التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

صفية بنت عبد المطلب مقاتلة اليهود !


صفية بنت عبد المطلب مقاتلة اليهود!

ستبقى سير عظماء المسلمين رجالا ونساء نبراسا تهدي به الأمة على مر التاريخ، حيث تؤكد سير هؤلاء العظماء أن الإنسان لا يبقى منه إلا موقفه، ولكل حظه من المواقف النبيلة وغير النبيلة، وقد يتوقف التاريخ أمام بعض الرجال أو النساء لمواقفهم الشجاعة، وقد يعبر على كثيرين دون أن يعيرهم أي اهتمام.

وتعد السيدة صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنها وعمة النبي صلى الله عليه وسلم من أولئك الذين لا يمكن نسيانهم أو تجاهل تاريخهم، وقد كان لها مواقف بارزة في نصرة جيش المسلمين في غزوة حنين، حين قامت بحماية المدينة والدفاع عن نسائها والذراري ضد المعتدين اليهود.

والسيدة صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية، هي أخت حمزة لأمه، ولدت في عام 570م أي قبل 43 سنة من الهجرة النوبية المباركة.

نشأت السيدة صفية في بيت عبدالمطلب جد النبي صلي الله عليه وسلم، وتزوجت ـ قبل الإسلام ـ من الحارث بن حرب بن أمية أخو أبو سفيان بن حرب، مات زوجها الحارث، تزوجها العوام بن خويلد فولدت له الزبير بن العوام، والشائب بن العوام

صفية رضي الله عنها مع ولدها الزبير وأخيها حمزة، بايعت النبي وهاجرت إلى المدينة، وكانت من أوائل المهاجرات، وما يذكر في ذلك، أنه لم يختلف في إسلامها كما اختلف في إسلام غيرها من عمات الرسول (صلى الله عليه وسلم).

وكانت صفية مقاتلة شجاعة، ويذكر التاريخ لها أنها نالت شرف الصحبة، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث وروي عنها، ويذكر لها أنها لما استشهد شقيقها حمزة، حزنت عليه حزنا شديدا، وعصف بها الحزن بعد ما مثل المشركون بجثته بعد استشهاده، ولكنها قالت: "بلغني أنه مثل بأخي، وذاك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك! لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله"، وأتت موضع استشهاد حمزة بأحد، فنظرت إليه، واستغفرت له، ثم عادت أدراجها تسترجع وتستغفر ولا تزيد.

وقد عُرف عنها الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله، وكانت ترى كل المصائب هينة، مهما عظمت ما دامتْ في سبيل الله، وكانت قدوة، في إيمانها وصبرها، وقد روت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث الشريفة.

وقد كان لها رضي الله عنها العديد من المواقف المشهودة، فتروى كتب التاريخ دورها في غزوة الخندق عندما خرج المسلمون لغزوة الخندق أمام الأحزاب، وأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم)بحماية النساء والضعفاء في أماكن آمنة داخل المدينة.

وعندما تحالف بنو قريظة مع الأحزاب، قرر المتحالفون إبادة المسلمين، وكانت خطتهم هي تهديد بنو قريظة لنساء المسلمين وشيوخهم وأطفالهم داخل المدينة، مما يدفع المسلمين للانسحاب من مواضعهم في الخندق للدفاع عن ذويهم، وحينها يقتحم الأحزاب الخندق ويهزمون المسلمين. ولتنفيذ الخطة، بعثت قريظة واحدا من رجالها الأذكياء، فتسلل إلى الآطام التي فيها عوائل المسلمين، وكانت مهمته معرفة أماكن النساء والذراري ومعرفة درجة حمايتهم!

وكانت صفية حينها في حصن فارع لصاحبه حسان بن ثابت، فلمحت اليهودي، وأخذت عمودا ونزلت من الحصن إليه وضربته بالعمود على رأسه بقوة حتى قتله، وانتظرت قريظة عودة ذلك اليهودي إليهم دون جدوى، فحسبوا أن نساء المسلمين وذراريهم ليسوا وحدهم، بل في حماية قوة ضاربة من المسلمين، ولذلك قبع اليهود في حصونهم لا يفكرون في التعدي على نساء المسلمين وذراريهم.

وفي عام 20 من الهجرة توفيت السيدة صفية رضي الله عنها، في خلافة عمر بن الخطاب(رضى اللَّه عنه) عن ثلاث وسبعين سنة، ودفنت في البقيع

اختكم
وتين الروح

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصة النبي اسحاق رضي الله عنه

بسم الله الرحمن الرحيم

قصة إسحاق و يعقوب عليهما السلام

******************************************

ولد اسحاق ولأبيه مائة سنة، بعد أخيه إسماعيل بأربع عشر سنة، وكان عمر أمه سارة حين بُشّرت به تسعين سنة.

قال الله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ}.

وقد ذكر الله تعالى بالثناء عليه في غير ما آية من كتابه العزيز.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".

وذكر أهل الكتاب : أن اسحاق لما تزوج رفقا بنت بتواييل في حياة أبيه كان عمره أربعين سنة، وأنها كانت عاقراً فدعا الله لها فحملت، فولدت غلامين توأمين أولهما اسمه (عيصو) وهو الذي تسميه العرب العيص، وهو والد الروم. والثاني خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه "يعقوب" وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل.

قالوا: وكان إسحاق يحب عيصو أكثر من يعقوب، لأنه بكره، وكانت أمهما رفقا تحبُّ يعقوب أكثر لأنه الأصغر.

قالوا: فلما كبر إسحاق وضعف بصره اشتهى على ابنه العيص طعاماً، وأمره أن يذهب فيصطاد له صيداً، ويطبخه له ليبارك عليه ويدعو له، وكان العيص صاحب صيد فذهب يبتغي ذلك، فأمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جَدْيَيْنِ من خيار غنمهِ ويصنع منهما طعاماً كما اشتهاه أبوه، ويأتي إليه به قبل أخيه، ليدعو لهن فقامت فألبسته ثياب أخيه، وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين، لأن العيص كان أشعر الجسد، ويعقوب ليس كذلك

فلما جاء به وقربه إليه قال: من أنت

قال: ولدك، فضمه إليه وجسَّه وجعل يقول: أما الصوت فصوت يعقوب، وأما الجُسُّ والثياب فالعيص، فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدراً، وكلمته عليهم وعلى الشعوب بعده، وأن يكثر رزقه وولده.

فلما خرج من عنده جاء أخوه العيص بما أمره به والده فقربه إليه، فقال له: ما هذا يا بني؟

قال: هذا الطعام الذي اشتهيته.

فقال: أما جئتني به قبل السّاعة وأكلت منه ودعوت لك؟

فقال: لا والله. وعرف أن أخاه قد سبقه إلى ذلك، فوجد في نفسه عليه وجداً كثيراً. وذكروا أنه تواعده بالقتل إذا مات أبوهما، وسأل أباه فدعا له بدعوة أخرى، وأن يجعل لذريته غليظ الأرض، وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم.

فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيصُ أخاه يعقوب، أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها "لابان" الذي بأرض حران، وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه، وأن يتزوج من بناته، وقالت لزوجها إسحاق أن يأمره بذلك ويوصيه ويدعو له ففعل.

فخرج يعقوب عليه السلام من عندهم من آخر ذلك اليوم

قالوا: فما قدم يعقوب على خاله أرض حران إذا له ابنتان اسم الكبرى "ليا" واسم الصغرى "راحيل" وكانت أحسنهما وأجملهما فطلب يعقوب الصغرى من خاله، فأجابه إلى ذلك بشرط أن يرعى على غنمه سبع سنين، فلما مضت المدة على خاله "لابان"، صنع طعاماً وجمع الناس عليه، وزفّ إليه ابنته الكبرى "ليا"، وكانت ضعيفة العينين قبيحة المنظر.

فلما أصبح يعقوب إذا هي "ليا"، فقال لخاله: لم غدرت بي، وأنت إنما خطبت إليك راحيل؟.

فقال: إنه ليس من سنتنا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى، فإن أحببت أختها فاعمل سبع سنين أخرى، وأزوجكها.

فعمل سبع سنين وأدخلها عليه مع أختها وكان ذلك سائغاً في ملّتهم. ثم نسخ في شريعة التوراة

ووهب "لابان" لكل واحدة من ابنتيه جارية فوهب لليا جارية اسمها "زلفى"، ووهب لراحيل جارية اسمها "بلهى".

وجبر الله تعالى ضعف "ليا" بأن وهب لها أولاداً، فكان أول من ولدت ليعقوب روبيل، ثم شمعون، ثم لاوي، ثم يهوذا، فغارت عند ذلك "راحيل

ثم دعت الله تعالى "راحيل" وسألته أن يهب لها غلاماً من يعقوب فسمع الله ندائها وأجاب دعائها فحملت من نبي الله يعقوب فولدت له غلاماً عظيماً شريفاً حسناً جميلاً سمته "يوسف".

كل هذا وهم مقيمون بأرض حران وهو يرعى على خاله غنمه بعد دخوله على البنتين ست سنين أخرى، فصار مدة مقامه عشرين سنة.

فطلب يعقوب من خاله لابان أن يسرّحه ليمر إلى أهله .. فذهب إلى أهله و اجتمع بأخيه العيص

فلما رآه العيص تقدم إليه واحتضنه وقبله وبكى، ورفع العيصُ عينيه ونظر إلى النساء والصبيان، فقال: من أين لك هؤلاء؟ فقال هؤلاء الذين وهب لعبدك

ورجع العيص فتقدم أمامه، ولحقه يعقوب بأهله وما معه من الأنعام والمواشي والعبيد، قاصدين جبال "ساعير".

فلما مر بساحور، ابتنى له بيتاً ولدوا به ظلالاً، ثم مر على أورشليم ، فنزل قبل القرية، واشترى مزرعة ، فضرب هنالك فسطاطه، وابتنى ثم مذبحاً، فسماه "إيل" إله إسرائيل وأمره الله ببنائه ليستعلن له فيه ، وهو بيت المقدس اليوم، الذي جدده بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام

ثم حملت "راحيل" فولدت غلاماً هو "بنيامين" إلاّ أنها جهدت في طلقها به جهداً شديداً، وماتت عقيبه، فدفنها يعقوب في وهي بيت لحم، وصنع يعقوب على قبرها حجراً، وهي الحجارة المعروفة بقبر راحيل إلى اليوم. وكان أولاد يعقوب الذكور اثني عشر رجلاً، فمن ليا: روبيل، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وايساخر، وزابلون، ومِنْ راحيل : يوسف، وبنيامين، ومن أمة راحيل: دان، ونفتالي. ومن أمة ليا: جاد، واشير، عليهم السلام.

وجاء يعقوب إلى أبيه اسحاق فأقام عنده بقرية حبرون، التي في أرض كنعان، حيث كان يسكن إبراهيم، ثم مرض إسحاق، ومات عن مائة وثمانين سنة ، ودفنه ابناه العيص ويعقوب مع أبيه إبراهيم الخليل في المغارة التي اشتراها كما قدمنا.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

معجزات البحر وعيون الماء في الاسلام

معجزات البحر وعيون الماء

البحر ينشق نصفين

قال تعالى:{ فأحينا الى موسى أن اضرب بعصاك البحر, فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم* وأزلفنا ثم الآخرين* وأنجينا موسى ومن معه أجمعين* ثم أغرقنا الآخرين* ان في ذلك لآية, وما كان أكثرهم مؤمنين}. الشعراء 63-67.

تعدّد ت معجزات موسى عليه السلام مع البحر والنهر وعيون الماء وقد وهب الله موسى هذه المعجزات كي يمكّن المؤمنين من دعوته وينصر موسى عليه السلام على أعدائه, ولكي تكون هذه المعجزات عبرا ايمانية ودروسا تستجيب أمامها العقول المتحجرة, ولو نظرنا لموسى عليه السلام, نجد أن حياته بدأت بصندوق حمله في نهر النيل الى أن وصل الى قصر فرعون, فحملته آسية امرأة فرعون وتربّى موسى عليه السلام في قصر فرعون على ضفاف النيل.

ومعجزة موسى مع البحر بدأ بغباء فرعون وقومه, فأرسل الله عليهم آيات العذاب كالجراد والضفادع, ثم وقعت آخر آيات العذاب الدنيوي, وهي آية الدم.

لقد تحوّلت مياه النيل الى دم لا يستطيع أن يسيغه أحد وكانت آية جديدة على قوم فرعون اذ أن الآيات السابقة كانت من النوع المعروف في البيئة الزراعية, التي تقوم حياتها على النهر, سواء أفاض النهر أم أمسك عن فيضانه.

أما آخر الآيات التي عذب بها قوم فرعون فهي الدم, وهذا لون جديد لم تألفه البيئة المصرية, لقد تحولت مياه النيل الى دم, وتمّ هذا التحوّل الى المصريين من أتباع فرعون, فكان موسى وقومه يشربون مياها عاديّة, وكان أي مصري يملأ كأسه ليشرب, يكتشف أن كأسه مملوء بالدم.

كانت هذه الآية من آيات العذاب بمثابة صدمة اهتز لها المصريون وقصر فرعون, انها آية رهيبة وكارثة ضخمة.

ولم يجدوا أمامهم ملاذا يتوسّلون اليه ليتخلصوا من عذاب هذه الآية الرهيبة سوى موسى عليه السلام فذهبوا يتوسلون اليه ويرجونه أن يدعو ربه, وقالوا انهم مقابل ذلك سوف يطلقون سراح بني اسرائيل هذه المرّة بعد أن رفضوا خروجهم ومنعوهم قبل ذلك مرّات ومرّات.

استجاب موسى عليه السلام لتوسلاتهم التي طالما كرروها في مواقف عدة ولم يوفوا بعهودهم أبدا, ودعا موسى ربه فانكشف عنهم العذاب, وعاد الماء صافيا, فشربوا منه وارتووا, ولما حان تنفيذ وعدهم والوفاء بعهدهم الذي عاهدوه موسى عليه السلام رفضوا, ورفض فرعون أن يسمح لموسى باصطحاب قومه من بني اسرائيل والرحيل بهم وزاد الأمر تعقيدا, أن فرعون تشدد أكثر في كفره, واشتد في الهجوم على موسى, وأعلن بين قومه أنه اله, وقال: اليس لي ملك مصر, وهذه الأنهار التي تجري من تحتي؟ وأعلن فرعون أن موسى ساحر كذاب, وأنه رجل فقير لا يملك مالا ولا يملك أسورة واحدة من الذهب.

وقد قصّ القرآ، كل هذا المشهد المثير فقال عز وجل:

{ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا الى فرعون وملئه فقال اني رسول رب العالمين* فلما جاءهم بآياتنا اذا هم منها يضحكون* وما نريهم من آية الا هي أكبر من أختها, وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون* وقالوا يا أيّه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك اننا لمهتدون* فلما كشفنا عنهم العذاب اذا هم ينكثون* ونادى فرعون في قومه قال ياقوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون* أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين* فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين* فاستخف قومه فأطاعوه, انهم كانوا قوما فاسقين*}. الزخرف 46-54.

هكذا بدا فرعون متجبرا مغرورا, وبدا واضحا لموسى عليه السلام أن هذا الفرعون وقومه لن يؤمنوا مهما أعطوا من عهود, وأن فرعون لن يكف عن تعذيب بني اسرائيل, والاستخفاف بهم. شعر موسى عليه السلام أنه لا فائدة من هؤلاء, ومن كبيرهم الفرعون. لقد أغلقوا عقولهم في وجه الايمان, وأغمضوا عيونهم لكي لا ترى جمال الخالق وعبرة خلقه الماثلة أمامهم.

وجاء الدعاء من موسى عليه السلام, جاء هذه المرّة غاضبا ساحقا لا رجعة عنه, وقف مع أخيه هارون وقد شاركه هذا الاحساس بأنه لا فائدة من هؤلاء, رفع موسى يده الى السماء ورفع هارون يده الى السماء ودعا كل منهما ربه فقال: وقال موسى:{ يارب ان هؤلاء قوم لا يؤمنون * فاصفح عنهم وقل سلام, فسوف يعلمون} الزخرف 88-89.

وقد استجاب الله عز وجل لهذ الدعاء, وخاطب موسى وهارون فقال لهما:

قال:{ لقد أجيبت دعوتكما فاستقيما لي ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} يونس 89.

ترى ما هي الخطوة القادمة؟ ماذا عليه أن يفعل موسى؟

لقد أمر أن يخرج من مصر, وأذن له بالخروج من مصر واصطحاب قومه معه.

والغريب أن بعض قوم موسى كانوا لم يؤمنوا به بعد وقد ذكرهم الله في آياته فقال عز وجل:

{ فما آمن لموسى الا ذريّة من قومه على خوف من فرعون وملاءيهم أن يفتنهم, وان فرعون لعال في الأرض وانه لمن المسرفين} يونس 83.

لقد انتهى أمر فرعون, وانصرفت مشيئة الله عز وجل أن يوضع حد لجرائم هذا الكافر اللعين, بعد أن استنفدت معه كافة الطرق وخرج من رحمة ربه, صدر الأمر لموسى بالخروج من مصر, واستأذن بنو اسرائيل فرعون في الخروج الى عيد لهم, فأذن لهم وهو كاره, وتجهزوا للخروج وتأهبوا وحملوا معهم حليهم واستعاروا من حلي المصريين شيئا كثيرا.

ومع دخول الليل خرج بنو اسرائيل يتقدمهم موسى عليه السلام وسار بهم نحو البحر الأحمر قاصدا بلاد الشام.

وما هي الا لحظات حتى التقطت وسائل التجسس الخاصة بفرعون واستخباراته, التقطت أخبار خروج موسى مصطحبا قومه الى بلاد الشام وأنه خرج ليلا.

ثار فرعون ثورة عارمة, وأمر أن يحشد جيش عظيم, من كل المملكة, وقال في سياق أوامره الثائرة الغاضبة أن موسى غاظه, فقال:{وانهم لنا لغائظون} الشعراء 55, لقد غاظني موسى, ولا بد من قتاله والقضاء عليه وعلى بني اسرائيل.. وأعلن ذلك صراحةأمام الناس.

وفي وقت قصير جمع فرعون جيشا ضخما, جاء لمطاردة موسى والقضاء عليه, وخرج جيش فرعون مسرعا, كان المشهد مخيفا مهيبا لكثرة عدد الجند وكثافة السلاح الذي يحملونه في ذلك الوقت, بينما حمل بنو اسرائيل جزءا من متاعهم وخرجوا خائفين.

بدأت المطاردة العنيفة, فجيش فرعون يجري بأقصى سرعة, ويطوي الطريق طيّا, في حين أن موسى وبني اسرائيل لم يكونوا بهذه السرعة, لكثرة ما حملوا على ظهورهم وأكتافهم من متاع أحبوا أن يحتفظوا بها لأنفسهم, واقترب جيش فرعون من موسى وقومه, وكلما نظر القوم خلفهم هالهم هذا الجيش الضخم.

ومن بعيد.. ثار غبار يدل على أن جيش الفرعون يقترب, واقترب فعلا وظهرت أعلام الجيش, وامتلأ قوم موسى بالرعب.. لقد كان الموقف حرجا وخطيرا جدا, لقد وجدوا البحر أمامهم والعدو الظالم خلفهم يلاحقهم كي يقضي عليهم وليست أمامهم فرصة واحدة للدفاع عن أنفسهم, انهم مجموعة من النساء والأطفال والرجال غير المسلحين.

لو لحق بهم فرعون فسيذبحهم جميعا, ولن يبقى منهم أحدا.

بدأت الناس تبكي خوفا, ونادت أصوات تقول:

سيدركنا يا موسى.. سيدركنا فرعون.

فقال لهم موسى عليه السلام بهدوء واطمئنان شديد:

كلا.. ان معي ربي سيهدين.

لجأ موسى عليه السلام في هذه الللحظات الى ربه, اذ لا ملجأ الا اليه سبحانه عز وجل, فتلقى أمرا صريحا ووحيا كاملا بأن يضرب بعصاه البحر.

جاء ذلك في القرآن الكريم فقال عز وجل:

{فأتبعوهم مشرقين* فلما تراآ الجمعان قال أصحاب موسى انا لمدركون* قال كلا ان معي ربي سيهدين * فأوحينا الى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم}

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

ادعية الانبياء


ادعية الانبياء

آدم :

" ربنا إنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " .

نوح :

" رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولاتزد الظالمين الا تبارا " .

هود :

" اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم " .

ابراهيم واسماعيل :

" ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم
وتب علينا انك انت التواب الرحيم " .

يوسف :

" فاطر السموات والارض انت وليي في الدنيا والاخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين " .

شعيب :

" وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين " .

موسى :

" رب بما انعمت علي فلن اكون ظهيراللمجرمين
رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي " .

سليمان :

" رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين " .

أيوب :

" رب إنى مسني الضر وانت ارحم الراحمين " .

ذا النون :

" لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين " .

زكريا :

" رب لا تذرني فرداً وانت خير الوارثين " .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

افتراضي كهنة اليهود و قائد البربر و الحجاج مع ابن الزبير – قصص انبياء

بسم الله الرحمن الرحيم

كان جنينا مباركا في بطن أمه, وهي تقطع الصحراء اللاهبة مغادرة مكة إلى المدينة على طريق الهجرة العظيم.

هكذا قدّر لعبدالله بن الزبير أن يهاجر مع المهاجرين وهو لم يخرج إلى الدنيا بعد, ولم تشقق عنه الأرحام..!!

وما كادت أمه أسماء رضي الله عنها وأرضاها, تبلغ قباء عند مشارف المدينة, حتى جاءها المخاض ونزل المهاجر الجنين إلى أرض المدينة في نفس الوقت الذي كان ينزلها المهاجرون من أصحاب رسول الله..!!

وحمل أول مولود في الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره بالمدينة فقبّله وحنّكه, وكان أول شيء دخل جوف عبدالله بن الزبير ريق النبي الكريم.

واحتشد المسلمون في المدينة, وحملوا الوليد في مهده, طوّفوا به في شوارع المدينة كلها مهللين مكبّرين.
ذلك أن اليهود حين نزل الرسول وأصحابه المدينة كبتوا واشتعلت أحقادهم, وبدأوا حرب الأعصاب ضد المسلمين, فأشاعوا أن كهنتهم قد سحروا المسلمين وسلطوا عليهم العقم, فلن تشهد المدينة منهم وليدا جديدا..

فلما أهلّ عبدالله بن الزبير عليهم من عالم الغيب, كان وثيقة دمغ بها القدر إفك يهود المدينة وأبطل كيدهم وما يفترون..!!

إن عبدالله لم يبلغ مبلغ الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولكنه تلقى من ذلك العهد, ومن الرسول نفسه بحكم اتصاله الوثيق به, كل خامات رجولته ومبادئ حياته التي سنراها فيما بعد ملء الدنيا وحديث الناس..

لقد راح الطفل ينمو نموّا سريعا, وكان خارقا في حيويته, وفطنته وصلابته..
وارتدى مرحلة الشباب, فكان شبابه طهرا, وعفة ونسكا, وبطولة تفوق الخيال..
ومضى مع أيامه وقدره, لا تتغيّر خلائقه .. إنما هو رجل يعرف طريقه, ويقطعه بعزيمة جبارة, وإيمان وثيق وعجيب..

وفي فتح افريقية والأندلس, والقسطنطينية.
كان وهو لم يجاوز السابعة والعشرين بطلا من أبطال الفتوح الخالدين..

وفي معركة افريقية بالذات وقف المسلمون في عشرين ألف جندي أمام عدو قوام جيشه مائة وعشرون ألفا..
ودار القتال, وغشي المسلمين خطر عظيم..
وألقى عبد الله بن الزبير نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوتهم. وما كان هذا المصدر سوى ملك البربر وقائد الجيش, يصيح في جنوده ويحرضهم بطريقة تدفعهم إلى الموت دفعا عجيبا..
وأدرك عبدالله أن المعركة الضارية لن يحسمها سوى سقوط هذا القائد العنيد..
ولكن أين السبيل إليه, ودون بلوغه جيش لجب, يقاتل كالإعصار..؟؟
بيد أن جسارة ابن الزبير وإقدامه لم يكونا موضع تساؤل قط..!!
هنالك نادى بعض إخوانه, وقال لهم:
" احموا ظهري, واهجموا معي"…
وشق الصفوف المتلاحمة كالسهم صامدا نحو القائد, حتى إذا بلغه, هو عليه في كرّة واحدة فهوى, ثم استدار بمن معه إلى الجنود الذين كانوا يحيطون بملكهم وقائدهم فصرعوهم.. ثم صاحوا الله أكبر..
ورأى المسلمون رايتهم ترتفع, حيث كان يقف قائد البربر يصدر أوامره ويحرّض جيشه, فأدركوا أنه النصر, فشدّوا شدّة رجل واحدة, وانتهى كل شيء لصالح المسلمين..

وعمل قائد الجيش المسلم عبدالله بن أبي سرح بالدور العظيم الذي قام به ابن الزبير فجعل مكافأته أن يحمل بنفسه بشرة النصر إلى المدينة والى خليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه..
على أن بطولته في القتال كانت برغم تفوقها وإعجازها تتوارى أمام بطولته في العبادة.
فهذا الذي يمكن أن يبتعث فيه الزهو, وثني الأعطاف, أكثر من سبب, يذهلنا بمكانه الدائم والعالي بين الناسكين العابدين..
فلا حسبه, ولا شبابه, ولا مكانته ورفعته, ولا أمواله ولا قوته..
لا شيء من ذلك كله, استطاع أن يحول بين عبدالله بن الزبير وبين أن يكون العابد الذي يصوم يومه, ويقوم ليله, ويخشع لله خشوعا يبهر الألباب.

قال عمر بن عبدالعزيز يوما لابن أبي مليكة: صف لنا عبدالله بن الزبير. فقال:
" والله ما رأيت نفسا ركبت بين جنبين مثل نفسه..
ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليها..
وكان يركع أو يسجد, فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله,
لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارا, أو ثوبا مطروحا..
ولقد مرّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي, فوالله ما أحسّ بها ولا اهتز لها, ولا قطع من أجلها قراءته, ولا تعجل ركوعه"..!!

إن الأنباء الصادقة التي يرويها التاريخ عن عبادة ابن الزبير لشيء يشبه الأساطير..

فهو في صيامه, وفي صلاته, وفي حجه, وفي علوّ همّته, وشرف نفسه..
في سهره طوال العمر قانتا وعبدا..
وفي ظمأ الهواجر طوال عمره صائما مجاهدا..
وفي إيمانه الوثيق بالله, وفي خشيته الدائمة له..
هو في كل هذا نسيج وحده..!

سئل عنه ابن عباس فقال على الرغم مما كان بينهما من خلاف:
" كان قارئا لكتاب الله, متبعا سنة رسوله.. قانتا لله, صائما في الهواجر من مخافة الله.. ابن حواريّ رسول الله.. وأمه أسماء بنت الصديق.. وخالته عائشة زوجة رسول الله.. فلا يجهل حقه فالا من أعماه الله"..!!

وهو في قوة خلقه وثبات سجاياه, يزري بثبات الجبال..
واضح شريف قوي, على استعداد دائم لأن يدفع حياته ثمنا لصراحته واستقامة نهجه..

أثناء نزاعه مع الأمويين زاره الحصين بن نمير قائد الجيش الذي أرسله يزيد لإخماد ثورة بن الزبير..
زاره اثر وصول الأنباء إلى مكة بموت يزيد..
وعرض عليه أن يذهب معه إلى الشام, ويستخدم الحصين نفوذه العظيم هناك في أخذ البيعة لابن الزبير..
فرفض عبدالله هذه الفرصة الذهبية, لأنه كان مقتنعا بضرورة القصاص من جيش الشام جزاء الجرائم البشعة التي ارتكبها رجاله من خلال غزوهم الفاجر للمدينة, خدمة لأطماع الأمويين..
قد نختلف مع عبدالله في موقفه هذا, وقد نتمنى لو أنه آثر السلام والصفح, واستجاب للفرصة النادرة التي عرضها عليه الحصين قائد يزيد..
ولكنّ وقفة الرجل أي رجل, إلى جانب اقتناعه واعتقاده.. ونبذه الخداع والكذب, أمر يستحق الإعجاب والاحترام..

وعندما هاجمه الحجاج بجيشه, وفرض عليه ومن معه حصارا رهيبا, كان من بين جنده فرقة كبيرة من الأحباش, كانوا من أمهر الرماة والمقاتلين..
ولقد سمعهم يتحدثون عن الخليفة الراحل عثمان رضي الله عنه, حديثا لا ورع فيه ولا إنصاف, فعنّفهم وقال لهم:" والله ما أحبّ أن أستظهر على عدوي بمن يبغض عثمان"..!!
ثم صرفهم عنه في محنة هو فيها محتاج للعون, حاجة الغريق إلى أمل..!!

إن وضوحه مع نفسه, وصدقه مع عقيدته ومبادئه, جعلاه لا يبالي بأن يخسر مائتين من أكفأ الرماة, لم يعد دينهم موضع ثقته واطمئنانه, مع أنه في معركة مصير طاحنة, وكان من المحتمل كثيرا أن يغير اتجاهها بقاء هؤلاء الرماة الأكفاء إلى جانبه..!!

ولقد كان صموده في وجه معاوية وابنه يزيد بطولة خارقة حقا..

فقد كان يرى أن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان آخر رجل يصلح لخلافة المسلمين, إن كان يصلح على الإطلاق.. هو محق في رأيه, فـ يزيد هذا كان فاسدا في كل شيء.. لم تكن له فضيلة واحدة تشفع لجرائمه وآثامه التي رواها إلينا التاريخ..
فكيف يبايعه ابن الزبير؟؟

لقد قال كلمة الرفض قوية صادعة لمعاوية وهو حي..
وها هو ذا يقولها ليزيد بعد أن صار خليفة, وأرسل إلى ابن الزبير يتوعده بشرّ مصير..
هناك قال ابن لزبر:
" لا أبايع السكّير أبدا".
ثم أنشد:
ولا الين لغير الحق أساله حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

وظل ابن الزبير أميرا للمؤمنين, متخذا من مكة المكرّمة عاصمة خلافته, باسطا حكمه على الحجاز, واليمن والبصرة الكوفة وخراسان والشام كلها ما عدا دمشق بعد أن بايعه أهل الأمصار جميعا..

ولكن الأمويين لا يقرّ قرارهم, ولا يهدأ بالهم, فيشنون عليه حروبا موصولة, يبوؤون في أكثرها بالهزيمة والخذلان..

حتى جاء عهد عبدالملك بن مروان حين ندب لمهاجمة عبدالله في مكة واحدا من أشقى بني آدم وأكثرهم إيغالا في القسوة والإجرام..
ذلكم هو الحجاج الثقفي الذي قال عنه الإمام العادل عمر بن عبدالعزيز:
" لو جاءت كل أمة بخطاياها, وجئنا نحن بالحجاج وحده, لرجحناهم جميعا"..!!

ذهب الحجاج على رأس جيشه ومرتزقته لغزو مكة عاصمة ابن الزبير, وحاصرها وأهلها قرابة ستة أشهر مانعا عن الناس الماء والطعام, كي يحملهم على ترك عبدالله بن الزبير وحيدا, بلا جيش ولا أعوان.

وتحت وطأة الجوع القاتل استسلم الأكثرون, ووجد عبدالله نفسه, وحيدا أو يكاد, وعلى الرغم من أن فرص النجاة بنفسه وبحياته كانت لا تزال مهيأة له, فقد قرر أن يحمل مسؤوليته إلى النهاية, وراح يقاتل جيش الحجاج في شجاعة أسطورية, وهو يومئذ في السبعين من عمره..!!

ولن نبصر صورة أمينة لذلك الموقف الفذ إلا إذا أصغينا للحوار الذي دار بين عبدالله وأمه. العظيمة المجيدة أسماء بنت أبي بكر في تلك الساعات الأخيرة من حياته.
لقد ذهب إليها, ووضع أمامها صورة دقيقة لموقفه, وللمصير الذي بدأ واضحا أنه ينتظره..

قالت له أسماء:
" يا بنيّ: أنت أعلم بنفسك, إن كنت تعلم أنك على حق, وتدعو إلى حق, فاصبر عليه حتى تموت في سبيله, ولا تمكّن من رقبتك غلمان بني أميّة..
وان كنت تعلم أنك أردت الدنيا, فلبئس العبد أنت, أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك.

قال عبد الله:
" والله يا أمّاها أردت الدنيا, ولا ركنت إليها.
وما جرت في حكم الله أبدا, ولا ظلمت ولا غدرت"..

قالت أمه أسماء:
" إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسنا إن سبقتني إلى الله أو سبقتك.
اللهم ارحم طول قيامه في الليل, وظمأه في الهواجر, وبرّه بأبيه وبي..
اللهم إني أسلمته لأمرك فيه, ورضيت بما قضيت, فأثبني في عبدالله بن الزبير ثواب الصابرين الشاكرين.!"

وتبادلا معا عناق الوداع وتحيته.
وبعد ساعة من الزمان انقضت في قتال مرير غير متكافئ, تلقى الشهيد العظيم ضربة الموت, في وقت استأثر الحجاج فيه بكل ما في الأرض من حقارة ولؤم, فأبى إلا أن يصلب الجثمان الهامد, تشفيا وخسّة..!!

وقامت أمه, وعمرها يومئذ سبع وتسعون سنة, قامت لترى ولدها المصلوب.
وكالطود الشامخ وقفت تجاهه لا تريم..

واقترب الحجاج منها في هوان وذلة قائلا لها:
يا أماه, إن أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان قد أوصاني بك خيرا, فهل لك من حاجة..؟
فصاحت به قائلة:

" لست لك بأم..
إنما أنا أم هذا المصلوب على الثنيّة..
وما بي إليكم حاجة..
ولكني أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يخرج من ثقيف كذاب ومبير"..

فأما الكذاب فقد رأيناه, وأما المبير, فلا أراه إلا أنت"!!

وأقدم منها عبد الله بن عمر رضي الله عنه معزيا, وداعيا إياها إلى الصبر, فأجابته قائلة:

" وماذا يمنعني من الصبر, وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل"..!!
يا لعظمتك يا ابنة الصدّيق..!!

أهناك كلمات أروع من هذه تقال للذين فصلوا رأس عبدالله بن الزبير عن رأسه قبل أن يصلبوه..؟؟
أجل.. إن يكن رأس ابن الزبير قد قدّم هديّة للحجاج وعبدالملك.. فإن رأس نبي كريم هو يحيى عليه السلام قد قدم من قبل هدية لسالومي.. بغيّ حقيرة من بني إسرائيل!!
ما أروع التشبيه, وما أصدق الكلمات.

وبعد, فهل كان يمكن لعبدالله بن الزبير أن يحيا حياته دون هذا المستوى البعيد من التفوّق, والبطولة والصلاح, وقد رضع لبان أم من هذا الطراز..؟؟
سلام على عبدالله..
وسلام على أسماء..
سلام عليهما في الشهداء الخالدين..
وسلام عليهما في الأبرار المتقين.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

معجزة الكبش العظيم

معجزة الكبش العظيم

قال تعالى: { فلما أسلما وتلّه للجبين* وناديناه أن يا ابراهيم* قد صدّقت الرؤيا, انا كذلك نجزي المحسنين* ان هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذبح عظيم} الصافات 103-107.

كان ابراهيم عليه السلام قد كبر ونالت منه الشيخوخة منالها ولم ينجب أبناء, وكان يدعو ربه دائما أن يرزقه الولد فأحست سارة برغبته هذه فقالت له: يا ابراهيم, اني عاقر, وأحب أن يرزقك الله بولد ولذلك فانني سأهب لك جاريتي هاجر لكي تتزوّجها, فقد يرزقك الله بل ويرزقنا جميعا منها ولدا تقرّ به أعيننا!! صمت ابراهيم قليلا وحذر سارة من الغيرة اذا أتمّ هذا الأمر,فقالت سارة في ثقة واطمئنان تعودان الى عاطفة وحنان متدفقين منها وهي أنثى شأنها شأن حواء على وجه الأرض, تحكم الأمور وتغلبها على الأرحج بعاطفتها, قالت: لا تخف يا ابراهيم, لا تخف.

تزوّج ابراهيم عليه السلام من هاجر التي وهبتها له سارة ومرّت أيام جميلة سعيدة فحملت هاجر وولدت لابراهيم عليه السلام ولدا جميلا وضيئا أسمّاه اسماعيل.

وجاء اسماعيل بفرحة كبيرة دخلت على نفس ابراهيم عليه السلام فأحب ابراهيم عليه السلام اسماعيل حبا كثيرا, فكم من مرّة حمله وداعبه, وأحبه حبا كثيرا.

واستمرّت الأحوال في البيت النبوي الكبير هانئة سعيدة بوليدهم الصغير, فأبو الأنبياء سعيد غاية السعادة يشكر ربه ليل نهار ويسبّح بحمده على ما أفاء عليه من نعمة الولد وهو في هذا السن المتقدم.

وفجأة دوت في البيت النبوي الكبير مفاجأة كان مصدرها السيّدة سارة, فقد خرجت الأنوثة لطبيعتها تعبّر عما يجيش في صدرها دون تكلف, دبّت الغيرة في نفس الأنثى سارة وهي شأنه شأن بنات جنسها لا تستطيع أن تكتم ما في نفسها ولا أن تغيّر فطرة النساء وبنات حوّاء, جاهدت نفسها وكظمت غيظها, وحاولت أن تفعل شيئا, كانت تعلم أن هذا الأمر سيزعج ابراهيم عليه السلام ولكن نفسها لم تقاوم جبروت الغيرة, اقتربت من ابراهيم قليلا وتهاوت الدموع من عينيها قطرات وقالت في صوت متهدج: يا ابراهيم؛ اني لا أستطيع أن أساكن هاجر وابنها بعد اليوم, فانظر لنفسك ولها أمرا.

صمتت سارة وقد انتابها حزن شديد من أجل خليل الله الذي شاركها الصمت أيضا, نعم لا تستطيع سارة أن تكبح جماح الغيرة, وهذا ما كان يخشاه ابراهيم.

ظنّ ابراهيم عليه السلام في البداية أن الأمر بضع خطوات وينتهي الأمر بمسكن جديد قريب لهاجر وابنها, ولكن سارة ذهبت مذهبا بعيدا, قالت: انني لا أريد أن تسكن هاجر بلدا أسكنه..

هكذا لم تستطع الصبر على مجرد وجودهما بالقرب من ابراهيم فيراهما بين الحين والآخر عن قرب.

انصرفت مشيئة الله أن يكون هذا قول سارة, وحاول ابراهيم أن يترضى سارة على هاجر وولدها اسماعيل, ولكنها أبت وأصرّت, فوجد أن لا مناص من أن يباعد بينهما.

اصطحب ابراهيم هاجر وولده اسماعيل, وخرج بهما قاصدا مكانا يؤويهما فيه, وسار ما شاء الله له أن يسير, فترك فلسطين, وقصد جهة الجنوب, ضاربا في صحراء الحجاز, كان ذلك على ما يبدو بوحي خفي, فكان يمشي طوال النهار ولا يستقر في مكان الا اذا أحس بتعب واحتاج للراحة أو أحس بجوع أو عطش, ثم يستأنف المسير بهاجر وولده الطفل الصغير, وظلّ على هذه الحال الى أن استقرّ به المقام بوادي مكة, ومكان ملتقى الطرق للقادم والذاهب من الشام الى اليمن وبالعكس, وفي هذا الوادي أقام ابراهيم لاسرته الصغيرة الأم ووليدها خيمة, يأويان اليها اذا جنّ عليهما الليل ويضعان فيها ما معهما من زاد ومتاع.

التفتت هاجر يمينا ونظرت يسارا, وكان ما تراه لا يوحي بشيء مريح, فهو مكان مجدب مقفر, فلم تقع عيناها على زرع ولا ضرع, ولا ماء, ولا حتى بشر يؤنسون وحدتها.

ساد الصمت برهة من الزمن هاجر تنظر هنا وهناك, وقد أصابتها حيرة ودهشة, فكيف اختار ابراهيم هذا المكان المقفر الموحش مستقرّا لاسرته, لا بد وأنه موحى اليه أو مأمور بذلك, وخطر ببالها أن تسأله حتى تجد تأكيد لخواطره وشكوكها, فرفعت رأسها وقالت في شغف: أأمرك ربك أن تتركنا هنا يا ابراهيم؟!.

قال ابراهيم: نعم.

قالت هاجر المؤمنة بربها على الفور: اذن توكل على الله, فقد وكلتنا الى من لايضيع عنده الرجاء.

وفي وداع يحمل هيبة الايمان وجبروت المشاعر, ترك ابراهيم عليه السلام هاجر ووليدها الطفل الصغير اسماعيل ومضى وأحسب أن الدموع قد احتبست في حدقات هؤلاء البشر منها دموع طفل أنهكه السفر, وأقلقه أم ّ تضطرب أمام تجربة لم تعهدها من قبل.

ومضى ابراهيم منصرفا عن زوجته وابنه, فلما صار على مرمى النظر منهما, رفع رأسه وابتهل في دعاء خاشع فقال:

{ ربنا اني أسكنت من ذريّتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} ابراهيم 37.

وكانت نظرة الوداع من ابراهيم بعد هذا الدعاء المبارك, الذي يعد دعاء لبزمان, ومضى ابراهيم عليه السلام عائدا الى بلاد الشام.

مرّت الايام وعطش اسماعيل وبكى وهرولت هاجر من وادي المروة الى جبل الصفا وكررت, وتفجّر بئر زمزم, وشرب اسماعيل من عين عذبة خصصت لضيوف الرحمن, ولم تخف هاجر الضيعة فهنا سيبني خليل الله بيت الله.

وكانت عين زمزم التي تفجر ماؤها خير شيء في هذا المكان رغبة المارّة, فنزلوا بها, وأقاموا أوقاتا الى جوارها للاستراحة والاستسقاء.

وراق لاحدى قبائل العرب أن تنزل بجوار وادي مكة, وهي قبيلة جرهم, فاستأذنوا هاجر, فأذنت لهم, فوجدت الى جوارها من تستأنس به, وتطمئن الى جواره. وعمرت مكة بهذه القبيلة وأصبح الوادي عامرا بالناس والابل والماشية والطيور, وتحققت دعوة ابراهيم عليه السلام عندما دعا لها وهو مغادر هذا الوادي قاصدا بلاد الشام وفلسطين التي تسكنها سارة حين دعا ربه قائلا: { فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات}.

وفي بلاد الشام شعر ابراهيم عليه السلام بحنين لرؤية ابنه اسماعيل وزوجته هاجر, وجاء خليل الله ابراهيم ليرى ما فعل الله بوديعته, فوجد عمرانا وناسا وخياما, وحياة تدب في كل مكان, حتى ظن أنه قد ضلّ عن وادي مكة الذي ترك فيه اسماعيل وهاجر بأمر ربه, فقد كان واديا غير ذي زرع, حتى أنه سأل:

أهذا وادي مكة, أهنا تسكن هاجر واسماعيل؟

عرف ابراهيم عليه السلام أنه وادي مكة.

ومضى خليل الرحمن يبحث عن خيمة هاجر وابنه اسماعيل بلهفة ما بعدها لهفة, وشوق ما بعده شوق, لقد كثرت الخيام وتعددت, ولكن خيمة هاجر شهيرة, معروفة لدى العامة في مكة. فأرشده الناس اليها.

نظر ابراهيم الخليل عليه السلام في وجه طفله المشرق, فسرّه سرورا كثيرا, وفرح به فرحا وفرحت هاجر بلقاء زوجها وشكرا الله على ما أولاهما من نعم, وعلى ما حباهما من عطف.

وظلّ هذا حال ابراهيم عليه السلام يأتي الى أسرته الصغيرة الجميلة بين الحين والحين لرؤية اسماعيل وأمه.

وفي كل مرّة كان ابراهيم يصلي ويسجد شكرا لله عز وجل الذي أقر عينه بجمال طفله وهو في هذه السن البعيدة والعمر المتأخر, ولم تكن هذه نعمة الله الوحيدة على ابراهيم الخليل عليه السلام, ولكن الله أفاء عليه بالكثير الكثير من النعم والعطايا. وأكبرها نعمة الايمان.

1. المعجزة الكبرى

كانت هذه المعجزة اختبارا عظيما, بكل المقاييس, ولكنه اختبار من الله لرجل هو خليله وهو عبده وهو نبي من الصالحين, أي نوع من أنواع الاختبار يا ترى سيجري على ابراهيم الخليل عليه السلام.

نحن أمام نبي يعدّ أبا الأنبياء, وخليل الرحمن, وصفه ربه بالحلم, ونحن أيضا أمام نبي قلبه أرحم قلب على وجه الأرض, فاتسع هذا القلب الكبير لحب الله عز وجل, وحب مخلوقاته, وهذا القلب الرحيم, يمتحن في دقاته دقة دقة ونبضاته نبضة نبضة, لقد كان اسماعيل دقات قلبه, وحبه الكبير, جاءه على كبر من السن, جاءه وهو طاعن في السن ولا أمل هناك في أن ينجب ثم يأتيه الاختبار الصعب في هذا الابن والذي هو قرّة عينه ونبضة قلبه.

ويجيء الأمر والاختبار أثناء النوم, لم يكن وحيا مباشرا فما ان استسلم ابراهيم عليه السلام للنوم حتى رأى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي لم ينجب غيره.

ترى ماذا حدث في هذه الرؤيا؟ لقد رأى ابراهيم عليه السلام في نومه هاتفا يهتف قائلا:

يا ابراهيم؛ اذبح ابنك في سبيل الله.

ترى ماذا فعل ابراهيم عليه السلام بعدما سمع هذا الهاتف؟ لقد هبّ عليه السلام من نومه مذعورا, واستعاذ بالله من مكر الشيطان, ثم عاود نومه مرة أخرى, فعاوده الهاتف أيضا يهتف قائلا:

يا ابراهيم اذبح ابنك في سبيل الله.

فهبّ ابراهيم عليه السلام قائما, وقد صحّ عنده أن الهاتف من عند الله عز وجل, وتحقق أن الله يأمره بذبح ابنه الحبيب اسماعيل.

من الخطأ أن يظن الانسان أن صراعا من نفس ابراهيم لم ينشأ بعد هذه الرؤيا, فهذا بلاء مبين, لا بدّ أن ينشأ في النفس من أجله صراع طويل, نشب هذا الصراع في نفس ابراهيم عليه السلام, صراع الأبوّة الحانية والقلب الذي حمل أكبر قدر من الرحمة والحلم, فكّر ابراهيم في الأمر وتدبّر, وتراجع كل شيء الا شيء واحد وهو الايمان بالله, فهكذا أراه الله في المنام, وبهذه الرؤيا يكون الأمر بالتنفيذ من الله, ورؤيا الأنبياء حق, فلينفذ ابراهيم عليه السلام أمر ربه, فكله خير, فاذا كان التفكير يقتصر على اسماعيل الابن ومخاطبة قلب ابراهيم لنفسه, فان هذا الأمر لا بد وأن يتراجع الى الخلف.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصه الياس عليه السلام – قصص انبياء

إلياس عليه السلام: قال الله تعالى بعد قصة موسى وهارون من سورة "الصافات": {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ، أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ، فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ، إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ، سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِين، إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}.

قال علماء النسب هو: إلياس النشبي،

وقيل: إلياس بن العازر بن العيزار بن هارون بن عمران.

قالوا وكان إرساله إلى أهل بعلبك غربي دمشق، فدعاهم إلى الله عز وجل وأن يتركوا عبادة صنم لهم كانوا يسمونه "بعلا" وقيل كانت امرأة اسمها "بعل" والله أعلم.

والأول أصح ولهذا قال لهم:

{أَلا تَتَّقُونَ، أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ}.

فكذبوه وخالفوه وأرادوا قتله. فيقال إنه هرب منهم، واختفى عنهم

عن كعب الأحبار أنه قال: إن إلياس اختفى من ملك قومه في الغار الذي تحت الدم عشر سنين، حتى أهلك الله الملك وولَّى غيره، فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم، وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم. فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم.

وقال ابن أبي الدنيا: عن بعض مشيخة دمشق قال: أقام إلياس عليه السلام هارباً من قومه في كهف في جبل عشرين ليلة – أو قال أربعين ليلة تأتيه – الغربان برزقه.

وقوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}

أي للعذاب، إما في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة. والأول أظهر على ما ذكره المفسرون والمؤرخون

وقوله: {إلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} أي إلا من آمن منهم.

وقوله: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ}

أي أبقينا بعده ذكراً حسناً له في العالمين فلا يذكر إلا بخير

ولهذا قال: {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} أي سلام على إلياس

والعرب تُلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من غيرها كما قالوا: إسماعيل وإسماعين. وإسرائيل وإسرائين، وإلياس وإلياسين .

وقد قرئ: سلام على آل ياسين، أي على آل محمد والصحيح أنه غيره كما تقدم. والله أعلم.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

من روائع القصص – المروءة – شريعة اسلامية

[BACKGROUND="100 #CCCCCC"]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من روائع القصص.. المروءة

لما حضرتْ سعيدَ بن العاص الوفاةُ قال: يا بَنِيَّ، لا تفقدوا إخواني مني عندكم عين وجهي، أَجْرُوا عليهم ما كنتُ أُجْرِي، واصنعوا بهم ما كنت أصنع.
ولا تُلْجِئُوهم للطلب؛ فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه، وارتعدت فرائصه، وَكَلَّ لسانه.
وبدا الكلام في وجهه، اكفوهم مئونة الطلب بالعطية قبل المسألة؛ فإني لا أجد لوجه الرجل يأتي يتقلقل على فراشه ذاكرًا موضعًا لحاجته فعدا بها عليكم لا أرى قضى حاجته عوضًا من بذل وجهه.
فبادروهم بقضاء حوائجهم قبل أن يسبقوكم إليها بالمسألة[1].
– قال عبيد الله بن محمدٍ التيمي: سمعت ذا النُّون يقول بمصر: من أراد أن يتعلَّم المروءة والظرف، فعليه بسقاة الماء ببغداد.
قيل له: وكيف ذلك؟ قال: لمَّا حُمِلْتُ إلى بغداد رُمي بي على باب السلطان مقيَّدًا، فمرَّ بي رجلٌ متَّزرٌ بمنديل مصري، معتمٌّ بمنديل دَبِيقِيٍّ، بيده كيزان خزفٍ رقاقٍ وزجاج مخروط، فسألت: هذا ساقي السلطان؟
فقيل لي: لا، هذا ساقي العامة. فأومأت إليه: اسقني. فتقدَّم وسقاني، فشممت من الكوز رائحة المسك، فقلت لمن معي: ادفع إليه دينارًا.
فأعطاه الدينار، فأبى وقال: لست آخذ شيئًا. فقلت له: ولم؟ فقال: أنت أسيرٌ، وليس من المروءة أن آخذ منك شيئًا. فقلت: كَمُلَ الظرف في هذا[2].

*********

[1] ابن أبي الدنيا: الإخوان ص223.
[2] ابن الجوزي: أخبار الظراف والمتماجنين ص68.

المصدر: موقع قصة الإسلام

[/BACKGROUND]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

بعض من وصايا لقمان لابنه


من حكم ووصايا لقمان لابنه أشكم ( وقيل اسمه أنعم) وهى جوهر الحكمة :


يا بنى اذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة


يابنى لا ينزلن بك أمر رضيته أو كرهته إلا جعلت فى الضمير أن ذلك خير لك


يابنى تعلم من العلم ما جهلت ،وعلم ما علمت ، واذا رأيت قوماً يذكرون الله فاجلس لعل أن يطلع عليهم برحمته فيرحمك معهم



يابنى اتخذ تقوى الله تعالى تجارتك يأتيك الربح من غير بضاعة


يابنى احضر الجنائز ولا تحضر العرس فإن الجنائز تذكرك الآخرة ، والعرس يشهيك الدنيا


يابنى لا تتعلم مالاتعلم حتى تعمل بما تعلم


يابنى انك منذ نزلت الى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة فدار انت اليها تسير أقرب من دار انت عنها ترحل


يابنى لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسيطاً تكن أحب الى الناس ممن يعطيهم العطاء


يابنى عود لسانك أن يقول : اللهم اغفر لى فان لله ساعات لا ترد


يابنى اذا أردت أن تؤاخى رجلاً فأغضبه قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه وإلا فاحذره


يابنى لا تكن أعجز من هذا الديك الذى يصوت بالأسحار وأنت نائم على فراشك


قيل للقمان :

أى الناس أعلم ؟
من ازداد من علم الناس الى علمه
فأى الناس أغنى؟
الذى يرضى بما أوتى
فأى الناس خير؟
المؤمن الغنى
من المال؟
لا بل من العلم فان احتاجوا اليه وجدوا عنده علماً وان لم يحتاج اليه أغنى نفسه

يابنى انى موصيك بثمانية أمور :

احفظ قلبك فى الصلاة
واحفظ نظرك فى بيوت الناس
واحفظ لسانك فى مجالس الناس
واحفظ بطنك من حلقومك
واذكر اثنين وانس اثنين : اذكر الله والموت، وانس احسانك الى الناس واساءتهم اليك.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

صفات إبراهيم عليه السلام التي استحق من أجلها أن يكون خليل الرحمن – شريعة اسلامية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لماذا مُيز إبراهيم عليه السلام عن غيره من الأنبياء بخلة الرحمن ؟ وهل في قصة ذبح إسماعيل عليه السلام علاقة بهذا ؟

الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لم يختص إبراهيم عليه السلام بخُلَّة الرحمن سبحانه وتعالى ، بل شاركه فيها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
فعن جُنْدَب بنِ عَبْدِ الله البَجَلي رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ : (إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا ، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا) رواه مسلم (532) .
قال ابن القيم رحمه الله :
مرتبة الخلة التي انفرد بها الخليلان : إبراهيم ، ومحمد ، صلى الله عليهما وسلم ، كما صح عنه أنه قال : (إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلاً) ، وقال : (لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن صاحبكم خليل الرحمن) ، والحديثان في الصحيح ، وهما يبطلان قول من قال : "الخلة لإبراهيم ، والمحبة لمحمد ، فإبراهيم خليله ومحمد حبيبه" .
"مدارج السالكين" (3/30) .
وقد استحق كلا النبيين عليهما الصلاة والسلام هذه المنزلة لما لهما من الصفات ، والأفعال العظيمة الجميلة .
وبخصوص النبي إبراهيم عليه السلام : فإن الله تعالى قد أثنى عليه في القرآن ثناء عظيماً ، وذكر له من الصفات والأفعال ما استحق بها أن يكون خليلاً لربه تعالى ، وأعظم تلك الصفات والأفعال : تحقيقه للتوحيد ، وبراءته من الشرك والمشركين ، حتى نسب الدين والملَّة إليه عليه السلام ، ولذا فلا عجب إِنْ عَلِمْنَا أن الله تعالى أمر نبيَّه محمَّداً صلى الله عليه وسلم أن يتبع هذه الملَّة في قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل/ 123 ، وأمر سبحانه عبادَه جميعهم بذلك الاتباع لتلك الملَّة إتباعه في قوله: (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/ 95 .
ومن عظيم صفات وأفعال إبراهيم عليه السلام :

1 –قال الله تعالى : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ) النحل/ 120، 122 .
والأمّة هو الإمام الجامع لخصال الخير الذي يُقتدى به .
والقانت هو الخاشع المطيع لربه دائماً .
والحنيف هو المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد ، ولهذا قال : (وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) و (شَاكِراً لأَنْعُمِهِ) أي : قائماً بشكر نعمة ربه عليه .
فكان نتيجة هذه الخصال الفاضلة أن (اجْتَبَاهُ) ربه واختصه بخلته وجعله من صفوة خلقه ، وخيار عباده المقربين .
انظر : تفسير ابن كثير ، وتفسير السعدي .
2 – قال الله تعالى : (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) النجم/37 .
أي : قام بجميع ما أمره الله به .
3- قال الله تعالى : (إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) هود/ 75 .
و(حَلِيمٌ) "أي : ذو رحمةٍ ، وصفحٍ عما يصدر منهم إليه من الزلات ، لا يستفزه جهل الجاهلية ، ولا يقابل الجاني عليه بجرمه" .
تفسير السعدي .
و(أَوَّاهٌ) أي : كثير التضرع والذكر والدعاء والاستغفار .
و(مُّنِيبٌ) "أي : راجع إلى الله بمعرفته ومحبته والإقبال عليه والإعراض عما سواه" .
تفسير السعدي .
4- كرمه وسخاؤه ، قال الله تعالى : (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ . إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًاً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ . فَرَاغَ إلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ . فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ) الذاريات/ 24 – 27 .
5- عظم صبره ، قال الله تعالى : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) الأحقاف/ 35 ، وإبراهيم عليه السلام من أولي العزم من الرسل ، فهم المذكورون في قوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) الشورى/13 .
6- البراءة من الشرك والمشركين ، وإعلانه ذلك ، قال الله تعالى : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وممَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وبَدَا بَيْنَنَا وبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ والْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحْدَهُ …) الممتحنة/ 4 .
7- قيامه بجميع ما أمره الله به على أتم وجه ، قال الله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة/124 .
وغير ذلك من الصفات والأفعال ، التي بمجموعها استحق عليه السلام أن يكون خليلاً لله تعالى.
قال ابن كثير رحمه الله :
وإنما سمي خليل الله : لشدة محبة ربه عَزَّ وجَلَّ له ؛ لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها.
"تفسير ابن كثير" (2/423) .
ثانياً :
أما علاقة الأمر بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام بالخلة : فالذي يظهر أن لذلك أعظم الصلة ، وأقوى الارتباط ، وقد بيَّن ابن القيم رحمه الله ذلك ، فقال :
"والخُلة هي : المحبة التي تخللت روح المحب ، وقلبه ، حتى لم يبق فيه موضع لغير المحبوب كما قيل :
قد تخللتِ مسلك الروح منِّي … ولذا سمي الخليل خليلاً
وهذا هو السر الذي لأجله – والله أعلم – أُمر الخليل بذبح ولده ، وثمرة فؤاده ، وفلذة كبده ؛ لأنه لما سأل الولدَ فأعطيه : تعلقت به شعبة من قلبه ، والخلة منصب لا يقبل الشِّركة ، والقسمة ، فغار الخليلُ على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره ، فأمره بذبح الولد ؛ ليُخرج المزاحم من قلبه ، فلما وطن نفسه على ذلك ، وعزم عليه عزماً جازماً : حصل مقصود الأمر ، فلم يبق في إزهاق نفس الولد مصلحة ، فحال بينه وبينه ، وفداه بالذبح العظيم ، وقيل له : (يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) ، أي : عملت عمل المصدق .
(إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) نجزي من بادر إلى طاعتنا ، فنقر عينه ، كما أقررنا عينك بامتثال أوامرنا ، وإبقاء الولد ، وسلامته .
(إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) وهو اختبار المحبوب لمحبه ، وامتحانه إياه ليؤثر مرضاته ، فيتم عليه نعمَه ، فهو بلاء ، محنة ومنحة عليه معاً" انتهى .
"مدارج السالكين" (3/30 ، 31) .

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده