التصنيفات
عالم الطفل

الحيوانات الأليفه والطفل -للأطفال

وصل الأمر إلى حد تآلف البعض مع الحيوانات أكثر من تآلفهم مع البشر، بل أن أطفالهم تستهويهم القطط والكلاب أكثر مما يستهويهم اللعب مع بعضهم، مع كل ذلك إلا أن الكبار والصغار لا يعرفون الضرر والأمراض التي قد تسببها هذه الحيوانات الأليفة.

أرقت تلك المشكلة مؤخراً المجتمع الألماني الذي يُعرف بشغفه المبالغ فيه بتربية مختلف الحيوانات الأليفة، وربما يجب علينا ألا نغفل أهمية ذلك عندنا حتى وإن كان ولعنا مقارنة بهم محدوداً، فقد أكدت التقارير أن ذلك الحب قد يكون قاتلاً، وتقول تقارير ألمانية أن هناك أكثر من ثمانية ملايين شخص يعانون من الحساسية بينهم الصغار والكبار حيث يتعرضون لأنواع خطيرة من ضيق التنفس تسببها تلك الحيوانات.

ويقول البروفيسور (اريش فوكس) أخصائي أمراض الحساسية، أن طبيباً بيطرياً يعمل مدرساً كان يعاني من حساسية شديدة وشعر أثناء شرحه للدروس بالفصل بنفس الأعراض وكان السبب في ذلك وجود أبناء بعض المزارعين بالفصل الذي يعيشون في محيط تتواجد فيه الأبقار، وهناك مدرّس للرسم عانى شهوراً طويلة من التهاب حاد في الشُعب وأصيب نتيجة ذلك بوهن شديد واستدعى طبيب الطوارئ حين تأزمت حالته بشدة، وأدرك الطبيب بعد الكشف عليه وعلى رئتيه أن سبب مرضه هي طيور الببغاء، واستمر علاجه بالمضادات الخاصة ستة أسابيع حتى تماثل للشفاء وصودرت طيوره لإعدامها في مكتب الصحة.

وفي ألمانيا فإن من بين كل ثلاث عائلات توجد عائلة واحدة تقوم بتربية الحيوانات الأليفة، فهناك ملايين الكلاب والقطط والعصافير وخنازير غينيا (وهي قوارض شبيهة بالفئران) والأرانب، وقد تكون تلك الحيوانات رغم العناية الشديدة بنظافتها حاملة للأمراض ولا تسبب لها أي شكوى ولا تظهر أية أعراض عليها ولكنها تؤثر على صحة الإنسان، وفيما يتعلق بحالة مدرّس الرسم يقول الطبيب المعالج أن مسبب المرض يعرف بـ"كلاميدين" ويصيب الطيور كالببغاوات والكناري والحمَام، وتفرزه في برازها الذي يختلط بالرمال الموجودة بالقفص ويستنشقها الإنسان، ويشير إلى أنه لتفادي تفشي الأوبئة يجب أن تحفظ الحيوانات التي يتم استيرادها في الحجر الصحي لمدة ما بين 30-45 يوماً مع إعطائها المضادات الحيوية.

وهناك أكثر من 200 نوع من مسببات الأمراض التي تحملها الحيوانات الأليفة للإنسان، ولكن كثيراً ما يفشل الطبيب أو المريض في إدراك سبب المرض الذي قد يكون من أعراضه فقدان الشهية أو انتفاخ البطن أو الإسهال وتقلصات في الأمعاء وارتفاع خفيف في الحرارة وقد يعتقد الشخص المصاب بتلك الأعراض أو بعضها أنه مصاب باضطراب ما في المعدة قد يفيده تناول الشاي أو الطعام الخفيف، ومع ذلك تظل الآلام مستمرة.

ويشخّص الطبيب لدى استشارته الإصابة على أنها فيروسية ولكن الدواء لا يفيد وتستمر معاناة الشخص ويلجأ إلى طبيب آخر يعتقد بدوره أن الشخص صاحب معدة عصبية أو قولون عصبي وتمتد المعاناة وتستمر الشكوى دون حل، وحتى مع تصوير الأشعة والمنظار فلن يظهر شيء ثم تكشف التحاليل أسباب المرض التي تصيب الأمعاء واسمها "جيارديا لامبليا" وموطنها المناطق الاستوائية وهي تصيب 50% من السكان وهي كائنات دقيقة للغاية تظهر تحت المجهر على شكل يشبه الكمثرى ذات سوط ويعتقد كثير من الأطباء أن الإصابة بهذه الطفيليات يكون لقلة النظافة ومع ذلك فإنها تُعرف في المجتمعات المتقدمة وهي تنتقل من الكلاب والقطط الحاملة لها بل وينقلها أيضا الذباب، وتفرز هذه الحيوانات ملايين من الفقاعات التي تحتوي على هذه الطفيليات.

ويشير الأطباء والخبراء إلى أنه في ألمانيا وحدها 4 ملايين كلب يخلفون في الطرقات 400 ألف طن من برازهم سنوياً وحين يجف يتحول إلى تراب يستنشقه الناس، وهناك وسيلة أخرى لانتقال العدوى وهي البحيرات التي يقوم فيها الأشخاص باللعاب الماء مصطحبين معهم حيواناتهم، ويشير الدكتور (رودولف زويفر) إلى ما توصّل إليه من نتائج أجراها على عينات من براز الكلاب في عدد من المناطق إلى أن 49 عينة من إجمالي 271 عينة أرسلت إليه تم العثور على تلك الطفيليات فيها، ويقول: هناك 41 مليون ألماني يصابون سنوياً بالإسهال، وإذا طبقنا النسبة التي توصلت إليها على العينات المرسلة بالنسبة إلى الأشخاص وهي (5،4%) فإن ذلك يعني أن هناك (5،1) مليون شخص مصاب بذلك الطفيلي الذي لا تفيد في مكافحته المضادات التقليدية.

ومن الممكن أن يصاب الأشخاص بأعراض أخرى من خلال الاتصال غير المباشر بتلك الحيوانات مثل أماكن الانتظار أو الحدائق حيث تبرّز الكلاب، حيث يتضمن ذلك الإفراز بيض الدودة الحلزونية "توكسوكارا" وإذا انتقل ذلك البيض عن طريق الرمل إلى يد الأطفال ووضعوها في أفواههم فإن البيض سيتحول إلى طور اليرقة التي تنتقل إلى الكبد أو الرئة أو العضلات أو الدماغ أو العين حيث تلتهب الشبكية وعصب العين مما يؤدي إلى اضطراب مستمر في الرؤيا، وعادة ما تمضي الإصابة حتى فترة ظهور المرض دون أعراض.

ومن أخطر الطفيليات التي يحذر منها الأطباء هي الدودة الشريطية المعروفة باسم "اشينوكوكوس" التي تنتقل عن طريق ملامسة فراء الكلب إلى الإنسان حيث يحمل بين طيات شعره بيض تلك الدودة وينمو ذلك البيض في الأمعاء الدقيقة لتخرج منه ما يعرف باليرقة الخطافية وتنتقل عبر جدار الأمعاء إلى الدم لتصل إلى الكبد حيث تتولد فقاعات تحتوي على الديدان يصل حجمها إلى حجم رأس طفل كما يمكنها أيضاً أن تنتقل إلى الرئة.

ولتجنب نقل الحيوانات الأليفة لتلك الطفيليات الخطيرة حيث يفرز المصاب بها أكثر من 200 ألف بيضة يومياً فإنه يجب أن تخضع لدورة علاجية تتكرر ثلاث مرات في العام.

كذلك تمثل القطط مصدراً آخر للخطر على صحة الإنسان، خاصة تلك التي تطارد الفئران وتلتهمها وتنتقل إليها عن طريق "توكسوبلازما" التي تنتقل إلى الإنسان وتؤدي إلى إصابته بالتهاب الغدد الليمفاوية وارتفاع الحرارة وأعراض شبيهة بنزلة البرد، وتكون الإصابة بتلك الطفيليات أسوأ ما تكون آثارها على الحوامل نظراً لأن تلك الطفيليات تتسبب في إصابة الجنين بالتشوهات وقد تؤدي إلى الإضرار بالمخ.

كذلك من غير المستبعد أن تتسبب القطط في نقل مرض الجدري إلى حيوانات أخرى أو إلى الإنسان، ويقول الدكتور (انطون ماير) من جامعة ميونيخ أننا وإن كنا نجحنا في القضاء على مرض الجدري الذي يصيب الإنسان إلا أن الجدري الذي يصيب الحيوانات ما زال موجوداً ومنتشراً.

وهناك أنواع أخرى من الطفيليات ومسببات الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان أيضا عن طريق بول الحيوانات مثل "الليبتوسبيرين" وهي ميكروبات حلزونية الشكل تخترق الجسم عن طريق الجروح التي يصاب بها الجلد وتسبب بعد أربعة أو خمسة أيام ارتفاعاً في الحرارة وموجات من القشعريرة وبعد انحسار الحرارة يبدأ المرض من التمكن من الإنسان حيث تحدث التهابا إما في الدماغ أو الكبد أو الكلى ويفيد العلاج بالمضادات فقط إذا أخذ في الأيام الأولى من الإصابة.

تعتبر "السلمونيلا" من أكثر الفطريات انتشاراً التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، وتسجّل مكاتب الصحة في ألمانيا وحدها 140 ألف إصابة سنوياً، وتقدر الأرقام الحقيقية غير المسجلة أكثر من ذلك بكثير وقد تصل إلى 2 مليون حالة، وتكمن "السلمونيلا" غالباً في الحيوانات التي يتم ذبحها وتناول لحومها لكنها أيضا تتواجد في بعض الحيوانات المنزلية كالسلاحف مثلاً.

ونخلص من ذلك إلى أنه بالرغم من المتعة التي تمثلها لنا ولأبنائنا تربية تلك الحيوانات الأليفة أو التعامل معها، فيجب التزام الحذر والإجراءات الوقائية الضرورية والكشف الدوري على تلك الحيوانات وإجراء فحوص مخبرية على المتعاملين معها.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.