فلقد سرني كثيراً وسر كل مسلم عرف ما تقومون به وانشرحت صدورنا بما نسمع عنكم من عمل متواصل، وجهود مشكورة في سبيل إعلاء كلمة الله ومجاهدة أعدائه الكفرة الملاحدة، والاهتمام بنشر العلم الشرعي والمعتقد الصحيح، ومحاربة البدع والمنكرات، فنسأل الله أن يقر أعيننا وأعينكم بظهور دينه ودحر عدوه، وأن يجعل العاقبة لعباده المتقين.
ووصيتي هي تقوى الله سبحانه والإخلاص له والصدق معه، والثبات على طريق الجهاد والدعوة، وحمل لواء العقيدة السلفية، ونشر العلم الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واجتهاد أئمة السلف المبني عليهما، فإن هذا هو طريق الرسل واتباع الرسل، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[1]، وقال سبحانه: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[2]، وقال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[3] الآية، ولا شك أن من سلك هذا السبيل فسيجد من الإيذاء والتضييق من أعداء الله ما وجده رسل الله وأولياؤه وأئمة العلم والدين من أتباعهم على هديهم لكن العاقبة للمتقين إذا تذرعوا بالصبر والثبات، وإذا علم الله منهم حسن النية والإخلاص له، وأن هدفهم هو إعلاء كلمته ونصر دينه وليس عرضا من الدنيا، قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[4]، وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[5]، ولئن حوربتم وقتلتم وضربتم وشتمتم فلستم أفضل من رسل الله عليهم صلواته وسلامه، وعليكم بالصبر والرفق فإن صاحب البدع والمعصية كالمريض يؤخذ بالرفق والحكمة، والرفق ما كان في شيء إلا زانه، ويعطي الله بالرفق ما لا يعطي على العنف ولا على غيره، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، كما قال صلى الله عليه وسلم.