التصنيفات
قصص وروايات

الأرض الطيبة من الواقع

اهلا بكم اخوتي واحبتي في هذا المدونة الرائع بوجودكم فقط
سرني التفاعل الذي عشته معكم بقصة محمد والمدينة ..لذا:
أحببت أن اعيش المغامرة مرة أخرى من خلال هذه القصة الجميلة والهادفة
اتمنى ان تلقى ما لقي منكم محمد هناك علما بان بطل هذه القصة أيضا هو محمد ..

فالى هناك …
ما أن أعلنت شمس ذلك اليوم رحيلها .. حتى بدا العم أبو محمد من رأس الشارع المؤدي لبيتهم .. قادما من أرضه التي كان قد فلحها وزرعها منتظرا فرج رب العالمين بالمطر الوفير … كان رجلا عجوزا محني الظهر يحمل معوله تارة … ويتكئ عليه تارة أخرى ليبدو وكأنه وتر لقوس .
بدت الشمس وكأنها ستارة كلما انسدلت أسدلت معها خيوط المساء الجميلة ، وكان أبو محمد كلما اقترب قَصُرَتْ خُطوَتُه وبدا عليه التعب … من تعابير وجهه الذي اكتلح بالغبار … غبار شرف وعزة لا غبار زوابع فقط ..
وصل بيته … استقبلته أمرأة ـ طبعا هي زوجته أم محمد ـ تكاد تكون في سنه إلا أن قوأمها كان أشد … ودار بينهما الحوار التالي :

أم محمد : هلا أبو محمد ..الله يعطيك العافية يا رب ويقويك ويديمك لنا ..هات عنك المعول .. (وتأخذه) .. أوه .. والله ثقيل .. الله يعينك على حملته كل يوم ..
أبو محمد : (بتعب ) آآآآه … الله يعافيك … والله ما صدقت إني أوصل البيت .. من فجر الله وأنا بها لأرض … حتى اليوم راحة … ما ارتحت .
أم محمد : عاد الله يهداك ما هو بجديد عليك .. ما أنت من عرفتك وأنت بهالأرض .. وتتضايق إذا قلنا لك ارتاح اليوم .. وبعدين أمس تقول لجارنا أبو علي انك ودك تعرس … وش تبي بك العروس اجل ..(تضحك) .
(طبعا هي تعلم حقيقة تعبه ولكنها تحاول أن تشد من أزره بكلماتها لتبعث الحياة والنشاط في نفسه من جديد )
أبو محمد : الله المستعان … من أربعين سنه وأنا أتكلم ولا حفظتي إلا اللي قلته لأبوم علي أمس …؟؟ أخ منكم حريم … أقول تعالي صبي علي من الإبريق خلني اغسل يديني وارتاح تراه معاد إلا يذن المغرب .
أم محمد : تعال عسى يومي قبل يومك .. الموية الحارة تعال غسل يدينك ورجولك …
(بينما هي تسكب الماء على يديه بادرها بسؤال )
أبو محمد : إلا العيال وين ما أشوف منهم احد .؟
أم محمد : احمد في المعهد اللي يدرس فيه … وعبدالله توه طلع هو وعلي ولد جارنا وفاطمة بعد كانت عندنا اليوم وتسلم عليك وكانت تبي تشوفك لكن جاها ولدها ويقول انه عندهم ضيوف وراحت لبيتها .
أبو محمد : (وهو ينشف بالمنشفه ) الله يعطيكي العافية … وجزاك الله خير .. لكن اشوفك ما جبتي سيرة محمد …!! وينه ؟
أم محمد : (تحاول تغير الموضوع ) تعال اجلس وارتاح عند الدفاية لين احضر لك لقمة تاكلها ..
أبو محمد : خل الاكل بعد الصلاة … لكن محمد وينه ..؟؟؟ لا تقولي نايم .
أم محمد : تكفى واللي يرحم والديك لا تغث نفسك وتغثنا معك …
تعال الحين ارتاح وبعدين يحلها حلاَّل . ولد هذا طبعه من تخرج من الثانوية وهذا حاله
وكل اللي تخرجوا معه مثله لا وظيفة ولا عمل وش سوي بعد ، ما يصير كل شوي نلومه
احسن يطق ويطفش من البت ونصير نقول ليت اللي جرى ما كان .
أبو محمد : ما شاء الله .. والله دام عنده محأمي شاطر مثلك اكيد مظلوم وهو بري … لكن انا بوريكي فيه الحين .
(ويرتفع صوت الحق لأذان المغرب) ..
أم محمد : تعوذ من ابليس الله يهداك ورح صلي المغرب وبترجع وتلقى كل شيء على ما تحب .
أبو محمد : (يأخذ نفسا عميقا شعر ان جسمه به استقأم ) استغفر الله العظيم .. ولا حول ولا قوة الا بالله ..ويذهب لصلاة المغرب .
(أم محمد تذهب مسرعة الى غرفة محمد وتوقظه بلهفة قبل ان يعود والده )
أم محمد : قم يمه .. قم الله يهداك .. كم مرة قلت لك لا يجي أبوك من شغله وانت نايم والله بيموت بسببك .
محمد : اقول طف النور وخليني شوي والله ما نمت الا الظهر ..
أم محمد : لانك كنت تدور على شغل حتى ما نمت الا الظهر !!! وش مقعدك للظهر ..؟؟ يالله قم عاد .. والله ان رجع من الصلاة ولقاك نايم ليقوم القيأمة فوق راسك .. عيب عليك شايب عمره طق السبعين يقوم من الفجر ولا يرجع الا المغرب وأنت توك ابن عشرين ذابحك النوم … والله يا لولاه ـ بعد الله ـ لتموتون أنت وإخوانك من الجوع .
محمد : أنا أبي افهم اذا قمت وش بسوي لكم .؟ وش بتستفيدون مني ؟
ام محمد : يمه الله يرضى عليك قم … ما نبي منك شيء .. بس لما يشوفك نايم يحس انك مانك مهتم بشيء وهذا يزيده غبن … يالله وليدي .. قم الله يرضى عليك معاد الا يجي . وانا بروح احط لكم الأكل … لا تنام ..

(ينهض محمد وهو مازال مطبقا عيناه ويتأرجح إلى أن وصل الباب وخرج يحك رأسه تارة وجسمه تارة اخرى )


(يعود ابو محمد من المسجد ويجلس بجانب المدفئة .. بينما ام محمد تأتي بطبق عليه صحنين من الطعام وتجلس)
يدخل محمد : مساك الله بالخير يبه ( ويقبل رأسه) …
ابو محمد : صح النوم ..
محمد : (ينظر لأمه محملقا … مندهشا .. وكأنه يطلب منها الجواب ) .
ام محمد : ( تبي تغير الموضوع ) شف الخبز جنبك الله يسلمك .. سم بالرحمن .
أبو محمد : أشوفه … لكن ابي اشوف ابنك الى متى بيقعد على هالحالة .!!
ام محمد : (ما تدري وش بتقول ) ترى عاد محمد ولدي ولا احب احد يتكلم عليه .. اسم الله عليه بكري هذا
ابو محمد : أصلا ما خربه الا كلامك هذا ..
ام محمد : الحين النعمة موجودة ولاني برادة عليكم أبي أكل وانتم بكيفكم
(تقولها لتلطف الجو بينما هي تتقطع من الداخل )
محمد : (كل هذا ومحمد صامت .. بل بدا وكأنه صنم )
ابو محمد : الله المستعان … الله المستعان … (موجها كلامه لمحمد) مد يدك وسم بالرحمن .
محمد : يبا .. الحين انا أبي أسألك .. انت ليش زعلان وشايل علي .؟

ام محمد : ( تنظر لولدها وكأنه قال كفرا … ولكنها تعود لتكلمه برفق ) وش هالكلام يا محمد يمه .!!
ابوك يمه زعلان عشانك رجال وجالس بدون شغل … يعني متأثر عشانك مو زعلان منك انت .
ابو محمد : (الحمد لله اللهم ديمها نعمة واحفظها من زوال ) أقول قم شل الأكل عن امك وتعال .
محمد : ان شاء الله … حاضر يبه ..(يذهب محمد ) .
ام محمد : تكفى واللي يرحم والديك لا تكسر خاطره تراه هو بعد متضايق من حالته مغير سهر ونوم .

ابو محمد : يا بنت الحلال الحين لو ما لقى له وظيفة بيقعد طول عمره كذا والا الرجال يروح و يسعى

ويشوف حاله ويدور رزقه بكرا يتعود على الجلسة مثل العصفور في القفص تعود على الاكل يجيه

والشرب يجيه والحين لو يطير يمون من الجوع لانه ما يعرف شلون يجيب اكله .. وهذا ولدك اخرته كذا .

ام محمد : اسم الله على وليدي .. اسكت بس تراه وصل . … (تكلم ولدها) هلا يمه تعال جنبي .
محمد : لا … ابي اقعد جنب ابوي لان معي خبر بيفرح قلبه .

ابو محمد : خبر الحين وأنت توك طالع من عندي !!! لا يكون لقيت وظيفة .؟؟؟
محمد : لا يبه الوظيفة عند الله ما بعد جت لكن السما كله غيم والمطر ان شاء الله جايك .. أبشر به .

ام محمد : هذا والله الوجه الطيب … الحمد لله .
ابو محمد : الله يبعث الخير … والله انه خبر زين ..
محمد : يعني مبسوط الحين يبه .؟
ابو محمد : لو انك كنت تطلع معي وتشتغل بالأرض كنت عرفت اني بكون مبسوط او لا .
محمد : زين .. تسمح لي يبه اتكلم معك بكل صراحة … بس بشرط تجاوبني على كل سؤال وتكون طويل بال .

ابو محمد : اجاوبك !!! والله الظاهر انك ابوي مانت ولدي .
محمد : استغفر الله يبه … العين ما تعلى على الحاجب . لكن عاد ليل الشتا طويل ونبي نسولف معك اليوم .
ابو محمد : هات اشوف وش عندك .. واياني واياك تفزلك علي .
محمد : لا .. ما عاش الل يسوي كذا معك يبه لكن انا ابي اعرف لو ما نزل مطر (لا قدر الله) وش بيصير في الارض والزرع …؟
ابو محمد : هذا وانت متعلم تقول هالكلام … (يقاطعه محمد ) احنا اتفقنا يبه انك تجاوب . طيب بيموت الزرع .
محمد : يعي بيروح تعبك هباءا منثورا ..

ابو محمد : بس اكون سعيت .. وعملت اللي علي … وربنا ـ سبحانه وتعالى ـ ما يضيع لنا تعب لانه رؤوف رحيم .
محمد : اجل ليه يبه تزعل مني وتلومني على شيء أمره بيد الله سبحانه . .. انا درست والحمد لله نجحت يعني مثلك سعيت وعملت اللي علي وربي وفقني ونجحت … لكن الوظيفة يبه مو بيدي …. ما جاتني وانا رفضتها
اذا انت تتعب لما تشوفني بس انا اتعب كل ما لقيت نفسي جالس في البيت مثل احرمة يبه . عشان كذا أنام ما ابي اشوف نفسي جالس … انت من اول الزمان ما اخذتنا معك للأرض وتقول ادرسوا وذاكروا ما أبيكم تتعبون مثلي .. وهذا انا سمعت كلامك ودرست ولا لقيت وظيفة تقدر تأمن لي الوظيفة …؟ أنا مثلك اتعب ويمكن اكثر منك…انا تعبي فكري وانت ـ الله يعطيك طولة العمر والعافية ـ تعبك جسماني .. عضلي … وفرق بين الاثنين يا يبه … انت يمكن تجلس وترتاح لكن اللي شايل الهم شلون ومتى يرتاح .؟؟؟؟

(ام محمد دموعها تتساقط على خديها وهي صامته … بينما ابو محمد فاغرا فاهه مندهش من كلام محمد ومعاناته )
يستطرد محمد قائلا : اعذرني يبه يمكن اكون طولت لساني ةيمكن اكون أساءت الأدب شوي لكن والله يا يبه من جور مابي …
من الغيظ اللي بداخلي … انا اتهرب منك عشان اهرب من نظرتك لي مو خوف منك …
انا ابعد عنك لان مالي قلب اشوفك تتعب وانت في هالسن هذا وانا رجال موقادر اعينك …
مو قادر اقولك اجلس يبه جا دورنا انا واخواني نقوم بالواجب ونرد لكم الجميل ….
أنا أبي رضاك يبه … ابي رضاك يمه … انا احبكم ولا لي في هالدنيا غيركم …
والله افديكم بروحي … لكن مالي حيله .مالي حيلة … مالي حيلة
(ويسقط محمد بين يدي ابيه ) ..

(احتضنه ابوه وهو يداري حبات لؤلؤ انتثرت من عينيه … (فدموع الرجل غالية كما
اللؤلؤ) .
(بينما امه كادت يغشى عليها من فرط البكاء … ولسان حالها يقول : الله يرضى عليك ياقلبي ويوفقك ويهديك ).

أبو محمد : محمد يا ولدي انت رجال البيت من بعدي … انا ابي اشوفك قد حالك واذا مت اعرف اني تركت امك واخوانك عند رجال يحميهم بعد الله … لا تصدق يبه انه في أب والا ام يكرهون ولدهم … لكن هو الحب والخوف عليهم يخليك تحس بهالاحساس … وبكرا ـ ان شاء الله ـ لما تتزوج وتخلف تعرف صدق كلامي وقيمته . قم الحين وانا ابوك تعوذ من الشيطان … واغسل وجهك … وشف عساها امطرت الحين .

محمد : يرفع رأسه ويقبل رأس أبيه ويقول له بكل برود : يبه مافي غيم بالسما … لكن انا مالقيت مدخل ادخل فيه لقلبك الا بهالطريقة .. وانفجر الجميع من الضحك بعدما كان البؤس والحزن قد خيَّم على الجو … ولكن بكل تأكيد رحمة الله موجودة …و المطر والخير قادم باذن الله .
انتهى …

حقيقة اتمنى ان تكون قد نالت اعجابكم … ولكن الأمنية الحقيقة هي ان تعلقوا عليها كل من خلال فهمه للموضوع … وان يضع لنا خلاصة نستنتجها من تلك الحبكة الدرامية …
يسرني كل اطراء ولكن أسعد اكثر بالنقد البناء .

دمتم بخير .. يا أهل الخير

كنا معا / يرحب بكم من جديد

خلاصة الموضوع : ان التفاهم وعدم وجود أي حاجز

بين افراد الأسرة ـ أيا كانت أعمارهم ـ يبقى هو

اساس تماسكها .. وعدم تفككها … فقد لاحظنا

انا محمد كان على وشك ان يترك البيت لو سمع

كلمة توبيخ من والده وعندها سيخسر محمد حياته

ويجر العار لوالديه وتكون المصيبة اكبر مما

نتصور والحل يكون معدوم امام تلك المعضلة .

أمل أن أرى أراءكم بجانب اطراءكم او نقدكم

تحياتي

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.