فرفع يديه
وبكى
وبكى
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه
::
لِلْفِرَاش دِفْئِه بِالَأَكَيد , لَكِن ثَمَّة مَاهُو أَكْثَر دِفْئا مِن
الْفِرَاش .. إِنَّه الِدِفْء الْقَلْبِي الْنَّابِع مِن الْسَّمَاع ( الْوَاعِي ) .
أَو الْقِرَاءَة ( الْوَاعِيَة ) , لَآَيَات الْقُرْآَن الْكَرِيْم .
لَقَد كَان الْصَّحَابَة – رِضْوَان الّلَه عَلَيْهِم – يَجِدُوْن لُقْمَة
الْعَيْش بِمَشَقَّة بَالِغَة , لِذَا فَكُل حَيَاتِهِم – طَوَال الْنَّهَار –
عَمِل وَكَد , وَحِيْن يُسْدِل الْنَّهَار سِتَارَه , وَيُحِل الْعِشَاء ,
يَكُوْن الْتَّعَب قَد أَخَذ مِنْهُم كُل مَا أَخَذ , لَكِنَّهُم لَا يُمْكِن أَن
يُفَكِّرُوْا , بِالْقُرْب مِن فُرُشِهِم , مَع رَغْبَتِهِم الْشَّدِيْدَة فِي
ذَلِك , خَشْيَة أَن تَأْخُذَهُم غَفْوَة , فَتَفُوْتُهُم الصَّلَاة , لِذَا أَثْنَى
الْلَّه عَلَيْهِم بِقَوْلِه : ( تَتَجَافَى جُنُوْبُهُم عَن الْمَضَاجِع خَوْفا
وَطَمَعا ) .. ثُم حِيْن يَمْنَحُوْن أَجْسَادِهِم قَدْرا مِن الْرَّاحَة ,
يَسْتَيْقِظُوْن لِيَأْخُذُوَا نَصِيْبَهُم مِن صَلَاة الْلَّيْل , فَهِي تُمَثِّل
لَهُم ( شَحْنَا ) رَوَحَيّا , يَنْعَكِس قُوَّة جَسَدِيَّة .. أَلَيْس الْمُصْطَفَى
صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم – يَقُوْل ( يَقْعُد الْشَّيْطَان عَلَى
قَافِيَة رَأْس أَحَدِكُم إِذَا هُو نَائِم , ثَلَاث عُقَد , يَضْرِب مَكَان
كُل عُقْدَة , عَلَيْك لَيْل طَوِيْل فَأَرْقُد , فَإِن اسْتَيْقَظ فَذَكَر الْلَّه
انْحَلَّت عُقْدَة , فَإِن تَوَضَّأ انْحَلَّت عُقْدَة , فَإِن صَلَّى انْحَلَّت
عُقْدَة , فَأَصْبَح نَشِيْطا طَيِّب الْنَّفْس , وَإِلّا أَصْبَح خَبِيْث
الْنَّفْس كَسْلَان ) .
لَقَد كَان قُدْوَتِهِم الْمُصْطَفَى – صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم , تُمَثِّل
الصَّلَاة لَه نَفْضَا لِكُل ( غُبَار ) الْتَّعَب , الْحِسِّي وَالْمَعْنَوِي ( كَان
إِذَا حَز بِه أَمْر فَزَع إِلَى الصَّلَاة ) . . وَكَان يَقُوْل – حِيْن يَحْضُر
وَقْت الصَّلَاة – لِمُؤَذِّنِه ( يَابِلَال أَقِم الَّصَلَاة أُرِحْنْا بِهَا ) .
لَكِن هَذِه الْرَّاحَة لَا يُحِس بِهَا , إِلَى مَن ذَاق حَلَاوَة الصَّلَاة ,
وَأَوْلَى الْنَّاس بِأَن يَذُوْق حَلْاوَتُهَا أُوْلَئِك الَّذِيْن أَصْبَحَت
سَاعَاتِهِم الْبَيُوْلُوْجِيَّة تُنَبِّهُهُم لَهَا قَبْل أَن يَصْدَح الْمُؤَذِّن
بِالَآذَآن , ثُم هُم حِيْن يَسْمَعُوْن الْأَذَان لَا يَكُوْن لَهُم هُم سِوَى
الْأَشْتِغَال بِالصَّلَاة , يُسَارِعُوْن إِلَى الْوُضُوْء , وَيَسْتَشْعِرُون ,
أَثْنَاء وُضُوْئِهِم , كَيْف يُغَسَّل الْمَاء الْمُنْسَكِب عَلَى كُل عُضْو مِن
أَعْضَائِهِم , مَاعَلِق بِه مَن الْخَطَايَا .. ثُم حِيْن يَدْخُل الْمُسْلِم
فِي صَلَاتِه وَّيُنَاجِي رَبَّه , تَرَى كَيْف سَيَخْرُج مِنْهَا .. لَقَد شُبِّه
الْمُصْطَفَى – صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم – الصَّلَاة بِالْنَّهْر , الَّذِي
يَسْتَحِم فِيْه الْمُسْلِم فِيْه الْمُسْلِم , كُل يَوْم خَمْس مَرَّات .. ثُم تَسَاءَل :
فَهَل تَرَوْن يَبْقَى مِن دَرَنِه شَيْء ؟ !
سَمِع عَامِر بْن عَبْدِاللّه الْمُؤَذِّن وَهُو يَجُوْد بِنَفْسِه , فَقَال
خُذُوْا بِيَدِي فَقِيْل انَّك عَلِيّل , قَال : أَسْمَع دَاعِي الْلَّه فَلَا
أُجِيْبُه ؟ فَأَخَذُوا بِيَدِه فَدَخَل مَع الْإِمَام فِي الْمَغْرِب فَرَكَع
رَكْعَة ثُم مَات .
وَمَن ثُم فَلَا غَرُّوَا أَن يَكُوْن – ضِمْن الْسَّبْعَة الَّذِيْن يُظِلَّهُم
الْلَّه , فِي ظِل عَرْشِه يَوْم لَا ظِل إِلَّا ظِلُّه : رَجُل قَلْبُه مُعَلَّق
بِالْمَسَاجِد .
إنه أبان بن سعيد بن العاص – رضي الله عنه-، وكان إسلامه عندما سار رسول الله إلى الحديبية، فخرج إليه المشركون، واتفقوا على الصلح، وعاد رسول الله إلى المدينة، فتبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه.
وكان أبان قد خرج يومًا إلى الشام في تجارة له قبل إسلامه، فلقى راهبًا، وحكى له ما يفعله الرسول بمكة، وما يدعيه من أن أرسله الله رسولا مثلما أرسل موسى وعيسى من قبل، فقال له الراهب: وما اسم هذا الرجل؟ فقال له أبان: محمد، فقال الراهب: إني أصفه لك، وذكر الراهب صفة النبي ، ونسبه، وسنَّه، فقال أبان: هو كذلك، فقال الراهب: والله ليظهرنَّ على العرب، ثم ليظهرن على الأرض، ثم قال لأبان: أَقْرِئ الرجل الصالح السلام.
ولما عاد أبان إلى مكة جمع قومه، وذكر لهم ما حدث بينه وبين الراهب، وكَفَّ عن إيذاء النبي والمسلمين، ولكنه بقى على كفره حتى صلح الحديبية. وشهد أبان – رضي الله عنه- مع رسول الله غزوة حنين في العام السابع للهجرة، وبعد أن استقرت الدولة الإسلامية، وفتحت مكة، جعل رسول الله أبان بن سعيد واليًا على البحرين، وظل بها حتى توفي رسول الله ، فتركها ورجع إلى المدينة.
وأراد أبو بكر الصديق – رضي الله عنه- أن يولى أبان بن سعيد مرة ثانية، فرفض ذلك وقال: لا أعمل لأحد بعد رسول الله .
وكان لسعيد بن العاص والد أبان ثمانية أولاد نجباء، منهم ثلاثة ماتوا على الكفر، وخمسة أدركوا الإسلام وصحبوا النبي ، وهم: خالد، وعمرو، وأبان، والحكم، وسعيد.
وفي يوم صلح الحديبية بعث رسول الله عثمان بن عفان إلى قريش بمكة، فأجاره أبان بن سعيد، وحمله على فرسه حتى دخل مكة وقال: اسلك في مكة حيث شئت آمنًا.
واستشهد -رضي الله عنه- في معركة اليرموك في جمادى الأولى سنة (13 هـ) في خلافة أبي بكر الصديق، وبداية خلافة عمر – رضي الله عنهما-.
نعم إنه التفاؤل، ذلك السلوك الذي يصنع به الرجال مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، فهو نور وقت شدة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وفيه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات، وهذا ما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تفاءل وتعلق برب الأرض والسماوات؛ فجعل الله له من كل المكائد والشرور والكُرب فرجاً ومخرجاً.
فالرسول صلى الله عليه وسلم من صفاته التفاؤل، وكان يحب الفأل ويكره التشاؤم، ففي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة )متفق عليه.والطيرة هي التشاؤم.
وإذا تتبعنا مواقفه صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، فسوف نجدها مليئة بالتفاؤل والرجاء وحسن الظن بالله، بعيدة عن التشاؤم الذي لا يأتي بخير أبدا.
ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع صاحبه، والكفار على باب الغار وقد أعمى الله أبصارهم فعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال : ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما ) متفق عليه.
ومنها تفاؤله بالنصر في غزوة بدر، وإخباره صلى الله عليه وسلم بمصرع رؤوس الكفر وصناديد قريش.
ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم عند حفر الخندق حول
المدينة، وذكره لمدائن كسرى وقيصر والحبشة، والتبشير بفتحها وسيادة المسلمين عليها.ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم بشفاء المريض وزوال وجعه بمسحه عليه بيده اليمنى وقوله: لا بأس طهور إن شاء الله.
كل ذلك وغيره كثير، مما يدل على تحلِّيه صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة الكريمة.
وبعد: – أخي القارئ الكريم – فما أحوج الناس اليوم إلى اتباع سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } (الأحزاب:21) . إن واقع أمة الإسلام اليوم ، وما هي فيه من محن ورزايا ، ليستدعي إحياء صفة التفاؤل ، تلك الصفة التي تعيد الهمة لأصحابها ، وتضيء الطريق لأهلها، والله الموفّق
صفة كلامه وسكوته وأحواله صلى الله عليه وسلم
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحد قبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى ، فقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.
وكان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها:(ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .
وثبت في (( الصحيحين )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال 🙁 بعثت بجوامع الكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه 🙁 كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).
وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله، وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيها عن بيان المراد ولاتقصير ، ولا فحش فيه ولا تقريع.
أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أن تبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.
وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاءه بشهيق ولا برفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلى الله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاً على أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه ( سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } [النساء:41].
وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقه سبحانه وتعالى.
وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيض من فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً. والله أعلم.
شباب الصبــــر
شرح
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى.
حديث
( إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتَيْهِ فصبر، عوضته منهما الجنة )
متن الحديث
من كتاب:
رياض الصالحين للشيخ العثيمين / النسخة الإلكترونية
34 – وعن أنس بن مالك- – قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
( إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتَيْهِ فصبر، عوضته منهما الجنة ) 9 يريد عينيه(123) رواه البخارى
رياض الصالحين / شرح الشيخ محمد صالح بن عثيمين – رحمه الله – /1- باب الصبر
حديث رقم :34
روايات الحديث عند الإمام البخاري
الكتب » صحيح البخاري » المرضى » باب فضل من ذهب بصره
5329 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني ابن الهاد عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك قال سمعت النبي يقول إن الله قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة يريد عينيه تابعه أشعث بن جابر وأبو ظلال بن هلال عن أنس عن النبي .
الشرح
في هذا الحديث أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالي أنه قال: (( إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه)) يعني عينيه فيعمي، ثم صبر، إلا عوضه الله بهما الجنة. لأن العين محبوبة للإنسان ، فإذا أخذهما الله سبحانه وتعالي وصبر الإنسان واحتسب، فإن الله يعوضه بهما الجنة، والجنة تساوي كل الدنيا، بل قد قال النبي صلي الله عليه وسلم : (( لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها))(124) .
أي مقدار متر في الجنة خير من الدنيا وما فيها؛ لأن ما في الآخرة باق لا يفني ولا يزول، والدنيا كلها فانية زائلة، فلهذا كانت هذه المساحة القليلة من الجنة خيراً من الدنيا وما فيها.
واعلم أن الله سبحانه وتعالي إذا قبض من الإنسان حاسه من حواسه، فإن الغالب أن الله يعوضه في الحواس الأخرى ما يخفف عليه ألم فقد هذه الحاسة الني فقدها.
فالأعمى يمن الله عليه بقوة الإحساس والإدراك، حتى إن بعض الناس إذا كان أعمي تجده في السوق يمشي وكأنه مبصر يحس بالمنعطفات في الأسواق، ويحس بالمنحدرات وبالمرتفعات، حتى أن بعضهم يتفق مع صاحب السيارة- سيارة الأجرة- يركب معه من أقصي البلد إلي بيته وهو يقول لصاحب السيارة: خذ ذات اليمين، وهكذا حتى يوقفه عند بابه، وصاحب السيارة لا يعرف البيت، لكن هذا يعرف البيت وهو راكب، سبحان الله! فالله عز وجل إذا اقتضت حكمته أن يفقد أحداً من عباده حاسه من الحواس، فالغالب أن الله تعالي يخلف عليه حاسة قوية وإدراكاً قويا يعوض بعض ما فاته مما أخذه الله منه. والله الموفق.
بعض المعلومات المهمة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
تاريخ و مكان ولادته
أسماؤه
أمّهاته
نبوّته
أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
أولاده الكرام
بعثته وهجرته
——————————————————————————–
1-نسبه الشريف :
هو رسول الله صلى الله عليه و سلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، و ينتهي نسبه الشريف إلى سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .
2-تاريخ و مكان ولادته : ولد عام الفيل صبيحة يوم الاثنين سنة 571 ميلادية في مكة المكرمة و بقي فيها قرابة الثلاث وخمسين سنة ومن ثم هاجر إلى المدينة وتوفي فيها عن ثلاث وستين سنة .
3- أسماؤه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ به الكفر، وأنا الحاشِرُ الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقِب الذي ليس بعده نبي "، وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً متفق عليه.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمي لنا نفسه أسماء فقال :" أنا محمد، وأنا أحمد،وأنا المقفِّي، ونبي التوبة، ونبي الرحمة )، ( المقفِّي: آخر الآنبياء)"، رواه مسلم .
قال القاضي عياض : قد حمى الله هذين الاسمين ( يعني محمد وأحمد ) أن يتسمى بهما أحد قبل زمانه، أحمد الذي ذكر في الكتب وبشر به عيسى عليه السلام، فمنع الله بحكمته أن يتسمى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل اللبس ولا الشك فيه على ضعيف القلب، وأما محمد فلم يتسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلا حين شاع قبيل مولده أن نبياً يبعث اسمه محمد، فسمى قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته .
ومن تكريم الله تعالى له ولاسمه الشريف أنه صرف كفار قريش عن شَتم اسمه، فكانوا يدعونه مذمَّماَ وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام : " ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش، ولعنهم ؟ يشتمون مذَمَّماً، ويلعنون مُذَمَّماَ وأنا محمد ".
4- أمّهاته:
– آمنة بنت وهب: " أمه ولادة "، كانت خير امرأة في قريش نسباً وموضعاً من أسرة تعتبر من أشرف القبائل العربية وأشرفها سلالة .
– حليمة السعدية : " أمه رضاعة "، كانت فاضلة طيبة وحاضنة مرضعة، كسبت شرف أمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم برضاعته .
– بَرَكة ثعلبة (أم أيمن) : "أمه حضانة"، كانت من موالي عبد الله بن عبد المطلب، احتضنت النبي صلى الله عليه وسلم عندها حتى شب وقد أحسنت حضانته وأخلصت إليه . وقد أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زواجه من السيدة خديجة وتزوجت وولدت أيمن رضي الله عنه الذي كان له شأن كبير في الإسلام، فقد هاجر و جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشهد يوم حنين . وأم أيمن كانت قد أعلنت إسلامها من بداية الدعوة وكانت من أوائل النسوة اللاتي هاجرن إلى الحبشة وإلى المدينة وبايعن الرسول صلى الله عليه وسلم .
ولقد كانت خلال هجرتها إلى المدينة المنورة، صائمة مهاجرة ماشية، ولم يكن معها شيء من الزاد أو الشراب ولما حانت ساعة الإفطار منحها الله تعالى كرامة عظيمة إذ دُّلي عليها من السماء دلو فيه ماء، فأخذته وشربت منه حتى رويت فما عطشت بعدها أبداً . أسلمت روحها الطاهرة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ودُفنت في البقيع .
فاطمة بنت أسد الهاشمية : " أمه تكريماً "، وهي زوجة عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبي طالب، وأم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . وطالب وعقيل وجعفر وأم هانىء وجمانه وريطة بن أبي طالب أولاد عم الرسول عليه الصلاة والسلام . أولت النبي صلى الله عليه وسلم رعاية خاصة وبذلت أقصى جهدها حتى لا تجعله يشعر بالغربة أو اليتم، حتى أنها كانت تفضله في بعض الأوقات على أبنائها وبهذا أصبحت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها من أقرب المقربات للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولقد حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث
5- نبوّته : في الأربعين من عمره الشريف، نزل عليه أمين الوحي جبريل عليه السلام و هو في غار حراء حيث بلّغه رسالة ربه عز و جل و كان ذلك في رمضان سنة 13 قبل الهجرة الموافق تموز سنة 610 م .
6- أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
– ست توفاهنَّ الله قبله وهنَّ:
1- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: وهي أول نسائه تزوجها قبل النبوة وعمره خمس وعشرون سنة وهي أم أولاده ما عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية.
لم يتزوج عليها حتى ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وهي أول من آمن من النساء بالله وبرسوله وراحت تدعو إلى الإسلام بجانب زوجها عليه الصلاة والسلام بالقول والعمل ضاربة أروع النماذج وأصدقها في الدعوة إلى الجهاد في سبيله، فكانت بحق الزوجة الحكيمة التي تقدر الأمور حق قدرها وتبذل من العطاء ما فيه إرضاء لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وبذلك استحقت أن يبلغها جبريل من ربها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ( رواه البخاري) .كانت وفاتها رضي الله عنها، قبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح و دفنها النبي صلى الله عليه وسلم بالحجون في مكة.
2- زينب بنت خزيمة الهلالية: لم تلبث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيراً – شهرين أو ثلاثة – حتى توفيت في حياته.
3- سبا بنت الصَّلت أو سناء بنت الصَّلت: ماتت قبل أن يدخل بها.
4- أساف أو شِراف أخت دحية الكلبي: ماتت قبل أن تصل إليه.
5- خولة بنت الهُذيل: ماتت قبل أن يدخل بها وقد وهبت نفسها له.
6- خولة بنت حكيم السلمية: ماتت قبل أن يدخل بها، وقد وهبت نفسها للنبي عليه الصلاة والسلام وكانت تخدمه وكانت صالحة فاضلة.
* نساؤه اللاتي مات عنهن:
1- عائشة بنت الصِدَّيق : تزوجها بعد موت خديجة بسنتين أو ثلاث بمكة وهي بنت ست أو سبع سنين كما ورد في الصحيح. زفَّت إليه وهي بنت تسع سنين ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة و كان وفاتها سنة 57 من الهجرة. ولم يتزوج بكراً غيرها وكانت أَحَبُّ نسائه إليه. ولعائشة بنت الصدّيق الأكبر، حبيبة حبيب رب العالمين من الفضائل مالا يخفى على أحد.
2- سودة بنت زُمعة: تزوجها بعد عائشة وهي أرملة، توفيت في آخر زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
3- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: تزوجها بالمدينة بعد سودة وكانت من المهاجرات ولدت قبل البعثة بخمسة سنين وماتت يوم بايع الحسن معاوية وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد طلقها فقال له جبريل عليه السلام: "راجع حفصة فإنها صوَّامة قوَّامة وإنها زوجتك في الجنة "، فراجعها.
4- أم حبيبة بنت أبي سفيان واسمها رملة: هاجرت مع زوجها الأول إلى أرض الحبشة ولكن زوجها افتتن وتنصَّر ومات نصرانياً ولكن الله ثبَّتها على الإسلام. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بحضانة ابنه إبراهيم لها . توفيت سنة أربعة وأربعين في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان.
5- أم سَلَمَة: هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزوميَّة: تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية من الهجرة بعد موقعة بدر. كانت رشيدة الرَّأي فهي التي أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أن يخرج إلى هَديِهِ لينحره ثم يدعو الحلاّق ليحلُق رأسه فما كان من المسلمين لمَّا رأوه إلاّ أن فعلوا مثلما فعل، بعد أن كان أمَرهم بحلق رؤوسهم ونحر هديِهِم والتَّحلُّلِ من إحرامهم، غير أنهم لم يمتثلوا لأمره في بادىء الأمر لأنهم شعروا بضيق شديد من المعاهدة التي عقدها النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش والتي عُرفت (بصلح الحُدَيبية) فهم كانوا يُمَنّون أنفسهم بدخول مكة للعمرة بينما نصَّت المعاهدة فيما نصّت ألا يعتمروا في ذاك العام وأن يرجعوا في العام المقبل ليدخلوا مكة بعد أن تخرج قريش منها ويمكثوا فيها ثلاثة أيام فقط ليس معهم من السلاح إلا السيوف في قرابتها.
توفيت أم سلمة في أول خلافة يزيد بن معاوية.
6- ميمونة بنت الحارث: بدأ به صلى الله عليه وسلم المرض في بيتها، وقد قيل إنها من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم و كانت آخر نسائه موتاً.
7- صفية بنت حُيَيّ بن أخطب: من سبي بني النَّضير، اصطفاها عليه الصلاة والسلام وأعتقها ثم تزوجها وكانت عاقلة حليمة فاضلة توفيت في رمضان سنة خمسين هجرية في زمن معاوية رضي الله عنه.
8- جويرية بنت الحارث من بني المصطلق: كان اسمها برَّة فسمّاها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية، كانت أبرك امرأة على قومها لأنها عندما تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم تسامع الناس بذلك فأطلق المسلمون ما في أيديهم من السَّبي وأعتقوهم قائلين : هم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعتق بسببها مائة من بني المصطلق مما دفع العديد منهم للدخول في الإسلام .
9- زينب بنت جحش : كانت ممن أسلم قديماً وهاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، خطبها النبي لزيد بن حارثة فلم ترض به فنزلت الآية من سورة الأحزاب :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، فرضيت عندها وتزوجت منه. ولكن زيد طلقها ثم تزوجها النبي وكان ذلك لحكمة وهي إزالة آثار التبني، توفيت سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب .
أولاده الكرام :
وكلهم من خديجة رضي الله تعالى عنها إلا إبراهيم من مارية القبطية .
أما بناته عليه الصلاة والسلام فأربع :
زينب ورُقِيَّة وأم كلثوم وفاطمة رضي الله تعالى عنهن .
وأما أبناؤه عليه الصلاة والسلام فثلاثة : القاسم وعبد الله وإبراهيم، رضي الله تعالى عنهم
1- القاسم: هو أول ولد له عليه الصلاة والسلام قبل النبوة في مكة المكرمة وبه يُكَنَّى وعاش حتى مشى.
2- زينب: هي أكبر بناته وُلِدت سنة ثلاثين من مولده عليه الصلاة والسلام وأدركت الإسلام .
3- رقـيـة: ولدت سنة ثلاث وثلاثين من مولده عليه الصلاة والسلام وتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه وتوفيت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر فزوجه أم كلثوم وسمي بذي النورين.
4- فاطمة الزهراء: وُلِدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وسُمِّيت فاطمة لأن الله تعالى قد فطمها وذريتها عن النار. وتزوجت بعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه، في السنة الثانية للهجرة ولها من العمر خمس عشرة سنة وخمسة أشهر. وهي أفضل بناته وأحبهنَّ إليه وكان يقول كما في صحيح البخاري: " فاطمة بِضعة مني فمن أغضبها أغضبني"، وقال لها كما في صحيح مسلم: "أو ما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين". توفيت بعده عليه الصلاة والسلام بستة أشهر أي وهي في الثالثة والعشرين من عمرها ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم عَقِبٌ (أي أحفاد) إلا من ابنته فاطمة.
5- عبد الله: قيل إنه مات صغيراً بمكة واختُلِفَ هل مات قبل النبوة أو بعدها.
6- إبراهيم: من ماريا القبطية، وُلِدَ في ذي الحِجة سنة ثمانٍ من الهجرة وتُوُفيَ صغيراً.
7- أم كلثوم: هي أصغر من فاطمة وليس لها اسم غير هذه الكنية، فاسمها كُنيَتُها. وُلِدَت بعد البعثة وتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة ثلاث من الهجرة بعد موت أختها رُقِية و لِذا لُقبَ بذي النورَين، وتُوفِيَت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة و السلام لعثمان: "لو كان عندنا ثالثة لَزَوجناكها"
* بعثته وهجرته:
بعث إليه في الأربعين من عمره في مكة وبقي فيها ثلاث عشرة سنة بعد البعثة ثم هاجر إلى المدينة المنورة فمكث فيها عشر سنوات تقريباً .
5- وفاته: في الثالث والستين من عمره توفاه الله تعالى وانتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن أدّى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح الأمة وكان ذلك يوم الاثنين سنة 11 هجرية وكان وفاته وقبره الشريف في المدينة المنورة
عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح: إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يُخيَّر بين الدنيا والآخرة، قالت عائشة: فلما نُزِل به ورأسه على فخذي، غشي عليه، ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف، ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى. قلتُ إذاً لا يختارنا.
قالت: عرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
منقول للامانه
السلام عليكم ورحمهـ الله وبركاتهـ
عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أطفال غير المسلمين
من عظمة محمد صلي الله عليه وسلم مع الأطفال أن رحمته ورعايته إياهم تشمل الأطفال جميعًا، فهي تشمل أطفال غير المسلمين كما تشمل أطفال المسلمين، وتشمل الإناث كما تشمل الذكور، وتشمل المرضى كما تشمل الأصحاء، وتشمل أطفال المجتمع العام كما تشمل أطفال ذوي القربى؛ وتشمل الموهوبين كما تشمل ذوي الاحتياجات الخاصة، فالطفولة في منهجه صلي الله عليه وسلم لها وضع خاص ومعاملة مميزة عن غيرها، فإذا نظرنا إلى تعامله مع أطفال غير المسلمين لوجدنا منهجًا رائعًا يستحق التقدير والتحية والإكبار والإجلال وتتمثل في الآتي:
1 – الحرص عليهم وهم في أصلاب آبائهم:
لما تعرض أهل الطائف لرسول الله صلي الله عليه وسلم وآذوه ورموه بالحجارة عرض عليه ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين (جبلين بمكة) عندها قال النبي الرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلم: "أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله"، فقمة الرحمة أن يحفظ الإنسان على حياة عدوه ويرجو الخير لذريته التي تخرج من صلبه.
2 – النظرة نحوهم تتميز بالروح الطيبة:
وتصنفهم في إطار البراءة والفطرة وتربي المسلمين على سلامة الصدر نحوهم، وأن تخلو النظرة النفسية حتى من مجرد الكراهية تجاههم: ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصراه، أو يمجسانه…"، ويأتي ذلك أيضًا في إطار قوله صلى الله عليه وسلم: "رُفع القلم عن ثلاث (ومنهم) وعن الصبي حتى يبلغ الحلم".
3 – الحرص على الطفل الموهوب غير المسلم:
ومن جوانب عظمته صلى الله عليه وسلم حرصه على الطفل الموهوب حتى لو كان غير مسلم، ويتبين لنا هذا من قصة الطفل الموهوب غير المسلم (أبو محذورة) صاحب الصوت الجميل الذي كان يستهزئ بأذان المسلمين وكيف اهتم به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبه على استهزائه بأذان المسلمين، بل مسح على رأسه وقال: "اللهم بارك فيه واهده إلى الإسلام.. اللهم بارك فيه وأهده إلى الإسلام"، وقال له: "قل الله أكبر الله أكبر" حتى أذن أبو محذورة بمكة.
4 – الاهتمام بالأطفال المرضى غير المسلمين ودعوتهم:
فبرغم انتصار الإسلام وتأسيس الدولة بالمدينة المنورة كان حريصًا على زيارة مرضى أطفال غير المسلمين ودعوتهم والأخذ بأيديهم إلى الخير. ورد في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: "كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: "أسلِم". فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار".
وورد في الصحيحين (البخاري ومسلم): عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة. وقد قارب ابن صياد، يومئذ، الحلم. فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد: "أتشهد أني رسول الله؟"، فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال "آمنت بالله وبرسله"…، ورغم لؤم هذا الغلام ورفضه الإسلام بل وسخريته برسول الله صلي الله عليه وسلم فإنه صبر عليه ونهى سيدنا عمر بن الخطاب عن قتله.. وقد ورد في (أسد الغابة في معرفة الصحابة) خبر إسلام ابن صياد هذا بعد ذلك.
5 – عدم تكليف الأطفال غير المسلمين أعباء مالية أو ضريبية في ظل الدولة الإسلامية:
(عن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد: أن لا تضربوا الجزية على النساء ولا على الصبيان) {كنز العمال الإصدار للمتقي الهندي المجلد الرابع ومسند عمر رضي الله عنه:11412}.
6 – عدم إكراه الأبناء على اعتناق العقيدة:
وهذا من روعة منهج الإسلام الذي يحترم رأي الطفل ويعتمد الحوار والإقناع: روى أبو داود في (باب في الأسير يكره على الإسلام) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كانت المرأة تكون مقلاتًا (المقلاة: التي لا يعيش لها ولد)، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولدٌ أن تُهَوِّدَهُ، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله عز وجل: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].
7 – الحفاظ على حياة أطفال غير المسلمين وعدم التعرض لهم أثناء الحروب:
ما أعظم محمد صلي الله عليه وسلم في حرصه على حياة الأطفال، وما أعظم ممارسات أصحابه من بعده التي تنمّ عن عظيم الرأفة والرحمة؛ ورحمة محمد صلي الله عليه وسلم وأصحابه الفاتحين العظماء شهد بها القاصي والداني حتى قال جوستاف لوبون الفيلسوف الفرنسي: "ما عرف التاريخ فاتحًا أعدل ولا أرحم من العرب".
روى مسلم في صحيحه عن بريدة بن الحصيب الأسلمي (أن رسول الله كان إذا أمّر أمير على جيش أو سرية ، أوصاه…)، وذكر من جملة ما أوصاه: "ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا".
وقد أجاب سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن سؤالاً ورد إليه: يقول: هَلْ كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ فقال: "إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ فَلاَ تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ" يقول الإمام النووي وفيه: النَّهي عن قتل صبيان أهل الحرب.
وقد ورد في كنز العمال للمتقي الهندي عن ابن عمر أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام وكان مما أوصاه به: ولا تقتلوا شيخًا كبيرًا ولا صبيًّا ولا صغيرًا ولا امرأة.
وورد في مسند الإمام أحمد عن الأسود بن سريع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وغزوت معه فأصبت ظفرًا، فقتل الناس يومئذ حتى قتلوا الولدان فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما بال أقوام جاوز بهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية؟"، فقال رجل: يا رسول الله إنما هم أبناء المشركين، فقال: "ألا إن خياركم أبناء المشركين"، ثم قال: "ألا لا تقتلوا ذرية، كل مولود يولد على الفطرة، فما يزال عليها حتى يعرب عنها لسانه، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
8. المسلم في حالة الأسر والظلم وعند الإعدام لا يغدر ولا يقتل أطفال الأعداء:
روى البخاري، في باب غَزْوَةِ الرَّجِيعِ وَرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبِئْرِ مَعُونَةَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ في شأن سيدنا خبيب بن عدي رضي الله عنه وهو الأسير المحجوز للقتل؛ لا يقتل طفل الأعداء وهو يقدر على قتله: (.. فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ اسْتَعَارَ مُوسًى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ لِيَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ قَالَتْ فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذَاكَ مِنِّي وَفِي يَدِهِ الْمُوسَى فَقَالَ أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَاكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَانَتْ تَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ…
ودي لكمـ
الــريــــمـــ
1- أبو بكر الصديق ( الصديق ) …..15
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إخوانى و أخواتى فى الله الأعزاء الكرام
إستكمالا لما بدأناه فى الحلقة السابقة نعود لصفحات الكتاب
جمع القرآن :
توفى رسول الله و القرآن الكريم لم يجمع فى مصحف واحد إنما اكن محفوظا فى صدور الحفاظ و فى الصحف التى كانت عند رسول الله و فى صحف كتاب الوحى و كان يزيد بن ثابت و معاذ بن جبل و عبد الله بن مسعود من خيرة حفاظ القرآن الكريم .
و يقول الباحثون المسلمون : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يجمع القرآن فى مصحف واحد لإحتمال ورود نسخ لبعض الآيات أو لإحتمال نزول آيات جديدة فلما إنقضى هذا الإحتمال بوفاة الرسول أصبح جمع القرآن فى مصحف واحد عملا ضروريا و بخاصة أن عددا كبيرا من الحفاظ إستشهدوا فى حروب الردة و المتنبئيين فأقترح عمر بن الخطاب على أبى بكر أن يجمع القرآن فى مصحف واحد خوفا من أن يموت آخرون فتضيع بعض آيات القرآن و بعد تردد قصير تم الإتفاق على ذلك و إستدعى أبو بكر زيد بن ثابت ليقوم بهذا العمل فأحضر ما كتب من القرآن و كتب ما لم يكن مكتوبا تبعا لما فى صدور الحفاظ و رتب هذه الصحف تبعا لترتيب آى الذكر الحكيم كما أشار به جبريل فتكون من ذلك مصحف كامل واحد و مرتب ترتيبا دقيقا و ظلت هذه الصحف عند أبى بكر حتى مات ثم عند عمر طيلة حياته ثم عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين بعد وفاة ابيها .
و قد نسخ عثمان رضى الله عنه من هذا المصحف عدة نسخ و أرسلها للعواصم الإسلامية الكبرى و إحتفظ لنفسه بنسخة و رد النسخة الأصلية لأم المؤمنين حفصة بنت عمر و كان جمع القرآن و تدوينه مآثرة كبرى من مآثر أبى بكر و عمر و عثمان رضى الله عنهم .
الى هنا ينتهى النص المنقول حرفيا من الكتاب بارك الله لكاتبه فى عمره و عمله
و النص هنا يتيح لم لا يعرف لماذا لم تتم كتابة المصحف الشريف فى عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ليعرف السبب الحقيقى وراء هذا ليستطيع الرد على المتشكيين و المشكيين من أصحاب الزمم الخربة و القلوب الضعيفة الذين لا هم لهم و شغل شاغل سوى إلهاء الناس عن عبادة رب الناس و تشكيك المسلمين فى دينهم و إظهار أن القرآن الكريم تم تحريفه كما حدث لباقى الكتب السماوية الخاصة بالأمم التى من قبلنا و نسوا هؤلاء المجانين الحاقدين على الإسلام أن الله عز و جل قد أنزل فى كتابه العزيز آيه لو فهمها كل ذى عقل و لب و قلب لأيقن أن القرآن لا يمكن تحريفه أبدا إذ يقول رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
صدق الله العظيم
الحجر9جاء فى تفسير الجلالين :(إنا نحن) تأكيد لاسم إن أو فصل (نزلنا الذكر) القرآن (وإنا له لحافظون) من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان .
جاء فى تفسير الميسر :إنَّا نحن نزَّلنا القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإنَّا نتعهد بحفظه مِن أن يُزاد فيه أو يُنْقَص منه, أو يضيع منه شيء.
و هكذا فإن كلام الله عز و جل هو الذى يخبرنا بعدم تحريف القرآن بل إنه محفوظ بقدرة الله عز و جل الذى لا حدود لقدرته و لا نهاية لسلطانه و جبروته مشيئته سبحانه و تعالى فكيف يتصور بعضض الموتورون ذهنيا أن المصحف الذى بين أيدينا ناقص و ما هو إلا ثلث القرآن فقط ؟؟
و كيف يتصور عاقل إن هذا القرآن الذى هو دستور المسلمين سيقوم بعض الناس بتحريفه و هو فى نفس الوقت الإسلام هو خاتم الآديان و هو الدين الذى لا دين بعده .
شأت حكمة الله سبحانه و تعالى أنه بعد أن قامت الأمم السابقة بتحريف كتبهم و العياذ بالله أن يقوم الله عز و جل بتنزيل القرآن الكريم و تعهد سبحانه و تعالى بحفظه و إلا لكان البشر فى منأى عن تعاليم رب السماء و لظلوا على ضلالهم القديم و الله سبحانه و تعالى ليس بظالم ليترك الناس بغير تعاليمه إذ كيف يحاسب الناس و كتاب الله ليس بين أيديهم .
و لما كان الإسلام هو الدين الخاتم فلابد و ألا يستطيع أحد أن يقوم بتحريف هذا الكتاب و إلا سيكون هناك دين و رسول بعد الإسلام و بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .
و من عجب العجاب أن الذين قالوا بتحريف القرآن و حذف آيات الولاية منه ما أتوا لنا بدين جديد و لا رسول جديد و هم لا يستطيعون هذا فكلامهم هذا كله هرء و محض إفتراء على الله سبحانه و تعالى
و الخطير فى الأمر أن الذى يزعم كل هذه المزاعم إنما يرتدى ملابس المسلمين و يتحدثون و كأنهم هو المدافعين عن الحصن الحصين لهذا الدين و بالتالى قد ينجرف خلفهم بعض الذين لا يعرفون عن الدين الكثير
و كما قال الله عز و جل سبحانه و تعالى
[COLOR="rgb(0, 100, 0)"]بسم الله الرحمن الرحيم
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }
صدق الله العظيم [/COLOR] الفتح4
و قال عز من قال سبحانه
[COLOR="rgb(0, 100, 0)"]بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }
صدق الله العظيم [/COLOR] الفتح7
شأت حكمه الله عز و جل أن يجعل أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم هم جنود الرحمن فى حفظ القرآن الكريم و هذا شرف ما بعده شرف لهم رضوان ربى و سلامه عليهم و آل البيت أجمعين
فها هو سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق يشير على سيدنا أبو بكر ثانى إثنين إذ هما فى الغار بجمع القرآن مخافة أن يموت الحفاظ فى المعارك و يستجيب سيدنا أبو بكر و يكلف من الأصحاب و كتبة الوحى بالكتابة على أسس منهجية علمية إسلامية لم يصل إليها العلم الحديث إلا فى عهود متأخرة …. ياله من دين جمله رجال عظماء على أكتافهم و فى قلوبهم .
و إنى أتعجب لماذا ننكر الجميل لمن أسدوا لنا حسن الصنيع ؟؟
لماذا يسب البعض سيدنا عمر و سيدنا أبو بكر و سيدنا عثمان ذو النورين و سيدنا معاوية كاتب الوحى فى عهد الرسول صلى الله عليه و سلم هؤلاء هم من حملوا هم هذا الدين و نقلوه كما نزل على قلب الحبيب أبيضا طاهرا نقيا غضا لا غبار عليه لنسعد نحن بهذا الدين فى الدنيا و الآخرة لنلحق بهم فى جنات النعيم إن إستمسكنا بالعروة الوثقى .
هو كانوا يخافون علينا و حملتهم ضمائرهم النقية و سرائرهم الطيبة على نقل الدين لنا
فهل يستحقون من البعض من السفهاء أن يسبوهم و لا يوقرونهم حق تقديرهم ؟؟
سؤال لابد لكل عاقل أن يفكر فيه مليا و جيدا .
أعلم أننى ربما نسيت بعض الكلمات التى لابد من وجودها هنا فى نفس المقام و أتمنى على الله عز و جل أن يرزقنى بمن ينبهنى و يذكرنى بما نسيت منكم
و حتى لا أطيل عليكم
و سأنتظركم كعادتى على الرابط التالى
اللهم ردنا الى دينك مردا جميلا
اللهم حبب الى قلوبنا سير الآل و الأصحاب رضوان ربى عليهم أجمعين و أحشرنا معهم بفضلك يا كريم
حواري رسول الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن لكل نبي حوارياً ، وحواريّ الزبير بن العوام "
نسبه
هو الزبير بن العوام يلتقي نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في قصي بن كلاب
كما أن أمه صفية )رضي الله عنه عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجته أسماء
بنت أبي بكر ذات النطاقين ، كان رفيع الخصال عظيم الشمائل ، يدير تجارة ناجحة
وثراؤه عريضا لكنه أنفقه في الإسلام حتى مات مدينا
الزبير وطلحة
يرتبط ذكرالزبيـر دوما مع طلحة بن عبيد الله ، فهما الاثنان متشابهان في النشأة
والثراء والسخاء والشجاعة وقوة الدين ، وحتى مصيرهما كان متشابها فهما من
العشرة المبشرين بالجنة وآخى بينهما الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويجتمعان
بالنسب والقرابة معه ، وتحدث عنهما الرسول قائلا طلحة والزبيـر جاراي في الجنة ،
و كانا من أصحاب الشورى الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب لإختيار خليفته .
أول سيف شهر في الإسلام
أسلم الزبير بن العوام وعمره خمس عشرة سنة ، وكان من السبعة الأوائل الذين سارعوا
بالإسلام ، وقد كان فارسا مقداما ، وإن سيفه هو أول سيف شهر بالإسلام ، ففي أيام
الإسلام الأولى سرت شائعة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فما كان من الزبير
إلا أن استل سيفه وامتشقه ، وسار في شوارع مكة كالإعصار ، وفي أعلى مكة لقيه
الرسول صلى الله عليه وسلم فسأله ماذا به ؟
فأخبره النبأ فصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا له بالخير ولسيفه بالغلب
إيمانه وصبره
كان للزبير رضي الله عنه نصيبا من العذاب على يد عمه ، فقد كان يلفه في حصير ويدخن
عليه بالنار كي تزهق أنفاسه ، ويناديه : اكفر برب محمد أدرأ عنك هذا العذاب فيجيب
الفتى الغض : ( لا والله ، لا أعود للكفر أبدا )
وهاجر الزبيررضي الله عنه الى الحبشة الهجرتين ، ثم يعود ليشهد المشاهد كلها مع
الرسول صلى الله عليه وسلم
غزوة أحد
في غزوة أحد وبعد أن انقلب جيش قريش راجعا الى مكة ، ندب الرسول صلى الله عليه
وسلم الزبير وأبوبكر لتعقب جيش المشركين ومطاردته ، فقاد أبوبكر والزبير رضي الله
عنهما سبعين من المسلمين قيادة ذكية ، أبرزا فيها قوة جيش المسلمين ، حتى أن قريش
ظنت أنهم مقدمة لجيش الرسول القادم لمطاردتهم فأسرعوا خطاهم لمكة هاربين
بنو قريظة
وفي يوم الخندق قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" مَنْ رجلُ يأتينا بخبر بني قريظة ؟ "
فقال الزبير : ( أنا ) فذهب
ثم قالها الثانية فقال الزبير : ( أنا ) فذهب
ثم قالها الثالثة فقال الزبيـر : ( أنا ) فذهب
فقال النبـي صلى الله عليه وسلم : " لكل نبيّ حَوَارِيٌّ، والزبيـر حَوَاريَّ وابن عمتي "
وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا للرسول صلى الله عليه وسلم ، أرسل
الرسول الزبيـر وعلي بن أبي طالب فوقفا أمام الحصن يرددان:
( والله لنذوقن ماذاق حمزة ، أو لنفتحن عليهم حصنهم )
ثم ألقيا بنفسيهما داخل الحصن وبقوة أعصابهما أحكما وأنزلا الرعب في أفئدة
المتحصـنين داخله وفتحا للمسلمين أبوابه
يوم حنين
وفي يوم حنين أبصر الزبيـر ( مالك بن عوف ) زعيم هوازن وقائد جيوش الشرك في تلك
الغزوة ، أبصره واقفا وسط فيلق من أصحابه وجيشه المنهزم ، فاقتحم حشدهم وحده ،
وشتت شملهم وأزاحهم عن المكمن الذي كانوا يتربصون فيه ببعض المسلمين العائدين من المعركة
حبه للشهادة
كان الزبير بن العوام شديد الولع بالشهادة ، فهاهو يقول :
( إن طلحة بن عبيد الله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء ، وقد علم ألا نبي بعد محمد ، وإني
لأسمي بني بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون )
وهكذا سمى ولده عبد الله تيمنا بالشهيد عبد الله بن جحش
وسمى ولـده المنـذر تيمنا بالشهيد المنـذر بن عمـرو
وسمى ولـده عـروة تيمنا بالشهيد عـروة بن عمـرو
وسمى ولـده حمـزة تيمنا بالشهيد حمزة بن عبد المطلب
وسمى ولـده جعفـراً تيمنا بالشهيد جعفر بن أبي طالب
وسمى ولـده مصعبا تيمنا بالشهيد مصعب بن عميـر
وسمى ولـده خالـدا تيمنا بالشهيد خالـد بن سعيـد
وصيته
كان توكله على الله منطلق جوده وشجاعته وفدائيته ، وحين كان يجود بروحه أوصى
ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلا :
( إذا أعجزك دين ، فاستعن بمولاي )
وسأله عبد الله : أي مولى تعني ؟
فأجابه : ( الله ، نعم المولى ونعم النصير )
يقول عبدالله فيما بعد : فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقضي دينه ، فيقضيه
موقعة الجمل
بعد استشهاد عثمان بن عفان أتم المبايعة الزبير و طلحة لعلي رضي الله عنهم جميعا
وخرجوا الى مكة معتمرين ، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمان ، وكانت وقعة
الجمل عام 36 هجري طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع
علي رضي الله عنه عندما رأى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة :
( يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟)
ثم قال للزبير : ( يا زبير : نشدتك الله ، أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحن بمكان كذا ، فقال لك : يا زبير ، الا تحب عليا ؟؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ،
وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟
فقال لك : يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم )
فقال الزبير : ( نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لاأقاتلك )
وأقلع طلحة و الزبير رضي الله عنهما عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعا حياتهما
ثمنا لانسحابهما ، و لكن لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا فالزبير تعقبه رجل اسمه
عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته .
الشهادة
لما كان الزبير بوادي السباع نزل يصلي فأتاه ابن جرموز من خلفه فقتله و سارع قاتل
الزبير الى علي يبشره بعدوانه على الزبير ويضع سيفه الذي استلبه بين يديه ، لكن
عليا صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن وأمر بطرده قائلا :
( بشر قاتل ابن صفية بالنار )
وحين أدخلوا عليه سيف الزبير قبله وأمعن في البكاء وهو يقول :
( سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله )
وبعد أن انتهى علي رضي الله عنه من دفنهما ودعهما بكلمات انهاها قائلا :
( اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمان من الذين قال الله فيهم :
(( ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ))
ثم نظر الى قبريهما وقال :
سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" طلحة و الزبير ، جاراي في الجنة
مقطع راائع لفضيلة الشيخ/ ناصر الأحمد
يتكلم فيها عن لحظة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
مؤثـــــر لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيـــــــــــــــد
مع تحياتي …..