التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على كرسي ؟ – في الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلس على كرسيٍ ؟
الجواب :
الحمد لله
كان حال النبي صلى الله عليه وسلم على الغاية في التواضع للخلق ، والعبودية لله رب العالمين ، روى أحمد (7160) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : ( إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ ، قَبْلَ السَّاعَةِ )، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ : ( يَا مُحَمَّدُ ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ : أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا ؟ ) ،، قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: ( بَلْ عَبْدًا رَسُولًا ) " .
قال محققو مسند أحمد : " إسناده صحيح على شرط الشيخين " .
وكان يجلس على الأرض ، ويأكل على الأرض .
روى الطبراني في " الكبير" (12494) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ ، [أي : يمسكها ليحلبها] وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ ) وصححه الألباني في " الصحيحة " (2125) .
وروى البغوي في " شرح السنة " (11/ 287) عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُلْ ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ، مُتَّكِئًا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكَ ، فَأَصْغَى بِرَأْسِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ تُصِيبَ جَبْهَتُهُ الأَرْضَ ، قَالَ: (لَا ، بَلْ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (544) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" كان صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض تارة ، وعلى الحصير تارة، وعلى البساط تارة " انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/ 126) .
فهذا كان غالب حاله صلى الله عليه وسلم .
وكان ربما احتاج إلى أن يُسمع الناس كلامه ، ويبلغهم جميعا ، فيدعو بكرسي فيجلس عليه ، ويعلم الناس .
روى مسلم (876) عن أبي رِفَاعَةَ قال : " انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، رَجُلٌ غَرِيبٌ ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا ، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا " .
قال النووي رحمه الله :
" وَقُعُودُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْكُرْسِيِّ لِيَسْمَعَ الْبَاقُونَ كَلَامَهُ وَيَرَوْا شخصه الكريم " انتهى .
وقد ثبت عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم جلسوا على الكراسي والأسِرَّة :
فروى البخاري (1594) عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: " جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الكُرْسِيِّ فِي الكَعْبَةِ ، فَقَالَ: " لَقَدْ جَلَسَ هَذَا المَجْلِسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وشيبة هو ابن عثمان بن أبي طلحة (صحابي) رضي الله عنه .
وروى أبو داود (113) عن عَبْد خَيْرٍ قال : " رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ……..إلخ الحديث " وصححه الألباني في "صحيح أبي داود "
وروى البخاري (7266) عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ، قَالَ : " كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقْعِدُنِي عَلَى سَرِيرِهِ ".
فالجلوس على الكرسي لا حرج فيه ، فإن احتاج الإنسان إلى الجلوس عليه لتعليم الناس وإسماعهم : فهو مستحب ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك .
والله تعالى أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

الله أعلم حيث يجعل رسالته من السنة

[BACKGROUND="90 #000000"]


اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ



حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وما أعظمها من حياة لو فكر أحدنا أن يسرُدَها في شكل قصة..
لكانت أروعَ قصة.. لأن حياتَهُ مليئة بالأحداث والعبر والمفاجآت.. ولكنـ ها أعظم من أن تكون قصة..
ولو فكر أحدُنا أن يُؤَرخَ هذه الحياة.. لَكانت تأريخا لأحداثٍ لم يعرف التاريخُ مثلها.. لأنهُ صلى الله عليه وسلم.. أعظم من عُرِفَ في التاريخ.. ولكنـ ـهُ أسمى من أن يكون تاريخا..
سيرتهُ غير ما أَلَّفَ الناسُ من سِيَرْ ولكن سنتركُ التأريخ والسرد القصصي.. ونذكرُ محمدا صلوات الله عليه.. مِثلما تشتاقُ أرواحُنا إلى ذِكرِه.. وكما نُحِبُّ أن نَتحدَّثََ عنه..
سماهُ الله محمدًا .. ليلتقِي الاسمُ والفعل، ويَتطابقَ الاسمُ والمُسَمَّى.. في الصورةِ والمعنى
وشَقَّ لهُ من اسمهِ ليُجِلَّهُ *** فَذُو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ
شبَّ الحبيبُ والله يحفظهُ ويُحيطُهُ من أقذارِ الجاهلية.. لما يُريدُ به من كرامتهِ ورسالتِهحتى بلغَ أن كان أفضلََ قومِهِ مروءة.. وأحسنُهم خُلُقَا.. وأكرمُهُم حَسَبَا..وأحسنُهم جِوارا.. وأعظمُهُم حِلْمَا.. وأصدَقُهُم حديثا.. وأعظمُهُم أمانة.. وأبعدُهُم عن الفُحش..حتى ما أَسماهُ قومُهُ إلا "الأمين"
كانت حياته قبل البعثةِ هادئة صافية فهو ابنُ الصحراء.. والصحراء تَطبعُ أهلها بالصفاء.. وتَغرِِسُ في أبنائِها حُب الحرية.. وحُب الشجاعة.. وحُب الكرم.. وحُب السخاء..
أما عن السُّلالة.. فهو ابنُ إبراهيم خليلُ الله.. ابنُ اسماعيل ذبيحُ الله.. ابنُ قريش سادةُ العرب.. ابنُ بني هاشم سادةُ قريش كريمُ الأصل وكريمُ المنبت.. فهو الشجرة الطيبة في الأرض الطيبة وما من شيء يقربه من الانسانية ويُبعدُهُ عن الكبرِ والجبروت، إلا سلكَ الله بهِ إليهِ سبيلا..
بعثهُ الله رحمةً للعالمين.. وللناسِ كافةً بشيراَ.. ومن قبلِ ذلك.. أخذَ ميثاقًا على كل نبي بعثهُ قبلهُ.. للإيمانِ به، والتصديقِ له.. وأن يُؤدُّوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدَّقهُم..
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران/81
( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم/ 4 شهادةٌ من ربه جل في عُلاه.. وكَفَى بها فَضْلَا
(وكان خُلُقه القرآن) -الألباني/ صحيح الجامع/ 4811
شهادة من أقربِ الناس إليه، عائشة رضي الله عنها وأرضاها..
حفِظهُ الله من كل خُلُقٍ رديء.. لأنه منذُ الأَزَل مُرَشَّحٌ لإصلاحِ العالم.. مُهَيَّأٌ لإسعادِ البشرية.. مُعَدٌّ بعناية لإخراجِ الناسِ من الظلماتِ إلى النور
فهو الرجل لكن النبي، والإنسان لكن الرسول، والعبد لكن المعصوم، والبشر لكن الموحى إليه سجيته العفة والمروءة والأمانة والفصاحة.. لم يكن يكذِبُ كِذبَةً واحدة، ولم تُعْلَم لهُ عَثرَةً واحدة ولا زَلَّةً واحدة ولا مَنقَصَةً واحدة لم يستطع أعداؤُه حِفظَ زلةٍ عليه.. مع ترصُّدِهِم ذلك.. ومع شدةِ عداوتِهِم وعظيمِ مكرهِم وضراوةِ حِقدِهِم.. ولم يَعثُرُوا في ملف خُلُقِهِ الكريم على ما يَعِيبُه.. بل كان مُستودَعَ أماناتِهم ومردَّ آرائهِم ومَرجَعَ مُحاكماتِهِم ومَضربَ أمثالِهِم في البرِّ والسموِّ والرُّشدِ والفَصَاحة
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم/4 وهكذا كان..
كم أَثنَى اللهُ على خُلُقٍ *** في أحمدَ أَصدقِ منْ صَدَقَا
وبُعِثَ النُّور.. ونَزَلَ غَيثُ الخير والبركة على الدنيا بِأكملِها.. وجاء أمرُ الله بأداءِ الرسالة..
قال صلى الله عليه وسلم:" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث" (أخرجه البخاري 79، ومسلم 2282 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه)
إرساء القاعدة.. قاعدة لا إله إلا الله محمد رسول الله.. كانت هي الغاية والشريعة السمحاء كانت هي الوسيلة.. ومسالِكُها.. تطهير هذه الدنيا من أَدرانِها وخَبَثِها.. والسلوك بالبشرية من ضيق الدنيا الى سِعةِ الآخرة، ومن ظُلماتِ الشرك الى نورِ التوحيد، ومن شَقاءِ الكُفر إلى سعادةِ الإيمان.. وطرد الجهل.. ومحاربة الظلم.. وإزهاق الباطل.. ونفي الرذيلة
وكان دَيْدَنُهُ في ذلك كله.. مَكَارِمُ الأخلاق.. ومَحَاسِنُ الطباع.. ومَجَامِعُ الفضيلة.. وجَوَامِعِ الكلم..
قال صلى الله عليه وسلم: ( إنما بُعِثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاق ) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 20571
أَدَّبهُ الله فأحسنَ تأديبَه.. ومن كُل بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَاه.. فكان أَحسَنَ الناسِ نسبًا وخُلقًا ودينًا..
قد أَدَّبَ رَبِّي مُرْسَلَهُ *** هوَ أكرَمُ مَنْ رَبِّي خَلَقَا
كان في دعوتِهِ الناسَ إلى هذا الدين..جميلَ الصفات مُشرِقَ المحُيَّا.. قريبٌ من القلوب.. حبيبٌ إلى الأرواح.. لا تُفارقُ ثغرهُ البَسمة.. مع ما كان يَعلُو وجههُ من جلالةٍ ومهابة.. وَسِعَ الناسَ بأخلاقِه.. وأَسعَدَ البشريةَ بدعوتِه
ثبّتَ الله قلبَه.. وسدّدَ كلامَه.. وحفِظَ عينَه.. وحصّن لسانَه.. وتَوَلَّى أمره.. فهو محفوظٌ مُبارك
يقول عليه الصلاة والسلام: ( إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا) عن عائشة رضي الله عنها..صحيح البخاري/رقم 20
وانظر معي إلى قول الله سبحانه وتعالى في حق من بعثهم برسالاته إلى البشرية..
(… اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ…) سورة الأنعام/ جزء من آية 124
فدتهُ دماءُ أصحابهِ وأتباعِه.. وحنَّتْ إليهِ قلوبُ إخوانِه وقد أُشْرِبَت بحُبهِ وهامَت شوقاً إليه.. حتى الجذعُ الجماد الذي لا يعقِل.. أَنَّ لذكراه..
يا حبيبي يا رسول الله..
نُحبكَ ونشتاقُ إليك ونَحِنُّ إلى رؤيتك وصحبتِك في الجنة.. نَتحسرُ على فواتِ شرفِ صحبتكَ ورِفقَتِكَ في الدنيا.. وعزاؤُنا وَعدُ الله بأن يَسعدَ بِلقائِكَ كُلُّ منِ اتبعَ سُنَّتَك..
قلوبنا تنفطِرُ عند سماعِ سيرتك.. أنتَ.. يا خيرُ من وطِئَت قَدَماهُ الثَّرَى.. يا حبيبَ من في السماواتِ ومن في الأرض.. يا مُنقِذَ هذهِ الأمَّة.. يا من أكرمكَ اللهُ بأن بعثَكَ إلينا لتسلُكَ بنا شِعابَ هذهِ الدنيا.. لِتَرسُو بِنا في جناتِ النعيم..
لقد أحبنا الله حين بعثكَ إلينا.. ورحِمنا بِكَ في الدنيا.. ويَرحَمُنا بكَ يومَ الحشرِ على ضِفافِ الكوثر وفي العرضِ عليهِ بشفاعتِكَ فينا..
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم في العالمين.. إنك حميد مجيد












[/BACKGROUND]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

لما يطلق على فاطمة رضي الله عنها لقب الزهراء – سنة النبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لماذا يُطلق على اسم فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لقب الزهراء؟ وهل من دليل عليه؟ الجواب :
الحمد لله
أطلق كثير من أهل العلماء لقب " الزهراء " على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنها ، منهم ابن حبان البستي ، والخطيب البغدادي ، وابن عبد البر ، وابن الأثير ، وابن حجر، وغيرهم . ومعناه عندهم : المشرقة البيضاء المستنيرة ، والرجل أزهر والمرأة زهراء .
وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ " .
رواه البخاري (3547) ، ومسلم (2330) .
قال النووي رحمه الله :
" قَوْله : ( أَزْهَر اللَّوْن ) هُوَ الْأَبْيَض الْمُسْتَنِير , وَهِيَ أَحْسَن الْأَلْوَان " انتهى .
وقال الحافظ رحمه الله :
" أي أبيض مشرب بحمرة " انتهى .
وهذا مجرد وصف ومدح ، فالذي أطلق على فاطمة رضي الله عنها هذا اللقب من العلماء أراد أنها كأبيها صلى الله عليه وسلم في الجمال وحسن الصورة .
ولا نعلم دليلا شرعيا على هذا اللقب ، كما لا نعلم أحدا من أصحاب القرون المفضلة أطلق هذا اللقب عليها رضي الله عنها .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" فاطمة الزهراء: الزهراء: المرأة المشرقة الوجه ، البيضاء المستنيرة ، ومنه جاء الحديث في سورة البقرة وآل عمران: (الزهراوان) أي: المنيرتان.
ولم أقف على تاريخ لهذا اللقب لدى أهل السنة " .
انتهى من "معجم المناهي اللفظية" (ص 401) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
لماذا لقبت فاطمة رضي الله عنها بالزهراء ؟ وهل لهذا اللقب قصة ؟
فأجاب : " والله ما أعرف شيئا منها ، ولكن هذا مدح ، الزهراء يعني من النور وأن لها نورا " انتهى .
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=74110

أما ما يذكره الشيعة في سبب ذلك أن وجهها كان يزهر لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه من أول النهار كالشمس الضاحية. وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدري.
وكذا ما يذكرونه من كونها كانت لا تحيض : فباطل لا أصل له .
والخلاصة :
وهذا مجرد وصف ومدح ، ولا نعلم دليلا شرعيا على هذا اللقب ، كما لا نعلم أحدا من أصحاب القرون المفضلة أطلق هذا اللقب عليها رضي الله عنها .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (11787) .
والله تعالى أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

على خطاك حتى نلقاك السنة النبوية


كثير منا يقصر في أداء كثير من العبادات حتى وإن كانت من السنن
فالتفريط الدائم فيها والركون إلى أنها من السنن التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها
أمر من الخطورة بمكان فالأعمال هي سهام نطلقها نرجو من الله أن تصيب الهدف
وهو الجنة فقد تصح عبادة وتخلص لله فيكون فيها القبول وتكون بها المغفرة ففي
صحيح البخاري "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا كَلْبٌ
يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ (وهي البئر) كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ
مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ"
فقد يصيب المسلم عملا من العبادات الغير نمطية كرحمة بحيوان أو شفقة بيتيم
أو قضاء مصلحة لآخر فيفتح الله بها أبواب التوبة والهداية والطاعة.

وكما أخبرنا في الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم …((بلغوا عني ولو آية ))

شاركونا في هذا الموضوع بـــ :

ان نذكر اي عباده او ذكر وفضله "لرسولنا محمد صل الله عليه وسلم"

فهيا معاً نسير على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم

اتباعاً لسنته فقد هجرنا الكثير من السنن ..

ولعلنا هنا نحيي بعض

السنن المهجوره

بذكرها وفضلها وليكون هذا الموضوع

مرجع للاعضاء فمن وجد نقصا عنده فليكمله

واتمنى من كل الاعضاء عندما يدخل الى الموضوع لا يرد برد الا وفيه عباده او ذكر وفضلها

وأرجو التأكد من صحة الاحاديث و اعتماد الأحاديث الصحيحه

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

دار الأرقم بن أبي الأرقم أول مركز إسلامي انطلقت منه الدعوة إلى الله السنة النبوية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


السؤال:
ما اسم المركز السري الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ منه منطلقاً لدعوته في بادئ الأمر ؟

الجواب :
الحمد لله
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول أمره يدعو إلى الله سرا مستخفيا ، لئلا يصيبه أو يصيب أحدا ممن اتبعه وآمن به ، الشرُّ والأذى من سفاء قريش ، فيتعطل سبيل الدعوة ، حتى نزل قول الله تعالى : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) الحجر/ 94 ، فجهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته .
روى الطبري في " تفسيره " (17/152) عن عبد الله بن عبيدة قال : " مازال النبيّ مستخفيا حتى نزلت ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) فخرج هو وأصحابه " .
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
" كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستر النبوة ويدعو إِلَى الإسلام سرا ، وكان أَبُو بكر رضي اللَّه عنه يدعو أيضا من يثق به من قومه ممن يغشاه ، ويجلس إليه ، فلما مضت من النبوة ثلاث سنين نزل قوله عز وجل : ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) ، فأظهر الدعوة " انتهى من " المنتظم في تاريخ الأمم والملوك " (2/364) .
وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم هي المركز الرئيسي لانطلاق الدعوة ، واجتماع رسول الله صلى الله عليه وسم بالمؤمنين ليعلمهم الدين .
قال تعالى : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ) مريم/ 73 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" (خَيْرٌ مَقَامًا وأَحْسَنُ نَدِيًّا) أَيْ : أَحْسَنُ مَنَازِلَ وَأَرْفَعُ دُوْرًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ، وَهُوَ مَجْمَعُ الرِّجَالِ لِلْحَدِيثِ ، أَيْ : نَادِيهِمْ أَعْمَرُ وَأَكْثَرُ وَارِدًا وَطَارِقًا ، يَعْنُونَ : فَكَيْفَ نَكُونُ وَنَحْنُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ عَلَى بَاطِلٍ ، وَأُولَئِكَ الَّذِينَ هُمْ مُخْتَفُونَ مُسْتَتِرُونَ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ وَنَحْوِهَا مِنَ الدُّورِ عَلَى الْحَقِّ ؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُمْ : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ) الأحقاف/11 " انتهى من " تفسير ابن كثير" (5/257) .
وكان اسم الأرقم بن أبي الأرقم : عبد مناف بن أسد بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم ، ويكنى أبا عبد اللَّه .
" الإصابة " (1/ 196) .
وروى ابن مندة عن عبد اللَّه بن عثمان بن الأرقم عن جده – وكان بدريا ، وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في داره التي عند الصفا حتى تكاملوا أربعين رجلا مسلمين ، وكان آخرهم إسلاما عمر ، فلما تكاملوا أربعين رجلا خرجوا .
" الإصابة " (1/197) .
وكان كثير من الصحابة الأوائل رضي الله عنهم قد أسلم قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم ، منهم أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وخباب وعامر بن فهيرة ومعمر بن الحارث وواقد بن عبد الله وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم .
" سير أعلام النبلاء " (3/119) .
وعن أبي عبيدة بن محمد بن عمار ، عن أبيه قال : قال عمار : " لقيت صهيبا على باب دار الأرقم وفيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلنا ، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا ، ثم مكثنا يوما على ذلك حتى أمسينا فخرجنا ونحن مستخفون " .
"سير أعلام النبلاء" (3/ 350).
وقال المباركفوري رحمه الله :
" كان من الحكمة تلقاء اضطهادات المشركين أن يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن إعلان إسلامهم قولا أو فعلا ، وألا يجتمع بهم إلا سرا ؛ لأنه إذا اجتمع بهم علنا فلا شك أن المشركين يحولون بينه وبين ما يريد من تزكية المسلمين وتعليمهم الكتاب والحكمة ، وربما يفضي ذلك إلى مصادمة الفريقين .
ومعلوم أن المصادمة لو تعددت وطالت لأفضت إلى تدمير المسلمين وإبادتهم ، فكان من الحكمة الاختفاء ، فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم ودعوتهم واجتماعهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتمع مع المسلمين سرا ؛ نظرا لصالحهم وصالح الإسلام ، وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي على الصفا . وكانت بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم ، فكان أن اتخذها مركزا لدعوته ، ولاجتماعه بالمسلمين " انتهى بتصرف يسير من " الرحيق المختوم " (ص/80) .
فكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم أول مركز دعوي إسلامي ، انطلقت منه الدعوة ، واجتمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين يعلمهم ويزكيهم .
ولا يحسن تسميتها بالمركز السري للدعوة .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

غزوة ذات الرقاع من السنة

غزوة ذات الرقاع



الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على النبي الكريم، وعلى آله وصحبه الطاهرين، أما بعد:

إن دين الإسلام لم تعلُ رايته، ولم يرفع لواؤه بالخلود إلى المفارش الفارهة، ولا بإسناد الظهور إلى الوسائد المريحة، ولا بالتجول في الحدائق الغناء..

وإنما بالمشاقِّ والمصاعب، وتلقي الصدمات من العدو، والحكمة عند الغدر، والشدة وقت الحرب، وسلِّ سيف الحق في وجه الباطل.

وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم ذا حكمة وافية وشجاعة رادعة للأعداء، وحنكة في تسيير شئون الحياة بما أوحى الله إليه وعلمه وألهمه. لقد عانى صلى الله عليه وسلم من أعدائه أشد المعاناة سواء في مكة قبل الهجرة أو بعد ذلك في المدينة، التي كان يجاوره فيها اليهود الغادرون، ومما وقع معهم من الحوادث التي سجلها التاريخ: غزوة ذات الرقاع، والتي سنمر على ما جرى فيها بشيء من اللف والنشر.

تاريخها:

اختلف أهل المغازي والسير في تاريخها على أقوال، فمنهم من قال إنها بعد غزوة بني النضير، ومنهم من قال بعد الخندق سنة أربع، ومنهم من قال في سنة خمس1.

وقد ذهب البخاري إلى أن ذلك كان بعد خيبر، واستدل على ذلك بأن أبا موسى الأشعري شهدها، وقدومه إنما كان ليالي خيبر صحبة جعفر وأصحابه، وكذلك أبو هريرة، وقد قال: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة نجد صلاة الخوف.

ومما يدل على أنها بعد الخندق أن ابن عمر إنما أجازه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القتال أول ما أجازه يوم الخندق، وقد رجح ابن القيم هذا القول في كتابه زاد المعاد2.

وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قِبَل نجد فذكر صلاة الخوف3.

سبب تسميتها بذات الرقاع:

عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزَاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، قَالَ: فَنَقِبَتْ -أي رقت، يقال: نقب البعير إذا رق خفه4- أَقْدَامُنَا، فَنَقِبَتْ قَدَمَايَ، وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نُعَصِّبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنْ الْخِرَقِ5.

وقال ابن هشام: إنما قيل لها غزوة ذات الرقاع؛ لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال ذات الرقاع: شجرة بذلك الموضع يقال لها: ذات الرقاع6، وقيل بل الجبل الذي نزلوا عليه كانت أرضه ذات ألوان تشبه الرقاع7، والصحيح ما تقدم من كلام أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- فكلامه مقدم على غيره؛ لكونه حاضراً الغزوة، و أيضاً الحديث الصحيح مقدم على أقوال المؤرخين.

خروج النبي -صلى الله عليه وسلم-:

خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ستة من أصحابه لهم جمل واحد يتعاقبونه، فلقي بها جمعاً من غطفان، فتقارب الناس، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضاً، حتى صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس صلاة الخوف8.

أبلغ صبر عرفه الفدائيون:

عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْنِي فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَأَصَابَ رَجُلٌ امْرَأَةَ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَحَلَفَ أَنْ: لَا أَنْتَهِيَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمًا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، فَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَنْزِلًا، فَقَالَ: (مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا). فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: (كُونَا بِفَمِ الشِّعْبِ) قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ اضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي، وَأَتَى الرَّجُلُ، فَلَمَّا رَأَى شَخْصَهُ عَرِفَ أَنَّهُ رَبِيئَةٌ لِلْقَوْمِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ حَتَّى رَمَاهُ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ انْتَبَهَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا عَرِفَ أَنَّهُمْ قَدْ نَذِرُوا بِهِ هَرَبَ، وَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالْأَنْصَارِيِّ مِنْ الدَّمِ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَلَا أَنْبَهْتَنِي أَوَّلَ مَا رَمَى؟ قَالَ: كُنْتَ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَ9.

صلاة الخوف:

أنزل الله تعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف في هذه الغزوة فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ.

وعَنْه -رضي الله عنه- قال: خَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَصَلَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَكْعَتَيْ الْخَوْفِ10. وبين القرآن الكريم صفة الصلاة ساعة مواجهة العدو، قال تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}(102) سورة النساء، فقد صلى المسلمون صلاة الخوف، وصفة هذه الصلاة أن طائفة صفت معه، وطائفة في وجه العدو، فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاء الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم11.

القائد العظيم شجاعة ورحمة:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مُرْتَحِلًا عَلَى جَمَلٍ لِي ضَعِيفٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَتْ الرِّفَاقُ تَمْضِي، وَجَعَلْتُ أَتَخَلَّفُ حَتَّى أَدْرَكَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (مَا لَكَ يَا جَابِرُ؟) قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْطَأَ بِي جَمَلِي هَذَا، قَالَ: (فَأَنِخْهُ) وَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ: (أَعْطِنِي هَذِهِ الْعَصَا مِنْ يَدِكَ) أَوْ قَالَ: (اقْطَعْ لِي عَصًا مِنْ شَجَرَةٍ) قَالَ فَفَعَلْتُ، قَالَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَخَسَهُ بِهَا نَخَسَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: (ارْكَبْ) فَرَكِبْتُ، فَخَرَجَ -وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ- يُوَاهِقُ نَاقَتَهُ مُوَاهَقَةً، -أي: يُبَاريهَا في السَّيْر ويُماشيه12- قَالَ: وَتَحَدَّثَ مَعِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (أَتَبِيعُنِي جَمَلَكَ هَذَا يَا جَابِرُ؟) قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ أَهَبُهُ لَكَ، قَالَ: (لَا، وَلَكِنْ بِعْنِيهِ) قَالَ قُلْتُ: فَسُمْنِي بِهِ، قَالَ: (قَدْ قُلْتُ، أَخَذْتُهُ بِدِرْهَمٍ) قَالَ قُلْتُ: لَا، إِذًا يَغْبِنُنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: (فَبِدِرْهَمَيْنِ) قَالَ قُلْتُ، لَا، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَلَغَ الْأُوقِيَّةَ قَالَ قُلْتُ: فَقَدْ رَضِيتُ، قَالَ: (قَدْ رَضِيتَ؟) قُلْتُ: نَعَمْ، قُلْتُ: هُوَ لَكَ، قَالَ: (قَدْ أَخَذْتُهُ) قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا جَابِرُ هَلْ تَزَوَّجْتَ بَعْدُ؟) قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (أَثَيِّبًا أَمْ بِكْرًا؟) قَالَ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا قَالَ (أَفَلَا جَارِيَةً؟؛ تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ) قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنْ أَبِي أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ لَهُ سَبْعًا، فَنَكَحْتُ امْرَأَةً جَامِعَةً، تَجْمَعُ رُءُوسَهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: (أَصَبْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) قَالَ: (أَمَا إِنَّا لَوْ قَدْ جِئْنَا صِرَارًا -موضع على ثلاثة أميال من المدينة13- أَمَرْنَا بِجَزُورٍ، فَنُحِرَتْ وَأَقَمْنَا عَلَيْهَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَسَمِعَتْ بِنَا فَنَفَضَتْ نَمَارِقَهَا) قَالَ قُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا مِنْ نَمَارِقَ، قَالَ: (إِنَّهَا سَتَكُونُ، فَإِذَا أَنْتَ قَدِمْتَ فَاعْمَلْ عَمَلًا كَيِّسًا) قَالَ: فَلَمَّا جِئْنَا صِرَارًا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِجَزُورٍ فَنُحِرَتْ، فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَلَمَّا أَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ، وَدَخَلْنَا قَالَ: فَأَخْبَرْتُ الْمَرْأَةَ الْحَدِيثَ وَمَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: فَدُونَكَ فَسَمْعًا وَطَاعَةً، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَخَذْتُ بِرَأْسِ الْجَمَلِ، فَأَقْبَلْتُ بِهِ حَتَّى أَنَخْتُهُ عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ جَلَسْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْهُ، قَالَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَأَى الْجَمَلَ فَقَالَ: (مَا هَذَا؟) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا جَمَلٌ جَاءَ بِهِ جَابِرٌ، قَالَ: (فَأَيْنَ جَابِرٌ؟) فَدُعِيتُ لَهُ، قَالَ: (تَعَالَ أَيْ يَا ابْنَ أَخِي: خُذْ بِرَأْسِ جَمَلِكَ، فَهُوَ لَكَ) قَالَ: فَدَعَا بِلَالًا، فَقَالَ: (اذْهَبْ بِجَابِرٍ فَأَعْطِهِ أُوقِيَّةً) فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَأَعْطَانِي أُوقِيَّةً وَزَادَنِي شَيْئًا يَسِيرًا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَازَالَ يَنْمِي عِنْدَنَا، وَنَرَى مَكَانَهُ مِنْ بَيْتِنَا حَتَّى أُصِيبَ أَمْسِ فِيمَا أُصِيبَ النَّاسُ يَعْنِي يَوْمَ الْحَرَّةِ14،15.

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ نَجْدٍ فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ -كل شجر يعظم له شوك16- فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ؛ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَحْتَ سَمُرَةٍ، فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ، وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ) ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-17.

دروس وعبر:

يستفاد من هذه الغزوة العظيمة فوائد كثيرة، وذكر منها ما يلي:

· قوة يقين النبي -صلى الله عليه وسلم- بربه، وفرط شجاعته، وصبره على الأذى، وحلمه على الجهال.

· حسن معاشرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه ورقة حديثه، ولطف مسايرته وفكاهته في محاورته معهم، مما أدى إلى غرس المحبة الشديدة في نفوس أصحابه له، وفي نفسه أيضاً مما يجعله يتفقد شؤونهم وأحوالهم، ويواسيهم عند مشاكلهم الاجتماعية والمادية، وهذا ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في حواره مع جابر -رضي الله عنه- حين تأخر بالجمل الضعيف الذي لا يملك غيره حيث إن والده مات شهيداً، وترك له مجموعة من البنات ليعيلهن ويرعاهن، وهو مقل في الرزق، وأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينتهز هذه الفرصة ليواسيه ويقدم له ما يستطيع من مال.

· جواز تفرق الجيش حين النزول، ونومهم في أماكن متفرقة إذا أمن المكان.

· توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- حول حراسة الجيش أمر دال على حرصه على جيشه من صحابته، وهذه صفة من صفات القائد الناجح؛ إذ يهتم بالأمن أولاً للجيش.

· حسن تخطيط النبي -صلى الله عليه وسلم- للخروج من بدايته إلى منتهاه، وتوجيهه للجنديين باختياره مكان إقامة الحراسة دقة وحكمة عسكرية.

· الشعور بالمسؤولية من قبل الجنديين الذين خرجا في فم الشعب للحراسة.

· درس بليغ في قصة الجنديين الحارسين يكشف طبيعة الجهاد، وكيف كان يمارسه ويفهمه صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

· القيام بأعباء الجهاد لا يمنع كون الجندي متعبداً لله قواماً لليل…

· حب الصحابة -رضوان الله عليهم- للقرآن وراحتهم مقرونة بالصلاة.

· الصبر في المعارك والجهاد في سبيل الله، حتى في حالة التعب والإعياء فالصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يعصبون الخرق على أرجلهم من شدة الحر.

· حسن التعامل الأسري يظهر في قصة جابر -رضي الله عنه- حين أخبر زوجته -رضي الله عنها- بما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

· مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها.

إلى غير ذلك من الفوائد الهامة والتي يستفيد منها المسلمون إلى يومنا هذا تأسياً برسول الرحمة، ونبي الهدى -عليه الصلاة والسلام-.


1 السيرة النبوية للصلابي: (562).

2 زاد المعاد: (3/223).

3 السيرة النبوية لابن كثير: (3/161)، والبخاري: (890).

4 فتح الباري لابن حجر: (11/459).

5 صحيح البخاري: (3816)، صحيح مسلم: (3387).

6 سيرة ابن هشام: (2/203).

7 عيون الأثر لابن سيد الناس: (2/29).

8 السيرة النبوية لابن كثير: (3/160).

9 سنن أبي داود: (170)، وقد حسنه الألباني.

10 صحيح البخاري: (3815).

11 صحيح البخاري: (3822). السيرة النبوية للصلابي: (563)، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية للدكتور مهدي رزق الله أحمد: (1/525).

12 النهاية في غريب الأثر لابن الأثير: (5/523).

13 السيرة النبوية لابن كثير: (3/166).

14 مسند أحمد: (14495). وقال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.

15 يوم الحرة هو يوم أن خلع أهل المدينة بيعة يزيد بن معاوية وبايعوا عبد الله بن حنظلة أي ابن أبي عامر الأنصاري، انظر: فتح الباري لابن حجر: (11/492).

16 فتح الباري لابن حجر: (11/464).

17 صحيح البخاري: (3822).









لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده