اسعد الله اوقاتكم بالخيرات
"ع الحيطة" من فلسطين.. ناولنى فرشة أرسم وطن
ع الحيطة
هنا فلسطين.. حيث تشهد الجدران القائمة بين أزقة شوارع المقاومة ومخيمات اللاجئين، على سنوات الظلم ودماء آلاف الشهداء وقذائف ودبابات الغدر التى اصطفت لأعوام تهاجم بموجات مستميتة يحركها درب اليأس من محاولة محو وطن تضرب جذوره فى أعماق التاريخ لآلاف السنوات التى سبقت حتى تفكير آبائهم فى اختيار اسم لكيانهم، هنا حيث بدأ الإحباط والألم يدبان فى نفوس أبناء الوطن كانت تخرج ثمانية عشر فرشاة فنية تبتسم ابتسامة محبطة لكل هجمة غوغائية وتعيد رسم وطنها كما يليق على الحوائط التى ستبقى حتى بعد زوالهم.
على حوائط بيت لحم القائمة منذ شهدت مسقط البالغ عدد سكانها 280 شخصا لا يستطيعون دخولها إلا حاملين لتصريحات بسبب تعرضهم للضغوط من قبل الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين منذ احتلالها فى 1967، ونابلس، وبيت لحم، وأريحا، ورام الله، وعلى أسوار مخيم عايدة، ومخيم بيرزيت، ومخيم الأعمرى وغيرها من مناطق فلسطين المحتلة التى تعجز الكلمات عن سرد قصصها أو الحكايات عن التعبير على ما دار فيها ستذهب لتجد فريق "ع الحيطة" ربما الآن وربما بعد مئات السنوات إن لم يكن بأفراده فببقايا رسوماته تشهد أمام العالم على شباب خرجوا من قلب الظلام يرسمون أملا جديدا.
من منطلق الحصار والمقاومة لهذا الحصار نحن انطلقنا.. فى أبسط الوسائل نستطيع أن نغير ونقدم الجانب الإنسانى برسائلنا.. يحكي لنا بدايتهم فى 2022وقت كانوا ثمانية عشر طالبا وطالبة فى بداية دارستهم الجامعية، استمر منهم حتى الآن عشرة فقط وهم يقتربون من نهاية هذه الدراسة وعلى الرغم من انخفاض عدد المسئولين على المجموعة إلى أن أعداد المشتركين من الخارج والنشاطات ارتفعت مع ارتفاع الإصرار والرسالة الواضحة ويكمل "هذه طريقة من طرق المقاومة للحصار.. إنه رغم التحديات نستطيع أن نقدم وننشر رسائل ثقافية لكل العالم تقف فى وجه العدوان".
الحلم ربما يموت مع موت صاحبه ولكن حينما يتحول الحلم إلى فكرة تتناقل من جيل إلى آخر يصبح من الصعب وربما من المستحيل أن يقتل هذا الحلم ولذلك كان غرس الحلم فى عقل وقلب الأطفال مهمة رئيسية وضعها "فدائيو الرسم" ضمن أهم أهدافهم ليتحركوا منذ 2022 فى عدد كبير من المدارس يعلمون الأطفال الذين لم يشاركوا فى اتفاقيات أو يشاهدوا حروبا وعلى الرغم من ذلك ورثوا كيفية الرسم والتعبير عن أوضاعهم وآمالهم فوق جدران بلادهم.
من حق عودة اللاجئين وقصص المعاناة وأحلام الحرية فوق حوائط المخيمات، والتراث المعمارى فى رسم البيوت القديمة وإعادة رسم لوحات الفنانين الفلسطينيين فى شوارع البلد العتيقة حيث سكن عبق التاريخ ومر الأنبياء واحدا تلو الآخر وتعاقب العتاة والطامعين فى تناقض هو الأغرب من نوعه، إلى التواجد فى قرى الأطفال ببيت لحم.. رسمت "ع الحيطة" خمسين موقعا حتى الآن متحدية كل الصعاب التى واجهتها بسلاح الأمل ويقول علاء "لقد قابلتنا العديد من الأزمات وخصوصا أننا كنا أول مجموعة شبابية تعمل فى مجال الرسم على الجدران بشكل طوعى، ودون وجود أجندات تنتمى إلى أحزاب سياسية أو مؤسسات بعينها".
أصحاب فرشات التحدى كانت أكبر مشاكلهم هى الدعم المادى وخصوصا أنهم جميعا لم يتجاوزا المرحلة الجامعية إضافة إلى مشكلة توفير مساحات للعمل من قبل البلديات والمجالس المحلية ولكنهم لم ييئسوا ليتجهوا للعمل فى أقل الإمكانيات التى تتوفر بين أيديهم مثل التقدم إلى مشاريع صغيرة مع مجموعات أخرى ويتابع علاء "آخر أمثلة ذلك كان جزءا من مشروع إشراك طلاب المدارس فى الرسم الذى دعمته مؤسسة نسيج والتعاون مع بلدية البيرة فى رسم جداريات داخل محيط البلدة القديمة لثلاثة أيام".
من تجمعهم فى مجال الرسم، ورابط الصداقة الذى جمعهم حتى قبل فكرة "ع الحيطة" والإيمان المشترك فى أنهم يستطيعون التغيير من خلال ما يحملوه من قدرات غزل الشباب بعناية وقوة أشرعة سفينة جديدة للمقاومة الفلسطينية التى بدأت بإلقاء الحجارة واستمرت حتى الرسم عليها بعد أن مرت بالعديد من المراحل عبر تاريخ طويل.
دمتم بكل خير