السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال : بعض الاطعمة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم: الـطـفـيـشـل : الجـشـيـشـة : الـسـخـيـنـة : الـخـــــبـط : دمتمــ بود |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال : بعض الاطعمة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم: الـطـفـيـشـل : الجـشـيـشـة : الـسـخـيـنـة : الـخـــــبـط : دمتمــ بود |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آخر ماقال الرسول صلى الله عليه و سلم وفعل قبل وفاته بتسعه ايام
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 646×485 وحجمها 35 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 665×498 وحجمها 34 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 644×483 وحجمها 30 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 644×483 وحجمها 34 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 643×482 وحجمها 31 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 660×494 وحجمها 46 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 659×494 وحجمها 31 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 656×491 وحجمها 44 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 650×488 وحجمها 30 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 653×489 وحجمها 26 كيلو بايت .
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 652×490 وحجمها 25 كيلو بايت .
ارجو ان يكون الموضوع نال اعجابكم
نلتقي على خير باذن الله
هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 658×494 وحجمها 21 كيلو بايت .
بسم الله الرحمن الرحيم
من أعظم ما جبل الله عليه البشر: ميل الجنسين الذكر والأنثى كليهما إلى الآخر،حيث أنهما في الأصل وحدة واحدة، كان الرجل، ثم كانت منه المرأة، وأودع الله في كل منهما للآخر ذلك الحنين السرمدي، حنين الكل إلى جزء انساب منه، وحنين الجزء إلى كلٍ كان يحويه،هذا الحنين إلى الاندماج العاطفي والروحي والجسدي هو الذي كان به حفظ الجنس البشري.
والإسلام كدين يراعي فطرة البشر، لم يهمل جانب الإشباع العاطفي، حيث أن العاطفة لابد لها من انطلاقة، فكان الزواج هو الرابطة المقدسة التي تحتوي بدفئها الحب بين الطرفين.
الحب بين الزوجين كان ولا يزال دعامة حيوية لاستمرار الحياة الزوجية ونجاحها، وكذا هو محل اهتمام من قبل الإسلام، هذا الاهتمام لا يرجى له بيان أوضح وأعمق من واقع النبي صلى الله عليه وسلم؛ الذي أودع الله فيه- مع الخلق الفريد- الشفافية والحس المرهف والعاطفة الحية؛ والتي لا نستنكف عن الترنم بها؛ إذ هي من مظاهر تكامل شخصيتة صلى الله عليه وسلم واستيعابها لكل خصال الخير؛ ولم يعرف البشر حباً أسمى وأروع من ذلك الذي البيت الذي تألق بين جدرانه الحب في أعلى وأطهر صوره، إنه بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة، ذلك البيت الذي علم الدنيا الحب.
بالرغم من قيامه صلى الله عليه وسلم بأعباء الرسالة، والجهاد والكفاح المستمرين، إلا أنه لم يتنازل عن مراعاة الجانب العاطفي لدى زوجته الحبيبة، يُسأل النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك؟ فيقول: (( عائشة ))، فيُقال من الرجال؟ فيقول: (( أبو بكر ))، يعلنها صراحة بدون حرج، وكأنه يعتز بمحبته عائشة، حتى أن هذه المحبة كانت معروفة لدى الصحابة مما حدا بهم إلى انتظار نوبة عائشة ليقدموا الهدايا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إنه في خلافة عمر: فرض الفاروق لأمهات المؤمنين عشرة آلاف، وزاد عائشة ألفين فسُأل عن ذلك، فقال: (إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وكان مسروق رحمه الله إذا روى عن عائشة قال: (عن الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول رب العالمين).
وفي مرضه صلى الله عليه وسلم الذي مات فيه: كان من شوقه لعائشة أن كان يسأل نساءه: (أين أنا غدا؟)، ففهمن أنه يريد عائشة، فأذنّ له أن يمرض في بيتها، وقد كان هذا الحب قرين طاعة الله إذ كان النبي يصلي في فراش عائشة، ويتنزل عليه الوحي في فراشها، ويقرأ القرآن في حجرها.
لذا يقول ابن القيم في الجواب الكافي: (إن عشق النساء ثلاثة أقسام: قسم هو قربة وطاعة، وهو عشق الرجل امرأته، وهذا العشق عشق نافع فإنه أدعى إلى المقاصد التي شرع الله لها النكاح، أكف للبصر والقلب عن التطلع إلى غير أهله، ولهذا يحمد هذا العشق عند الله وعند الناس).
وكانت عائشة تدرك محبة النبي لها، وتحبه حبا شديدا، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يداعبها بكلماته التي تفيض حبا وحنانا: (( إني أعرف عندما تكوني غاضبة مني تقولي: ورب إبراهيم، وعندما تكوني راضية عني، تقولي: ورب محمد ))، فتقول هي في حنان معبرة عن عظيم محبتها: (والله يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك).
وبلغت محبتها مبلغا عظيما جعلها تشتد في الغيرة عليه، ومن ذلك أنه في بعض أسفاره أقرع بين نسائه فطارت القرعة على عائشة وحفصة، فكان يسير بالليل مع عائشة ويحدثها فطلبت حفصة من عائشة أن تبادلها البعير، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم وسار معها فافتقدته عائشة فغارت وجعلت رجلها بين الإذخر ـ الذي غالبا ما توجد فيه الهوام ـ وتقول: (يا رب، سلط علي عقربا تلدغني، رسولك ولا أستطيع أن أقول شيئا).
ولما خير النبي نساءه في البقاء معه امتثالا لأمر الله، (( قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما )) فبدأ بعائشة: (( إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك ))، فتلا عليها الآية، فقالت بغير تمهل: (أفيك أستشير أبواي، بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة).
ويمكننا القول بأن هذه العاطفة السامية في قلبي النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه الطاهرة شمسا ترسل أشعتها في حياة كل الأزواج المحبين كي يستضيئوا بضيائها ويضبطوا هذه المحبة وفقا لما قعدته علاقة النبي بعائشة فإن لنا فيه أسوة في كل شيء.
فمن ذلك:
1- التعبير والإفصاح عن هذا الحب، وهو مما يزيد الرابطة بين الزوجين، وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يصرح في أكثر من موضع بحبه لعائشة؛ فتدخل عليه فاطمة وتقول: (إن أزواجك أرسلنني يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة)، فقال: (( أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟))، قال النووي: (أي في محبة القلب).
2- أن المحبة لا تسوغ التهاون في أمر الله أو الحيدة عن الحق، فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا تحمله محبة عائشة على الجور في القسمة بينها وبين سائر أزواجه، وذات يوم غارت عائشة من حسن ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة فقالت عائشة: (ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها)، فيقول واضعا الأمور في ناصبها: (( ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها….)).
3- أن المحبة الصادقة تعني إيثار محاب الطرف الآخر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يتابع عائشة على ما تحب ما لم يكن محظورا، ولما قام النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وهو عند عائشة قال: (( ذريني أتعبد لربي ))، قالت: (والله إني لأحب قربك، وأحب ما يسرك).
4- أن هذه المحبة لا بد من ترجمتها إلى واقع يعبر عنها، وقد كان ذلك واضحاً جلياً في حياة النبي، الذي تمثل أعلى درجات الأدب والذوق الرفيع، تراه يتعمد الشرب من موضع فيّ عائشة وهي حائض، بل ويباشرها فيما دون الفرج في حيضتها، وذلك من وجهة نظري وأد لما كان من عادات الجاهلية وما تضمنته من استقذار المرأة حال الحيض.
وترى النبي من ناحية أخرى يتلطف في حديثه معها فيناديها بـ عائش، وهو ما يعد عند العرب تدليلاً. ويعد حديث( أم زرع) الطويل- الذي ذكرته عائشة أمام النبي- مثالا فريداً للاستماع العاطفي، الذي ينصت فيه المستمع بأذنه وكيانه متفاعلاً مع المتكلم مهتماً بما يقول، فحديث تزيد عدد كلماته على الثلاثمائة، والنبي لم يقاطع بكلمة، وينصت باهتمام وتركيز مع ما لديه من شواغل، لهو والله قمة الذوق والأدب مع الزوجة.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم يهتم بالجانب الترفيهي الذي يدخل عليها السرور، فتقول عائشة:" كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه، فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي" وهو ما يوحي بجو المرح والمداعبة.بل كان- وهو صاحب الكفاح المستمر والمهام العظيمة- يسابق عائشة فتسبقه مرة ويسبقها أخرى، ولم يستنكف الحبيب أن يكون في خدمتها مؤصلاً بذلك معاني الرجولة وقوة الشخصية من أنها ليست بالغلظة والجفاء والتسلط، فإنه كان مع كل هذا الحب والحنان حازماً في موضع الحزم، كما دافع بحزم عن خديجة رضي الله عنها والتي كانت تغار منها عائشة برغم أنها ليست على قيد الحياة.
وإذا سألت عن التغافل والتغاضي فإنه كان فناً لم يواز أحد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد تراجعه أو تحتد عليه فيتحملها عن غير ضعف، وقد يتخاصما ويحتكما إلى أبيها، قالب من الحياة وردي، ينم عن أسمى وأنبل عاطفة كانت لقلبين.
5- لقد نسف ذلك الحب الطاهر بين النبي وزوجه كل مزاعم الزاعمين من أن الزواج لابد وأن تسبقه علاقة عاطفية، ينبني عليها العش السعيد، فهذا محض هراء، فالوقع يشهد أن أغلب الزيجات التي قامت على أساس الحب المجرد عن النظر في معايير الانتقاء التي بينها الإسلام؛ تبوء بالفشل، ويموت على أعتابها الحب بين الطرفين، حيث تختفي اللهفة، وتخفت النار المتأججة، فلا يكون ثمة ما يعول عليه في نجاح الحياة الزوجية سوى الأخلاق والعشرة الطيبة، وهو ما لم يراع في الغالب عند الانسياق وراء العاطفة.
أما الحب الذي ينشأ بعد الزواج فهو الحب السامي الشامخ الذي لا تنال منه العواصف، إذ أنه حب حقيقي قام على أساس من الطاعة والواقعية.
فتلك هي صورة الحب الحقيقي الطاهر، لا ما تأصل في حس الناس من أن صورته تتمثل في العلاقة بين اثنين بغير زواج، يسيران مشبكين يديهما، ويبنيان المستقبل المشرق، عبر الأحلام الوردية، ولا مانع من القبلات والعناق، ما دام الزواج هدفاً، وبعد الزواج-إن تم- يتساءل كل منهما: أين الشوق؟! أين اللهفة؟! أين النار المستعرة؟! لقد ذهب كل ذلك لأن الأساس كان واهياً.
صلوات ربي وسلامه عليك يا رسول الله، ورضي الله عنك يا أم المؤمنين، فقد علمتما البشرية كيف يكون الحب
وفي رواية مسلم : "فحمد الله وأثنى عليه، فقال: ( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ".
معاني المفردات
تقالّوها: اعتبروها قليلة .
أبداً: دائماً من غير انقطاع .
الدهر: أي أواصل الصيام من دون توقّف .
أرقد: أنام .
رغب عن سنتي: أي أعرض عنها .
تفاصيل الموقف
بزغ من الأفق البعيد ركبٌ أقبلوا على المدينة والسعادة تملأ قلوبهم، والشوق يُذكي عزائمهم، غير مبالين بفيح الصحراء أو حرّ الرمضاء، ولا شاعرين ببعد المسافة أو طول الرحلة، وحُقّ لهم ذلك فقد أوشكوا على الوصول إلى مقصدهم وتحقيق هدفهم.
إنهم ثلاثة، جمعهم الإيمان وألّف بين قلوبهم، ووصلتهم أنوار الرسالة، وتوالت عليهم الأخبار الصادقة عن ذلك النبي العظيم، كم حدّثوهم عن تواضعه وحلمه ووفائه، وكم أخبروهم عن إخلاصه ورحمته ووفائه، وكم أفاضوا في ذكر فضائله وأفضاله، وخصائصه وأخلاقه، وشمائله وصفاته.
كم أرهفوا السمع وأعملوا الفكر وأطلقوا عنان الخيال، ولكن من بعيد!، وآن الأوان كي يقتربوا من منبع ذلك النهر المتدفق، ليرتووا من أصله، ويرتشفوا من هديه، بل حان الوقت ليروا رأي العين سموّ الأنبياء وعظمة الأتقياء، فيرصدوا حركاتها وسكناتها، وخطاها وأفعالها، وسيرتها وسريرتها.
ها هي المدينة بشوارعها وحواريها، وأسواقها وتجمّعاتها، وبيوتها وبساتينها، يمشون على ثراها بأرجلهم في الوقت الذي تكاد أن تطير قلوبهم غبطةً وسروراً باللقاء المرتقب مع أسمى ما عرفت البشريّة من العظمة والبهاء، والجلال والجمال.
وما بين سؤالٍ واستفسار، وانتقال من موضعٍ إلى آخر، إذْ وصلوا أمام حجرات بيت النبي –صل الله عليه وسلم-، فطرقوا الباب على أمل أن يفتح لهم النبي عليه الصلاة والسلام فيُكحّلوا أعينهم بوجهٍ طالما حلموا به، ويُطربوا أسماعهم بصوتٍ لم يزالوا يشتاقون إليه، فإذا بالخبر يأتيهم من أحدى زوجات النبي عليه الصلاة والسلام أنه غير موجود، وأنه عائدٌ ولابد.
لحظات الانتظار مزعجة، والشوق إلى النبي –صل الله عليه وسلم- يتنامى، والرغبة في معرفة أحواله تتعاظم، فلم يستطع أولئك الركب أن يكتموا أسئلتهم عن أمهم وأم المؤمنين جميعاً، ليعرفوا الحقيقة عن كَثَب، ويقفوا على حال النبي عليه الصلاة والسلام مع ربّه في خلوته ومحرابه، ومن يعلم ذلك إن لم تعلمه زوجته وألصق الناس به؟
وهكذا توالت الأسئلة تتلوها الإجابات، في حوارٍ تفصيلي دار من وراء حجاب، لكن ما سمعوه لم يشفِ غليلهم، ولم يكن بالقدر الذي تخيّلوه، فلقد ظنّوا أن النبي –صل الله عليه وسلم- قائمٌ طيلة الليل ساردٌ للصوم جميع أيّامه، وأن هذا المستوى من العبادة لهو الخليق بمن كان أحبّ الخلق للخالق!
لقد قالوا: " أين نحن من النبي –صل الله عليه وسلم- ؟، قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وكأنهم يريدون القول أن النبي –صل الله عليه وسلم- ليس بحاجة إلى إجهاد النفس بالعبادة حيث ضمن المغفرة من الله، أما هم: فينبغي عليهم أن يجتهدوا أكثر من ذلك؛ لذا قرّر الأوّل أن يصلي الليل أبداً، والثاني أن يصوم أيّامه كلّها ولا يفطر، وأما الثالث فاختار أن يعتزل النساء فلا يتزوّج!
ويصل الخبر إلى النبي –صل الله عليه وسلم- من أهل بيته بما قالوا، فينطلق إليهم مسرعاً، ويتأكّد مما قالوا، ثم يحدّثهم بالمنطق السديد والعقل الرشيد:
( أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ؛
وحتى يعمّم التوجيه وقف في الناس واعظاً وأبلغهم ذات الرسالة المطلوبة من التوسّط المطلوب في العبادة، بعيداً عن الغلو والإجحاف.
إضاءات حول الموقف
أعظم ما نستشرفه من هذا الموقف العظيم: التحذير من الغلو في الدين، والتنطّع في تطبيقه، والتشدّد في فهمه؛ وذلك لمجافاته التامة لحقيقة الإسلام وجوهره القائم على اليُسر والسماحة، والتوسّط والاعتدال، فكان النهي عن هذا المسلك لئلا نهلك كما هلك من كان قبلنا من الأمم السابقة، قال الله عزّ وجل:
{ قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} (المائدة:77)، وصحّ عن النبي –صل الله عليه وسلّم قوله: ( يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين؛ فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ) رواه ابن ماجة .
وقد خشي النبي –صل الله عليه وسلم- أن يكون مثل هذا الإفراط والتنطّع سبباً في تشديد الله على عباده، فقد جاء عنه قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تُشدّدوا على أنفسكم فيُشدّد عليكم؛ فإن قوماً شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم، فتلك بقاياهم فى الصوامع والديار {رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم} (الحديد:27) ) رواه أبو داوود .
ومن مضارّ هذه المغالاة أن صاحبها غالباً ما يصيبه استثقال العبادة والملل من المداومة عليها، ثم يؤول به الأمر إلى الانقطاع عن العبادة تماماً، فيكون حاله كحال المسافر الذي أجهد راحلته بالسفر ولم يُعطه فرصةً للراحة، حتى خارت قواه ولم يعد يستطيع المواصلة، فلا هو بالذي أبقى على راحلته، ولا هو بالذي بلغ مراده، يقول الحافظ ابن حجر : " لا يتعمق أحد في الأعمال الدينيه ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيُغلب".
والمطلوب تحقيق الموازنة بين العبادة وبين حاجات النفس، بحيث يقبل المؤمن على الدين برفقٍ وتمهّل، فيعطي نفسه فرصة اعتياد هذه التكاليف وتحمّلها دون سآمة أو ملل، ويستغلّ فترات الإقبال بالطاعة، والفتور بالراحة، ويكون كالشجرة التي تنمو صاعدةً في ثقة وطمأنينة، فيبلغ مراده ويحقق مطلوبه.
لكن يجدر التنبيه هنا إلى ما يقع به بعض العوام من خلطٍ في المفاهيم، وذلك حينما يُدخلون في التنطّع المذموم كل من كان متمسّكاً بآداب الإسلام وتعاليمه، وأوامره ونواهيه، ومعلومٌ أن الغلو هو التجاوز في الحدّ في القول والفعل، بينما حال أهل الاستقامة هو لزوم الحدّ المطلوب، وبينهما فرق.
ونختم بجملة من الفوائد، منها: بيان حبّ الصحابة لرسول الله – صل الله عليه وسلم-، وحرصهم على تتبّع مواطن الخير والسعي في تحقيقها، وأدب النبي –صل الله عليه وسلم– حينما لم يذكر أسماء القوم في خطبته واكتفى بقوله: ( ما بال أقوام) ، والترغيب بالنكاح وأفضليّته خصوصاً للقادرين عليه.
قصة صعود أبى بكر رضى الله عنه إلى الغار وهو يحمل النبى صلى الله عليه وسلم على عاتقة
اعداد اف كورس والاسم الحقيقي : عبدالله محمد الغامدي
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الخطباء والوعاظ والقصاص، واغتر كثير من الناس بها، وكم من قصص واهية في الهجرة خرجناها وحققناها في هذه السلسلة وبينا بطلانها، ونذكر القارئ الكريم بما أوردناه من قصص واهية حول الهجرة اشتهرت وانتشرت ليأخذ حذره «قصة ثعبان الغار»، و«قصة عنكبوت الغار والحمامتين»، و«قصة غناء بنات النجار في الهجرة»، و«قصة لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر في الهجرة»، و«قصة أبي طالب في الهجرة ووصيته للنبي »، و«قصة اللجوء إلى الغار عند الشدائد»، و«قصة تحكيم إبليس في دار الندوة»، و«قصة تبول المشرك عند الغار»
ولقد بينا بطلان هذه القصص بالبحوث العلمية الحديثية، ثم أتينا عقب كل قصة بالقصص الصحيحة في الهجرة، ونواصل في هذا العدد التحذير من القصص الواهية التي جاءت في الهجرة، وهي قصة «صعود أبي بكر إلى الغار وهو يحمل النبي على عاتقه»
أولاً متن القصة
رُوي عن ضبَّة بن محصن العنزي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة ذكرها قال فقال عمر واللَّه لليلة من أبي بكر ويوم خير من عُمُرِ عُمَرَ، هل لك أن أحدثك بليلته ويومه ؟
قال قلت نعم يا أمير المؤمنين، قال أما ليلته فلما خرج رسول الله هاربًا من أهل مكة خرج ليلاً قتبعه أبو بكر، فجعل يمشي مرة أمامه، ومرة خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن يساره، فقال له رسول الله «ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك؟» قال يا رسول الله، أذكر الرصد فأكون أماك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك، ومرة عن يسارك، لا آمن عليك، قال فمشى رسول الله ليلته على أطراف أصابعه، حتى حفيت رجلاه، فلما رآى أبو بكر رضي الله عنه أنها قد حفيت حمله على كاهله، وجعل يشتد به حتى أتى به فم الغار، فأنزله، ثم قال والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فلم ير شيئًا، فحمله فأدخله، وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاعٍ، فخشي أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله ، فألقمه قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي، وجعلت دموعه تنحدر، ورسول الله يقول له يا أبا بكر، لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته الاطمئنانية لأبي بكر، فهذه ليلته» اهـ
قلت ومما ساعد على اشتهار هذه القصة أن صفي الرحمن المباركفوري أورد هذه القصة قصة حمل أبي بكر للنبي في كتابه «الرحيق المختوم» ص تحت عنوان «من الدار إلى الغار»، هذا الكتاب الذي اشتهر بين طلبة العلم فوزه بالجائزة الأولى والتي أعلنت رابطة العالم الإسلامي عنها في «المؤتمر الإسلامي الأسيوي الأول»، الذي عقد في كراتشي في شهر شعبان سنة هـ، كما أعلن على ذلك في جميع الصحف، وطبع بعدة لغات، مما أدى إلى اشتهار القصة
فقال المباركفوري في «الرحيق المختوم» ص «سلك النبي الطريق الواقع جنوب مكة نحو خمسة أميال حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور، وهذا جبل شامخ وعر الطريق، صعب المرتقى، ذا أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله ، وقيل بل كان يمشي في الطريق على أطراف قدميه كي يخفي أثره، فحفيت قدماه، وأيَّا ما كان، فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل، وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل، عرف في التاريخ بغار ثور» اهـ
قلت هكذا أورد القصة المباركفوري رحمه الله من غير تخريج ولا تحقيق
ثانيًا التخريج
هذه القصة الواهية التي اشتهرت، أخرج حديثها أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في «دلائل النبوة» ، قال «أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا أحمد بن سليمان النجار الفقيه إملاءً، قال قرئ علىَّ يحيى بن جعفر وأنا أسمع قال أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، قال حدثني فرات بن السائب عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن العنزي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة ذكرها »
ثالثًا تحقيق القصة
القصة «موضوعة» والموضوع هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله ، وأجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مع بيان سبب وضعه كذا في «التدريب»
وفي القصة علتان
الأولى عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي
أورده الإمام الذهبي في «الميزان» ، ثم قال «عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي عن مالك، أتى بخبر باطل طويل، وهو المتهم به، وأتى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ضبة بن محصن عن أبي موسى قصة الغار، وهو شبه وضع الطرقية»
قلت وأقر الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» قول الإمام الحافظ الذهبي في قصة الغار بأنها شبه وضع الطرقية
العلة الأخرى فرات بن السائب
أورده الإمام الذهبي في «الميزان» ، ثم قال «فرات بن السائب عن ميمون بن مهران
قال البخاري منكر الحديث
وقال ابن معين ليس بشيء
وقال الدارقطني وغيره متروك
وقال أحمد بن حنبل قريب من محمد بن زياد الطحان عن ميمون يتهم بما يتهم به ذاك
وأقر الحافظ ابن حجر في «اللسان» ، ما أورده الإمام الذهبي، ثم قال «وقال أبو حاتم الرازي ضعيف الحديث، منكر الحديث
وقال الساجي تركوه
وقال النسائي «متروك الحديث»
قُلْتُ وإلى القارئ الكريم بيان معاني هذه المصطلحات عند أئمة الجرح والتعديل
«وقول الإمام النسائي في فرات بن السائب «متروك الحديث» قاله في كتابه «الضعفاء والمتروكين» ترجمة
وهذا المصطلح عند الإمام النسائي له معناه، حيث قال الحافظ ابن حجر في «شرح النخبة» ص «كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه»
وكذلك ما نقله الإمام الذهبي عن البخاري في فرات بن السائب أنه «منكر الحديث» حققناه في «التاريخ الكبير» حيث قال «فرات بن السائب أبو سليمان عن ميمون بن مهران تركوه منكر الحديث» اهـ
وهذا المصطلح للإمام البخاري له معناه، يظهر هذا من تنبيهات السيوطي في «التدريب» حيث قال «البخاري يطلق منكر الحديث على من لا تحل الرواية عنه»
وكذلك ما نقله الإمام الذهبي عن الإمام ابن معين في فرات بن السائب أنه «ليس بشيء»
قال الإمام ابن أبي حاتم في كتابه «الجرح والتعديل» «عن يحيى بن معين أنه قال لا شيء يعني ليس بثقة» اهـ
قلت بهذا التحقيق في فرات يتضح ما أورده الإمام ابن حبان في «المجروحين» حيث قال «الفرات بن السائب الجزري، يروي عن ميمون بن مهران، كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار» اهـ
وهذا التحقيق له فائدة عظيمة لطالب هذا العلم عندما يقارن بين قول ابن حبان الذي ذكرناه آنفًا في فرات بن السائب، وبين ما قاله الحافظ ابن حجر في «التقريب» في ميمون بن مهران حيث قال «ميمون بن مهران الجزري أبو أيوب أصله كوفي، نزل الرقة، ثقة فقيه ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز» اهـ
بهذا يتبين أن الفرات بن السائب الجزري متروك، منكر الحديث، ليس بثقة، كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، كما روى هذه القصة الواهية عن ميمون بن مهران الجزري
رابعًا
نستنتج من هذا التخريج والتحقيق أن القصة واهية والحديث الذي جاءت به موضوع، وهي كما قال الإمام الذهبي خبر باطل طويل هو شبه وضع الطرقية
وأن لكل إمام من أئمة هذا الفن مصطلحه الذي يبين مذهبه في الراوي، والذي يحتم على طالب هذا الفن أن يعرف معناه، حتى يقف على مرتبة الراوي
علم المصطلح التطبيقي يتوقف على
أ علم التخريج، وبه يحصل الباحث على الطريق أو الطرق الموصلة للمتن
ب علم الجرح والتعديل وبه يحصل الباحث على مرتبة كل راوٍ
جـ علم المصطلح وبه يحصل الباحث على درجة الحديث بتطبيقه على مرتبة الراوي ومدى ما به من علة وشذوذ
خامسًا الصحيح في الهجرة
وإلى القارئ الكريم بعض القصص والأحاديث الصحيحة التي جاءت في الهجرة
«صحيح البخاري» ح ، ، ، ومسلم ح
والبخاري ح ، ، ومسلم ح
والبخاري ح ، ، ومسلم ح
والبخاري ح ، ومسلم
والبخاري ح
ولقد بوَّب الإمام البخاري بابًا في «صحيحه» في كتاب «مناقب الأنصار» الباب باب «هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة»
هذا على سبيل المثال لا الحصر لبيان القصص والأحاديث الصحيحة في الهجرة
فليتمسك بها الداعية، وليحذر من مثل هذه القصة الواهية التي تجعل النبي في غاية الضعف وهو في طريقه إلى الغار، لدرجة أنه لم يستطع المشي فحمله أبو بكر الصديق على كاهله، والكاهل من الإنسان ما بين كتفيه كذا في «لسان العرب» ، حتى بلغ الجبل ثم صعد به الجبل إلى فم الغار وأنزله، حتى يتبين ما في داخل الغار، وهذه القصة الواهية تجعل النبي في غاية الضعف، لدرجة أنه لم يستطع أن يدخل من فم الغار إلى داخل الغار فحمله أبو بكر فأدخله
انظر كيف سولت للوضاعين أنفسهم أن يضعوا مثل هذه القصة المنكرة
سادسًا قصة صحيحة تدل على نكارة هذه القصة
وإلى القارئ الكريم هذه القصة التي تدل على قوة نبينا في أشد المواقف التي يعجز فيها أقوى الرجال
فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه ح قال حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال «أتيت جابرًا رضي الله عنه فقال إنَّا يوم الخندق نحفر فَعَرَضَت كُدْيَةٌ شديدة، فجاءوا النبي ، فقالوا هذه كُدْية عرضت في الخندق، فقال أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا، فأخذ النبي المعول فضرب في الكدية، فعاد كثيبًا أهيل »
قلت والكدية هي القطعة الصلبة الصماء من الجبل أعجزتهم فلجأوا إلى النبي فضرب في الكدية فعاد كثيبًا أهيل أي رملاً يسيل ولا يتماسك، قال الله تعالى «وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلاً» المزمل ، أي رملاً منهالا منتثرًا
هذه هي القوة التي أعطاها الله لنبينا تنهال أمامها أشد الصخور، وهو في أشد أوقات الجوع ثلاثة أيام لا يذوق ذوقًا هو وأصحابه، وهنا تظهر في نفس قصة الكدية معجزة تكثير الطعام حتى شبع المهاجرون والأنصار وبقي بقية، فقال النبي لامرأة جابر «كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة» كل هذا بصاع من شعير وعناق، وهي أنثى المعز
انظر إلى صخرة شديدة ومجاعة شديدة فكانت المعجزتان معجزة فتَّتت الصخرة، ومعجزة أذهبت المجاعة وبهذا تتبين الحكمة من الصخرة والمجاعة فتطمئن قلوب الصحابة بدلائل النبوة في أشد الغزوات التي تجمّع فيها الأحزاب، ورزقهم الله بالاطمئنان الثبات حتى نصر الله عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد
م / ن
تحيـآتي .. احلى ـآ وردهـ
ماذا تعرف عن قصيدة البردة
نقلاً من كتاب"معلومات مهمة عن الدين"
للشيخ محمد جميل زينوا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
هذه القصيدة للشاعر البوصيري مشهورة بين الناس ولا سيما بين….!!!.
ولو تدبرنا معناها لرأينا فيها مخالفات للقرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم !
يقول في قصيدته:
1- يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به * * * سواك عند حلول الحادث العمم
يستغيث الشاعر بالرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له: لا أجد من ألتجئ إليه عند نزول الشدائد العامة إلا أنت، وهذا من الشرك الأكبر الذي يُخلد صاحبه في النار إن لم يتب منه، لقوله تعالى:
{ ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين } [ يونس: 106].( أي المشركين ) لأن الشرك ظلم عظيم.
وقوله صلى الله عليه وسلم:{ من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار } رواه البخاري.
( الند: المثيل ).
2- فإن من جودك الدنيا وضرتها * * * ومن علومك علم اللوح والقلم
وهذا تكذيب للقرآن الذي يقول الله فيه: { وإن لنا للآخرة والأولى } فالدنيا والآخرة هي من الله ومن خلْقِهِ، وليست من جود الرسول صلى الله عليه وسلم وخلقه، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما في اللوح المحفوظ، إذ لا يعلم ما فيه إلا الله وحده، وهذا إطراء ومبالغة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم حتى جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول وأنه يعلم الغيب الذي في اللوح المحفوظ بل إن ما في اللوح من علمه وقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإطراء فقال: { لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله } رواه البخاري.
3- ما سامني الدهر ضيماً واستجرت به * * * إلا ونلت جواراً منه لم يُضَم
يقول: ما أصابني مرض أو همٌّ وطلبت منه الشفاء أو تفريج الهم إلا شفاني وفرَّج همي.
والقرآن يحكي عن إبراهيم عليه السلام قوله عن الله عز وجل: { وإذا مرضتُ فهو يشفين } [الشعراء: 80].
والله تعالى يقول: { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو } [الأنعام: 17].
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: { إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله } رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
4- فإن لي منه ذمة بتسميتي محمداً * * * وهو أوفى الخلق بالذمم
يقول الشاعر: إن لي عهداً عند الرسول أن يدخلني الجنة، لأن اسمي محمداً، ومن أين له هذا العهد ؟
ونحن نعلم أن كثيراً من الفاسقين والشيوعيين من المسلمين اسمه محمد، فهل التسمية بمحمد مُبرر لدخولهم الجنة ؟ والرسول صلى الله عليه وسلم قال لبنته فاطمة رضي الله عنها:{ سليني من مالي ما شِئْتِ، لا أُغني عنك من الله شيئاً } رواه البخاري.
5- لعل رحمة ربي حين يقسمها * * * تأتي على حسب العصيان في القسم
وهذا غير صحيح، فلو كانت الرحمة تأتي قسمتها على قدر المعاصي كما قال الشاعر لكان على المسلم أن يزيد في المعاصي حتى يأخذ من الرحمة أكثر، وهذا لا يقوله مسلم
ولا عاقل ولأنه مخالف قول الله تعالى: { إن رحمت الله قريب من المحسنين } [الأعراف:56] .
والله تعالى يقول: { ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون } [الأعراف: 156].
6- وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من * * * لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
الشاعر يقول لولا محمد صلى الله عليه وسلم لما خُلقت الدنيا، والله يكذبه ويقول: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات: 56].
وحتى محمد صلى الله عليه وسلم خُلق للعبادة وللدعوة إليها يقول الله تعالى: { وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين } [الحجر: 99].
7- أقسمت بالقمر المنشق إن له * * * من قلبه نسبة مبرورة القسم
الشاعر يقسم ويحلف بالقمر والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: { من حلف بغير الله فقد أشرك } حديث صحيح رواه أحمد.
ثم يقول الشاعر يخاطب الرسول قائلاً:
8- لو ناسبتْ قدرَه آياتُه عِظَماَ * * * أحيا اسمه حين يُدعى دَارِسَ الرِمَمِ
ومعناه: لو ناسبتْ معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم قدره في العِظَم، لكان الميت الذي أصبح بالياً يحيا وينهض بذكر اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما أنه لم يحدث هذا فالله لم يُعط الرسول صلى الله عليه وسلم حقه من المعجزات، فكأنه اعتراض على الله حيث لم يعط رسول الله صلى الله عليه وسلم حقه!!
وهذا كذب وافتراء على الله، فالله تعالى أعطى كل نبي المعجزات المناسبة له، فمثلاً أعطى عيسى عليه السلام معجزة إبراء الأعمى والأبرص وإحياء الموت، وأعطى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم معجزة القرآن الكريم، وتكثير الماء والطعام وانشِقاق القمر وغيرها.
ومن العجيب أن بعض الناس يقولون: إن هذه القصيدة تسمى بالبردة وبالبُرأة، لأن صاحبها كما يزعمون مرض فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعطاه جبته فلبسها فبرىء من مرضه – وهذا كذب وافتراء- حتى يرفعوا من شأن هذه القصيدة، إذ كيف يرضى الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام المخالف للقرآن ولهديه صلى الله عليه وسلم وفيه شرك صريح.
علماً بأن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:ما شاء الله وشِئْتَ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : { أجعلتني لله نداً ؟ قل ما شاء الله وحده } رواه النسائي بسند جيد.
والند: المثل والشريك.
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الأخوة و الأخوات الكرام أحبائي في الله
يطيب لي اليوم أن انقل لكم نصا رائعا من كتاب سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم جمع و ترتيب الشيخ محمود المصري (أبو عمار ) الصفحة رقم 131و إليكم النص :
كان النبي صلى الله عليه و سلم يبشر أصحابه بنصر الله عز و جل و يبث الثقة و اليقين في قلوبهم بأن الكون كله سيدين لله و ستعلو راية لا اله إلا الله خفاقة عالية وكان أصحابه في هذا الوقت مستضعفين يعذبون في رمضاء مكة حتى جاءه خباب يشكوا له هذا البلاء الذي تعرض له فقال له صلى الله عليه و سلم :
" و الله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء و إلى حضرموت ما يخاف إلا الله و الذئب على غنمه و لكنكم قوم تستعجلون "
فمع كل هذا البلاء يثبت الرسول صلى الله عليه و سلم قلوب أصحابه بتلك البشريات العظيمة بل كان القرآن يتنزل في تلك الفترة العصيبة ليبشرهم بنصر الله عز و جل .
الآيات 51 من سورة غافر
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ
صدق الله العظيم
و الآية 105 من سورة الأنبياء
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ
صدق الله العظيم
فالله جل و علا سبحانه لا يسلم أولياءه لأعدائه و إن ظهر أعداؤه في وقت ما فهذا كله بتقدير الله و لكن العاقبة تكون لأهل الأيمان و التوحيد .
إلى هذا الحد انتهى النص
نعم أخواني و أخواتي إن سنة الكون التي ارتضاها الله عز و جل في الأرض بشريات النصر زفها إلينا في القرآن كما سبق الذكر في الأيآت السابقة و كذلك في الأحاديث النبوية الشريفة و من أمثلتها الحديث السالف ذكره
و مع كل هذه البشريات الرائعة العظيمة نجد بيننا المتخاذلون الذين لا يثقون في نصر الله و إذا رأوا ما يحدث لنا هذه الأيام أصابهم اليأس . كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء في هذا الموضوع و إذا به يقول أن الحال الذي نحن فيه ما هو إلا غضب من الله عز و جل و حاشى لله أن بغضب علينا دون أن نكون أصحاب ذنوب و معاصي . نعم ذنوبنا هي التي قتلت أطفال العراق معاصينا هي التي شردت و قتلت الشعب الفلسطيني بعدنا عن أحكام الله هو المتسبب في اغتصاب نساء الشيشان المسلمات عدم إتباعنا لتعاليم الإسلام هو السبب في المحارق الجماعية التي يقوم بها الهندوس الكفرة لمسلمي الهند .
اننى أحيانا أسير في الشوارع أو الجامعات أو في محطات القطارات أو المطارات أنظر و أتأمل فيصيبني ذهول شديد " ذهول و ليس يأسا " أصاب بذهول من فكرة دائما تدور برأسي فكرة عبارة عن سؤال بسيط جدا جدا
هل لو كان بيننا خالد بن الوليد اليوم يقول لنا : هلم إلى الجهاد .
هل لو وقف خالد بن الوليد في أحدى ساحات الجامعات ينادى فينا هيا إلى الجهاد كم شخصا منا سيتقدم للانضمام لجيش خالد بن الوليد . هل سيذهب الشباب الذي يدخن السجائر و الشيشة و يلبس البنطال الضيق النازل لأسفل و يتشبه بالنساء هل سيحارب هذا الشباب ؟؟؟؟؟
هل الشباب الذي يعاكس أخواته في الله في الشارع و لا يغار على عرض أخته المسلمة سيحارب من أغتصب عرض أخته الشيشانيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يا شابا الإسلام أرى خالد بن الوليد يصرخ فيكم يقول هلموا إلى الالتزام بدينكم .
هل الفتيات اللآئى يخرجن في الشارع كاسيات عاريات و اللآئى يتأبطن ذراع الشباب في الشوارع و المسارح سيلدن لنا مجاهدين و علماء مسلمين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
شاهدت منذ فترة إحدى الحفلات الغنائية و تعجبت من إصرار بعض الشباب و الفتيات على الرقص طوال الحفل و الأعجب أنهم يصرون على مصافحة المغنين و كأنهم رموز غالية في حياتهم .
أعلموا المرء مع من أحب يوم القيامة
أنظر من تحب و ستعرف أين سيكون مكانك يوم القيامة
أخواني و أخواتي سأقول لكم سرا عسكريا رهيبا كان من أسباب انتصار جيوش خالد بن الوليد
كان خالد بن الوليد محاربا بالنهار راهبا بالليل
كان بعد انقضاء يوم القتال يقوم الليل مصليا ثم يسير بين مسكرات الجند فإذا وجد خيمة أهلها نائمون يغضب غضبا شديدا و يوقظهم و يقول لهم " قوموا الليل و الله أنى لأخشى أن أأوتي من قبلكم غدا "
أي انه كان يخاف من أن يكون بين صفوف جيشه مقصر في الطاعة و العبادة
ترى لو رآنا خالد بن الوليد على حالنا هذه الأيام ماذا سيقول لنا و هل سيتخذ منا جيشه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لا أريد أن أطيل و لي عودة مع تعليقاتكم إن شاء الله
أنتظركم على الرابط التالي
http://forum.te3p.com/460353.html
دمتم بكل خير و إيمان
البكاء نعمة عظيمة امتنّ الله بها على عباده ، : { وأنه هو أضحك وأبكى } ( النجم : 43 ) ، فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ، والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها .
ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله – – ، حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ، فتهتزّ لأجلها مشاعره ، وتفيض منها عيناه ، ويخفق معها فؤاده الطاهر .
ودموع النبي – – لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ، ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة على الآخرين ، والشوق والمحبّة ، وفوق ذلك كلّه : الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .
فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي – صلى الله عليه وسلم – شاهدةً بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ، وهيبته من جلاله ، عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ، ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء – وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليانه – " رواه النسائي .
وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفاً آخر فتقول : " قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليلةً من الليالي فقال : ( يا عائشة ذريني أتعبد لربي ) ، فتطهّر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ، وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال له : ( أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ) " رواه ابن حبّان .
وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه إذا سمع القرآن ، روى لنا ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : " قال لي النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( اقرأ عليّ ) ، قلت : يا رسول الله ، أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ، فقال : ( نعم ) ، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ( النساء : 41 ) فقال : ( حسبك الآن ) ، فالتفتّ إليه ، فإذا عيناه تذرفان " ، رواه البخاري .
كما بكى النبي – صلى الله عليه وسلم – اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ، فعن البراء بن عازب ضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في جنازة ، فجلس على شفير القبر – أي طرفه – ، فبكى حتى بلّ الثرى ، ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا ) رواه ابن ماجة ، وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ، ولذلك قال في موضعٍ آخر : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ) متفق عليه.
وبكى النبي – صلى الله عليه وسلم – رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب الله ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، يوم قرأ قول الله عز وجل : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ( المائدة : 118 ) ، ثم رفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى .
وفي غزوة بدر دمعت عينه – صلى الله عليه وسلم – خوفاً من أن يكون ذلك اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم على يد أعدائهم ، كما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : " ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ) رواه أحمد .
وفي ذات المعركة بكى النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء من الأسرى ، : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ( الأنفال : 67 ) حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثرة بكائه.
ولم تخلُ حياته – صلى الله عليه وسلم – من فراق قريبٍ أو حبيب ، كمثل أمه آمنة بنت وهب ، وزوجته خديجة رضي الله عنها ، وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ، وولده إبراهيم عليه السلام ، أوفراق غيرهم من أصحابه ، فكانت عبراته شاهدة على مدى حزنه ولوعة قلبه .
فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي – صلى الله عليه وسلم – بكى وقال : ( إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) متفق عليه.
ولما أراد النبي – صلى الله عليه وسلم – زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً حتى أبكى من حوله ، ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ) رواه مسلم .
ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره أن صبياً لها يوشك أن يموت ، لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر أو تقدّم العزاء ، ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ، خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها النبي – – الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكان جوابه عن سرّ بكائه : ( هذه رحمة جعلها الله ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) رواه مسلم .
ويذكر أنس رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – لزيد وجعفر وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه يوم مؤتة ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب – وعيناه تذرفان – حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ) رواه البخاري .
ومن تلك المواقف النبوية نفهم أن البكاء ليس بالضرورة أن يكون مظهراً من مظاهر النقص ، ولا دليلاً على الضعف ، بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس ويقظة القلب وقوّة العاطفة ، بشرط أن يكون هذا البكاء منضبطاً بالصبر ، وغير مصحوبٍ بالنياحة ، أو قول ما لا يرضاه الله تعالى
أعجبني ..}
اللهم صلي وسلم علي سيدنا محمد
هالموضوع واايد مفيد واتمنى من جميع الخوان في المدونة الاستفاده معنى سنة الرسول
تعني سنة الرسول: كل ما صدر عن الرسول بالذات من قول، أو فعل أو تقرير، إطلاقا. فأقوال الرسول هي السنة اللفظية أو القولية، وتعرف بحديث النبي، وأفعال الرسول هي سيرته أو سنته العملية، وتشمل سنة الرسول أيضا تقريره، ومعنى التقرير أن يرى الرسول عملا من مسلم أو أكثر، فلا ينهى عنه، فيكون سكوت الرسول بهذه الحالة إقرارا منه بصحة ذلك الفعل. ولا خلاف بين اثنين من أتباع الملة حول مضمون وحدود هذا المعنى.
التلازم والتكامل بين القرآن الكريم وسنة الرسول
التلازم والتكامل بين القرآن وسنة الرسول ثمرة طبيعة لحالتي التلازم والتكامل بين القرآن الكريم وبين الرسول بالذات، فمن غير المتصور عقلا وشرعا بأن ينزل الله تعالى كتابا سماويا أو تعليمات إلهية إلا على رسول، أو أن يرسل رسالة لبني البشر بدون رسول، فالكتاب والرسول وجهان متكاملان لأمر واحد، وإذا أردنا أن نلخص دين الإسلام تلخيصا دقيقا، فلا نعدو القول بأنه يتكون من مقطعين رئيسيين: أولهما كتاب الله المنزل، وثانيهما نبي الله المرسل، فلا غنى للكتاب عن النبي، ولا غنى للنبي عن الكتاب، فالكتاب لا يفهم فهما يقينيا بدون نبي، والنبي لا برهان له ولا حجة إن لم يكن معه كتاب ضاق مضمونه أو اتسع. ثم إن الإيمان والإسلام لا يتحققان إلا بالاثنين معا، كتاب الله المنزل، ونبيه المرسل، فالإيمان.
بأحدهما لا يغني عن الإيمان بالآخر، وقد أخذ التكامل والتلازم بين كتاب الله المنزل ونبيه المرسل، بعدا خاصا في دين الإسلام، لأن رسول الإسلام هو خاتم النبيين، فلا نبي بعده، ولأن القرآن هو آخر الكتب السماوية، وعلاوة على أن القرآن معجزة إلهية بيانية أساسها الكلمة الطيبة الصادقة، فإنه هو الدستور الإلهي الذي شخص الأصول والمبادئ والمقدمات الأساسية للشريعة الإلهية النهائية التي ارتضاها الله تعالى للجنس البشري طوال عصور التكليف الممتدة من زمن خاتم النبيين حتى قيام الساعة، لقد أجمل هذا القرآن كل ما يتغير، وفصل ما لا يتغير، وأشار إشارات إلى أحكام وفرائض وأخبار وضروريات، ومصطلحات دون تفصيل، وعهد الله إلى رسوله ببيانها وتفصيلها على ضوء توجيهات الوحي الإلهي، فمصطلحات الصلاة مثلا وهي عماد الدين، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، ونظام الحكم… الخ كلها موجودة في القرآن الكريم، ولكن دون تفصيل لأن بيانها وتفصيلها متروك لسنة الرسول. ثم إن القرآن الكريم كمعجزة بيانية ذو وجوه متعددة، تؤدي بالضرورة إلى تصورات وأفهام متعددة، فتأتي سنة لتحدد الوجه والفهم الذي يتلاءم مع المقصود الإلهي.
إن المهمة الأساسية للرسول الأعظم ولسنته المطهرة منصبة بالدرجة الأولى والأخيرة على بيان ما أنزل الله بيانا قائما على الجزم واليقين لا على الفرض والتخمين، لأن الرسول الأعظم معد ومؤهل إلهيا لهذه المهمة، ومحاط بالعناية والتسديد الإلهي، ومعصوم عن الوقوع بالزلل، وهو قادر من خلال هذا التأهيل الإلهي أن يفهم المقصود الإلهي من كل آية من آيات القرآن، ومن كل كلمة من كلماته وقد سهل هذا المهمة أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة، إنما نزل منجما، وعلى مكث، مما أتاح الفرصة أمام الرسول لينقل من خلال السنة المطهرة بفروعها الثلاثة نصوص القرآن الكريم من النظر إلى التطبيق، ومن الكلمة إلى الحركة، ومن خلال سنة الرسول تحقق التكامل والتلازم والإحكام بين كتاب الله المنزل ونبيه المرسل، وتيقن المؤمنون.
والعارفون باستحالة بيان القرآن بدون رسول، واستحالة فهم دين الإسلام والالتزام به بدون الرسول وسنته، فالرسول من خلال سنته بفروعها الثلاثة يؤدي مهمة البيان التي اختاره الله لتأديتها، قال تعالى مخاطبا نبيه: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (سورة النحل، الآية 44)، ومن خلال البيان النبوي المتمثل بسنة الرسول، والالتزام بهذا البيان ينقطع دابر الخلاف والاختلاف في المجتمع البشري المؤمن، قال تعالى مخاطبا رسوله: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 64) (سورة النحل، الآية 64)، فالرسول الأعظم هو المرجع البشري الأعلى في مجال بيان القرآن، وفهم المقاصد الإلهية من كل كلمة من كلماته، فسنة الرسول هي القول الفصل في كل أمر من الأمور المتعلقة بالقرآن الكريم، وسنة الرسول هي ثمرة وحي وإلهام إلهي، وهي من عند الله، والفرق بين القرآن والسنة أن القرآن هو كلام الله المنزل على رسوله باللفظ والمعنى كقرآن، بينما السنة هداية إلهية لغاية بيان القرآن للمكلفين، فالرسول يتبع ما يوحى إليه وينفذ ما يؤمر به، إنه عبد مأمور لله تعالى، ومخصص لتبليغ دين الإسلام المكون من ركنين لا ثالث لهما كتاب الله المنزل ونبيه المرسل بذاته وبسنته القولية والفعلية والتقريرية، والقرآن والنبي وسنته وجهان لأمر واحد، ولا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا تتحقق الغاية الشرعية من أحدهما إلا بالآخر، إن التلازم والتكامل بين القرآن وسنة الرسول إحكام إلهي اقتضته طبيعة الأمور وجوهرها.
ومن هنا يتبين لنا فساد مقولة أولئك الذين قالوا لرسول الله وهو على فراش المرض، عندما أراد أن يكتب وصيته: (حسبنا كتاب الله)، أي يكفينا كتاب الله، ويغنينا عن الرسول وسنته!!! لقد أيقن أعداء الله ورسوله بأن دمار الإسلام وتفريغه من مضامينه الخالدة مستحيل ما دام التلازم والتكامل والإحكام موجودا ما بين كتاب الله وسنة رسوله، ولا يتحقق هذا الدمار إلا بدمار سنة الرسول، أو تحييدها، أو إبعادها عن مسرح التأثير على الأحداث، أو بفك الارتباط المتين بين كتاب الله المنزل ونبيه المرسل.
وهذا هو المنطلق الذي انطلقوا منه يوم قالوا لرسول الله لا حاجة لنا بكتابك ولا بوصيتك: (حسبنا كتاب الله) وهذا هو السر بمنعهم لرواية وكتابة سنة الرسول، وجعل شعار (حسبنا كتاب الله) محور الثقافة التاريخية.
التأكيد الإلهي على مكانة الرسول، وأهمية سنة الرسول
الله تعالى هو الذي أوجد التكامل والتلازم بين كتاب الله المنزل، ونبيه المرسل، وهو الذي فرض الإيمان بالاثنين معا، وهو الذي خص رسوله بهذه المرتبة العالية حتى صار الإيمان بالرسول جزءا لا يتجزأ من الإيمان بالله، والله جلت قدرته هو الذي أبرز أهمية سنة الرسول بفروعها الثلاثة حتى صارت جزءا لا يتجزأ من دين الإسلام، وفصلا جوهريا متداخلا تداخلا عضويا مع الشريعة الإلهية المكونة حصرا من كتاب الله وسنة رسوله.
فهو جلت قدرته الذي اختار نبيه للرسالة، فأعده، وأهله وعصمه، وكلفه بالإمامة والولاية، وأمر المسلمين والمؤمنين أن يأتمروا بأمره وأن ينتهوا بنهيه: (… وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) (سورة الحشر، الآية 7)، فأمر الرسول كأمر الله، ونهي الرسول كنهي الله.
وقال تعالى مخاطبا المكلفين: (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه) (سورة الأعراف، الآية 158) فالإيمان بالله والرسول لا ينفصلان عن بعضهما، والله يشهد وكفى بالله شهيدا بأن الرسول مؤمن بالله وبكلماته، لذلك فإن الله قد أمر عباده بإتباع الرسول (فاتبعوه) لأنه هو النموذج المتحرك للإنسان المؤمن الكامل (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) (سورة الأحزاب، الآية 21).
ثم إن الله تعالى قد أزال الشك نهائيا وأوجد اليقين عندما بين لعباده حقيقة رسول الله، وطبيعة ما يصدر عن ذلك الرسول: بقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى) (سورة النجم، الآيتان 3 – 4) وقد ترسخت هذه الحقيقة وشهد الله تعالى بثبوتها، وإطلاقها يوم أمر الله رسوله بأن يعلن أمام العالمين، بأنه صلى الله عليه وآله وسلم يتبع ما يوحى إليه من ربه في كل ما يصدر عنه من أقوال أو أفعال أو تقريرات، وتوثيقا من الله لنبيه وتصديقا تولى الله تعالى بنفسه ومن خلال كتابه المبارك نشر هذا الإعلان النبوي فقال جلت قدرته مخاطبا رسوله: (قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي) (سورة الأعراف، الآية 203) وأعلن الله باسم الرسول قائلا: (إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين) (سورة الأقحاف، الآية 9) وتصديقا من الله لرسوله ثبت الله هذا الإعلان في كتابه الكريم.
وتأكيدا من الله تعالى لعمق التكامل بين الكتاب المنزل والنبي المرسل وعمق الصلة بين الله ورسوله أمر الله رسوله بأن يعلن للمؤمنين والمسلمين خاصة ولأبناء الجنس البشري عامة هذا الإعلان الذي يعبر بدقة عن مضامينه الوارفة فقال تعالى مخاطبا رسوله: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) (سورة آل عمران، الآية 31) فإتباع الرسول هو الطريق إلى محبة الله، وهو الطريق إلى المغفرة.
وإحكاما لحلقة التكامل والتلازم بين الله ورسوله، وبين الكتاب المنزل والنبي المرسل، وبين شريعة الإسلام ونبي الإسلام، وتمكينا من الله لرسوله للقيام بأعباء الرسالة، ولسد الطريق أمام أولئك الذين يفرقون بين الله ورسوله، أعلن الله سبحانه وتعالى قراره ومشيئته بقوله: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا 80) (سورة النساء، الآية 80) فطاعة الرسول تماما كطاعة الله، ومعصية الرسول تماما كمعصية الله، والله جلت قدرته هو الذي قرن الطاعنين معا فقال: (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون)(سورة آل عمران، الآية 132)(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)(سورة المائدة، الآية 92)، وتكرر هذا الأمر الإلهي مرات متعددة في القرآن الكريم. لقد حصل اليقين عن طريق العقل والشرع بأن طاعة الله لا تتحقق إلا بطاعة الرسول فمن يعصي الرسول هو عاص لله، ومن يطع الرسول هو مطيع لله، والتفريق بين الطاعتين محاولة مكشوفة للتفريق بين الله ورسوله، والالتفاف على مقاصد الشرعية الإلهية، وإيجاد ممر للمروق والفساد والخروج من دائرة الشرعية الإلهية.
فالرسول هو حامل الرسالة الإلهية، وهو وحده الذي يتلقى التوجيهات الإلهية وهو المبلغ عن الله، والأمين على ما أوحاه الله والعارف بالمقاصد الشرعية، ثم إنه هو الإمام والقائد والمرجع والولي، فمن غير الجائز أن يعصى الرسول تحت أي شعار لأن معصية الرسول تعيق حركته وقيامه بأعباء التكاليف الإلهية الملقاة على عاتقه لذلك اقتضت حكمة الله أن يطاع الرسول إطاعة تامة وهذا حق لكل الرسل قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله)(سورة النساء، الآية 64)، ورسول الله وخاتم النبيين أولى بالطاعة لأن المسؤوليات الملقاة على عاتقه، أضخم وأكبر من المسؤوليات التي ألقيت على عاتق أي رسول من قبله، فهو خاتم النبيين، ومعه الشريعة الإلهية بصورتها النهائية التي ارتضاها الله لعباده أجمعين. وهذا يعطي قيمة خاصة لكل ما يصدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير، لأن سنة الرسول بفروعها الثلاثة لازمة من لوازم الإسلام والبيان خاصة وأن الرسول لم يبعث إلى العرب إنما أرسله الله رحمة للعالمين، وقد انتقل إلى جوار ربه، ولم يدخل في الإسلام غير العرب، فمن حق أبناء الجنس البشري أن يطلعوا على سنة رسول البشرية من مصادر موثوقة ولا يتحقق هذا إلا بصيانة السنة، وكتابتها ونقلها إلى أبناء الجنس البشري نقية بلا زيادة ولا نقصان، ومن هنا يتبين لنا فداحة الجرم الذي ارتكبه أولئك الذين منعوا رواية وكتابة السنة طوال مائة عام تحت شعار: (حسبنا كتاب الله).
:f55: