التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

كم كان يحفظ خالد بن الوليد من القرآن اسلاميات

خالد بن الوليد رضي الله عنه فارس الإسلام ، وسيف الله المسلول على أعدائه ، صاحب الفتوح العظيمة ، والمواقف الكبيرة في المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي ، تحلى بالشجاعة والقوة والبأس على الأعداء ، حتى كُسر يوم مؤتة في يده تسعة أسياف ، كما روى ذلك البخاري في صحيحه .

وكان يحب الجهاد حبا عظيما ، نصرةً لدين الله ، وإرغاماً لقوى الشر والكفر والطغيان ، فشغله الجهاد عن كل مشاغل الدنيا ، حتى كان يقول رضي الله عنه : (ما مِنْ ليلةٍ يُهدى إليَّ فيه عروسٌ أنا لها مُحِبّ أحبُّ إليَّ مِن ليلة شديدةِ البرد ، كثيرة الجليد ، في سريَّةٍ أصبِّحُ فيها العَدُوَّ) . رواه أبو يعلى .

وكان من كلامه رضي الله عنه في ساعة الاحتضار : لقد طلبت القتل في مظانّه فلم يُقدَّر لي إلا أن أموت على فراشي ، وما من عملي شيءٌ أرجى عندي بعد أن لا إله إلا الله من ليلة بِتُّها وأنا متترِّس ، والسماء تُهلُّني تمطر إلى الصبح حتى نُغير على الكفار .

ثم قال : إِذا أنا متّ فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عُدّةً في سبيل الله .

فلما توفي خرج عمر رضي الله عنه إلى جنازته فقال : ما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد دموعهن ما لم يكن نقعاً أو لقلقة .

وكان حبه وانشغاله بهذه العبادة العظيمة (الجهاد في سبيل الله) قد أشغله عن عبادات أخرى كرواية الحديث ، وحفظ القرآن الكريم .

حتى قال رضي الله عنه : (لقد منعني كثيراً من القراءة الجهادُ في سبيل الله) رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4/214)، وأبو يعلى في " المسند " (13/111)، والإمام أحمد كما في " فضائل الصحابة " (2/814) وأبو عبيد القاسم بن سلام في " فضائل القرآن " (رقم/254) جميعهم من طريق قيس بن أبي حازم قال : سمعت خالدا يقول: ..فذكره ، وصححه الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية " (4/277)، والهيثمي في " مجمع الزوائد " (9/353) .

وهو انشغال ليس بالمذموم بل انشغال أنار التاريخ الإسلامي كله ، وعبق الحضارة العالمية بأنوار الإسلام التي حاول طمسها الطغاة الكافرون ، فليس في هذا ما يُذم ، فـ "كلٌّ مُيَسرٌ لما خُلق له" فقد كان من الصحابة : العلماء والفقهاء ، والقضاة ، والشجعان ، والمجاهدون ، والمتصدقون ، والعُبَّاد … على حسب تنوع قدرات الناس وما حباهم الله به .

وليس من الحكمة أن يترك الإنسان ما يحسنه ويتقنه ويبرع فيه إلى عمل يكون فيه مثل غيره ، أو أقل ، ولا يبرع فيه .

ولا يعني كلامه رضي الله عنه السابق أنه لم يكن يحفظ سوى سور ثلاث ، كما ذُكر في السؤال، ولكن يعني أنه لم يكن كحفاظ الصحابة وعلمائهم كعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهم ، بدليل أنه قال : (منعني كثيرا من القراءة) ، ولم يقل : (منعني القراءة) ، فالجهاد شغله عن الإكثار من القراءة ، وليس عن القراءة كلها .

ولكن إثارة مثل هذه الشبهات والطعون في خالد رضي الله عنه قد يكون الحامل عليها أن خالداً كان سيفا مصلتا على الأصنام والطواغيت ، فتجد أعداء الإسلام اليوم جادين في الطعن في شخصيته ، ومحاولة طمس آثارها ومعالمها ، ولا يعلمون أن سيفا سله الله على الكفار لا يغمد أبدا ، وأن هذا القائد العظيم غدا رمزا من رموز الشجاعة والقيادة والحنكة الحربية ، وهكذا كان الرجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ، منارات للعمل والتضحية وبناء الأمم والقيم والأخلاق.

منقول للنفع

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصة هود عليه السلام في الاسلام

نبذة :

أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيام.

سيرته:

عبادة الناس للأصنام:

بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض. فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء. نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.

قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان. وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله. وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله سيدنا هودا إلى قومه.

إرسال هود عليه السلام:

كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام، ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض، ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.

قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).

وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.

قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟
قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.

انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟! ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة.. أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس. قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض. إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة. أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته.

وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

حدثهم هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات.. واستغربوا أن يبعث الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول. لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.

موقف الملأ من دعوة هود:

يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام. سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء والغنى والترف، يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة، يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم.. لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟

قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!
تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا أقوياء.
قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
قال هود: الله .
قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.

واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون.

قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنا لا تسمع ولا ترى ولا تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم، ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده. لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم.. وتحدث هود:

إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)

إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء. إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال، فهو على استعداد لتلقي كيدهم، وهو على استعداد لحربهم فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة في الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله.

بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله. وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب.

هلاك عاد:

وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه. هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.

انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض. لم تعد السماء تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم. وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع. وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. بدأت الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم. كل ساعة كانت برودتها تزداد. وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها، اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره. لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.

استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط. ثم توقفت الريح بإذن ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء.

نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة.. وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.

[line]
المصدر
[line]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصة نبوة يوشع – شريعة اسلامية

السلام عليكم

اولا اهنئ انفسنا بوجود هذا القسم الذي طالما انتظرناه

ثانيا اليوم اعرض بين ايديكم قصة نبوة يوشع

اخترتها لأن القليل منا يعرف نبوته وحياته

اليكم القصه
ذكر نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون عليهما السلام.
هو الخليل يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون: يوشع ابن عم هود.
وقد ذكره الله تعالى في القرآن غير مصرح باسمه في قصة الخضر كما تقدم من قوله: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ} وقدمنا ما ثبت في الصحيح من رواية أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أنه يوشع بن نون.
وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم وهم السامرة، لا يقرون بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون، لأنه مصرح به في التوراة، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم من ربهم فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
وأما ما حكاه ابن جرير وغيره من المفسرين عن محمد بن إسحاق: من أن النبوة حولت من موسى إلى يوشع في آخر عمر موسى، فكان موسى يلقى يوشع فيسأله ما أحدث الله إليه من الأوامر والنواهي، حتى قال له: يا كليم الله إني كنت لا أسألك عما يوحي الله إليك حتى تخبرني أنت ابتداء من تلقاء نفسك. فعند ذلك كره موسى الحياة وأحب الموت. ففي هذا نظر، لأن موسى عليه السلام لم يزل الأمر والوحي والتشريع والكلام من الله إليه من جميع أحواله، حتى توفاه الله عز وجل. ولم يزل معززاً مكرماً مدللاً وجيهاً عند الله، كما قدمنا في الصحيح من قصة فقئه عين ملك الموت، ثم بعثه الله إليه إن كان يريد الحياة فليضع يده على جلد ثور فله بكل شعرة وارت يده سنة يعيشها، قال: ثم ماذا؟ قال: الموت، قال: فالآن يا رب. وسأل الله أن يدنيه إلى بيت المقدس رمية بحجر، وقد أجيب إلى ذلك صلوات الله وسلامه عليه.
فهذا الذي ذكره محمد بن إسحاق إن كان إنما يقوله من كتب أهل الكتاب؛ ففي كتابهم الذي يسمونه التوراة: أن الوحي لم يزل ينزل على موسى في كل حين يحتاجون إليه إلى آخر مدة موسى، كما هو المعلوم من سياق كتابهم عند تابوت الشهادة في قبة الزمان.
ولقد ذكروا في السفر الثالث: أن الله أمر موسى وهارون أن يعدا بني إسرائيل على أسباطهم، وأن يجعلا على كل سبط من الاثنى عشر أميراً وهو النقيب، وما ذاك إلا ليتأهبوا للقتال، قتال الجبارين عند الخروج من
التيه، وكان هذا عند اقتراب الخروج من التيه، وكان هذا عند اقتراب انقضاء الأربعين سنة. ولهذا قال بعضهم: إنما فقأ موسى عليه السلام عين ملك الموت؛ لأنه لم يعرفه في صورته تلك، ولأنه كان قد أمر بأمر كان يرتجى وقوعه في زمانه، ولم يكن في قدر الله أن يقع ذلك في زمانه، بل في زمان فتاه يوشع بن نون عليه السلام.
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أراد غزو الروم بالشام فوصل إلى تبوك ثم رجع عامه ذلك في سنة تسع ثم حج في سنة عشر ثم رجع فجهز جيش أسامة إلى الشام طليعة بين يديه، ثم كان على عزم الخروج إليهم امتثالاً لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
ولما جهز رسول الله جيش أسامة، توفي عليه الصلاة والسلام وأسامة مخيم بالجُرف، فنفذه صديقه وخليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم لما لَمّ شعث جزيرة العرب، وما كان دهى من أمر أهلها، وعاد الحق إلى نصابه، جهز الجيوش يمنة ويسرة إلى العراق أصحاب كسرى ملك الفرس، وإلى الشام أصحاب قيصر ملك الروم، ففتح الله لهم ومكن لهم وبهم، وملكهم نواصي أعدائهم.
وهكذا موسى عليه السلام: كان الله قد أمره أن يجند بني إسرائيل وأن يجعل عليهم نقباء كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إسرائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}. يقول لهم: لئن قمتم بما أوجبت عليكم، ولم تنكلوا عن القتال كمن نكلتم أول مرة، لأجعلن ثواب هذه مكفراً لما وقع عليكم من عقاب تلك، كما قال تعالى لمن تخلف من الأعراب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً}.
وهكذا قال تعالى لبني إسرائيل: {فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}. ثم ذمهم تعالى على سوء صنيعهم ونقضهم مواثيقهم كما ذم من بعدهم من النصارى على اختلافهم في دينهم وأديانهم. وقد ذكرنا ذلك في التفسير مستقصى ولله الحمد.
والمقصود أن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يكتب أسماء المقاتلة من بني إسرائيل ممن يحمل السلاح ويقاتل ممن بلغ عشرين سنة فصاعداً، وأن يجعل على كل سبط نقيباً منهم. السبط الأول: سبط روبيل لأنه بكر يعقوب، وكان عِدّة المقاتلة منهم ستة وأربعين ألفاً وخمسمائة، ونقيبهم منهم وهو اليصور بن شديئور. السبط الثاني: سبط

شمعون، وكانوا تسعة وخمسين ألفاً وثلاثمائة، ونقيبهم شلوميئيل ابن هوريشداي، السبط الثالث: سبط يهوذا، وكانوا أربع وسبعين ألفاً وستمائة، ونقيبهم نحشون بن عمينا ذاب. والسبط الرابع سبط إيساخر وكانوا أربعة وخمسين ألفاً وأربعمائة ونقيبهم نشائيل بن صوعر. السبط الخامس: سبط يوسف عليه السلام، وكانوا أربعين ألفاً وخمسمائة، ونقيبهم يوشع بن نون. السبط السادس: سبط ميشا – وكانوا أحداً وثلاثين ألفاً ومائتين، ونقيبهم جمليئيل بن فدهصور. السبط السابع: سبط بنيامين، وكانوا خمسة وثلاثين ألفاً وأربعمائة، ونقيبهم أبيدن بن جدعون. السبط الثامن: سبط جاد، وكانوا خمسة وأربعين ألفاً وستمائة وخمسين رجلاً. ونقيبهم الياساف بن رعوئيل، السبط التاسع: سبط أشير، وكانوا أحداً وأربعين ألفاً وخمسمائة، ونقيبهم فجعيئيل بن عكرن. السبط العاشر: سبط دان، وكانوا اثنين وستين ألفاً وسبعمائة، ونقيبهم أخيعزر بن عمشداي. السبط الحادي عشر: سبط نفتالي، وكانوا ثلاثة وخمسين ألفاً وأربعمائة، ونقيبهم الباب ابن حيلون. هذا نص كتابهم الذي بأيديهم، والله أعلم.
وليس منهم "بنو لاوى" فقد أمر الله موسى أن لا يعدهم معهم إنهم موكلون بحمل قبة الشهادة وضربها وخزنها ونصبها وحملها إذا ارتحلوا، وهم سبط موسى وهارون عليهما السلام، وكانوا اثنين وعشرين ألفاً، من ابن شهر فما فوق ذلك، وهم في أنفسهم قبائل من كل قبيلة طائفة من قبة الزمان يحرسونها ويحفظونها ويقومون بمصالحها ونصبها وحملها وهم كلهم حولها، ينزلون ويرتحلون أمامها ويمنتها وشمالها ووراءها.
وجملة ما ذكر من المقاتلة غير بني لاوى خمسمائة ألف وأحد وسبعون ألفاً وستمائة وستة وخمسون ولكن قالوا: فكان عدد بني إسرائيل ممن عمره عشرون سنة فما فوق ذلك؛ ممن حمل السلاح، ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسة وخمسين رجلاً، سوى بني لاوى.
وفي هذا نظر، فإن جميع الجمل المتقدمة إن كانت كما وجدنا في كتابهم، لا تطابق الجملة التي ذكروها، والله أعلم.
فكان بنو لاوى الموكلون بحفظ قبة الزمان يسيرون في وسط بني إسرائيل، وهم القلب، ورأس الميمنة بنو روبيل، ورأس الميسرة بنو دان وبنو نفتالي يكونون ساقة. وقرر موسى عليه السلام – بأمر الله تعالى له – الكهانة في بني هارون، كما كانت لأبيهم من قبلهم، وهم: ناداب وهو بكره، وأبيهو والعازر، ويثمر، والمقصود أن بني إسرائيل لم يبق منهم أحد ممن كان نكل عن دخول مدينة الجبارين الذين قالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}. قاله الثوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس، وقاله قتادة وعكرمة، ورواه السدي عن ابن عباس وابن مسعود

يتبع

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

هل صح في عدد الأنبياء والرسل شيء في الاسلام

هل صح في عدد الأنبياء والرسل شيء ؟
هل يوجد حديث صحيح يوضح عدد الأنبياء والرسل ؟

الحمد لله
أولاً :
أرسل الله تعالى رسلاً إلى كل أمةٍ من الأمم ، وقد ذكر الله تعالى أنهم متتابعون ، الرسول يتبعه الرسول ، قال عز وجل : ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ) المؤمنون/44 ، وقال تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر/24 .
وقد سمَّى الله تعالى مِن أولئك الرسل مَن سمَّى ، وأخبر بقصص بعضهم ، دون الكثير منهم ، قال تعالى : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا . وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء/163-164 .
قال ابن كثير – رحمه الله – :
وهذه تسمية الأنبياء الذين نُصَّ على أسمائهم في القرآن ، وهم : آدم ، وإدريس ، ونوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيوب ، وشعيب ، وموسى ، وهارون ، ويونس ، وداود ، وسليمان ، وإلياس ، والْيَسَع ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى عليهم الصلاة والسلام ، وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين ، وسيدهم محمد صلى الله وعليه وسلم .
وقوله : ( وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) أي : خلقاً آخرين لم يذكروا في القرآن .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 469 ) .
ثانياً :
قد اختلف أهل العلم في عدد الأنبياء والمرسلين ، وذلك بحسب ما ثبت عندهم من الأحاديث الوارد فيها ذِكر عددهم ، فمن حسَّنها أو صححها فقد قال بمقتضاها ، ومن ضعَّفها فقد قال بأن العدد لا يُعرف إلا بالوحي فيُتوقف في إثبات العدد .
الأحاديث الواردة في ذِكر العدد :
1. عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ، كم الأنبياء ؟ قال : ( مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًاً ) ، قلت : يا رسول الله ، كم الرسل منهم ؟ قال : ( ثلاثمائة وثلاثة عشر جَمّ غَفِير) ، قلت : يا رسول الله ، من كان أولهم ؟ قال : ( آدم ) … .
رواه ابن حبان ( 361 ) .
والحديث ضعيف جدّاً ، فيه إبراهيم بن هشام الغسَّاني ، قال الذهبي عنه : متروك ، بل قال أبو حاتم : كذّاب ، ومن هنا فقد حكم ابن الجوزي على الحديث بأنه موضوع مكذوب.
قال ابن كثير – رحمه الله – :
قد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم ابن حبان البستي في كتابه : " الأنواع والتقاسيم " ، وقد وَسَمَه بالصحة ، وخالفه أبو الفرج بن الجوزي ، فذكر هذا الحديث في كتابه " الموضوعات " ، واتهم به إبراهيم بن هشام هذا ، ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 470 ) .
وقال شعيب الأرناؤط : إسناده ضعيف جدّاً – وذكر كلام العلماء في إبراهيم بن هشام – .
" تحقيق صحيح ابن حبان " ( 2 / 79 ) .
2. وروي الحديث بذلك العدد – مائة وأربعة وعشرون ألفاً – من وجه آخر :
عن أبي أُمَامة قال : قلت : يا نبي الله ، كم الأنبياء ؟ قال : ( مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمّاً غَفِيراً ) .
رواه ابن حاتم في " تفسيره " ( 963 ) .
قال ابن كثير – رحمه الله – :
مُعَان بن رفاعة السَّلامي : ضعيف ، وعلي بن يزيد : ضعيف ، والقاسم أبو عبد الرحمن : ضعيفٌ أيضاً .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 470 ) .
3. وروي حديث أبي ذر رضي الله عنه من وجه آخر ، وليس فيه ذكر عدد الأنبياء ، وإنما ذُكر عدد المرسلين :
قال : قلت : يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال : ( ثلاث مئة وبضعة عشر جمّاً غفيراً ) .
رواه أحمد ( 35 / 431 ) .
وفي رواية أخرى ( 35 / 438 ) : ( ثلاثمئة وخمسة عشر جمّاً غفيراً ) .
قال شعيب الأرناؤط :
إسناده ضعيف جدّاً ؛ لجهالة عبيد بن الخشخاش ؛ ولضعف أبي عمر الدمشقي ، وقال الدارقطني : المسعودي عن أبي عمر الدمشقي : متروك .
المسعودي : هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة .
" تحقيق مسند أحمد " ( 35 / 432 ) .
4. عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بعث الله ثمانية آلاف نبي ، أربعة آلاف إلى بني إسرائيل ، وأربعة آلاف إلى سائر الناس ) .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 7 / 160 ) .
والحديث : ضعيف جدّاً .
قال الهيثمي – رحمه الله – :
رواه أبو يعلي وفيه : موسى بن عبيدة الربذي ، وهو ضعيف جدّاً .
" مجمع الزوائد " ( 8 / 210 ) .
وقال ابن كثير – رحمه الله – :
وهذا أيضاً إسناد ضعيف ؛ فيه الربذي : ضعيف ، وشيخه الرَّقَاشي : أضعف منه أيضاً .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 470 ) .
5. عَنْ أَبِى الْوَدَّاكِ ، قَالَ : قَالَ لِى أَبُو سَعِيدٍ : هَلْ يُقِرُّ الْخَوَارِجُ بِالدَّجَّالِ ؟ فَقُلْتُ : لاَ. فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنِّى خَاتَمُ أَلْفِ نَبِيٍ ، أَوْ أَكْثَرُ ، مَا بُعِثَ نَبِىٌّ يُتَّبَعُ ، إِلاَّ قَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ … ) .
رواه أحمد ( 18 / 275 ) .
والحديث ضعيف ؛ لضعف مجالد بن سعيد .
قال الهيثمي – رحمه الله – :
رواه أحمد ، وفيه مجالد بن سعيد ، وثقه النسائي في رواية ، وقال في أخرى : ليس بالقوى ، وضعفه جماعة .
" مجمع الزوائد " ( 7 / 346 ) .
وضعَّفه الأرناؤط في " تحقيق المسند " ( 18 / 276 ) .
6. وروي هذا الحديث من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه :
رواه البزار في " مسنده " ( 3380 ) " كشف الأستار " .
وفيه مجالد بن سعيد ، وسبق أنه ضعيف .
قال الهيثمي – رحمه الله – :
رواه البزار ، وفيه مجالد بن سعيد ، وقد ضعفه الجمهور ، فيه ثوثيق .
" مجمع الزوائد " ( 7 / 347 ) .

وبما سبق من الأحاديث – ويوجد غيرها تركناها خشية التطويل وكلها ضعيفة – يتبين أنه قد اختلفت الروايات بذكر عدد الأنبياء والمرسلين ، فقال كل قوم بمقتضى ما صحَّ عنده، والأشهر فيما سبق هو حديث أبي ذر رضي الله عنه ، وأن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، والرسل منهم : ثلاثمائة وخمسة عشر ، حتى قال بعض العلماء : إن عدد الأنبياء كعدد أصحاب النبي صلى اللهُ عليْه وسلَّم ، وعدد الرسل كعدد أصحاب بدر .
لكن بالنظر في أسانيد تلك الروايات : لا يتبين لنا صحة تلك الأحاديث لا بمفردها ، ولا بمجموع طرقها .
ثالثاً :
وهذه أقوال بعض الأئمة الذين يقولون بعدم صحة تلك الأحاديث وما تحويها من عدد :
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
وهذا الذي ذكره أحمد ، وذكره محمد بن نصر ، وغيرهما ، يبين أنهم لم يعلموا عدد الكتب والرسل ، وأن حديث أبي ذر في ذلك لم يثبت عندهم .
" مجموع الفتاوى " ( 7 / 409 ) .
ففي هذا النقل عن الإمامين أحمد بن حنبل ، ومحمد بن نصر المروزي : بيان تضعيف الأحاديث الواردة في ذكر العدد ، والظاهر أن شيخ الإسلام رحمه الله يؤيدهم في ذلك ، وقد أشار إلى حديث أبي ذر بصيغة التضعيف فقال : " وقد روي في حديث أبي ذر أن عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر " ، ولم يستدل به ، بل استدل بالآيات الدالة على كثرتهم .
2. وقال ابن عطية – رحمه الله – في تفسير آية النساء – :
وقوله تعالى : ( ورسلاً لم نقصصهم عليك ) النساء/164 : يقتضي كثرة الأنبياء ، دون تحديد بعدد ، وقد قال تعالى ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) فاطر/24 ، وقال تعالى : ( وقروناً بين ذلك كثيراً ) الفرقان/38 ، وما يُذكر من عدد الأنبياء فغير صحيح ، الله أعلم بعدتهم ، صلى الله عليهم . انتهى
3. وسئل علماء اللجنة الدائمة :

كم عدد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ؟ .
فأجابوا :
لا يعلم عددهم إلا الله ؛ لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر/78 ، والمعروف منهم من ذكروا في القرآن أو صحت بخبره السنَّة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 256 ) .
4. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :
وجاء في حديث أبي ذر عند أبي حاتم بن حبان وغيره أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرسل وعن الأنبياء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألفا والرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر ، وفي رواية أبي أمامة : ثلاثمائة وخمسة عشر ، ولكنهما حديثان ضعيفان عند أهل العلم ، ولهما شواهد ولكنها ضعيفة أيضا ، كما ذكرنا آنفا ، وفي بعضها أنه قال عليه الصلاة والسلام ألف نبي فأكثر ، وفي بعضها أن الأنبياء ثلاثة آلاف وجميع الأحاديث في هذا الباب ضعيفة ، بل عد ابن الجوزي حديث أبي ذر من الموضوعات. والمقصود أنه ليس في عدد الأنبياء والرسل خبر يعتمد عليه ، فلا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى ، لكنهم جم غفير ، قص الله علينا أخبار بعضهم ولم يقص علينا أخبار البعض الآخر ، لحكمته البالغة جل وعلا .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 66 ، 67 ) .

5.وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله – :
كم عدد الأنبياء والمرسلين ؟ وهل عدم الإيمان ببعضهم ( لجهلنا بهم ) يعتبر كفراً ؟ وكم عدد الكتب السماوية المنزلة ؟ وهل هناك تفاوت في عدد الكتب بين نبي وآخر ؟ ولماذ ؟.
فأجاب :
ورد في عدة أحاديث أن عدد الأنبياء : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، وأن عدد الرسل منهم : ثلاثمائة وثلاثة عشر ، كما ورد أيضاً أن عددهم ثمانية آلاف نبي ، والأحاديث في ذلك مذكورة في كتاب ابن كثير " تفسير القرآن العظيم " ، في آخر سورة النساء على قوله تعالى : ( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ ) ، ولكن الأحاديث في الباب لا تخلو من ضعف على كثرتها والأوْلى في ذلك التوقف ، والواجب على المسلم الإيمان بمن سمَّى الله ورسوله منهم بالتفصيل ، والإيمان بالبقية إجمالاً ؛ فقد ذم الله اليهود على التفريق بينهم بقوله تعالى : ( وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ ) فنحن نؤمن بكل نبي وكل رسول أرسله الله في زمن من الأزمان ، ولكن شريعته لأهل زمانه وكتابه لأمته وقومه .
فأما عدد الكتب : فورد في الحديث الطويل عن أبي ذر أن عدد الكتب مائة كتاب وأربعة كتب ، كما ذكره ابن كثير في التفسير عند الآية المذكورة ، ولكن الله أعلم بصحة ذلك ، وقد ذكر الله التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى ، فنؤمن بذلك ونؤمن بأن لله كتباً كثيرة لا نحيط بها علماً ، ويكفي أن نصدق بها إجمالاً .
" فتاوى إسلامية " ( 1 / 41 ) .

والله أعلم



الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

أكثر من 750 قصه في ملف واحد في الاسلام

الســلآم عليــكم ورحمـة الله وبـركــآتــه

يـآمرحبــا فيــكم وبـكل اللـي بـ قسم الـ Story‘s 🙂

أول مـشآركـه لـي بـ القسـم حبيت تكـون مميـزهـ شـوي 🙂

هــذي مجمــوعـة قصص قــريت منهـآ كــذآ قصــه , ,

ورآجـي من الله أن يستفــآد منهــآ 🙂

أكثر من 750 قصه , في ملف واحد , ويحتوي هذا الملف على 11 نوع من القصص , وهي كالتالي /

1 / غزوات ومعارك اسلاميه

2 / قصص الأنبياء

3 / قصص التوبه والعوده الى الله

4 / قصص السلف والتاريخ الأسلامي

5 / قصص السيرة النبوية

6 / قصص الشهداء والجهاد في العصر الحديث

7 / قصص الصحابة

8 / قصص العلماء

9 / قصص الفساد الأخلاقي والمخدرات

10 / قصص المسلمين الجدد (هكذا أسلموا)

11 / قصص ذكاء وسرعة بديهه وحنكه وحكمه

تحميـــــل

أو

تحميـــــل

منقــول عن الأخ / يـوسف العييري حفـآظـاً علـى المجهـود الكبير 🙂

إحتـــرآمــــي

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصة النبي أدريس عليه السلام

نبذة:

كان صديقا نبيا ومن الصابرين، أول نبي بعث في الأرض بعد آدم، وهو أبو جد نوح، أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان، وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها، وأول من نظر في علم النجوم وسيرها.

——————————————————————————–

سيرته:

إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.

نسبه:

هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام. وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة.

حياته:

وقد أختلف العلماء في مولده ونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق. وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم. وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة) وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر).

وفاته:

وقد أُخْتُلِفَ في موته.. فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم – لعله من أهل زمانه – فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك. فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}. ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها. وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر. وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة.

وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى. إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك. فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار. والله أعلم.

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} : رفع إلى السماء السادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد وغير واحد. وقال الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إلى الجنة، وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.

قال البخاري: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس، واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء: أنه لما مرّ به عليه السلام قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ولم يقل كما قال آدم و إبراهيم: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قالوا: فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له.

وهذا لا يدل ولابد، قد لا يكون الراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر، وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن، وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين.

تحيـــآآتي…:030104_emM7_prv:

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

ماعاناه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة ابوطالب وخديجة اسلاميات




ماعاناه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة ابوطالب وخديجة
قال
ابن إسحاق : ثم إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا في عام واحد فتتابعت
على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلك خديجة وكانت له وزير صدق
على الإسلام يشكو إليها ، وبهلك عمه أبي طالب وكان له عضدا وحرزا في أمره
ومنعة وناصرا على قومه وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين . فلما هلك
أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن
تطمع به في حياة أبي طالب حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش ، فنثر على رأسه
ترابا .


قال ابن إسحاق : فحدثني هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير ، قال لما
نثر ذلك السفيه على رأس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذلك التراب دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته والتراب على رأسه فقامت إليه إحدى بناته
فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها
: لا تبكي يا بنية فإن الله مانع أباك قال ويقول بين ذلك ما نالت مني قريش
شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب


ما حدث بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبي طالب والمشركين

قال ابن إسحاق : ولما اشتكى أبو طالب وبلغ قريشا ثقله قالت قريش بعضها لبعض
إن حمزة وعمر قد أسلما وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها ، فانطلقوا
بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا ، والله ما نأمن أن
يبتزونا أمرنا .

قال ابن إسحاق : فحدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن
عباس ، قال مشوا إلى أبي طالب فكلموه وهم أشراف قومه عتبة بن ربيعة ، وشيبة
بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ، وأبو سفيان بن حرب في رجال من
أشرافهم فقالوا : يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت ، وقد حضرك ما ترى ،
وتخوفنا عليك ، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك ، فادعه فخذ له منا ،
وخذ لنا منه ليكف عنا ، ونكف عنه وليدعنا وديننا ، وندعه ودينه فبعث إليه
أبو طالب فجاءه فقال يا ابن أخي : هؤلاء أشراف قومك ، قد اجتمعوا لك ،
ليعطوك ، وليأخذوا منك . قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم كلمة
واحدة تعطونيها تملكون بها العرب ، وتدين لكم بها العجم . قال فقال أبو جهل
نعم وأبيك ، وعشر كلمات قال تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من
دونه . قال فصفقوا بأيديهم ثم قالوا : أتريد يا محمد أن تجعل الإلهة إلها
واحدا . إن أمرك لعجب ثم قال بعضهم لبعض إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم
شيئا مما تريدون فانطلقوا ، وامضوا على دين آبائكم حتى يحكم الله بينكم
وبينه . قال ثم تفرقوا .


الرسول يرجو أن يسلم أبو طالب

فقال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله يا ابن أخي ، ما رأيتك
سألتهم شططا ; فلما قالها أبو طالب طمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
في إسلامه فجعل يقول له أي عم فأنت فقلها ، أستحل لك بها الشفاعة يوم
القيامة . قال فلما رأى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا ابن أخي ،
والله لولا مخافة السبة عليك ، وعلى بني أبيك من بعدي ، وأن تظن قريش أني
قلتها جزعا من الموت لقلتها ، لا أقولها إلا لأسرك بها . قال فلما تقارب من
أبي طالب الموت قال نظر العباس إليه يحرك شفتيه قال فأصغى إليه بأذنه قال
فقال يا ابن أخي ، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها ، قال
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمع


وفاة أبي طالب ووصيته


ذكر ابن إسحاق وفاة أبي طالب إلى آخر القصة وفيها قال العباس والله لقد قال
أخي الكلمة التي أمرته بها ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم
أسمع

قال المؤلف شهادة العباس لأبي طالب لو أداها بعدما أسلم ، لكانت مقبولة ولم
يرد بقوله لم أسمع لأن الشاهد العدل إذا قال سمعت ، وقال من هو أعدل منه
لم أسمع أخذ بقول من أثبت السماع لأن عدم السماع يحتمل أسبابا منعت الشاهد
من السمع ولكن العباس شهد بذلك قبل أن يسلم مع أن الصحيح من الأثر قد أثبت
لأبي طالب الوفاة على الكفر والشرك وأثبت نزول هذه الآية فيه ما كان للنبي
والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين [ التوبة 113 ] وثبت في الصحيح أيضا أن
العباس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك ،
ويغضب لك ، فهل ينفعه ذلك ؟ قال نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى
ضحضاح وفي الصحيح أيضا من طريق أبي سعيد أنه – عليه السلام – قال لعله
تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه
دماغه وفي رواية أخرى : كما يغلي المرجل بالقمقم وهي مشكلة وقال بعض أهل
العلم القمقم هو البسر الأخضر يطبخ في المرجل استعجالا لنضجه يفعل ذلك أهل
الحاجة وفي رواية يونس عن ابن إسحاق زيادة وهي أنه قال يغلي منها دماغه حتى
يسيل على قدميه ومن باب النظر في حكمة الله ومشاكلة الجزاء للعمل أن أبا
طالب كان مع رسول الله بجملته متحزيا له إلا أنه مثبت لقدميه على ملة عبد
المطلب ، حتى قال عند الموت أنا على ملة عبد المطلب ، فسلط العذاب على
قدميه خاصة لتثبيته إياهما على ملة آبائه ثبتنا الله على الصراط المستقيم .

وذكر قول الله تعالى : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين [
التوبة 113 ] وقد استغفر عليه السلام يوم أحد فقال اللهم اغفر لقومي ،
فإنهم لا يعلمون وذلك حين جرح المشركون وجهه وقتلوا عمه . وكثيرا من أصحابه
ولا يصح أن تكون الآية نزلت في عمه ناسخة لاستغفاره يوم أحد ، لأن وفاة
عمه كانت قبل ذلك بمكة ولا ينسخ المتقدم المتأخر وقد أجيب عن هذا السؤال
بأجوبة أن قيل استغفاره لقومه مشروط بتوبتهم من الشرك كأنه أراد الدعاء لهم
بالتوبة حتى يغفر لهم ويقوي هذا القول رواية من روى : اللهم اهد قومي
فإنهم لا يعلمون وقد ذكرها ابن إسحاق ، رواها عنه بعض رواة الكتاب بهذا
اللفظ وقيل مغفرة تصرف عنهم عقوبة الدنيا في المسخ والخسف ونحو ذلك ووجه
ثالث وهو أن تكون الآية تأخر نزولها ، فنزلت بالمدينة ناسخة للاستغفار
للمشركين فيكون سبب نزولها متقدما ، ونزولها متأخرا لا سيما ، وهي في سورة
براءة وبراءة من آخر ما نزل فتكون على هذا ناسخة للاستغفارين جميعا ، وفي
الصحيح أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دخل على أبي طالب عند موته
وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال يا عم قل لا إله إلا الله كلمة
أشهد لك بها عند الله فقال له أبو جهل وابن أبي أمية أترغب عن ملة عبد
المطلب ، فقال أنا على ملة عبد المطلب وظاهر الحديث يقتضي أن عبد المطلب
مات على الشرك ووجدت في بعض كتب المسعودي اختلافا في عبد المطلب ، وأنه قد
قال فيه مات مسلما لما رأى من الدلائل على نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم –
وعلم أنه لا يبعث إلا بالتوحيد فالله أعلم غير أن في مسند البزار ، وفي
كتاب النسوي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
قال لفاطمة وقد عزت قوما من الأنصار عن ميتهم لعلك بلغت معهم الكدى ، ويروى
الكرى بالراء يعني : القبور فقالت لا ، فقال لو كنت معهم الكدى أو كما قال
ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك وقد أخرجه أبو داود ، ولم يذكر فيه حتى
يدخلها جد أبيك ، وكذلك لم يذكر فيه ما دخلت الجنة وفي قوله جد أبيك ، ولم
يقل جدك يعني : أباه توطئة للحديث الضعيف الذي قدمنا ذكره أن الله أحيا أمه
وأباه وآمنا به فالله أعلم ويحتمل أن يكون أراد تخويفها بقوله حتى يدخلها
جد أبيك فتتوهم أنه الجد الكافر ومن جدوده عليه السلام إسماعيل وإبراهيم
لأن قوله عليه السلام حق ، وبلوغها معهم الكدى لا يوجب خلودا في النار فهذا
من لطيف الكناية فافهمه وحكي عن هشام بن السائب أو ابنه أنه قال لما حضرت
أبا طالب الوفاة جمع إليه وجوه قريش ، فأوصاهم فقال يا معشر قريش ، أنتم
صفوة الله من خلقه وقلب العرب ، فيكم السيد المطاع وفيكم المقدم الشجاع
والواسع الباع واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه
ولا شرفا إلا أدركتموه فلكم بذلكم على الناس الفضيلة ولهم به إليكم الوسيلة
والناس لكم حزب وعلى حربكم ألب وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية فإن فيها
مرضاة للرب وقواما للمعاش وثباتا للوطأة صلوا أرحامكم ولا تقطعوها ، فإن في
صلة الرحم منسأة في الأجل وسعة في العدد واتركوا البغي والعقوق ففيهما
هلكة القرون قبلكم أجيبوا الداعي وأعطوا السائل فإن فيهما شرف الحياة
والممات عليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة فإن فيهما محبة في الخاص ومكرمة
في العام وإني أوصيكم بمحمد خيرا ، فإنه الأمين في قريش ، والصديق في العرب
، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به وقد جاء بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان
مخافة الشنآن وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب ، وأهل البر في الأطراف
والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره فخاض بهم
غمرات الموت فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا ، وضعفاؤها
أربابا ، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه وأبعدهم منه أحظاهم عنده قد محضته
العرب ودادها ، وأصفت له فؤادها ، وأعطته قيادها ، دونكم يا معشر قريش ابن
أبيكم كونوا له ولاة ولحزبه حماة والله لا يسلك أحد منكم سبيله إلا رشد ولا
يأخذ أحد بهديه إلا سعد ولو كان لنفسي مدة ولأجلي تأخير لكففت عنه الهزاهز
ولدافعت عنه الدواهي ثم هلك .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

تمثيل الأنبيآء والرسل عليهم السلآم اسلاميات

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظكم الله
تبث أحد القنواة الكوثر (الشيعية) مسلسلاً يتحدث عن النبي يوسف عليه السلام وفي هذا المسلسل جملة من المنكرات ومنها تمثيل النبي يوسف وكذا يعقوب عليهما السلام، وجبريل عليه السلام.
فما حكم الشرع في هذا؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابة:
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
فمعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله فضل الأنبياء والرسل على سائر عباده المؤمنين وأولياءه المقربين بالبعثة والرسالة إلى أقوامهم وأيدهم بالمعجزات وعصمهم من الكبائر والمنكرات وجعل المساس بهم بأي أذى أعظم من المساس بأتباعهم وخلفائهم قال تعالى: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا} [الأحزاب: ٥7] فحكم سبحانه على مؤذي رسولنا باللعن في الدنيا والآخرة، وتوعده بالعذاب المهين والجزاء من جنس العمل، فإن المؤذي لنبينا مستهين به ومستخف به، فكان العذاب المهين جزاء هذا العمل وهكذا الحكم في سائر الأنبياء والرسل لأن حرمتهم مثل حرمة نبينا.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن كذباً علي ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليّ متعمداَ فليتبوأ مقعده من النار» رواه البخاري ومسلم، وهكذا من كذب على سائر الأنبياء والرسل.
ألا وإن من المؤاذاة للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام تمثيلهم، لأن التمثيل لهم ينافي تعظيمهم وتوقيرهم وإجلالهم قال الله: {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} [الفتح: ٩] وهكذا يجب تعظيم سائر الأنبياء، فإن تعظيمهم من تعظيم الله، وحقهم تابع لحق الله، وتمثيل الأنبياء ظهر في عصرنا على أيدي شرذمة من اليهود والنصارى،ومعلوم أن اليهود والنصارى قد أساؤوا إلى أنبياء الله ورسله بإساءات كثيرة، قديماً وحديثاً إساءات اليهود أكثر وأقدم وأمكن، وحصل مؤخراً أن تلقف تمثيل الأنبياء والرسل شذاذ من المنتسبين إلى الإسلام فحاولوا القيام بذلك، فما أن علم أهل العلم بهذا إلا وقاموا بما أوجب الله عليهم من بيان الحكم الشرعي على التمثيل المذكور، ومن ذلك:
أنه لما تم توقيع عقد بين الشركة العربية للإنتاج السينمائي العالمي وممثلي بعض الحكومات العربية على إخراج فيلم بعنون (محمد رسول الله) تصدى لذلك هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، فأصدروا قراراً بتحريم إظهار هذا الفيلم، مع بيان بعض المفاسد في ذلك، كما أفتت بحرمة هذا العمل. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وقبل فتوى هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة أفتى مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة على عدم جواز ذلك، كما قام المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بتحريم العمل المذكور، وصدر أيضاً قراراً من المنظمات العالمية الإسلامية يستنكر استنكاراً شديداً لمحاولة إخراج هذا الفيلم.
فهذا إجماع من علماء المسلمين على تحريم تمثيل رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهو شامل لتحريم تمثيل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فإن وُجد من يخالف هذا فلا عبرة بقوله، ولا مجال لقبوله.
وكل من ذكرنا فتواهم وقراراتهم آنفاً ينصون فيها على تحريم تمثيل الصحابة، وبعضهم يزيد قرابة الأنبياء والرسل، فيكون تمثيل الصحابة وآل بيت النبوة أمراً مجمعاً على تحريمه، فليُعلم هذا.
ومبنى هذا التحريم على ما عُلم من المفاسد في التمثيل المذكور، فإنه يشتمل على مفاسد كثيرة ومنها:
·المخالفة لحكمة الله في منع شياطين الجن من التمثل بالرسول عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في الحديث المتواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي»
فالحكمة في هذا المنع صيانة شخصية رسولنا عليه الصلاة والسلام من أن تكون محل عبث ولعب وغير ذلك.
فالممثلون له منتهكون لهذه الحكمة العظيمة.
·أن التمثيل للأنبياء والرسل كذب عليهم في شخصياتهم وأفعالهم وأقوالهم، لأن الممثل تقمص شخصية النبي الكريم، وقام بحركات قولية وفعلية زاعماً أنها حركات للنبي المُمَثل به وهذا كذب لأن الشخصية والحركات هي للممثل، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن محاكاة الشخص (وهي الفعل مثل فعله والقول مثل قوله) كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: ذهبت أحكي امرأة أو رجلاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: (ما أحب أني حكيت أحداً وأن لي كذا وكذا أعظم ذلك)
فكيف بمن يتقمص شخصية النبي بحيث يرى المشاهدين أن هذا هو النبي الفلاني، ألا ساء ما يفعلون!!
·ومنها أن التمثيل هذا فيه تنقص للأنبياء والرسل واستخفاف بهم، حيث يظهرهم الممثلون بمظاهر لا تليق بهم: من اختلاطهم بالنساء غير المحارم وسيرهم على عادات وتقاليد الناس في الزواج غير ذلك كما ظهر ذلك جلياً في مسلسل (يوسف الصديق) في قناة الكوثر الإيرانية.
فلما كان التمثيل مشتملاً على الاستخفاف والتنقّص للأنبياء والرسل لم يكن صادراً إلا من كفار، أو ممن يتشبه بهم، ويقلدهم من منافقي المسلمين وسقطهم، فكيف لو كان هؤلاء السقط أجراء لجهات حاقدة على الأنبياء والرسل كالماسونية وغيرها! وكيف إذا كانوا متاجرين بهذا التمثيل! أيتاجر بأنبياء الله ورسله؟!! قاتلهم الله أنى يؤفكون.
·ومنها أن التمثيل المذكور يفتح أبواباً من طعن في الأنيباء عند بعض المشاهدين والسخرية منهم وبعضهم يتندر بهم على جهة الجد أو المزاح واللعب وكل هذا منذر بشر عظيم قال تعالى:{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}[ التوبة: ٦٥ – ٦6]
فلم يعذر الله من وقع في شيء من الخوض في حق نبيه بطريق المزاح واللعب، فالممثلون لا يخرجون عن أن يكونوا في تمثيلهم للأنبياء والرسل ما بين جاد ولاعب، وهكذا بعض المشاهدين.
فليتنبه الممثلون والمشاهدون لعواقب فعلهم هذا.
·حصول الغلو في بعض الأنبياء والرسل، كتمثيل بعض الممثلين لعيسى ابن مريم لغرض الغلو فيه بإظهاره بمظهر الربوبية، ومعلوم أن الإسلام حرم تصوير ا لأنبياء والصالحين حتى لا يُتخذوا آلهة يُعبدون من دون الله.
إلى غير ذلك من المفاسد..!!
ومن المعلوم أن القاعدة الشرعية في التحريم عند أهل العلم أن الشريعة لم تحرم شيئاً إلا لما فيه من الضرر المحض، أو لما فيه من الضرر الغالب.
وقد بان بهذا الإيضاح عظيم الضرر والفساد في العقيدة والعبادة وفي الدين والدنيا بسبب هذا التمثيل.
ألا وليعلم المسلمون أن انتهاك حرمة الأنبياء والرسل انتهاك لحرمة أتباعهم وخلفائهم لأن المنتهك لحرمتهم يسهل عليه الطعن في أتباعهم بقوله: (أنتم تعظمون الأنبياء وتحذرون من المساس بهم وتتبعونهم وفيهم وفيهم من أمور التنقص والعيب)
فعلى الأمة الإسلامية كافة أن تقوم بواجبها الشرعي في الذب عن الأنبياء والمحافظة على مكانتهم والوقوف ضد من يتعرض لهم بشيء من الإيذاء خصوصاً في هذا العصر الذي ظهر فيه الإلحاد واستطار شره في عالم المسلمين، وانتشاره في بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وغيرها، فإن تساهل الأمة فيما ذكرنا يسبب ازدياد القدح والطعن فيهم، وليس للأمة أن تتنازل عن موطن الدفاع عن جميع الأنبياء والمرسلين، كلٌ حسب قدرته واستطاعته.
وعلى حكام المسلمين الواجب الأكبر في الدفاع عن الأنبياء والرسل، وعن الصحابة والقرابة، وعليهم أن يحيوا الدفاع التي كان عليها ولاة الأمر من أسلافهم.
وعلى ما سبق بيانه في ذكر مفاسد تمثيل الأنبياء والرسل، وذكر إجماع أهل العلم على تحريمه يتحتم على المسلمين سد أبواب الذرائع الموصلة إلى الإعانة للممثلين والقبول لتمثيلهم، أو السكوت عنهم، فما هو حاصل الآن في قناة الكوثر الإيرانية من عرض تمثيل النبي يوسف ويعقوب عليهما السلام وتمثيل جبريل عليه السلام أمر لا يقرّه شرع ولا عقل.
فالواجب على المسلمين منابذة هذه القنوات والتحذير منها ودعوة القائمين عليها إلى التوبة إلى الله، بإلغاء هذه الأفلام وما كان على شاكلتها من أفلام تمثيل الصحابة وغيرهم.
تنبيه: لا يجوز تمثيل الملائكة، لأنها من عالم الغيب، فإذا كانت حرمة التمثيل واردة في حق الأنبياء، فهي واردة في حق الملائكة من باب أولى، فما أعظمها من جرأة على ما ليس بالإمكان، وهكذا تمثيل الجن، فالممثلون هؤلاء جمعوا بين الجهل وبين الجرأة وبين السقاطة.
فليربأوا بأنفسهم عن هذه المزالق الخطيرة والانحرافات المستطيرة.
وليصلحوا ما بينهم وبين الله بالتوبة إليه والإنابة والرجوع والخضوع ولا حول ولا قوة إلا بالله.

محمد بن عبد الله الإمام
دار الحديث بمعبر

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

قصة النبي صالح عليه السلام في القرآن

صفحة أخرى من صحائف قصة البشرية؛ وهي تمضي في خضم التاريخ، ونكسة أخرى إلى الجاهلية؛ ومشهد من مشاهد اللقاء بين الحق والباطل، ومصرع جديد من مصارع المكذبين، يقصه علينا القرآن من خلال قصة النبي صالح عليه السلام، وهو يدعو قومه إلى توحيد الله، وإفراده وحده سبحانه بالعبودية، وترك ما سواه من الآلهة المصطنعة، التي لا تملك من الأمر شيئاً.

وقصة النبي صالح عليه السلام مع قومه ثمود وردت في سور متعددة: فجاءت مفصلة في سور: (الأعراف)، و(هود)، و(الحِجر)، و(الشعراء)، و(فصلت). وجاءت أقل تفصيلاً في سور: (الإسراء)، و(النمل)، و(الذاريات)، و(الحاقة)، و(الفجر)، و(الشمس)، وأشير إليها في سور: (التوبة)، و(إبراهيم)، و(الحج)، و(الفرقان)، و(العنكبوت)، و(ص)، و(غافر)، و(ق)، و(النجم)، و(البروج).

حاصل القصة

أرسل الله نبيه صالحاً عليه السلام إلى قبيلة ثمود، وهي من قبائل العرب، وكان صالح واحداً منها، وكانت مساكنها بـ (الحِجْر)، وهو مكان يقع الآن بين الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية وشرق المملكة الأردنية. وكان قوم صالح عليه السلام قد أنعم الله عليهم بمظاهر الحضارة من العمران والبنيان، بيد أنهم كانوا جاحدين لأنعمه، منكرين لوحدانيته. وقد طالبوا نبيهم بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم، فأتاهم بالناقة. وأمرهم أن يتركوا الناقة وشأنها، ولا يمسوها بسوء، غير أنهم لم يلتفوا لأمره، وقتلوا الناقة، فعاقبهم سبحانه شر عقاب، ونجى نبيه صالحاً والذين آمنوا معه.

تحليل عناصر القصة

تدور وقائع هذه القصة وأحداثها على ستة عناصر رئيسة، هي على النحو التالي:

العنصر الأول: دعوة النبي صالح عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده والإخلاص له، ونبذ كل معبود سواه، سواء أكان المعبود صنماً، أم وثناً، أم غير ذلك. وقد تعددت الآيات الواردة في تقرير هذه الدعوة، منها قوله تعالى: {قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (الأعراف:73). وقوله عز وجل: {إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون} (الشعراء:142). ومنها أيضاً قوله سبحانه: {أن اعبدوا الله} (النمل:45). وقوله عز من قائل: {فاستغفروه ثم توبوا إليه} (هود:61). وقوله تعالى: {لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون} (النمل:46).

العنصر الثاني: ذِكْر المعجزة التي جاءهم بها، تصديقاً لرسالته، وانقياداً لدعوته، جاء ذلك في قوله تعالى: {قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية} (الأعراف:73). وقوله سبحانه: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} (الإسراء:59). وقوله عز وجل: {قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} (الشعراء:155).

العنصر الثالث: تذكيرهم بما أنعم الله عليه من نعم، وما منَّ عليهم من مِنَن، جاء في ذلك قوله عز من قائل: {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا} (الأعراف:74). وقوله سبحانه: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} (هود:61).

العنصر الرابع: الإنكار عليهم لما هم عليه من فساد عريض وطغيان كبير، وإيثار للحياة الدنيا على الحياة الآخرة، نقرأ في ذلك قوله تعالى: {فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} (الأعراف:74). وقوله سبحانه: {وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين} (الحجر:82). وقوله عز وجل: {أتتركون في ما ها هنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين} (الشعراء:146-149). وقوله عز من قائل: {يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة} (النمل:46).

العنصر الخامس: موقف قوم صالح عليه السلام من دعوته نحا منحى السخرية والتكبر والاستعلاء في الأرض، وهو ما أشارت إليه الآيات التاليات: قوله سبحانه: {فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين} (الأعراف:77). وقوله تعالى: {قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} (هود:62). وقوله سبحانه: {وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين} (الحجر:81). وقوله عز وجل: {قالوا إنما أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين} (الشعراء:153-154). وقوله عز من قائل: {قالوا اطيرنا بك وبمن معك} (النمل:47). وقوله تعالى: {فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر * أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر} (القمر:24-25).

العنصر السادس: بيان عاقبة المعرضين عن دعوة الله، والمنكرين لها، وعاقبة المستجيبين لها، والمنقادين لأمرها، وهو ما عبرت عنه الآيات الآتية: قوله تعالى: {فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين} (الأعراف:78). {وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود} (هود:67-68). وقوله سبحانه: {فأخذتهم الصيحة مصبحين} (الحجر:83). وقوله عز وجل: {فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ} (هود:66). وقوله تعالى: {فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} (الشعراء:158). وقوله عز وجل: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} (النمل:51-52). وقوله تعالى: {فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون} (فصلت:17). وقوله سبحانه: {فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون * فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين} (الذاريات:44-45)، وقوله تعالى: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية} (الحاقة:5). وقوله عز وجل: {فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها} (الشمس:14).

ويلاحظ أن الآيات الكريمة عبرت عن {العذاب} الذي أصاب قوم صالح عليه السلام، تارة بـ {الصيحة}، وتارة بـ {الرجفة}، وتارة بـ {الصاعقة}، وتارة {بالطاغية}، ولا تعارض بين هذه التعبيرات؛ لأنها متقاربة في معناها، ويكمل بعضها بعضاً، وهي تدل على شدة ما أصابهم من عذاب.

وعلى العكس من ذلك، فقد كانت عاقبة المؤمنين النجاة والتأييد من الله رب العالمين؛ وذلك ببركة تقواهم، وخوفهم من عذاب خالقهم، واتباعهم للحق الذي جاءهم به، قال تعالى: {نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ} (هود:66). وقال عز وجل: {وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} (النمل:53). وقال سبحانه: {ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} (فصلت:18). وفي هذا البيان تأكيد لسُنَّة من سُنَن الله التي لا تتخلف ولا تتبدل، ألا وهي عقاب الظالمين، ونجاة المؤمنين.

ما يستفاد من القصة

قصة النبي صالح عليه السلام مع قومه -كسائر قصص القرآن- غنية بالعبر، وزاخرة بالعظات، نذكر منها:

أولاً: أن صالحاً عليه السلام بذل مع قومه غاية ألوان الترغيب والترهيب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله، ونبذ كل شيء سواه. وقد داوم على هذه الدعوة دون يأس أو ملل إلى أن بلَّغ رسالة ربه على الوجه الأكمل.

ثانياً: أن العقلاء من الناس يعتبرون بآثار الظالمين، ويربؤون بأنفسهم عن أن يسلكوا، أو أن يسكنوا مساكن الذي ظلموا أنفسهم؛ خوفاً أن يصيبهم ما أصاب أولئك الظالمين.

ثالثاً: أن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب، واستقر في النفوس، ولَّد فيها الشجاعة، والقوة، والإقدام، والصراحة.

رابعاً: أن العقلاء المخلصين يستعملون دائماً في دعوتهم الأساليب المنطقية الحكيمة مع غيرهم، وهذا نراه واضحاً في جدال صالح عليه السلام مع قومه، كما تجلى ذلك في قوله سبحانه: {لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون} (النمل:46). وأن صالحاً سلك في دعوته لقومه أحكم الأساليب وأقومها وأقواها.

خامساً: أن النعم التي يُنعم الله بها على عباده، إذا لم يُحْسِن العباد تسخيرها في طاعة الله، فإنها تنقلب عليهم نقماً.

غرائب مما ذكرته التفاسير حول هذه القصة

كان التركيز في قصة النبي صالح عليه السلام مع قومه على المعجزة التي جاءهم بها وهي الناقة. وقد ذكر المفسرون قصصاً كثيرة وأخباراً عن هذه الناقة، كذكرهم أن الناقة خُلقت من صخرة، أو هضبة من الأرض، ونحو ذلك من الأخبار التي لا تستند إلى دليل نقلي أو عقلي ينهض بها. يقول الشيخ رشيد رضا في هذا الصدد: "ولا يصح شيء يحتج به في خلق الناقة من الصخرة، أو من هضبة من الأرض، كما روي عن أبي الطفيل". كما أن بعض المفسرين خاض في وجه كون هذه الناقة {آية}، وذكر أقوالاً لا مستند لها، ما دفع الإمام الرازي إلى القول: "واعلم أن القرآن قد دل على أن فيها {آية}، فأما ذِكْر أنها كانت آية من أي الوجوه، فهو غير مذكور، والعلم حاصل بأنها كانت معجزة من وجه ما لا محالة". وهذا هو المسلك الأسلم في الوقوف عند ظاهر القرآن، وعدم الخوض في تفاصيل الوقائع من غير دليل معتبر. فما دام القرآن نفسه -وهو الحجة البالغة- لم يذكر تفصيلاً عن {الناقة} أكثر من أنها {بينة} من ربهم، وأنها {ناقة الله}، وفيها {آية} منه، فليُكْتَفَ بما أخبر به القرآن، دون الخوض في ذلك الخضم من الأساطير والإسرائيليات التي تفرقت بها أقوال المفسرين حول {ناقة} صالح عليه السلام.

نعم، نستلهم من الآيات الواردة في هذا الصدد، أنها كانت {ناقة} غير عادية، أو أنها أخرجت لهم إخراجاً غير عادي، ما يجعلها {بينة} من ربهم، ومما يجعل إضافتها إلى الله له دلالته التشريفية، ويجعلها آية على صدق نبوته. ولا نزيد على هذا شيئاً، مما لم يرد ذكره من أمرها في هذا المصدر المستيقن، وفيما جاء في هذه الإشارة كفاية عن كل تفصيل آخر. {وكفى الله المؤمنين القتال} (الأحزاب:25).

موقع مقالات اسلام ويب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

التصنيفات
قصص الانبياء و الرسل

حياة الأنبياء – قصص انبياء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل الرسل أحياء أم أموات ؟
عندما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم ، صلى جميع الرسل خلفه في المسجد الأقصى ثم ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كل سماء وتقابل مع بعض الرسل المعروفين والذين بالتأكيد صلوا خلفه .
كيف كان الرسل في المسجد الأقصى ثم في السماوات بعد ذلك ؟ أم أن الرسل لا زالوا أحياء ولكن بطريقة مختلفة عنا ؟.

الحمد لله
الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أموات بالنسبة لأهل الدنيا قال الله تعالى مخاطباً خاتمهم وأفضلهم : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) الزمر / 30 ، أما عند الله فهم أحياء لأنه إذا كان الشهيد حياً عند الله فالأنبياء أرفع رتبة من الشهداء بلا شك . انظر فتح الباري 6 / 444
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ) رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 2790 ) وهذه الصلاة مما يتمتعون بها كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح .

وهم في قبورهم صلوات الله وسلامه عليهم إلا عيسى عليه السلام ، فإن الله رفعه إلى السماء ؛ كما قال تعالى : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً – بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء / 157-158 ) .
وأما صلاة الأنبياء خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ، فهم صلوا وراءه بأرواحهم ، وأبدانهم في قبورهم ، وكذلك
{ رؤيته الأنبياءَ ليلة المعراج في السماء لما رأى آدم في السماء الدنيا ، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية ، ويوسف في الثالثة ، وإدريس في الرابعة ، وهارون في الخامسة ، وموسى في السادسة ، وإبراهيم في السابعة ، أو بالعكس ، فإنه رأى أرواحهم مصورة في صور أبدانهم .
وقد قال بعض الناس : لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور ; وهذا ليس بشيء .
لكن " عيسى " صعد إلى السماء بروحه وجسده وكذلك قد قيل في " إدريس " .
وأما " إبراهيم " " وموسى " وغيرهما فهم مدفونون في الأرض .
والمسيح – صلى الله عليه وسلم وعلى سائر النبيين – لا بد أن ينزل إلى الأرض على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ; ولهذا كان في السماء الثانية مع أنه أفضل من يوسف وإدريس وهارون ; لأنه يريد النزول إلى الأرض قبل يوم القيامة بخلاف غيره . وآدم كان في سماء الدنيا لأن نسم بنيه تعرض عليه : أرواح السعداء – والأشقياء لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط – فلا بد إذا عرضوا عليه أن يكون قريبا منهم … وكونهم صلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ثم لقي بعضهم بعدما عُرج به إلى السماء لا منافاة بينهما ، فإن أمر الأرواح من جنس أمر الملائكة ، في اللحظة الواحدة تصعد وتهبط ، وليست في ذلك كالبدن } " .
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( 4/328- 329) بتصرف يسير .
الإسلام سؤال وجواب

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده