السلام عليكم
أخي الكريم أختي الكريمة
لو قدر لأي شخص أن يشاهد رسول الله صل الله عليه و سلم
و لو قدر لك أن تطلب منه طلبا واحدا فقط
فماذا تطلب منه ؟ صراحة
[BACKGROUND="80 #000000"][/BACKGROUND]
السلام عليكم
أخي الكريم أختي الكريمة
لو قدر لأي شخص أن يشاهد رسول الله صل الله عليه و سلم
و لو قدر لك أن تطلب منه طلبا واحدا فقط
فماذا تطلب منه ؟ صراحة
[BACKGROUND="80 #000000"][/BACKGROUND]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم اجعلنا هداة مهتدين لاضالين ولا مضلين
هنا في قسم رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام
طرح موضوع ينكر أمية الرسول عليه الصلاة والسلام
ويجب علينا ان نوضح للجميع انها معلومه غير صحيحه
وانها شبهه باطله
بسم الله الرحمن الرحيم
شبهة إنكار أمية الرسول الكريم و الرد عليها
الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فـلا هادي لـه ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه ، و أشهد أن محمداً عبده و رسولـه[1]… . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون } [ آل عمران : 102 ] .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [ النساء : 1 ]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [ الأحزاب : 70 – 71 ] .
و بعد :
وردني عن طريق الشيخ الدكتور أحمد نجيب حفظه الله تعالى أن مهندساً في جنوب سورية يثير العديد من الشبه حول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم و الشريعة الإسلامية و مصادرها ، و قد كلفني الشيخ مشكوراً بالرد على هذه الشبه لبيان الحق و نصرته ، قال تعالى :
فقلت مستعيناً بالله تعالى :
( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51)
ذلك أن شبهة إنكار أمية الرسول صلى الله عليه وسلم قديمة و ليست حديثة كما يظن البعض .
جاء في دائرة المعارف في مادة أمي :
( أمي لقب محمد في القرآن ، و هو لقب يرتبط من بعض الوجوه بكلمة " أمة " و لكن يظهر أنه ليس مشتقاً منها مباشرة ، لأنه لم يظهر إلا بعد الهجرة و يختلف معناه عن معنى كلمة " أمة " التي كانت شائعة قبل الهجرة ) .
و جاء في السياق نفسه قوله : ( و قد استدل قوم بإطلاق لفظ أمي على محمد بأنه لم يكن يقرأ و لا يكتب . و الحقيقة أن كلمة أمي لا علاقة لها بهذه المسألة لأن الآية 78 من سورة البقرة التي تدعو إلى هذا الافتراض لا ترمي الأميين بالجهل بالقراءة و الكتابة بل ترميهم بعدم معرفتهم بالكتب المنزلة ) .
ثم جاء في هذا العصر من يجتر و يثير هذه الشبهة من جديد ثم يلقيها على الناس حتى يفسد عليهم دينهم الذي ارتضاه الله لهم .
و لعل أهم نقاط الشبهة تتمثل في تفسير كلمتي الأمي ، و اقرأ :
أولاً – تفسير كلمة الأمي : – ادعى هذا المبتدع أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يعلم القراءة و الكتابة و دليله على ذلك هو الفهم المحرف لقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (لأعراف:157) فمعنى لفظ " الأمي " بحسب زعمه هو غير يهودي أو غير كتابي و ليس معناها الذي لا يعرف الكتابة و القراءة . ثم يدعم شبهته بتفسير محرف آخر لقوله تعالى : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( البقرة :129) . و الدليل على ذلك – بحسب زعمه – أن قريشاً كانوا يتهمون الرسول بأنه يؤلف القرآن و هي تهمة كان من شأنها أن تبدو مستحيلة و مضحكة لو كان الرسول حقاً لا يحسن القراءة و الكتابة .
هذه هي مجمل أدلة هذه البدعة و فيما يلي الرد على هذه البدعة المضلة و بيان الحق المبين الذي عليه سلف هذه الأمة :
– للرد على هذه الشبهة نعود إلى أهل اللغة و أهل التفسير لنرى ما معنى كلمة " أمي " عندهم فهم أعلم بمراد الله تعالى ، يقول ابن منظور : ( معنى الأمي المنسوب إلى ما عليه جَبَلَتْه أمه أي لا يكتب فهو أمي لأن الكتابة مكتسبة فكأنه نسب إلى ما يولد عليه أي على ما ولدته أمه عليه ) [2].
و قال الزهري : ( قيل للذي لا يكتب و لا يقرأ أمي ، لأنه على حيلته التي ولدته أمه عليها و الكتابة مكتسبة متعلمة و كذلك القراءة من الكتاب )[3] .
و قال الراغب الأصبهاني : ( الأمي هو الذي لا يكتب و لا يقرأ من كتاب ، و عليه حمل قول تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم …. ) [4] .
أما ابن قتيبة فقد نسب كلمة أمي إلى أمة العرب التي لم تكن تقرأ أو تكتب فقال : ( قيل لمن لا يكتب أمي ، لأنه نسب إلى أمة العرب أي جماعتها و لم يكن من يكتب من العرب أي جماعتها و لم يكن من يكتب من العرب إلا قليل من لا يكتب إلى الأمة … )[5] .
و مما سلف نرى أن كلمة أمي تعني عند أئمة اللغة : الذي لا يقرأ و لا يكتب و ليس كما يدعي هذا المبتدع أن معناها غير الكتابي أو غير اليهودي .
أما تفسير كلمة أمي عند أهل التفسير فإننا نراهم قد اتفقوا مع أهل اللغة حول معنى هذه الكلمة :
قال الإمام الطبري عليه رحمة الله تعالى : يعني بالأميين الذين لا يكتبون و لا يقرءون ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم إنا أمة أمية لا نكتب و لا نحسب …. ) [6].
أما الإمام الشوكاني عليه رحمة الله تعالى فقد فسر الأمي بأنه : منسوب إلى الأمة الأمية التي هي على أصل ولادتها من أمهاتها لم تتعلم الكتابة و لا تحسن القراءة للمكتوب )[7] .
ثانياً – تفسير كلمة اقرأ :- يأتي هذا المبتدع بتفسير مضحك لمعنى " اقرأ " فقد فسر كلمة اقرأ في قوله تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ( العلق : 1 ) ببلغ و ليس أمر القراءة المعروف عند أهل اللغة و التفسير بل و من في قلبه قليل من الفقه و الفهم .
إن معنى كلمة اقرأ في قوله تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ( العلق : 1 ) هو مجرد فعل القراءة و ليس التبليغ كما يدعي هذا المبتدع ، لأن الفعل قد جاء مكسور الهمزة من قرأ – يقرأ – اقترأ الكتاب بمعنى نطق بالمكتوب فيه و ألقى النظر عليه و طالعه .
و قرأ الكتاب تتبع ما فيه و قرأ الآية نطق بها ، [8] و أقرأ اسم تفضيل من قرأ أي أجود قراءة – و استقرأه طلب منه أن يقرأ و القرّاء الحسن القراءة [9].
و بعد هذا فإن فعل اقرأ في أول سورة العلق لم يكن المراد به الأمر بالتبليغ ، فلو كان دالاً على التبليغ فيجب أن يأتي من :
أقرأ – يقرئ – أقرئ ، و ذلك بإيراد همزة التعدية نقول أقرأ فلاناً السلام ، و أقرأه إياه أي بلغه ، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام … ) [10]
و نجد الزمخشري في أساس البلاغة يقول : و لا يقال اقرأ سلامي على فلان بل أقرئه ) .
و نستدل من ذلك أن قوله تعالى : ( اقرأ باسم ربك ) يراد منه الأمر بالقراءة و لا يراد منه التبليغ ، لأنه لو كان ذلك لوجب أن يقول أقرئ و يكون المحذوف هو مفعول الفعل طلباً للاختصار .
و ورد في لسان العرب أقرأ غيره إقراء و منه قوله تعالى ( سنقرئك فلا تنسى ) .
و الواقع لو كان معنى اقرأ في آية العلق بلغ لاستوعبه الرسول صلى الله عليه وسلم لأول وهلة ، و لم يحتج – و هو على صواب – بأنه غير قادر على القراءة عندما خاطبه جبريل لأول مرة : ما أنا بقارئ ، لأنه في هذه الحالة سيكون قد عصى أمر ربه ، و لم يصدع بما أمر به أما و إنه كان عاجزاً عن القراءة التي بمعنى فعل القراءة فإنه كان مصيباً أي غير قادر على القراءة و الكتابة .
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه و هو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله و يتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى جاءه الحق و هو في غار حراء فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال لي اقرأ ، قال : قلت ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم ، قال : فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال : زملوني زملزني فزملوه حتى ذهب عنه الريع …. ) [11].
الرسـول الكريم صلى الله عليه وسلم أخبر الملك بأنه لا يعرف القراءة و الكتابة فلو كان مدلول اقرأ في مفتتح السورة بمعنى بلغ لكان قوله صلى الله عليه وسلم ( ما أنا بقارئ ) و عدم جوازه على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يقل بهذا القول أحد من قبل .
و هذا و بالإضافة إلى ما سبق أورد العديد من الأدلة من القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة و التي تثبت بطلان ما يدعيه هذا المبتدع .
1- القرآن الكريم :
قال تعالى : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) ( العنكبوت : 48 ) .يبين البيان الإلهي أن محمداً – صلى الله عليه وسلم لم يقرأ قبل القرآن كتاباً بسبب أميته و لو كان يكتب و يقرأ لارتاب الذين في قلبهم مرض ، ثم إن مجرور من إذا كان نكرة يدل على الزمن المطلق عندما يكون منفياً ، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم القراءة و الكتابة و لم يتعلمها لا قبل البعثة و لا بعدها بل ظل أمياً لا يقرأ و لا يكتب حتى توفاه الله تعالى .
قال النحاس : ( و ذلك دليل على نبوته ، لأنه لا يكتب و لا يخالط أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء و الأمم و زالت الريبة والشك ) [12].
أما ما ذكره النقاش في تفسير هذه الآية عن الشعبي أنه قال ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى كتب و أسند حديث كبشة السلولي ، مضمنه : أنه صلى الله عليه وسلم قرأ صحيفة لعيينة بن حصن ، و اخبر بمعناها .
قال أهل العلم أن هذا كله ضعيف و لا يصح لا سنداً و لا متناً .[13] فمدار هذه الرواية عن عيينة بن حصن و عيينة هذا لم تصح له رواية أبداً [14].
2- في الحديث النبوي الشريف :
– عن سعيد بن عمرو بن سعيد أنه سمع بن عمر رضي الله عنهما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنا أمة أمية لا نكتب و لا نحسب ، الشهر هكذا و هكذا و هكذا و عقد الإبهام في الثالثة و الشهر هكذا و هكذا يعني تمام ثلاثين ) [15].
هذا الحديث يدل دلالة المفهوم و المنطوق على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يكتب ولا يحسب ، كما يجب أن لا نفهم أن معنى هذا الحديث أنه لا يوجد في أمة العرب من يعلم القراءة والكتابة ، بل كان فيهم من يعلم ذلك ، بيد أن هذا قليل جداً ، لذلك كان الحكم للغالب .
قال الأحوذي : ( قال صلى الله عليه وسلم إنا أمة أمية لا نكتب و لا نحسب أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة و الحساب فهم على جبلتهم الأولى ) [16].
إضافة إلى هذا فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اتخذ لنفسه كتاباً يكتبون الوحي و لم يذكر التاريخ الصادق أنه صلى الله عليه وسلم قام بكتابة الوحي بنفسه ، ولو كان عالماً بالقراءة و الكتابة لفعل ذلك و لو لمرة واحدة ، و لكن لم يؤثر عنه ذلك ، و لعل عقد صلح الحديبية يبين هذا :
– عن البراء قال لما أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثاً و لا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف و قرابه و لا يخرج معه أحد من أهلها و لا يمنع أحداً أن يمكث بها ممن كان معه ، فقال لعلي : اكتب بيننا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ، فقال المشركون : لو نعلم أنك رسول الله تابعناك و لكن اكتب محمد بن عبد الله . قال : فأمر علياً أن يمحوها ……. ) .[17]
و ربما يحتج محتج بحديث ذكر الدجال المكتوب بين عينيه كافر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قرأ هذه الكلمة بما يعني أنه كان يعلم القراءة .
نقول رداً على هذه الشبهة بنص الحديث الوارد عن حذيفة و الذي ينص على كلمة كافر يقرؤها كل مؤمن كاتب و غير كاتب .- عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض و الآخر رأي العين نار تأجج ، فإما أدركه أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً و ليغمض ، ثم ليطأطئ رأسه فليشرب منه فإنه ماء بارد و إن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب و غير كاتب ) [18].و في رواية التي رواها الإمام أحمد مكتوب بين عينيه كافر مهجاة .
– عن جابر بن عبد الله أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في خفقة من الدين و أدبار من العلم فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة و اليوم منها كالشهر و اليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه و لـه حمار يركبه عرض ما بين اليسرى أربعون ذراعاً فيقول للناس أنا ربكم و هو أعور و إن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر ك ف ر مهجاة يقرؤه كل مؤمن كاتب و غير كاتب …. ) [19].
أما الحكم على من يقول أو يروج هذه الأقوال المبتدعة ، فهو بلا شك على غير هدى من الله تعالى و عليه التوبة من هذه البدع الضالة المضلة . و على أهل العلم و طلابه مناصحته و أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر حتى يعود إلى صوابه و رشده أو يسحق من الله و من أولي العزم ما يستحق إن استمر على نهجه هذا و طغيانه .
و لا يمكنني أن أحكم على هذا المبتدع بأكثر من هذا لشح أخباره عني ، لذلك أتمنى على من يقرأ هذا الرد أن يمدني بكتب و مصنفات و أقاويل هذا الرجل لكي أدرسها دراسة أعمق و أشمل فيكون الرد عليه وعلى بدعه أعمق و أحكم و أدق و أوضح . و الله المستعان .
و أختم قولي هذا بقول الله تعالى : ( وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) ( يونس : 82 ).
——-
((مثال في العهد المكي : حادثة انشقاق القمر
في العهد المكي طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية (علامة على صحة نبوته) فشق الله له القمر نصفين، وذكر القرآن الكريم ذلك وسجّله. قال تعالى: ﴿اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ(1) ﴾(القمر:1) .
فلو أن ذلك لم يحصل لتشكك المسلمون في دينهم وخرجوا منه، ولقال الكفار: إن محمداً يكذب علينا فما انشق القمر ولا رأينا شيئاً من ذلك، ولكن الذي حدث زاد المؤمنين إيماناً ، وتحير الكافرون أمام هذه المعجزة التي لم يملكوا سوى أن يفسروها بأنها سحر مستمر(1)) !!
قال تعالى: ﴿اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ(1)وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ(2)وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ(3)﴾ (القمر:1-3)(2) .
التوثيق التاريخي لانشقاق القمر :
سجل تاريخ الهند اسم ملك من ملوكهم هو : (جاكرواني فرماس) وأنه شاهد حادثة انشقاق القمر ، فسجلت إحدى المخطوطات التاريخية الهندية مايلي :
"شاهد ملك ما جبار "مالابار" بالهند (جاكرواني فرماس) انشقاق القمر ؛ الذي وقع لمحمد، وعلم عند استفساره عن انشقاق القمر بان هناك نبوة عن مجيء رسول من جزيرة العرب، وحينها عين ابنه خليفة له ، وانطلق لملاقاته. وقد أعتنق الإسلام على يد النبي ، وعندما عاد إلى وطنه – بناءً على توجيهات النبي – وتوفي في ميناء ظفار"(3) وهذه المعلومات في مخطوطة هندية محفوظة في مكتبة دائرة الهند تحتوي على عدة تفصيلات أخرى عن (جاكرواني فرماس) .
وقد جاء في كتب الحديث ذكر الملك الهندي ؛ الذي وصل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم فِفي مستدرك الحاكم : "عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: ثم أهدى ملك الهند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم – جرة فيها زنجبيل، فأطعم أصحابه قطعة قطعة، وأطعمني منها قطعة. قال الحاكم ولم أحفظ في أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم – الزنجبيل سواه"(4) .
ومن المعلوم أن هذا الملك قد صار صحابياً ؛ بملاقته الرسول – صلى الله عليه وسلم –وإيمانه به وموته على ذلك .
وقد حفظت المراجع الإسلامية قصة هذا الصحابي الذي قدم من الهند. فذكره الإمام ابن حجر العسقلاني في الإصابة ، وفي لسان الميزان(5) وقال إن أسمه (سَرْبَانَك) وهذا هو الإسم الذي عرف به عند العرب .)))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد سعد عبدالدايم
1ـ حمزة بن عبد المطلب :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِنْتِ حَمْزَةَ : (( لا تَحِلُّ لِي يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ ))[1]
قال الحافظ : قَالَ مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ : كَانَتْ ثُوَيْبَة أَرْضَعَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أَرْضَعَتْ حَمْزَة ثُمَّ أَرْضَعَتْ أَبَا سَلَمَة .[2]
( ثُوَيْبَة ) مَوْلاة لأَبِي لَهَب اِرْتَضَعَ مِنْهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل حَلِيمَة السَّعْدِيَّة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا
2ـ أبو سلمة :
عن أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : وَتُحِبِّينَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ ذَلِكِ لا يَحِلُّ لِي ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ؟ قَالَ : بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي ، إِنَّهَا لابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ ، فَلا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أَخَوَاتِكُنَّ ))[3]
( أَبُو سَلَمَةَ ) : اِسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيُّ أَخُو النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَابْنُ عَمَّتِهِ بَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ .
َانَ مِنْ السَّابِقِينَ شَهِدَ بَدْرًا وَمَاتَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ بَعْدَ أُحُدٍ فَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ بِزَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : أُمّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَة حَلِيمَة السَّعْدِيَّة أَسْلَمَتْ وَجَاءَتْ إِلَيْهِ وَرَوَتْ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , رَوَى عَنْهَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر وَأُخْته مِنْ الرَّضَاعَة :
3ـ الشَّيْمَاء بِنْت الْحَارِث بْن عَبْد الْعُزَّى بْن رِفَاعَة ، لا تُعْرَف فِي قَوْمهَا إِلا بِهِ , وَيُقَال لَهَا الشَّمَا بِغَيْرِ يَاء وَاسْمهَا خِذَامَة بِكَسْرِ الْخَاء , وَبَعْضهمْ يَقُول جِدَامَة بِالْجِيمِ , وَبَعْضهمْ يَقُول حُذَافَة بِالْحَاءِ أَسْلَمَتْ وَوَصَلَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِلَةٍ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تَحْضُنهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أُمّه وَتُوَرِّكهُ .
4ـ وَأَخُوهُ أَيْضًا مِنْ الرَّضَاعَة عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث .
5ـ وَأُخْته أَيْضًا مِنْ الرَّضَاعَة أُنَيْسَة بِنْت الْحَارِث .
وَأَبُوهُمْ الْحَارِث بْن عَبْد الْعُزَّى بْن رِفَاعَة السَّعْدِيّ زَوْج حَلِيمَة .[4]
وبهذا يتحصل أن للنبي صلى الله عليه وسلم خمسة إخوة من الرضاعة
الذكور : عمه حمزة ـ ابن عمته أبو سلمة ـ عبدالله ابن الحارث وأمه حليمة .
الإناث : الشيماء ـ أنيسة : بنات الحارث وأمهم حليمة .
رضي الله عنهم أجمعين
وصلِ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه
————————–
[1] رواه البخاري في الشهادات باب الشهادة على الأنساب (2645) ، ومسلم في الرضاع (1447) ، والنسائي في النكاح (3253) ، وابن ماجه في النكاح (1928) ، وأحمد (1953)
[2] الفتح (9/45)
[3] رواه البخاري في النكاح باب وأن تجمعوا بين الأختين (5107) ، ومسلم في الرضاع (1449) ، والنسائي في النكاح (3232) ، وأبو داود في النكاح (1760) ، وابن ماجه في الافتتاح (1929) ، وأحمد (25954)
[4] عون المعبود شرح سنن أبي داودبأبي حديث (4479)
فتنة معركة صفين .بين
الإمام علي ومعاوية (رضي الله عنهما).. عند المؤرخين..
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعينوبعد.
أقدم
بين يديكم بحث بعنوان "معركة صفين عند المؤرخين"، والذي يتناول أحداث معركة صفين،
وآراء المؤرخين والعلماء فيها، وقد ضمت جنبات هذا البحث أربعة مباحث :
المبحث الأول، مقدمات وأسباب معركة صفين،
والمبحث الثاني تناول تفاصيل المعركة،
والمبحث الثالث، نهاية القتال والدعوة للتحكيم،
والمبحث الرابع، آراء المؤرخين في أحداث
معركة صفين ونقد بعض الروايات.
وقد واجهت الباحث عدة صعوبات كان منها صعوبة الوصول للمكتبات بسبب الأحداث الجارية على
الساحة، ولكن الباحث أفاد كثيراً من الاسطوانات الالكترونية والكتب المصورة على
المواقع الالكترونية.
والدراسة في هذا الموضوع صعبة جداً لأنها تتناول مرحلة هامة في التاريخ الإسلامي كان لها ما
بعدها، حيث أن جروح معركة صفين لم تندمل حتى يومنا هذا، وبقيت تشكل مرحلة مؤلمة في
التاريخ الإسلامي، خاصة وأن أبطال هذه المعركة المتصارعين هم من كبار الصحابة
وفاتحي الأمصار، وممن قام الإسلام على أيديهم وانتشر في أصقاع المعمورة، ولهذا كان
لزاماً على الباحث أن يكون موضوعياً في قراءة الأحداث وأن يتحدث عن هؤلاء الصحابة
باحترام وإجلال، لأن ديننا الحنيف يحثنا على احترام هذا الرعيل الأول من الصحابة
والبعد عن القدح بهم، فقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا
تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا
بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ". ( )
ولهذا
فقد اعتمد الباحث على حسن الظن بالصحابة الكرام، وأن قتالهم كان بسبب الخلاف في
وجهات النظر حول الاقتصاص من قتلة الخليفة عثمان رضي الله عنه، خاصة وأن جميع
الروايات التي انتقصت من أحد الطرفين لصالح الطرف الآخر، كانت روايات ضعيفة رواها
إخباريون ضعاف من غلاة الشيعة من أمثال أبي مخنف، ونصر بن مزاحم
المنقري.
وحاول الباحث أن ينوع في مصادره التي استقى منها البحث، فكان منها الكتب التاريخية، وكتب
الحديث، وكتب الرجال، وكذلك بعض المراجع الحديثة.
وأسأل
الله تعالى أن يوفقني في بحثي هذا، وأن أكون قد قدمت شيئاً مفيداً لمن
يقرأه.
والله
ولي التوفيق.
الباحث
عبد الرؤوف جبر القططي
الجامعة
الإسلامية غزة- فلسطين
المبحث الأول
مقدمات
وأسباب معركة صفين
صِفَّينُ:
موضع بقرب الرقة على
شاطئ الفرات من الجانب الغربىِ بين الرَقة وبالس وهي صحراء ذات كدى وأكمات،
وبها كانت الوقيعة العظيمة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في غرة صفر سنة
37هـ والتي جاء فيها الحديث المتفق على صحته: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان
عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة" وقُتل في الحرب بينهما سبعون
ألفاً، منهم من أصحاب علي خمسة وعشرون ألفاً ومن أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفاً،
وقُتل مع علي خمسة وعشرون صحابياً بدرياً وكان معه منهم سبعون رجلاً، وممن
بايع تحت الشجرة سبعمائة، وما لا يحصى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن
خيار التابعين، وكان مع علي رضي الله عنه رايات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي
كان يغزو بها، وقد شكك البعض بأنه لم يشهد مع علي من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت،
وهو قول مردود عليه، فإن من أهل بدر عمار بن ياسر رضي الله عنه وقد قتل معه، وبه
عرفت الفئة الباغية في قوله صلى الله عليه وسلم لعمار في حفر الخندق: "ويح عمار
تقتله الفئة الباغية
مقدمات
وأسباب المعركة:
شكل استشهاد الخليفة
عثمان رضي الله عنه صدمة كبيرة للمسلمين، فانطلقت الأصوات تطالب بالثأر من قتلة
الخليفة عثمان، فخرج النعمان بن بشير ومعه قميص عثمان مضمخ بدمه، ومعه أصابع نائلة
التي أصيبت حين دافعت عنه بيدها، فقطعت مع بعض الكف فورد به على معاوية بالشام،
فوضعه معاوية على المنبر ليراه الناس، وعلق الأصابع في كم القميص، وندب الناس إلى
الأخذ بهذا الثأر والدم وصاحبه، فتباكى الناس حول المنبر، وجعل القميص يرفع تارة
ويوضع تارة، والناس يتباكون حوله سنة، وحث بعضهم بعضا على الأخذ بثأره، وقام في
الناس معاوية وجماعة من الصحابة معه يحرضون الناس على المطالبة بدم عثمان، ممن قتله
من أولئك الخوارج: منهم عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء
كان معاوية بن أبي
سفيان والياً على الشام في عهد عمر وعثمان –رضي الله عنهما، ولما تولى عليّ الخلافة
أراد عزله، وتولية سهل بن حنيف بدلاً منه، إلا أنه ما كاد سهل يصل مشارف الشام حتى
لقيته خيل معاوية عليها حبيب بن مسلمة الفهري، فقالوا له: إن كان بعثك عثمان فحيهلا
بك، وإن كان بعثك غيره فارجع،
فرجع
لقد امتنع معاوية وأهل
الشام عن البيعة ورأوا أن يقتص علي من قتلة عثمان ثم يدخلون البيعة، وقالوا: لا
نبايع من يؤوى القتلة ؛ واستشهد معاوية ومعسكره بأحاديث وردت عن النبي صلى الله
عليه وسلم، منها: عن النعمان بن بشير، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أرسل رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه، فقال: "يا عثمان إن الله
عسى أن يلبسك قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني".
وهناك حديث آخر له
تأثيره في طلب معاوية القود من قتلة عثمان وكان منشطًا ودافعًا قويًا للتصميم على
تحقيق الهدف، وهو: عن النعمان بن بشير عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لعثمان: "يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصًا، فإن أرادك
المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني" ثلاثًا، فقال لها النعمان بن بشير: يا أم
المؤمنين فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله ما ذكرته قال: فأخبرتُه معاوية
بن أبى سفيان فلم يرضَ بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إليّ به،
فكتبتْ إليه به كتابًا.
بعث الإمام علي رضي
الله عنه كتباً كثيرة إلى معاوية رضي الله عنه، ولم يرد عليها، واستمر ذلك الأمر
إلى الشهر الثالث من مقتل عثمان، ثم بعث معاوية رسالة مع رجل، فدخل به على عليّ
فقال له عليّ: ما وراءك؟ قال: جئتك من عند قوم لا يريدون إلا القود، كلهم موتور،
تركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان، وهو على منبر دمشق، فقال علي: اللهم إني
أبرأ إليك من دم عثمان. ثم عزم الإمام عليّ على قتال أهل الشام، فكتب إلى قيس
بن سعد بمصر يستنفر الناس للقتال، وإلى أبي موسى الأشعري بالكوفة، وبعث إلى عثمان
بن حُنيف بذلك، وخطب الناس فحثهم على ذلك، وعزم على التجهز، وخرج من المدينة، ورتّب
الجيش، فدفع اللواء إلى محمد بن الحنفية، وجعل ابن عباس على الميمنة، وعمر بن أبي
سلمة على الميسرة، وقيل: جعل على الميسرة عمرو بن سفيان بن عبد الأسد، وجعل على
مقدمته أبا ليلى بن عمر بن الجراح، واستخلف على المدينة قثم بن العباس، إلا أن ظروف
معركة الجمل أعاقته عن قتال أهل الشام.
توجه الإمام علي إلى الشام:
أرسل الإمام علي إلى
معاوية رضي الله عنهما يدعوه إلى بيعته، حيث عرض جرير بن عبد الله أن يتوسط بين
الطرفين، فقال جرير بن عبد الله: أنا أذهب إليه يا أمير المؤمنين فإن بيني وبينه
وداً، فآخذ لك منه البيعة، فقال الأشتر: لا تبعثه يا أمير المؤمنين فإني أخشى أن
يكون هواه معه، فقال علي: دعه، وبعثه وكتب معه كتاباً إلى معاوية يعلمه باجتماع
المهاجرين والأنصار على بيعته، ويخبره بما كان في وقعة الجمل، ويدعوه إلى الدخول
فيما دخل فيه الناس، فلما انتهى إليه جرير بن عبد الله أعطاه الكتاب فطلب معاوية
عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام فاستشارهم فأبوا أن يبايعوا حتى يقتل قتلة عثمان، أو
أن يسلم إليهم قتلة عثمان، وإن لم يفعل قاتلوه ولم يبايعوه حتى يقتل قتلة عثمان بن
عفان رضي الله عنه، فرجع جرير إلى علي فأخبره بما قالوا، فقال الأشتر: يا أمير
المؤمنين ألم أنهك أن تبعث جريراً؟ فلو كنت بعثتني لما فتح معاوية باباً إلا
أغلقته، فقال له جرير: لو كنت لقتلوك بدم عثمان، فقال الاشتر: والله لو بعثتني لم
يعيني جواب معاوية ولأعجلنه عن الفكرة، ولو أطاعني قبل لحبسك وأمثالك حتى يستقيم
أمر الأمة، فقام جرير مغضباً وأقام بقرقيسيا، وكتب إلى معاوية يخبره بما قال وما
قيل له، فكتب إليه معاوية يأمره بالقدوم عليه.
جهّز أمير المؤمنين
علي جيشاً ضخماً اختلفت الروايات في تقديره، فقيل كان علي في تسعين ألفاً وكان
معاوية في مائة وعشرين ألفاً، وقيل كان علي في مائة وعشرين ألفاً ومعاوية في تسعين
ألفاَ وهذا أصح، وكان مكان تجمع جند علي بالنخيلة وهو على بُعد ميلين من الكوفة،
فتوافدت عليه القبائل من نواحي العراق، وبعث أمير المؤمنين علي من النخيلة زياد بن
النضر الحارثي طليعة في ثمانية آلاف مقاتل، وبعث شريح بن هانئ في أربعة آلاف، ثم
خرج علي بجيشه إلى المدائن، فانضم إليه فيها المقاتلة وولى عليها سعد بن مسعود
الثقفي، ووجه منها طليعة في ثلاثة آلاف إلى الموصل، وسلك رضي الله عنه طريق الجزيرة
الرئيسي على شط الفرات الشرقي حتى بلغ قرقيسياء فأتته الأخبار بأن معاوية قد
خرج لملاقاته وعسكر بصفين، فتقدم علي إلى الرقة ، وعبر منها الفرات غرباً ونزل
على صفين.
خروج معاوية إلى صفين:
كان معاوية جاداً في
مطاردة قتلة عثمان، فقد استطاع أن يترصد بجماعة ممن غزوا المدينة من المصريين أثناء
عودتهم وقتلهم، ومنهم أبو عمرو بن بديل الخزاعي ، ثم كانت له أيد في مصر، وشيعة
في أهل "خربتا" تطالب بدم عثمان، وقد استطاعت هذه الفرقة إيقاع الهزيمة بمحمد بن
أبي حذيفة في عدة مواجهات عام 36هـ، كما استطاع أيضاً أن يوقع برؤوس مدبري ومخططي
غزو المدينة من المصريين، مثل عبد الرحمن بن عديسي، وكنانة بن بشر، ومحمد بن حذيفة
فحبسهم في فلسطين، وذلك في الفترة التي سبقت خروجه إلى صفين، ثم قتلهم في شهر ذي
الحجة عام 36هـ ( )، وعندما علم معاوية بتحرك جيش العراق جمع مستشاريه من أعيان أهل
الشام، وخطب فيهم وقال: إن علياً نهد إليكم في أهل العراق.( ) وكان أهل الشام قد
بايعوا معاوية على الطلب بدم عثمان، والقتال. وقد قام عمرو بن العاص بتجهيز الجيش
وعقد الألوية، وقام في الجيش خطيباً يحرضهم، فقال: إن أهل العراق قد فرقوا جمعهم
وأوهنوا شوكتهم، وفوا حدهم، ثم إن أهل البصرة مخالفون لعلي قد وترهم وقتلهم، وقد
تفانت صناديد أهل الكوفة يوم الجمل، وإنما سار في شرذمة قليلة، ومنهم من قد قتل
خليفتكم، فالله الله في حقكم أن تضيعوه، وفي دمكم أن تبطلوه
وسار معاوية في جيش
ضخم، اختلفت الروايات في تقديره، وكلها روايات منقطعة أسانيدها، وهي الروايات عينها
التي قدرها جيش علي، فقدر بمائة ألف وعشرين ألفاً ( )، وقدر بسبعين ألف مقاتل، وقد
بأكثر من ذلك بكثير ( )، إلا أن الأقرب للصواب أنهم ستون ألف مقاتل، فهي وإن كانت
منقطعة الإسناد إلا أن راويها صفوان بن عمرو السكسكي، حمصي من أهل الشام ولد عام
(72هـ)، وهو ثبت ثقة، وقد أدرك خلقاً ممن شهد صفين، والإسناد إليه صحيح.
وبعث معاوية مقدمة
جيشه بقيادة أبي الأعور السلمي إلى صفين، فعسكر هناك في سهل فسيح، إلى جانب شريعة
في الفرات، ليس في ذلك المكان شريعة غيرها، وجعلها في حيزه
يـــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــــ ـــبــــــــــــــــــــــــــــــع ………
فقد قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57 – 61].
روى التِّرْمذي في سُنَنه من حديث عائشة – رضِي الله عنْها – قالت: سألتُ رسولَ الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – عن هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60]، قالتْ عائشةُ: أهُم الَّذين يشْرَبون الخمر ويسرِقون؟ قال: ((لا يا بنتَ الصِّدِّيق، ولكنَّهم الَّذين يَصومون، ويصلُّون، ويتصدَّقون، وهم يَخافون ألا يُقْبَل منهم، أولئِك الَّذين يُسارِعون في الخيرات))[1].
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي – رحمه الله – في تعْليقِه على الآيات المتقدِّمة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾؛ أي: وجِلون مشْفقة قلوبُهم، كل ذلك من خشية ربِّهم؛ خوفًا من أن يضَع عليهم عدْلَه فلا يُبقي لهم حسنة، وسوء ظنٍّ بأنفُسِهم ألا يكونوا قد قاموا بحقِّ الله، وخوفًا على إيمانهم من الزَّوال، ومعرفة منهم بربِّهم وما يستحقُّه من الإجلال والإكرام، وخوْفهم وإشفاقهم يُوجب لهم الكفَّ عمَّا يوجب الأمر المخوف من الذنوب، والتَّقصير في الواجبات[2].
ولقد كان أصحابُ رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – مع اجتهادهم في الأعمال الصَّالحة، يخشَون أن تحبط أعمالُهم، وألاَّ تُقْبل منهُم؛ لرسوخ علمهم، وعميق إيمانِهم، قال أبو الدَّرداء: "لأَنْ أعلم أنَّ اللَّه تقبَّل منّي ركعتين، أحب إليَّ منَ الدُّنيا وما فيها؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]".
روى البخاري في صحيحِه مِنْ حديث أبِي بردة بن أبي موسى الأشْعري، قال: قال عبدالله بن عُمر: هل تدْري ما قال أبِي لأبيك؟ قال: فقلت: لا، قال: قال أبي لأبيك: "يا أبا موسى، هل يسرُّك إسلامُنا مع رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – وهجرتُنا معه وجهادُنا معه وعملُنا كلّه معه برَد لنا، وأنَّ كلَّ عملٍ عمِلْناه بعدُ نجوْنا منه كفافًا رأسًا برأْس؟"، فقال أبي: لا والله، قد جاهدْنا مع رسولِ الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – وصلَّينا وصُمْنا وعمِلْنا خيرًا كثيرًا، وأسلم على أيدينا بشَرٌ كثير، وإنَّا لنرجو ذلك، فقال أبي: "لكنِّي أنا والَّذي نفس عُمر بيدِه، لوددتُ أنَّ ذلك بَرَدَ لنا، وأنَّ كلَّ شيءٍ عمِلْناه بعدُ نجوْنا منه كفافًا رأسًا برأْس"، فقلت: إنَّ أباك – والله – خيرٌ من أبي[3].
قال ابنُ حجر:
والقائل هو أبو بُرْدة، وخاطب بذلك ابنَ عُمر، فأراد أنَّ عُمرَ خيرٌ من أبي موسى، فعُمر أفضل من أبِي موسى؛ لأنَّ مقام الخوف أفضل من مقام الرَّجاء، فالعِلْم مُحيط بأن الآدمي لا يخلو عن تقْصيرٍ ما في كلّ ما يريد من الخير، وإنَّما قال ذلك عمر هضْمًا لنفْسِه، وإلاَّ فمقامه في الفضائل والكمالات أشهر من أن يُذْكَر[4]"؛ اهـ.
قال ابن القيِّم – رحمه الله -:
"والمراد أنَّ المؤمِن يُخفي أحواله عن الخلْق جهده، كخشوعه وذلِّه وانكِساره؛ لئلاَّ يراها النَّاس فيعجبه اطّلاعهم عليْها، ورؤيتهم لها، فيفسد عليه وقته وقلْبه وحاله مع الله، وكم قدِ اقتطع في هذه المفازة مِن سالك! والمعصوم مَن عصمَه الله، فلا شيء أنفع للصَّادق من التحقُّق بالمسكنة والفاقة والذُّل وأنَّه لا شيء، وأنَّه ممَّن لم يصح له بعدُ الإسلام حتَّى يدَّعي الشرف فيه، ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية – رحِمه الله – من ذلك أمرًا لَم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرًا: ما لي شيءٌ، ولا منِّي شيء، ولا فيَّ شيء،
وكان كثيرًا ما يتمثَّل بهذا البيت:
أَنَا المُكَدِّي وَابْنُ المُكَدِّي
وَهَكَذَا كَانَ أَبِي وَجَدِّي
ومن الناس مَن إذا نصحتَه في أمرٍ ما قال: نحن أحسنُ من غيرِنا بكثير، غيرُنا لا يصلِّي، ويفعل الموبقات، ونحن نصلّي ونصوم ونؤدّي فرائض الإسلام، فيقول هذا معجبًا بعمله، ومثل هذا يذكِّر بقول الله تعالى: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17].
روى البخاريّ ومسلم من حديث أبِي هريرة – رضِي الله عنْه – أنَّ النَّبيَّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال: ((انظُروا إلى مَن أسفل منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزْدَروا نعمة الله))[6].
قال ابن بطَّال:
"هذا الحديث جامع لمعاني الخير؛ لأنَّ المرء لا يكون بحالٍ تتعلَّق بالدين من عبادة ربّه مجتهدًا فيها، إلاَّ وجد مَن هو فوقه، فمتى طلبت نفسُه اللّحاق به استقْصر حاله، فيكون أبدًا في زيادة تقرُّبه من ربّه، ولا يكون على حال خسيسةٍ من الدُّنيا، إلاَّ وجد من أهلها مَن هو أخس حالاً منه، فإذا تفكَّر في ذلك علم أنَّ نعمة الله وصلتْ إليه دون كثيرٍ ممَّن فضل عليه بذلك من غير أمرٍ أوْجبه، فيلزم نفسه الشُّكر، فيعظم اغتباطه بذلك في معاده"[7]؛ اهـ.
ونبيُّنا محمَّد – صلَّى الله عليْه وسلَّم – كان المثَل الأعلى في التواضُع، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالكٍ – رضِي الله عنْه – قال: جاء رجُل إلى رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – فقال: يا خيرَ البرِيَّة، فقال رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ذاك إبراهيم – عليه السَّلام))[8].
وعمر – رضِي الله عنْه – كما في الأثر السَّابق، الخليفة الثَّاني، ومن العشَرة المبشَّرين بالجنَّة – يقول عنْه النبيُّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لو كان بعْدي نبيٌّ لكان عُمر))[9]، ومع ذلك يقول: "ودِدت أنّي نجوْتُ منها كفافًا، لا لي، ولا عليَّ"[10].
وفي صحيح البُخاري من حديث محمَّد بن الحنفيَّة قال: قلتُ لأبِي: أيّ النَّاس خيرٌ بعد رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم؟ قال: أبو بكر، قلتُ: ثمَّ مَن؟ قال: ثمَّ عُمر، وخشِيت أن يقول: عثمان، قلتُ: ثمَّ أنت؟ قال: "ما أنا إلاَّ رجُل منَ المسلمين"[11].
وروى البخاري في صحيحِه من حديث العلاء بن المسيَّب عن أبيه قال: لقِيتُ البراء بن عازب – رضِي الله عنْه – فقلتُ: طوبَى لك؛ صحبتَ النَّبيَّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – وبايعتَه تحتَ الشَّجرة، فقال: "يا ابنَ أخي، إنَّك لا تدري ما أحْدثْنا بعده"[12].
يقول ابنُ المبارك: "إنَّ الصَّالحين كانت أنفُسُهم تواتيهم على الخير عفوًا، وإنَّ أنفُسَنا لا تُواتينا إلاَّ كرهًا"[13]، وهذا مِن تواضُعه، وإلاَّ فهو العلامة الزَّاهد الورِع، قال المرّوذي: سمعتُ أبا عبدالله الإمام أحمد بن حنبل ذكَر أخلاق الورِعين فقال: "أسأل الله ألا يمقُتَنا، أين نحن من هؤلاء؟!".
وقال صالح بن أحمد: كان أبي إذ دعا له رجُل يقول: "الأعمال بخواتيمها"، وقال مرَّة: "ودِدتُ أنّي نجوت من هذا الأمر كفافًا، لا عليَّ ولا لي"، وقال المرّوذي: أدخلت إبراهيم الحصري على أبي عبدالله – وكان رجلاً صالحًا – فقال: إنَّ أمّي رأت لك منامًا هو كذا وكذا، وذكرت الجنَّة، فقال: "يا أخي، إنَّ سهل بن سلامة كان النَّاس يُخبرونه بِمثل هذا وخرج إلى سفْك الدّماء"، وقال: "الرُّؤيا تسرُّ المؤمن ولا تغرُّه"، وقال له المرّوذي يومًا: كيف أصبحتَ يا أحمد؟ قال: "كيف أصبح مَن ربُّه يُطالبُه بأداء الفرائض، ونبيُّه يُطالبُه بأداء السّنَّة، والملَكان يطالبانِه بتصْحيح العمل، ونفسُه تُطالبُه بِهواها، وإبليس يُطالبُه بالفحشاء، وملَك الموت يُراقب قبضَ رُوحه، وعياله يُطالبونه بالنَّفقة؟!"[14].
وصدق الفرزدق عندما قال:
أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ
إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيرُ المَجَامِعُ
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحْبه أجْمعين.
[1] ص504 برقم 3175، وصحَّحه الألباني – رحمه الله – في صحيح سنن الترمذي (3/79– 80) برقم 2537.
[2] تفسير ابن سعدي، ص 526.
[3] ص 745 برقم 3915.
[4] "فتح الباري" (7/255).
[5] "مدارج السالكين" (1/391).
[6] ص1244 برقم 6490، وصحيح مسلم: ص 1189 برقم 2963، واللفظ له.
[7] "فتح الباري" (11/323).
[8] ص963 برقم 2369.
[9] "سنن الترمذي": ص 577 برقم 3686 وقال: حديث حسن غريب، وحسَّنه الشيخ الألباني – رحمه الله – في صحيح سنن الترمذي (3/204) برقم 2909.
[10] صحيح البخاري: ص 707 برقم 3700.
[11] ص 701 برقم 3671.
[12] ص 792 برقم 4170.
[13] "مختصر منهاج القاصدين" ص 473.
[14] "سير أعلام النبلاء" (11 / 226 – 227).
كان سعيد بنُ زيد رضي الله عنه مجاب الدعوه , وقد حدث
بينه وبين امرأةٍ تُدعى أروى بنت أويس _ ما يثبت أنه مستجاب
الدعاء , ومن سوء حض اروى أنه كان مضلوماً فيما ادعت عليه
يقول ابن عبد البر في أحدى رواياته عن قصة أروى ,
وسعيد بن زيد رضي الله عنه :
جاءت اروى بنت أُ ويس إلى أبى محمد بن عمروبن حزم
فقالت لهُ : يا أبا عبد الملك إ ن سعيد بن زيدٍ بن عمرو بن نفيلٍ
قد بنى ضفيرةً في حقي – والضفيره هي الحاجز ألحائط -فأته وكلمه
لينزع عن حقي فو الله لئن لم يفعل لأ صبحن به في مسجد
رسول الله صل الله عليه وسلم
فقال لها ابن حزم : لا تؤذي صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم
فما كان ليضلمك ولا يأخذلكِ حقاً :
فخرجت أروى بنت أيس فجائت عماره بن عمرٍو وعبد الله بن
سلمه فقالت لهما : ائتيا سعي بن زيد فأنه قد ضلمني وبنى ضفيره
في حقي , فو الله لئن لم ينزع لأصبحن به في مسجد رسول الله
صل الله عليه وسلم : فخرجا حتى أتيا سعيد بن زيد رضي الله عنه
في أرض لهُ بالعقيق فقال لهما : ما أتى بكما ؟
قالا : جاءتنا أروى بنت أويس فزعمت أنك بنيت ضفيره في
حقها وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصبحن بك في مسجد رسول الله
صل الله عليه وسلم , فأ حببنا أن نأتيك ونذكر ذلك لك
فقال سعيدبن زيد رضي الله عنه : إني سمعتُ رسول الله
صل الله عليه وسلم يقول : من يأخذ شبراُ من الأرض يطوقه
الله يوم القيامه من سبع أرضين "
ثم أضاف سعيد بن زيد رضي الله عنه قا ئلاً : فالتأتِ تأخذ ما
كان لها من حق , اللهم إن كانت كذبت علي فلا تمتها حتى تُعمي
بصرها وتجعل ميتتها فيها .
فرجعا فأخبراها ذلك فهدمت الضفيره وبنت بنيا ناً فلم تمكث
إلا قليلاً حتى عميت , وكانت تقوم من الليل ومعها جاريه لها
تقودها لتو قض العمال , فقامت ليلةً وتركت الجاريه لم تو قضها
فخرجت تمشي حتى سقطت في بئر , فأصبحت ميته
رحم الله سعيد بن زيد ٍ ورضي الله عنه ُ , فقد كان مستجاب
الدعاء , وكيف لا يستجابُ لدعاءِ رجل ٍمن أهل الجنه أحبه ُ
الرسول صل الله عليه وسلم
السؤال : أرغب في معرفة كيفية اكتساب النبي صلى الله عليه وسلم قُوته ؟ .
الجواب :
الحمد لله
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل من عمل يده ، فقد اشتغل برعي الأغنام في أول عمره .
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ) ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ ؟ فَقَالَ : (نَعَمْ ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ) .
رواه البخاري ( 2143 ) .
والقراريط : جزء من الدينار ، أو الدرهم .
وكذلك عمل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالتجارة مع عمِّه أبي طالب , وكذلك عمل لخديجة رضي الله عنها ، كما هو مشهور في السيرة .
ثم كفاه الله بعد ذلك بما أحل له من الفيء ، والغنيمة ، وهو أشرف المكاسب .
والفيء : ما أُخذ من الكفار بدون قتال .
والغنيمة : ما أخذ من الكفار بقتال .
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي) رواه أحمد (9/126) وصححه العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( 2 / 352 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " ( 5142 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وفي الحديث إشارة إلى فضل الرمح ، وإلى حل الغنائم لهذه الأمة ، وإلى أن رزق النبي صلى الله عليه وسلم جعل فيها لا في غيرها من المكاسب ، ولهذا قال بعض العلماء : إنها أفضل المكاسب" انتهى .
" فتح الباري " ( 6 / 98 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
سمعت أن فاطمة وعلي رضي الله عنهما كان لهما طفلة بالاضافة إلى الحسن والحسين رضي الله عنهما ، لكني لا أعرف أي شيء عنها . أرجو أن تخبرنا بشيء عنها، مثلا كيف كانت حياتها، وما إذا كان لها أي دور في التاريخ الإسلامي .. الخ .
الحمد لله
فاطمة بنت سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرشية الهاشمية ، وأم الحسنين .
مولدها قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بقليل ، وتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد موقعة بدر .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويكرمها ، وكانت صابرة ديِّنة خيِّرة صيِّنة قانِعة شاكِرة لله .
ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حزِنت عليه ، وبكت عليه ، وقالت : يا أبتاه إلى جبريل ننعاه ، يا أبتاه ! أجاب رباً دعاه ، يا أبتاه في جنة الخلد مثواه .
وكانت فاطمة أشبه الناس بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبَّلها ورحَّب بها ، وكذلك كانت هي تصنع به .
وعاشت فاطمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ، ودفنت ليلاً . قال الواقدي : هذا أثبت الأقوال عندنا . قال : وصلى عليها العباس . ونزل في حفرتها هو وعليّ والفضل .
وكان لها من البنين ، الحسن والحسين رضي الله عنهما ، ومن البنات ، أم كلثوم ، التي تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وزينب التي تزوجها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب .
عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَبْكِينَ ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ . فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَيَّ إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلا أُرَاهُ إِلا حَضَرَ أَجَلِي . وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي . فَبَكَيْتُ . فَقَالَ : أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ ) رواه البخاري( المناقب/3353) .
ومن المواقف التي ظهر فيها فضلها ما ثبت في الصحيحين عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض : أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ . فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ . قَالَ : فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ ، قَالَ : وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ ….) رواه البخاري(233)ومسلم(3349) ، ومن فضائلها ما ثبت أيضاً في الصحيحين أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي ) رواه البخاري(3437) ومسلم(4483)
والله أعلم .
انظر نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء 1/116
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
[/BACKGROUND]
[BACKGROUND="100 http://im40.gulfup.com/kJiJ6.gif"]
[/BACKGROUND]