مع كل ضربة تقتلع منه ذراعاً
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) سورة: آل عمران، الآية: 144
وبعد انتهاء المعركة ، وجد جثمان الشهيد .. وقد اخفى وجهه بالتراب بدمائه الزاكيه .
وجاء الرسول وأصحابه يودعون ويتفقدون الشهداء ، وعند جثمان مصعب سالت دموع وفيه غزيره ..
وبالرغم من حزن الرسول في عمه حمزه وتمثيل المشركين بجثمانه ، وبالرغم من امتلاء الارض
بجثث اصحابه ، على الرغم من كل هذا وقف ، على جثمان اول سفرائه ..
يودعه ويقول : (من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) سورة: الأحزاب، الآية: 23
ثم ألقى في أسى نظرة على بردته التي دفن بها، وقال: "لقد رأيتك بمكة، وما بها أرق حلة،
ولا أحسن لمَّة منك، ثم ها أنت ذا شعث الرأس في بردة..؟!".
وهتف وقد وسعت نظراته الحانيه أرض المعركه بكل من عليها وقال : "إن رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة".
ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله، وقال: "أَيُّهَا النَّاسُ ، زُورُوهُمْ ، وَأْتُوهُمْ ، وَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ مُسْلِمٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا رَدُّوا عَلَيْهِ السَّلامَ"..
السلام عليك يا مصعب، السلام عليكم يا معشر الشهداء .
العبر من القصة :
1 – شجاعته وقوته حين وقف امام عشيرته ليلعن عن إيمانه .
2 – تمسك مصعب بن عمير بالايمان وترك النعمه التي كان يحظى بها .
3 – فداؤه لرسول الله بنفسه قاصداً حمايتة .
4 – عدم استسلامه فتقطع يده اليمنى ويأخذ اللواء بيده اليسرى فتقطع
فيضمها الى صدره .
المرآجع :
1 – مركز عقبة بن نافع للمراجع والابحاث .
2 – موسوعة الحديث . [/BACKGROUND]