أيتها الكحيلة العينين ..أيتها المتشحة بالفتنة التي في الكون
كله …كان لقءنا يومها اشراقة بلا غروب …لقد رسمنا علي
خيوطها الذهبية دروبا للهوي تكتبها اللحظات بماء القلوب …
كان تجوالنا معا في تلك المرافئ القديمة وعلي تلك التلال
يدفعنا إلي التحليق كملاكين عاشقين حتي قمة العشق التي
في الدنيا ..كنا نلهوا عابثين وغير مبالين ..نمارس حبنا
بهدوء …نجلس كطائرين جميلين باطمئنان علي الأعشاب
المبللة بالندي ولا نبالي …
كنتُ أُحبكِ بشغف لا مثيل له …وتبادلينني أنتِ أيضا غراما
كما في الخيال …
علي تلك المروج المتناهية الخضرة والسحر …كنتُ يا سيدتي
أحتضن جميلةً عربيةً ذات حُسْنِ وبهاء منقطعة النظير …
مختلفةٌ أنتِ عن شقراوات تلك البلاد التي التقينا فيها …هناك
في شمال فرنسا وعلي بُعدِ امتار قليلة من القنال الذي صار
فيما بعدُ قطارا يسير تحت الماء ..( بعدما غاب عن الدنيا نزار
قباني الذي تنفس تحت الماء في إحدي روائعه ) ..هناك في
مرفئ دانكيرك القديم …وعلي اشلاء قضبانه المتهالكة جلسنا
معا كعاشقين ولا أحدٌ هناك يعرفنا ..ولا أحدٌ يلتفت إلينا ..ولا
أحدٌ يوقفنا عن ممارسة حبنا المليئ بالشوق والعشق والقبلات
وعشرات الحكايا …لم يخطر ببالنا لحظةً واحدةً أننا سنفترقُ
يوما ..لم نُفكر في هذا ..غريبٌ أن يحدث معنا هذا الحب الواثق
من نفسه حد الغرور وحد البلاهة …كنا ندرس هناك ..وكنا من
بلدين عربيين مختلفين …ولكننا أحببنا بعضنا بعشق أعتبره
اسطوريا بالفعل …لقد ذاب كل منا في الآخر دون استئذان …
كنا كعاشقين في زمن خيالي ليس هذا كما كنتُ أقول لكِ دائما ..
لم نحسب للأيام أي حساب ..لكنها فعلت وكانت لنا بالمرصاد
يوما …واضطررتُ للعودة لبلدي تحت ظرف اجتماعي بالغ
القسوة …ويوم وداعكِ ..ذاك الذي لن أنساه ما بقيت حيا ..
رأيت دموعكِ لأول مرة أيتها الساحرة العينين حتي وهي تبكي ..
يومها كان لنا موعدٌ لم نسجله في ذاكرتنا للفراق …لكن الأيام
قد حفظته لنا …لتفاجئنا به …وما أقسي ذلك اليوم يا حبيبتي ..
فوداعا أيتها الرائعةُ مثلما لم أتصور …وقد نلتقي يوما ..أو لا
نلتقي …لا أُريد عذابكِ مرةً أخري …
فانتظريني عند كل مرافئ العالم …وانتظري الشتاء …