قصة رائعة
خرج إمام أهل السنة اٌلإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ليزور أحد أحبابه فى الله فى بلد من البلدان لا يعرفه فيها أحد , فأخذ اٌلإمام يمشى طول النهار باحثا عن هدفه، حتى أرخى الليل ستوره , وأذن لصلاة العشاء , فدخل الإمام ليصلى العشاء وفى نيته أن يبيت في المسجد، ويكمل سيره في اليوم التالي.
وبعد انتهاء الصلاة وخروج الناس من المسجد, أراد القائم على شأن المسجد ومتعاهده أن يغلق المسجد , فخرج الإمام أحمد ولا يدري أين يذهب , وكانت السماء تمطر مطراً شديدآ فوقف الإمام تحت المطر متحيرآ.
فرآه رجل خباز , فرق له, ورحم شيبته , فأخذه إلى داره وهو لا يعرفه , فأعطاه ملابس جيدة غير التي أصابها المطر ثم ذهب ليحضر له العشاء. لم يتسن للرجلان أن يجلسا ليتعارفا حيث أن المضيف انشغل بضيفه وترتيب عشاءه، والضيف انشغل بتغيير ثيابه وإصلاح شأنه ووضوءه.
وخلال ذلك، كان الإمام أحمد، يرى من ضيفه أنه لم يكن ليفعل شيء إلا وقال : أستغفر الله , إن أصلح رغيفاً قال : استغفر الله , وإن وضعه في التنور استغفر , إن حرك ساكناً استغفر فسأل الإمام أحمد الرجل: أراك يا أخي تكثر من الاستغفار , ما تفعل شيء إلا استغفرت الله , فهل وجدت لذلك أثر في حياتك ؟ أي هل أنعم الله عليك بنعمة نتيجة استغفارك ؟
قال الرجل : نعم.
قال الإمام: وماهي؟
قال الرجل : مادعوت الله عز وجل قط إلا استجاب الله دعائى . إلا دعوة واحدة.
فقال الإمام : وما هى ؟
قال الرجل : سألت الله أن يجمعنى بإمام أهل السنة أحمد بن حنبل.
قال الإماميا سبحان الله ها أنا ذا أنا أحمد بن حنبل .أمامك ،
ثم سأله : من أنت ؟
قال : أنا إسحاق بن راهويه.
أتدرون من اسحاق بن راهويه ؟ إنه الرجل الذي خرج الإمام أحمد لكى يزوره .
حقاً سبحان الله، لقد كان هؤلاء الناس بحق رجال، نفوسهم الكريمة وقلوبهم النقية جعلت منهم طراز فريد لم ترى مثله في أمة من الأمم….
أكثروا يا أخوتي وأخواتي من الاستغفار.
أخى الكريم: وأنت ذاهب إلى عملك بدل أن تفتح المذياع أو المسجل على الأغاني وأشباهها أو الأخبار وكآبتها، فاشغل نفسك بذكر الله والاستغفار فلكل حرف تقوله حسنات مضاعفة وكل ذلك تحتاجه غداً يوم القيامة…
أستغرب من شخص بإمكانه أن يودع في حسابه ما شاء من أموال ومجوهرات في كل لحظة، فهل ينام أحد؟ حتى النوم يهجره الجميع ن الأمر فيه مغنم…. والكل يقول لك: سأدخر لمستقبلي…
غريب!! لماذا لا نضع جبال من الحسنات في حساباتنا في كل لحظة ونخبأها لأيام عصيبة قادمة، لم يرى الإنسان مثلها … بل أيام ذكرها الله تعالى فقال عنها: " يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ 34 وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ 35 وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ 36 لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ "… أيام ذكر من وصفها الله تبارك وتعالى فقال: " يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ"
هذا كله ولم نتكلم عن أيام قادمة في القبر لا أهل ولا أقرباء، لا تعلم عنهم شيء ولا يعلمون عنك شيء، انقطاع تام عن الحياة الدنيا…. فلماذا لا تكثر من رصيدك وأنت تستطيع ذلك…. من تاجر مع الله يا أخوتي أتته الأرباح من دون بضاعة….
لا قدر الله إن أتى عليك الموت فقد انتهى الأجل وأغلقت الصحائف ولن تستطيع بعدها أن تضيف ولا كلمة استغفار واحدة، ولا كلمة تسبيح واحدة ولا فرض صلاة في المسجد… بل ولا صفحة قرآن واحدة…. انتهى كل شيء وتوقفت الأيام والساعات والدقائق وسينتقل المرء بعدها ليعمر مكاناً صغيراً موحشاً بعيداً عن كل حركة المدينة وضجيجها…
فهل أعددنا لهذا المكان ما ينوره؟
هل أعددنا لهذه الوحشة من أنيس؟
هل كان القرآن أنيسنا في الدنيا حتى يشفع لنا في قبورنا؟
هل كنا نحب الصلاة ونصليها على وقتها حتى تمنع عنا عذاب القبر؟
هل كنا نحب الطهور والوضوء دائماً حتى يمنع عن أعضائنا العذاب؟
هل كنا نحب الصدقة ونبادر بها ونعطي بكثرة ووفرة حتى نستظل بظلها؟
الحقيقة كل امرئ على نفسه بصيرة وكل منا يعرف ما قدم… هل سمعتم بهذا الحديث الشريف: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( فو الذي نفس محمد بيده ما من بيت إلا وملك الموت يقف فيه في اليوم خمس مرات، فإذا رأى أن العبد قد انقطع رزقه، وانقضى أجله، ألقى عليه غم الموت فغشيته سكراته، فمن أهل البيت الضاربة وجهها، والصارخة بويلها، والممزقة ثوبها، يقول لهم ملك الموت: فيمَ الفرع؟ ومم الجزع؟ ما أذهبت لواحد منكم رزقاً، ولا قربت له أجلاً، وإني لي فيكم لعودة، ثم عودة، حتى لا أُبقي منكم أحداً، فو الذي نفس محمد بيده لو سمعوا كلامه، ورأوا مكانه، لذهلوا عن ميتهم، ولبكوا على أنفسهم )).
إذن اشغل نفسك بالذكر أخي الكريم ولا تشغله بالأغاني فهناك سيئات، أما مع الله فهناك حسنات وتوفيق وبركة في الرزق والعمر واستجابة الدعاء…
أختى الفاضلة : وأنت في خدمة أهلك , أو زوجك , وأنت تعدين الطعام لماذا لا تشتغلي بذكر الله ؟
الاستغفار عبادة من أجل العبادات , وأفضل القربات , وأعظم الطاعات , وقد أمرنا ربنا جل وعلا في غير ما آية من القرآن الكريم بالاستغفار. فقال تعالى : "واستغفر لذنبك , وللمؤمنين والمؤمنات" وقال عز من قائل "فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا"
وبشارة جميلة للمستغفرين، لكل من هو مريض ويريد الشفاء، لكل عازب يريد الزواج، لكل فقير يريد الغنى، لكل مهموم ومكروب يريد الفرح والسرور والحياة الطيبة هذه بشارة من الله في كتابه الكريم، فال جل من قائل: " وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ "
وفي آية أخرى ي بمعنى آخر بشارة أخرى: قال تعالى : " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا 10 يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا "
وبشارة للمذنبين الذين يظنون أن ذنوبهم قد كثرت وأنه لا مجال للتوبة، أبداً، لا تقنطوا من رحمة الله، فلو بلغت ذنوبك أخي عنان السماء ثم استغفرت الله بصدق وندمت وعزمت على التوبة، فاعلم علم اليقين أن الله تعالى قد غفر لك وإليك الدليل: قال تعالى : " وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا " .
وللاستغفار فوائد جمة ، من أعظمها أن المستغفر إذا كان مخلصآ في استغفاره مداومآ عليه فإن الله عز وجل كريم , يعطيه ما سأل , ويستجيب له إذا دعا , ويجعل له من كل ضيق مخرجا , ومن كل همآ فرجا.
فإذا أردنا أن يستجيب الله دعاءنا فلنكثر من الاستغفار.
يا من أجدبت أرضك , وتريد المطر أكثر من الاستغفار.
يا من تريد أن يهب الله عز وجل لك الآولاد , أكثر من الاستغفار.
يا من تريد الاموال , أكثر من الاستغفار.
.
أسأل الله أن يوفقنا لاغتنام أوقاتنا فالعمر يُستهلك أو يُغتنم ولك القرار، و" كل امرء بما كسب رهين".