– لم يكن معه شيء.
وكان الرجال صاحب مال كثير، خرج به للتجارة.
فقال له أمير المؤمنين:
– هلا ذهبت إلى شريح القاضي؟
قال- نعم ذهبت، فطلب منهم أن يحلفوا على صدق كلامهم ففعلوا فتركهم، فكر أمير المؤمنين لفترة من الوقت، ثم دعا بعض رجال الشرطة، وأمرهم أن يأتوه بهؤلاء الرجال على ألا يرى أحد منهم الآخر، ولا يقترب منه، ووضع على كل رجل منهم شرطيين لحراسته، ثم دعا كاتباً ليكتب كلامهم، ثم بدأ يدعوهم واحداً واحداً، فقال للرجل الأول:
– أخبرني عن والد هذا الفتى، في أي يوم خرج معكم؟ وفي أي مكان نزلتم؟ وكيف كان سيركم؟ وبأي الأمراض مات؟ وكيف ضاع ماله؟ وسأل عن غسله ودفنه، ومن تولى الصلاة عليه حين مات؟ وفي أي مكان دفن؟
وظل أمير المؤمنين يسأل والرجل يجيب، وكلما أجاب على سؤال كبّر أمير المؤمنين، وكبّر معه الحاضرون.
وكان المتهمون الآخرون كلما سمعوا التكبير ظنوا أن صاحبهم قد اعترف، ثم دعا آخر بعد أن ذهبوا بالمتهم الأول، وفعل مثلما فعل مع الأول، ثم فعل مع الباقين كما فعل بمن سبقهم، وكلما تكلم أحدهم كبّر وكبّر معه الحاضرون، عرف أمير المؤمنين بأنهم كانوا يكذبون عليه، فأمر بمجيء الأول مرة أخرى، فقال له- ياعدو الله! قد عرفت غدرك وكذبك بما سمعت من أصحابك، ولايُنجيك من العقوبة إلا قول الصدق ثم أمر به فسُجن، وكبّر الأمير وكبّر الحاضرون، فلما أبصر أصحابه ذلك، ظنوا أن صاحبتهم قد اعترف عليهم.
ودعا أمير المؤمنين متهماً آخر فهدده فقال:
– يا أمير المؤمنين، والله لقد كنت كارهاً لما صنعوا.
ثم دعا الجميع فأقروا بالقصة، واستدعى الرجل من السجن وقال له:
– قد اعترف أصحابك، ولا ينجيك إلا قول الصدق.
فاعترف الرجل بما حدث، وأمر أمير المؤمنين برد المال الذي سلبوه وأن ينال أولئك الأشرار جزاءهم العادل