التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هل كان اسم النبي قبل الوحي " قثم " ؟ السنة النبوية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال:
هل صحيح أن الرسول كان اسمه قثم قبل نزول الوحي أم هو مجرد للطعن في النبوة ؟ وهل توجد روايات تدعم هذا الزعم ؟




الجواب :
الحمد لله
أولاً : ضبْط ومعني اسم " قُثَم " في لغة العرب .
لو أردنا في البداية أن نعلم كيف يُنْطَق هذا الاسم ؟
سنجد أنه يُنطق بالتشكيل التالي : " قُثَمُ " بضمِّ القاف وفتح الثاء ، كما ينطق اسم : "عُمر". لسان العرب (12/461) .
ما معني هذا الاسم في لغة العرب ؟
بمطالعة معاجم اللغة سنجد أن مادة القاف والثاء والميم تدلُّ على الجمع والإعطاء .
من ذلك قولهم : رجلٌ قُثَمٌ : مِعْطاء ، والقُثَمُ والقَثوم : الجَموع للخير ، ويقال للرجل إذا كان كثير العَطاء ( قُثَمُ ) ، و ( القُثَمُ ) : المجتمع الخلق ، وقيل هو : الجامع الكامل .
انظر : " لسان العرب " (12/461) ، و" مقاييس اللغة " (5/59) .
مما سبق يتضح أن المعاني التي تدل عليها مادة ( قُثَم ) في لغة العرب معاني مدح وثناء .
ثانياً : هل كان ( قُثَم ) هو اسم النبي قبل الوحي ؟!.
هذه شبهة من الشبهات التي يحرص علي ترديدها الاستشراق المعاصر .
حيث جاءت في كتابات المستشرق الألماني تويودور نولدكه (1836/ 1930م) صاحب كتاب " تاريخ القرآن " ، وردَّدها أيضاً المستشرق النمساوي لويس سبرنجر (تـ 1893م) في كتابه عن سيرة النبي ، والمستشرق الفرنسي اليهودي هرتويغ درنبرغ ( تـ 1908م) ، والمستشرق الإيطالي الأمير ليون كايتاني في كتابه الشهير " حوليات الإسلام " .
انظر : " تاريخ العرب في الإسلام" لجواد علي (97-98) ، " هل بشَّر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم " لد. منقذ السقار (129) .
وقد تابع المستشرقين في ترديد هذه الشبهة بعض تلامذتهم من المسلمين ، ممن لا ينبغي للبال أن ينشغل بأسمائهم .
والهدف من إثارة هذه الشبهة يتمثَّل فيما يلي :
أ- إشاعة الشك عند المسلم في كل شيء ، حتى يشك المسلم في كل أمور دينه ولا يطمئن إلى أيٍّ منها ، وهذه خطة قديمة جرى عليها كثير من المستشرقين والمبشرين وأذنابهم من المسلمين من بين أَظْهُرنا ومن بنى جلدتنا .
ب- فرار أحبار اليهود والنصارى من الإشارة إلى بشارة التوراة والإنجيل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وورود اسمه الصريح فيهما .
وبعد بيان مصدر هذه الشبهة وهدفها نذكر الرد الشرعي والتاريخي والعقلي والمنطقي علي هذه الشبهة في النقاط التالية :
النقطة الأولي : لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم معروفاً باسم ( محمد ) منذ طفولته ، والأدلة علي ذلك كثيرة ومتواترة شرعاً وعرفاً وتاريخاً ، ونكتفي منها بما يلي .
جاء الصبيان الصغار أثناء فترة رضاعة النبي إلي مرضعته ( حليمة ) ، وأخبروها بما حدث للنبي عند شقِّ صدره ، وأخبروا عنه باسم ( محمد ) .
حيث جاء في الرواية الصحيحة الواردة في معجزه شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة ، فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ، ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ( يعني مرضعته ) ، فقالوا : إن محمداً قد قُتِل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللون ، قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره " . صحيح مسلم " باب : الإسراء برسول الله " رقم : (162) .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه عن كثرة أسمائه ، فعن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد وأنا الماحي الذى يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذى يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ) .
أخرجه الإمام البخاري في كتاب المناقب ، باب : ما جاء فى أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رقم : (3339) ، والإمام مسلم فى كتاب الفضائل ، باب : فى أسمائه صلى الله عليه وسلم ، رقم : (2354) .
النقطة الثانية : إذا كان اسم الرسول الأصلى هو " قُثَم " فلماذا غيَّره النبي ، بالرغم من أنه اسم يدل على الكرم وكثرة العطاء ، ومن ثمَّ فهو مدح وليس ذمّا ؟!.
النقطة الثالثة : إذا كان اسم ( قُثَم ) هو اسم النبي – صلى الله عليه وسلم – لأربعين عاماً ولم يحمل اسماً غيره ؛ فكيف خفي ذلك على أعدائه من كفار قريش في مكة ، ثم من اليهود والمنافقين في المدينة ، ثم من سائر المرتدين في الجزيرة العربيّة ، ثم من أعداء الإسلام على مرِّ القرون ، كيف خفي ذلك علي كل هؤلاء ولم يتخذوه مطعناً علي النبي ، بالرغم من شدة عدائهم للنبي – صلى الله عليه وسلم – وبحثهم عن أيّ مطعن في النبي ولو خَفِي ودقَّ ؟!.
فهذا هو أبو سفيان عندما وقف أمام هرقل وقت ورود رسالة النبي لهرقل التي دعاه فيها إلي الإسلام ، لم يتحدث عن شيء من ذلك ؛ رغم أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل كانت تبدأ بجملة : " من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم… " ، فلو كان الاسم الأصلي للنبي هو " قُثَم " لاستغل ذلك أبو سفيان الذي كانت بينه وبين الرسول في ذلك الوقت ثارات وحروب .
وكان بإمكان أبي سفيان – لو كانت هذه الدعوي صحيحة – أن يقول لهرقل : إنه لا يُدْعَى " محمد " بل اسمه " قُثَم " ، ولكانت تلك ـ حقاً ـ القاصمة ، والفاصلة أيضا ؛ إلا أن ذلك لم يحدث .
ينظر : " صحيح البخاري " – كتاب بدء الوحي – ، " باب : كيف كان بدء الوحي إلي رسول الله " رقم : (7) .
وإذا كان أبو سفيان ، وصناديد قريش ، وهم أهل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعشيرته ، والعارفون به وبسيرته ونسبه ، وأصله وفصله ؛ إذا كانوا قد سكتوا عن ذلك ، أو بالأحرى : لم يعلموا بوجوده أصلا ؛ فكذلك فعل أحبار أهل الكتاب في زمان النبي ، ولا عجب ، فلم ينطق أحد منهم في ذلك ، ومن الممتنع أن يكون عندهم خبر منه ، ثم لا يشنعون عليه ، ولا يطعنون في صدقه ونبوته به .
لقد قرَّر القرآن الكريم ، والسنة النبويّة المطهرة ، وكتب التاريخ والسير والأدب وأشعار العرب أنّ اسمه صلى الله عليه وسلم محمدٌ ، وأنّ النبي خاطب الناس بهذا الاسم ، واستخدمه في العهود والمواثيق والمبايعات والرسائل إلى الملوك ، ولم يناقشه أو يعترض عليه أحد من معاصريه وأعدائه في ذلك .
فهل يُترك كل هذا ويُلتفت إلى عدة نصوص ضعيفة أو مجهولة السند في كتب السير والتاريخ ؟!.
إنَّ للنبي أسماءاً جاء بيانها في القرآن والسنة ؛ منها : محمد ، وأحمد ، والمتوكل ، والماحي ، والحاشر ، والعاقب ، والمقفي ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة ، ونبي الملحمة ، والفاتح ، والأمين . انظر : " زاد المعاد " للإمام ابن القيم (1/85-86) .
وليس اسم ( قُثَم ) من هذه الأسماء التي أخبر بها النبي عن نفسه ، ولم تَرد التسمية به في الروايات أو الآثار الصحيحة الثابتة في كتب السنة النبوية .
مستفاد من : مقال للدكتور إبراهيم عوض في الرد علي هذه الشبهة – عنوان الرابط : http://ibrahimawad.net.tf ، " التنصير عبر الخدمات التفاعلية لشبكة المعلومات العالمية " – رسالة ماجستير للباحث : محمد بن موسى المجممي (282: 284) .
ثالثاً : الروايات التي ورد فيها اسم ( قُثَم ) ، وبيان درجتها .
أ- روايات كتب الحديث :
روى ابن عدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لي عند ربي عشرة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي ، وأنا الحاشر الذي يحشر الخلائق معي على قدمي ، وأنا رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم ، وأنا المقفي قفيت النبيين ، وأنا قثم " .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/64) .
درجة الحديث :
هذا الحديث رواه ابن عدي بسنده في الكامل وفيه أبو البختري ، قال ابن عدي بعد أن ساق الحديث : " وهذه الأحاديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بواطيل ، وأبو البخترى جسور من جملة الكذابين الذين يضعون الحديث ، وكان يجمع في كل حديث يريد أن يرويه أسانيد من جسارته على الكذب ووضْعه على الثقات " . انتهي من " الكامل في الضعفاء " لابن عدي (7/65) .
قال الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين (2/383) : " أخرجه ابن عدي من حديث علي وجابر وأسامة بن زيد وابن عباس وعائشة بإسناد ضعيف .
وله ولأبي نعيم في الدلائل من حديث أبي الطفيل : " لي عند ربي عشرة أسماء ، قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية فذكرها بزيادة ونقص ، وذكر سيف بن وهب أن أبا جعفر قال : إن الاسمين طه ويس ، وإسناده ضعيف " . انتهي
وقال تاج الدين السبكي في " طبقات الشافعية " (6/287) : ( وهذا فصل جمعت فيه جميع ما في كتاب الإحياء من الأحاديث التي لم أجد لها إسناداً ) . انتهي
وذكر منها حديث ( وأنا قثم ) . انتهي من " طبقات الشافعية " (6/330)
مما سبق يتبين أن هذه الرواية ورد في سندها أبو البختري الكذاب الوضَّاع ، وذكرها أئمة الحديث في الضعيف والمردود وما لا إسناد له من روايات الحديث .
ب- روايات كتب السيرة وغيرها :
ورد ذكْر هذا الاسم في عدة مواضع في كتب السيرة وغيرها ، فقد ذكر القاضي عياض في كتابه " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (1/231- 232) : ( … وذكر غيره لي عشرة أسماء فذكر الخمسة التى في الحديث الأول ، قال : وأنا رسول الرحمة ورسول الراحة ورسول الملاحم وأنا المقفى قفيت النبيين وأنا قيم والقيم الجامع الكامل كذا وجدته ولم أروه وأرى أن صوابه قثم بالثاء … ). انتهي
وورد هذا الاسم كذلك في : " خلاصة سير سيد البشر "(72–73) ، " سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " (1/244) ، " السيرة الحلبية " (1/131) ، " صفة الصفوة " (1/55) ، " المواهب اللدنية بالمنح المحمدية " (1/473) ، " النهاية في غريب الأثر " (4/27) .
الاعتبار الذي أورد به كتَّاب السِّيَر اسم ( قُثَم ) في كتبهم :
لقد أورد عدد من كُتَّاب السِّير اسم ( قُثَم ) في مواضع من كتبهم عند حديثهم عن أسماء النبي ، إلا أنهم أوردوه علي اعتبار أنه لقب من الألقاب أو صفة من الصفات التي وصلتهم عن النبي ، ولم يذكر واحد منهم أن هذا الاسم كان هو الاسم الأصلي أو الأول للنبي ، وفيما يلي طرف من النقولات التي توضِّح ذلك .
قال الإمام المحب الطبري في " خلاصة سير سيد البشر " (72) : ( وقد ذكر له أسماء كثيرة اقتصرنا على المشهور منها ، منها المتوكل والفاتح والخاتم والضحوك والقتال والأمين والمصطفى والرسول والنبي الأمين والقثم ، ومعلوم أن أكثر هذه الأسماء صفات ) . انتهي
وقال الإمام القسطلاني في " المواهب اللدنية بالمنح المحمدية " (1/445) : ( ورأيت فى كتاب " أحكام القرآن " للقاضى أبى بكر بن العربى : قال بعض الصوفية : لله تعالى ألف اسم ، وللنبى صلى الله عليه وسلم ألف اسم . انتهى
والمراد الأوصاف : فكل الأسماء التى وردت أوصاف مدح ، وإذا كان كذلك ، فله صلى الله عليه وسلم من كل وصف اسم ، ثم إن منها ما هو مختص به أو الغالب عليه ، ومنها ما هو مشترك ، وكل ذلك بيِّن بالمشاهدة لا يخفى ، وإذا جعلنا له من كل وصف من أوصافه اسماً بلغت أوصافه ما ذُكر ، بل أكثر ) . انتهي
بان مما سبق أن كل ما ورد في كتب السِّيَر تحت عنوان ( أسماء النبي ) ما هي إلا ألقاب أو صفات ما عدا ( محمد وأحمد ) ، وقد نصَّت روايات السنة الصحيحة على عددٍ قليلٍ جداً من هذه الألقاب والصفات ، ثم أضاف المسلمون إليها الكثير مما لم يُسْمَع من النبى ومما لم يرد به إسناد ، حتى لقد بلغ بعضهم بهذه الصفات والألقاب النبوية ألفاً .
رابعا : لا يعتمد على روايات المؤرخين فيما له تعلق بحكم شرعي أو عقدي :
من المعلوم أنه قد اشتهر من علماء الإسلام طائفة ممن لهم عناية واهتمام بالتواريخ والسير والمغازي وأخبار الإسلام ، وهم المعروفون بأئمة المغازي أو الأخباريين .
ولا يخفي علي الباحثين أن منهج النقد الذي وضعه المحدثون لم يكن له حضور عند أكثر من كتب في السيرة النبوية وتاريخ الإسلام ، حيث كانوا يسوقون الأخبار والروايات من غير نقد ولا تمحيص ، ولهذا بقي المحدِّثون يتتبعون أخبار السيرة النبوية بالنقد والتمحيص ليتميَّز الصحيح فيها من الضعيف .
لذا ؛ فينبغي أن يُعلَم أنه ليس كل ما أورده أهل السِّيَر والتاريخ يكون صحيحاً ، فقد مُلِئت كتب تلك الفنون بالباطل والمنكر ، فالخبر المجرد الذي ليس فيه نكارة ، ولا يُستنبط منه حكم شرعي ولا تؤخذ منه فائدة عقدية ؛ يمكن التساهل في نقله .
أما حين يكون في متنه نكارة ، أو يكون فيه دلالة على حكم شرعي : فهنا يجب مراعاة قواعد أهل الحديث ، ومن هنا قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله : " لولا الإسناد لقال مَن شاء ما شاء " . " صحيح الإمام مسلم " – باب في أن الإسناد من الدين – رقم : (32) .
وقد اختص الله تعالى هذه الأمة المباركة بالإسناد ، فحفظت به قرآنها وسنَّة نبيها صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – : ( وقد يظن بعضهم أن كلَّ ما يُروى في كتب التاريخ والسيرة أن ذلك صار جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي لا يجوز إنكار شيء منه ! ، وهذا جهل فاضح ، وتنكُّر بالغ للتاريخ الإسلامي الرائع الذي يتميز عن تواريخ الأمم الأخرى بأنه هو وحده الذي يملك الوسيلة العلمية لتمييز ما صح منه مما لم يصح ، وهي نفس الوسيلة التي يميز بها الحديث الصحيح من الضعيف ، ألا وهو الإسناد الذي قال فيه بعض السلف : " لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء " ، ولذلك لما فقدت الأمم الأخرى هذه الوسيلة العظمى امتلأ تأريخها بالسخافات والخرافات ، ولا نذهب بالقراء بعيداً فهذه كتبهم التي يسمونها بـ " الكتب المقدسة " اختلط فيها الحابل بالنابل ، فلا يستطيعون تمييز الصحيح من الضعيف مما فيها من الشرائع المنزلة على أنبيائهم ، ولا معرفة شيء من تاريخ حياتهم أبد الدهر ، فهم لا يزالون في ضلالهم يعمهون ، وفي دياجير الظلام يتيهون !، فهل يريد منَّا أولئك الناس أن نستسلم لكل ما يقال إنه من " التاريخ الإسلامي " ولو أنكره العلماء ) . انتهي من " السلسلة الصحيحة " (5/331) .
فلا تُقبل رواية عند المسلمين بلا سند ، والسند يبين صحة الرواية أو ضعفها ، ولهذا قيل " من أسند فقد أحال " .
للاستزادة انظر : " مصادر السيرة النبوية وتقويمها " د. فاروق حمادة (104) ، " السيرة النبوية الصحيحة" د. أكرم ضياء العمري (1/39-40) .

والله أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

التسامح من حياة "النبي صلي الله عليه وسلم السنة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

اجتمع الصحابة في مجلس ولم يكن معهم الرسول عليه الصلاة والسلام

فجلس خالد بن الوليد .. وجلس ابن عوف .. وجلس بلال وجلس ابو ذر ..

وكان ابو ذر فيه حدة وحرارة فتكلم الناس في موضوع ما ..

فتكلم أبو ذر بكلمة إقتراح : أنا أقترح في الجيش أن يفعل به كذا وكذا .

قال بلال : لا .. هذا الإقتراح خطأ .

فقال أبو ذر : حتى أنت يابن السوداء تخطئني .!!!

فقام بلال مدهوشا غضبانا أسفا ..

وقال : والله لأرفعنك لرسول الله عليه الصلاة والسلام

وأندفع ماضيا إلى رسول الله .

وصل للرسول عليه الصلاة والسلام ..

وقال : يارسول الله .. أما سمعت أبا ذر ماذا يقول في ؟

قال عليه الصلاة والسلام : ماذا يقول فيك ؟؟
قال : يقول كذا وكذا

فتغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ..

وأتى أبو ذر وقد سمع الخبر .. فاندفع مسرعا إلى المسجد ..

فقال : يارسول الله .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

قال عليه الصلاة والسلام : يا أبا ذر أعيرته بأمه .. إنك امرؤ فيك جاهلية .!!

فبكى أبو ذر رضي الله عنه.. وأتى الرسول عليه الصلاة والسلام وجلس ..

وقال يارسول الله استغفر لي .. سل الله لي المغفرة !

ثم خرج باكيا من المسجد ..

وأقبل بلال ماشيا ..فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب ..

وقال : والله يابلال لا ارفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك .. أنت الكريم وأنا المهان ..!!

فأخذ بلال يبكي .. وأقترب وقبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا .

****************************** ********


هذه هي حياتهم يوم تعاملوا بالإسلام رضي الله عنهم أجمعين.

ان بعضنا يسيء للبعض في اليوم عشرات المرات ..

فلا يقول : عفوا ويعتذر !

إن بعضنا يجرح بعضا جرحا عظيما ..

في عقيدته ومبادئه وأغلى شيء في حياته ..

فلا يقول .. سامحني !

إن البعض قد يتعدى بيده على زميله .. وأخيه ..
ويخجل من كلمة : آسف .!!

الإسلام دين التقوى لم يفرق بين لون أو حسب أو نسب ..
فلماذا يعجز أحدنا عن الإعتذار لأخيه ..

بهدية صغيرة .. أو كلمة طيبة .. أو في بسمة حانية ..
لنبقى دوما على الحب والخير أخوة

منقول للأجر والثواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

مزاحه صلى الله عليه وسلم من السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور عثمان قدري مكانسي

روى أنس بن مالك قال :
1 ـ إنْ كان النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليخالطنا ـ أي : يلاطفنا ويمازحنا ـ حتى يقول لأخٍ لي (( يا أبا عُمير ، ما فَعَلَ النُّغَير ؟ )) .
وكان للصغير طيرٌ يلعب به ، فمات ، فحزن عليه .

2 ـ وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمازح نساءه ، فهذه عائشة رضي الله عنها كان رأسها يؤلمها ، فقالت : وارأساه ، فأراد الرسول اللطيف أن يمازحها فقال : (( يا عائشة لو أنّك متِّ لساعتك ، وأنا حيَّ لاستغفرتُ لك ، وكفـّنتـُكِ وصليتُ عليك ، وهذا خير من أنْ تموتي بعدي ، ولن تجدي مثلي مَنْ يفعل ذلك )) .
فنادت : واثكلياه . . أتريد أن أموت يا رسول الله لتتخلّص مني ؟! أنتم هكذا يا معشر الرجال ، تريدون أن تموت نساؤكم لِتَرَوْا غيرهُنَّ ، ولو أني متُّ لما اهتممتَ بي ، ، ولأتيتَ إلى بعض نسائك في بيوتهن تلاعبهن وتداعبهن وأنا ما أزال مسجّاةً على فراش الموت .

3 ـ وجاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأله أن يهبه دابّة يبلغ بها أهله فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(( إني حاملك على ولد الناقة )) .
قال : يا رسول الله ، ما أصنع بولد الناقة ؟
وظنَّ أنه يعطيه ولد الناقة الصغير ، ونسي أن الناقة تلد الحُوارَ فيكبر حتى يصير جملاً .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( وهل يلدُ الإبلَ إلا النوقُ ؟! )) .

4 ـ وجاءت امرأة فسألته السؤال نفسه قائلة :
(( يا رسول الله احملني على بعير )) .
قال لمن عنده : (( احملها على ابن بعير )) .
قالت : ما أصنع به ؟ وما يحملني يا رسول الله !
قال عليه الصلاة والسلام : (( وهل يجيء بعيرٌ إلا ابنَ بعير )) .

5 ـ وجاءت امرأة إلى الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت : إن زوجي يدعوك . .
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( مَنْ هو ؟ أهو الذي بعينيه بياض ؟ )) .
فقالت : ما بعينيه بياض ! تقصد أنّه يرى جيداً وعيناه سليمتان .
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( بل بعينه بياض )) . .
قالت : لا والله . .
وضحك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال :
(( ما من أحد إلا بعينيه بياض . وهو الذي يحيط بالحدقة )) .

6 ـ حتى إن أصحابه رضوان الله عليهم يمازحونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى خيمة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك ، وكانت من جلدٍ صغيرةً لا تتسع إلا للقليل ، فسلّم عليه فردّ السلام على عوف وقال : (( ادخل يا عوف )) . .
فقال عوف : أكـُلـّي أدخل يا رسول الله ؟ موحياً بصغر الخيمة ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبتسماً : (( كـُلـّك )) فدخل .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

مشاركتي : رجل المحنة ومؤمن اشتاقت له الجنة عمار بن ياسر رضي الله عنهما – في الاسلام

[BACKGROUND="100 http://im37.gulfup.com/oIEBm.png"]

[BACKGROUND="70 #FFFFFF"]

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعدة نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبة وسلم اللهم تسليما كثيرا
هناك في بطحاء مكة حيث الدعوة لله والصبر
وتلك السياط التي تلهب اولئك الضعفاء لا ذنب لهم سوى انهم آمنوا بالله وحده لا شريك له ونفوا عبادة الأصنام
في تلك البطحاء كانت أسرة فقيرة الحال ليس لها سند أو قوة من الدنيا لكن لها قوة الايمان وصبر على الحق
اسرة تتكون من شيخ كبير هو ياسر وأم هي سمية
لقيا حتفهما تحت وطأة تعذيب قريش
فكانت سمية أول شهيدة بالاسلام وكان ياسر اشد جلدا حيث مات جوعا وعطشا تحت لهيب شمس مكة
فكان جزاؤهما الجنة
كيف لا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما مر بهما وهم يعذبون قال(صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة)
وسط هذه الأسر الايمانية التي صبرت حتى الموت في سبيل الله ورسولة صلى الله عليه وسلم
نشأ عمار بن ياسر
عمار الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم (عمار جلدة مابين عيني وأنفي) السيرة النبوية لابن هشام ج2ص143

عمار الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم(عمار مليء ايمانا إلى مشاشته)النسائي (8/111)
عمار الصابر
الثابت في المحن والشدائد
كان من أول من أظهر اسلامهم سبعة ومنهم عمار بن ياسر
كما ورد في في رواية منصور في سير اعلام النبلاء ص409ج1
صحابي اشتاقت له الجنة كماورد في حديث الترمذي (9/344)
(ثلاثة تشتاق لهم الجنة:علي وعمار وسليمان) وقال حسن غريب
ان الايمان ليس كلمة تقال
انما هو حقيقة ذات تكاليف
امانة ذات أعباء
وجهاد يحتاج إلى صبر
هذا الموقف الذي سأختارة من حياة هذا الصحابي الجليل
موقف بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم
تتجلى فيه حقيقة ايمان هذا الصحابي
ورأفة الحبيب صلى الله عليه وسلم
هو موقف يبين حقيقة ماسبق
وهو الصبر على المحن
صمد عمار بن ياسر زمنا طويلا على البلاء وتحمل كل ضغوط التعذيب التي مارستها قريش على جسده النحيل
كان القلب ثابتا لكن
للجسد حدود وطاقة جعلت عمار ينطق في لحظة من الذهول والاعياء من شدة التعذيب بما أراد قريش
أخذ المشركون عمار فلم يتركوه حتى نال مت الرسول صلى الله عليه وسلم
فما كان منه رضي الله عنه الا أن سارع الى الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يبكي
الى الرحمة والعطف
الى اليد الحانية التي تخفف عنه وعن باقي الصحابة كل مايجدونه من عذاب فتطأن قلوبهم ويأخذون جرعة للصبر
فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال(ماوراءك؟)
قال :شر يارسول الله ،والله ماتُركتُ حتى نلت منك, وذكرت آلهتهم بخير
قال صلى الله عليه وسلم(فكيف تجد قلبك؟)
قال مطمئن بالإيمان
قال (فإن عادوا فعد)
ثم أنزل الله عزوجل قوله
(إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان)
سورة النحل (106)
الحكمة والعبرة المستفادة من هذا الموقف
1/الصبر على طاعة الله عزوجل والصبر عن معاصية
2/أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
فنحن نستنج من قول الرسول لعمار فان عادوا فعد
اي درء للمفسدة وهي الأذى والتعذيب الزائد حتى لا يهلك
3/حسن التعامل مع الموقف وامتصاص الحزن والألم وهذا يتبين لما من موقف الرسول صلى الله عليه وسلم حين جائة عمار باكيا وهو يقول هلكت يارسول الله
فربت الرسول على كتفه وتبسم وهذا طمئن قلب عمار
4/محاسبة النفس على كل لفظ يقوله المؤمن وهذا ماحدث من عمار رغم انه كان في حالة غط اي شبة غيبوبة حين قال ماقال ورغم ان ايمانه كان ثابتا الا أنه وجل وكاد ان يموت قهرا وهذا من شدة الايمان الذي سكن في قلوب الصحابة
هذه عدة فوائد

المراجع
القرآن الكريم
كتاب عمار بن ياسرـ للمؤلف أسامة بن أحمد سلطان
الاصابة في تمييز الصحابةــ للامام احمد بن حافظ العسقلاني
سنن النسائي
رجال حول الرسول ـ خالد محمد خالد
والمعذرة لمشاركتي السريعة
وهذا والله بسبب ظروف اختبارتي بالجامعة
دعواتكم لي بالتوفيق

[/BACKGROUND]
[/BACKGROUND]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

حوض النبي صلى الله عليه وسلم – سنة النبي

تتجلى رحمة الله تعالى يوم القيامة حين تدنو الشمس من الرؤوس، ويتمكن العطش من الناس، ويشتد الكرب بهم حتى يطلبوا بدء الحساب، تتجلى رحمة الله يومئذ بالمؤمنين، إذ لم يتركهم عطشى يعانون الظمأ، بل أكرمهم بحياض يشربون منها، وجعل لكل نبي من الأنبياء حوضا يشرب منه هو وأتباعه، كما قال – صلى الله عليه وسلم -: ( إن لكل نبي حوضا، وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة ) رواه الترمذي وصححه الألباني .
الحوض والكوثر
الكوثر هو النهر الذي وعد الله به نبيه – صلى الله عليه وسلم – في الجنة، والحوض هو مجمع الماء في أرض المحشر، وماؤه مستمد من الكوثر، فالكوثر والحوض ماؤهما واحد، إلا أن أحدهما في الجنة، والآخر في أرض المحشر، لذلك يطلق على كل منهما اسم الكوثر، قال – صلى الله عليه وسلم – في وصف الحوض: ( يَغُت فيه ميزابان، يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق ). يغت: أي يدفق دفقا شديدا متتابعاً، فتبين بهذا أن ماء الحوض مستمد من نهر الكوثر في الجنة .
صفة حوض النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أوصافا متعددة لحوضه، ترغيبا للأمة في بذل الأسباب الموجبة لوروده والشرب منه، فذكر من أوصافه: أن ماءه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأن طوله وعرضه سواء، وأن سعته كما بين أيلة وصنعاء، وأن عدد كؤوسه كعدد نجوم السماء، وأن من شرب منه لا يظمأ أبدا، وهذه الأوصاف ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم – في أحاديث، منها:
حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ( إن قدر حوضي كما بين أيله وصنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق بعدد نجوم السماء ) متفق عليه .
حديث ثوبان – رضي الله عنه – أن نبي الله – صلى الله عليه وسلم – سئل عن شراب حوضه، فقال: ( أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، يغت فيه ميزابان، يمدانه من الجنة، أحدهما: من ذهب، والآخر من ورق ) رواه مسلم .
حديث ثوبان – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ( حوضي من عدن إلى عمان البلقاء، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا … ) رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم .
حديث حذيفة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( إن حوضي لأبعد من أيلة إلى عدن، والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد النجوم، ولهو أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل … ) رواه مسلم .
اختلاف الروايات في سعة الحوض والجمع بينها
اختلفت الروايات في تحديد سعة الحوض ومساحته، فبعض الروايات ذكرت أن حوضه – صلى الله عليه وسلم- أبعد ( من أيلة إلى عدن ) وعدن معروفة، أما "أيلة" فهي مدينة بالشام على ساحل البحر، وتطلق أيضا: على جبل ينبع بين مكة والمدينة . والحديث رواه ابن ماجة عن حذيفة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -.
وذكرت بعض الروايات أن سعة الحوض، ( كما بين المدينة وصنعاء ) وهذا في رواية البخاري عن حارثة بن وهب – رضي الله عنه -.
وفي رواية أخرى للبخاري عن ابن عمر ، قدرت ( ما بين ناحيتيه كما بين جرباء وأذرح ) وجربى بالقصر من بلاد الشام، وأذرح بالحاء مدينة من أدنى الشام، ويقال: أنها فلسطين .
وفي رواية أخرى عند مسلم عن جابر بن سمرة أن ( بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة )
وفي رواية ابن ماجة عن أبي سعيد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ( إن لي حوضا ما بين الكعبة وبيت المقدس )، وفي رواية مسلم عن أبي ذر
( عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة )، وفي رواية أخرى عند الترمذي ( حوضي من عدن إلى عمان البلقاء ) .

وفي الجمع والتوفيق بين تلك الروايات يقول الإمام القرطبي : " ظن بعض الناس أن هذه التحديدات في أحاديث الحوض اضطراب واختلاف، وليس كذلك، وإنما تحدث النبي – صلى الله عليه و سلم – بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة، مخاطبا كل طائفة بما كانت تعرف من مسافات مواضعها، فيقول لأهل الشام: ما بين أذرح و جربا، و لأهل اليمن: من صنعاء إلى عدن، وهكذا، وتارة أخرى يقدر بالزمان، فيقول: مسيرة شهر، والمعنى المقصود: أنه حوض كبير متسع الجوانب والزوايا، فكان ذلك بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها، والله أعلم "
ويبدو – والله أعلم – أن المعنى المقصود ليس تحديد سعة الحوض تحديدا دقيقا بقدر ما أراد – صلى الله عليه وسلم – أن يعطي انطباعا بسعة حوضه وكبر مساحته، وذلك أننا لو قارنا المسافات بين كل بلدتين ذكرهما – صلى الله عليه وسلم – لوجدنا اختلافا متباينا بينهما، فالمسافة بين أيلة إلى صنعاء تختلف عن المسافة بين أيلة وعدن بمئات الكيلومترات، وكذلك بين المدينة وصنعاء، جاء في "شرح ابن ماجة": " وهذه الاختلافات تشعر بأن ذكرها جرى على التقريب دون التحديد، وبأن المقصود بأن بعد ما بين حافتيه وسيعة لا التقدير بمقدار معين " .
أول الشاربين من حوضه – صلى الله عليه وسلم-
ذكر – صلى الله عليه وسلم – صنفين من الناس سيكونون أول الشاربين من حوضه – صلى الله عليه وسلم –، الصنف الأول: فقراء المهاجرين، ويدل على ذلك ما رواه ثوبان – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ( أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين، الشعث رؤوسا، الدنس ثيابا، الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم السدد ) رواه الترمذي .
والصنف الثاني: أهل اليمن، فعن ثوبان – رضي الله عنه – أن نبي الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ( إني لبعقر حوضي، أذود الناس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم – يسيل عليهم – … ) رواه مسلم ، قال الإمام النووي في شرحه: " معناه: أطرد الناس عنه غير أهل اليمن، .. وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه، مجازاة لهم بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام، .. فيدفع غيرهم حتى يشربوا، كما دفعوا في الدنيا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أعداءه والمكروهات " .
ولا يعني كون الأنصار والمهاجرين هم أول واردي حوضه – صلى الله عليه وسلم – أن غيرهم لا يرده، غير أنهم – في الجملة – قلة، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( بينا أنا قائم، فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، فقلت: إلى أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، قال: هلم، قلت: إلى أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم ) رواه البخاري ، قال الحافظ في الفتح :" قوله: فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم، يعني: من هؤلاء الذين دنوا من الحوض، وكادوا يردونه، فصدوا عنه، والهمل بفتحتين الإبل بلا راع، … والمعنى: أنه لا يرده منهم إلا القليل؛ لأن الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره " وواضح أن القلة هنا نسبية، أي: أن نسبة من يرد الحوض كبيرة لكن الذين يطردون أكبر من الذين يشربون .
المطرودون عن حوضه – صلى الله عليه وسلم- :
وردت أحاديث كثيرة في ذكر المطرودين عن حوضه – صلى الله عليه وسلم – وهي تحمل في طياتها تحذيرات من سلوك طريقهم، منها:
ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم -، يقول:( أنا فَرطُكُم – أي أتقدمكم – على الحوض فمن ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا . ليردنَّ علي أقوامٌ أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي ) .
وما رواه البخاري أيضا عن أنس – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( ليردن علي ناس من أصحابي الحوض، حتى إذا عرفتهم، اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي، فيقال لي: لا تدري ما أحدثوا بعدك ) .
ومنها ما رواه مسلم عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول – وهو بين ظهراني أصحابه -: ( إني على الحوض، أنتظر من يرد علي منكم، فوالله ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن: أي رب مني ومن أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، ما زالوا يرجعون على أعقابهم )
قال الإمام القرطبي في "التذكرة" : "قال علماؤنا – رحمة الله عليهم أجمعين -: فكل من ارتد عن دين الله، أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين، وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، .. والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق، وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر المستحفون بالمعاصي، وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع، ثم البعد قد يكون في حال، ويقربون بعد المغفرة، إن كان التبديل في الأعمال، ولم يكن في العقائد " .
موضع الحوض يوم القيامة
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( بينا أنا قائم، فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، فقلت: إلى أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، قال: هلم، قلت: إلى أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم ) رواه البخاري ، قال الإمام القرطبي تعليقا على الحديث: " فهذا الحديث – مع صحته – أدل دليل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط؛ لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عليه، فمن جازه سلم من النار " فموضع الحوض قبل الصراط، إذ إن من مرَّ على الصراط كان من أهل الجنة، فلو كان الحوض بعد الصراط لامتنع أن يطرد عنه أحد .
وموضع الحوض لا يكون على هذه الأرض، وإنما يكون وجوده في الأرض المبدلة، كما قال تعالى: { يوم تبدل الأرض غير الأرض }(إبراهيم:48) .
الواردون حوضه صلى الله عليه وسلم :
يرد حوض النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجملة كل مؤمن لم يتلبس بمانع من موانع ورود الحوض التي تضمنتها الأحاديث السابقة، غير أن النبي ذكر بعض الأعمال الخاصة التي هي أسباب لنيل شرف وردود حوضه – صلى الله عليه وسلم – منها :
1- الصبر عند الأَثَرة: ويدل على ذلك حديث عبد الله بن زيد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في وصيته للأنصار – رضي الله عنهم -: ( إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) متفق عليه، ومعنى ستلقون بعدي أثرة، أي: أن الأمراء بعدي يفضلون عليكم غيركم ممن هو أقل كفاءة منكم.
2- عدم الدخول على أئمة الجور ممالأةً ونفاقاً لهم، فعن كعب بن عجرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ( أنه ستكون بعدي أمراء، من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس يرد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وسيرد على الحوض ) رواه الترمذي والنسائي .
هذا هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرناه بأوصافه، وأوصاف أهله، وأوصاف المطرودين عنه، حتى يعلم المسلم السبيل إليه، في يوم عظم خطره، واشتد حره، والله الموفق .


موقع مقالات اسلام ويب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

قصة المرأة التي رأت نور النبوة في وجه عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال:
ما صحة قصة المرأة التي كانت ترى النور في وجه أبي النبي عبد الله قبل أن تحمل آمنة بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟



الجواب :
الحمد لله
هذه القصة والتي مفادها أن امرأة رأت نور النبوة في وجه عبد الله بن عبد المطلب أبي النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعته إلى نفسها ، فحال الله بينها وبين حصول ذلك :
هي قصة مشهورة مروية في عامة كتب السيرة ودلائل النبوة ، ولها طرق وأسانيد متعددة ، ولكن عامة أسانيدها واهية ، وإليك البيان :
– روى أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص131) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (3/404) والخرائطي كما في "البداية والنهاية" (2 /308) من طريق مُحَمَّد بْن عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا خَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِابْنِهِ لِيُزَوِّجَهُ ، مَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ أَهْلِ تُبَالَةَ مُتَهَوِّدَةٍ ، قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ الْخَثْعَمِيَّةُ، فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ : يَا فَتَى، هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ ، وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ :
أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ * وَالْحِلُّ لَا حَلّ فَأَسْتَبِينَهْ * فَكَيْفَ لِي الْأَمْرُ الَّذِي تَبْغِينَهْ
ثُمَّ مَضَى مَعَ أَبِيهِ، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ نَفْسَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْخَثْعَمِيَّةُ ، فَأَتَاهَا، فَقَالَتْ : يَا فَتَى، مَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، قَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ فِيَ وَجْهِكَ نُورًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ ، وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُصَيِّرَهُ حَيْثُ أَحَبَّ .
وهذا إسناد ضعيف لا تقوم به الحجة :
مسلم بن خالد قال ابن المديني ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث ، وقال أبو حاتم لا يحتج به ، وضعفه أبو داود . ينظر : "ميزان الاعتدال" (4/102) .
وابن جريج مدلس وقد عنعنه ، وقال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح . ينظر : "تهذيب التهذيب" (6 /359) .

– ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (1/107) أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْلَمَة بْن عَلْقَمَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بمعناه .
ومسلمة بن علقة قال الإمام أحمد وزكريا الساجي : حدث عن داود بن أبي هند أحاديث مناكير ، وقال العقيلي : له عن داود مناكير وما لا يتابع عليه من حديثه كثير . وذكر له ابن عدي أحاديث وقال وله غير ما ذكرت مما لا يتابع عليه .ينظر : "تهذيب التهذيب" (10 /132) .
وهذا من روايته عن داود كما ترى فهو من مناكيره .
وعبد الوارث بن إبراهيم لم نعثر له على ترجمة .
وابن قانع كان قد اختلط ، راجع : "لسان الميزان" (3 /383) .


– ورواه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 78) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ الْمَدَنِيَّ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَبَا رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَتَى عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ فَرَأَتْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا سَاطِعًا إِلَى السَّمَاءِ … فذكر معناه .
وهذا إسناد صحيح ، لكنه مرسل .


– وله شاهد يرويه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص: 130) من طريق أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ ، به .
وهذا إسناد واه ، محمد بن عبد العزيز قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف. ينظر : "ميزان الاعتدال" (3 /628) .


– ورواه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص: 131) من طريق يَعْقُوب بْن مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ به .
ويعقوب بن محمد الزهري تالف ، قال أحمد ليس يسوي شيئا ، وقال أبو زرعة واهي الحديث ، وقال ابن معين أحاديثه تشبه أحاديث الواقدي – والواقدي متهم – وقال الساجي منكر الحديث
"تهذيب التهذيب" (11 /348) .


– ورواه ابن سعد في "الطبقات (1/77 ) أخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا عَرَضَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ.
قَالَ ابن سعد : وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي الْفَيَّاضِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِامْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَشَبِّهِ وَأَعَفِّهِ. وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ. وَكَانَ شَبَابُ قُرَيْشٍ يَتَحَدَّثُونَ إِلَيْهَا. فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ .
وهشام بن محمد وأبوه متهمان . راجع "ميزان الاعتدال" (3/556) ، "لسان الميزان" (6/196) .


– ورواه ابن سعد أيضا (1/77) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ .
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ.
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالُوا جَمِيعًا: هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ نَوْفَلٍ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَتْ تَنْظُرُ وَتَعْتَافُ ، فَمَرَّ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَدَعَتْهُ يَسْتَبْضِعُ مِنْهَا وَلَزِمَتْ طَرَفَ ثَوْبِهِ ، فَأَبَى وَقَالَ : حَتَّى آتِيَكِ ، وَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى الْمَرْأَةِ فَوَجَدَهَا تَنْظُرُهُ .، فَقَالَ: هَلْ لَكِ في الذي عرضت علي؟ فقالت: لا ، مَرَرْتَ وَفِي وَجْهِكَ نُورٌ سَاطِعٌ ثُمَّ رَجَعْتَ وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ النُّورُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَتْ مَرَرْتَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ وَرَجَعْتَ وَلَيْسَ هِيَ فِي وَجْهِكَ.
ومحمد بن عمر هو الواقدي ، كذبه الشافعي وأحمد والنسائي وغيرهم ، وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث . ينظر : "تهذيب التهذيب" (9 /326) .


– ورواه البيهقي في "الدلائل" (1/105) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّهُ … ؛ فذكره بنحو مما سبق . وهذا مرسل .
– ورواه أبو نعيم في "الدلائل" (ص133) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَحْسَنَ رَجُلٍ رُؤِيَ قَطُّ ، خَرَجَ يَوْمًا عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ مُجْتَمِعَاتٍ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَيَّتُكُنَّ تَتَزَوَّجُ بِهَذَا الْفَتَى ، فَتَصْطَبُّ النُّورَ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِنِّي أَرَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا ، فَتَزَوَّجَتْهُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَجْأَةً ، فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
وهذا مرسل أيضا ، ولعل في هذه النسخة المطبوعة تصحيفا ، وأن الصواب : ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب ؛ فإن ذلك هو المعروف ، ولا نعرف في شيوخ ابن وهب من اسمه أحمد بن يونس .

والخلاصة :
أن هذا الحديث ضعيف من جميع طرقه ، وأن عامتها واهية لا يستشهد بها فضلا عن أن يحتج بها .

والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هل خَدَمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم غلامٌ يهودي ؟ من السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال :هل خدم الرسولَ عليه الصلاة والسلام يهوديٌّ ؟



الجواب :
الحمد لله
نعم ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فمرض مرة فعاده صلى الله عليه وسلم ، وعرض عليه الإسلام ، وهذه هي القصة كما يحكيها أنس بن مالك رضي الله عنه .
( أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ : أََسلِم . فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَه : أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ . فَأَسلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ ) رواه البخاري (1356)
ولكن المصادر لم تسعفنا باسم هذا الغلام ، ولا بشيء عن خدمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تذكر شيئا عن سبب قبول النبي صلى الله عليه وسلم لخدمته .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/221) :
" ( كان غلام يهودي يخدم ) لم أقف في شيء من الطرق الموصولة على تسميته ، إلا أن ابن بشكوال ذكر أن صاحب "العتبية" حكى عن " زياد شيطون " : أن اسم هذا الغلام " عبد القدوس " ، قال : وهو غريب ، ما وجدته عند غيره " انتهى .
وكل ما هنالك أن بعض المفسرين ينسبون إلى هذا الغلام مشاركته في سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان هو من أخذ شعرا من شعرات النبي صلى الله عليه وسلم وأوصلها إلى لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر ، إلا أن هذا النقل لم تثبت صحته .
قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/232) :
" وذكر القشيري في "تفسيره" أنه ورد في الصحاح : أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فدست إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم – والمُشاطة : ما يسقط من الشعر عند المشط – وأخذ عدة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي " انتهى .
وانظر نحوه في "زاد المسير" لابن الجوزي (9/270)
ويستفاد من قصة خدمة الغلام اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم إظهار السماحة والعفو ولين الجانب الذي كان يحمله صلى الله عليه وسلم في قلبه الرحيم ، فقد كان شفيقا رحيما بالناس كلهم ، يرجو لهم الخير ويحذرهم من الشر ، فلم يتردد في عيادة هذا الغلام اليهودي في منزله ، ولم يفرط في أي فرصة لدعوتهم وهدايتهم ، لكنهم قابلوه بالكيد والمكر ، وحاولوا قتله ، ووضعوا السم في طعامه .
وللتوسع في معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة اليهود ، يرجى مراجعة السؤال رقم : (
84308
)

والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

شواهد النبوة من عالم الجماد والحيوان – سنة النبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

" نطق الحجر، وانقاد الشجر، وسبّح الطعام، وحنّ الجذع، واشتكى الجمل "، كلّها عباراتٌ ليست من قبيل المجاز اللغويّ، ولكنّها آياتٌ كريمة ومعجزاتٌ عظيمة سخّرها الله تعالى لتشهد بصدق النبي – صلى الله عليه وسلم – في دعوته، وتبيّن حقيقة تأثّر الحيوان والجماد فضلاً عن بني البشر بالقرب منه عليه الصلاة والسلام والاستماع إليه، في أخبار ثابتةٍ بالنصوص الصحيحة التي لا مجال للشكّ فيها .

فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام، وذلك في رحلةٍ سافر فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – مع بعض أصحابه، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في سفر، فقلّ الماء فقال : ( اطلبوا فضلة من ماء ) ، فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل " . رواه البخاري .

وجاءت عددٌ من نصوص السنة لتثبت تسليم الحجر والشجر وغيرهما من الجمادات على النبي – صلى الله عليه وسلم – بصوتٍ يسمعه من كان حاضراً، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله " رواه الترمذي ، وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( إني لأعرف حجراً بمكة، كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .

وعندما حاول اليهود أن يقتلوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالشاة المسمومة التي قدّموها له، أنطقها الله تعالى بقدرته، لتخبره عليه الصلاة والسلام بأنها مسمومة، رواه أبوداود .

ومن معجزات النبي – صلى الله عليه وسلم – انقياد الشجر له، فقد روى جابر رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نزل واديا في إحدى أسفاره، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته، وتبعه جابر ليعطيه الماء، ولم يجد النبي – صلى الله عليه وسلم – شيئاً يستتر به سوى شجرتين متباعدتين، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال : ( انقادي علي بإذن الله ) ، فانقادت معه حتى وصل إلى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها وقال : ( انقادي علي بإذن الله ) فانقادت معه كذلك، ثم أمرهما النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يلتئما بإذن الله، فلما قضى حاجته وانصرف عادت كل شجرةٍ إلى موضعها، وتفاصيل القصّة مذكورة في صحيح مسلم .

وقد ورد ما يفيد تكرار تلك المعجزة في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في سفر، فأقبل عليهم أعرابي، فعرض عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الإسلام، فقال الأعرابي : " ومن يشهد على ما تقول؟ " فقال : ( هذه السمرة ) ، فدعاها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهي بطرف الوادي فأقبلت تشقّ طريقها حتى وقفت بين يديه، فشهدت بصدق نبوّته، ثم عادت إلى موضعها، فأسلم الأعرابي وعاد إلى قومه داعيا لهم، رواه الدارمي .

ولا تقف المعجزات النبويّة عند حدود النطق والكلام والحركة من الجماد، بل امتدّت لتشمل المشاعر والأحاسيس، فجاءت النصوص لتثبت مدى محبّة جبل أحد للنبي – صلى الله عليه وسلم –، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : ( هذا جبل يحبنا ونحبه ) رواه البخاري ، وحين صعد – صلى الله عليه وسلم – الجبل بصحبة أبي بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم رجف بهم الجبل، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( اثبت أحد ؛ فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) .

بل جاء في السنّة ما يشير إلى شوق الجمادات إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وجزعها من فراقه، فقد روى الإمام البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يخطب الجمعة إلى جذع نخلة، فقال أحدهم : " يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرا؟"، فقال : ( إن شئتم ) ، فجعلوا له منبرا، وفي الجمعة التالية وقف على المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه حتى سكنت، وفي رواية ابن ماجة قال عليه الصلاة والسلام : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) .

أما نطق الحيوان، فتلك معجزةٌ أخرى لنبيّنا عليه الصلاة والسلام، فقد اشتكى إليه جملٌ من ظلم صاحبه له، وذلك عندما دخل عليه الصلاة والسلام بستاناً لأحد الأنصار كان فيه جملٌ له، فإذا بالجمل تدمع عيناه عند رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – ويرفع صوته، ولم يتوقّف عن ذلك حتى مسح النبي – صلى الله عليه وسلم – على ظهره، وعاتب عليه الصلاة والسلام صاحب الجمل فقال له : ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملّكك الله إياها ؟، فإنه شكا إليّ أنك تجيعه وتُدئبه – أي تتعبه – ) رواه أبو داود .

والأعجب من ذلك إخبار الذئب بنبوّته – صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن راعياً رأى ذئباً يريد أن يعتدي على غنمه، فلما منعه من ذلك أنطق الله الذئب فقال : " يا عبد الله، تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي ؟ "، فوقف الرجل مذهولاً مما سمعه، فقال الذئب : " ألا أخبرك بأعجب مني ؟، رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين الحرتين – أي في المدينة – يخبر الناس بأنباء ما قد سبق "، فانطلق الرجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وأخبره بما حصل له، فقال عليه الصلاة والسلام : ( صدق والذي نفسي بيده ) رواه الحاكم .

فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان، والحجر والشجر، وجعلها معجزة تدل على صدق نبوته، وصحة دعوته .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

عبد الرحمن بن عوف

السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته

عبد الرحمن بن عوف
ما يبكيك يا أبا محمد
رضي الله عنه وأرضاه

ذات يوم، والمدينة ساكنة هادئة، أخذ يقترب من مشارفها نقع كثيف، راح يتعالى ويتراكم حتى كاد يغطي الأفق.

ودفعت الريح هذه الأمواج من الغبار المتصاعد من رمال الصحراء الناعمة، فاندفعت تقترب من أبواب المدينة، وتهبّ هبوبا قويا على مسالكها.
وحسبها الناس عاصفة تكنس الرمال وتذروها، لكنهم سرعان ما سمعوا وراء ستار الغبار ضجة تنبئ عن قافلة كبيرة مديدة.

ولم يمض وقت غير وجيز، حتى كانت سبعمائة راحلة موقرة الأحمال تزحم شوارع المدينة وترجّها رجّا، ونادى الناس بعضهم بعضا ليروا مشهدها الحافل، وليستبشروا ويفرحوا بما تحمله من خير ورزق..

**

وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد ترتمت الى سمعها أصداء القافلة الزاحفة..

سألت: ما هذا الذي يحدث في المدينة..؟

وأجيبت: انها قافلة لعبدالرحمن بن عوف جاءت من الشام تحمل تجارة له..

قالت أم المؤمنين:

قافلة تحدث كل هذه الرّجّة..؟!

أجل يا ام المؤمنين.. انها سبعمائة راحلة..!!

وهزت أم المؤمنين رأسها، وأرسلت نظراتها الثاقبة بعيدا، كأنها تبحث عن ذكرى مشهد رأته، أو حديث سمعته..

"أما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

رأيت عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا"..

**

عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا..؟

ولماذا لا يدخلها وثبا هرولة مع السابقين من أصحاب رسول الله..؟

ونقل بعض أصحابه مقالة عائشة اليه، فتذكر أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أكثر من مرة، وبأكثر من صيغة.

وقبل أن تفضّ مغاليق الأحمال من تجارته، حث خطاه الى بيت عائشة وقال لها: لقد ذكّرتيني بحديث لم أنسه..

ثم قال:

" أما اني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها، وأقتابها، وأحلاسها، في سبيل الله عز وجل"..

ووزعت حمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حولها في مهرجان برّ عظيم..!!

هذه الواقعة وحدها، تمثل الصورة الكاملة لحياة صاحب رسول الله عبدالرحمن بن عوف".

فهو التاجر الناجح، أكثر ما يكون النجاح وأوفاه..

وهو الثري، أكثر ما يكون الثراء وفرة وافراطا..

وهو المؤمن الأريب، الذي يأبى أن تذهب حظوظه من الدين، ويرفض أن يتخلف به ثراؤه عن قافلة الايمان ومثوبة الجنة.. فهو رضي الله عنه يجود بثروته في سخاء وغبطة ضمير..!!

**

متى وكيف دخل هذا العظيم الاسلام..؟

لقد أسلم في وقت مبكر جدا..

بل أسلم في الساعات الأولى للدعوة، وقبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم ويتخذها مقرا لالتقائه بأصحابه المؤمنين..

فهو أحد الثمانية الذن سبقوا الى الاسلام..

عرض عليه أبوبكر الاسلام هو وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، فما غمّ عليهم الأمر ولا أبطأ بهم الشك، بل سارعوا مع الصدّيق الى رسول الله يبايعونه ويحملون لواءه.

ومنذ أسلم الى أن لقي ربه في الخامسة والسبعين من عمره، وهو نموذج باهر للمؤمن العظيم، مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يضعه مع العشرة الذين بشّرهم بالجنة.. وجعل عمر رضي الله عنه يضعه مع أصحاب الشورى الستة الذين جعل الخلافة فيهم من بعده قائلا:" لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض".

وفور اسلام عبدالرحمن بن عوف حمل حظه المناسب، ومن اضطهاد قريش وتحدّياتها..

وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة الى الحبشة هاجر ابن عوف ثم عاد الى مكة، ثم هاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم هاجر الى المدينة.. وشهد بدرا، وأحدا، والمشاهد كلها..

**

وكان موفقا في التجارة الى حدّ أثار عجبه ودهشه فقال:

" لقد رأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحت فضة وذهبا"..!!

ولم تكن التجارة عند عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه شرها ولا احتكارا..

بل لم تكن حرصا على جمع المال شغفا بالثراء..

كلا..

انما كانت عملا، وواجبا يزيدهما النجاح قربا من النفس، ومزيدا من السعي..

وكان ابن عوف يحمل طبيعة جيّاشة، تجد راحتها في العمل الشريف حيث يكون..

فهو اذا لم يكن في المسجد يصلي، ولا في الغزو يجاهد فهو في تجارته التي نمت نموا هائلا، حتى أخذت قوافله تفد على المدينة من مصر، ومن الشام، محملة بكل ما تحتاج اليه جزيرة العرب من كساء وطعام..

ويدلّنا على طبيعته الجيّاشة هذه، مسلكه غداة هجر المسلمين الى المدينة..

لقد جرى نهج الرسول يومئذ على أن يؤاخي بين كل اثنين من أصحابه، أحدهما مهاجر من مكة، والآخر أنصاري من المدينة.

وكانت هذه المؤاخات تم على نسق يبهر الألباب، فالأنصاري من أهل المدينة يقاسم أخاه المهاجر كل ما يملك.. حتى فراشه، فاذا كان تزوجا باثنين طلق احداهما، ليتزوجها أخوه..!!

ويومئذ آخى الرسول الكريم بين عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع..

ولنصغ للصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يروي لنا ما حدث:

" .. وقال سعد لعبدالرحمن: أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالا، فانظر شطر مالي فخذه!!

وتحتي امرأتان، فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلقها، وتتزوجها..!

فقال له عبدالرحمن بن عوف:

بارك الله لك في أهلك ومال..

دلوني على السوق..

وخرج الى السوق، فاشترى.. وباع.. وربح"..!!

وهكذا سارت حياته في المدينة، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، أداء كامل لحق الدين، وعمل الدنيا.. وتجارة رابحة ناجحة، لو رفع صاحبها على حد قوله حجرا من مكانه لوجد تحته فضة وذهبا..!!

ومما جعل تجارته ناجحة مباركة، تحرّيه الحلال، ونأيه الشديد عن الحرام، بل عن الشبهات..

كذلك مما زادها نجاخا وبركة أنها لم تكن لعبدالرحمن وحده.. بل كان لله فيها نصيب أوفى، يصل به أهله، واخوانه، ويجهّز به جيوش الاسلام..

واذا كانت الجارة والثروات، انما تحصى بأعداد رصيدها وأرباحها فان ثروة عبدالرحمن بن عوف انما تعرف مقاديرها وأعدادها بما كان ينفق منها في سبيل الله رب العالمين..!!

لقد سمع رسول الله يقول له يوما:

" يا بن عوف انك من الأغنياء..

وانك ستدخل الجنة حبوا..

فأقرض الله يطلق لك قدميك"..

ومن سمع هذا النصح من رسول الله، وهو يقرض ربه قرضا حسنا، فيضاعفه له أضعافا كثيرة.

باع في يوم أرضا بأربعين ألف دينار، ثم فرّقها في أهله من بني زهرة، وعلى أمهات المؤمنين، وفقراء المسلمين.

وقدّم يوما لجيوش الاسلام خمسمائة فرس، ويوما آخر الفا وخمسمائة راحلة.

وعند موته، أوصى بخمسن ألف دينار في سبيل الله، وأ،صى لكل من بقي ممن شهدوا بدرا بأربعمائة دينار، حتى ان عثمان بن عفان رضي الله عنه، أخذ نصيبه من الوصية برغم ثرائه وقال:" ان مال عبدالرحمن حلال صفو، وان الطعمة منه عافية وبركة".

**

كان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده..

وآية ذلك أنه لم يكن يشقى بجمعه ولا باكتنازه..

بل هو يجمعه هونا، ومن حلال.. ثم لا ينعم به وحده.. بل ينعم به معه أهله ورحمه واخوانه ومجتمعه كله.

ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال:

" أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله.

" ثلث يقرضهم..

وثلث يقضي عنهم ديونهم..

وثلث يصلهم ويعطيهم.."

ولم كن ثراؤه هذا ليبعث الارتياح لديه والغبطة في نفسه، لو لم يمكّنه من مناصرة دينه، ومعاونة اخوانه.

أما بعد هذا، فقد كان دائم الوجل من هذا الثراء..

جيء له يوما بطعام الافطار، وكان صائما..

فلما وقعت عيناه عليه فقد شهيته وبكى وقال:

" استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني، فكفّن في بردة ان غطت رأسه، بدت رجلاه، وان غطت رجلاه بدا رأسه.

واستشهد حمزة وهو خير مني، فلم يوجد له ما يمفن فيه الا بردة.

ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، وأعطينا منها ما أعطينا واني لأخشى أن نكون قد عجّلت لنا حسناتنا"..!!

واجتمع يوما نع بعض أصحابه على طعام عنده.

وما كاد الطعام يوضع أمامهم حتى بكى وسألوه:

ما يبكيك يا أبا محمد..؟؟

قال:

" لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير..

ما أرانا أخرنا لم هو خير لنا"..!!

كذلك لم يبتعث ثراؤه العريض ذرة واحدة من الصلف والكبر في نفسه..
حتى لقد قيل عنه: انه لو رآه غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه، ما استطاع أ، يميزه من بينهم..!!
لكن اذا كان هذا الغريب يعرف طرفا من جهاد ابن عوف وبلائه، فيعرف مثلا أنه أصيب يوم أحد بعشرين جراحة، وان احدى هذه الاصابات تركت عرجا دائما في احدى ساقيه.. كما سقطت يوم أحد بعض ثناياه. فتركت همّا واضحا في نطقه وحديثه..

عندئذ لا غير، يستطيع هذا الغريب أن يعرف أن هذا الرجل الفارع القامة، المضيء الوجه، الرقيق البشرة، الأعرج، الأهتم من جراء اصابته يوم أحد هو عبدالرحمن بن عوف..!!

رضي الله عنه وأرضاه..

**

لقد عوّدتنا طبائع البشر أن الثراء ينادي السلطة…

أي أن الأثرياء يحبون دائما أن يكون لهم نفوذ يحمي ثراءهم ويضاعفه، ويشبع شهوة الصلف والاستعلاء والأنانية التي يثيرها الثراء عادة..

فاذا رأينا عبدالرحمن بن عوف في ثرائه العريض هذا، رأينا انسانا عجبا يقهر طبائع البشر في هذا المجال ويتخطاها الى سموّ فريد..!

حدث ذلك عندما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجود بروحه الطاهرة، ويختار ستة رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليختاروا من بينهم الخليفة الجديد..

كانت الأصابع تومئ نحو ابن عوف وتشير..

ولقد فاتحه بعض الصحابة في أنه أحق الستة بالخلافة، فقال:

" والله، لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي، ثم ينفذ بها الى الجانب الآخر أحب اليّ من ذلك"..!!

وهكذا لم يكد الستة المختارون يعقدون اجتماعهم ليختاروا أحدهم خليفة بعد الفاروق عمر حتى أنبأ اخوانه الخمسة الآخرين أنه متنازل عن الحق الذي أضفاه عمر عليه حين جعله أحد الستة الذين يختار الخليفة منهم.. وأنّ عليهم أن يجروا عملية الاختيار بينهم وحدهم أي بين الخمسة الآخرين..

وسرعان ما أحله هذا الزهد في المنصب مكان الحكم بين الخمسة الأجلاء، فرضوا أن يختار هو الخليفة من بينهم، وقال الامام علي:

" لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفك بأنك أمين في أهل السماء، وأمين في أهل الأرض"..

واختار ابن عوف عثمان بن عفان للخلافة، فأمضى الباقون اختياره.

**

هذه حقيقة رجل ثري في الاسلام..

فهل رأيتم ما صنع الاسلام به حتى رفعه فوق الثرى بكل مغرياته ومضلاته، وكيف صاغه في أحسن تقويم..؟؟

وها هو ذا في العام الثاني والثلاثين للهجرة، يجود بأنفاسه..

وتريد أم المؤمنين عائشة أن تخصّه بشرف لم تختصّ به سواه، فتعرض عليه وهو على فراش الموت أن يدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر..

ولكنه مسلم أحسن الاسلام تأديبه، فيستحي أن يرفع نفسه الى هذا الجوار…!!

ثم انه على موعد سابق وعهد وثيق مع عثمان بن مظعون، اذ تواثقا ذات يوم: أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه..

**

وبينما كانت روحه تتهيأ لرحلتها الجديدة كانت عيناه تفيضان من الدمعو ولسانه يتمتم ويقول:

" اني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال"..

ولكن سكينة الله سرعان ما تغشته، فكست وجهه غلالة رقيقة من الغبطة المشرقة المتهللة المطمئنة..

وأرهفت أذناه للسمع.. كما لو كان هناك صوت عذب يقترب منهما..

لعله آنئذ، كان يسمع صدق قول الرسول صلى الله عليه وسلم له منذ عهد بعيد:

" عبدالرحمن بن عوف في الجنة"..

ولعله كان يسمع أيضا وعد الله في كتابه..

( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا منّا ولا أذى، لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

بسر بن أرطاة السنة النبوية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

((بُسْرُ بنُ أَبِي أَرْطاة، واسمه عُمير بن عُويمر بن عمران بن الجليس بن سيّار بن نزار بن مَعيص)) الطبقات الكبير. ((بُسْر بضم الباء وسكون السين هو بُسْر بن أرْطَاة وقيل: ابن أبي أرطاة، واسمه عمرو بن عُوَيْمِر بن عِمْران بن الحُلَيْس بن سَيَّار بن نِزَار بن مُعَيْص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النضر بن كنانة وقيل: أرطاة بن أبي أرطاة واسمه عمير، والله أعلم.)) أسد الغابة. ((بُسْر بن أَرْطَاة أو ابن أبي أَرْطاة. وقال ابن حبان: مَنْ قال ابن أبي أرطاة. فقد وَهِم.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((بُسْر بن أرطاة بن أبي أرطاة القرشيّ، واسْمُ أبي أرطاة عُمير، وقيل: عُويمر العامريّ))
((يُكْنَى أبا عبد الرحمن.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال الواقدي: ولد قبل وفاة النبي صَلَّى الله عليه وسلم بسنتين)) أسد الغابة.
((أُمه زينبُ بنْتُ الأبرص بن الحُلَيْس بن سَيّار بن نزار بن معيص بن عامر بن لؤى.))
((ولد بسر: الوليدَ، لأمّ ولد.)) الطبقات الكبير.
((هو أحَدُ الذين بعثهم عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه مدَدًا إلى عَمْرو بن العاص لفَتْحِ مِصْر، على اختلافٍ فيه أيضًا، فيمن ذكره فيهم قال: كانوا أربعة؛ الزّبير، وعمير بن وهب، وخارجة بن حذافة، وبُسْر بن أرطاة، والأكثر يقولون: الزّبير، والمقْداد، وعمير بن وهب، وخارجة بن حذافة، وهو أولى بالصّواب إن شاء الله تعالى‏. ثم لم يختلفوا أنّ المقدادَ شهد فتح مصْر.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال ابْنُ يُونُسَ: كان من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، شهد فَتْح مصر، واختطّ بها، وكان من شيعة معاوية، وكان معاوية وجّهه إلى اليمن والحجاز في أول سنة أربعين، وأمره أن ينظر مَنْ كان في طاعة عليّ فيُوقع بهم، ففعل ذلك.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال أبو عمر: كان يحيى بن معين يقول: لا تصح له صحبة، وكان يقول: هو رجل سوء وذلك لما ركبه في الإسلام من الأمور العظام)) أسد الغابة. ((قال ابْنُ حبَّانَ: كان يلي لمعاوية الأعمال، وكان إذا دعا ربما استجيب له)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((يُعَد بُسْر بن أرطاة في الشاميين، وَلي اليمن، وله دار بالبصرة‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((كان قد صحب معاوية، وكان عثمانيًّا)) الطبقات الكبير.
((يُقال: إنه لم يَسْمَع من النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قُبض وهو صغير هذا قول الواقديّ وابن مَعين وأحمد بن حنبل، وغيرهم، وقالوا: خرفَ في آخر عمره،‏ ‏وأمّا أهلُ الشّام فيقولون: إنه سمِعَ من النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم)) ((لبُسْر بن أرطاة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حديثان‏:‏ أحدهما:‏ "لَا تُقْطَعُ الأَيـْدِي فِي الْمَغَازِي‏"‏‏. (*)‏ والثاني:‏ في الدعاء أنَّ رسول الله ـــ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـــ كان يقول:‏ ‏"اللّهُمَّ أحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنـَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ‏"(*).))
((حدّثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدّثنا أحمد بن سعيد، قال: حدّثنا ابنُ الأعرابي، قال: حدّثنا عباس الدّوري، قال: سمعتُ يحيى بن مَعين يقول: كان بُسْر بن أرطاة رجل سَوْء.‏ ‏وبهذا الإسناد عندنا تاريخ يحيى بن معين كله من رواية عبّاس عنه‏. قال أبو عمر رحمه الله: ذلك لأمورٍ عظامٍ ركبها في الإسلام فيما نقله أهلُ الأخبار والحديث أيضًا من ذبحه ابني عُبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب، وهما صغيران بين يدَي أمِّهما، وكان معاوية قد استعمله على اليمن أيام صِفّين، وكان عليها عبيد الله بن العبّاس لعليِّ رضي الله عنه، فهرب حين أحسنّ ببُسر بن أرطاة ونزلها بُسْر، فقضى فيها هذه القضيّة الشنعاء، والله أعلم.‏ وقد قيل: إنه إنما قتلهما بالمدينة، والأكثرُون على أنَّ ذلك كان منه باليمن. قال أبو الحسن علي بن عمر الدّارقطْنِيّ: بُسر بن أرطاة أبو عبد الرّحمن له صُحْبة، ولم تكن له استقامةٌ بعد النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو الذي قتل طفلين لعبيد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب باليمن في خلافةِ معاوية، وهما عبد الرّحمن وقُثَم ابنا عبيد الله بن العبّاس،‏ ‏وذكر ابنُ الأنباري عن أبيه، عن أحمد بن عبيد، عن هشام بن محمد أبي مخْنف، قال: لما توجَّه بُسْر بن أرطاة إلى اليمن أُخْبِرَ عُبيد الله بن العبّاس بذلك، وهو عاملٌ لعليّ رضي الله عنهما، فهرب ودخل بُسْر بن أرطاة اليمن، فأُتِىَ بابني عُبيد الله بن العبّاس، وهما صغيرين فذبحهما، فنال أمَّهما عائشة بنتَ عبد المدان من ذلك أمرٌ عظيم؛ فأنشأت تقول‏:‏ [البسيط]

هــَـا مَنْ أَحَــــسَّ بــنيَّ الـلَّــــذَيْنِ هُـــمَــا كَالدُّرَّتَيْنِ تـَشَظَّى عَنْهُــمَا الصَّــــدَفُ

هــَـا مَنْ أَحَــــسَّ بــنيَّ الـلَّــــذَيْنِ هُـــمَــا سَمْعِي وَعَقْلِي فَقَلْبِي اليَوْمَ مُزْدَهِفُ

حَدَّثْتُ بُسْرًا وَمَا صَدَّقْتُ مَا زَعَمُوا مِنْ قَبْلِهِمْ وَمِنَ الإِثْمِ الَّذِي اقْــــــتَرَفُوا

أَنــْحَى عَلَى وَدَجَيْ ابْنَـيَّ مُرْهَـــــــــفـَةً مَشْــــــحُوذَةً وَكَـــذَاكَ الإِثْمُ يُقـــْـتَــرَفُ
ثم وُسْوسَتْ، فكانت تـَقِفُ في الموسم تنشد هذا الشّعر، وتهيمُ على وجهها، وذكر تمام الخبر المبرد أيضًا نحوه، ‏وقال أبو عمرو الشّيباني: لما وجّه معاوية بُسْرَ بن أرطاة الفهريّ لقتْل شيعةِ عليّ رضي الله عنه قام إليه مَعن أو عمرو بن يزيد بن الأخنس السّلميّ، وزياد بن الأشهب الجَعْديّ فقالا: يا أمير المؤمنين، نسألك بالله والرّحِم ألّا تجعل لبُسْر على قيس سلطانًا، فيقتُل قيسًا بما قتلَتْ بنو سليم من بني فهر وكنانة يومَ دخلَ رسولُ الله ـــ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـــ مكّةَ. فقال معاوية: يا بُسْر؛ لا إمْرَة لك على قَيْس. فسار حتى أتى المدينةَ، فقتَل ابني عبيد الله ابن العبّاس، وفرَّ أهلُ المدينة، ودخلوا الحرَّة حرَّة بني سُليم، وفي هذه الخرْجَة التي ذكر أبو عمر الشّيباني أغار بُسْر بن أرطاة على همدان، وقتل وسبى نساءهم؛ فكنَّ أول مسلماتٍ سُبين في الإسلام، وقتَل أحياءً من بني سعد‏. ‏حدّثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن عليّ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبد الله ابن يونس قال: حدّثنا بقيّ بن مخلد، قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا زيد بن الحباب، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، قال: حدّثنا زيد بن عبد الرحمن بن أبي سلامة، أبو سلامة، عن أبي الرباب وصاحبٍ له أنهما سمعا أبا ذرٍ رضي الله عنه يَدْعُو ويتعوَّذ في صلاةٍ صلَّاها أطال قيامَها وركوعها وسجودَها قال: فسألناه، مم تعوَّذْت؟ وفيم دعَوْت؟ فقال: تعوَّذْتُ بالله من يوم البلاءَ يدركني ويوم العَورة. فقلنا: وما ذاك؟ قال: أمّا يوم البلاء فتلتقي فتيان من المسلمين فيقتلُ بعضهم بعضًا،‏ ‏وأما يوم العورة فإنَّ نساءً من المسلمات ليُسْبَيْن، فيكشف عن سوقهنَّ فأيتهنَّ كانت أعظم ساقًا اشتُريت على عِظَمِ ساقها. فدعوتُ الله ألَّا يُدْرِكَني هذا الزّمان، ولعلكما تدركانه. قال: فقُتِل عثمان رضي الله عنه، ثم أرسل معاوية بُسْر بن أرطاة إلى اليمن، فسبى نساءَ مسلمات، فأُقمن في السّوق.‏ ‏روى ثابت البُناني، عن أنس بن مالك، عن المِقْداد بن الأسود أنه قال: والله لا أشهدُ لأحدٍ أنه من أهل الجنّة حتى أعلمَ ما يموت عليه؛ فإني سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:‏ ‏"لقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ انْقِلَابًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلْيًا"(*).‏‏ أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد المؤمن، قال: حدّثنا أبو محمد إسماعيل بن علي الخُطبي ببغداد في تاريخه الكبير، قال: حدّثنا محمد بن مؤمن بن حماد، قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدّثنا محمد بن الحكم عن عَوانة، قال: وذكره زياد أيضًا عن عوانة قال: أرسل معاويةُ بعد تحكيم الحكمَيْن بُسْرُ بن أرطاة في جيش، فسارُوا من الشّام حتى قدموا المدينة، وعاملُ المدينة يومئذ لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أبو أيّوب الأنصاريّ صاحبُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ففر أبو أيوب. ولحق بعليّ رضي الله عنه، ودخل بُسْر المدينة، فصعد منبرَها، فقال: أَيـْن شيخي الذي عهدته هنا بالأمس؟ يعني عثمان ــ رضي الله عنه ــ ثم قال: يا أهلَ المدينة، والله لولا ما عهد إليّ معاوية ما تركْتُ فيها محتلمًا إلا قتلْتُه. ثم أمر أهلَ المدينة بالبيعة لمعاوية، وأرسل إلى بني سلمة، فقال: ما لكم عندي أمَانٌ ولا مبايعة حتى تَأْتوني بجابر بن عبد الله. فأُخبر جابر، فانطلق حتى جاء إلى أم سلمة زوج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال لها: ماذا تَرَيْن؟ فإني خشيتُ أنْ أقْتُل، وهذه بيعةُ ضلالة. فقالت: أرى أن تبايع، وقد أُمرتُ ابني عمر بن أبي سلَمة أن يبايع. فأتى جابرٌ بُسْرًا فبايعه لمعاوية، وهدَم بُسْر دورًا بالمدينة، ثم انطلق حتى أتى مكّة، وبها أبو موسى الأشعريّ، فخافه أبو موسى على نفسه أن يقتله فهرب، فقيل ذلك لبُسْر فقال: ما كنت لأقْتلَه، وقد خلع عليًّا، ولم يطلبْه، وكتب أبو موسى إلى اليمن: إن خيلًا مبعوثةً من عند معاوية تقْتل النّاس؛ مَنْ أبى أَنْ يُقرَّ بالحكومة.‏ ‏ثم مضى بُسْرٌ إلى اليمن، وعاملُ اليمن لعليِّ رضي الله عنه عبيدُ الله بن العبّاس، فلما بلغه أمرَ بُسْر فرَّ إلى الكوفة حتى أتى عليًّا، واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد المدان الحارثي، فأتى بُسْرٌ فقتله وقتل ابنه، ولقي ثَقَل عبيد الله بن العبّاس وفيه ابنان صغيران لعبيد الله بن العباس، فقتلهما ورجَع إلى الشّام.‏ ‏حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسد، قال: حدّثنا سعيد بن عثمان بن السّكن، قال: حدّثنا محمد بن يوسف، قال: حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا سعيد بن أبي مريم، قال: حدّثني محمد بن مُطرِّف، قال: حدّثنا أبو حازم عن سهل بن سَعد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:‏ ‏"إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عليَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمأْ أَبَدًا، وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيــَعْرِفُونَنِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ‏".‏‏ ‏قال أبو حازم: فسمعني النّعمان بن أبي عياش، فقال: هكذا سمعْت من سَهْل؟ قلت: نعم، قال: فإني أشهد على أبي سعيد الخدريّ؛ سمعته وهو يزيد فيها؛ فأقول: ‏"إِنَّهُمْ مِنّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: فَسُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّر بَعْدِي"(*).‏‏ ‏والآثار في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا، قد تقصَّيتها في ذكر الحوض في باب خُبَيْب من كتاب التمهيد، والحمد لله‏. وروى شعبة عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:‏ ‏"إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُزلًا‏"، فذكر الحديث. وفِِيه: ‏"فَأَقُولُ: يَا رَبِّ؛ أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؛ إِنَّ هَؤُلَاءِ لمَ ْيَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ‏"(*). ‏ورواه سفيان الثّوري، عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جُبير عن ابن عبّاس، عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مثله، ‏وذكر أبو الحسن علي بن عمر الدَّارَقُطْنيّ قال: قدم حرمي بن ضمرة النهشلي على معاوية، فعاتبه في بُسْر بن أرطأة، وقال في أبيات ذكرها‏:‏ [الطويل]

وَإِنَّكَ مُـــسـْتَرْعًى وَإِنَّـا رَعــــِـيَّةٌ وَكُلُّ ســـَــيَلْـقَى رَبــــَّهُ فـَيـُحَاسِبُهْ
وكان بُسْر بن أرطاة من الأبطال الطُّغاة، وكان معاوية بصِفِّين، فأمره أن يَلْقَى عليًّا في القتال، وقال له: سمعْتُك تتمنّى لقاءه فلو أظفرك اللّهُ به وصرَعْتَه حصلت على دنيا وآخرة، ولم يزل به يشجِّعه ويمنِّيه حتى رآه فقصده في الحرب فالتقيا فصرَعَه عليٌّ رضوان الله عليه، وعرض له معه مثل ما عَرَض فيما ذكروا لعليّ رضي الله عنه مع عمْرو بن العاص‏، ‏ذكر ابنُ الكلبيّ في كتابه في أخبار صِفِّين أَنَّ بُسْر بن أرطاة بارز عليًّا رضي الله عنه يوم صِفِّين، فطعنه عليّ رضي الله عنه فصرعه، فانكشف له، فكفَّ عنه كما عرض له فيما ذكروا مع عَمْرو بن العاص، ولهم فيها أشعار مذكورةٌ في موضعها من ذلك الكتاب، منها فيما ذكر ابنُ الكلبيّ والمدائنيّ قول الحارث بن النضر السَّهْمي؛ قال ابن الكلبيّ، وكان عدوًّا لعمرو وبُسْر: [الطويل]

أَفِي كُلِّ يَـــوْمٍ فـَـارِسُ لَيـْسَ يَنـْتَهِــي وَعَوْرَتُهُ وَسْــــــطَ العَجَــاجَةِ بَـــادِيَهْ

يَكُــفُّ لَـــهَا عَنْـهُ عَلِــيٌّ سِــــــنَانَــهُ وَيَــضْحَكُ مِنْهُ فِي الخَلَاءِ مُعَــــاوِيَــهْ

بَدَتْ أَمْسِ مِنْ عَمْرٍو فَقَنَّعَ رَأْسَهُ وَعَـــــــــوْرَةُ بُسْرٍ مِثْلُهَا حَذْوَ حَاذِيَهْ

فَقُولَا لعَــــــمْرِو ثُمَّ بُسْرٍ أَلَّا أنْظُـــرَا سَـبِيلَكُمَا لَا تـَلـْقَيَــا اللَّـيْثَ ثـَانِيَــــــهْ

وَلَا تَــحْمِدَا إِلَّا الحَيَا وَخُصَاكُمَـــا هُمَـــــا كَانَـتَــا وَاللَّهِ لـِلنَّفْسِ وَاقِيَـــــهْ

وَلَوْلَا هُمَـــا لَمْ يَنْــجُوَا مِنْ سِنَانِــــهِ وَتِــلـْـكَ بـِمَا فِـيهَا عَــنِ العَـوْدِ نَـامِيَهْ

مَتَى تَلْقَيَا الخَيْلَ المُشِيحَةَ صُبْحَةً وَفِـــيهَا عَلِيٌّ [[فَـاتْرُكَا الخيل]] ناحِيَـــــهْ

وَكُونَـا بَعِيـــدًا حَيْثُ لَا تَبْلُغُ القَنَــا نُحُورَكُمَا، إِنَّ التَّجَــارِبَ كَافِـيَــــــــهْ
قال أَبو عمر: إنّما كان انصراف عليّ رضي الله عنهما وعن أمثالهما من مصْرُوع ومنهَزِم؛ لأنه كان يرى في قتالِ الباغينِ عليه من المسلمين ألَّا يُتَّبَعُ مُدْبر ولا يُجْهزَ على جريح، ولا يُقْتَل أَسِير؛ وتلك كانت سيرتُه في حروبه في الإسلام رضي الله عنه‏، ‏وعلى ما رُوي عن عليّ رضي الله عنه في ذلك مذاهبُ فقهاء الأمصار في الحجاز والعراق، إلا أنّ أبا حَنيفة قال: إن انْهزَم الباغي إلى فئة من المسلمين اتبع، وإن انهزم إلى غير فئةٍ لم يُتبع.‏)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال ابْنُ حبَّانَ: كان يلي لمعاوية الأعمال)) ((قد ولي البحر لمعاوية))
((قيل: مات أيّام معاوية؛ قاله ابن السّكن، وقيل: بقي إلى خلافة عبد الملك بن مروان؛ وهو قول خليفة، وبه جزم ابن حِبّان، وقيل: مات في خلافة الوليد سنة ستّ وثمانين؛ حكاه المسعودي.)) ((قال ابن السَّكن: مات وهو خَرِف.)) الإصابة في تمييز الصحابة.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده