التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

كتاب رائع عمر بن عبد العزيز السنة النبوية

كتاب رائع … عمر بن عبد العزيز

يستحق التحميل …

الرابط

http://www.gulfup.com/?heQPz2

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

نبينا في العهد القديم بالبرهان من نصوص عبرية مصورة – في الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حمد صلى الله عليه وسلم في العهد القديم بالبرهان من نصوص عبرية مصورة

يذكر بعض الدعاة المشتغلين بدعوة أهل الكتاب جملة من الحجج والبراهين على صحة نبوة الرسول الخاتم : محمد . ومما يورده الدعاة من البراهين هو التأكيد على وجود البشارة به على لسان موسى وعيسى صلى الله عليهما وسلم، ويوردون بعض المواضع في العهد القديم خصوصاً (التوراة والإنجيل) التي تذكر شيئاً من خبره عليه الصلاة والسلام. ومن أبرز المواضع التي يتعرض لها الدعاة هو ذاك الوارد في سفر إنشاد الإنشاد من التوراة 5: 16. وعلى الرغم من ذيوع هذا الأمر و شهرته عند كثير من المتلقين إلا أنه لم يُدعم بالأدلة العلمية القاطعة التي من شأنها أن تزيد إيمان أهل الإيمان و هداية أهل الضلال وإفحام أهل الزيغ والبهتان. ما سنقوم به هنا هو تأكيد هذا الكلام بالصور وتوثيق الأدلة بالنصوص الأصلية لتتمكن صحة المقولة من قلوبنا.

يستشهد الباحثون والدعاة المسلمون بالنص الآتي من سفر الإنشاد:

((ريقُهُ أعذَبُ ما يكونُ، وهوَ شَهيًّ كُلُّهُ. هذا حبيبي، هذا رفيقي، يا بَناتِ أورُشليمَ)) [1].

وقد تُرجم بنفس المعنى في النسخ الإنجليزية للكتاب المقدس :

(( his mouth is most sweet: yea, he is altogether lovely. this is my beloved, and this is my friend, o daughters of jerusalem)) ب[2].

أين البشارة هنا باسم "محمد" ؟

لا يوجد إشارة صريحة إلا أن الباحث المسلم يؤكد على أنه قد طرأ تحريف وتشويه للموضع الذي ذكر فيه اسمه وتُرجم إلى معنى بعيد عن دلالة النص الأصلي، النص الذي فيه ذكر الرسول باسمه صراحة، وحصل هذا التحريف عن عمد في أثناء الترجمة من اللغة العبرية (لغة التوراة أو العهد القديم) إلى سائر اللغات وفي مقدمتها العربية والانجليزية. ما الحل إذاً ؟ لا مناص من الرجوع إلى النص الأصلي، اللغة العبرية التي هي مادة التوراة قبل الترجمة والتحريف. ولكن كونوا مستعدين لدراسة شيء من الحروف والأصوات العبرية، لنصل إلى ما نريد. فيما يلي قائمة بأحرف الهجاء العبرية (hebrew) وهي كما يلي:
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 640×629 الابعاد 47kb.
نلاحظ تضليل الحروف العبرية المستعملة في نظام الكتابة باللون الأحمر، وهي التي سترونها بعد قليل في النص العبري الأصلي من التوراة التي وصلتنا اليوم. عندما نسوق النص الأصلي سأقوم باختصار الجهد لكم ونلون الأصوات المعنية باللون الأحمر كذلك، وعليكم أنتم أن تروا ما يقابلها بالنسبة للنطق في العربية وهي باللون الأصفر.

هذا هو النص من سفر نشيد الإنشاد 5: 16 بالعبرية التي، لغة اليهود قديماً وحديثاُ [3]:
تأملوا الآن الحروف وما يقابلها في الجدول السابق من الأصوات [4]، ستقع أعينكم على الحق الذي لا مرية فيه، ستقع على صدق كلام الله تعالى:
{الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } (الأعراف : 157).

والحمد لله رب العالمين.


كتبه/ عبد الله بن سعيد الشهري

————————————————————–

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هديه صلى الله عليه وسلم في كلامه وسكوته – سنة النبي

هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في كلامِه وَسُكَوتِهِ

هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في كلامِه وَسُكَوتِهِ وفي حِفْظِهِ المَنْطِق واختيار الألْفَاظِ وَالأسْمَاءِ

1- كان صَلى الله عَليه وسَلمْ أفصحَ الخلق وأعذبهم كلامَا وأسرعَهم أداءً وأحلاهم منطقاً .
2- وكان طويلَ السكوتِ لا يتكلم في غير حاجة ، ولا يتكلم فيما لا يعنيه ، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابَهُ.
3- وكان يتكلمُ بجوامع الكلمِ ، وبكلامِ مُفَصَّلٍ يعُدُّهُ العادُّ ، ليس بِهَذٍّ مسرعٍ لا يُحْفَظُ ، ولا منقطعٍ تخللهُ السكتاتُ .
4- وكان يتخيَّرُ في خِطابِهِ ويختارُ لأمتِه أحسنَ الألفاظِ وأبعدها عن ألفاظ أهل الجفاء والفُحْشِ .
5- وكان يكره أن يُستعمل اللفظ الشريف في حقِّ من ليس كذلك ، وأن يُستعمل اللفظُ المكروه في حقِّ من ليس من أهلِه ، فمنع أن يُقالَ للمنافِق : سَيِّدٌ ، ومَنَعَ تسميةَ أبي جهلٍ : بأبي الحكم ، وأنْ يُقال للسلطانِ : ملكُ الملوكِ أو خليفةُ الله .
6- وأرشدَ من مسَّهُ شيءٌ من الشيطان أن يقول : باسم الله ، ولا يلعنُهُ أو يَسُبَّهُ ولا يقولُ : تَعِسَ الشيطانُ ، ونحو ذلك .
7- وكانَ يستحبُّ الاسمَ الحسنَ ، وأَمرَ إذا أبردُوا إليه بريداً أن يكون حَسَنَ الاسمِ ، حسنَ الوجهِ ، وكانَ يأخذُ المعاني من أسمائِها ، ويربطُ بَيْنَ الاسمِ والمُسمَّى .

8- وغيَّر اسم "عاصية" ، وقال : " أنتِ جميلةٌ " ، وغيَّر اسم " أَصْرمَ " : بـ "زُرعةَ " ، ولمَّا قدم المدينة واسمها " يَثْرِب " غيّره " بـ "طِيْبَة " .

9-وكان يُكّنِّي أصحابَه ، ورُبَّما كَنَّى الصغير ، وكنَّى بعض نسائِه .
10- وكان من هديه صَلى الله عَليه وسَلمْ تكنيةُ من له ولدُ ، ومن لا وَلدَ لهُ وقال : " تَسَمَّوْا باسْمِي ، ولاَ تَكنَّوا بكُنْيَتَي " [البخاري ومسلم] .
11- وَنَهَى أَنْ يُهْجرَ اسمُ " العشاءِ " ويَغْلُبُ عليها اسمُ " العتَمًَةِ " ، ونَهَى عن تسمية العنب كَرْماً ، وقال : " الكَرْمُ : قلبُ المؤمنِ " [البخاري ومسلم] .
12- ونهى أن يُقال : مُطرنا بنوءِ كذا ، وما شاء الله وشئت ، وأن يحلف بغير الله ، ومن الإكثار من الحلف ، وأن يقول في حلفهِ : هو يهوديٌ ونحوه إن فعل كذا ، وأن يقول السِّيدُ لمملكوه ، عَبْدِي واَمَتِي ، وأَنْ يقول الرَّجُلُ : خَبُثَت نَفْسِي ، أو تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، وعن قول : اللهمَّ اغْفِرْ لي إِنْ شِئْتَ .

13- ونَهَى عن سبِّ الدَّهرِ ، وعَنْ سَبِّ الرِّيحِ ، وسَبِّ الحُمَّى ، وَسَبِّ الديك ، ومن الدعاء بدعوى لاجاهلية ، كالدُّعاء إلى القبائل والعصبية لها


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

حديث مبايعة سعاد بنت سلمة النبيَّ صلى الله عليه وسلم – في الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما معنى أن الصحابية سعاد بنت سلمة رضي الله عنها بايعت الرسول صلى الله عليه وسلم على ما في بطنها ، وقال لها : ( أنت حرة الحرائر) ؟

الجواب :

الحمد لله
ذكر ابن سعد في " الطبقات "(8/ 299) في ترجمة سُعَاد بِنْتِ سَلَمَةَ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أنها أسلمت ، وبايعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال : " وهي التي سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبايعها على ما في بطنها – وكانت حاملا – فقال لها رسول الله : أَنْتِ حُرَّةُ الْحَرَائِرِ " . وفي رواية : ( أنت حُرَّةٌ من الْحَرَائِرِ) .
وذكر نحوه ابن الأثير في "أسد الغابة" (7/141) ، وأبو جعفر البغدادي في "المحبر" (ص428) ، وانظر : "الإصابة" (8/ 176) .

ولم يذكر أحد من هؤلاء العلماء ولا غيرهم سندا لهذا الخبر ، فهو خبر ضعيف ، لا يصح .
والمشهور في بيعة النساء ما رواه البخاري (4891) ، ومسلم (1866) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ ، بِقَوْلِ اللَّهِ : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ بَايَعْتُكِ) ، كَلاَمًا ؛ وَلاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ: ( قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ ) " .
وعند مسلم : " قالت عائشة : وَاللهِ ، مَا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى " .

وروى البخاري (4892) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا: (أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) ، وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ " .
وإذا قدر ثبوت خبر سعاد بنت سلمة هذا ، فالظاهر من معناه ، – والله أعلم – : أنها أرادت أن تبايع على الإسلام ، لنفسها ولما في بطنها ، فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أنها امرأة حرة عفيفة ، وأن ما في بطنها هو ابنها من زوجها ؛ فإن المعروف عن حرائر النساء في الجاهلية أنهن كن لا يزنين .
والله أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

محبة النبي صلى الله عليه وسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حسين بن قاسم القطيش


الحمد لله الذي جعل محبة محمد – صلى الله عليه وسلم- من الإيمان، وجعل سنته طريق لدخول الجنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمر بمحبة النبي العدنان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير من صلى وصام، – صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام, أما بعد:
بأبي وأمي أنت يا خير الورى *** وصلاة ربي والسلام معطرا
يا خاتم الرسل الكرام محمد *** بالوحي والقرآن كنت مطهرا
لك يا رسول الله صدق محبة *** وبفيضها شهد اللسان وعبرا
لك يا رسول الله صدق محبة *** فاقت محبة من على وجه الثرى
لك يا رسول الله صدق محبة *** لا تنتهي أبدا ولن تتغيرا([1])
إن محبة محمد- صلى الله عليه وسلم- فرض لازم على كل مسلم حباً صادقاً مخلصاً؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة على إلزام محبته ووجوب فرضها وعظم خطرها، واستحقاقه لها-صلى الله عليه وسلم-([2])، فعن أنس -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين))([3])، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- يستحق المحبة العظيمة بعد محبة الله -عزوجل-كيف لا وهو من أرانا الله به طريق الخير من طريق الشر، كيف لا وهو من عرفنا بالله –عزوجل-، كيف لا وهو من بسببه اهتدينا إلى الإسلام، أفيكون أحد أعظم محبة بعد الله منه؟!!.

جاء عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال: "لأنت أحبَّ إلي من كل شيء إلا من نفسي التي بين جنبي" فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : ((لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه)). فقال عمر: " والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إلي من نفس التي بين جنبي". فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم-: ((الآن يا عمر)), فحب النبي – صلى الله عليه وسلم- يجب أن يكون أعظم حب بعد حب الله تبارك وتعالى، أعظم من حب الولد والوالد، وأعظم من حب الوالدة والإخوة، ومن حب المال والدنيا، وأعظم من حب الزوجة بل أعظم من حب النفس، فإذا لم يكن هذا هو واقع محبة النبي في قلب المسلم فإنه لا يذوق حلاوة سنته، قال سهل: "من لم ير ولاية الرسول- صلى الله عليه وسلم- في جميع الأحوال ويرى نفسه في ملكه – صلى الله عليه وسلم- لا يذوق حلاوة سنته، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه)).

إن محبة محمد- صلى الله عليه وسلم- طريق إلى الجنة، وبوابة إلى حب الله عزوجل، وعبور إلى منازل الجنان، ودليل كبير على إيمان المرء وإخلاصه لله، وذلك بتطبيق محبة الرسول- صلى الله عليه وسلم- في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فاتباع سنة محمد- صلى الله عليه وسلم- أكبر دليل وأعظم برهان على صدق محبته والإخلاص في حبه، ومن كانت محبة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- متربعة في نفسه على بقية الناس فإنه يحضى بثواب من الله عظيم، جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: ((ما أعدتت لها؟)) قال: " ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله قال: ((أنت مع من أحببت))([4]).

إذا نحن أولجنا وأنت أمامنا *** كفى بالمطايا طيب ذكرك حاديا
فجزاء محبته- صلى الله عليه وسلم- هي أن مُحِبه سيكون معه- صلى الله عليه وسلم- في الجنة، وسيكون قريباً منه في المنزلة والدرجة، روي أن رجلاً أتى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله؟ لأنت أحب إلي من نفسي ومالي، وإني لأذكرك فما أصبر حتى أجي فأنظر إليك، وإني ذكرت موتي وموتك فعرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإن دخلتها لا أراك. فأنزل الله تعالى قوله:{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}فدعا به فقرأها عليه. يا لها من منزلة رفيعة، ودرجة عالية، ومكانة عظيمة، إنها ثمرة محبة النبي الكريم، ثمرة محبة الحبيب وطبيب القلوب من تسعد القلوب وترتاح إذا امتلأت بحبه وتسموا النفوس إذا أنست بحبه, وترتاح الأجساد إذا تعبت في اتباع سنته، يقول – صلى الله عليه وسلم- : ((من أحبني كان معي في الجنة))([5]).

إن صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد ضربوا أروع الأمثلة، وصدروا أبرز المشاهد، وبرهنوا أعظم دليل على صدق محبتهم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقدموا من أجله الغالي والنفيس، فلم يهن عليهم شيء مقابل حب رسول الله، فالمال يهون والولد والزوجة تهون بل والنفس تهون مقابل حب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ولا عجب ولا غرابة فمحبته خالطة بشاشة قلوبهم فسرت في عروقهم، وجرت في شرايينهم، وتشبعت بها أرواحهم، وسيطرت على أفكارهم، فمحمد- صلى الله عليه وسلم- هو أغلى شيء في حياتهم وليس أدل على ما قلته إلا قول أبي سفيان عندما قال لقومه : "ما رأيت في الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمدٍ محمدًا" فهذا عمرو بن العاص -رضي الله عنه- يقول: ما كان أحدٌ أحب إلي من رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وهذه إحدى الصحابيات من الأنصار، تبرهن أحسن برهان في أصعب موقف وأشده على صدق حبها لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقد قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، فقالت: ما فعل رسول الله؟ قالوا: خيراً هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرينه حتى أنظر إليه. فلما رأته قالت: ((كل مصيبة بعدك جلل))كل مصيبة تهون وتصغر إلا مصيبتك يا رسول الله، يا الله ما أعظمها من نفوس وما أعظمه من حب صادق خالط بشاشة القلوب.

أما ابن عمه وزوج بنته فقد سئل -رضي الله عنه-: كيف كان حُبكم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ؟ قال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ. رضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين فقد تغلغلت محبة رسول الله في قلوبهم فلم يحبوا شيئاً في الدنيا مهما كان أمره ومهما كانت مكانته أعظم من حبهم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

أخي الكريم: اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقاً في حبه، وكان مدعياً، فالصادق في حب النبي- صلى الله عليه وسلم- من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به واستعمال سنته واتباع أقواله وأفعاله. وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وإيثار ما شرعه وحض عليه على هوى نفسه، وموافقة شهوته([6])فهل أنت كذلك يا من تدعي حب محمد – صلى الله عليه وسلم- ، هل أنت من المُسَلِمين لأمره، الوقافين عند شرعه، المتبعين لسنته، الملتزمين طريقه ونهجه، اسأل نفسك أين أنت من سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، كيف حبك لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-، هل هناك دليل وبرهان على صدق حبك لرسول الله، أم أن الأمر ادعاء لا دليل عليه.

اللهم اجعلنا من أحبابك وأحباب رسولك.
اللهم املأ قلوبنا بمحبتك ومحبة نبيك، اللهم اجعلنا لهديه مهتدين ولسنته مقتدون، وعلى طريقه سائرون.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

————————————
[1] – فوزية المطيري
[2] – الشفاء ص271.
[3] – البخاري ومسلم.
[4] – البخاري ومسلم.
[5] – رواه الترمذي.
[6] – الشفاء ص276.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

الأحاديث الواردة بالوصاية بأهل البيت لا تدل على الوصاية لهم بالخلافة السنة النبوية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما صحة هذا الحديث الذي يتناقله الشيعة فيما بينهم ؟ ونصه :
( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ : كِتَابُ اللهِ … وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ) . مع العلم أن هذا الحديث يستشهد به الرافضة على إمامة أهل البيت ، ويقولون حسب هذا الحديث : إن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لا يستحقون خلافة المسلمين ، لأنهم أخذوها من أهل البيت .


الجواب :
الحمد لله
أولا :
هذه الطائفة من أكذب الطوائف وأتبعها للشبهات وأكثرها تعلقا بالباطل واعتقادا له ، فيتركون ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الشيخين ومقامهما ، وما أجمعت عليه الأمة من تقديمهما على من سواهما من الصحابة رضي الله عنهم ، إلى ما يروونه من أخبار باطلة وحكايات مزورة ، ويتعلقون بالكلمة يجدونها ، وبالشبهة يظفرون بها ، غير ملتفتين إلى ما تواتر من الأخبار الصحيحة والآثار الثابتة .
راجع جواب السؤال رقم : (113676) لتتعرف على اعتقاد الرافضة وما هم عليه من الضلال والانحراف عن دين الله وعن صراطه المستقيم .

ثانيا :
الحديث الأول الذي يشير إليه السائل هو ما رواه الإمام أحمد (21578) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (4921) من طريق شَرِيك ، عَنِ الرُّكَيْنِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَاب اللهِ ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، أَوْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ) .
فيحتج هؤلاء المبطلون بما ورد فيه من قوله : ( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابُ اللهِ … وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ).
فذكر الخلافة وذكر أهل البيت ، واحتجوا بذلك على أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم قد انتزعوا الخلافة من أهل البيت واغتصبوهم حقهم .

ولا حجة لهؤلاء المبطلين في هذا الخبر على ما ذهبوا إليه ، لما يلي :
أولا : أن لفظ ( خليفتين ) غير محفوظ ؛ لأن إسناد الحديث لا يصح :
شريك هو ابن عبد الله القاضي : سيء الحفظ ، روى محمد بن يحيى القطان عن أبيه قال : رأيت تخليطا في أصول شريك .
وقال عبد الجبار بن محمد : قلت ليحيى بن سعيد : زعموا أن شريكا إنما خلط بأخرة! قال: ما زال مخلطا.
وقال ابن المبارك : ليس حديث شريك بشيء .
وقال الجوزجاني : سيئ الحفظ مضطرب الحديث .
وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري : أخطأ شريك في أربعمائة حديث .
"ميزان الاعتدال" (2/ 270) .
قال العلامة المعلمي رحمه الله :
" أما حال شريك في نفسه : فمن أجلة العلماء ، وأكابر النبلاء ، فأما في الرواية : فكثير الخطأ والغلط والاضطراب ، فلا يحتج بما ينفرد به أو يخالف " انتهى من "التنكيل" (1/410) .

والقاسم بن حسان ، قال البخاري : حديثه منكر، ولا يعرف .
"ميزان الاعتدال" (3/ 369) .
وقال ابن القطان : لا يعرف حاله .
"تهذيب التهذيب" (8/ 311) .

وأما تصحيح من صحح الحديث : فإنما هو بالنظر إلى أصل الحديث الذي ورد من طرق ، وله شواهد يتقوى بها ، لكن هذه اللفظة المعينة المستشهد بها : لم ترد من طريق تقوم به الحجة .
ثم إن كل من صحح هذا الحديث من أهل العلم ، فإنه يصحح مقابله عشرات من الأحاديث والآثار المروية عن السلف التي تدل على صحة خلافة الشيخين ، وعلى أنهما أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم .
ويروون الأحاديث الثابتة في فضائل عثمان رضي الله عنه الذي أجمعت الأمة على خلافته وفضله ، ويروون ويصححون قوله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) رواه أبو داود (4607) وصححه الألباني وغيره .

والأحاديث الكثيرة المروية في فضائل الشيخين ، أبي بكر وعمر ، وفضل عثمان رضي الله عنه: هي أضعاف ما ورد في فضل علي ، أو في الوصاة بأهل بيته ، فالتعلق بنوع ، وترك ما هو مثله أو أقوى منه : هو طريق أهل الزيغ والضلال ، الذين يؤمنون ببعض الكتاب ، ويكفرون ببعض .
على أن المقصود بالحديث ، على فرض ثبوته : إنما هو الوصاية بأهل البيت ، والتذكير بحقهم ، لا الوصاية لهم بالخلافة ، يدل عليه الحديث نفسه ؛ فإنه لما قال : : ( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَاب اللهِ … ) دل على أن المقصود الوصاية بالخليفتين ؛ لأن كتاب الله لا ينصب خليفة أميرا للمؤمنين ، وإنما المناسب الوصاية بكتاب الله بحفظه وعدم هجره وبمعرفة حدوده والعمل به ، فيكون معنى الحديث : أني خلفت فيكم خليفتين من بعدي أوصيكم بهما خيرا : كتاب الله وأهل بيتي ، فاحفظوهما ، ومن راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل بيته جدير به أن يراعي سنته وما أمر به ، فيكون المحافظ على هذه الوصية آخذا بكتاب الله وسنة رسوله .

ثانيا :
أما الحديث الثاني : فهو ما رواه الترمذي (3788) من طريق :
الأَعْمَش، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ .
وَالأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ .
قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ: كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ. وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا ) .

فهذا الحديث غير محفوظ بهذا اللفظ ، وهذان الإسنادان لا تقوم بهما حجة :
أما الأول فلأن رواية عطية – وهو العوفي – عن أبي سعيد : منكرة ، على ما في عطية نفسه من تشيع يضعف التمسك بروايته في ذلك الباب .
قال ابن حبان في ترجمة عطية هذا:
" سمع من أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَحَادِيث فَلمَا مَاتَ أَبُو سعيد جعل يُجَالس الْكَلْبِيّ – وهو كذاب متهم – ويحضر قصصه ، فَإِذا قَالَ الْكَلْبِيّ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا فيحفظه وكناه أَبَا سعيد ويروي عَنهُ ، فَإِذا قيل لَهُ من حَدثَك بِهَذَا ؟ فَيَقُول حَدثنِي أَبُو سعيد فيتوهمون أَنه يُرِيد أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْكَلْبِيّ ، فَلَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَا كِتَابَة حَدِيثه إِلَّا عَلَى جِهَة التَّعَجُّب "
انتهى من "المجروحين" (2/ 176) .
وأما الإسناد الثاني فضعيف أيضا ، وفيه علتان :
أولا : الاضطراب في سنده ، فرواه مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ . وعن الأَعْمَش، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ به ، وهي رواية الترمذي السابقة .
ورواه أَبُو عَوَانَةَ ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ سَلِيطٍ الْحَنَفِيُّ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ وَاثِلَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ به ، أخرجه الطبراني في " الكبير "(4969) .
ورواه كَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ يُخْبِرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ به ، أخرجه الحاكم (6272) .
ثانيا : حبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعنه .

والصحيح من حديث زيد بن أرقم ما رواه مسلم في صحيحه (2408) عنه قَالَ : " قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ : ( أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ) فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: ( وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ) .
وعلى فرض صحته باللفظ الأول ، فمعناه الوصاية بأهل البيت خيرا ومعرفة حقهم وعدم ظلمهم ، على ما سبق ذكره ، وكما تشير إليه رواية مسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" رواه الترمذي وزاد فيه ( وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .
وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة ، وقال: إنها ليست من الحديث. والذين اعتقدوا صحتها قالوا: إنما يدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم لا يتفقون على ضلالة ، وهذا قاله طائفة من أهل السنة ، وهو من أجوبة القاضي أبي يعلى وغيره .
والحديث الذي في مسلم – إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله – فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله ، وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك ، وهو لم يأمر باتباع العترة ، ولكن قال: ( أذكركم الله في أهل بيتي ) ، وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم ، والامتناع من ظلمهم " انتهى من "منهاج السنة النبوية" (7/ 318) .

وقال محققو مسند الإمام أحمد بن حنبل :
" قد ورد التصريح بأن المراد من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "وعترتي أهل بيتي" هو وجوب مراعاتهم ومحبتهم ، واجتناب ما يسوؤهم ، والاحتراز عما يؤذيهم ، في حديث زيد بن أرقم عند مسلم ونصه : "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي " ، وما ورد مما يفهم منه وجوب الاقتداء بهم ، والأخذ بأقوالهم والعمل بها ، مثل قوله: " لن تضلوا بعدهما "، أو: " لن تضلوا إن اتبعتموهما " ، فأسانيده ضعيفة لا يصلح الاحتجاج بها ، وهذه التثنية : (بعدهما) (اتبعتموهما) من أوهام ضعفة الرواة ، ويؤيد ذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خطبة حجة الوداع لم يذكر سوى وجوب الاعتصام بكتاب الله تعالى ، فقال -كما عند مسلم من حديث جابر-: " تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ، كتاب الله " ، ولم يذكر العتْر ة، ولما قفل من حجة الوداع ، ونزل غدير خُم ، أحس بدنو أجله ، وقال: " يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب " ، فأوصاهم بالاعتصام بكتاب الله مرة أخرى ، وأردف ذلك بتذكيرهم بعترته أهل بيته ، فقال: " إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي "، فقولُه هنا: "وعترتي أهل بيتي" منصوب بفعل محذوف ، يعني: "احفظوا عترتي" ، أو : " أذكركم الله في عترتي " كما هو نص مسلم ، وهذا المعنى المراد هو الذي فهمه صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقد أخرج البخاري (3712) عن أبي بكر رضي الله عنه قال : " والذي نفسي بيده لقرابةُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب إلى أن أصل من قرابتي " . وأخرج عنه أيضاً (3713) ، قال : " ارقبوا محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آل بيته " . قال الحافظ في "الفتح" : " والمراقبة للشيء : المحافظة عليه ، يقول: احفظوه فيهم ، فلا تؤذوهم ، ولا تسيئوا إليهم .
قلنا : وهذا موافق لقوله تعالى: ( قل لا أسألكُم عليه أجراً إلا المودة في القُربى ) .الشورى/ 23 " انتهى من حاشية "مسند أحمد" (17/ 175-176) .

وقد روى البخاري (3671) عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ ، قَالَ: " قُلْتُ لِأَبِي – يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه – أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ : أَبُو بَكْرٍ ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ عُمَرُ ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ .
وروى البخاري أيضا (3697) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : " كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لاَ نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ " .
وقد اتفقت الأمة على أن عليا أفضل الأمة بعد الثلاثة رضي الله عنهم أجمعين .
راجع لمعرفة فضل آل البيت جواب السؤال رقم : (145924) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم : (12103) .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

زيد بن ثابت السنة النبوية

[BACKGROUND="90 #000000"]

زيد بن ثابت




هو زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري من بني النجار أخوال رسول الله بالمدينة، كان يتيمـًا يوم قدم الرسول للمدينـة (توفي والده يوم بُعاث) و سنه لا يتجاوز إحدى عشرة سنة، وأسلـم مع أهلـه وباركه الرسول الكريم بالدعاء.

جهاد زيد بن ثابت:

صحبه آباؤه معهم إلى غزوة بدر، لكن الرسول رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من أترابه إلى الرسول يرجون أن يضمهم للمجاهدين وأهلهم كانوا يرجون أكثر منهم، ونظر إليهم الرسول شاكرا وكأنه يريد الاعتذار، ولكن رافع بن خديج وهو أحدهم تقدم إلى الرسول الكريم وهو يحمل حربة ويستعرض بها قائل: إني كما ترى، أجيد الرمي فأذن لي. فأذن الرسول له، وتقدم سمرة بن جندب، وقال بعض أهله للرسول : (إن سمرة يصرع رافعا). فحياه الرسول وأذن له.
وبقي ستة من الأشبال منهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، بذلوا جهدهم بالرجاء والدمع واستعراض العضلات، لكن أعمارهم صغيرة، وأجسامهم غضة، فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة، وهكذا بدأ زيد بن ثابت مع إخوانه دوره كمقاتل في سبيل الله بدءًا من غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة.


قال زيد بن ثابت: كانت وقعة بعاث وأنا بن ست سنين وكانت قبل هجرة رسول الله بخمس سنين فقدم رسول الله المدينة وأنا بن إحدى عشرة سنة وأتي بي إلى رسول الله فقالوا غلام من الخزرج قد قرأ ست عشرة سورة فلم أجز في بدر ولا أحد وأجزت في الخندق.


وكانت مع زيد راية بني النجار يوم تبوك، وكانت أولاً مع عُمارة بن حزم، فأخذها النبي منه فدفعها لزيد بن ثابت فقال عُمارة: يا رسول الله! بلغكَ عنّي شيءٌ؟!. قال الرسول : "لا، ولكن القرآن مقدَّم، وزيد أكثر أخذا منك للقرآن".

علم زيد بن ثابت:

عن عامر قال: كان فداء أهل بدر أربعين أوقية أربعين أوقية فمن لم يكن عنده علم عشرة من المسلمين الكتابة فكان زيد بن ثابت ممن علم، لقد كان مثقفًا متنوع المزاي، يتابع القرآن حفظ، ويكتب الوحي لرسوله ، ويتفوق في العلم والحكمة، وحين بدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرته، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في وقت وجيز…يقول زيـد بن ثابت: أُتيَ بيَ النبـي مَقْدَمه المدينة، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال: "تعلّمْ كتاب يهـود، فإنّي ما آمنهم على كتابي". ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهـر حتى حَذِقْتُـهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له.


وعن ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله : "أتحسن السريانية؟" قلت: لا. قال: "فتعلمها فإنه تأتينا كتب". قال فتعلمتها في سبعة عشر يومًا. قال الأعمش: كانت تأتيه كتب لا يشتهى أن يطلع عليها إلا من يثق به، من هنا أطلق عليه لقب ترجمان الرسول .

زيد بن ثابت حافظًا لكتاب الله:

منذ بدأت الدعوة وخلال إحدى وعشرين سنة تقريبا كان الوحي يتنزل، والرسول يتلو، وكان هناك ثلة مباركة تحفظ ما تستطيع، والبعض الآخر ممن يجيدون الكتابة، يحتفظون بالآيات مسطورة، وكان منهم علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عباس، وزيد بن ثابت أجمعين. وبعد أن تم النزول كان الرسول يقرؤه على المسلمين مرتبا حسب سوره وآياته.
وقد قرأ زيد بن ثابت على رسول الله في العام الذي توفاه الله فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه كتبها لرسول الله وقرأها عليه، وشَهِدَ العرضة الأخيرة، وكان يُقرىء الناس بها حتى مات.

زيد بن ثابت وبداية جمع القرآن:

بعد وفاة الرسول شغل المسلمون بحروب الردة، وفي معركة اليمامة كان عدد الشهداء من حفظة القرآن كبير، فما أن هدأت نار الفتنة حتى فزع عمر بن الخطاب إلى الخليفة أبو بكر الصديق راغبًا في أن يجمع القرآن قبل أن يدرك الموت والشهادة بقية القراء والحفاظ…واستخار الخليفة ربه، وشاور صحبه ثم دعا زيد بن ثابت وقال له:(إنك شاب عاقل لانتهمك)…وأمره أن يبدأ جمع القرآن مستعينا بذوي الخبرة.
ونهض زيد بالمهمة وأبلى بلاء عظيما فيه، يقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن مرتبا منسقا…وقال زيد في عظم المسئولية: (والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن)…كما قال: (فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال). وأنجز المهمة على أكمل وجه وجمع القرآن في أكثر من مصحف.

المرحلة الثانية في جمع القرآن:

في خلافة عثمان بن عفان كان الإسلام يستقبل كل يوم أناسًا جدد عليه، مما أصبح جليا ما يمكن أن يفضي إليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين والأولين، فقرر عثمان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان ضرورة توحيد المصحف، فقال عثمان:( مَنْ أكتب الناس؟)…قالو:( كاتب رسول الله زيد بن ثابت)…قال:( فأي الناس أعربُ؟)…قالو: سعيد بن العاص، وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول الله ، فقال عثمان: (فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ).
واستنجدوا بزيـد بن ثابت، فجمع زيد أصحابه وأعوانه وجاءوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر -رضي الله عنها- وباشروا مهمتهم الجليلة، وكانوا دوما يجعلون كلمة زيد هي الحجة والفيصل…رحمهم الله أجمعين…حتى قال عنه ابن عباس ت رضي الله عنهما : "لقد علم المحفظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم".

فضل زيد بن ثابت :

تألقت شخصية زيد وتبوأ في المجتمع مكانا عالي، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم…فقد ذهب زيد ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد بن ثابت:(تنح يا ابن عم رسول الله)…فأجابه ابن عباس: (لا، فهكذا نصنع بعلمائنا)… كما قال ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت: "ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد".

زيد بن ثابت ويوم السقيفـة:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لما توفي رسول الله قام خطباء الأنصار فجعل الرجل منهم يقول يا معشر المهاجرين إن رسول الله كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان أحدهما منكم والآخر منا قال فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك فقام زيد بن ثابت فقال إن رسول الله كان من المهاجرين وإن الإمام يكون من المهاجرين ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله فقام أبو بكر فقال جزاكم الله خيرا يا معشر الأنصار وثبت قائلكم ثم قال أما لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم ثم أخذ زيد بن ثابت بيد أبي بكر فقال هذا صاحبكم فبايعوه ثم انطلقوا.


وكان عمر بن الخطاب يستخلفه إذا حجّ على المدينة، وزيد بن ثابت ، وهو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وهو أحد أصحاب الفَتْوى الستة: عمر وعلي وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحداً في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة.


عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وأفرضهم –أي: أعلمهم بالفرائض- زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وان لكل امة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح".
وقد استعمله عمر على القضاء وفرض له رزقًا.
قال ابن سيرين: "غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض"


وفاة زيد بن ثابت:

توفي سنة 45 هـ في عهد معاوية، ولما مات رثاه حسان بقوله:
فمن للقوافي بعد حسان وابنه ومن للمعاني بعد زيد بن ثابت
و عن يحيى بن سعيد قال: لما مات زيد بن ثابت قال أبو هريرة: مات اليوم حبر هذه الأمة، ولعل الله يجعل في ابن عباس منه خلف.

[/BACKGROUND]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على ربه تعالى في خطبه ودعائه – سنة النبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت فى الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخطب في الناس ، كان "يحمد الله عز وجل ويثنى عليه بما هو أهله " ، فهل رُوى في الأحاديث الصحيحة ماذا كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما يثنى على الله جل شأنه بما هو أهله ؟ إن كانت الإجابة بنعم، فأرجو منكم كتابة كل ما ثبت في ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على رب العزة سبحانه . وهل لي أن أستفيد بمثل هذا الثناء ، كأن أقوله في دعاء الاستفتاح في الصلاة مثلا أو قبل أن أدعو الله عز وجل ؟

الجواب :
الحمد لله
أولا :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخطب خطبة إلا ابتدأها بالحمد لله والثناء عليه بما هو أهله ، وهذا ثابت في أحاديث كثيرة ، في الصحيحين وغيرهما .
وقد روى أبو داود (4841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ، فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
( فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ ) أَيْ: الْمَقْطُوعَةِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا لِصَاحِبِهَا .
والتشهد يطلق على الشهادة لله تعالى بالوحدانية ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة (أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) ، ثم صار يستعمل كل ثناء على الله وحمدٍ له . انظر : " فيض القدير" (5/24) .
ومعنى الحديث : أن الخطبة التي ليس فيها ثناء على الله تعالى ليس فيها فائدة ، وأعظم الثناء لله تعالى الشهادة لله بالوحدانية .
ولذلك قال ابن القيم رحمه الله :
" كَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْطُبُ خُطْبَةً إِلَّا افْتَتَحَهَا بِحَمْدِ اللَّهِ " .
انتهى من "زاد المعاد" (1/ 179) .
وقال ابن رجب رحمه الله :
" خطبة النبي صلى الله عليه وسلم كانت تشتمل على حمد الله والثناء عليه بما هو أهله ، وعلى الشهادة لله بالتوحيد ، ولمحمد بالرسالة " انتهى من " فتح الباري" لابن رجب (8/ 267).
وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يبتدئ خطبته بما يعرف بــ " خطبة الحاجة " وهي أحسن ما ورد في حمد الله والثناء عليه .
ولفظها : ( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود (2118) ، والنسائي (1578) ، وابن ماجة (1892) .
وهذه الخطبة لعظمها فإنها تستحب أن تذكر قبل عقد النكاح وفي مجالس الصلح بين المتنازعين، وافتتح العلماء بها كتبهم وخطبهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَلِهَذَا اُسْتُحِبَّتْ وَفُعِلَتْ فِي مُخَاطَبَةِ النَّاسِ بِالْعِلْمِ عُمُومًا وَخُصُوصًا: مِنْ تَعْلِيمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْفِقْهِ فِي ذَلِكَ ، وَمَوْعِظَةِ النَّاسِ وَمُجَادَلَتِهِمْ ، أَنْ يَفْتَتِحَ بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ الشَّرْعِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/ 287) .
وينظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (105393) .
ثانيا :
دعاء الاستفتاح وردت له صيغ كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، راجع " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " للشيخ الألباني رحمه الله .
فيستفتح المصلي ببعضها ، ويقتصر عليها ، وينوع بينها ، فتارة يأتي بهذا ، وتارة يأتي بهذا ، ولا يستفتح بغير ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه البخاري (631) ، فلا ينبغي للمسلم أن يترك أدعية الاستفتاح الواردة في السنة ، ويستفتح بخطبة الحاجة مثلا .
وقد سبق ذكر بعض أدعية الاستفتاح في الفتوى رقم : (66558) .
ثالثا :
يسن افتتاح الدعاء بالثناء على الله تعالى .
قَال النَّوَوِيُّ رحمه الله : " أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ ابْتِدَاءِ الدُّعَاءِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ الصَّلاَةِ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى من " الأذكار" (ص117) .
ويحصل الثناء على الله تعالى بأي ألفاظ فيها وصف الله تعالى بالكمال وتنزهه عن النقص . ( كالحمد لله ، وسبحان الله) ونحو ذلك .
وأدعية النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بالثناء على الله تعالى ، بذكر أسمائه الحسنى وصفاته العلى ، منها :
( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) رواه البخاري (6346) ، وكان يقوله عند الكرب .
( اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَرَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَفَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَالظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَالْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ ، وَأَغْنِنِي مِنْ الْفَقْرِ ) كان يأمر به صلى الله عليه وسلم أن يقوله المسلم إذا أخذ مضجعه (عند النوم) ، رواه الترمذي (3400) وصححه الألباني .
والنصيحة للسائلة أن تقتني كتاب الأذكار للنووي رحمه الله فقد جمع فيه ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم في الأوقات والأحوال المختلفة .
والله أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

أخلاق الحبيب صل الله عليه وسلم وأصحابه الجزء الأول – سنة النبي

أخلاق الحبيب ﷺ وأصحابه (1)

لمى الصبحي


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ


قال عمر -رضي الله عنه-: "لأقولن شيئًا يُضحك النبي ﷺ".

علّق ابن حجر في فتح الباري:
"فيه استحباب من رأى صاحبه مهمومًا أن يُحدّثه بما يُزيل همّه ويطيب نفسه"


عن جابرِ بن سمرة قال: "صليتُ مع رسول الله ﷺ صلاة الأولى، ثُمَّ خرجَ إلى أهلهِ وخرجتُ معه، فاستقبله ولدانٌ، فجعلَ يمسحُ خَدَّيْ أحدِهم واحدًا واحدًا،
قال: وأمَّا أنا فمسح خَدِّي، قال: فوجدتُ ليدهِ بردًا أو ريحًا كأنَّما أخرجَها من جُؤْنَةِ عطَّار".
رواهُ مسلم.

هذا من حنانهِ ﷺ، وتواضعه، وتلطُفه، وحُسن تعامله مع النَّاس،
وهذا لا ينساه الصغارُ أبدًا، خاصّة من القادة، وفي صحيح البُخاري:
قال: ابن الزبير لابن جعفر -رضي الله عنهم- أتذكرُ إذ تلقَّيْنا رسول الله ﷺ أنا وأنت، وابنُ عباس قال: «نعم فحملنا وتركك».
فاعتنوا بهذا جزاكم اللهُ خيرًا.
د. رقيّة المحارب


عن أنس بن مالك قال: نظر رسول الله ﷺ إلى أُحد فقال: "إنَّ أُحدًا جبلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه".
رواه مسلم.

الذي عند الناس أنَّ أُحدًا جبل هُزم عنده النبي ﷺ، فالمتبادر إلى النفس التشاؤم والحزن، فقال النبي ﷺ هذا تفاؤلًا، ويُبيّن أنَّ أُحدًا لا دخل له.
فإذا فعل النبي ﷺ هذا مع الجماد، ومع الحيوان، فكيف ترين تعامله مع المؤمنين؟
وكيف ترين تعامله مع أهله؟
ومع أفاضل أهله؟
د. رقية المحارب.


عن جابر -رضي الله عنه- أنّ النبيّ ﷺ سأل أهله الأُدمَ فقالوا:
ما عِندنَا إلا خلٌّ، فدَعا بهِ فجعل يأكلُ ويقول: "نِعْمَ الأُدْمُ الخلُّ، نِعْمَ الأُدْمُ الخلُّ".
رواهُ مسلم.

-من هدي النبي ﷺ أنّه إذا أعجبه الطعام أثنى عليه، وهذا من سُنّته ﷺ.
ش. ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين.

-وقوله ﷺ ذلك ليس معناه أنّه أفضل الطعام، وإنّما هو من باب المواساة لمن أعطاه، وللنفس.

وهناك نقطة مهمّة:
الناس إذا مدحتَ الطعام قبل الأكل استشرفت له نفوسهم، وإذا ذممته؛ فإنّهم يتقذّرونه ولو كانوا يُحبّونه.
د. رقيّة المحارب.


عن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال:" قبّل النبي ﷺ الحسن بن علي رضي الله عنهما، وعندهُ الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله ﷺ فقال: "من لا يَرحم لا يُرحم" [٥٩٩٦]
صحيح البخاري.

ففي هذا دليلٌ على أنه ينبغي للإنسان أن يستعمل الرحمة في معاملة الصغار ونحوهم، وأنه ينبغي للإنسان أن يقبّل أبناءه، وأبناء بناته، وأبناء أبنائه، يقبلهم رحمة بهم، واقتداءً برسول الله ﷺ
أما ما يفعله بعض الناس من الجفاء والغلظة بالنسبة للصبيان، فهذا خلاف السنة وخلاف الرحمة.
*شرح رياض الصالحين -بتصرّف-.


عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله ﷺ كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله ﷺ ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.
صحيح البخاري.

وهذا من لطفه ﷺ فأين هذا الخلق من أخلاقنا اليوم؟
الآن لو يجد الإنسان صبيه في المسجد أخرجه فضلاً عن كونه يحمله في الصلاة، ففي هذا وأمثاله دليلٌ على أنه ينبغي للإنسان أن يرحم الصغار، ويلطف بهم، وأن ذلك سبب لرحمة الله عزّ وجلّ، نسأل الله أن يعمنا وإياكم برحمته ولطفه وإحسانه.
ش/ ابن عثيمين رحمه الله -بتصرّف-


يستحب للإنسان إذا رأى أحداً حزيناً أن يسأله عن ذلك، فالنبي ﷺ كان يسأل من يلقى من أصحابه إذا كان حزيناً أو مهموماً، فربما كانت له حاجة فيقوم بقضائها أو هم يقوم بتفريجه أو كربة يقوم بتفريجها
ولا يقوم بذلك إلا غني الخُلق عظيم الكرم في الأدب كما كان رسول الله ﷺ.
تعليق الشيخ الطريفي على سنن ابن ماجه.


كان النبي ﷺ يخطب على جذع، فلما وُضع له المنبر وترك الجذع سُمع حنين الجذع له!
نزل فضمّه حتى سكن.

يُسن ضم المحزون زوجة وولداً وبهيمة، أولى من الجماد.


عن أنسٍ رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال "في النار" فلما قفى دعاه فقال: "إن أبي وأباك في النار"
صحيح مسلم.

هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة؛
ونجد ذلك أيضاً في حديث عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، إذ قالت:
(…فبينا هما جالسان عندي، وأنا أبكي، إذ استأذنت امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي)
فالمواساة رباط اجتماعي وثيق ولا ينسى الإنسان من يواسيه.
فاعتنوا بذلك رعاكم الله.


في قصّة إيذان النبي ﷺ بتوبة الله على كعب بن مالك:
قال كعب: "وانطلقتُ إلى رسول الله ﷺ فتلقاني الناس فوجًا فوجًا، يُهنّوني بالتوبة،
يقولون: لتهنكَ توبةُ الله عليك!
قال كعب: حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله ﷺ جالس حوله الناس، فقام إليّ طلحةُ بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهناني، والله ما قام إليّ رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة".
صحيحُ البُخاري.

فإذا بُشّر أحد إخوانك بخير فتفاعل مباشرة وأظهر سعدك، ولن ينساها لك.


من الآداب النبوية اللطيفة، التي تترك أثرًا عظيمًا في نفس السامع؛ الدعاء له ولوالديه بالخير.
تأمل دعوة نبيك ﷺ:
"اللهم اغفر لحذيفة وأُمِّه".



يستحب التبسم عند تلاقي النظر.
ففي الصحيحين عن جرير في وصف رسول الله ﷺ: {ولا رآني إلا تبسم في وجهي}


كان رسول الله ﷺ سهلاً ليناً في التعامل مع زوجته، فإذا هويت شيئاً لا محذور فيه تابعها عليه.
عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- في وصف حجة رسول الله ﷺ أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيتِ حتى حججت) قال جابر: (وكان رسول الله ﷺ رجلاً سهلاً، إذا هويت الشيء تابعها عليه)

رواه مسلم [١٢١٣]
"رجلاً سهلاً" أي سهل الخلق، كريم الشمائل، لطيفاً ميسراً في الخلق، كما قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)


عن المقدام بن معديكرب عن النبي ﷺ قال: (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه)
٥١٢٦/صحيح -أبو داوُد.
حتى يفرح ويأنس به.


عن عبد الله بن عمرو قال ما رُئي رسول الله ﷺ يأكل متكئا قط ولا يطأ عقبه رجلان.
٣٧٧٢/صحيح -أبو داوُد

أي لا يمشي قدام القوم، بل يمشي في وسط الجمع أو في آخرهم تواضعاً.
والنبي ﷺ كان معلماً،
وفي هذا لطافة أن المعلم والمربي إذا مشى مع طلابه أن يجعلهم عن يمينه أو يكون وسطهم فذلك أبلغ أثرا في النفوس وآنس لهم.
القرب والحنو من الناس وتعليمهم بالعاطفة والرحمة، هكذا كان هدي نبيكم ﷺ.
أ.د/ رقية المحارب.


دعا رسول الله ﷺ لأنس فقال: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته".
رواه مسلم.
قال النووي: فيه هذا الأدب البديع وهو أنه إذا دعا بشيء له تعلق بالدُّنيا ينبغي أن يضم إلى دعائه طلب البرَكة فيه والصيانة.


عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله ﷺ قال: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف)
٤٨٠٩/صحيح -أبو داوُد

وهذا من جانبين:
الأول الأجر، والثاني أثر الرفق؛ فإن الرفق يؤثر ما لا يؤثر العنف وهذا هدي النبي ﷺ فإنه كان إذا أراد أمراً يقول لو أنكم فعلتم كذا وكذا وهذا ألطف.
د. رقية المحارب.


في قوله ﷺ: "كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة".
رواه مسلم.
قال النووي: هذا فيه استحباب الثناء على الشجعان، وسائر أهل الفضائل، لا سيما عند صنيعهم الجميل؛ لما فيه من الترغيب لهم، ولغيرهم في الإكثار من ذلك الجميل، وهذا كله في حق من يأمن الفتنة عليه بإعجاب، ونحوه.
وقال أ. د. علي الصياح:
من طرق إدخال السرور والسعادة على من حولك أسلوب (التشجيع والتحفيز والثناء) فهل جربت ذلك؟
وقد كان نبينا ﷺ يستخدمه كثيرًا، كقوله لأشـج عبد القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة" رواه مسلم.


يُستحبُ للإنسان إذا سَار أو حدّثَ إنسانًا أن يأخذ بيده.

ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم -" نادى أُبيّ بن كعب وهو يُصلي، فلمّا فرغ من صلاته لَحِقَه، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يَدَه على يَدِه، وهو يُريد أن يخرج من باب المسجد ".
فهو أقربُ للود وأرعى لِسمع الإنسان.
تعليق الشيخ عبد العزيز الطريفي على الموطأ.


عن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ: (لو تركنا هذا الباب للنساء)
سنن أبي داوُد، ٤٦٢/صحيح.

(لو تركنا هذا الباب) أي باب المسجد الذي أشار النبي ﷺ (للنساء) لكان خيرا وأحسن لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد.
عون المعبود.

هذا فيه فائدة تربوية:
الأمور التي كان النبي ﷺ يختارها رفقاً بالناس، ولا يريد التشديد عليهم بها فإنه يستخدم أسلوب (لو)، وهذا أسلوب جميل في الطلب خاصة لو كان الأمر غير ملزم، وفيه أدب وذوق.
أ.د/ رقية المحارب.


عن أبي حذيفة عن حذيفة قال: "كنا إذا حضرنا مع النبي ﷺ طعاماً لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله ﷺ."
صحيح مسلم.

علّق النووي -رحمه الله-:
(فيه بيان هذا الأدب وهو أنه يبدأ الكبير والفاضل في غسل اليد للطعام وفي الأكل)


قال ﷺ عن الجذع: (إن هذا بكى لِمَا فقد من الذِّكر)

إذا كان الجماد يفقد الذكر والقرآن وصحبة الصالحين فلا شك أن قلوب المؤمنين أيضا تضيق وتحزن.


(عن معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم…)
(٣٣/٥٣٧) صحيح مسلم.

فيه بيان ما كان عليه رسول الله ﷺ من عظيم الخُلق الذي شهد الله تعالى له به ورفقه بالجاهل ورأفته بأمته وشفقته عليهم.
وفيه التخلق بخلقه ﷺ في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به وتقريب الصواب إلى فهمه.


في قوله ﷺ في صحيح مُسلم: "غِفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله".

يؤخذ منه سُنيّة الدُّعاء بما يُشابه الاسم.


عادَ النبي ﷺ وبعضُ أصحابه عليهم رضوان الله سعد بن عُبادة،
قال عبد الله بن عمر: "حتى جئناه، فاستأخر قومُه من حوله؛ حتى دَنَا رسول الله ﷺ وأصحابه".
رواه مسلم.

وهذا فيه أدب:
أنه إذا ضاقَ المجلس، يقوم الذين يُحسبون من أهلِ الدار؛ حتى يوسعوا للحضور، وهذا أفضل من تفرقهم في المجالس، وهذه سُنّة محمودة.
د. رقية المحارب.


عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة -رضي الله تعالى عنهما-أنَّ رسول الله ﷺ استعمل رجلا على خيبر، فجاءه بتمرٍ جَنِيبٍ، فقال رسول الله ﷺ: "أكل تمر خيبر هكذا؟"
قال: لا والله، يا رسول الله!
إنّا لنأخذُ الصاعَ من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة!
فقال رسول الله ﷺ: "لا تفعل، بعِ الجَمْعَ بالدِّراهم ثم ابتعْ بالدِّراهم جنيبًا".

الجنيب: الطيّب.
الجمع: التمر المُختلط.
ابتع: اشتر.
صحيحُ البُخاري.
في الحديث:
أن الإنسان المعلّم المربي الآمر بالمعروف والناهي عن المُنكر، أنّه لا ينهَ عن مُنكر إلا ويأمر بمعروف يُغني عنه ويسُد مسدّه،
ومثلُ هذا ما جاءَ في القرآن الكريم:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠٤] ️

ش. ابن عثيمين -بتصرّف-


من حسن الخُلق مراعاة مشاعر المستغيث بك، والتعاطي معه بما يخفف عنه.
جاء في مسلم أن أبا موسى، قال:
"أتاكم أخوكم المسلم قد أفزع، تضحكون؟! "
. *


يُسنّ للمرء إذا رأى في أخيه قذى أو أذى أن يزيله عنه، جاء في صحيح البخاري:
أن عليًا أصابه تراب "فجعل رسول الله ﷺ يمسحه، ويقول: قُم أبا تُراب، قُم أبا تُراب".
وفي الحديث أيضًا:
مُمازحة المُغضب بما لا يغضب منه، بل يحصل به تأنيسه.


(عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ‏:‏ كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُجْلِسُنِي عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَالَ‏:‏ أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي، ، فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ‏:‏
مَنْ الْقَوْمُ – أَوْ مَنْ الْوَفْدُ‏؟‏ – قَالُوا‏:‏ رَبِيعَةُ‏.‏
قَالَ‏:‏ مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ – أَوْ بِالْوَفْدِ – غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى ‏…)
صحيح البخاري.

قال ابن أبي جمرة‏: ‏ في قوله‏: ‏ ‏"‏من القوم ‏"‏ دليل على استحباب سؤال القاصد عن نفسه ليعرف فينزل منزلته‏.
وفيه دليل على استحباب تأنيس القادم.

فتح الباري.
وقال الشيخ عبد العزيز الطريفي في (مرحباً) :(وهذا من سنة النبي ﷺ، فيشرع لمن قَدِم إليه قادم أن يقول له: مرحباً سواءً ابتدأ بها، أو أن يَرُدّ عليه)

سيُضاف على هذا الملف إن شاء الله بشكل مستمر.

14 محرم 1443

ملاحظة: أنا فقط أجمع ما يصلني.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

السيرة النبوية دروس وعبر المقدمة – سنة النبي

بسم الله الرحمن الرحيم
السيرة النبوية دروس وعبر ( المقدمة )


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أم بعد :-
إن المواقف ذات العبرة لكثيرة في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم .. فارتأيت أن أفرد لك موقف حلقة أتحدث فيه ، مع ذكر الفوائد والعبر منها قدر الإمكان ، حيث أن فعلاً كهذا فيه من المحامد والفوائد الشيء الكثير .. لاسيما وأن تحلية المجالس والدروس والخطب بذكر صحيح القصص النبوي يحتاجه كل باحث ، و مدرّس و خطيب وقاص و غيرهم ..

فكم للقصة من أثر بالغ في نفس القارئ والسامع .. تهفو له النفوس .. وتطمئن له القلوب .. وتسمو به الأرواح .. لا سيما وأن القصص النبوي هداية للمهتدين و نموذج تربوي سام للمعلمين ..

وهذه السيرة الشريفة مليئة بالذخائر والكنوز واللآلئ والدرر ، ولابد من الغوص وراء أصدافها الحافظة لها ، واستخراج دررها الفريدة من داخلها .. عجائبها غزيرة ، وعقودها باهرة ، أتت بالعجائب والنجائب والمراتب في كل باب ، وأنتجت الفتوحات متنوعات في كل درب ، وقدمت الصيغ الإنسانية التي تربّت على مائدة القرآن ، أفضل النماذج التي يحتذى بها ..

وقد احتوت السيرة النبوية ذلك كله ، ولذلك فكلما عاشها الإنسان وعاشت به ، عرفها أكثر ، وأدركها أعمق ، واقترب من مضامينها وأسرارها ..

وهذه مباحث في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، تقدم تصوراً وترسم منظراً ، تكاد ترقبه وتشهده حتى لكأنك ترى أحداثه متحركة أمامك ماثلة نصب عينيك ..

وبتمعنك فيها يتبين لك من خلالها ذلك الكم الهائل من الدروس والعبر المستفادة من حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه الأبرار رضوان الله عليهم أجمعين ..

فهي تُظهر أهميتها ودقائق تفاصيلها ، وفقهها المتعمق للعمل بها والاستظلال بظلها ، وهي حصيلة أصيلة .. وخبرة مستنيرة .. ومتعلق عاشق .. قام بدراستها وتدريسها .. وهي تطبيق لمنهج ودراسة لأحداث واستقراء لمضامين ، ترى من خلالها هذه المعاني : أكثر نوراً وأشد ظهوراً وأشمل حبوراً .. أقدمها تقرباً إلى الله و حباً لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وخدمة لهذا الدين ، من خلال رعاية تاريخه وبيان حقائقه المنيرة ..

ولن أتطرق إلى ذكر الفوائد والدروس المستفادة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه ؛ لأن لذلك كله موضوع مستقل أتناول الحديث فيه عن هذا النشاط الجهادي والدعوي دون التوسع في أحداث الغزوة لأنها معروفة ومفصلة في كتب السيرة .. وإنما أكتفي بذكر الفوائد والدروس والعبر المستفادة من تلك الغزوات ..
وهذه بعض فوائد دراسة السيرة النبوية أقدمها بين يدي هذا الموضوع :-
1 – السيرة ذاتها معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، وآية من آيات نبوته ، فهي سيرة عظيمة لمن تدبرها و لو لم تكن له معجزة غير سيرته لكفى .
2 – معايشة الصحابة الكرام والسعادة بصحبة خير الأنام ، نفرح لفرحهم ، ونبكي لبكائهم .
3 – دراسة السيرة النبوية متعة روحية وغذاء للقلوب الزكية .
4 – دراسة السيرة تفيد المسلم الوقوف على كثير من الأحكام الفقهية والدروس التربوية ، فلا يستغني عنها الدعاة إلى الله عزوجل ليتعلموا كيف تكون الدعوة إلى الله ، ولا يستغني عنها المربون ليتعلموا كيف تكون التربية .
5 – دراسة السيرة تعطينا المنهج الصحيح لحياة الفرد والمجتمع المسلم ، ومعين رائق لفهم الشرعية الإسلامية وصورة صحيحة لأعظم منهج شهدته الأرض .

فهذه جملة من فوائد دراسة السيرة النبوية على صاحبها أتم الصلاة وأزكى التسليم ليست على سبيل الحصر ، وقد بذلت جهداً أحتسبه عند الله عزوجل في جمع هذه الفوائد من بطون الكتب والمؤلفات ، كما وأني واستنبطت بعضها ، ولا أدعي أنني استوعبت الموضوع كله ..

فهذا مجمل ما أردت قوله .. و أرجو الله ألا أكون ممن تخدعه الشمس بطول ظله .. و قد قلت بمقدار

ما اجتهدت .. و ما شهدت إلا بما علمت .. إن هي إلا خطرات .. بعضها متمنىً فات .. و بعضها لا يزال في بطون المؤلفات .. لم آتِ فيها على آخر إرادة .. ولا أزعم أني وفيّت على الغاية في الإفادة .. على أني قد كنت تمنيت أن أكتب أكثر فما أنجزت .. لكن لا ضير أن أصف النجم في سراه .. و إن لم أستقر في ذراه .. إن هي إلا لبنة على طريق الدعوة .. و أرجو أن تكون بقيمة الدرة .. و ما أراني بعد قد شفيت غلة النفس .. و بلغت بها أمنيتها .. فإنها تنظر إلى كثيرٍ و كثير .. و أما أنا فإني أشد فقراً إلى عون الله و توفيقه و تثبيته ..

اللهم اهدنا لأحسن الأحوال و الأفعال لا يهدي لأحسنها إلا أنت .. و ارزقنا صلاح الظاهر و الباطن .. و صدق النية .. و حسن الخاتمة .. و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده