التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

من الابتلاءات التي تعرض لها يوسف عليه السلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


واجه نبي الله يوسف عليه السلام كثيرا من الابتلاءات والمحن ما


هي هذه الابتلاءات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:


فإن من الابتلاءات التي ابتلي بها يوسف حسد إخوته له وإبعادهم



إياه عن أبيه، وإلقاؤهم له في البئر، وبيعه بثمن بخس،



واتهامهم له بالسرقة، واستعباده بمصر، وابتلاؤه بمحنة تعلق



قلب امرأة العزيز واتهامها إياه، وبقاؤه في السجن بضع سنين،


وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية:


68057، 76878، 56185، 34474.


واعلم أن الابتلاء يرفع الله به عباده درجات ولذا كان أشد الناس



بلاء الأنبياء كما في حديث المسند، وقد ذكر بعض أهل العلم أن



الله رحيم بعباده وهو يختار لهم ما هو أصلح لهم ويعوضهم خيراً



مما فاتهم، ويجزيهم على ما أصابهم، فقد رفع شأن يوسف



وأخضع له إخوته وأهل مصر، ومكن له في الأرض وأعطاه



السيادة فيها وأظهر له صدق رؤياه التي رآها صغيراً.


واعلم أنه قد ذكر بعض أهل العلم أن من محارم اللسان الاشتغال


بذكر ما أصاب الأنبياء من الأضرار ما لم يكن في مذاكرة علم مع



من يؤمن عليهم الوقوع في الخطأ في حق الأنبياء صلى الله


عليهم وسلم.



والله أعلم.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

ذرية إسماعيل المباركة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذرية إسماعيل المباركة

خرج إبراهيم عليه السلام من أرض العراق واتجه إلى الأرض المباركة، أرض فلسطين، وتذكر التوراة أن عمره حينذاك الخامسة والسبعين، ولما يولد له ولد، وخرج بعد أن بشره الله بأن قال: "أجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة… وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" – التكوين 12/2 – 3
وفي أرض فلسطين حملت هاجر – مولاة سارة – بابنها إسماعيل، وتذكر التوراة غِيرة سارة من هاجر وقد أضحى لها ذرية، فيما حرمت سارة الولد والذرية حتى ذلك الحين
عندها أذلت سارة هاجر، فهربت هاجر من وجه مولاتها " فقال لها ملاك الرب: ارجعي إلى مولاتك واخضعي تحت يديها وقال لها ملاك الرب: تكثيراً أكثر نسلك فلا يعد من الكثرة، وقال لها ملاك الرب: ها أنت حبلى فتلدين ابناً وتدعين اسمه: إسماعيل، لأن الرب قد سمع لمذلتك، وإنه يكون إنساناً وحشياً(1) يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه، وأمام جميع إخوته يسكن " (التكوين 16/11 – 12) لقد بشرها الملاك بابن عظيم يسود على كل أحد، لكنه أحياناً يكون على خلاف ذلك، فيتسلط عليه كل أحد
وولدت هاجر ابنها إسماعيل فكان بكراً لإبراهيم، "وكان أبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل" – التكوين 16/16
ولما بلغ إبراهيم التاسعة والتسعين تجددت البركة من الله لإبراهيم " قال له: أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً، فأجعل عهدي بيني وبينك، وأكثرك كثيراً جداً.. أجعلك أباً لجمهور من الأمم، وأثمرك كثيراً جداً، وأجعلك أمماً، وملوك منك يخرجون، وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهداً أبدياً… " – التكوين 17/1 – 8
وابتلى الله إبراهيم، فأمره بذبح ابنه الوحيد يومذاك، إسماعيل، فاستجاب وابنه لأمر الله، وحينها "نادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء، وقال: بذاتي أقسمت، يقول الرب، إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك ابنك وحيدك، أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثيراً، كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر، ويرث نسلك باب أعدائه" – التكوين 22/1-17
وطلب إبراهيم من الله الصلاح في ابنه إسماعيل: " قال إبراهيم لله: ليت إسماعيل يعيش أمامك" – التكوين 17/18 فاستجاب الله له وبشره بالبركة فيه وفي ابن آخر يهبه الله له، فقد بشره بميلاد إسحاق من زوجه سارة فقال: " وأباركها وأعطيك أيضاً منها ابناً، أباركها فتكون أمماً، وملوك شعوب منها يكونون… وتدعو اسمه إسحاق، وأقيم عهدي معه عهداً أبدياً لنسله من بعده وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره، وأكثره كثيراً جداً، اثني عشر رئيساً يلد، وأجعله أمة كبيرة " – التكوين 17/16 – 20
وقد كان إسحاق أصغر من إسماعيل بأربعة عشر سنة "وكان إبراهيم ابن مائة سنة حين ولد له إسحق ابنه" – التكوين 21/5 وقد ولد لإبراهيم أبناء آخرون من زوجته قطورة، لكن الله لم يعده بالبركة فيهم "عاد إبراهيم فأخذ زوجة اسمها قطورة، فولدت له زمران ويقشان ومدان ومديان ويشباق وشوحا" التكوين 25/1-2 ولم يخرج من نسلهم أنبياء لعدم الوعد فيهم بالبركة

وهذا الذي تذكره التوراة يتفق إلى حد كبير مع ما يقوله القرآن، فالقرآن يقرر بركة وعهداً لإبراهيم في صالحي ذريته من ابنيه المباركين إسماعيل وإسحاق، حيث يقول وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ سورة البقرة آية 124
وذكر الله بركة الابنين وأن من ذريتهما صالح هو مستحق للعهد، وظالم ليس له من العهد شيء فقال عن إسماعيل: وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ – سورة الصافات آية 113

وهذا يتفق مع ما جاء في التوراة التي نصت على أن العهد والاصطفاء مشروط بالعمل الصالح "سر أمامي وكن كاملاً فأجعل عهدي.. " – التكوين 17/1 – 2 كما قال له: " إبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع أمم الأرض، لأني عرفته، لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب، ليعملوا براً وعدلاً، لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به " – التكوين 18/18 – 19 فبركة الله إنما تكون للصالحين
لكن البركة تبدأ بإسحاق دون إسماعيل، وذلك لا يعني حرمان إسماعيل من نصيبه من البركة "ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق، الذي تلده لك سارة في هذا الوقت، في السنة الآتية " – التكوين 17/21
وتذكر التوراة أنه بعد فطام إسحاق، هاجرت هاجر وابنها وأنها " مضت وتاهت في برية بئر سبع، ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار…ونادى ملاك الله هاجر…قومي احملي الغلام، وشدي يدك به، لأني سأجعله أمة عظيمة، وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء…وكان الله مع الغلام فكبر، وسكن في البرية، وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران، وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر "-التكوين 21/17-21

ويتجاهل النص التوراتي خصوصية إسماعيل في نبع ماء زمزم المبارك في مكة المكرمة، ويرى قصة الهجرة في صحراء بئر سبع جنوب فلسطين، ثم يسميها برية فاران فما هي البركة التي جعلها الله في إسحاق وإسماعيل؟ هي بلا ريب بركة النبوة والكتاب والملك بأمر الله والظهور باسمه وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ – سورة الجاثية آية 16

ويعتبر اليهود والنصارى من بعدهم أن الوعد في إسحاق وعد أبدي لن ينتقل إلى غيرهم، فقد قيل: "فقال الله: بل سارة امرأتك تلد لك ابناً، وتدعو اسمه إسحاق وأقيم عهدي معه عهداً أبدياً، لنسله من بعده… ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية" – التكوين 17/19-21، فقد فهموا من كلمة (أبدياً) أن العهد لبني إسرائيل إلى يوم القيامة، وأنه غير مشروط ولا متعلق بصلاحهم وانقيادهم لأمر الله
لكن كلمة الأبد لا تعني بالضرورة الاستمرار إلى قيام الساعة، بل تعني طول الفترة فحسب، ومثل هذا الاستخدام معهود في التوراة، يقول سفر الملوك: "فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد" – ملوك (2) 5/27 ، فالأبد هنا غير مقصود، وإلا لزم أن نرى ذريته اليوم أمة كبيرة تتوالد مصابة بالبرص
وفي سفر الأيام "وقال لي: إن سليمان ابنك، هو يبني بيتي ودياري، لأني اخترته لي ابناً، وأنا أكون له أباً، وأثبت مملكته إلى الأبد" الأيام (1)28/6، وقد انتهت مملكتهم منذ ما يربو على 2500 سنة على يد بختنصر البابلي، فالمراد بالأبدية الوقت الطويل فحسب
ووقتَّ سفر التثنية الأبدية بما يساوي عشرة أجيال، فقال: "لا يدخل عموني ولا موآبي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد، من أجل أنهم لم يلاقوكم بالخبز والماء" – التثنية 33/3-4، فالجيل الحادي عشر للمؤابي غير محروم من جماعة الرب، وهو دون الأبد والقيامة
ومثله قول دانيال لنبوخذ نصر: "فتكلم دانيال مع الملك: يا أيها الملك عش إلى الأبد" – دانيال 6/21، أي عش طويلاً
وعليه نقول: إن العهد قد بدأ بإسحاق، وهو وعد أبدي متطاول إلى أجيال بعيدة، وهو ما تم حين بعث الله النبيين في بني إسرائيل، وأرسل إليهم الكتب، وأيدهم بسلطانه وغلبته على الأمم التي جاورتهم، وأقام لهم مملكة ظافرة إلى حين
ويتفق اليهود والنصارى مع المسلمين في أن بركة إسحاق هي النبوة والملك والكتاب والكثرة والغلبة، في حين يعتبرون وعد إسماعيل وبركته هي الكثرة فقط، " وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً، اثني عشر رئيساً يلد، وأجعله أمة كبيرة " – التكوين 17/20
وهذا التفريق أيضاً بخلاف ما جاء في النصوص التي لم تفرق بالألفاظ والمعاني بين الأخوين المباركين، وعليه فبركة إسماعيل هي كبركة إسحاق: نبوة وكتاب وحكم وكثرة. فمتى تحقق ذلك لإسماعيل؟ متى اجتمع له ذلك
نقول: لم يجتمع له ذلك إلا في بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم من ذريته، فتحولت قبائل بنيه المتفرقة الضعيفة إلى ملك عظيم ساد الدنيا، واجتمع إلى كثرتهم النبوة والكتاب، فتحقق ما وعد الله إبراهيم وهاجر في ابنهما إسماعيل
وإلا فأين تحققت البركة في إسماعيل الذي أخبر النص عن حاله، فقال: " يكون إنساناً وحشياً يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه " (التكوين 6/12) أي أنه يغلب تارة فيسود الجميع كما يسود الجميع عليه تارة أخرى
وقد ساد العرب المسلمون الأمم برسول الله ودولته، وفيما عدا ذلك كانوا أذل الأمم وأضعفها وأبعدها عن أن يكونوا محلاً لبركة الله، إذ لا بركة في قبائل وثنية تكاثرت على عبادة الأوثان والظلم، فمثل هؤلاء لا يكونون في بركة الله
وإذا عدنا إلى النصوص العبرية القديمة التي تحدثت عن إسماعيل نجد النص كالتالي " وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً (بماد ماد) اثني عشر رئيساً يلد، وأجعله أمة كبيرة (لجوى جدول) – التكوين 12/2
فكلمتي (ماد ماد) و (لجوى جدول) هما رمزان وضعا بدل اسم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمة (ماد ماد) – حسب حساب الجمّل (2) الذي يهتم به اليهود ويرمزون به في كتبهم ونبوءاتهم تساوي 92، ومثله كلمة " لجوى جدول " وهو ما يساوي كلمة محمد وكان السمؤل أحد أحبار اليهود المهتدين إلى الإسلام قد نبه إلى ذلك، ومثله فعل الحبر المهتدي عبد السلام في رسالته – الرسالة الهادية
ونقول: إن ما جاء في سفر التكوين عن وجود بركة في العرب تمثلت بنبوة وملك يقيمهم الله في العرب هو النقطة الأساس التي يخالفنا فيها أهل الكتاب، وهي المدخل الأهم لنبوءات الكتاب المقدس، إذ أن كثيراً مما يذكره المسلمون من نصوص توراتية يرونها نبوءات بالرسول صلى الله عليه وسلم، كثير من هذه النصوص يراها النصارى أيضاً نبوءات بالمسيح أو غيره من أنبياء اليهود، ويمنعون أن تخرج هذه النبوءات عن بني إسرائيل

وفي النص العبري استخدم كلمة (بارا أدوم) أي إنساناً مثمراً، فيما الترجمة المتداولة تجعله وحشياً؟(1)يجعل اليهود لكل حرف من الحروف مقابلاً من الأرقام، فالألف =1، والباء=2، …..وهكذا حسب الترتيب الأبجدي، ويعطى الحرف الحادي عشر (ك) الرقم20، و(ل) =30…. فيما يعطى الحرف التاسع عشر (ف) الرقم 100، ثم (ص) =200…وهكذا

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

توجيه قول بني إسرائيل لمريم الصديقة اسلاميات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


السؤال :
لماذا ذكرت مريم العذراء في القرآن الكريم بأخت هارون ، أخي موسى عليه السلام ؟

الجواب :

الحمد لله
قال الله عز وجل عن مريم الصديقة لما رزقها الله بعيسى عليه السلام : ( فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) مريم/ 27 ، 28 .
فاختلف أهل العلم في قولهم لها : ( يَا أُخْتَ هَارُونَ ) :
قال ابن كثير رحمه الله :
" (يَا أُخْتَ هارُونَ) أَيْ يَا شبيهة هارون في الْعِبَادَةِ ، مَا كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا .
أَيْ : أَنْتِ مِنْ بَيْتٍ طَيِّبٍ طَاهِرٍ مَعْرُوفٍ بِالصَّلَاحِ وَالْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ ، فَكَيْفَ صَدَرَ هَذَا مِنْكِ ؟
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَالسُّدِّيُّ : قِيلَ لَهَا : يَا أُخْتَ هارُونَ : أَيْ : أَخِي مُوسَى ، وَكَانَتْ مِنْ نَسْلِهِ ، كَمَا يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ : يَا أَخَا تَمِيمٍ ، وَلِلْمُضَرِيِّ : يَا أَخَا مُضَرٍ .
وَقِيلَ : نُسِبَتْ إِلَى رَجُلٍ صَالِحٍ كَانَ فِيهِمُ اسْمُهُ هَارُونُ ، فَكَانَتْ تُقَاسُ بِهِ في الزهادة والعبادة .
وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ شَبَّهُوهَا بِرَجُلٍ فَاجِرٍ كَانَ فِيهِمْ ، يُقَالُ لَهُ هَارُونُ . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ " انتهى من " تفسير ابن كثير" (5/200-201) .
وقال ابن الجوزي رحمه الله : " قال ابن قتيبة : أي يا شبيهة هارون في الصلاح " .
انتهى من " كشف المشكل " (4/92) .
وحاصل ذلك :
أن العلماء اختلفوا في هارون المذكور :
هل هو هارون أخو موسى ، عليهما السلام ، أو لا ؟
وعلى أي منهما ، فلم يكن مرادهم أنه أخته من النسب ، بل المراد أنها شبيته ، إما شبيهة هارون النبي في صلاحه ، أو الآخر المذكور .
أو أن المراد أنها أخته ، أي من قبيلته ، ونسله ، ونسبه .
والصحيح أن هارون المذكور في هذه الآية ، ليس هو أخا موسى بن عمران ، عليهما السلام ، بل كان سميا له ، وشبيها له في اسمه .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : يَا أُخْتَ هَارُونَ ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هَارُونَ بْنَ عِمْرَانَ أَخَا مُوسَى ، كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ آخَرُ صَالِحٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُسَمَّى هَارُونَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هَارُونَ أَخَا مُوسَى : مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صَحِيحِهِ [2135] عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي فَقَالُوا : إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ : يَا أُخْتَ هَارُونَ ، وَمُوسَى قَبْلُ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا ؟
فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : « إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ » اهـ .. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ آخَرُ غَيْرُ هَارُونَ أَخِي مُوسَى ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَارُونَ أَخَا مُوسَى قَبْلَ مَرْيَمَ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " الْكَافِي الشَّافْ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْكَشَّافْ " فِي قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ : إِنَّمَا عَنَوْا هَارُونَ النَّبِيَّ ، مَا نَصُّهُ : لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا إِلَّا عِنْدَ الثَّعْلَبِيِّ بِغَيْرِ سَنَدٍ ، وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلَهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ … "
قال الشنقيطي رحمه الله :
" وَبِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَأَيْتَ إِخْرَاجَ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ لَهُ ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ بِلَفْظِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ : تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ هَارُونُ أَخُو مُوسَى ، بَاطِلٌ ؛ سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّهَا أُخْتُهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَنَّهَا أُخْتُهُ : أَنَّهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: يَا أَخَا تَمِيمٍ، وَالْمُرَادُ يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ تَمِيمٍ …
وَإِذَا حَقَّقْتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَارُونَ فِي الْآيَةِ غَيْرُ هَارُونَ أَخِي مُوسَى، فَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ، قَالَ: إِنَّ لَهَا أَخًا اسْمُهُ هَارُونَ، وَبَعْضَهُمْ يَقُولُ: إِنَّ هَارُونَ الْمَذْكُورَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهَا مَشْهُورٌ بِالصَّلَاحِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا أُخْتَهُ أَنَّهَا تُشْبِهُهُ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّقْوَى، وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْأَخِ عَلَى النَّظِيرِ الْمُشَابِهِ مَعْرُوفٌ فِي الْقُرْآنِ وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ.." انتهى باختصار من "أضواء البيان" (3/415) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ حَتَّى يَلْزَمَ الْإِشْكَالُ ، بَلِ الْمُورِدُ ضَمَّ إِلَى هَذَا أَنَّهُ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ حَتَّى ضَمَّ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَخُو مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِيرَادُهُ إِيرَادٌ فَاسِدٌ وَهُوَ إِمَّا مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ أَوْ فَسَادِ الْقَصْدِ " انتهى من " زاد المعاد " (3/ 563) . وينظر : " درء تعارض العقل والنقل " لابن تيمية (7/ 68).
وراجع للفائدة جواب السؤال رقم : (98675) ، (152916) .
والله أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

دين الأنبياء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وما من شك أن جميع الأنبياء والمرسلين كانوا مسلمين، وقد دل على ذلك كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِما [آل عمران: 67].
وقال تعالى: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ [الحج: 78].
وقال تعالى عن نوح عليه السلام وهو يخاطب قومه: فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:72].
وقال تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام وهو يخاطب قومه أيضا: يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ [يونس: 84].
وقال تعالى عن يعقوب لما حضرته الوفاة: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:133].
وكان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يقولان وهما يبنيان البيت: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَك [البقرة: 128].
وقال أيضا عن إبراهيم: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [البقرة:131].
وقد أخبر سبحانه أن إبراهيم وصّى أبناءه بالإسلام، وكذلك يعقوب، فقال تعالى: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:132].
وأخبر سبحانه أنه لا يخالف ملة الإسلام إلا السفيه، فقال تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَه [البقرة: 130].
أي: ظلم نفسه بسَفَهِهِ وسوء تَدْبِيره.
وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً [النساء: 125].
وأما في السنة: فقد روى البخاري في صحيحه عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد. فقوله دينهم واحد: هو دين الإسلام الذي أخبر سبحانه وتعالى عنه فقال: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85].
والله أعلم.

اسلام ويب…

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

زمان بعثة إدريس عليه السلام وهل ظهر الشرك في عهده – شريعة اسلامية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يا شيخ ورد أن بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على الإيمان. طيب يا شيخ إدريس قبل نوح أرسل ليهدي قومه، كيف صارت العشرة قرون كلها على الإيمان مع أن قوم إدريس مشركون.



الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية لابد من التنبه إلى أن ما روي عن السلف في تفسير القرآن وأخبار التاريخ، ولاسيما ما كان مأخوذا عن أهل الكتاب، ليس له حكم ما ثبت بالقرآن أو بالسنة النبوية، ومبنى إشكال السائل الكريم على ثلاث مقدمات، الأولى: كون القرون العشرة بين آدم ونوح كانوا على الإيمان. والثانية: كون إدريس بعث قبل نوح عليهما السلام. والثالثة: كون الشرك أو الكفر قد ظهر في عهد إدريس.
وهذه المقدمات الثلاثة محل خلاف بين أهل العلم. وليس فيها ولو مقدمة واحدة ثابتة بالكتاب أو بالسنة. والذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو تحديد المدة الزمنية بين آدم ونوح، حيث حددها النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة قرون. كما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة، وصححه ابن كثير على شرط مسلم، وصححه الألباني.
وأما كون هذه القرون كانت على التوحيد، فهذا قد اختلف فيه حتى عن ابن عباس نفسه، بناء على المقصود بقوله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً {البقرة: 213}
قال ابن الجوزي في (زاد المسير): في المراد بالناس هاهنا ثلاثة أقوال، أحدها: جميع بني آدم، وهو قول الجمهور. والثاني: آدم وحده، قاله مجاهد .. والثالث: آدم وأولاده كانوا على الحق فاختلفوا حين قتل قابيل وهابيل، ذكره ابن الأنباري. والأمة هاهنا الصنف، والواحد على مقصد واحد، وفي ذلك المقصد الذي كانوا عليه قولان، أحدهما: أنه الإسلام، قاله أبي بن كعب وقتادة والسدي ومقاتل. والثاني: أنه الكفر، رواه عطية عن ابن عباس. ومتى كان ذلك؟ فيه خمسة أقوال، أحدها: أنه حين عرضوا على آدم وأقروا بالعبودية، قاله أبي بن كعب. والثاني: في عهد إبراهيم كانوا كفارا، قاله ابن عباس. والثالث: بين آدم و نوح، وهو قول قتادة. والرابع: حين ركبوا السفينة كانوا على الحق، قاله مقاتل. والخامس: في عهد آدم، ذكره ابن الانباري هـ.
وقال الطبري: وجائز أن يكون كان ذلك حين عرض على آدم خلقه. وجائز أن يكون كان ذلك في وقت غير ذلك، ولا دلالة من كتاب الله ولا خبر يثبت به الحجة على أي هذه الأوقات كان ذلك. فغير جائز أن نقول فيه إلا ما قال الله عز وجل من أن الناس كانوا أمة واحدة، فبعث الله فيهم لما اختلفوا الأنبياء والرسل. ولا يضرنا الجهل بوقت ذلك، كما لا ينفعنا العلم به، إذا لم يكن العلم به لله طاعة هـ.
وأما المقدمة الثانية، وهي كون إدريس بعث قبل نوح عليهما السلام، فهي أيضا محل خلاف بين أهل العلم، فقد قال البخاري في صحيحه في ترجمة إلياس من كتاب أحاديث الأنبياء: يذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس اهـ.
وقال ابن حجر: أخذ أبو بكر بن العربي من هذا أن إدريس لم يكن جدا لنوح وإنما هو من بني إسرائيل؛ لأن إلياس قد ورد أنه من بني إسرائيل، واستدل على ذلك بقوله عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم: "مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح" ولو كان من أجداده لقال له كما قال له آدم وإبراهيم"والابن الصالح". وهو استدلال جيد إلا أنه قد يجاب عنه بأنه قال ذلك على سبيل التواضع والتلطف فليس ذلك نصا فيما زعم. اهـ.
وقال المازري في (المعلم بفوائد مسلم) في شرح قول آدم في حديث الشفاعة المتفق عليه: ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله". قال : ذكر المؤرخون أن إدريس جدُّ نوح عليهما السلام، فإن قام الدليل على أن إدريس بعث أيضا لم يصح قول النسابين أنه قبل نوح؛ لما أخبر به صلى الله عليه وسلم من قول آدم: إن نوحا أول رسول بعث. وإن لم يقم دليل جاز ما قالوا. وصح أن يُحمل ذلك على أن إدريس كان نبيا غير مرسل هـ.
وأما المقدمة الثالثة، وهي كون الشرك قد ظهر في عهد إدريس. فهذا مما لا يمكن القطع فيه بإثبات أو نفي، وغاية ما يذكر في ذلك إنما هي أقوال مأخوذة من أهل الكتاب، سواء في وصف قوم إدريس أو في وصف قوم نوح، ومن ذلك ما ذكره غير واحد من المفسرين أن إدريس عليه السلام هو أول من اتخذ السلاح وقاتل الكفار، ذكره البغوي والخازن وابن عادل والبقاعي والخطيب الشربيني، وقال الماوردي في (النكت والعيون): حكى ابن الأزهر عن وهب بن منبه أن إدريس أول من اتخذ السلاح وجاهد في سبيل الله وسبى اهـ. وقال العز بن عبد السلام في تفسيره: هو أول من اتخذ السلاح وجاهد في سبيل الله تعالى وقتل بني قابيل هـ.
وقال القاضي عياض في (إكمال المعلم): قد يُجمعُ بين هذا بأن يُقال: اختص بعث نوح لأهل الأرض، كما قال في الحديث: "كافة" كنبينا صلى الله عليه وسلم، ويكون إدريس لقومه كموسى وهود وصالح ولوط وغيرهم … وبمثل هذا أيضا يسقط الاعتراض بآدم وشيث ورسالتهما إلى من معهما، وإن كانا رسولين، فإن آدم إنما أرسل لبنيه ولم يكونوا كفارا، بل أمر بتعليمهم الإيمان والتوحيد وطاعة الله، وكذلك خلفه شيث بعده فيهم، بخلاف رسالة نوح إلى كفار أهل الأرض. هـ.
وقال الخرشي في (شرح مختصر خليل): فائدة: أول الرسل آدم، وأول نبي بعثه الله في الأرض إدريس، وأول الرسل نوح .. ولا تعارض بين العبارتين. أما آدم أرسله الله إلى أولاده ليعلمهم ويهديهم إلى ما أمر الله به فكان أول رسول، وأما نوح فهو أول رسول إلى الكفار هـ.
وقال العدوي في شرحه: قوله "أول الرسل آدم" أي على الإطلاق. وقوله "وأول نبي بعثه الله في الأرض" أي بعد شيث … وقوله "وأول الرسل نوح" أي بعد إدريس، وأما قول الشارح: ولا تعارض بين العبارتين. فلم أفهمه؛ وذلك لأنه سكت عن إدريس مع أنه نبي ورسول، وقد قال فيه "وأول نبي بعثه الله في الأرض إدريس" وأيضا فقد ذكر المفسرون الخازن والخطيب أن إدريس أول من قاتل الكفار. والظاهر أنه إنما قاتلهم لكونهم لم يؤمنوا به، فإذن يكون مرسلا إليهم، فلعل الأظهر ما قلنا أخذته من قول القسطلاني في شأن إدريس وكان إدريس أول نبي أعطي النبوة بعد آدم وشيث وفي شأن نوح ، وهو أول نبي بعثه الله بعد إدريس. أو نقول: وأول الرسل نوح أي بتحريم البنات والعمات والخالات، نقله عن القرطبي هـ.
والخلاصة أن ما ذكر في ذلك لا يعدو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: هذا ونحوه منقول عمن ينقل الأحاديث الإسرائيلية ونحوها من أحاديث الأنبياء المتقدمين، مثل وهب بن مُنَبِّه وكعب الأحبار ومالك بن دينار ومحمد بن إسحاق وغيرهم، وقد أجمع المسلمون على أن ما ينقله هؤلاء عن الأنبياء المتقدمين لا يجوز أن يجعل عمدة في دين المسلمين، إلا إذا ثبت ذلك بنقل متواتر، أو أن يكون منقولا عن خاتم المرسلين هـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 78049 ، 107586 ، 78043 ، 130602.
والله أعلم.


اسلام ويب






لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصص الانبياء لنبيل العوضي

من برامج قصص الأنبياء
للشيخ نبيل العوضى حفظه الله
مصورة فى الأماكن الحقيقيه
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــول

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

و الصلاة و السلام على سيدى و حبيبى رسول الله
و على آله و صحبه

أقدم لكم اخوانى 30 حلقة من برنامج قصص الأنبياء للشيخ نبيل العوضى حفظه الله مصورة فى الأماكن الحقيقية عسى الله أن ينفعنا بها
و جزا الله أخى و حبيبى فى الله أبو الوليد المصرى خير الجزاء حيث أنه أول من كتب عن هذه الحلقات فى المدونة و كان سببا أن جمعت هذه الحلقات ووضعتها مجمعة هنا وجزا الله القائمين على هذا العمل و المدونة خير الجزاء و رزقهم الله الفردوس الأعلى من الجنة

اليكم الحلقات

قصة بداية الخلق ثم خلق آدم عليه السلام

http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day1.rv

بقية قصة آدم عليه السلام حتى وفاته
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day2.rv

قصة ادريس والجزء الأول من قصة نوح عليهما السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day3.rv

بقية قصة نوح عليه السلام وحتى وفاته
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day4.rv

قصة هود عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day5.rv

قصة صالح عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day6.rv

قصة ابراهيم عليه السلام – الجزء الأول
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day7.rv

قصة ابراهيم عليه السلام – الجزء الثانى
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day8.rv

قصة ابراهيم عليه السلام – الجزء الثالث
http://www.emanway.com/multimedia/vi…_story/day9.rv

قصة لوط عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…story/day10.rv

قصة شعيب عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…story/day11.rv

قصة يوسف عليه السلام – الجزء الأول
http://www.emanway.com/multimedia/vi…story/day12.rv
قصة يوسف عليه السلام – الجزء الثانى
http://www.emanway.com/multimedia/vi…story/day13.rv

قصة يوسف عليه السلام – الجزء الثالث
http://www.emanway.com/multimedia/vi…story/day14.rv

قصة أيوب عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…story/day15.rv

قصة يونس عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…story/day16.rv

قصة موسى عليه السلام – الجزء الأول
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day17.rmvb

قصة موسى عليه السلام – الجزء الثانى
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day18.rmvb

قصة موسى عليه السلام – الجزء الثالث
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day19.rmvb

قصة موسى عليه السلام – الجزء الرابع
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day20.rmvb

قصة الخضر عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day21.rmvb

قصة يوشع بن نون عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day22.rmvb

قصة داوود عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day23.rmvb

قصة سليمان عليه السلام – الجزء الأول
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day24.rmvb

بقية قصة سليمان و قصة العزير عليهما السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day25.rmvb

قصة زكريا و يحيى عليهما السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day26.rmvb

قصة مريم بنت عمران
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day27.rmvb

قصة عيسى عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day28.rmvb

قصة محمد عليه السلام
http://www.emanway.com/multimedia/vi…ory/day29.rmvb

لقاء مع الشيخ نبيل العوضى و فريق عمل قصص الأنبياء
http://www.emanway.com/multimedia/vi…y/Interview.rv

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

أحسن وأفضل القصص في الدنيا في الاسلام

أحسن وأفضل القصص في الدنيا

بدايــة

بتوفيق من الله تعالى قمت بجمع هذه المعلومات من مواقع كثيرة ليكونموسوعة لقصص الأنبياء، من القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث أن مواقع قصص الأنبياءكانت إنما لا تشمل جميع القصص، أو أنها تعرض القصصباختصار.

وقد قمت بإضافة قصص أخرى من القرآن في هذا الموضوع القيم باسم " قصص القرآن" وأعرض فيه القصص التي أخبرنا بها القرآن الكريمكقصة أصحاب الكهف وذو القرنين وغيرها من القصص.

وسوف أعرض عليكم بإذن الله تعالى كل يوم قصة أو قصتين بحسب طول القصة , راجياًالمولى عزوجل أنيثيب قارئ هذا الموضوع .. وأن يجعله في ميزان حسناته يومالقيامة.

أحسن القصص

هنا نتحدث بشيء من التفصيل عن موضوع(أحسن القصص) وهي قصص الأنبياء عليهم السلام ولكن قبل بداية الحديث عن قصصهم نورد بعض المعلومات السريعة والمهمة.

الترتيب الزمني للأنبياء

لمينزل الأنبياء دفعة واحدة .. وإنما على فترات مختلفة.. وهنا قمت بترتيب أسماءالأنبياء عليهم السلام وفقا للتسلسل الزمني في إرسالهم لأقوامهم

الترتيب الهجائي للأنبياء

هنا رتبت أسماء الأنبياء عليهم السلام هجائيا

ألو العزم من الأنبياء

هنا أبين ألو العزم من الأنبياء، مع شرح موجز لسيرتهم المطهرة..

نوح عليه السلام

‏‏كان نوحتقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلكاستمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس، واستمر الكفرة في طغيانهمفمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا فرفعالله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلى كفرهم، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناءالسفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهمأجمعين

هو خليلالله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدونالكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاهبرسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولواإحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد لهإسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل

موسى عليه السلام

‏أرسله اللهتعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين، أماالأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، دعا موسى إلىوحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى،ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه، فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت أن ظنأتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعونالذي جعله الله عبرة للآخرين


عيسى عليه السلام
‏مثل عيسى مثلآدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون، هو عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاهاإلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي محمد، آتاه الله البينات وأيده بروح القدس وكانوجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، كلم الناس في المهد وكهلا وكان يخلق منالطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخرج الموتى كلبإذن الله، دعا المسيح قومه لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبرواوعارضوه، ولم يؤمن به سوى بسطاء قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء اللهإلى الأرض ليكون شهيدا على الناس


محمد عليه الصلاة والسلام
‏النبي الأميالعربي، من بني هاشم، ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة، توفيت أمهآمنة وهو لا يزال طفلا، كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، ورعى الغنم لزمن،تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة والعشرين من عمره، دعا الناس إلىالإسلام أي إلى الإيمان بالله الواحد ورسوله، بدأ دعوته في مكة فاضطهده أهلها فهاجرإلى المدينة حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار عام 622 م فأصبحت هذه السنة بدء التاريخ الهجري، توفي بعد أن حج حجة الوداع.

بعد ذلك نبدأ في موضوع القصص القرآني. بعض هذه القصص حدثت لأناس صالحين كقصة أصحاب الكهف،وبعضها لقوم عصاة، كقصة أصحاب السبت. وبعض القصص حدثت لأنبياء الله كقصةالخضر.

للموضوع بقية
لنا رجعة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

كن منصتاً‎ اسلاميات

بسم الله الرحمن الرحيم

في اوائل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان عدد المسلمين قليلا وكان الكفار يكذبونه , ويشيعون أنه مجنون وساحر وفي يوم من الأ يام قدم الي مكة رجل اسمه ضماد … وهو حكيم له علم بالطب والعلاج يعالج المجنون والساحر.

فلما خالط الناس سمع الكفار يقولون عن رسول الله صلى اله عليه وسلم : جاء المجنون…

فقال ضماد: أين هذا الرجل ؟ لعله يشفى على يدي؟

فدله الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلما لقيه ضماد قال : يا محمد…أنى أرقى من هذه الرياح وإن الله يشفى على يدي من يشاء…فهلم أعالجك.

و جعل يتكلم عن علاجه و قدراته والنبي ينصت إليه و ذاك يتكلم والنبي ينصت.

أتدرى إلى ماذا ينصت ؟ ينصت الى كلام رجل كافر جاء ليعالجه من مرض الجنون!!

حتى إذا انتهى ضماد من كلامه قال صلى الله عليه وسلم :

إن الحمد لله..نحمده و نستعينه.. من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادى له.. و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له.

فانتفض ضماد وقال : أعد على كلماتك هؤلاء، فأعادها صلى الله عليه وسلم عليه.

فقال ضماد: والله قد سمعت قول الكهنة و قول السحرة و قول الشعراء فما سمعت مثل هذه الكلمات فقد بلغن ناعوس البحر… فهلم يدك أبايعك على الإسلام ، فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده و أخذ ضماد يردد : أشهد أن لا اله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله…

فعلم صلى الله عليه وسلم أن له عند قومه شرف فقال له : و على قومك ؟

فقال ضماد : و على قومي… ثم ذهب الى قومه هاديا داعيا.

قال بعض الحكماء:
"إذا جالست الجهال فأنصت لهم… وإذا جالست العلماء فأنصت لهم ..فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم ، وإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم"

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

الملوك الأربعة الذين حكموا الأرض – قصص انبياء

الملوك الأربعة الذين حكموا الأرض

قد علم كثير منا أنه لم يستطع حكم الأرض منذ خلقها إلى يومنا هذا إلا أربعة فقط لا غيرهم
و قد شاءت إرادة الله – عز و جل – أن يكون اثنين من هؤلاء الحكام مسلمين و آخران كافران
فأما الكافران فهما { بختنصر & النمرود }
و أما

المسلمان فهما { سليمان – عليه السلام – & ذو القرنين }
لا شك في أن أعظمهم حكماً على الإطلاق كان

( سليمان – عليه السلام)-

{{ النمرود }}
النمرود ملك جبار متكبر كافر بالنعمة مدعي الربوبية و العياذ بالله كان يحكم العالم من مملكته في بابل في العراق
هو الذي جادل إبراهيم – خليل الرحمن – في ربه و قد كان سمع عن أن إبراهيم يدعو إلى الله – عز و جل –
في بابل فأمر باستدعائه و دار بينهم الحوار التالي : –
النمرود ( من ربك ؟ )
إبراهيم ( ربي هو الذي خلق كل شيء و هو الذي يحيي و يميت )
النمرود ( أنا أحيي و أميت )
و أمر النمرود برجلين حكم عليهما بالموت فأطلق الأول و قتل الثاني
فغير إبراهيم – عليه السلام – حجته و ذلك من فطنته
فقال إبراهيم ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب )
فأحس النمرود بالعجز و اندهش من ذلك

و كان موت النمرود دليلاً على أنه لا يملك حولاً و لا قوة إلا بإذن الله فأرسل الله له جندياً صغيراً من جنوده
هو الذباب فكانت الذبابة تزعجه حتى دخلت إلى رأسه فكانت لا تهدأ حركتها في رأسه حتى يضربوا هذا الملك
الكافر بالنعال – أكرمكم الله – على وجهه و ظل على هذا الحال حتى مات ذليلاً لكثرت الضرب على رأسه .

{{ بختنصر }}

هو أيضاً كسابقه كان ملكاً على بلاد بابل في العراق و لكن قبل أن يصبح ملكاً كان قائد جيش جرار قوامه
مائة ألف مقاتل و كان معروف للعالم بشراسته و قوته و ذهب بجيشه للشام و دمشق فخافه الدمشقيون و طلبوا
الصلح و قدموا للبختنصر أموال عظيمة و جواهر كثيرة و كنوز ثمينة فوافق و ترك دمشق و ذهب إلى بيت المقدس
و كانت عاصمة بني إسرائيل و يحكمهم ملك من نسل داوود – عليه السلام – فخرج إلى البختنصر و قدم له الطاعة
و طلب الصلح منه و أعطاه مثل ما أعطاه الدمشقيون بل و أخذ منهم الملك الكافر بعض أثرياء بني إسرائيل و عاد
إلى بلاده و بعد أن انتهى فزع بني إسرائيل الذين أغلقوا أبوابهم عند قدوم البختنصر قاموا إلى ملكهم و اعترضوا
على هذا الصلح و قتلوا ملكهم الذي هو من آل داوود – عليه السلام – و نقضوا عهدهم مع بختنصر فعاد بختنصر إليهم
فتحصنوا ضدهم و لكن بختنصر تمكن من اقتحام المدينة و قتل فيها الكثير و خرب فيها الكثير و ذهب إلى القرى المجاورة و خربها و قتل أهلها و بقي بختنصر في بلادهم و أحرق ما وقع تحت يديه من التوراة و أبقى النساء
و الأطفال ليكونوا عبيداً لأهل بابل حتى بلغ عدد الأطفال تسعين ألف طفل
كان من بين الأطفال نبي الله عزير – عليه السلام و لما وصل البختنصر بابل وزع الأموال و الأولاد على أهل بابل حتى امتلأت بيوتهم بالخير .

{{ ذو الــــقرنـــيـــــن }}
أسم عظيم من حكام الأرض و سمي بهذا الاسم لإعجاب الناس به و تحيةً لهمته العالية و شهامته و شجاعته
و لرؤيا رآها في منامه سأذكرها لكم قريباً
و قد نشأ ذو القرنين في أمة مستعبدة ضعيفة سيطرت عليها دولة مجاورة و أجبرتها على دفع الجزية
فلما رأى ذو القرنين حال أمته بدأ يدعوهم إلى الاهتمام بعزته و كرامتهم و التوحد حوله و تأييده في التخلص
من هذا الظلم فردوه قومه و منعوه من الكلام بهذا حتى لا يسمعه الملك فيعاقبهم و لكن ذو القرنين لم ييأس و أصر
أن يفعل شيئاً لقومه و قد كان من صفاته العقيدة الصادقة و الإيمان الراسخ و الحكمة و كان قوي البدن مفتول الذراعين
فبدأ يدعو قومه إلى الإيمان بالله و ظل يدعوهم لكنه لم يجد إلا السخرية منه و نفروا منه فأقبل ذو القرنين إلى الشباب
و دعاهم فاستجابوا له و أحبوه و آمنوا بدعوته و زادت شهرته حتى أصبح الذين آمنوا بدعوته أكبر ممن كفر بها
و رأى ذو القرنين في منامه رؤيا عجيبة و هي
( أنه صعد إلى الشمس و اقتربت منه حتى أمسك قرنيها بيده )
فقص هذه الرؤيا على أصحابه الذين فسروها قائلين له بأنه سوف يصبح ملكاً ذا جيش كبير و سيملك الدنيا من المشرق إلى المغرب
فبدأ الجهلة من قوم ذو القرنين يستهزئون به و فسروا الرؤية على أن الملك الظالم سوف يضرب ذو القرنين على قرني
رأسه أو أنه سيقتله و يعلقه من قرني شعره
و لهذه الرؤيا سمي ذو القرنين بهذا الاسم

و بعد ازدياد عدد أنصار ذي القرنين أصبح ملكاً على البلاد و أطاعوه على السمع و الطاعة و محاربة عدوهم حتى يرجع لهم حقهم و كانت بلاده تدفع للملك الظالم ضريبة و هي عدة بيضات من الذهب الخالص فلما جاء وقت الدفع لم يدفع
ذو القرنين شيئاً و طرد الرجال الذين يأخذون الضريبة و أرسل للملك الظالم رسالة يستهزئ فيها
( إني قد ذبحت الدجاجة التي تبيض الذهب و أكلت لحمها فليس لك شيء عندي )
فعرف الملك عن ذي القرنين بأنه شاب صغير السن فأرسل له ساخراً به
( أرسلت لك كرة و سوطاً و كمية من السمسم فالكرة و السوط لتلعب بهما فإنك صغير تحب اللعب و ابتعد عن الغرور فلو كان جنودك بعدد حبات السمسم لأتيت بك )
فرد عليه ذو القرنين
( سأنتصر عليك و لو كان جنودك بعدد حبات السمن )

و ذهب ذو القرنين بأنصاره إلى الملك الظالم فألقى الله الرعب في قلوب سكان بلدة الملك فذهبوا إلى ملكهم و طلبوا
منه أن يتصالح مع ذي القرنين فغضب الملك من هذا الكلام و خرج بجيشه لملاقاة ذي القرنين الذي تمكن من هزيمته و قتل الملك الظالم و أصبح هو الحاكم على البلد المجاورة فنشر فيها العدل و الاستقرار و الأمن و الأمان و أفرح أهلها

و بعد هذا النصر عزم ذو القرنين على إعلاء كلمة الحق في كل مكان من الأرض و قد مكن الله له في الأرض و أعطاه
الإمكانيات الهائلة فسار إلى المغرب حتى وجد نفسه في سهول فسيحة ليس لها نهاية ذات أرض طينية سوداء فرأى منظر غروب الشمس حتى خيل له أنها تغوص في تلك الأرض الطينية فوجد عند هذا المكان قوماً كافرين فانتصر عليهم
فلم يقتلهم و يأسرهم بل نصحهم و أصلح شأنهم و بنى في تلك البلاد المساجد و آمن أهل هذه البلدة
ثم اتجه ذو القرنين إلى المشرق و كان كلما مر على قوم دعاهم للإيمان بالله فإن آمنوا أكرمهم و إن كفروا عذبهم بشدة

و سار ذو القرنين حتى وصل إلى بلاد نهايتها المحيط فأصبح يمشي في سهول الصين فوجد فيها أودية خصبة و مناطق واسعة و هضاب وعرة و ظل يمشي حتى وصل إلى فتحة واسعة و عريضة بين جبلين عاليين و وجد واراء الجبلين أمة صالحة يعبدون الله و لكنهم لا يعرفون كلام أي من البشر لأنهم منعزلون خلف الجبل و سبب عزلهم خلف الجبل أنه من هذه الفتحة بين الجبلين كانت تأتي قبيلتين متوحشتين هما يأجوج و مأجوج و كانوا يأكلون كل شيء و كانوا يعتدوا على الأمة الصالحة فطلبوا المساعدة من ذي القرنين بعد أن رأوا جيشه القوي و صلاحه فذهبوا إلى ذي القرنين و أعلنوا إسلامهم و ذكروا له خطورة يأجوج و مأجوج و أنهم يتكاثرون بسرعة و سيفسدون الأرض و عرضوا على
ذي القرنين الأجر فرفض ذلك و طلب منهم أن يعينوه على بناء السد
و أمر ذو القرنين القوم أن يجمعوا الحديد و أمر المهندسين فقاسوا المسافة بين الجبلين و ارتفاعهما و أمر العمال فحفروا أساساً في الأرض و وضع قطعاً من الحديد بين الجبلين و جعل بين كل طبقتين من الحديد طبقة من الفحم و مازال يرفع الحديد العريض حتى سد بين الجبلين و أشعلوا النار في الفحم حتى تحولت قطع الحديد إلى نار سائلة و صب النحاس على الحديد المصهور فملاً الشقوق و تحول السد إلى سد عظيم عالي لا يمكن النفاذ منه حتى من قبيلتي يأجوج و مأجوج

و لما رأى ذو القرنين حمد الله و شكره و قال : هذا رحمة من ربي .

{{ ســلـــيــمـــان – عليه السلام – }}

لم تأتي الأرض بملك مثله عليه السلام و لن تأتي حيث أن الله تعالى قد سخر لسليمان كل شيء
فقد سخر له الجن و الإنس و علمه الله لغة الحيوانات و أخضع له الوحوش و جعل الرياح تحت أمره
كل هذا من ملك سليمان – عليه السلام –

سليمان هو ابن داوود – عليهما السلام –
قال تعالى { و ورث سليمان داوود }
و قد قال – صلى الله عليه و سلم – { نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة } أو كما قال صلى الله عليه و سلم
نفهم من هذا أن سليمان لم يرث الملك من أبيه إنما ورث النبوة أي أصبح نبياً بعده و سأل سليمان – عليه السلام – ربه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فوهبه الله ذلك

فقد كان يكلم الطير و يفهم لغتهم و لم يكن داوود سوى فاهماً للغة الطير لكن لم يكن يستطيع الكلام معهم أما سليمان فقد زاد على أبيه بقدرته على الكلام مع الطيور
و ليس هذا فقط بل كان قادراً على فهم لغة النمل و سماع كلامهم
و لا نتوقف هنا بل نستمر إلى الرياح حيث كان سليمان يتحكم في الريح بإذن الله و يستطيع أن يركبها مع جنوده
و أيضاً سخر الله لسليمان الجن و الشياطين فقد أعطاه القدرة على تشغيل الجن و تعذيبهم إن عصوا أمره بل و أعطاه القدرة على ربطهم بالسلاسل و كانت الشياطين تبني له القصور و المحاريب و تستخرج له اللؤلؤ من قاع البحر و من يعصي أمره كان يربطه و يقيده في السلاسل .
كل هذا جزء صغير من ملك سليمان – عليه السلام –

قصة سليمان مع الخيول

كان سليمان – عليه السلام – كثير الذكر لله و دائم في ذكره و كان حريصاً على الصلاة في وقتها و لكنها فاتته مرة واحدة و هذه قصة فوات هذه الصلاة
أن سليمان كان مشغولاً بالإعداد للحرب فأخذ يستعرض الخيل و كان محباً للخيل ثم تنبه بفوات الصلاة فصلى و أمر أن يردوا له الخيل و هنا تأتي روايتان الأولى تقول أنه قتلها كلها و الثانية و هي الصحيحة أنه فقط مسح على أعناقها

– قصة سليمان مع النمل كان سليمان مع جيشه متجهين إلى معركة و كان سليمان في مقدمة جيشه فسمع نملة تقول
كما قال الله تعالى { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده و هم لا يشعرون } و قال العلماء
الشيء الكثير عن هذه النملة ( ما أفصحها من نملة فقد جلبت الكثير من قواعد اللغة في جملة واحدة فنادت بيا و نبهت بأيها و أمرت بادخلوا و نهت بلا يحطمنكم و خصت بسليمان و عمت بجنوده و اعتذرت بلا يشعرون )
و عندما سمعها سليمان ابتسم من قولها و ابتعدوا عن قرية النمل

سليمان و كلمة إن شاء الله

في أحد المرات نوى سليمان – عليه السلام – أن يطوف و يمر بكل زوجاته و كان عدد زوجاته كما في الروايات تسع و تسعين زوجة فنوى أن يطف بهن في ليلة واحدة و قال ( لتأتين كل واحدة منهن بولد يقاتل في سبيل الله )
و كان الله قد أعطاه القوة لذلك و للأسف لم يقل إن شاء الله و فعل ذلك سليمان فلم تنجب إلا واحدة منهن و جاءت بولد بغير أطراف أي بغير ذراعين و رجلين فعلم سليمان خطأه و تاب إلى الله
قال – صلى الله عليه و سلم – { لو قال إن شاء الله لجاهدوا جميعاً }

سليمان و الهدهد و بلقيس

خرج في يوم سليمان يتفقد جيوشه من كل الأجناس فافتقد الهدهد ( و انظر إلى القدرة كيف عرف من كل هؤلاء أن الهدهد مفقود ) فسأل عنه فعلم أنه غير موجود و غاب بغير إذن فنوى أن يعذبه أو يذبحه إن لم يأتي بسبب لغيابه فعندما جاء الهدهد ذهب إلى سليمان و قال له : ( علمت بما لم تعلم و جئتك من سبأ بخبر مهم و يقين إني رأيت امرأة تملكهم و رأيتهم يسجدون للشمس من دون الله و زين الشيطان لهم أعمالهم ) و لكم أن تتصوروا المعجزة أن الهدهد مفطور من ربه على الاستنكار على العبادات الشركية فكان رد سليمان على الهدهد بكل حكمة
فقال له ( سنرى هل صدقت أم كنت من الكاذبين ) أي أنه لم يصدقه و لم يكذبه حتى يتأكد
فأرسل لهم سليمان كتاباً مع الهدهد و أمره أن يلقيه عليهم و يسمع ماذا يردون على كتابه و فعل الهدهد ذلك
و في الكتاب كلمات مختصرات من سليمان و هي ( بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا عليا و أتوني مسلمين )
فطلبت بلقيس رأي وزرائها فأجابوها : ( نحن أقوياء و أصحاب بأس شديد و الرأي لك ) فقد كانت هي الحكيمة فيهم و دل على ذلك ردها : ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أهلكوها و خربوها و جعلوا أهلها في مذلة ) و قد كان كلامها صحيحاً بشهادة الله الذي قال بعد ردها : { و كذلك يفعلون } فقررت أن ترسل لسليمان هدية و سترى مدى تأثير هذه الهدية و عندما ذهب الرسل إلى سليمان استعرض سليمان جيشه أمامهم و بهتوا و ذهلوا لما رأوه و قدموا هديتهم المكونة من الذهب لسليمان فقال لهم متعجباً و ساخراً كما في قوله تعالى : { أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها و لنخرجنهم منها أذلة و هم صاغرون }
فذهب الرسل و عندها تكلم سليمان مع حاشيته بعد أن سمع بعرشها العظيم كما قال تعالى { أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين } العرش هنا كرسي الحكم
فوقف عفريت من الجن و قال له : ( أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك ) يعني ساعة بالكثير و يكون عندك
و وقف رجل عنده علم من الله و اختلف في هذا العلم و قيل أنه كان عنده علم باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به استجاب فقال : ( أنا آتيك به قبل أن ترمش عينك ) و بالفعل وجد سليمان كرسي عرشها أمامه فقال سليمان
( هذا من فضل ربي ) و شكر ربه فلم يكن مغروراً بما معه من قوة و أمر سليمان البنائين أن يبنوا قصراً من زجاج شديد الصلابة فوق مياه البحر و تمر من تحته الأمواج و أمر للذين معه من حاشيته أن ينكروا لها عرشها
أي يغيروا فيه قليلاً من أماكن المجوهرات و ما شابه فلما جاءت بلقيس سألوها حاشية سليمان بذكاء بالغ
( أ هكذا عرشك ؟ ) و لم يقولوا أ هذا عرشك حتى لا تعرف ما حدث فاحتارت فهو يشبه عرشها كثيراً و لكن غير معقول أنه هو لأنها تركته في مكان حكمها في اليمن و كانت بلقيس تحكم اليمن فأجابت برد يدل على هذه الحكمة التي لديها و جمعت في الرد بين التأكيد أنه عرشها و النفي بأنه ليس عرشها
و قالت : ( كأنه هو ) فتعجب سليمان و قال ( لقد أوتينا العلم من قبلها و كنا مسلمين ) تعجب سليمان من أن هذا العقل لم يهديها للإسلام
فأدخلها سليمان إلى القصر الذي فوق الماء و أمرها بالدخول فراحت ترفع ثوبها تظنه بحراً فداست فلم تجد شيئاً من الماء عليها فتعجبت فقال لها سليمان كما في قوله تعالى { إنه صرح ممرد بقوارير } فعلمت أن هذا ليس بقدرة الإنس
فأعلنت بلقيس إسلامها و دخولها في حكم سليمان و قيل أنها تزوجت سليمان و قيل أنها تزوجت أحد رجاله و الله أعلم
و هنا تنتهي قصة بلقيس مع سليمان

موت سليمان – عليه السلام
كان الناس يتحدثون عن أن الجن تعلم الغيب فأراد الله بموت نبيه أن يبين لهم عكس ذلك ففي يوم من الأيام سخر سليمان الجن تسخيراً شديداً و جعلهم يعملون أعمالاً شاقة و بدأ يراقبهم و هو متكئ على عصاه و فاتح عينيه
ففي تلك اللحظة قبض سليمان و مات و بقي الجن يعملون مدة ذكر في الروايات أنها سنة كاملة و لم يعلموا أنه ميت فبدأوا يشكون في موته لأنه لم يتحرك أبدا لكنهم خائفون من محاولة التأكد حتى أتت دابة الأرض و هي النملة آكلة الخشب فأكلت عصا سليمان فسقط فعلم الجن أنه مات و علم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب
هذه قصة أعظم من حكم الأرض فأي فخر أن تكون حاكم الأرض و تحكمها بالإسلام و أنت نبي
فسبحان الله الذي جمع هذا كله لرجل واحد

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصة الخضر مع موسى عليه السلام [ تأملات تربوية ] – قصص انبياء

.
.

بسم الله الرحمن الرحيم

قصة الخضر مع موسى عليهما السلام

بدأت حكاية موسى عليه السلام مع الخضر عليهما السلام ، حينما كان عليه الصلاة والسلام يخطب يوماً في بني إسرائيل،

فقام أحدهم سائلاً: هل على وجه الأرض أعلم منك؟ فقال موسى: لا، إتكاءً على ظنه أنه لا أحد أعلم منه، الدرر السنية – الموسوعة الحديثية
فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يكل العلم إلى الله، وقال له: إنَّ لي عبداً أعلم منك وإنَّه في مجمع البحرين،

وذكر له أن علامة مكانه هي فقد الحوت، فأخذ حوتاً معه في مِكْتَل وسار هو وفتاه يوشع بن نون،
وحكت لنا سورة الكهف كيف التقى مع العبد الصالح الخضر، إذ بدأت الحكاية في القرآن الكريم
بعزم موسى عليه السلام على الرحلة إلى مَجْمع البحرين في طلب العلم ،

كما قال تعالى : " وَإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ".

ثم تتابعتْ الأحداث حيث نسيا الحوت وواصلا طريقهما، ثم تنبها لنسيانه فعادا، ولقي موسى عليه السلام الخضر عند مجمع البحرين،
والخضر (و القول بنبوته قوي ) عبد صالح وهبه الله نعمة عظيمة من العلم وفضلاً كبيراً:
"فوَجَدَا عبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً".

وتستمر القصة حين يعرض موسى عليه السلام على الخضر مرافقته لطلب العلم، والشرط بينهما،
وما حصل أثناء هذه الرحلة من أحداث، في تسلسل قرآني جميل
: " قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
(67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ
أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)".

ثم انطلقا، وحصلت المواقف التي لم يصبر موسى عليها، وكان الختام حين افترقا، ليقدم المعلم
للمتعلم تفسيراً لكل ما حصل، في دروس عظيمة ظلت خالدةً تتلى:
" قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا".
ثم بدأ يشرح له: " أمّا السفينة " ! .

الـتــأمــلات:

1. العجب بالعلم مكمن الخطر. فعلى الإنسان ألاّ يعجب بعلمه أو بظنّ بنفسه وصول المنتهى.
ويظهر ذلك في معاتبة الله تعالى لموسى عليه السلام بعد أن سئل عن أعلم الناس فنسب ذلك إلى نفسه،

وهو درس لمن وراءه، أن لا يرى في نفسه إعجاباً بعلمه أو فهمه أو تميزه،
فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وما أوتي الإنسان من العلم إلا قليلاً حتى لو كثر.

2. تُلحظ مسألة حب الاستطلاع واضحة جليّة، وتتمثل في ذهاب موسى عليه السلام
وتساؤله عن الرجل الأعلم منه، لا لمجرد الرؤية، بل قرن ذلك بنية صحيحة وهي التعلم منه.

3. الحرص على التعلم محمدة مهما بلغ شأو الإنسان العلمي وشأنه المعرفي،
وهذا هو نهج الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين والعلماء، فالعلم ميراث النبوة، ورفعة الشأن،
وصلاح الأسس، حتى لو استغرق الأمر من الإنسان زمناً طويلا يسعى به لتحقيق مرامه،
ونيل أهدافه. ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( أو أمضي حقبا ).

4. يتجلى الأدب الجميل .. أدب المتعلم مع المعلم: ( على أن تعلّمني ). وفيه أيضاً فائدة لطيفة،
فالمتعلم له أن يبيّن حاله التي سيكون عليها مع معلمه، لينال رضاه عليه، وإقباله لتعليمه.
ورغم أنّ المتعلم هنا أرفع قدراً بحكم النبوة والرسالة ( باعتبار نبوة الخضر عليه السلام ) ،
إلا أنه يقدم عرضاً للمعلم كي تطيب نفسه بصحبته بشيئين:

أ. (ستجدني إن شاء الله صابراً ). أي صبر على التعلم مع تعليقه الصبر بالمشيئة.
ب. ( لا أعصي لك أمراً ). وفيه تمام الامتثال والطاعة.

5. على المعلم أن ينصح تلميذه غاية النصح، بتبيين حال العلم حتى لا يُدخله فيما لا يطيقه من العلم:
( قَالَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً). مع تبيين السبب فيما يرده عنه أو يمنعه منه.
وذلك في تبيين الخضر لموسى عليهما السلام: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً).

6. من الأدب التربوي أيضاً ألاّ يتعجل التلميذ بسؤال معلمه حتى ينهي حديثه، فربما عرض الجواب في ثنايا الحديث،
وذلك يؤخذ من قوله: (فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً )

7. يُتعلم من القصة المبادرة إلى الإنكار في حال وقوع المنكر،
فرغم أنّ موسى عليه السلام قد شرط للخضر ألاّ يسأله، إلا أنه أنكر عليه ما رأى ظاهره المنكر،
وقد أنكر ناسياً الشرط في البداية حين خرق السفينة، إلا أنه لم يكن قد نسيه حين قتل الغلام،
لكون المنكر عظيماً في نظره. (أخرقتها لتغرق أهلها) ، ( لقد قتَلتَ نفساً زكيّةً بغيرٍ نَفس).

8. للمعلم العتاب حين يخطئ تلميذه أو يجاوز: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لن تستطيعَ معيَ صبراً).
وعلى المتعلم الاعتذار: (قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً).

9. يجوز إتلاف بعض الشيء لإصلاح باقيه، أليست قاعدة عظيمة من قوله تعالى: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا).

10. صلاح الأب ممتد الأثر ودائم النفع، إذ في الآية دعوة لأن يبدأ الآباء بتربية أنفسهم قبل تربية أبناءهم،
فستكون الثمار يانعة وباقية. (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً). حتى قال بعض المفسرين أنه الأب السابع للغلامين.

للكاتب/ إكرام الزيد
منقول من مكتبة صيد الفوائد

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده