فاطمة ابنة قيس بن خالد الأكبر القرشيّة الفهريّة، أخت الضحاك بن قيس:
أمّها أميمة بنت رَبيعة بن حِذيْمِ، وكانت فاطمة من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل، وهي التي روت قصة الجسَّاسة بطولها فانفردت بها مطولة، رواها عنها الشعبي لما قدمت الكوفة على أخيها، وهو أميرها، وقيل أنها أكبر من الضحاك بعشر سنين.
وكانت فاطمة بنت قيس تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فطلّقها فخطبها معاوية بن أبي سفيان بن حرب وأبو جهم بن حذيفة بن غانم العدوي فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "أمّا معاوية فصعلوك لا مال له، وأمّا أبو جَهم فلا يضع عَصَاه من عنقه، ولكن انكحي أسامة بن زيد"، فنكحته فقالت: لقد اغتطبت بنكاحي إيّاه(*) وفي رواية: أنّ أبا عَمرو بن حفص طلّقها أَلْبَتَّة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فتسخّطته فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "ليس لك عليه نفقة"، وأمرها أن تعتدّ في بيت أمّ شَرِيك، ثم قال: "تلك المرأة يغشاها أصحابي، اعتدّي عند ابن أمّ مَكْتُوم فإنّه رجل أعمى، تضعين ثيابك فإذا حَلَلْتِ فآذِنيني"، قالت: فلمّا حَلَلْت ذكرت له أنّ معاوية بن أبي سفيان وأبا جَهْم بن حُذَيفة خَطَباني فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أمّا أبو جَهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأمّا معاوية فصعلوك لا مال له، ولكن انكحي أسامة"، فكرهته فقال: "انكحي أسامة"، فنكحته فجعل الله فيه خيًرا واغتطبت به، وفي رواية: عن أَبِي سَلَمَة قال: دخلتُ عليّ فاطمة بنت قيس، قالت: أتيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا أريد السُّكْنى والنَّفَقة فقال: "يا فاطمة إنّما السُّكْنَى والنفقة التي لزوجها عليها رجعة، انتقلي إلى أمّ شَرِيك وَلاَ تَفُوتِينا بنفسك"، ثمّ قال: "إنّ أمّ شَرِيك يدخل عليها إخوتها من المهاجرين فانتقلي إلى ابن أمّ مَكْتُوم فإنّه رجل ضرير البصر"، فلمّا حلّ أجلها خطبها معاوية وأبو جَهْم بن حُذَيْفة وأسامة فقال رسول الله: "أمّا معاوية فعائل لا مال له، وأمّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، أين أنتم من أسامة؟" قال: فكأنّ أهلها كرهوا ذلك فقالت: لا أنكح إلاّ الذي قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
وفي بيت فاطمة اجتمع أصحابُ الشّورى عند قَتْل عمر بن الخطّاب، وخطبوا خُطَبهم المأثورة، قال الزّبير: وكانت امرأة نجودًا ــ والنّجود النبيلة ــ وفي طلاقها ونكاحها بعد سُنَن كثيرة مستعملة، روت عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنها جماعةٌ منهم الشّعبيّ، والنّخعي، وأبو سلمة.
م/ن