التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

البخلاء – قصة أسد بن جاني ! في الاسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

البخلاء . قصة أسد بن جاني !

فأما أسد بن جاني فكان يجعل سريره في الشتاء من قصب مقشر؛ لأن البراغيث تزلق عن ليط القصب، لفرط لينه وملاسته.
وكان إذا دخل الصيف، وحر عليه بيته، أثاره حتى يغرق المسحاة. ثم يصب عليه جراراً كثيرة من ماء البئر. ويتوطؤه حتى يستوي. فلا يزال ذلك البيت بارداً ما دام ندياً.
فإذا امتد به الندى، ودام برده بدوامه، اكتفى بذلك التبريد صيفته. وإن جف قبل انقضاء الصيف، وعاد عليه الحر، عاد عليه بالإثارة والصب.
وكان يقول: خيشتي أرض، وماء خيشتي من بئري، وبيتي أبرد، ومؤنتي أخف. وأنا أفضلهم أيضاً بفضل الحكمة وجودة الآلة.

وكان طبيباً فأكسد مرة، فقال له قائل: السنة وبئة، والأمراض فاشية، وأنت عالم، ولك صبر وخدمة، ولك بيان ومعرفة. فمن أين تؤتى في هذا الكساد؟ قال: أما واحدة فإني عندهم مسلم، وقد اعتقد القوم قبل أن أتطيب، لا بل قبل أن أخلق، أن المسلمين لا يفلحون في الطب! واسمي أسد، وكان ينبغي أن يكون اسمي صليباً، ومرايل، ويوحنا، وبيرا، وكنيتي أبو الحارث، وكان ينبغي أن تكون أبو عيسى، وأبو زكريا، وأبو إبراهيم. وعلى رداء قطن أبيض، وكان ينبغي أنت يكون رداء حرير أسود. ولفظي لفظ عربي، وكان ينبغي أن تكون لغتي لغة أهل جنديسابور.

قال الخليل السلولي: أقبل علي يوماً الثوري، وكان يملك خمسمائة جريب، ما بين كرسي الصدقة إلى نهر مرة. ولا يشتري إلا كل غرة، وكل أرض مشهورة بكريم التربة، وشرف الموضع، والغلة الكثيرة. قال: فأقبل علي يوماً فقال لي: هل اصطبغت بماء الزيتون قط؟ قال: قلت: لا والله لو فعلته ما نسيته! قال: قلت: أجل، إني والله لو فعلته لما نسيته! وكان يقول لعياله: لا تلقوا نوى التمر والرطب، وتعودوا ابتلاعه، وخذوا حلوقكم بتسويغه؛ فإن النوى يعقد الشحم في البطن، ويدفئ الكليتين بذلك الشحم! واعتبروا ذلك ببطون الصفايا وجميع ما يعتلف النوى! والله لو حملتم أنفسكم على البزر والنوى، وعى قضم الشعير، واعتلاف القت، لوجدتموها سريعة القبول! وقد يأكل الناس القت قداحاً، والشعير فريكا ونوى البسر الأخضر، ونوى العجوة.
فإنما بقيت الآن عليكم عقبة واحدة: لو رغبتم في الدفإلا لتمستم الشحم. وكيف لا تطلبون شيئاً يغنيكم عن دخان الوقود، وعن شناعة العكر، وعن ثقل الغرم؟ والشحم يفرح القلب، ويبيض الوجه. والنار تسود الوجه. أنا أقدر أن أبتلع النوى، وأعلفه النساء. ولكني أقول ذلك بالنظر مني لكم.
وكان يقول: كلوا الباقلي بقشوره، فإن الباقلي يقول: من أكلني بقشوري فقد أكلني، ومن أكلني بغير قشوري فأنا الذي أكله! فما حاجتكم إلى أن تصيروا طعاماً لطعامكم، وأكلاً لما جعل أكلاً لكم؟ وكان يعين مالاً عظيماً. ولم يكن له وارث. فكان يسخر ببعضهم، فيقول عند الإشهاد: قد علمتم أن لا وارث لي. فإذا مت فهذا المال لفلان! فكان قوم كثير يحرصون على مبايعته لهذا.
وقد رأيته أنا زماناً من الدهر، ما رأيته قط إلا ونعله في يده، أو يمشي طول نهاره في نعل مقطوعة العقب، شديدة على صاحبها! قال: فهو ذا المجوس، يرتعون البصرة وبغداد وفارس والأهواز والدنيا كلها، بنعال سندية. فقيل له: إن المجوسي لا يستحل في دينه المشركة، فأنت لا تجده أبداً إلا حافياً، أو لابساً نعلاً سندية. وأنت مسلم، ومالك كثير.
قال: فمن كان ماله كثيراً، فلابد له من أن يفتح كيسه للنفقات وللسراق؟ قالوا: فليس هاتين منزلة؟ قال الخليل: جلس الثوري إلى حلقة المصلحين في المسجد. فسمع رجلاً من مياسيرهم يقول: بطنوا كل شيء لكم، فإنه أبقى. ولأمر جعل الله دار الآخرة باقية، ودار الدنيا فانية. ثم قال: ربما رأيت المبطنة الواحدة تقطع أربعة أقمصة، والعمامة الواحدة تقطع أربعة أزر؛ ليس ذلك إلا لتعاون الطي، وترافد الأثناء. فبطنوا البواري؛ وبطنوا الحصر، وبطنوا البسط، وبطنوا الغداء بشربة باردة! ل فقال الثوري: لم افهم مما قلت إلا هذا الحرف وحده! قال الخليل: حم الثوري وحم عياله وخادمه، فلم يقدروا مع شدة الحمى على أكل الخبز. فربح كيلة تلك الأيام من الدقيق، ففرح بذلك، وقال: لو كان منزلي سوق الأهواز، أو نطاة خيبر، أو وادي الجحفة، لرجوت أن أستفضل كل سنة مائة دينار! فكان لا يبالي أن يحم هو وأهله أبداً، بعد أن يستفضل كفايتهم من الدقيق!وكان يقول: أول الإصلاح – وهو من الواجب – خصف النعل، واستجادة الطراق، وتشحيمها في كل الأيام، وعقد ذؤابة الشراك، من زي النساك، لكيلا يطأ عليه إنسان فيقطعه. ومن الإصلاح الواجب قلب خرقة القلنسوة إذا اتسخت، وغسلها من اتساخها بعد القلب. واجعلها حبرة، فإنها مما له مرجوع! ومن ذلك اتخاذ قميص الصيف جبة في الشتاء، واتخاذ الشاة اللبون إذا كان عندك حمار.
واتخاذ الحمار الجامع خير من غلة ألف دينار: لأنه لرحلك، وبه يدرك البعيد من حوائجك، وعليه يطحن، فتستفضل عليه ما يربحه عليك الطحان. وينقل عليه حوائجه وحوائجك، حتى الحطب. ويستقي عليه الماء. وهذه كلها مؤن إذا اجتمعت كانت في السنة مالاً كثيراً ثم قال: أشهد إن الرفق يمن، وإن الخرق شؤم.
واشتريت ملاءة مذارية، فلبستها ما شاء الله رداء وملحفة. ثم احتجت إلى طيلسان، فقطعتها – يعلم الله! – فلبسته ما شاء الله. ثم احتجت إلى جبة فجعلته – يعلم الله! – ظهار، جبة محشوة، فلبستها ما شاء الله.ثم أخرجت ما كان فيها من الصحيح، فجعلته مخاد، وجعلت قطنها للقناديل. ثم جعلت ما دون خرق المخاد للقلائس. ثم عمدت إلى أصح ما بقي، فبعته من أصحاب الصينيات والصلاحيات.وجعلت السقاطات، وما قد صار كالخيوط وكالقطن المندوف، صمائم لرؤوس القوارير.
وقد رأيته وسمعت منه في البخل كلاماً كثيراً. وكان من البصريين، ينزل في بغداد مسجد ابن رغبان. ولم أر شيخاً ذا ثروة اجتمع عنده وإليه من البخلاء ما اجتمع له: منهم إسماعيل بن غزوان، وجعفر بن سعيد، وخاقان بن صبيح، وأبو يعقوب الأعور، وعبد الله العروضي، والحزامي عبد الله بن كاسب.
وأبو عبد الرحمن هذا شديد البخل، شديد العارضة، عضب اللسان. وكان يحتج للبخل، ويوصي به، ويدعو إليه. وما علمت أن أحداً جرد في ذلك كتاباً إلا سهل بن هارون.
وأبو عبد الرحمن هذا هو الذي قال لابنه: أبي بني، إن إنفاق القراريط، يفتح عليك أبواب الدوانيق، وإنفاق الدوانيق، يفتح عليك أبواب الدراهم، وإنفاق الدراهم، يفتح عليك أبواب الدنانير. والعشرات تفتح عليك أبواب المئين، والمئون تفتح عليك أبواب الألوف، حتى يأتي ذلك على الفرع والأصل، ويطمس على العين والأثر، ويحتمل القليل والكثير! أي بني، إنما صار تأويل الدرهم: دار لهم، وتأويل الدينار: يدني إلى النار الدرهم إذا خرج إلى غير خلف، وإلى غير بدل، دار لهم على دوانق مخرجة. وقيل: إن الدينار يدني إلى النار، لأنه إذا أنفقته في غير خلف، وأخرج إلى غير دل، بقيت مخفقاً معدماً وققيراً مبلطاً. فيخرج الخارج، وتدعو الضرورة إلى المكاسب الردية، والطعم الخبيثة. والخبيث من الكسب يسقط العدالة، ويذهب بالمروءة، ويوجب الحد، ويدخل النار.
وهذا تأويل الذي تأوله للدرهم والدينار ليس له، إنما هذا شيء كان يتكلم به عبد الأعلى إذا قيل له: لم سمي الكلب قليطاً؟ قال: لأنه قل ولطى! وإذا قيل له: لم سمي الكلب سلوقياً؟ قال: لأنه يستل ويلقي! وإذا قيل له: لم سمي العصفور عصفوراً؟ قال: لأنه عصى وفر! وعبد الأعلى هذا هو الذي كان يقول في قصصه: الفقير…مرفقته سلبة، وجردقته فلقة، وسمكته سلته؛ في طيب له كثير.
وبعض المفسرين يزعم أن نوحاً النبي عليه السلام، إنما سمي نوحاً، لأنه كان ينوح على نفسه؛ وأن آدم سمي آدم، لأنه حذي من أديم الأرض – وقالوا: كان لونه في أدمته لون الأرض – وأن المسيح سمي المسيح لأنه مسح بدهن البركة. وقال بعضهم: لأنه كان لا يقيم في البلد الواحد. وكان كأنه ماسح يمسح الأرض.
ثم رجع الحديث إلى أعاجيب أبي عبد الرحمن: وكان أبو عبد الرحمن: وكان أبو الرحمن يعجب بالرءوس، ويحمدها ويصفها. وكان لا يأكل اللحم إلا يوم أضحي، أو من بقية أضحيته، أو يكون في عرس أو دعوة أو سفرة. وكان سمى الرأس عرساً، لما يجتمع فيه من الألوان الطيبة. وكان يسميه مرة الجامع، ومرة الكامل.
وكان يقول: الرأس شيء واحد. وهو ذو ألوان عجيبة، وطعوم مختلفة. وكل قدر وكل شواه فإنما هو شيء واحد. والرأس فيه الدماغ، فطعم الدماغ على حدة. وفيه العينان، وطعمهما شيء على حدة. وفيه الشحمة التي بين أصل الأذن ومؤخر العين، وطعمها على حدة. على أن هذه الشحمة خاصة أطيب من المخ، ونعم من الزبد، وأدسم من السلاء.وفي الرأس اللسان، وطعمه شيء على حدة. وفيه الخيشوم، والغضروف الذي في الخيشوم، وطعمهما شيء على حدة. وفيه لحم الخدين، وطعمه شيء على حدة – حتى يقسم أسقاطه الباقية.
ويقول: الرأس سيد البدن: وفيه الدماغ، وهو معدن العقل، ومنه يتفرق العصب الذي فيه الحس، وبه قوام البدن. وإنما القلب باب العقل – كما أن النفس هي المدركة، والعين هي باب الألوان، والنفس هي السامعة الذائقة، وإنما الأنف والأذن بابان.
ولولا أن العقل في الرأس لما ذهب العقل من الضربة تصيبه.
وفي الرأس الحواس الخمس.
وكان ينشد قول الشاعر:
إذا ضربوا رأسي وفي الرأس أكثري … وغودر عند الملتقى ثم سائري
وكان يقول: الناس لم يقولوا: هذا رأس الأمر، وفلان رأس الكتيبة، وهو رأس القوم، وهم رؤوس الناس وخراطيمهم وأنفهم، ويستقوا من الرأس الرياسة، والرئيس، – وقد رأس القوم فلان – ، إلا والرأس هو المثل، وهو المقدم.
وكان إذا فرغ من أكل الرأس عمد إلى القحف، وإلى الجبين، فوضعه بقرب بيوت النمل والذر. فإذا اجتمعت فيه أخذه فنفضه في طست فيها ماء. فلا يزال يعيد ذلك في تلك المواضع، حتى يقلع أصل النمل والذر من داره. فإذا فرغ من ذلك ألقاه في الحطب، ليوقد به سائر الحطب.
وكان إذا كان يوم الرءوس، أقعد ابنه معه على الخوان. إلا أن ذلك بعد تشرط طويل، وبعد أن يقف به على ما يريد! وكان فيما يقول له: إياك ونهم الصبيان، وشره الزراع، وأخلاق النوائح. ودع عنك خبط الملاحين والفعلة، ونهش الأعراب والمهنة. وكل ما بين يديك؛ فإنما حقك الذي وقع لك، وصار أقرب إليك.
وأعلم أنه إذا كان في الطعام شيء طريف، ولقمة كريمة، ومضغة شهية، فإنما ذلك للشيخ المعظم، والصبي المدلل. ولست واحداً منهما. فأنت قد تأتي الدعوات والولائم، وتدخل منازل الإخوان، وعهدك باللحم قريب، وإخوانك أشد قرماً إليه منك. وإنما هو رأس واحد. فلا عليك أن تتجافى عن بعض وتصيب بعضاً. وأنا بعد أكره لك الموالاة بين اللحم، فإن الله يبغض أهل البيت اللحمين.
وكان يقول: إياكم وهذه المجازر، فإن لها ضراوة، كضراوة الخمر.
وكان يقول: مدمن اللحم كمدمن الخمر.
وقال الشيخ ورأى رجلاً يأكل اللحم، فقال: لحم يأكل لحماً! أف لهذا عملاً! وذكر هرم بن قطبة اللحم، فقال: وإنه ليقتل السباع.
وقال المهلب: لحم وارد على غير قاوم، هذا الموت الأحمر.
وقال الأول: أهلك الرجال الأحمران: اللحم والخمر، وأهلك النساء الأحمران: الذهب والزعفران.
أي بني، عود نفسك الأثرة، ومجاهدة الهوى والشهوة. ولا تنهش نهش الأفاعي، ولا تخضم خضم البراذين، ولا تدم الأكل إدامة النعاج، ولا تلقم لقم الجمال، قال أبو ذر لمن بذل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخضمون ونقضم، والموعد الله.
إن الله قد فضلك. فجعلك إنساناً؛ فلا تجعل نفسك بهيمة ولا سبعاً. واحذر سرعة الكظة، وسرف البطنة. وقد قال بعض الحكماء: إذا كنت بطيناً فعد نفسك في الزمني.
وقال الأعشى: " والبطنة مما تسفه الأحلاما " .
واعلم أن الشبع داعية البشم، وأن البشم داعية السقم، وأن السقم داعية الموت. ومن مات هذه الميتة، فقد مات ميتة لئيمة. وهو قاتل نفسه، وقاتل نفسه ألوم من قاتل غيره. وأعجب، إن أردت العجب! وقد قال الله جل ذكره: " ولا تقتلوا أنفسكم " . – وسواء قتلنا أنفسنا، أو قتل بعضنا بعضاً، كان ذلك للآية تأويلاً.
أي بني، إن القاتل والمقتول في النار. ولو سألت حذاق الأطباء لأخبروك أن عامة أهل القبور إنما ماتوا بالتخم. واعرف خطأ من قال: أكلة وموتة! وخذ بقول من قال: رب أكلة تمنع أكلات. وقد قال الحسن: يا بن آدم كل في ثلث بطنك، واشرب في ثلث بطنك، ودع الثلث للتفكر والتنفس. وقال بكر بن عبد الله المزني: ما وجدت طعم العيش حتى استبدلت الخمص بالكظة، وحتى لم ألبس من ثيابي ما يستخدمني، وحتى لم آكل إلا ما لا أغسل يدي منه.
يا بني، والله ما أدى حق الركوع، ولا وظيفة السجود ذو كظة، ولا خشع الله ذو بطنة. والصوم مصحة، والوجبات عيش الصالحين.
ثم قال: لأمر ما طالت أعمار الهند، وصحت أبدان الأعراب. لله در الحارث ابن كلدة، حين زعم أن الدواء هو الأزم، وأن الداء هو إدخال الطعام في أثر الطعام!أي بني لم صفت أذهان العرب؟ ولم صدقت أحساس العرب؟ ولم صححت أبدان الرهبان، مع طول الإقامة في الصوامع؟ وحتى لم تعرف النقرس، ولا وجع المفاصل، ولا الأورام، إلا لقلة الرزق من الطعام، وخفة الزاد، والتبلغ باليسير.
أي بني، إن نسيم الدنيا وروح الحياة أفضل من أن تبيت كظيظاً، وأن تكون لقصر العمر حليفاً. وكيف لا ترغب في تدبير يجمع لك صحة البدن، وذكاء الذهن، وصلاح المعى، وكثرة المال، والقرب من عيش الملائكة؟ أي بني، لم صار الضب أطول شيء عمراً إلا لأنه إنما يعيش بالنسيم؟ ولم زعم الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصوم وجاء إلا ليجعل الجوع حجازاً دون الشهوات.
افهم تأدب الله؛ فإنه لم يقصد به إلا مثلك.
أي بني، قد بلغت تسعين عاماً ما نقص لي سن، ولا تحرك لي عظم، ولا انتشر لي عصب، ولا عرف دنين أذن، ولا سيلان عين، ولا سلس بول! ما لذلك علة إلا التخفيف من الزاد.
فإن كنت تحب الحياة، فهذه سبيل الحياة، وإن كنت تحب الموت، فلا يبعد الله إلا من ظلم.
هذه كانت وصيته في يوم الرءوس وحده! فلم يكن لعياله إلا التقمم ومص العظم! وكان لا يشتري الرأس إلا في زيادة الشهر، لمكان زيادة الدماغ. وكان لا يشتري إلا راس فتي، لوفارة الدماغ؛ لأن دماغ الفتي أوفر، ويكون مخه أنقص، ومخ المسن أوفر، ودماغه أنقص.
ويزعمون أن للأهلة والمحاق في الأدمغة والماء عملاً معروفاً، وبينها في الربيع والخريف فضلاً بيناً.
وتزعم الأعراب والعرب أن النطفة إذا وقعت في الرحم في أول الهلال، خرج الولد قوياً ضخماً، وإذا كان في المحاق خرج ضئيلاً شختاً.
وأنشد قول الشاعر:
لقحت في الهلال عن قبل الطه … ر وقد لاح للصباح بشير
ثم نمى ولم ترضع فلوا … ورضاع المحج عيب كبير
وكان أبو عبد الرحمن يشتري ذلك الرأس من جميع رءاسي بغداد، إلا من رءاسي مسجد ابن رغبان. وكان لا يشتريه إلا يوم سبت. واختلط عليه الأمر قيما بين الشتاء والصيف. فكان مرة يشتريه في هذا الزمان، ومرة يشتريه في هذا الزمان.
وأما زهده في رءوس مسجد ابن رغبان، فإن البصريين يختارون لحم الماعز الخصي على الضأن كله. ورءوس الضأن أشحم وألحم، وأرخص رخصاً وأطيب. ورأس التيس أكثر لحماً من رأس الخصي؛ لأن الخصي من الماعز يعرق جلده، ويقل لحم رأسه. ولا يبلغ جلده، وإن كان ماعزاً، في الثمن، عشر ما يبلغ جلد التيس. ولا يكون رأسه إلا دوناً. ولذلك تخطاه إلى غيره.
وأما اختياره شراء الرءوس يوم السبت، فإن القصابين يذبحون يوم الجمعة أكثر، فتكثر الرءوس يوم السبت، على قدر الفضل فيما يذبحون؛ ولأن العوام والتجار والصناع لا يقومون إلى أكل الرءوس يوم السبت، مع قرب عهدهم بأكل اللحم يوم الجمعة؛ ولأن عامتهم قد بقيت عنده فضلة، فهي تمنعه من الشهوة؛ ولأن الناس لا يكادون يجمعون على خوان واحد بين الرءوس واللحم.وأما اختلاط التدبير عليه في فرق ما بين الشتاء والصيف، فوجه ذلك أن العلل كانت تتصور له، وتعرض له الدواعي على قدر قرمه، وحركة شهوته، صيفاً وافق ذلك أم شتاء.
فإن اشتراه في الصيف، فلأن اللحم في الصيف ارخص. والرءوس تابعة للحم؛ ولأن الناس في الشتاء لها آكل، وهم لها في القيظ أترك. فكان يختار الرخص على حسن الموقع.
فإذا قويت دواعيها في الشتاء قال: راس واحد شتوي كرأسين صيفيين! لأن المعلوفة غير الراعية. وما أكل الكسب في الحبس موثقاً، غير ما أكل الحشيش في الصحراء مطلقاً.
وكان على ثقة أنه سيأتي عليه في الشتاء، مع صحته وبدنه، وفي شك من استبقائه في الصيف. ولنقصان شهوات الناس للرءوس في الصيف، كان يخاف جريرة تلك البقية، وجناية تلك الفضلة، وكان يقول: إن أكلتها بعد الشبع لم آمن العطب، وإن تركتها لهم في الصيف ولم يعرفوا العلة، طلبوا ذلك مني في الشتاء.
حثني المكي قال: كنت يوماً عند العنبري، إذ جاءت جارية أمه ومعها كوز فارغ. فقالت: قالت أمك: بلغني أن عندك مزملة، ويومنا يوم حار. فابعث إلي بشربة منها في هذا الكوز.
قال: كذبت! أمي اعقل من أن تبعث بكوز فارغ، ونرده ملآن! اذهبي فاملئيه من ماء حبكم، وفرغيه في حبنا. ثم املئيه من ماء مزملتنا، حتى يعود شيء بشيء!قال المكي: فإذا هو يريد أن تدفع جوهراً بجوهر، وعرضاً بعرض، حتى لا تربح أمه إلا صرف ما بين العرضين، الذي هو البرد والحر. فأما عدد الجواهر والأعراض فمثلاً بمثل.
وقال المكي: دخلت عليه يوماً، وإذا عنده جلة تمر، وإذا ظئره جالسة قبالته. فلما أكل تمرة رمى بنواتها إليها، فأخذتها فمصتها ساعة ثم عزلتها.
فقلت للمكي: أكان يدع على النواة من جسم التمر شيئاً؟ قال: والله لقد رأيتها لاكت نواة مرة بعد أن مصتها، فصاح بها صيحة لو كانت قتلت قتيلاً ما كان عنده أكثر من ذلك؟! وما كانت إلا في أن تناول الأعراض، وتسلم إليه الجوهر. وكانت تأخذ حلاوة النواة، وتودعها ندوة الريق.
قال الخليل: كان أبو قطبة يستغل ثلاثة آلاف دينار. وكان من البخل يؤخر تنقية بالوعته إلى يوم المطر الشديد، وسيل المثاعب، ليكتري رجلاً واحداً فقط، يخرج ما فيها ويصبه في الطريق، فيجترفه السيل، ويؤديه إلى القناة! وكان بين موضع بئره والصب قدر مائتي ذراع. فكان لمكان زيادة درهمين، يحتمل الانتظار شهراً أو شهرين، وإن هو جرى في الطريق، وأوذي به الناس! وقال: ونظر يوماً إلى الكساحين، وهو معنا جالس في رجال من قريش، وهم يخرجون ما في بالوعته، ويرمون به في الطريق، وسيل المثاعب يحتمله، فقال: أليس البط والجداء والدجاج والفراخ والدراج، وخبز الشعير والصحناء والكراث والجواف جميعاً، يصير إلى ما ترون؟ فلم يغالي بشيء بصير هو والرخيص في معنى واحد؟ قال: وهم ثلاثة إخوة: أبو قطبة والطيل وبابي، من ولد عتاب بن أسيد – واحد منهم كان يحتج عن حمزة، ويقول: استشهد قبل أن يحج. والآخر كان يضحي عن أبي بكر وعمر، ويقول: أخطأ السنة في ترك الضحية. وكان الآخر يفطر عن عائشة أيام التشريق، ويقول: غلطت – رحمها الله – في صومها أيام العيد. فمن صام عن أبيه وأمه، فأنا أفطر عن عائشة.
حدثتني امرأة تعرف الأمور، قالت: كان في الحي مأتم اجتمع فيه عجائز من عجائز الحي. فلما رأين أن أهل المأتم قد أقمن المناحة، اعتزلن وتحدثن. فبينا هن في حديثهن، إذ ذكرن بر الأبناء بالأمهات، وإنفاقهم عليهن. وذكرت كل واحدة منهن ما يوليها ابنها.
فقالت واحدة منهن، وأم فيلويه ساكتة – وكانت امرأة صالحة، وابنها يظهر النسك، ويدين بالبخل، وله حانوت في مقبرة بني حصين، يبيع فيها الأسقاط. – قالت: فأقبلت على أم فيلويه قلت لها: ما لك لا تحدثين معنا عن ابنك كما يتحدثن؟ وكيف صنع فيلويه فيما بينك وبينه؟ قالت: كان يجري علي في كل أضحى درهماً! فقالت: وقد قطعه أيضاً! قالت: ما كان يجري علي إلا ذاك. ولقد ربما أدخل أضحى! فقالت: فقلت: يا أم فيلويه، وكيف يدخل أضحى في أضحى؟ قد يقول الناس: إن فلاناً أدخل شهراً في شهر، ويوماً في يوم. فأما أضحى في أضحى، فهذا لا يشركه فيه أحد!

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

هناك شيئا ينتظركم بعد الصبر ليبهركم فينسيكم مرارة الالم

جاءت امرأة إلى داوود عليه السلام فقالت: يا نبي الله.. أربك ظالم أم عادل ؟!
فقال داود: ويحك يا امرأة! هو العدل الذي لا يجور!
ثم قال لها: ما قصتك؟؟
قالت: أنا أرملة عندي ثلاث بنات أقوم عليهن من غزل يدي فلما كان أمس شدّدت غزلي في خرقة حمراء وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأبلّغ به أطفالي فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ و أخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملك شيئاً أبلّغ به أطفالي..
فبينما المرأة مع داود عليه السلام في الكلام إذا بالباب يطرق على داود فأذن له بالدخول وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده: مائة دينارفقالوا: يا نبي الله أعطها لمستحقها ..
فقال لهم داود عليه السلام: ما كان سبب حملكم هذا المال قالوا يا نبي الله كنا في مركب فهاجت علينا الريح وأشرفنا على الغرق فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء وفيها غزل فسدّدنا به عيب المركب فهانت علينا الريح وانسد العيب ونذرنا لله أن يتصدّق كل واحد منا بمائة دينار وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت، فالتفت داود – عليه السلام – إلى المرأة وقال لها: ربٌ يتاجرُ لكِ في البر والبحر وتجعلينه ظالمًا ، و أعطاها الألف دينار
وقال: أنفقيها على أطفالك ..

– إن الله لا يبتليك بشي إلا وبه خير لك .. حتى وإن ظننت العكس .. فأرح قلبك

-لَولا البَلاء ??
لكانَ يُوسف مُدلّلا فِي حضن أبيه
ولكِنّـه مَع البلَاء صار.. عَزِيز مِصر

-أفنضيـق بعد هذا ..؟!

كُونوا عَلى يَقينَ ..أنْ هُناكَ شَيئاً يَنتظْرُكمَ بعَد الصَبر .. ليبهركم فيْنسيّكم مَرارَة الألَمْ ..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

عبد الله بن ياسين – الزعيم الدينى لدولة المرابطين اسلاميات


عبدالله بن ياسين



(الزعيم الديني لدولة المرابطين)






"""" من الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُممَّن قَضَى نَحْبَهُ
وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا """"

انه رجلا امة قد قدراللهان يكون دولة من اقوى الدول بعهده دولة المرابطين
لولا تلك الدولة لضاعت المغرب العربى كما ضاعت الاندلس انه الدين الذى
يصنع رجال تخط التاريخ بدماءها وارواحها الامام الجليل عبد الله بن ياسين
من منا يعلم شئ عن ذلك العلم الجليل والقائدالديني الفذ والامام القدوة
الاسلام صانع الدول والامم والبلاد
والان مع الامام



نسبه ونشأته

هو عبدالله بن ياسين الجزولي أصله من قرية تماماناوت في طرف صحراء
الملقب بالزعيم الديني لدولةالمرابطين. نشأ الشيخ عبدالله بن ياسين الاقائم بأمر
دولة المرابطين الملقب بالزعيم الديني لدولة المرابطين في طلب العلم، فقد كان
من طلبة أوكاد بن زلوه اللمطي، في داره، التي بناها بالسوس للعلم والخير،
وسماها دار المرابطين، ويتضح أن الشيخ عبد الله بن ياسين كان لديه من
الصفات القيادية، والشخصية، والأخلاقية التي أهلته لأن يبعثه شيخه مع جوهر
بن سكن ليعلم قومه، إذ كان الدين عندهم قليلاً، وأكثرهم جاهلية، وليس عند
أكثرهم غير الشهادتين، ولا يُعرف من وظائف الإسلام سواهما.



حياته التعليمية:

قضى طفولته في مسقط رأسه، وبعد ذلك تردّد على مدن العلم في المغرب، ثم
رحل إلى الأندلس، وتلقى العلم بها، وكان في ذلك الوقت يحكم الأندلس حكام
الطوائف، وكانت البلاد الأندلسية ممزقة مشتتة يطمع فيها الصليبيون الغربيون
من أسبانيا وفرنسا

سكتت المراجع عن أن تذكر شيئاعن تعليم عبد الله، وعن الفقهاء والعلماء
الذين تلقى العلم عليهم وأثروا فيه، وأيضالم يذكروا الشيوخ الذين لازمنهم
وتأثر بهم.

ولقد عرفناه مفسرا للقرآنوراوياً للحديث وعن طريق التحدث والرواية تتلمذ
عليه كثير من أصحابه، ثم إنه درسالفقه وأصوله وفروعه لدرجة أنه كان يفتي
ويتصرف في النصوص بما يتفق وأصول هذا الدينالقويم، ولا يعقل أن يكون
هذا العلم الغزير قد تعلمه في يوم وليلة أو بدون معلم، بللا نكون مبالغين إذ
قلنا إنه فاق علماء عصره.


ويظهر هذا التفوق في أنه نقلما يمكن نقله، وكل ما عرفه إلى الدور العملي؛
مخالفا بهذا ما كان عليه الفقهاءوالعلماء في عصره ومن قبل عصره، حتى
استحق أن يلقب بالداعية، بل كان الداعية الأولفي المغرب.

صادف – كما قلنا – زمن خروجعبدالله إلى بلاد الأندلس أن كانت واقعة في
محنة حكام الطوائف الذين قسموا البلادفيما بينهم، وكان ذلك بعد بداية القرن
الخامس الهجري، الذي يتفق وعمر عبدالله. ولقد رأى ما آل إليه الحكم فيهذه
البلاد، وطغيان هؤلاء الذين اغتصبوا الحكم، وما فعله بعضهم ببعض،
وكيف التحق بالحكام الشعراء والفقهاء والعلماء من هزيلي العقيدة؛ فأباحوا
لهم المنكر وحللوالهم الحرم.

وكان في المغرب والأندلس فئةقليلة ابتعدت عن طريق الحكام الطائفيين في،
وتمسكوا بأهداب الدين القويم، ولم تغرهمالمناصب، ولم تسول لهم نفوسهم أن
يقتربوا من هؤلاء الحكام تحت تأثير تأويل منالتأويلات المريضة التي يظنون
أنهم بها يحسنون صنعا، وهم في الحقيقة قد ضلّ سعيهم, لم تكن تلك الصفوة
التي اختارها الله لتحافظ على الحق إلا سوطا يلهب أحيانا ظهورالحكام الخارجين
على تعاليم الإسلام، كانت مخلصة محافظة على نشر مبادئها، لا تعرفالمراءاة
والمداهنة، وكثيرا ما كانوا يتحسرون على ما آل إليه أمرهم من الفرقةوالانقسام
وارتماء حكامهم في أحضان غير المسلمين. رضي هؤلاء الكرام بشظف العيش
وخشونة الحياة؛ يقيمون في المساجد، يفسرون القرآن ويروون، الحديث ويدعون
الناس إلىالتمسك بنهج السلف الصالح، وكثيرا ما كانوا يعرّضون بالحكام
ويصورون للناس أعمالهم بصورة لا يجدون لهم منها مخرجا إلا الاستسلام للأعداء
الملة؛ لذلك فقد حاربهم أداةالحكم الفاسد، ولكنهم لم يرهبوهم فكانوا يخاطبون
الناس ويجهرون بالقول ويحرضون المسلمين على الخروج على الطغاة, لذلك
فهم على استعداد إما للتقل أو للاستسلام أوالتمثيل بهم.

هذا ما كان عليه حال الأندلسإبان طلب عبد بن ياسين للعلم، و ربما صرفه عنا
لاشتراك مع شيوخه في الدور السياسي في الأندلس شعوره بأن هناك مكانا آخر
أولى به وهو المغرب, فخير مكان ينشر فيهمبادئه وعلمه إنما هو بين
قومه وأهله.ومرت الأيام.. سبع سنوات.., نهل فيها عبد الله ما شاء له، وعرف
الكثير مما عليه حال المسلمين، ووعى كل ذلك بفهمالدارس لكل ما وقع
تحت سمعه وبصره.




حياته العملية:

قرر عبدالله الرجوع إلى وطنه،وأراد أن يكمل المسيرة، ويرى بنفسه ما آلت إليه
البلاد، ويطلع على أحوال أخطر جماعةعلى الإسلام، وفشل كل محاولات الولاة
بالمغرب في القضاء عليها، لكنهم لم يتمكنوا منذلك، واستشرى أمرها، وأصبح
في استطاعتها الهجوم على من حولها، وتغيير وجه الشريعةالإسلامية بإدخالهم
عليها من الكذب والبهتان ما يمكن أن يشوه حقيقتها هؤلاء
من (البرغوطيون).
وسوف نتعرض لهم بشئ من التفصيل بعد.

لقد مر على تلك الأقوام، ورأىما آل إليهم من الأمر، وتمنى لو أوتي من القوة ليقضى
على هؤلاء القوم، ويطهر أرض المغرب من عبثهم ومكرهم وخطتهم التي يسيئون
إلى الإسلام بالتغيير والتبديل، وكانمعهم على موعد؛ فقد حقق الله وعده, فسيرجع
إليهم بجيش كبير من المرابطين.

لم تطل إقامته عند أهلهوقبيلته بجزولة، ويعتقد أنه لم يجلس معهم طويلا, فربما
لم يجد في شبابهم من يستطيعأن يكون عوناً له على أداء رسالته؛ ففضل أن يكمل
تعليمه بتهذيب النفس وتأديبهابالانقطاع للعبادة في رباط من الربط القديمة
ليزداد خبرة وعلما، وليتعرف أكثر علىأحوال القوم،وإن في اختلاطه بمن
هو أكبر منه سنا وعلما يكون مدعاة للاستفادة التيقد تنفع في المستقبل
الذي خطط له


لقد اختار رباط نفيس, فإنشهرته عمت الصحراء، قد فاق علمه وأخلاقه ومكانته
الآفاق، وإن وجوده فيه ضرب من تخطيط القدر الذي قد يمر البعض مر العابر
إلاأن الذين لهم أثر في تغيير مجرى الحوادث يكون اهتمام القدر بهم أكثر،
ولا شك أن القدر له مع عبد الله موعد في رباط نفيس.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

خبر نبي الله شمويل

السؤال

من سورة البقرة آية 246و247 إن الله بعث نبيا بعد موسى لبني

إسرائيل اسمه (شمويل) والذي قال لبني إسرائيل إن الله بعث لكم

ملكا لكم اسمه طالوت الذي غلب جالوت السؤال من هو(شمويل)؟

هل له اسم آخر ؟

ومن هو طالوت هل هو النبي داود نفسه أم ملكا فقط ؟

لأن النبي داود غلب جالوت وجنوده في آية أخرى من سورة

البقرة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما

بعـد:

فالنبي الذي أشارت إليه الآيات القرآنية المذكورة ولم تذكره

بالاسم هو نبي الله شمويل كما ذكر المفسرون. وقال ابن كثير في

قصص الأنبياء: اسمه سمويل بالسين، ويقال: أشمويل بن بالي

بن علقمة بن يرخام. وهو من ورثة هارون، وأسمويل معناه

بالعبرانية: إسماعيل، ونقل عن الثعلبي وغيره أنه لما غلب

العمالقة على بني إسرائيل وقتلوا منهم خلقا كثيرا وسبوا من

أبنائهم جمعا كثيرا، وانقطعت النبوة، بعث الله تعالى فيهم نبيهم

اشمويل فكان من أمره معهم ما قصه الله علينا في كتابه.

قال تعالى: [أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ

قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] (البقرة: 146)

إلى قوله تعالى: [وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ] (البقرة: 251).

ثم قال: والملك الذي عينه لهم نبيهم اشمويل هو طالوت بن قيس

بن أفيل بن صارو بن تحورت بن أفيح بن أنيس بن بنيامين بن

يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.

وأما داود عليه السلام فكان من جنود طالوت في ذلك الوقت

ورجال حربه ولم يكن هو الملك، وإنما آل إليه الأمر بعد طالوت.

وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك فقال تعالى: [وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ

وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ] (البقرة: 251).

وبهذا تعلم أن طالوت هو الملك الذي عينه النبي شمويل بأمر من

الله تعالى، وأن داود كان من جنوده وليس هو الملك المعين.

والله أعلم.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

يحيى عليه السلام – شريعة اسلامية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حيى -عليه السلام- نبي من أنبياء بني إسرائيل، ظهرت آية الله وقدرته فيه حين خلقه، حيث كان أبوه نبي الله زكريا -عليه السلام- شيخًا كبيرًا، وكانت أمه عاقرًا لا تلد، وكان يحيى -عليه السلام- محبًّا للعلم والمعرفة منذ صغره، وقد أمره الله تعالى بأن يأخذ التوراة بجد واجتهاد، فاستوعبها وحفظها وعمل بما فيها، والتزم بأوامر الله سبحانه وابتعد عن نواهيه، قال تعالى: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيًّا} [مريم: 12].
وقد ابتعد يحيى عن لهو الأطفال، فيحكى أنه كان يسير وهو صغير إذ أقبل على بعض الأطفال وهم يلعبون فقالوا له: يا يحيى تعال معنا نلعب؛ فرد عليهم
يحيى -عليه السلام- ردًّا بليغًا فقال: ما للعب خلقنا، وإنما خلقنا لعبادة
الله، وكان يحيى متواضعًا شديد الحنان والشفقة والرحمة وخاصة تجاه والديه، فقد كان مثالاً للبر والرحمة والعطف بهما، قال تعالى عن يحيى: {وحنانًا من لدنَّا وزكاة وكان تقيًّا . وبرًّا بوالديه ولم يكن جبارًا عصيًّا} [مريم:13-14].
وحمل يحيى لواء الدعوة مع أبيه، وكان مباركًا يدعو الناس إلى نور
التوحيد ليخرجهم من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإسلام، وكان شديد الحرص على أن ينصح قومه ويعظهم بالبعد عن الانحرافات التى كانت سائدة حين ذاك، وذات يوم جمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس ثم صعد المنبر، وأخذ يخطب في الناس، فقال: (إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن.. أولهنَّ أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق (فضة) فقال: هذه
داري، وهذا عملي فاعمل وأد إليَّ، فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ؟!
وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم، فلا تلتفتوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، وآمركم بالصيام، فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله -تعالى- من ريح المسك، وآمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو، فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم، وآمركم أن تذكروا الله، فإن
مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين، فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا
بذكر الله) [الترمذي].
وكان يحيى يحب العزلة والانفراد بنفسه فكان كثيرًا ما يذهب إلى البراري والصحاري، ليعبد الله عز وجل فيها وحده، وروي أن يحيى -عليه السلام- لم يأت بخطيئة قطُّ، ولم يقبل على ذنب أبدًا، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يحيى بن زكريا ما هم بخطيئة ولا عملها) [أحمد] ولقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يحيى -عليه السلام- ليلة المعراج في السماء الثانية يجلس مع عيسى بن مريم، يقول صلى الله عليه وسلم: (…. ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: جبريل.. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم.. فلما خلصت إذا بيحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردَّا، ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح) [البخاري] وروي أنه مات قتيلاً على يد بني إسرائيل.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

بشرية الرسل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



لقد جرت السنة الإلهية على اختيار الرسل رجالا من بني البشر يتمتعون بكافة خصائص الجسد البشري وصفاته لما كانوا يتعاطون مستلزمات الجسد واحتياجاته من طعام وشراب وتناسل فإذاً لابد أنهم بشر طبيعيون يصيبهم ما يصيب بني جنسهم من صحة ومرض وحزن وفرح وجوع وشبع وحياة وممات قال الله تعالى : (( وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ))

لماذا كان الرسل من البشر ?
1/ إن البشر أقدر على القيادة والتوجيه وهم الذين يصلحون، قدوة وأسوة وهذه الحكمة تظهر حين التأمل في رسالة أي رسول منهم .
2/ صعوبة رؤية الملائكة نسبة لاختلاف طبيعته الملائكة وطبيعة البشر إذ الاتصال بالملائكة فيه عناء وجهد شديدين لا يحتمله جميع البشر فقد جاء في الحديث إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعاني من التنزيل شدة وكان إذا نزل عليه الوحي تغير لونه وتصبب عرقه وارتعدت فرائصه وكان من حوله يرون ذلك فيه فكان إرسال الرسل من البشر ضروريا كي يتمكنوا من مخاطبتهم والفقه عنهم والاختلاط بهم ولو أرسل الله ملائكة لما أمكنهم ذلك .
3/ إن الرسالة تقوم على تكليف المرسل إليهم ودعوتهم لامتثال ما يأمرهم به الرسول فلو كان الرسول من الملائكة لأمكن الناس أن يحتجوا بعدم قدرتهم على هذه التكاليف نسبة لاختلاف طبيعة الملك المرسل إذ يرون أنهم لا يستطيعون تحمل تلك التكاليف لأنها تناسب طبيعتهم . لذا قال الله تعالى : (( وما منع الناس أن يؤمنوا إذا جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً . قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً ))

مقتضى بشرية الرسل : لما كانت الرسل بشرا فقد استلزم ذلك أن يتصفوا بكل صفات البشر مما لا ينافي النبوة ومن ذلك :
1- أنهم خلقوا من جسد كسائر البشر تحتاج أجسادهم إلى ما يحتاجه سائر البشر من طعام وشراب واحتماء من البرد والحر والإصابة بالمرض والموت قال الله تعالى : (( وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين )) وقال الله تعالى على لسان خليله إبراهيم عليه السلام : (( والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين )) وقد أخرج من أرضه وأهله.
وابتلي عيسى عليه السلام بالكيد له لقتله حتى رفعه الله تعالى إليه وجعل مكانه رجلا يشبهه فصلب وابتلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيذاء الشديد من قومه والذين أخرجوه من أهله وغير ذلك . وقد سأل الصعب بن سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت يا رسول الله : أي الناس أشد بلاء ؟ قال (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل) ومن أهم لوازم البشرية أن الرسل ليسوا بآلهة ولا فيهم شيء من صفات الألوهية ذلك أن صفات البشرية تنافي الألوهية في كل شيء لذلك فإن الرسل جميعهم لا يدعون لأنفسهم شيئا من الألوهية ويتبرؤن مما ينسب إليهم لذلك قال الله تعالى : (( وما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله )) وقال : (( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون )) وقال تعالى مبينا براءة عيسى بن مريم عليه السلام مما ينسب إليه : ((وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب . ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ))

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصة الملكين هاروت وماروت



قصة الملكين هاروت و ماروت : ورد ذكر القصة في سورة البقرة
قال الله تعالى :
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)

القصة المؤكدة من معظم العلماء والشيوخ
* أن اليهود نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة والشعوذة التي كانت تُقْرَأ في زمن ملك سليمان عليه السلام.
* كانتِ الشياطين تصعدُ إلى الفضاءِ فتصلُ إلى الغمام والسحابِ حيثُ يسترقونَ السمعَ من كلامِ الملائكةِ الذين يتحدَّثونَ ببعض ما سيكونُ بإذن الله في الأرضِ من موتٍ أو أمر أو مصائب، فيأتون الكهنَة الكفار الذين يزعمون بأنّهم يعلمون الغيبَ ويُخبروهم، فتُحدّثُ الكهنةُ الناسَ فيجدونه كما قالوا ، فلما ركنَت إليهم الكهنة ، أدخلوا الكذبَ على أخبارهم فزادوا مع كل كلمةٍ سبعين كلمة ، وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان عليه السلام ، حتى قالوا إن الجن والشياطين تعلم الغيب ، وكانوا يقولون هذا علم سليمان عليه السلام ، وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير والريح.
* فأنزل الله هذين الملكين ” اثنين من الملائكة ” هاروت وماروت لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله وللتمييز بين السحر والمعجزة وظهور الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وبين كلام السحرة.

* وما يُعلِّم هاروت وماروت من أحدٍ حتى ينصحاه ، ويقولا له إنما نحن ابتلاء من الله ، فمن تعلم منا السحر واعتقده وعمل به كفر ، ومن تعلَّم وتوقَّى عمله ثبت على الإيمان.
* فيتعلم الناس من هاروت وماروت علم السحر الذي يكون سبباً في التفريق بين الزوجين ، بأن يخلق الله تعالى عند ذلك النفرة والخلاف بين الزوجين ، ولكن لا يستطيعون أن يضروا بالسحر أحداً إلا بإذن الله تعالى ، لأن السحر من الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه.
* فيتعلم الناس الذي يضرهم ولا ينفعهم في الآخرة لأنهم سخروا هذا العلم لمضرة الأشخاص.
* ولقد علم اليهود أن من استبدل الذي تتلوه الشياطين من كتاب الله ليس له نصيب من الجنة في الآخرة ، فبئس هذا العمل الذي فعلوه.

والخلاصة : أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي جاء به سليمان وأتم له الله به ملكه ، وبين الباطل الذي جاءت الكهنة به من السحر، ليفرق بين المعجزة والسحر.
* وقد اختار اليهود الاشتغال بالسحر ، واستبدلوه بكتاب الله وآياته المنزلة فى القرآن والتوراة ، وصدق القرآن المنزل عليه من رب العالمين .. ولبئس البديل الذى اختاروه وفضلوه على الإيمان وهو السحر .. ولو انهم آمنوا واتقوا ، لكان خيرا لهم..
مــــلاحــظـــه : إن ورد غير ذلك في شأن هذه القصة فلا يبعد أن يكون من الروايات الإسرائيلية.
سبب نزول الآية الكريمة :
سبب ذكر قصة ‘‘هاروت وماروت’’ فى القرآن الكريم ، أن يهود المدينة كانوا لا يسألون النبى ’’محمد‘‘ صلى الله عليه وسلم عن شىء من التوراة ، إلا أجابهم عنه ،
* فسألوه عن السحر ، فأنزل الله تعالى هذه القصة
* وقال بعضهم أنه لما ذكر نبى الله ’’سليمان‘‘ عليه السلام فى القرآن
* قالت يهود المدينة : ألا تعجبون لـ’’محمد‘‘ يزعم ان ابن ’’داوود‘‘ كان نبيا ؟!
* والله ما كان إلا ساحرا فأنزل الله هذه الآية ليكذب أقوالهم وليبرأ رسوله الكريم سليمان بن داوود عليهما السلام مما ينسبون إليه

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

الحكمة من ابتلاء الأنبياء – شريعة اسلامية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


نعرف أن المصائب تكون بسبب الذنوب ، وأنها تكفر الذنوب ، لكن ما الحكمة من المصائب التي كانت تصيب الأنبياء ؟.
الحمد لله
أولاً :
من أسباب المصائب : الذنوب ، ولكنها ليست السبب الوحيد ، فقد يبتلي الله تعالى بعض عباده الذين لم يذنبوا ، لينالوا أجر الصابرين ، وترتفع بذلك درجاتهم ، كما قد يبتلي الله بعض الأطفال ، وهم لا ذنب لهم . وانظر لمعرفة الحكمة من حصول الابتلاءات جواب السؤال رقم (35914) .
ثانياً :
أشد الناس بلاء الأنبياء
روى الترمذي (2398) عَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (143) .
وقد ذكر الله تعالى في كتابه صوراً من الابتلاء الذي تعرض له الأنبياء :
قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) البقرة/87 .
وقال تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ) البقرة/91 .
وقال تعالى : ( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير ) آل عمران/184 .
وقال تعالى : ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ) الصف/5 .
وقال تعالى : ( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) التوبة/61 .
وابتلي إبراهيم عليه السلام بمعاداة أبيه وقومه له ، وبالإلقاء في النار .
قال الله تعالى : ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ ) الأنبياء/68-70 .
وابتلي بالأمر بذبح ابنه إسماعيل
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) الصافات/102-107 .
قال ابن القيم في الفوائد ص (42) :
" الطريق طريقٌ تعِب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورُمي في النار الخليل ، وأُضْجع للذبح إسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ، ونُشر بالمنشار زكريا ، وذُبح السيد الحصور يحيى ، وقاسى الضرَّ أيوب … وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .
وأُخبر نبيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالابتلاء في أول يوم من النبوة :
قال ورقة بن نوفل : ( يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا , لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ , لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ , وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ) رواه البخاري (4) .
ثالثاً :
وأما الحكمة في ابتلاء الأنبياء ؛ فقد قال ابن القيم في "بدائع الفوائد" (2/452) :
" فإنه سبحانه كما يحمي الأنبياء ويصونهم ويحفظهم ويتولاهم فيبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم :
1- ليستوجبوا كمال كرامته .
2- وليتسلى بهم من بعدهم من أممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس فرأوا ما جرى على الرسل والأنبياء صبروا ورضوا وتأسوا بهم .
3- ولتمتلئ صاع الكفار فيستوجبون ما أعد لهم من النكال العاجل والعقوبة الآجلة فيمحقهم بسبب بغيهم وعداوتهم فيعجل تطهير الأرض منهم .
فهذا من بعض حكمته تعالى في ابتلاء أنبيائه ورسله بإيذاء قومهم ، وله الحكمة البالغة ، والنعمة السابغة ، لا إله غيره ، ولا رب سواه " انتهى .
وقال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/299–301) :
" وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجلِّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان . . . وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين الكرامة في حقهم ، فصورته صورة ابتلاء وامتحان ، وباطنه فيه الرحمة والنعمة ، فكم لله مِن نعمة جسيمة ومنَّة عظيمة تُجنى من قطوف الابتلاء والامتحان .
فتأمل حال أبينا آدم صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته من الاصطفاء والاجتباء والتوبة والهداية ورفعة المنزلة . . .
وتأمل حال أبينا الثاني نوح صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته وصبره على قومه تلك القرون كلها حتى أقر الله عينه ، وأغرق أهل الأرض بدعوته ، وجعل العالم بعده من ذريته ، وجعله خامس خمسة وهم أولو العزم الذين هم أفضل الرسل , وأمَر رسولَه ونبيه محمَّداً أن يصبر كصبره ، وأثنى عليه بالشكر فقال : ( إنه كان عبداً شكوراً ) فوصفه بكمال الصبر والشكر .
ثم تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم صلى الله عليه وسلم إمام الحنفاء وشيخ الأنبياء وعمود العالم وخليل رب العالمين من بني آدم ، وتأمل ما آلت إليه محنته وصبره وبذله نفسه لله ، وتأمل كيف آل به بذله لله نفسه ونصره دينه إلى أن اتخذه الله خليلاً لنفسه . . . وضاعف الله له النسل وبارك فيه وكثر حتى ملؤوا الدنيا ، وجعل النبوة والكتاب في ذريته خاصة ، وأخرج منهم محمَّداً صلى الله عليه وسلم وأمَره أن يتبع ملة أبيه إبراهيم . . .
ثم تأمل حال الكليم موسى عليه السلام وما آلت إليه محنته وفتونه من أول ولادته إلى منتهى أمره حتى كلَّمه الله تكليما ، وقرَّبه منه ، وكتب له التوراة بيده ، ورفعه إلى أعلى السموات ، واحتمل له ما لا يحتمل لغيره ، فإنه رمى الألواح على الأرض حتى تكسرت ، وأخذ بلحية نبي الله هارون وجرَّه إليه ، ولطم وجه ملك الموت ففقأ عينه ، وخاصم ربه ليلة الإسراء في شأن رسول الله ، وربه يحبه على ذلك كله ، ولا سقط شيء منه من عينه ، ولا سقطت منزلته عنده ، بل هو الوجيه عند الله القريب ، ولولا ما تقدم له من السوابق وتحمل الشدائد والمحن العظام في الله ومقاسات الأمر الشديد بين فرعون وقومه ثم بنى إسرائيل وما آذوه به وما صبر عليهم لله : لم يكن ذلك .
ثم تأمل حال المسيح صلى الله عليه وسلم وصبره على قومه واحتماله في الله وما تحمله منهم حتى رفعه الله إليه وطهره من الذين كفروا وانتقم من أعدائه ، وقطَّعهم في الأرض ومزَّقهم كل ممزق وسلبهم ملكهم وفخرهم إلى آخر الدهر . . .
فإذا جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتأملت سيرتَه مع قومه وصبره في الله ، واحتماله ما لم يحتمله نبي قبله ، وتلون الأحوال عليه مِن سِلْم وخوف ، وغنى وفقر ، وأمن وإقامة في وطنه وظعن عنه وتركه لله وقتل أحبابه وأوليائه بين يديه ، وأذى الكفار له بسائر أنواع الأذى من القول والفعل والسحر والكذب والافتراء عليه والبهتان ، وهو مع ذلك كله صابر على أمر الله يدعو إلى الله فلم يؤذ نبي ما أوذي ، ولم يحتمل في الله ما احتمله ، ولم يعط نبي ما أعطيه ، فرفع الله له ذكره وقرن اسمه باسمه ، وجعله سيد الناس كلهم ، وجعله أقرب الخلق إليه وسيلة ، وأعظمهم عنده جاهاً ، وأسمعهم عنده شفاعة ، وكانت تلك المحن والابتلاء عين كرامته ، وهي مما زاده الله بها شرفا وفضلا ، وساقه بها إلى أعلى المقامات .
وهذا حال ورثته من بعده الأمثل فالأمثل كلٌّ له نصيب من المحنة ، يسوقه الله به إلى كماله بحسب متابعته له " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصه جميله في الاسلام

>> حدث في عهد عمر بن الخطاب أن جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب وقالوا يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل فقد قتل والدنا

>> قال عمر بن الخطاب: لماذا قتلته؟

>> قال الرجل : إني راعى ابل وأعز جمالي أكل شجره من أرض أبوهم فضربه أبوهم بحجر فمات فامسكت نفس الحجر وضربته به فمات

>> قال عمر بن الخطاب : إذا سأقيم عليك الحد

>> قال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي

>> فقال عمر بن الخطاب: ومن يضمنك

>> فنظر الرجل في وجوه الناس فقال هذا الرجل

>> فقال عمر بن الخطاب : يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل

> فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين

>> فقال عمر بن الخطاب : إنك لا تعرفه وأن هرب أقمت عليك الحد

>> فقال أبو ذر أنا أضمنه يا أمير المؤمنين

>> ورحل الرجل ومر اليوم الأول والثاني والثالث وكل الناس كانت قلقله على أبو ذر حتى لا يقام عليه الحد وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل وهو يلهث وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

>> قال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد

>> فاستغرب عمر بن الخطاب وقال : ما الذي أرجعك كان ممكن أن تهرب ؟؟

>> فقال الرجل : خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس

>> فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟

>> فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس

>> فتأثر أولاد القتيل

>> فقالوا لقد عفونا عنه

>> فقال عمر بن الخطاب : لماذا ؟

>> فقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس

>>>>>> ***اللهم إنى أسألك العافية في الدنيا و الأخره اللهم أسألك العفو والعافية فى ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم أستر عوراتي وآمن روعاتي اللهم أحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي**

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

معلومات عن النبي إبراهيم عليه السلام – قصص انبياء

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
— — — — — — —

إبراهيم عليه السلام
هل لك أن تعطيني بعض المعلومات عن النبي إبراهيم عليه السلام ؟.
الحمد لله
أرسل الله نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام وجعل في ذريته النبوة والكتاب : ( واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً ) مريم/41 .

وقد ربى الله إبراهيم وأكرمه بفضائل وصفات حميدة : ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ، شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ، وآتيناه في الدنيا حسنة و إنه في الآخرة لمن الصالحين ) النحل/120- 121- 122 .
وإبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء فلم يبعث نبياً من بعده إلا من نسله وقد كان له ولدان اصطفاهما الله بالنبوة وهما إسماعيل جد العرب ومن نسله بعث الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم أما الآخر فهو إسحاق وقد رزقه الله نبياً اسمه يعقوب ويلقب بإسرائيل وإليه ينسب بنو إسرائيل مع أنبيائهم .
وقد أشار القرآن إلى أبوة إبراهيم للأنبياء بقوله عن إبراهيم : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ، وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ، وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العالمين ) الأنعام/84 – 86 .
وقد دعا إبراهيم عليه السلام قومه في العراق إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأوثان التي لا تنفع ولا تضر قال تعالى : ( وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ، إنما تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً ، إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ) العنكبوت/16-17 .
وقد أراد إبراهيم عليه السلام أن يحرر قومه من عبادة الأصنام . ويخلصهم من الخرافات والأساطير فسأل قومه عن هذه الأصنام كما قال تعالى : ( واتل عليهم نبأ إبراهيم ، إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون ، قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين ، قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون ، قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) الشعراء/67 – 74 .
ثم بين لهم أن لا ينقادوا لغيرهم بلا عقل كالبهائم وقرر لهم الحقيقة العظمى وهي عبادة الله وحده الذي بيده ملكوت كل شيء : ( قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون ، أنتم و آباؤكم الأقدمون ، فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ، الذي خلقني فهو يهدين ، والذي هو يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ، والذي يميتني ثم يحيين ، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) الشعراء/75 – 82 .
وقد كان أبو إبراهيم من عبدة الأصنام وكان ينحتها ويبيعها فعز على إبراهيم كفر أبيه فخصه بالنصيحة وقال له : ( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً ، يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً ) مريم/42 – 43 .
ولكن أباه لم يستجب له بل هدده بالرجم والهجر فقال : ( أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك و اهجرني ملياً ) مريم/46 .
فما كان من إبراهيم إلا أن تركه وقال له : ( سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً ) مريم/47 .
وظل إبراهيم يستغفر لأبيه ويرجو ربه هدايته فلما تبن له أنه عدو لله تبرأ منه وترك الاستغفار له قال تعالى : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ) التوبة/114 .
ولما أصر قوم إبراهيم على عبادة الأصنام أراد إبراهيم أن يبين لهم بالبرهان العملي أن تلك الأصنام لا تضر ولا تنفع بعد أن لم يؤثر في قومه الوعظ والإرشاد : ( فنظر نظرة في النجوم ، فقال إني سقيم ، فتولوا عنه مدبرين ، فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ، ما لكم لا تنطقون ، فراغ عليهم ضرباً باليمين ) الصافات/88-93 .
وقد كسر إبراهيم الأصنام إلا الكبير فتركه لعلهم يسألونه عمن فعل ذلك : (فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون ) الأنبياء/58 .
فلما رجعوا من عيدهم الذي خرجوا له رأوا الأصنام مكسرة واتهموا إبراهيم فقال لهم : ( بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ) الأنبياء/63 .
ولما كانوا يعلمون أن تلك الأصنام لا تنطق لأنها جمادات حينئذ قالوا لإبراهيم : ( لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) الأنبياء/65 .
فلما اعترفوا بعجز تلك الأصنام قال لهم إبراهيم : ( أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم ، أفٍ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون ) الأنبياء/67 .
ولما انقطعت حجتهم لجأوا إلى استعمال القوة فقالوا : ( حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ) الأنبياء/68 .
فجمعوا حطباً كثيراً وأضرموه ناراً لها شرر ولهب عظيم ثم ألقوا إبراهيم عليه السلام في تلك النار فقال حسبي اللّه ونعم الوكيل فأنجاه اللّه منها وجعلها عليه برداً و سلاماً , وأبطل كيد أعدائه : ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ، وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأسفلين ) الأنبياء/69-70 .
ولما نجا إبراهيم من النار أمره اللّه بالخروج والهجرة من أرض العراق إلى الأرض المقدسة في الشام فتزوج ابنة عمه – سارة – وخرج بها مهاجراًً مع ابن أخيه لوط إلى بلاد الشام كما قال سبحانه : ( ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ) الأنبياء/71 .
ثم نزلت بأرض الشام ضائقة شديدة فنزح إبراهيم إلى مصر ومعه زوجته ثم عاد منها إلى فلسطين ومعه زوجته – سارة – وجارية لها تدعى – هاجر – ورغب إبراهيم في الذرية وزوجته كانت عقيماً وقد تقدمت بها السن ولما رأت رغبة زوجها في الولد أهدت إليه جاريتها -هاجر – فتزوجها ورزق منها ابنه إسماعيل : ( رب هب لي من الصالحين ، فبشرناه بغلام حليم ) الصافات/100-101 .
وبعد أن ولدت هاجر إسماعيل ثارت الحسرة والغيرة في نفس سارة فطلبت من إبراهيم إقصاءهما عنها فأوحى اللّه إلى إبراهيم أن يأخذ هاجر وإسماعيل الرضيع ويذهب بهما إلى مكة فسار بهما وأنزل هاجر وطفلها إسماعيل في مكان قفر موحش ليس فيه ماء ثم تركهما وقفل راجعاً إلى فلسطين فقالت له هاجر لمن تتركنا بهذا الوادي القفر الموحش ؟ ولكن إبراهيم مضى وتركها فقالت حينئذ آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، فقالت : إذن لا يضيعنا اللّه .
واستسلم إبراهيم لأمر ربه وصبر على فراق زوجته وولده ثم التفت إليهم في مكانهم عند البيت الحرام ودعا بهذه الدعوات : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) إبراهيم/37 .
مكثت هاجر في مكة تأكل من الزاد وتشرب من الماء اللذين تركهما إبراهيم لها ولابنها فلما نفد ذلك عطشت وعطش ابنها فطلبت الماء وصعدت جبل الصفا فلم ترى شيئاً ثم صعدت جبل المروة فلم ترى شيئاً فعلت ذلك سبع مرات ثم التفتت إلى إسماعيل فإذا الماء ينبع من تحت قدميه ففرحت وشربت وسقت ابنها ثم جاءت قبيلة – جرهم – إلى هاجر واستأذنوها في السكن عند الماء فأذنت لهم فسكنوا بجوارها ولما كبر إسماعيل تزوج منهم وتعلم العربية منهم .
وفي تلك الفترة كان إبراهيم يزور ابنه من وقت إلى لآخر وفي إحدى الزيارات رأى إبراهيم في المنام أنّ الله يأمره بذبح ابنه إسماعيل ورؤيا الأنبياء حق فعزم إبراهيم على تنفيذ أمر الله مع أنه في سن الشيخوخة وإسماعيل ابنه الوحيد قال تعالى : ( فبشرناه بغلام حليم ، فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، فلما أسلما وتله للجبين ، وناديناه أن يا إبرهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين ، إن هذا لهو البلاء المبين ، وفديناه بذبح عظيم ) الصافات/101-107 .
ثم بشره الله بولد آخر وهو إسحاق ثم رجع إبراهيم إلى فلسطين : ( وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين ) الصافات/112 .
وولد له إسحاق من زوجته سارة : ( وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) هود/71 .
ثم أقام إبراهيم في فلسطين مدة ثم جاء إلى مكة مرة أخرى لأمر عظيم فقد أمره الله أن يبني في مكة أول بيت يقام لعبادة الله فقام إبراهيم بالبناء وابنه إسماعيل يناوله الحجارة فلما ارتفع البنيان قام إبراهيم على حجر وهو مقام إبراهيم الموجود حول الكعبة قال تعالى : ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) البقرة/127 .
وقد أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يطهرا البيت من الأصنام و النجاسات ليكون طاهراً للطائفين والقائمين والركع السجود ولما بنى إبراهيم البيت أمره الله أن يدعوا الناس للحج بقوله تعالى : ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) الحج/27 .
ثم دعا إبراهيم عليه السلام بهذه الدعوات العظيمة لمكة ومن فيها : ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وأرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) البقرة/126 .
ثم دعا له ولذريته بقوله : ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ) البقرة/127-128 .
ثم دعا لأهل الحرم أن يبعث الله فيهم رسولاً منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده فقال : ( ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) البقرة/129 .
وقد استجاب الله دعاء نبيه إبراهيم فجعل مكة بلداً آمناً ورزق أهلها من الثمرات وبعث فيهم رسولاً منهم هو خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم فلله الحمد والشكر
وقد كانت النبوة والرسالة بعد إبراهيم في بني إسرائيل زمناً طويلاً حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم من نسل إسماعيل رسولاً إلى الناس جميعاً وأمره بقوله : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ) الأعراف/158 .
وقد أمر الله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يتبع ملة إبراهيم فقال سبحانه : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ) النحل/123 .
وكانت وصية إبراهيم إلى أبنائه هي التمسك بدين الإسلام والعمل به حتى الممات قال تعالى : ( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون ) البقرة/132 .
اللهم صل على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
ومن الأنبياء في زمان إبراهيم عليه السلام لوط , وإسماعيل , وإسحق , ويعقوب ثم يوسف , ثم شعيب ثم أيوب ثم ذو الكفل ثم أرسل الله موسى وهارون عليهما وعلى سائر الأنبياء أفضل الصلاة والسلام .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .

منقول من موقع الإسلام سؤال وجواب
واللهم صلي على الحبيب محمد

صلى الله عليه وسلم

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده