التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

أصهار النبي صلى الله عليه وسلم – في الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من هم أصهار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذين تزوجوا من بناته ؟.



الحمد لله
بنات النبي صلى الله عليه وسلم أربعة ، كلهن من خديجة رضي الله عنها :
1- زينب رضي الله عنها ، وهي أكبر بناته صلى الله عليه وسلم ، وقد تزوجت من أبي العاص بن الربيع رضي الله عنه ، وولدت له عليا وأمامة ، وتوفيت سنة ثمان من الهجرة .
2- رقية رضي الله عنها ، وقد تزوجها أولا ابن عمها عتبة بن أبي لهب ، ثم طلقها قبل الدخول بها ، حين أنزل الله تعالى : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) ، فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وهاجرت معه إلى الحبشة ثم إلى المدينة ، وقد مرضت في وقت خروج النبي صلى الله عليه وسلم لغزوة بدر ، فأمر عثمانَ رضي الله عنه أن يقيم معها ، وضرب له بسهمه من الغنائم ، وأجره على الغزوة كأنه شهدها ، ولما أن جاء البشير بنصر المسلمين في بدر ، وجدهم قد فرغوا من دفنها رضي الله عنها ، وقد ولدت لعثمان رضي الله عنه عبد الله ، مات وله ست سنوات .
3- أم كلثوم رضي الله عنها ، تزوجت أولا من عُتَيْبة بن أبي لهب ، وطلقها قبل الدخول كما فعل أخوه عتبة برقية رضي الله عنها . ولما توفيت رقية ، زَوَّجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أم كلثوم لعثمان رضي الله عنه ، وماتت عنده سنة تسع من الهجرة ، ولم تلد له .
4- فاطمة رضي الله عنها ، وهي أصغر بناته صلى الله عليه وسلم ، تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفر سنة اثنتين من الهجرة ، وولدت له الحسن والحسين ، وأم كلثوم وزينب . وتوفيت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، فهي أول أهله لحوقا به ، كما أخبر صلى الله عليه وسلم .
ينظر : "البداية والنهاية" لابن كثير (5/321) ، "زاد المعاد" لابن القيم (1/100) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

شرح نفيس لحديث سبعة يظلهم الله في ظله يحتاجه كل مسلم – سنة النبي

شرح نفيس لحديث : ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ )) يحتاجه كل مسلم

الحمد لله الذي منَّ على عباده بكثير من العطايا والهبات، فلا زال – سبحانه – بمنِّه وكرمه يعطي عطاءه الذي لا ينفد عطاءً غير مَجْذُوذ، والصلاة والسلام على خير من فسَّر تلك العطايا وحثَّ عليها، محمد بن عبدالله – عليه أفضل صلاة وأتم تسليم.

وبعد:
فيا أخي القارئ، حينما تقلِّب ناظريك في ربوع سُنة محمد صلى الله عليه وسلم تجد فيها كنوزًا وعطايا عظيمة، والنفسُ تشتهي، لكن لا ينال الخيرَ كلُّ مدَّعٍ؛ لأن المدَّعي لا بد له من بيِّنة، فمن ادَّعى محبته للسنة، وإرادته لنيل العطايا، لا بد له من بيِّنة الاتباع، ومن أكثر الأحاديث شهرةً في هذا المجال، وأعظمِها ثمرةً – كما ذكر ابن عبدالبر – حديثُ السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلُّه، انتقيتُه مما أطالعه وأنظر في شروحه أثناء شرح صحيح مسلم، فإليك الحديثَ – أخي المبارك – بما يسَّر الله لي فيه من توضيح وبيان، وإني أرجو الله – تعالى – أن يجعلني وإياك من أهل هذا الحديث، إنه جواد كريم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ، قَالَ: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)).

وفي رواية البخاري: ((حتى لا تَعلمَ شِمالُهُ ما تُنفِقُ يمينُهُ)).
وفي رواية لمسلم: ((وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ بِالمَسْجِدِ، إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ)).

تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم في (كتاب الزكاة)، (باب فضل إخفاء الصدقة)، حديث (1031)، وأخرجه البخاري في (كتاب الأذان)، (باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد)، حديث (660)، وأخرجه الترمذي في (كتاب الزهد)، (باب ما جاء في الحب في الله)، حديث (2391).

شرح ألفاظ الحديث:
((سبعةٌ يظلهم الله))؛ أي: سبعة أصناف، وليس سبعةَ أشخاص، وأيضًا حصرُهم بهذا العدد ليس مرادًا؛ بل ورد غير الأصناف الواردة في الحديث ممن يظلهم الله بظله، وسيأتي بيان ذلك – بإذن الله تعالى.

((يظلهم الله في ظله)): الظل: فلان في ظل فلان، أو في ظل الملك؛ أي: في كرامته وحمايته، وأما الظل في الأحاديث، فإنه على ضربين، سيأتي بيانهما – بإذن الله تعالى – وأما إضافة الظل لله – تعالى – في حديث الباب، فهي إضافة تشريف، كبيت الله، وناقة الله، وهو ظل يكون لمن منَّ الله عليهم من الأصناف الداخلة تحت هذا الفضل، فيقيهم من حَرِّ الشمس ووهجها، في يوم لا يملك أحدٌ الظلَّ إلا الله – جل في علاه – وهو ظل حقيقي لا معنوي كمن يقول: في ظله؛ أي: في حمايته وكنفه؛ بل هو حقيقي، وجاء في "سنن سعيد بن منصور" من حديث سلمان تقييدًا لهذا الظل الوارد في الحديث بظل العرش: ((يظلهم الله في ظل عرشه)).

قال ابن حجر: إسناده حسن، وسيأتي بيان ذلك.

من فوائد الحديث:
والكلام على هذا الحديث من عدة وجوه:
أولاً: أهمية هذا الحديث:
لهذا الحديث أهميةٌ عظيمة، جعلت العلماءَ يفردونه بالتأليف والشرح والبيان؛ بل لو أفرد كل واحد من هؤلاء السبعة برسالة مستقلة، لكان حريًّا بذلك كما قال ابن عبدالبر – رحمه الله تعالى.

وممن ألف في ذلك ابن حجر – رحمه الله – وأسماه: "معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال"، وللسيوطي كتاب اسمه: "تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش"، حقَّقه الشيخ مشهور حسن، وللسخاوي "الاحتفال بجمع أولي الظلال"، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (23/144) مؤلفًا لم ينسبه لأحد، أو أنه سقطت نسبته، اسمه: "اللمعة في أوصاف السبعة"، ولمحمد مصطفى ماء العينين ابن محمد فاضل كتاب، اسمه: "منيل البش فيمن يظلهم الله في ظل العرش"، وللدكتور سيد عفاني كتاب، اسمه: "ترطيب الأفواه بذكر من يظلهم الله"، وهذه المصنفات من أشهر ما صنف، و هناك غيرها، وما ذاك إلا لأهمية هذا الحديث؛ ولذا يقول الآجري في كتابه "الأربعين حديثًا" بعد أن ذكر حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – في الباب، قال: "وقد رسمت جزءًا واحدًا في صفة واحد من هؤلاء وفقههم على الانفراد، من أراده وجده – إن شاء الله – فإنه حديث شريف يتأدب به جميع من يعبد الله – تعالى – لا يتعب في عمله إلا عاقلٌ، ولا يستغني عنه إلا جاهل".

وقبل ذلك قال ابن عبدالبر (في "التمهيد" 2/282): "هذا أحسن حديث يروى في فضائل الأعمال، وأعمُّها وأصحُّها – إن شاء الله – وحسبك به فضلاً؛ لأن العلم محيط بأن من كان في ظل الله يوم القيامة، لم ينلْه هول الموقف".

ثانيًا: هل العدد محصور بهؤلاء السبعة؟

حديث الباب فيه ذكر سبعة أصناف من الذين يظلهم الله – تعالى – بظله يوم لا ظل إلا ظله، واختلف: هل ذكر العدد سبعة في هذا الحديث له مفهوم، فيفيد الحصر، أو أنه لا مفهوم له؟

القول الأول:إن العدد في حديث الباب لا مفهوم له، فلا ينحصر عددهم بهؤلاء السبعة؛ ولذا جمع العلماءُ من ورد فيه هذا الفضل أن يظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، حتى أوصلوا عددهم إلى السبعين، ولكن من هؤلاء السبعين من ورد بأحاديث ضعيفة، وما صحتْ به الروايات أقلُّ من هذا العدد بكثير، كما هو ظاهر كلام ابن حجر – رحمه الله.

والقول الثاني:إن العدد في الحديث له مفهوم، والفضل مقصور على هؤلاء السبعة، وأما غيرهم مما ذكر في الأحاديث الأخرى، فيندرج تحت صنف من هذه الأصناف السبعة.

والخلاف هنا لا يضر؛ فالقولان متقاربان في الجملة، وأهم شيء معرفة أن هناك ممن يظلهم الله – تعالى – يوم القيامة غيرَ هؤلاء السبعة في الحديث، ومن ذلك حديث أبي اليسر – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنظر معسرًا أو وضع له، أظلَّه الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله))؛ رواه مسلم.

وإنظارُ المعسر والوضع عنه لم يُذكَر في الحديث السابق مع الأصناف السبعة، وهذا يدل على وجود أصناف يظلهم الله – تعالى – في ظله في غير هذا الحديث، وقد نظم السبعةَ العلامة أبو شامة عبدالرحمن بن إسماعيل، فقال:

وَقَالَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى إِنَّ سَبْعَةً يُظِلُّهُمُ اللُّهُ الكَرِيمُ بِظِلِّهِ
مُحِبٌّ عَفِيفٌ نَاشِئٌ مُتَصِدِّقٌ وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالإِمَامُ بِعَدْلِهِ
قال ابن حجر- رحمه الله -: "ثم تتبعتُ بعد ذلك الأحاديث الواردة في مثل ذلك، فزادت على عشر خصال، وقد انتقيت منها سبعة وردت بأسانيد جياد، ونظمتها في بيتين تذييلاً على بيتي أبي شامة، وهما:

وَزِدْ سَبْعَةً: إِظْلاَلُ غَازٍ وَعَوْنُهُ وَإِنْظَارُ ذِي عُسْرٍ وَتَخْفِيفُ حِمْلِهِ
وَإِرْفَادُ ذِي غُرْمٍ وَعَوْنُ مُكَاتِبٍ وَتَاجِرُ صِدْقٍ فِي المَقَالِ وَفِعْلِهِ
فأما إظلال الغازي، فرواه ابن حبان وغيره من حديث عمر – رضي الله عنه – وأما عون المجاهد، فرواه أحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف – رضي الله عنه – وأما إنظار المعسر والوضيعة عنه، ففي صحيح مسلم كما ذكرنا، وأما إرفاد الغارم وعون المكاتب، فرواهما أحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف – رضي الله عنه – المذكور، وأما التاجر الصدوق، فرواه البغوي في "شرح السنة" من حديث سلمان… ثم تتبعت ذلك فجمعت سبعة أخرى، ونظمتها في بيتين آخرين، وهما:

وَزِدْ سَبْعَةً: حُزْنٌ وَمَشْيٌ لِمَسْجِدٍ وَكُرْهُ وُضُوءٍ ثُمَّ مُطْعِمُ فَضْلِهِ
وَآخِذُ حَقٍّ بَاذِلٌ ثُمُّ كَافِلٌ وَتَاجِرُ صِدْقٍ فِي المَقَالِ وَفِعْلِهِ
ثم تتبعت ذلك، فجمعت سبعة أخرى؛ ولكن أحاديثها ضعيفة، وقلت في آخر بيت:

ترَبَّع بِهِ السَّبْعَات مِنْ فَيْضِ فَضْلِهِ
وقد أوردت الجميع في "الأمالي"، وقد أفردته في جزء سميته: "معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال"؛ (انظر: "الفتح"، حديث (660)).

ثالثًا: معنى الظل:
اختلف أهل العلم في معنى الظل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يظلهم الله في ظله)) على أقوال، وقبل ذكر الأقوال، لا بد من معرفة أن الظل في الأحاديث جاء على ضربين:
تارة يأتي مضافًا إلى الله – تعالى.
مثال ذلك: حديث أبي هريرة في شرحنا، وحديث أبي اليسر – رضي الله عنه – الذي تقدم في إنظار المعسر والتخفيف عنه، وحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله – تعالى – يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي))؛ رواه مسلم.

وتارة يأتي مضافًا إلى العرش.
مثال ذلك: حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله))؛ (رواه أحمد والحاكم وابن حبان وصححه، وأورده الألباني في "صحيح الجامع" (1937) بلفظ: ((إن المتحابين)).

وحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنظر معسرًا أو وضع له، أظلَّه الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله))؛ رواه أحمد والترمذي وصححه.

واختلف أهل العلم في معنى الظل على أقوال، أشهرها:
القول الأول: إن المراد به ظل العرش:
وهذا قولٌ أُثِرَ عن جماعة من السلف – رحمهم الله – وقالوا: نحمل المطلَق في الأحاديث على المقيَّد، فكل حديث فيه إضافة الظل إلى الله – تعالى – فالمقصود به ما قيد في الأحاديث الأخرى بظل العرش.

وهذا القول هو اختيار الحافظ ابن منده (في كتاب "التوحيد" 3/190)، والطحاوي (في "مشكل الآثار" 15/73)، وابن عبدالبر (في "التمهيد" 2/ 282)، والبغوي (في "شرح السنة" 2/355)، وابن القيم (في أكثر من موضع، منها "طريق الهجرتين" ص525)، وابن رجب (في كتابه "فتح الباري" 6/51)، والسيوطي (في كتابه "تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش") وغيرهم – رحمهم الله.

والقول الثاني: إنه ظلٌّ يخلقه – تعالى – في ذلك اليوم، يظلل به من يستحق هذا الفضل:
وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – حيث قال: "لكن الله – عز وجل – يخلق شيئًا يظلل به من يشاء من عباده، يوم لا ظل إلا ظله، هذا هو معنى الحديث، ولا يجوز أن يكون له معنى سوى هذا"؛ (انظر: "شرح رياض الصالحين"، 1/735).

وقال (في صفحة 783): "حتى الرواية التي وردت في ظل عرشه، فيها نظر؛ لأن المعروف أن العرش أكبر من السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم… لو صح الحديث، لقلنا: ربما يكون طرف العرش مثلاً، والله – عز وجل – على كل شيء قدير، لكن هذه اللفظة في صحتها نظر، والصواب أنه ظل يخلقه الله في ذلك اليوم، إما من الغمام أو من غير ذلك، فالله أعلم به"، وأيضًا ذكر نحو ذلك في صفحة (950) (انظر: "شرح رياض الصالحين"، في مجلدين، طبعة دار السلام)، وقال في "شرحه للعقيدة الواسطية" (ص497): "((لا ظل إلا ظله)): يعني: إلا الظل الذي يخلقه، وليس كما توهم بعض الناس أنه ظل ذات الرب – جل وعلا – فإن هذا باطل؛ لأنه يستلزم حينئذٍ أن تكون الشمس فوق الله – عز وجل".

والقول الثالث: إنه ظلٌّ اللهُ أعلمُ بكيفيته، يمر كما جاء في النصوص، ونثبته من غير تأويل وتفسير وتكييف له:
وهو اختيار الشيخ ابن باز – رحمه الله – فقد سئل (في شريط "فتاوى متنوعة" – الطائف – منتصف الوجه الأول) بما هذا نصه: قال السائل: ذكر أحد العلماء عند حديثه عن ظل الله قوله: "الله – عز وجل – يخلق شيئًا يظلل به من شاء من عباده"، فهل يستقيم هذا المعنى؟

فأجاب: هذا من التأويل لا يجوز هذا من التأويل؛ بل يجب إمرار الحديث على ظاهره، ويقول الله أعلم بكيفيته، يظلهم الله بظله على الكيفية التي يعلمها – سبحانه وتعالى".

وبيَّن في موضع آخر أنه لا حاجة لحمل المطلق على المقيد، وأن ظل الله – تعالى – ورد في أحاديث، وظل العرش في أحاديث أخرى.

هذا هو ملخص الكلام على هذه المسألة، وتقدم أن القول الأول هو قول جماعة من الأئمة المتقدمين، وأما حديث الباب فقد جاء تقييده بظل العرش، وهي رواية في "سنن سعيد بن منصور" من حديث سلمان – رضي الله عنه – بلفظ: ((سبعة يظلهم الله في ظل عرشه…)) وذكر الحديث، وهي رواية حسَّن إسنادَها ابنُ حجر (في "فتح الباري"، حديث660)، وجزم بها القرطبي (في "المفهم"، حديث 899)، وكذلك النووي (في "شرحه لمسلم"، حديث (1031))، واستشهد بها شيخ الإسلام ابن تيمية (في "الفتاوى"، 17/25) ونسبها للصحيحين، واستدل بها ابن القيم (في "طريق الهجرتين"، 525)، وكذلك الشيخ السعدي في تفسيره وذكره لقصة يوسف ص (409) – رحم الله جميع علمائنا، وأثابهم على التماسهم للصواب، والله أعلم.

رابعًا: بيان فضل هؤلاء السبعة:
في الحديث بيان فضل هؤلاء السبعة يوم القيامة، وهو ظل الله – تعالى – لهم في ذلك اليوم، يوم لا ظل إلا ظله، فليس للناس ما يستظلون به من حرِّ الشمس وكربِ ذلك اليوم، إلا من ييسِّر الله له ذلك، فيسعد بنيل صفة من هذه الصفات لحاجته لهذا الظل؛ ففي ذلك اليوم الطويلِ قدرُه؛ قال الله – تعالى – عنه: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]، العظيمِ هولُه؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1]، الشديدِ كربُه؛ {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] – تدنو الشمس فيه من الخلائق؛ فعن المقداد بن الأسود – رضي الله عنه – قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تُدنَى الشمس من الخلائق، حتى تكون منهم بمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق؛ فمنهم من يكون العرق إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يُلجمه العرقُ إلجامًا))؛ رواه مسلم، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: ((يعرق الناس يوم القيامة، حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعًا))، فيا سعادة من نال الظل في ذلك اليوم!

خامسًا: الكلام على الأصناف الواردة في الحديث:
الأول: (الإمام العادل):
الإمام العادل: الإمام المراد به الحاكم أو السلطان، ويدخل فيه القاضي أيضًا، وكل من له ولاية على غيره.

قال ابن حجر – رحمه الله -: "ويلحق به كلُّ من وَلِيَ شيئًا من أمور المسلمين فعَدَلَ فيه، ويؤيِّده رواية مسلم من حديث عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما – ورفعه: ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، الذين يَعدِلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا))، وأحسن ما فسِّر به العادل: أنه الذي يتبع أمر الله – تعالى – بوضع كل شيء في موضعه، من غير إفراط ولا تفريط"؛ (انظر: "الفتح"، حديث (660)).

قدِّم الإمام العادل في الذِّكر؛ لعموم النفع به، فنفعه متعدٍّ، فإن عَدَلَ، عدل من تحته وصلحت أحوال الناس، والعادل يحكم بين الناس بالعدل، فلا يميل مع الهوى، ولا يرتشي بمال، ولا يضيع ما أمره الله به.

الثاني: وشاب نشأ بعبادة الله:
نشأ: نبت وابتدأ، والباء في (بعبادة) هي باء المصاحبة، كقولنا: جاء زيد بمتاعه؛ أي: مصاحبًا له، وقد تكون الباء بمعنى (في)، وهي الموافقة لرواية البخاري: ((وشاب نشأ في عبادة الله)).

خص الله – تعالى – الشاب دون الصغير أو الكبير في السن؛ لأن الشباب مظِنةُ غلبة الشهوة، فباعث الهوى والشهوة والانحراف فيه قويٌّ، فإذا لازم العبادة مع ذلك، كان أدلَّ على غلبة التقوى.

من المقرر عند أهل العلم أنه لا عصمة إلا للأنبياء – عليهم الصلوات والسلام – فلا يمكن أن يوجد مسلم بلا ذنوب، شابًّا كان أو غير ذلك؛ لأن بني آدم خطَّاؤون لا محالة؛ ففي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجه، من حديث أنس – رضي الله عنه – مرفوعًا: ((كل ابن آدم خطاء، وخيرُ الخطائين التوابون))، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – مرفوعًا: ((والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم))، ولكن الخلاف فيمن يَصدُق عليه فضلُ الشاب الناشئ في عبادة الله.

فقيل: هو الشاب الذي منذ صغره وهو في عبادة الله – تعالى – لأن (نشأ) معناها: ابتدأ ونما وتربَّى.

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: "والثاني شاب نشأ في عبادة ربه، (نشأ) منذ الصغر وهو في العبادة، فهذا صارت العبادة كأنها غريزة له، فألِفها وأحبَّها،حتى إنه إذا انقطع يومًا من الأيام عن عبادة تأثر"؛ (انظر: شرح البخاري لشيخنا، 3/79).

وقيل: هو أفنى شبابه ووقت قوَّتِه في عبادة الله، لا في معصية، فحبس نفسه عن مخالفة ربه.

قال المباركفوري – رحمه الله -: "(نشأ)؛ أي: نما وتربى، (بعبادة الله)؛ أي :لا في معصية، فجُوزِيَ بظل العرش؛ لدوام حراسة نفسه عن مخالفة ربه"؛ (انظر: "تحفة الأحوذي").

قال ابن حجر – رحمه الله -: زاد حماد بن زيد عن عبيدالله بن عمر – رضي الله عنهما -: ((حتى توفي على ذلك))؛ أخرجه الجوزقي، وفي حديث سلمان – رضي الله عنه -: ((أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله))؛ (انظر: "الفتح"، حديث (660)).

وقيل: من كان في شبابه حسناتُه أكثرُ، وذنوبه أقل ممن عَبَدَ الله – تعالى – في آخر عمره.

قال الباجي – رحمه الله -: "((وشاب نشأ في عبادة الله – تعالى)): يحتمل – والله أعلم – أن يريد به أقل ذنوبًا، وأكثر حسنات ممن نشأ في غير عبادة الله – عز وجل – ثم عَبَدَه في آخر عمره وفي شيخوخته"؛ (انظر: "المنتقى")، وقيل غير ذلك.

إيراد هذا الصنف ضمن السبعة الذين يظلهم الله – تعالى – أعظمُ دلالة على أهمية تربية الأبناء على عبادة الله، وحثهم على ما يعينه على ذلك، كحلقات تحفيظ القرآن، والتردد على المساجد، وطلب العلم الشرعي، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والارتباط بالرفقة الصالحة التي تعينه على ذلك؛ فإن من شبَّ على شيء، شاب عليه.

الثالث: ((ورجلٌ قلبه معلقٌ في المساجد)):
((معلقٌ في المساجد))؛ أي: محب للمساجد حبًّا شديدًا، ومن شدة حبِّه تعلَّق قلبُه بها وإن كان جسده خارجًا عنها، فالمقصود طول الملازمة بالقلب حتى يعود إليها، ويتردد إلى صلاة الجماعة والقراءة والذِّكر فيها، ويشهد لذلك رواية مسلم الأخرى: ((ورجل معلق في المسجد، إذا خرج منه حتى يعود إليه)).
قال النووي – رحمه الله -: "(معلقٌ في المساجد): وفي بعضها ((متعلق)) بالتاء، وكلاهما صحيح، ومعناها شديد الحب لها، والملازمة للجماعة فيها، وليس معناه دوام القعود في المسجد"؛ (انظر: "شرح مسلم"، حديث (1031)).

من كانت هذه صفته، فهي دليل على قوة صلته بربه – عز وجل – لأن المساجد بُنيت لتؤدَّى فيها الفريضة جماعة، والصلاة صلة بين العبد وربه، فإذا أحبَّها العبد، وتعلَّق قلبُه بها، كانت دليلاً على أنه يحب الصلة التي بينه وبين الله تعالى – نسأل الله تعالى من فضله.

الرابع: ((ورجلان تحابَّا في الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه)):
((اجتمعا عليه، وتفرقا عليه)): الضمير يعود إلى الحب في الله، والمقصود أنهما داما على الحب في الله ولم يقطعاه أبدًا، سواء اجتمعت أجسادهم أو لم تجتمع في الدنيا، حتى فرَّق بينهما الموت.

المقصود أن يكون الحب في الله حقيقيًّا يحرِّكه القلب، فلا يكفي أن يكون ظاهريًّا فقط، أو باللفظ فقط، وأن يكون الحب في الله، لا في مال، أو جاهٍ، أو نسب، أو قرابة، ونحو ذلك.

عُدَّتْ هذه خصلة واحدة مع أن متعاطيَها اثنان، والمقصود عدُّ الخصال، لا عدُّ مَن اتصف بها.

ليس معنى هذه الخصلة أن يرى المحب في الله حبيبَه فيه على خطأ أو تقصير فلا يصوبه؛ بل من تمام المحبة أن يأخذ على يده إلى الحق؛ لأنه إنما أحبه لله، فيرشده إلى ما يقرِّبه إلى الله – تعالى.

إيراد هذه الخصلة مع السبعة فيه بيان فضل الله – تعالى – على عباده، حتى عدها البعض من أيسر الخصال تحقُّقًا، وهذا – بحمد الله تعالى – مشاهَدٌ كثيرًا بين من يستشعرون هذه العبادة.

إيراد هذه الخصلة في الحديث دليلٌ على عظم منزلة المتحابين في الله – تعالى – والأحاديث في فضل ذلك كثيرة، سيأتي بيانها في موضعها – بإذن الله.

الخامس: ((ورجلٌ دعتْه امرأةٌ ذات منصبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخاف الله)):
((دعته))؛ أي: طلبتْه لفعل الفاحشة والزنا بها، وهذه أول الدواعي في هذه الخصلة، فالطلب جاء منها، وثاني الدواعي: أنها ذات منصب؛ أي: أصل وشرف ومال، وثالثها: أنها ذات جمال، ولا يمتنع عن ذلك مع وجود هذه الدواعي إلا قلبٌ عظُم فيه الخوفُ من الله.

خص المنصب والجمال؛ لشدة رغبة الناس فيهما، وحرصهم عليهما وندرة اجتماعهما في واحد.

قال القرطبي – رحمه الله -: معنى "دعته": عرضت نفسها عليه؛ أي: للفاحشة، وقول المدعو في مثل هذا الحال: إني أخاف الله، وامتناعه لذلك دليلٌ على عظيم معرفته بالله – تعالى – وشدة خوفه من عقابه، ومتين تقواه، وحيائه من الله – تعالى – وهذا هو المقام اليوسفي"؛ (انظر: "المفهم"، حديث (899)).
((إني أخاف الله)): الخوف من الله: هو الرهبة من عذابه، فالذي مَنَعَه من فعل الفاحشة هو الخوف من الله، لا سبب آخر، وقال: (إني أخاف الله)، يحتمل أنه قالها بقلبه؛ ليزجر نفسه، ويحتمل أنه قالها بلسانه؛ ليزجرها – أي: المرأة الطالبة – ليزجرها عن الفاحشة بتذكيرها بالله – تعالى – أو ليعتذر إليها، وقوله ذلك فيه دلالة على شدة خوفه من الله – تعالى – كما تقدم بيانه.

السادس: ((ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها؛ حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)):
((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)): هكذا في رواية مسلم، ورواية البخاري: ((حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))، وهي الصواب؛ لأن المعروف في النفقة أنها تكون باليمين، وأما رواية مسلم ففيها قلب.

قال القاضي عياض – رحمه الله -: "كذا روي عن مسلم هنا في جميع النسخ الواصلة إلينا، والمعروف الصحيح: ((حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))، وكذا وقع في الموطأ والبخاري، وهو وجه الكلام؛ لأن النفقة المعهود فيها اليمين، ويشبه أن يكون الوهم فيها من الناقلين عن مسلم، بدليل إدخاله بعده حديث مالك…"؛ (انظر: "كمال المعلم"، 3/563، وانظر: "شرح النووي لمسلم"، حديث (1031)، وانظر: "الفتح"، حديث (660)).

المقصود من ذلك: هو المبالغة في الإخفاء والاستتار بالصدقة عند بذلها، بحيث لا تعلم الشمال بما تصدَّقت اليمينُ مع قربها وملازمتها له، فضرب المثال هنا لبيان المبالغة في الإخفاء وطلب الإخلاص، وليس المراد ظاهر المثال بأن يخفي شماله عند بذل يمينه للصدقة – والله تعالى أعلم.

قوله: ((تصدق بصدقةٍ)): صدقة نكرة، والتنكير يفيد العموم، فيشمل كلَّ ما يتصدق به من قليل أو كثير، وظاهر الحديث: أن الصدقة الأفضلُ فيها الإخفاءُ، سواء كانت صدقة واجبة كالزكاة، أو صدقة تطوع؛ لأن اللفظ عام يشمل ذلك، ونقل النووي أن أكثر العلماء على أن الصدقة الواجبة الإعلانُ بها أفضل، وليس في المسألة نصٌّ يفصل ذلك؛ ولذلك جرى الخلاف في هذه المسألة، والأظهر – والله أعلم – أن الأفضل في الصدقة – واجبةً أو مستحبةً

الإخفاء، إلا إذا وجدتْ مصلحة للإعلان، فالإعلان أفضل، ويدل على ذلك النص والنظر.

فمن النص: قوله – تعالى -: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 271].

واختلف أهل العلم في المراد بالصدقة في الآية، فقيل: صدقة الفرض، وقيل: صدقة التطوع.

وأيضًا حديث الباب عام يشمل صدقة الفرض والنفل.

ومن حيث النظر: فإن في صدقة السرِّ تحقُّقَ ثلاثة أمور، بخلاف صدقة العلانية، فأمر واحد، ففي صدقة السر:
أ- إيصال الخير والنفع للفقير وسد حاجته، وهذا يتحقق في صدقة العلن أيضًا.
ب- أن صدقة السر أقرب إلى الإخلاص، وأبعد عن الرياء.
ج- في صدقة السر مراعاةٌ لحال الفقير، واحترام لشعوره، لا سيما المتعفِّف منهم، فهو يرغب في ذلك؛ خشية احتقار الناس له، أو نسبته إلى أنه يأخذ الصدقات ونحو ذلك، وقد امتدحهم الله – عز وجل – بقوله: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273].

فالأفضل – والله أعلم – صدقة السر، ولكن صدقة العلن أفضل في أحيان تقتضيها المصلحة، كأنْ يكون المتصدق ممن يُقتدَى به، وتنبعث الهمم على الإنفاق إذا رأتْه ينفق، كما يحصل في بعض المشاريع الخيرية حينما يعلن من يقتدى به الصدقة، فيقتدي به غيرُه؛ لما رواه مسلم في صحيحه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرُها، وأجرُ من عمل بها إلى يوم القيامة))، وكذا من أمِنَ على نفسه الرياء، أما من خاف ذلك، فالسر أفضل، ومن المصلحة في الإعلان أن يُتَّهم الإنسان بأنه لا يخرج زكاة ماله، ويساء به الظن، فيُظهرها حينئذٍ، ونحو ذلك من المصلحة الراجحة في الإعلان، فالسرُّ والعلن في الصدقة يختلف باختلاف الأحوال – والله تعالى أعلم.

السابع: ((ورجلٌ ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه)):
((ففاضت عيناه))؛ أي: فاضت وسالت دموعُ عينيه؛ لأن العين لا تفيض، والذي يفيض هو الدمع، وأسند الفيض للعين مبالغة كأنها هي التي فاضت، وهذا يسمى مجازًا مرسلاً.

((ذكر الله خاليًا)): إما بالتذكُّر بالقلب والفكر، وإما بالذِّكر باللسان، و(خاليًا)؛ أي: في موضع خالٍ ليس فيه أحد من الناس؛ ليكون أبعدَ عن الرياء، وأقربَ إلى الإخلاص، وخاليًا من الالتفات لغير الله – تعالى.

قال القرطبي – رحمه الله -: "فيض العين: بكاؤها، وهو على حسب حال الذكر، وبحسب ما ينكشف له من أوصافه – تعالى – فإن انكشف له غضبُه، فبكاؤه عن خوف، وإن انكشف له جماله وجلاله، فبكاؤه عن محبة وشوق، وهكذا يتلوَّن الذاكر بحسب ما يذكر من الأسماء والصفات"؛ (انظر: "المفهم"، حديث (899)).

في إيراد هذه الخصلة فضلُ البكاء من خشية الله – تعالى – أو شوقًا لما عند الله، وأعظمه النظر إلى وجهه الكريم – نسأل الله تعالى من فضله.

هذا ما تيسر بيانه بإيجاز عن هؤلاء السبعة، والحق أن الحديث عن كل واحد منهم يطول؛ فهي صفات عظيمة توحي بكمال كل خصلة ذُكرت.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: "فذكر صلى الله عليه وسلم هؤلاء السبعة، إذ كل واحد منهم كمل العبادة التي يقوم بها، فالإمام العادل كمل ما يجب من الإمارة، والشاب الناشئ في عبادة الله كمل ما يجب من عبادة الله، والذي قلبُه معلق بالمساجد كمل عمارة المسجد بالصلوات الخمس؛ لقوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18]، والعفيف كمل الخوف من الله، والمتصدق كمل الصدقة، والباكي كمل الإخلاص"؛ (انظر: "مجموع الفتاوى"، 23/144).

سادسًا: ذكر الرجل في الحديث لا مفهوم له، فليس المراد أنه لا يدخل في الفضل إلا الرجالُ؛ بل تشترك النساءُ معهم فيما ذُكر، ويستثنى من ذلك (الإمام العادل) إن كان المراد به الإمامة العظمى، وإلا فإن المرأة يمكن أن تدخل، بحيث تكون ذات عيال فتعدل بينهم، وكذلك يستثنى خدمة ملازمة المسجد؛ لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل، على أنه يحتمل أيضًا دخولها في هذا الفضل، وذلك حين يكون قلبها معلقًا بالصلاة؛ لأن فضل تعلق قلب المرء بالمساجد إنما هو من أجل ما عمرت به من المساجد، وأعظمها الصلاة، فإذا تعلق قلب المرأة بالصلاة، كان ذلك محتملاً لدخولها في هذا الفضل، وفضل الله – تعالى – واسع، والله أعلم.

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: "فهل مثله من لا يحضر المساجد؛ لكن قلبه معلق بالصلاة؟ يعنى: امرأة مثلاً في بيتها قلبُها معلَّقٌ بالصلاة، أو إنسان مريض لا يستطيع الصلاة في المسجد؛ لكن قلبه معلق بالعبادة من باب أولى؛ لأن المساجد أماكن العبادة… الذي يظهر لي: أن الذي قلبه معلق بالصلاة، سواء كان يؤديها في البيت لعذر، أو لكونه ليس من أهل الجماعة – يدخل في الحديث"؛ (انظر: "شرح البخاري"، لشيخنا ابن عثيمين، 3/84).

وأما الصفات الأخرى الواردة في الحديث، فمشاركة النساء للرجال فيهن حاصلة لهن، والله أعلم.

المصدر: http://www.ahlalanbar.net/showthread…#ixzz2fAEgwUwH

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هل ثبت أن أبا بكر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : هل مات الشيطان ؟! – سنة النبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال:
لقد سمعت حديثا وأريد التاكد من مصدره ، نص الحديث هو : " دخل نبي الله محمد صلي الله عليه وسلم على أبو بكر وعائشة وهما جالسان علي سرير واحد، وسأله قائلا هل مات الشيطان ؟

الجواب :
الحمد لله
لا نعرف حديثا بهذا اللفظ ولا بهذا المعنى ، وهو كلام حري به أن يكون موضوعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أصل له ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الشيطان قد أنظره الله تعالى إلى يوم الوقت المعلوم ، قال الله عز وجل : ( قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ) الأعراف/ 14، 15 ، وقال سبحانه : ( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) الحجر/ 36 – 38 .
والمقصود بيوم الوقت المعلوم ، يوم موت جميع الخلائق وفنائها عند النفخة الأولى
على الراجح من أقوال أهل العلم .
راجع لبيان ذلك إجابة السؤال رقم : (
10034
) .

فقد مدّ الله في عمر إبليس إلى وقت النفخة الأولى ، فهو حي إلى هذا الوقت لا يموت قبله ، وذلك ليتم ما أراده الله تعالى بحكمته وعلمه من ابتلاء الخلائق واختبارهم ليجازيهم يوم القيامة على أعمالهم .

وقد روى عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص 266) عن سلام بن مسكين قال : " سئل الحسن – يعني البصري – : يا أبا سعيد ! هل ينام إبليس ؟ قال : " لو نام لوجدنا لذلك راحة " .
فهذا الحديث محل السؤال حديث باطل لا أصل له .

راجع السؤال رقم : ( 34725 ) ، والسؤال رقم : ( 135763 ) لمعرفة خطورة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبيان تحريم رواية الكذب عنه ، وحكم ذلك في الشريعة .
والله أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

أسد الله وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
الله لا اله الا هو القاهر فوق عباده هو القوى المتين ونحن الضعفاء اليه هو الله نعم المولى ونعم النصير .
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى ال سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى ال سيدنا ابراهيم فى العالمين .
ثم اما بعد ابدا مشاركتى عن سيرة سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه ، ولقب بأسد الله واسد رسول الله .

دعونا نتعرف على نسب سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه .
هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، عم رسول الله وأخوه من الرضاعة، يقال له: أسد الله، وأسد رسوله . يكنى أبا عمارة، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وكان حمزة أسنَّ من رسول الله بسنتين. له من الأبناء: عمارة، ويعلى، وأمامة، وسلمى، وفاطمة، وأمة الله.

الحياة فى الجاهلية الأولى لسيدنا حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه :-
شهد سيدنا حمزة رضى الله عنه حرب الفجار الثانية ، وكانت بعد عام الفيل بعشرين سنة ، وبعد موت أبيه عبد المطلب باثنتى عشرة سنة ، ولم يكن فى العرب حينذاك أشهر منه ولا أعظم منه .
وحرب الفجار هذه هى بمثابة أول تدريب عملى لسيدنا حمزة رضى الله عنه ، تدرب عمليا على استخدام السلاح ، وعاش فى قلب المعركة الحقيقية ، وكان وقتئذ يبلغ من العمر ثنتين وعشرين سنة ، وكان مولعا بالصيد والقنص ، وهو ما يدل على مهارته فى الفروسية والرمى .

اسلام سيدنا حمزة رضى الله عنه :-
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ ، كَانَ وَاعِيَةً : أَنَّ أَبَا جَهْلٍ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الصَّفَا ، فَآذَاهُ وَشَتَمَهُ ، وَنَالَ مِنْهُ بَعْضَ مَا يَكْرَهُ مِنْ الْعَيْبِ لِدِينِهِ ، وَالتَّضْعِيفِ لِأَمْرِهِ ؛ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَوْلَاةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ فِي مَسْكَنٍ لَهَا تَسْمَعُ ذَلِكَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَعَمَدَ إلَى نَادٍ مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ .

فَلَمْ يَلْبَثْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ أَقْبَلَ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ ، رَاجِعًا مِنْ قَنْصٍ لَهُ ، وَكَانَ صَاحِبَ قَنْصٍ يَرْمِيهِ وَيَخْرُجُ لَهُ ، وَكَانَ إذَا رَجَعَ مِنْ قَنْصِهِ لَمْ يَصِلْ إلَى أَهْلِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ ، وَكَانَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَمُرَّ عَلَى نَادٍ مِنْ قُرَيْشٍ إلَّا وَقَفَ وَسَلَّمَ وَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ ، وَكَانَ أَعَزَّ فَتًى فِي قُرَيْشٍ ، وَأَشَدَّ شَكِيمَةً . فَلَمَّا مَرَّ بِالْمَوْلَاةِ ، وَقَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَيْتِهِ ، قَالَتْ لَهُ : يَا أَبَا عُمَارَةَ ، لَوْ رَأَيْتَ مَا لَقِيَ ابْنُ أَخِيكَ مُحَمَّدٌ آنِفًا مِنْ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ : وَجَدَهُ هَاهُنَا جَالِسًا فَآذَاهُ وَسَبَّهُ ، وَبَلَغَ مِنْهُ مَا يَكْرَهُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَاحْتَمَلَ حَمْزَةَ الْغَضَبُ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ ، فَخَرَجَ يَسْعَى وَلَمْ يَقِفْ عَلَى أَحَدٍ ، مُعِدًّا لِأَبِي جَهْلٍ إذَا لَقِيَهُ أَنْ يُوقِعَ بِهِ ؛ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ نَظَرَ إلَيْهِ جَالِسًا فِي الْقَوْمِ ، فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ ، حَتَّى إذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ رَفَعَ الْقَوْسَ فَضَرَبَهُ بِهَا فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً ، ثُمَّ قَالَ : أَتَشْتِمُهُ وَأَنَا عَلَى دِينِهِ أَقُولُ مَا يَقُولُ ؟ فَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيَّ إنْ اسْتَطَعْتُ . فَقَامَتْ رِجَالٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إلَى حَمْزَةَ لِيَنْصُرُوا أَبَا جَهْلٍ ؛ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : دَعُوا أَبَا عُمَارَةَ ، فَإِنِّي وَاَللَّهِ قَدْ سَبَبْتُ ابْنَ أَخِيهِ سَبًّا قَبِيحًا ، وَتَمَّ حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى إسْلَامِهِ ، وَعَلَى مَا تَابَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ . فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَزَّ وَامْتَنَعَ ، وَأَنَّ حَمْزَةَ سَيَمْنَعُهُ ، فَكَفُّوا عَنْ بَعْضِ مَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ .( 1 ) .

السيرة النبوية الشريفة لابن هشام – المكتبة الاسلامية – موقع اسلام ويب .

فأتى الشيطان حمزة رضي الله عنه فقال له: أنت سيد قريش، اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك، لَلموت خير لك مما صنعت، فأقبل حمزة على نفسه فقال: ما صنعتُ؟! اللهم إن كان رشداً فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعتُ فيه مخرجاً، فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان، حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي! إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشدٌ هو أم غٌي شديدٌ؟ فحدثني حديثاً، فقد اشتهيتُ يا ابن أخي أن تحدثني، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره، فألقى الله في نفسه الإيمان فقال : أشهد إنك لصادق شهادة المصدق والمعارف، فأظهر يا ابن أخي دينك، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول، فكان حمزة ممن أعز الله به الدين .

( 2 ) تفسير الامام القرطبى – الجامع لاحكام القرآن – دار الكتب المصرية – الطبعة الثانية – 1959 م .

نساء سيدنا حمزة رضى الله عنه ، وأولاده :-
كان لسيدنا حمزة رضى الله عنه ، خمسة اولاد ، ثلاثة ذكور وابنتان :-
تزوج حمزة بن عبد المطلب عدة زوجات هنَّ:
• بنت الملة بن مالك بن عبادة بن حجر بن عوف الأوسية الأنصارية، وهي التي أنجبت لحمزة:
1. يعلى بن حمزة بن عبد المطلب، ابنُ عم الرسولِ محمدٍ. قال الزبير: «لم يعقب أحد من بني حمزة بن عبد المطلب إلا يعلى وحده، فإنه ولد له خمسة رجال لصلبه، وماتوا ولم يعقبوا، فلم يبق لحمزة عقب».
2. عامر بن حمزة بن عبد المطلب، ودرج وهو صغير.
• بكر بن حمزة بن عبد المطلب، ودرج وهو صغير. خولة بنت قيس بن قهد بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن مالك النجارية الخزرجية الأنصارية، تكنى أم محمد، وقيل أم حبيبة. وقد قيل إن امرأة حمزة خولة بنت ثامر، وقيل إن ثامراً لقبٌ لقيس بن قهد، قال علي بن المديني: «خولة بنت قيس هي خولة بنت ثامر». وقد قُتل عنها حمزة يوم أحد، فخلف عليها النعمان بن العجلان الزرقي الخزرجي الأنصاري. وهي التي أنجبت لحمزة:
1. عمارة بن حمزة بن عبد المطلب، ابنُ عم الرسولِ محمدٍ، وبه كان حمزة يُكنَّى. وقد توفي الرسولُ محمدٌ ولعمارة ويعلى ابني حمزة أعوام.
• سلمى بنت عميس الشهرانية الخثعمية، أخت أسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب، وهي إحدى الأخوات اللاتي قال فيهن الرسولُ محمدٌ: «الأخوات مؤمنات». وكانت سلمى زوجَ حمزة بن عبد المطلب، ثم خلف عليها بعده شداد بن أسامة بن الهاد الليثي الكناني، فولدت له عبد الله، وعبد الرحمن. وهي التي أنجبت لحمزة:
1. أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، وقال بعض الرواة أن اسمها فاطمة وقيل أمة الله وقيل ابنة وقيل أم ورقة، وتكنى أم الفضل، وهي التي اختصم فيها علي وجعفر وزيد لما خرجت من مكة، وسألت كلَّ من مر بها من المسلمين أن يأخذها فلم يفعل، فاجتاز بها عليٌّ فأخذها، فطلب جعفر أن تكون عنده لأن خالتها أسماء بنت عميس عنده، وطلبها زيد بن حارثة أن تكون عنده لأنه كان قد آخى الرسولُ بينه وبين أبيها حمزة، فقضى بها الرسولُ لجعفر لأن خالتها عنده. ثم زوَّجها الرسولُ محمدٌ من سلمة ابن أبي سلمة المخزومي القرشي، فلما زوَّجه إياها أقبل على أصحابه وقال: «هل تروني كافأته؟»، وذلك لأن سلمة هو الذي زوَّج أمَّه أم سلمة للرسولِ محمدٍ. وأما أخوا أمامة بنت حمزة لأمها فهما عبدُ الله وعبدُ الرحمن ابنا شداد بن الهاد الليثي الكناني.

( المصدر من موسوعة ويكيبديا – كتاب أسد الغابة ) .
اولاد سيدنا حمزة رضى الله عنه من الاناث :-
– أمامة: أمها سلمى بنت عميس الخثعمية، وقد اخْتُلِفَ في اسم أمامة، والصواب ما ذكرناه، وهي صحابية.
5- فاطمة: أمها أنصاريا بنت الملة فهي شقيقة عامر ويعلى، وكنيتها أم الفضل، ولها صحبة، وقد اخْـتُلِفَ في اسمها أيضاً، وليس لها عقب.
ولها رواية فقد ذكر لها بقي بن مخلد وابن حزم حديثاً واحداً، ولها ذكر في الكاشف للذهبي، والتهذيب للمزي، وهي كتب تراجم رواة الحديث النبوي الشريف، وعند النسائي وابن ماجه وأبي داود.
وقد انقطع عقب حمزة رضي الله عنه من ولده الذكور والإناث، لكن بقي ذكره عاطراً في تاريخنا الإسلامي، كما ظلت حياته عند ربه قال تعالى: (( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ))[آل عمران:169].

والشكل التالي يوضح زوجات وأولاد حمزة رضي الله عنه، وأحوالهم من حيث الصحبة والرواية( [8])
( المصدر – اعتمدنا في إيراد أبناء حمزة على عدة مراجع من أهمها: أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (4/381) ط دار الفكر، تحقيق د. سهيل زكار، د.رياض زركلي. والإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (298) ط بيت الأفكار الدولية، ترجمة رقم (2070)، و(ص:1708)، و(ص:1743)، و(ص:1640)، و(ص:1638)، واستجلاب الغرف بحب أقرباء الرسول وذوي الشرف، شمس الدين السخاوي، ط دار البشائر الإسلامية، بيروت (1/228) تحقيق خالد بن أحمد الصُّمي بابطين، ومعالي الرتب لمن جمع بين شرفي الصحبة والنسب، مساعد سالم العبدالجادر، ط مكتبة مساعد العبدالجادر، الكويت (ص:119)، وجمهرة أنساب العرب، ابن حزم الأندلسي، ط الكتب العلمية (ص:17).

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

عمرو بن قيس بن زائدة – في الاسلام


هو الصحابي الجليل المعروف باسم (ابـن أم مكتـوم) الأعمـى في المدينة اسمه عمرو بن قيس بن زائدة القرشي العامري وفي العراق اسمه عبدالله وفي النهاية اجتمعوا على أنه ابن قيس بن زائدة بن الأصم بن رواحة.

نسبه

أمه أم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبدالله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم، وهو ابن خال السيدة خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها-، فأم خديجة هي فاطمة بنت زائدة الأصم وهي أخت قيس…

إسلامه

أسلم بمكة قديماً وكان ضرير البصر، هاجر إلى المدينة المنورة بعد مصعب بن عمير، قبل أن يهاجر الرسول – صلى الله عليه وسلم – إليها وقبل بدر قال البراء: (أوّل من قدم علينا من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مُصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يُقْرِئان النّاس القرآن)…

عبس وتولى

كان النبـي – صلى الله عليه وسلم – جالساً مع رجال من قريش فيهم عُتبة بن ربيعة وناس من وجوه قريش وهو يقول لهم: (أليس حسناً أن جئتُ بكذا وكذا؟)… فيقولون: (بلى والدماء!!)… فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله عن شيء فأعرض عنه، وعبس بوجهه، فأنزل الله تعإلى مُعاتباُ رسوله الكريم…

قال تعإلى: {عَبَـسَ وَتَولّـى ** أَن جآءَ هُ الأَعْمَـى ** وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّـى ** أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْـرى ** أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ** فأنْتَ لَهُ تَصَـدَّى ** وَمَا عَلَيْكَ ألا يَزَّكّـَى ** وَأمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ** وَهُوَ يَخْشَـى ** فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّـَى}… سورة عبس (آيات 1-10)… فلمّا نزلت الآية دعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ابن أم مكتوم فأكرمه…

الآذان

كان ابن أم كلثوم يُؤذَّن للنبي – صلى الله عليه وسلم – بالمدينة مع بلال، فقد كان بلال يُؤذّن ويُقيم ابن أم مكتوم، وربما أذن ابن أم مكتوم وأقام بلال، وقال الرسول – صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بلالاً يُنادي بليل، فكلوا واشربوا حتى يُنادي ابن أم مكتوم)… وبما أن ابن أم مكتوم أعمى كان لا يُؤذن حتى يُقال له: (أصبحت أصبحت)…

البصر

أتى جبريل – عليه السلام – رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعنده ابن أم مكتوم فقال: (متى ذهب بصرُك؟)… قال: (وأنا غلام)… فقال: (قال الله تبارك وتعإلى: (إذا ما أخذتُ كريمة عبدي لم أجِدْ له بها جزاءً إلا الجنة))…

اليهودية

نزل ابن أم مكتوم – رضي الله عنه – على يهودية بالمدينة (عمّة رجل من الأنصار) فكانت تخدمه وتؤذيه في الله ورسوله، فتناولها فضربها فقتلها، فرُفِعَ إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: (أمّا والله يا رسول الله إن كانت لّتُرْفِقُني – تخدمني – ولكنها آذتني في الله ورسوله، فضربتها فقتلتها)… فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (أبعدها الله تعإلى، فقد أبطلتْ دَمَها)…

المدينة

استخلفه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على المدينة ثلاث عشرة مرة، في غزواته منها: غزوة الأبواء وبواط، وذو العسيرة، وخروجه إلى جهينة في طلب كرز بن جابر، وفي غزوة السويق، وغطفان وأحد وحمراء الأسد، ونجران وذات الرقاع، واستخلفه حين سار إلى بدر، ثم في مسيره إلى حجة الوداع، وشهد فتح القادسية ومعه اللواء… وكان ابن أم مكتوم يُصلّي بالناس في عامّة غزوات رسول الله – صلى الله عليه وسلم-…

القاعدون والمجاهدون

عندما نزل قوله تعإلى: {لا يَسْتوي القَاعِدونَ مِنَ المؤمنينَ والمجاهدونَ في سَبيلِ الله}… سورة النساء (آية 95)… قال عبد الله بن أم مكتوم: (أيْ ربِّ أَنْزِل عُذري)… فأنزل الله {غَيْرُ أولِي الضَّرَرِ}… فجُعِلَتْ بينهما وكان بعد ذلك يغزو فيقول: (ادفعوا إليّ اللواء، فإنّي أعمى لا أستطيع أن أفرّ، و أقيموني بين الصّفَّين)…

يوم القادسية

شهد ابن أم مكتوم فتح القادسية ومعه اللواء، فقد كانت معه رايةٌ له سَوْداء، وعليه دِرْعٌ له سابغة ثم رجع ابن أم مكتوم إلى المدينة فمات بها.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

حول سيف النبي صلى الله عليه وسلم من السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد شاهدت صوراً لسيف يسمى " البتَّار " ، ويقال إنه كان للرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنه منقوش عليه أسماء الأنبياء ، وصورة للنبي داود عليه السلام وهو يقطع رأس جالوت ، وقد شاهدت هذه الصور وقرأت هذا الكلام في الموقع :
http://www.usna.edu/Users/humss/bwhe…rds/batar.html
وسؤالي هو :
إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم صور الأشخاص والحيوانات ، فكيف يمتلك سيفاً عليه صور ؟.




الحمد لله
أولاً :
ورد في كتب السيرة أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم عدة أسياف ، وقد ذكر بعض العلماء أنها تسعة أسياف ، وليس يثبت من ذلك في السنة الصحيحة إلا واحد فقط ! .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
كان له – صلى الله عليه وسلم – تسعة أسياف :
" مأثور " ، وهو أول سيف ملكه ، ورثه من أبيه ، و " العضب " و " ذو الفقار " – بكسر الفاء وبفتح الفاء – وكان لا يكاد يفارقه ، وكانت قائمته ، وقبيعته ، وحلقته ، وذؤابته ، وبكراته ، ونعله من فضة ، و " القلعي " ، و " البتار " ، و " الحتف " ، و " الرسوب " ، و " المخذم " ، و " القضيب " ، وكان نعل سيفه فضة ، وما بين حلق فضة .
وكان سيفه " ذو الفقار " تنفله يوم بدر ، وهو الذي أُري فيها الرؤيا .
ودخل يوم الفتح مكة وعلى سيفه ذهب وفضة [ ضعفه الألباني في مختصر الشمائل (87) ]
" زاد المعاد " ( 1 / 130 ) . وانظر : التراتيب الإدارية ، للكتاني (1/343) .
ومما ثبت من ذلك في السنَّة الصحيحة " ذو الفقار " :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ .
رواه الترمذي ( 1561 ) وابن ماجه ( 2808 ) وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
وقوله : ( تنفل سيفه ) أي : أخذه زيادة عن السهم .
ورواه أحمد ( 2441 ) – وحسنه الأرناؤط – بأتم من هذا ، وفيه بيان الرؤيا :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ : ( رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلًّا فَأَوَّلْتُهُ فَلا يَكُونُ فِيكُمْ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ ) فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وسمِّي سيف النبي صلى الله عليه وسلم " ذا الفقار " لأنه كانت فيه حفر صغار حسان ، ويقال للحفرة فقرة ، وهو أشهر سيوفه .
وأما سيفه " البتَّار " فقد جاء ذِكره عند ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 486 ) لكنه مرسل – وهو من أقسام الضعيف – ، وفي سنده الواقدي ، وأحاديث غير صحيحة .
قال الحافظ العراقي – رحمه الله – :
ولابن سعد في " الطبقات " من رواية مروان بن أبي سعيد ابن المعلى مرسلاً قال : أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع ثلاثة أسياف : سيف " قلعي " ، وسيف يدعى " بتَّارا " ، وسيف يدعى " الحتف " ، وكان عنده بعد ذلك " المخذم " ، و " رسوب " ، أصابهما من الفلْس .
وفي سنده الواقدي .
" تخريج أحاديث الإحياء " ( 2471 ) .
و" القلعي " نسبة إلى " مرج القلعة " موضع بالبادية .
وإذا كان لم يثبت في السنَّة الصحيحة وجود سيف بهذا الاسم للنبي صلى الله عليه وسلم : فكيف نصدق وجوده على تلك الصورة التي ينشرها من يزعم أنها صورة سيف النبي صلى الله عليه وسلم ؟! .
ثانياً :
قد ورد في السنة الصحيحة وصف سيف النبي صلى الله عليه " ذو الفقار " ، وليس فيه أنه يحوي صوراً لأحدٍ ، وكيف يمكن أن يقتني النبي صلى الله عليه وسلم سيفاً كهذا ، وهو الذي نهى عن الصور وأمر بطمسها ؟! .
وعندما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة لم يدخل الكعبة إلا بعد أن أمر بطمس ما كان فيها من صور .
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَمَنَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا ، فَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مُحِيَتْ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا .
رواه أبو داود ( 4156 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وقد ثبت في السنَّة أن مقبض سيفه " ذو الفقار " كان من فضة .
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ : كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ .
رواه النسائي ( 5373 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
والسيف يباح تحليته بيسير الفضة فإن سيف النبي كان فيه فضة .
" مجموع الفتاوى " ( 25 / 64 ) .
ثالثاً :
يردُّ على ما ورد في الموقع – من وجه آخر – من زعمهم أن هذا سيف النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يثبت بقاء شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم على وجه اليقين ، فقد زُعم وجود نعل وشعر وثياب وأحجار تخص النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة في العالم ، وكل دولة تزعم أنها المحقة وغيرها ليس محقّاً ، وثبت في القديم والحديث زيف ادعاءات كثيرين بنسبة ما يملكونه للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لما في ذلك من التكسب من أموال الناس .
وقد ذكر ابن طولون في كتابه " مفاكهة الخلان في حوادث الزمان " في حوادث سنة تسع عشرة وتسعمائة أن بعضهم زعم أنه يملك قدحاً وبعض عكاز للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه " تبيَّن أنهما ليسا من الأثر النبوي ، وإنما هما من أثر الليث بن سعد " !!
وقد حافظ بعض الخلفاء والكبراء على بعض آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن ذهب كثير منها في الفتن التي تعاقبت على دولة الإسلام .
ومن ذلك : إحراق التتار عند غزوهم بغداد ( سنة 656 هـ ) بردة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي فتنة تيمورلنك في دمسق ( سنة 803 هـ ) ذهب نعلان ينسبان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
ولذا شكك الأئمة بثبوت شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم باقٍ إلى الآن ، بل إن منهم من جزم بعدم ثبوته .
1. قال ابن كثير – رحمه الله – وهو يتحدث عن أثواب النبي صلى الله عليه وسلم – :
قلت : وهذه الأثواب الثلاثة لا يدرى ما كان من أمرها بعد هذا .
" البداية والنهاية " ( 6 / 10 ) ، و" السيرة النبوية " ( 4 / 713 ) .
2. وقال السيوطي – رحمه الله – :
وقد كانت هذه البردة عند الخلفاء يتوارثونها ويطرحونها على أكتافهم في المواكب جلوساً وركوباً ، وكانت على المقتدر حين قتل وتلوثت بالدم ، وأظن أنها فقدت في فتنة التتار ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
" تاريخ الخلفاء " ( ص 14 ) .
3. ويقول العلامة أحمد تيمور باشا – بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقسطنطينية في ( إسطنبول ) ـ:
لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة ؛ غير أنّا لم نرَ أحداً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي ، فالله سبحانه أعلم بها ، وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها في الشكوك .
" الآثار النبوية " ( ص 78 ) .
وقال في ( ص 82 ) – بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه رضي الله عنهم – :
فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك : فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب رضي الله عنهم ، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها . انتهى
4. وقال الشيخ الألباني – رحمه الله – :
هذا ولا بد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ولا ننكره ، خلافاً لما يوهمه صنيع خصومنا ، ولكن لهذا التبرك شروطاً ، منها :
الإيمان الشرعي المقبول عند الله ، فمن لم يكن مسلماً صادق الإسلام : فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا .
كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلاً على أثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ويستعمله .
ونحن نعلم أن آثاره من ثياب ، أو شعر ، أو فضلات : قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين .
" التوسل " ( 1 / 145 ) .
5. وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – في مقال " تعقيب على ملاحظات الشيخ محمد المجذوب بن مصطفى – :
وأما ما انفصل من جسده صلى الله عليه وسلم أو لامسه : فهذا يُتَبَرَّك إذا وُجد وتحقق في حال حياته وبعد موته إذا بقي ، لكن الأغلب أن لا يبقى بعد موته ، وما يدَّعيه الآن بعض الخرافيين من وجود شيء من شعره أو غير ذلك : فهي دعوى باطلة لا دليل عليها … .
لا وجود لهذه الآثار الآن ؛ لتطاول الزمن الذي تبلى معه هذه الآثار وتزول ؛ ولعدم الدليل على ما يُدَّعى بقاؤه منها بالفعل .
" البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " ( ص 154 ) .
6. وتحت عنوان " هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر " بيَّن الدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع في " التبرك ، أنواعه وأحكامه " – ( ص 256 – 260 ) – أنه يشك في ثبوت نسبة ما يوجد الآن من هذه الآثار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى القرون والأيام بسبب الضياع ، أو الحروب والفتن . انتهى
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

آيات القرآن في فضل الصحابة الكرام – سنة النبي

سجل القرآن الكريم العديد من الآيات التي تبين فضل صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – وما قاموا به نصرة لدين الله تعالى، ابتداء من هجر دين آبائهم وما جر ذلك عليهم من عداوة الأقربين، ومن تركهم وهجرتهم لأهلهم وبلادهم وأموالهم وأولادهم ابتغاء رضوان الله تعالى، ومن وقوفهم مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في قتال المشركين، ومن صبرهم على شظف العيش ومرارة الحياة، ومن إنفاقهم في سبيل الله على قلة ذات أيديهم، كل ذلك سجله القرآن الكريم، ليسجل للأجيال أعظم صورة لجيل الصحابة الكرام في بذلهم وعطائهم وصدقهم وإخلاصهم، فمن الآيات التي وردت في فضل الصحابة وذكر مواقفهم، ما ورد في سورة الأنفال (64): { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين }، أي: أن الله كافيك وكافي المؤمنين معك شر أعدائهم ومكرهم، وهذه تزكية للصحابة الكرام بأن الله كافيهم وناصرهم على عدوهم. ومنها ما في سورة الأنفال أيضاً (62) { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين }، حيث امتن الله على نبيه بنصرته إياه، وبنصر المؤمنين وهم الصحابة له، وهذه منزلة عظيمة أنزلهم الله إياها إذ جعلهم أنصاره وأنصار نبيه – صلى الله عليه وسلم -.
وفي سورة الأنفال (63) قال تعالى: { وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم }، وهذه فضيلة عظيمة للصحابة من الأنصار والمهاجرين بأن الله حبب بعضهم لبعض، وجمع قلوبهم على الحق والهدى فأصبحوا من أتباعه وأنصاره .
وفي التوبة (20) يقول الله تعالى: { الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون }، وهذا بيان لفضل الصحابة الكرام من المهاجرين، الذين تركوا ديارهم وأموالهم طاعة لله، وابتغاء مرضاته، بأن لهم الدرجات العلى في الآخرة، والمنازل الرفيعة، وأنهم هم الفائزون حقاً .
وفي الأنفال (74) قال سبحانه: { والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا وأولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزقٌ كريمٌ }، وفي هذه الآية جمع الله الفضل لفريقي الصحابة، وهم المهاجرون والأنصار، من هاجر، ومن آوى، فشهد لهم بحقيقة الإيمان، ووعدهم بالمغفرة والرزق الواسع.
وفي الأنفال: (75) قال تعالى: { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم }، وهنا تزكية أخرى لمن تخلف عن الهجرة والجهاد، ثم لحق بالصحابة بأنهم منهم في وجوب الولاية والنصرة .
وفي التوبة (88) قال تعالى: { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم }، وهذه تزكية عظيمة للصحابة الكرام حيث جمعهم الله مع نبيه – صلى الله عليه وسلم – في الإيمان والجهاد والثواب في الآخرة والجزاء بالخلود في الجنات .
وفي التوبة (100) قال تعالى: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم }، وهذا تفضيل للسابقين من المهاجرين والأنصار في الأجر والثواب، وأن سبقهم لا يقصي من جاء بعدهم، بل هم معهم أيضاً في الرضوان والجنان مع الخلود التام .
وفي الأحزاب (23) قال سبحانه: { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه }، فوصفهم بالصدق، وهذا يشمل الصدق في الإيمان والصدق في مواقف التضحية، وهي شهادة عظيمة للصحابة الكرام بصدق القول والعمل .
وفي الفتح (18) قال تعالى: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً } وهذا إعلان رضا من الله سبحانه عن الصحابة الكرام ممن بايع النبي – صلى الله عليه وسلم – بيعة الرضوان، بأنه سبحانه علم صدق قلوبهم، وثباتها على الإيمان فأثابهم على صبرهم، ووعدهم فتح مكة في القريب العاجل .
وفي سورة الفتح أيضاً (29) قال تعالى: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود } إلى آخر السورة وهذه فضيلة أخرى سجلها القرآن للصحابة الكرام حيث جمعهم مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في وصفه لهم بأنهم أشداء على الكفار، رحماء بينهم، مواظبين على أداء الصلاة ابتغاء مرضاة الله تعالى، وأن علامة صلاتهم ظاهرة في وجوههم نوراً وبهاءاً.
وفي سورة الحشر (8) يقول سبحانه: { للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون }، وهذه فضيلة للمهاجرين خاصة بأنهم ما تركوا ديارهم وأموالهم إلا نصرة لله ورسوله، وأنهم صادقون فيما أقدموا عليه وأن الله يثيبهم وينصرهم.
وفي الحشر أيضاً (9) قال تعالى: { والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } وهو وصف عظيم للأنصار ممن آوى الصحابة المهاجرين حباً وكرامة، بأنهم أهل الإيمان، وأهل الفضيلة والإيثار، وأن جزاءهم هو الفلاح في الدنيا بالعيش الكريم، وفي الآخرة النجاة من النار ودخول الجنة والخلود في نعيمها .
وفي سورة التحريم (8) قال تعالى: { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير } وهذا وعد من الله تعالى للنبي – صلى الله عليه وسلم – ومن آمن معه – وهم الصحابة – بالكرامة في الآخرة، وبالشرف التام، والمقام الرفيع، والنور الظاهر .
هذه جملة من الآيات التي تتحدث عن هذا الجيل العظيم ممن نصر النبي – صلى الله عليه وسلم – وآمن به وآزره، ووقف معه في أشد المواقف صعوبة وقسوة، وحافظ على إيمانه في حياته، وبعد مماته، فكان نعم العون في تبليغ الإسلام ونشره، ونقله للأجيال التالية نقياً دون زيادة أو نقصان .
فالواجب على الأمة الاعتراف لهؤلاء الأماجد بالفضل، وتعظيمهم وتبجيلهم، وعدم هضمهم حقهم، مع اجتناب الغلو فيهم فهم في النهاية بشر، يصيبون ويخطئون، والبصير الصادق من اغتفر عنده قليل خطأ المرء في كثير صوابه .


موقع مقالات اسلام ويب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

هى الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى علاج الكرب والهم والحزن، من هدى الرسول

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الاحوال أعضاء منتدانا الغاليين كلمات مضيئة
اليوم جيبالكم موضوع عن "هدى الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى علاج الكرب والهم والحزن"
=============================================

في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الكرب والهم والحزن

في " الصحيحين " عن ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم .
وللترمذي عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث .
وله عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أهمه أمر رفع طرفه إلى السماء – ص 194 – وقال : سبحان الله العظيم وإذا اجتهد في الدعاء قال : يا حي يا قيوم .
ولأبي داود عن أبي بكر الصديق مرفوعا : دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو ، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ، وله عن أسماء بنت عميس قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب : الله الله ربي لا أشرك به شيئا وفي رواية سبع مرات .
ولأحمد عن ابن مسعود مرفوعا قال : ما أصاب عبدا همّ ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ناصيتي بيدك ، ماض فيَّ حكمك ، عدل فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علّمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور بصري ، وجلاء حزني ، وذهاب همّي . إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرحا .
وللترمذي عن سعد مرفوعا : دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له .
وفي رواية : إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه كلمة أخي يونس .
ولأبي داود أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي أُمامة : ألا أعلّمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك ، وقضى دينك ؟ قال : قلت : بلى ، قال : قل إذا أصبحت وإذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجُبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " ، ففعلت ، فأذهب الله عز وجل همي ، وقضى عني دَيْنِي .
ولأبي داود عن ابن عباس مرفوعا : من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب .
وفي " السنن " : عليكم بالجهاد ، فإنه باب من أبواب الجنة يدفع الله به عن النفوس الهم والغم .
وفي " المسند أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، ويُذكر عن ابن عباس مرفوعا : من كثرت همومه وغمومه ، فليكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله .
وفي " الصحيحين إنها كنز من كنوز الجنة .
وهذه الأدوية تتضمن خمسة عشر نوعا من الدواء ، فإن لم تقو على إذهاب الهم والغم والحزن ، فهو داء قد استحكم ، وتمكنت – ص 195 – أسبابه ، ويحتاج إلى استفراغ كلي .
الأول : توحيد الربوبية .
الثاني : توحيد الألوهية .
الثالث : التوحيد العلمي .
الرابع : تنزيه الرب تعالى عن أن يظلم عبده ، أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك .
الخامس : اعتراف العبد أنه هو الظالم .
السادس : التوسل بأحب الأشياء إلى الله ، وهو أسماؤه وصفاته ، ومن أجمعها لمعاني الأسماء والصفات " الحي القيوم " .

السابع : الاستعانة به وحده .
الثامن : إقرار العبد له بالرجاء .
التاسع : تحقيق التوكل عليه والتفويض إليه ، والاعتراف له بأن ناصيته في يده يصرفه كيف يشاء ، وأنه ماضٍ فيه حكمه ، عدل فيهٌ قضاؤه .
العاشر : أن يرتع قلبه في رياض القرآن ، ويجعله لقلبه كالربيع للحيوان ، وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات والشهوات ، وأن يتسلى به عن كل فائت ، ويتعزى به عن كل مصيبة ، ويستشفي به من أدواء صدره ، فيكون جلاء حزنه ، وشفاء همه وغمه .
الحادي عشر : الاستغفار .
الثاني عشر : التوبة .
الثالث عشر : الجهاد .
الرابع عشر : الصلاة .
الخامس عشر : البراءة من الحول والقوة وتفويضها إلى الله .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

أبو ايوب الأنصاري من السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كان الرسول عليه السلام يدخل المدينة مختتما بمدخله هذا رحلة هجرته الظافرة، ومستهلا أيامه المباركة في دار الهجرة التي ادّخر لها القدر ما لم يدخره لمثلها في دنيا الناس..

وسار الرسول وسط الجموع التي اضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة، ومحبة وشوقا… ممتطيا ظهر ناقته التي تزاحم الناس حول زمامها كل يريد أن يستضيف رسول الله..
وبلغ الموكب دور بني سالم بن عوف، فاعترضوا طريق الناقة قائلين:

" يا رسول الله، أقم عندنا، فلدينا العدد والعدة والمنعة"..

ويجيبهم الرسول وقد قبضوا بأيديهم على زمام الناقة:

" خلوا سبيلها فانها مأمورة".

ويبلغ الموكب دور بني بياضة، فحيّ بني ساعدة، فحي بني الحارث بن الخزرج، فحي عدي بن النجار.. وكل بني قبيل من هؤلاء يعترض سبيل الناقة، وملحين أن يسعدهم النبي عليه الصلاة والسلام بالنزول في دورهم.. والنبي يجيبهم وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة:

" خلوا سبيلها فانها مأمورة..

لقد ترك النبي للمقادير اختيار مكان نزوله حيث سيكون لها المنزل خطره وجلاله.. ففوق أرضه سينهض المسجد الذي تنطلق منه الى الدنيا بأسرها كلمات الله ونوره.. والى جواره ستقوم حجرة أو حدرات من طين وطوب.. ليس بها من متاع الدنيا سوى كفاف، أو أطياف كفاف!! سيسكنها معلم، ورسول جاء لينفخ الحياة في روحها الهامد. وليمنح كل شرفها وسلامها للذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.. للذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم.. وللذين أخلصوا دينهم للله.. للذين يصلحون في الأرض ولا يفسجون.

أجل كان الرسول عليه الصلاة والسلام ممعنا في ترك هذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه..

من اجل هذا، ترك هو أيضا زمام ناقته وأرسله، فلا هو يثني به عنقها ولا يستوقف خطاها.. وتوجه الى الله بقلبه، وابتهل اليه بلسانه:

" اللهم خر لي، واختر لي"..

وأمام دار بني مالك بن النجار بركت الناقة.. ثم نهضت وطوّفت بالمكان، ثم عادت الى مبركها الأول، وألأقت جرانها. واستقرت في مكانها ونزل الرسول للدخول.. وتبعه رسول الله يخف به اليمن والبركة..

أتدرون من كان هذا السعيدالموعود الذي بركت الناقة أمام داره، وصار الرسول ضيفه، ووقف أهل المدينة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية..؟؟

انه بطل حديثنا هذا.. أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد، حفيد مالك بن النجار..

لم يكن هذا أول لقاء لأبي أيوب مع رسول الله..

فمن قبل، وحين خرج وفد المدينة لمبايعة الرسول في مكة تلك البيعة المباركة المعروفة بـ بيعة العقبة الثانية.. كان أبو أيوب الأنصاري بين السبعين مؤمنا الذين شدّوا أيمانهم على يمين الرسول مبايعين، مناصرين.

والآن رسول الله يشرف المدينة، ويتخذها عاصمة لدين الله، فان الحظوظ الوافية لأبي أيوب جعلت من داره أول دار يسكنها المهاجر العظيم، والرسول الكريم.

ولقد آثر الرسول أن ينزل في دورها الأول.. ولكن ما كاد أبو أيوب يصعد الى غرفته في الدور العلوي حتى أخذته الرجفة، ولم يستطع أن يتصوّر نفسه قائما أو نائما، وفي مكان أعلى من المكان الذي يقوم فيه رسول الله وينام..!!

وراح يلح على النبي ويرجوه ان ينتقل الى طابق الدور الأعلى فاستجاب النبي لرجائه..

ولسوف يمكث النبي بها حتى يتمّ المسجد، وبناء حجرة له بجواره..

ومنذ بدأت قريش تتنمّر للاسلام وتشن اغاراتها على دار الهجرة بالمدينة، وتؤلب القبائل، وتجيش الجيوش لتطفئ نور الله..

منذ تلك البداية، واحترف أبو أيوب صناعة الجهاد في سبيل الله.

ففي بدر، وأحد والخندق، وفي كل المشاهد والمغازي، كان البطل هناك بائعا نفسه وماله لله ربو العالمين..

وبعد وفاة الرسول، لم يتخلف عن معركة كتب على المسلمين أن يخوضوها، مهما يكن بعد الشقة، وفداحة المشقة..!

وكان شعاره الذي يردده دائما، في ليله ونهاره.. في جهره واسراره.. قول الله تعالى:

( انفروا خفافا وثقالا)..

مرة واحدة.. تخلف عن جيش جعل الخليفة أميره واحدا من شباب المسلمين، ولم يقتنع أبو أيوب بامارته.

مرة واحدة لا غير.. مع هذا فان الندم على موقفه هذا ظل يزلزل نفسه، ويقول:

" ما عليّ من استعمل عليّ"..؟؟

ثم لم يفته بعد ذلك قتال!!

كان حسبه أن يعيش جنديا في جيش الاسلام، يقاتل تحت رايته، ويذود عن حرمته..

ولما وقع الخلاف بين علي ومعاوية، وقف مع علي في غير تردد، لأنه الامام الذي أعطي بيعة المسلمين.. ولما استشهد وانتهت الخلافة خعاوية وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة، الصامدة التقية لا يرجو من الدنيا سوى أن يضل له مكان فوق أرض الوغى، وبين صفوف المجاهدين..

وهكذا، لم يكد يبصر جيش الاسلام يتحرك صوب القسطنطينية حتى ركب فرسه، وحمل سيفه، وراح يبحث عن استشهاد عظيم طالما حنّ اليه واشتاق..!!

وفي هذه المعركة أصيب.

وذهب قائد جيشه ليعوده، وكانت أنفاسه تسابق أشواقه الى لقاء الله..

فسأله القائد، وكان يزيد بن معاوية:

" ما حاجتك أبا أيوب"؟

ترى، هل فينا من يستطيع أن يتصوّر أو يتخيّل ماذا كانت حاجة أبا أيوب..؟

كلا.. فقد كانت حاجته وهو يجود بروحه شيئا يعجز ويعيي كل تصوّر، وكل تخيّل لبني الانسان..!!

لقد طلب من يزيد، اذا هو مات أن يحمل جثمانه فوق فرسه، ويمضي به الى أبعد مسافة ممكنة في أرض العدو، وهنالك يدفنه، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق، حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره، فيدرك آنئذ أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز..!!

أتحسبون هذا شعرا..؟

لا.. ولا هو بخيال، بل واقع، وحق شهدته الدنيا ذات يوم، ووقفت تحدق بعينيها، وبأذنيها، لا تكاد تصدق ما تسمع وترى..!!

ولقد أنجز يزيد وصيّة أبي أيوب..

وفي قلب القسطنطينية، وهي اليوم اسطانبول، ثوى جثمان رجل عظيم، جدّ عظيم..!!

وحتى قبل أن يغمر الاسلام تلك البقاع، كان أهل القسطنطينية من الروم، ينظرون الى أبي أيوب في قبره نظرتهم الى قدّيس…

وانك لتعجب اذ ترى جميع المؤرخين الذين يسجلون تلك الوقائع ويقولون:

" وكان الروم يتعاهدون قبره، ويزورونه.. ويستسقون به اذا قحطوا"..!!

وعلى الرغم من المعارك التي انتظمت حياة أبي أيوب، والتي لم تكن تمهله ليضع سيفه ويستريح، على الرغم من ذلك، فان حياته كانت هادئة، نديّة كنسيم الفجر..

ذلك انه سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا فوعاه:

" واذا صليت فصل صلاة مودّع..

ولا تكلمن الناس بكلام تعتذر منه..

والزم اليأس مما في أيدي الناس"…

وهكذا لم يخض في لسانه فتنة..

ولم تهف نفسه الى مطمع..

وقضى حياته في أشواق عابد، وعزوف مودّع..

فلما جاء أجله، لم يكن له في طول الدنيا وعرضها من حاجة سوى تلك الأمنية لتي تشبه حياته في بطولتها وعظمتها:

" اذهبوا بجثماني بعيدا.. بعيدا.. في ارض الروم ثم ادفنوني هناك"…

كان يؤمن بالنصر، وكان يرى بنور بصيرته هذه البقاع، وقد أخذت مكانها بين واحات الاسلام، ودخلت مجال نوره وضيائه..

ومن ثمّ أراد أن يكون مثواه الأخير هناك، في عاصمة تلك البلاد، حيث ستكون المعركة الأخيرة الفاصلة، وحيث يستطيع تحت ثراه الطيّب، أن يتابع جيوش الاسلام في زحفها، فيسمع خفق أعلامها، وصهيل خيلها، ووقع أقدامها، وصصلة سيوفها..!!

وانه اليوم لثاو هناك..

لا يسمع صلصلة السيوف، ولا صهيل الخيول..

قد قضي الأمر، واستوت على الجوديّ من أمد بعيد..

لكنه يسمع كل يوم من صبحه الى مسائه، روعة الأذان المنطلق من المآذن المشرّعة في الأفق..

أن:

الله أكبر..

الله أكبر..

وتجيب روحه المغتبطة في دار خلدها، وسنا مجدها:

هذا ما وعدنا الله ورسوله

وصدق الله ورسوله….

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بركوع – سنة النبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أول مرة أدخل الموقع ، وبعد التصفح في الموقع اعتبرته رائعا ومفيدا من المعلومات والأجوبة .
وسؤالي : ما أول صلاة ركع فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ؟.


الحمد لله
أولا :
يسعدنا زيارتك للموقع ، واستفادتك منه ، ونرجو أن يستمر ذلك .
ثانيا :
ذكر بعض أهل العلم أن أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بركوع ، هي صلاة العصر بعد الإسراء والمعراج .
قال الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (1/496) :
" الركوع وهو من خصائص هذه الأمة ، وأول صلاة ركع فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر صبيحة الإسراء . واستدل السيوطي لذلك بأنه ثبت أنه عليه الصلاة والسلام صلى الظهر صبيحتها بلا ركوع , وأنه قبل ذلك كان يصلي صلاة الليل كذلك , فلو لم يكن الركوع من خصوصيات هذه الأمة لفعله فيما كان يفعله قبل الإسراء وفي ظهر صبيحتها " انتهى .
وقد رُوِي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، غير أن فيه ضعفاً .
أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قال : أَوَّلُ صَلاةٍ رَكَعْنَا فِيها الْعَصْرُ . فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا هَذَا ؟ قَالَ : بِهَذَا أُمِرْت .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/293) .
" رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وفيه أبو عبد الرحيم ، فإن كان هو خالد بن يزيد فهو ثقة من رجال الصحيح ، ولم أجد أبو عبد الرحيم في رجال الكتب غيره ، ولم أجد أبو عبد الرحيم في الميزان ، وهو مجهول " انتهى . والحديث ذكره في كنز العمال (21779) وأشار إلى ضعفه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده