إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره..
إخوة الإسلام.. ولا تزال تتأجج مشاعر المسلمين هذه الأيام في مغرب العالم ومشرقه مدافعة عن حياض النبي صلى الله عليه وسلم حيث الإهانة والسخرية والسب من قبل أقوام لا خلاق لهم، وينتفض المؤمنون رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، معبّرين عن صدق محبتهم لمحمد صلى الله عليه وسلم، وصدق الانتماء لدينه ورسالته. ولا غرابة في ذلك؛ فدون محمد صلى الله عليه وسلم ترخص الأرواح وتبذل المهج والأوقات.
محمد صلى الله عليه وسلم رفع الله شأنه وأعلى ذكره وختم بالمرسلين شريعته، وبسط في العالمين نوره ورحمته.
إنه السراج المنير، والرحمة المهداة، والقدوة والأسوة، أعطاه الله اسمين من أسمائه { بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [التوبة:128]، وقدمه في إمامة الأنبياء، وجعل رسالته حية في قلوب العالمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
محمد رسول الله أحبه المؤمنون، وأنصفه العقلاء، وشهد على صدقه وعدله البر والفاجر، واشترك في ميراثه العرب والعجم، والأحمر والأسود، والذكر والأنثى، والغني والفقير، والقاصي والداني.
ومن حماقات هذه العصر، ومن مأفون تصرفات السفهاء، وإذكاءً لروح العدوان والصدام… تصدر من الدانمرك ومن وراءها الاتحاد الأوربي أصواتٌ منكَرَة، ورسومٌ ساخرة، تستهدف الإسلام والمسلمين، وتسخر بنبي الرحمة والملحمة.
ما دوافع هذه الحملة ومن وراءها؟
أهي مجرد حقد دفين على الاسلام والمسلمين؟
أم هي مع الحقد متاجرة رخيصة بحرية الرأي المزعومة؟
أتجرأ دولة صغيرة كالدنمارك على هذه الجريمة النكراء؟ أم ثمة ضمانات وتحالفات من دول كبرى؟
وهذه الحملة الظالمة والهجوم الخاسر ليست وليدة اليوم وليست قصراً على مكان دون أخر، ولا على شعب أو ديانة دون أخرى. ودعونا نستدعى التاريخ فهو شاهد على حلقات هذا العداء، وكاشف لنتائج المعركة… وهي بلا شك لصالح الحق ولأهل الحق.
حين بعث محمد صلى الله عليه وسلم وأعلن دعوته ناصبته قريشٌ العداء، وتجهموه وأذوه وسخروه منه ومما نزل عليه، وقال قائلهم: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [فصلت:36]. وقريش في داخلها تؤمن بصدق محمد وصدق القرآن؛ فمحمد الأمين عندهم والقرآن يتحداهم… ولكن قريشاً آثرت هذا الأسلوب للصد والإعراض، وحتى لا ينكشف ضعفهم وباطلهم، ولذا نقل ابن إسحاق عن قريش قولهم -معترفين-: فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه غلبكم.
واليوم يتكرر الأسلوب ويتخوّف الأعداء من مدّ الإسلام، ومن أثر محمد صلى الله عليه وسلم على المسلمين وغيرهم، فلا يجدون وسيلة إلا التنفير والسخرية والسب والانتقاص.
ولكن وكما خابت قريش وخسرت بالأمس فسيخسر أمثالها اليوم… أجل، إن حملة الأمس الظالمة من قريش الكافرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم -التي سوّل حمق القوم أن ينشروها في اجتماعات العرب وأسواقهم ومناسباتهم-، عادت بمردود إيجابي على محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته.. وصدر العرب ـوهم من جهات شتى- وقد سمعوا عن محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته، وعادت هذه القضية مثاراً للحديث في مجالسهم ومع أقوامهم، فعرف محمداً والإسلام من لم يكن يعرفه من قبل.
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت *** أتــاح لهـا لســان حـســـود
وأدركت قريش أو لم تدرك أنها صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم والإسلام دعايةً مجانية..
واليوم يشكّل حمق الأوربيين ومن وراءهم دعاية مجانية لمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، فيَعْرِف محمداً من لم يكن يعرفه من قبل، وتتساءل مجموعات كبرى من البشر عن دين محمدٍ ما هو؟
{ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } [النساء:19].
وثمة معلم آخر في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وتعداد ونوعية الساخرين به؛ فلم يكونوا أفراداً فقط بل وجماعاتٍ، ولم يقتصر الأمر على مكة، بل شمل المدينة، بل تجاوز العرب إلى العجم.. ويمكن القول أن كفار مكة والمنافقين في المدينة، ومن قبل شياطينهم من اليهود، وكسرى دولة فارس… كل هؤلاء حلقات في سلسلة العدوان والسخرية.. إنها جماعاتٌ وأفراد، ودياناتٌ ومنظمات سرية، ودول كبرى…
ومع ذلك يشهد التاريخ أن هؤلاء وأولئك تحطّموا وفشلوا، وتمزّق ملكُهم؛ فقريش أسلمت القياد، ودخل من دخل منهم في الإسلام، ومن لم يكتب الله له الخير أخزاه الله وكان عبرة للمعتبرين. واليهود حوصروا وطوردوا وقتلوا. والمنافقون فشلوا وفُضِحُوا وخابت مساعيهم.
إن المتأمل في عالم الأمس واليوم يرى هذه الفئات والمجاميع تتكرر في عدوانها وسخريتها فيهود اليوم حين يسخرون بالإسلام والمسلمين لهم سلف سفهاء قالوا عن المسلمين { مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا } [البقرة:142]، { وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ . َولاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [آل عمران:172-173].
ونصارى اليوم لهم سلف بالسخرية بالنصراني الذي سخر بالنبي صلى الله عليه وسلم، وافترى عليه في حياته حين قال "ما يدري محمد إلا ما كتبت له"، فأماته الله وفضحه على رؤؤس الأشهاد حين لفظه القبر مراراً حتى تُرِكَ منبوذاً.
قال ابن تيمية: "إن الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن عليه وسبّه، ومظهر لدينه ولكذب الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد". (الصارم المسلول، ص 233).
ومنافقوا اليوم لهم حدب على السخرية بالإسلام ونبي الإسلام من وراء وراء، ولتعرفنهم بسيماهم أو بلحن قولهم… ومن قبل قال أسيادهم: { لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ } [المنافقون:8].
لقد مردوا على النفاق، وضيقوا الحصار على المسلمين وقالوا: { لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا } [المنافقون:7].
ولئن مزّق الله ملك كسرى حين سخر بالنبي صلى الله عليه وسلم ومزّق رسالته، فهو قادر على تمزيق كل مملكة تتطاول على مقام النبوة وتسخر بسيد المرسلين.
إخوة الإسلام.. ويعلمنا القرآن ويشهد التاريخ أن الله كفى نبيه كيد الكائدين وسخرية المستهزئين، وعصم نبيه وأظهر دينه على الدين كله. وإذا كان واقع الحال يشهد على ذلك فشهادة القرآن برهان صدق؛ والله يقول: { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } [الحجر:95]، ويقول: { وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة:67]. بل يتوعد الله من ينال محمداً بسوء، ويعتدي عليه بالأذى بالعقوبة واللعنة في الدنيا والآخرة ويقول: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } [التوبة:61].
عباد الله.. وفي مسلسل حلقات السب والشتم والسخرية والاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسلم، دونكم هذه الحادثة فتأملوها، وتاريخها يعود إلى نهاية القرن السابع الهجري، وتحديداً في سنة ثلاث وتسعين وستمائة -وعنها قال الحافظ ابن كثير (واقعة عساف النصراني)- وعنها قال: كان هذا الرجل من أهل السويداء(مكان في الشام) قد شهد عليه جماعة أنه سبّ النبي صلى الله علية وسلم، وقد استجار عساف هذا بابن أحمد بن حجي أمير آل علي، فاجتمع الشيخ تقي الدين ابن تيمية والشيخ زين الدين الفارقي -شيخ دار الحديث- فدخلا على الأمير عز الدين أيبك الحموي نائب السلطنة، فكلّماه في أمره فأجابهما إلى ذلك وأرسل ليحضره، فخرجا من عنده ومعهما خلقً كثير من الناس، فرأى الناس عسافاً حين قدم ومعه رجل من العرب فسبّوه وشتموه، فقال ذلك الرجل البدوي: "هو خير منكم -يعني النصراني- فرجمهما الناس بالحجارة، وأصابت عسافاً ووقعت خبطة قوية، فأرسل النائب فطلب الشيخين (ابن تيمية والفارقي) فضربهما بين يديه، ورسم عليهما في العذراوية، وقدم النصراني فأسلم، وعقد مجلس بسببه، وأثبت بينه وبين الشهود عداوة، فحقن دمه، ثم استدعي بالشيخين فأرضاهما وأطلقهما. ولحق النصراني بعد ذلك ببلاد الحجاز فاتفق قتله قريباً من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتله ابن أخيه هناك". وصنف الشيخ تقي الدين ابن تيمية في هذه الواقعة كتابه (الصارم المسلول على ساب الرسول) (13/318 البداية والنهاية).
أرأيتم معاشر المسلمين كيف يحيق المكر السيئ بأهله، وكيف ينتقم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وكيف يحتسب المسلمون وفي مقدمتهم العلماء على أهل الزيغ والظلال والمستهزئين والساخرين؟؟ إن في ذلك لعبرة..
وإذا انتصر شيخ الإسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتأليف هذا الكتاب العظيم، فهل يا ترى يقرأه المسلمون ليعرفوا مقام النبوة وعظمة الرسول، وكيف يرد على المستهزئين والمتطاولين؟ وهل تؤكد هذه الأحداث المعاصرة ضرورة معرفة حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم والالتزام بها؟
عباد الله.. وأمر آخر يسرّ ويفرح ويدعو للفأل وترقب النصر، فشدة الهجمة على الإسلام مؤشر إلى قوته والتخوف منه، والتطاول على مقام النبوة والسخرية بالنبي معجّل للنصر. ويحكي شيخ الإسلام عمن سبق من أهل الفقه والخبرة قولهم: "كنا نحصر الحصن أو المدينة الشهرَ أو أكثر من الشهر، وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والوقيعة في عرضه تعجّلنا فتحه وتيسر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك ثم يفتح المكان عنوة ، ويكون فيه ملحمةٌ عظيمة، قالوا : حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه". (الصارم المسلول، ص 233، 234).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ . فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [التوبة:128-129].
عباد الله.. والمسلمون لا تزيدهم هذه الحملات الظالمة إلا تمسّكاً بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وثباتاً على الحق، وهم إن دافعو أو ردّوا العدوان، فهم إنما يدافعون عن أنفسهم ودينهم، ويتعبدون بذلك لخالقهم، لأنهم إن تولوا استبدل الله بهم قوماً غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم.
نعم، إن محمداً صلى الله عليه وسلم في عصمة الله ويكفيه دفاع الله عنه، ودينه سيظهر على الدين كله، ذلك وعد غير مكذوب.
لكن السؤال: ما واجبنا نحن المسلمين تجاه هذه الحملات الساخرة؟
حين يُسَبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصمت إلا أهل الريب ومن في قلوبهم مرض، وخابت أٌقلام تتوارى حين يكون الدفاع عن الإسلام وعن رسول الإسلام، ولا بارك الله بألسنة تتحدث عن كل شي إلا عن الإسلام وقضايا المسلمين، حين تكون السخرية برسول الله صلى الله عليه وسلم تَشكر وتَعجب، تشكر هذه الغيرة والعاطفة الإيمانية، وتعجب إن كان أصحابها لا يلتزمون بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذواتهم وفي كل حين، إن الانتصار لمحمد صلى الله عليه وسلم يعني أو ما يعني السير على خطاه والاقتداء بهديه بالمظهر والمخبر، ولا ينبغي أن يكون الانتصار عاطفة تفرغ وكفى.
ألا وإن كثرة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب من أساليب الاستنكار لهذه الحملة الظالمة، حين يسب محمد صلى الله عليه وسلم يجدر بالآباء أن يعلموا أبنائهم وبناتهم ما جهلوا من سيرته وهَدْيِه، ويجدر بالمعلمين والمعلمات أن يدعو الطلبة والطالبات للتعرف أكثر على سيرته والالتزام بهدية وسنته، وأعمق من ذلك أن تضمن السيرة النبوية بالمناهج الدراسية من المراحل الأولى وحتى الجامعية.
حين يُسَبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم، يجدر بوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية أن تعنى بهذه السيرة العطرة، وأن تعرف أكثر بهذا النبي المختار، حين يسخر بالنبي صلى الله عليه وسلم خليق بالهيئات والمنظمات الإسلامية، والمجامع والندوات والجمعيات والمؤسسات الإسلامية أن تستنكر وتشجب، وتزيد في رسم برامج مستقبلية تُعرف بالإسلام وبنبيه، وتكشف عن زيغ الزائغين، وترد على المنتحلين، حين يسب الرسول صلى الله عليه وسلم حق على الدول الإسلامية أن تسحب سفرائها من البلاد التي تجرأت على هذه الجريمة النكراء، وتحية لبلادنا السعودية حين سحبت سفيرها في الدانمارك، ونأمل أن تحذو الدول العربية والإسلامية حذوها.
حين يُسْخَر بالرسول صلى الله عليه وسلم، حقٌ على كل شعرة في جلد مسلم أن تقف استنكاراً وإجلالاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وحق على كل مسلم ومسلمة أن يري الله من نفسه خيراً تجاه تحقيق المحبة الصادقة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
حين يُسب الرسول، خليق بالمسلمين أن يقاطعوا منتجات البلد الساخر ويحاصروهم في اقتصادهم، وخوف أؤلئك من تراجع اقتصادهم لم يعد سراً، وحين يعتدى على جناب النبوة، ويُسخر بالنبي فخليق بالموسرين أن يطبعوا سيرته بعدة لغات لتصل إلى العالم كله، فيعرف أخلاق محمدٍ صلى الله عليه وسلم وهديه ورحمته وعظيم رسالته من لم يكن يعرفها من قبل، وهل تعلم أنه يوجد دور ومؤسسات للنشر تعنى بطباعة الكتب الاسلامية وترجمتها في العالم وتوزيعها في العالم وهي تنتظر دعمكم وتشجيعكم.
حين يقع السبُّ والاستهزاءُ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، حقٌ على أهل العلم والدعوة أن ينشروا سنّته ويدعوا إلى أخلاقه وينشروا في العالمِ رسالته.
حين يُسَبّ الرسول ويُسخر بالنبي، فذلك قمّة التطرف ودعوة للصدام، وانهيار للقيم وحين يصدر ذلك من دول تدعي الحرية وتتشبث بالديمقراطية فذلك متاجرة بحرية الرأي، وامتهان لمسؤولية الكلمة، وأسلوب للإقصاء، ونموذج للتعصب، وتعبير عن عدم الاعتبار للآخرين.
إنه الإفلاسُ في القيم، والشعورُ بخطر الآخر، واستهلاك للقوة في غير مكانها..
إننا نستطيع -أهل الإسلام- أن نحول هذه الأزمة إلى فرصة، وهذه المحنة إلى منحة؛ إن نحن تعاملنا مع الحدث بوعي وإيجابية وعمق ومتابعة وإرادة فاعلة وتخطيط سليم.
إن هذه النوازل فرصة لجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم، فالعدو يحاصرهم في أغلى ما يملكون، ويشهر سلاحهم عليهم في وضح النهار.
وهذه النوازل موقضات للأمة لتستفيق من رقدتها فيعود الشاردون ويستغفر المذنبون ويستفيق النائمون على ضربات الأعداء المتتالية، وماذا بعد سب الرسول وتدنيس القرآن والسخرية بالإسلام والاستهانة بالمسلمين؟؟!
إن أمتنا ولود، وديننا يأبى الذوبان، وشريعتنا رحمة للعالمين، والعالم على شفا جرف هار، ولا منقذ إلا وحي السماء، ولا يؤتمن على الحضارة إلا من يستمسكون بهدي المرسلين.
لقد سبب تخلف المسلمين عن الريادة أن عم الكون الظلم والظلمات، وانتشر الباطل وكثر المبطلون، وشكا الحجر والشجر فضلاً عن بني الإنسان… فأين المسلمون؟
دماء تنزف هنا وهناك وجراحات تتكرر، هتك للحجب، وعدوان على الأنفس والأموال، ضحايا بريئة، وحصار ظالم، وتهم تُكال، وإرجاف في الأرض… وليس بعد الظلمة إلا النور، ولا بديل للشقاء والنكد إلا السعادة والأمن، والإسلام هو الحل، وعلى المسلمين أن يغيروا ما بأنفسهم ليغير الله ما بهم والنصر قادم والفرج أزف.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
{ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الروم:4-5].
صلى الله عليه و سلم
يا حبيبي يا رسول الله …
يا حبيب الله و الخلق
يا حبيبي يا رسول الله…
يا شفيعي يوم العرض
ياحبيبي يا رسول الله …
يا معلمي من غير درس
يا حبيبي يا رسول الله …
يا نوري من كل ظلـــــم
يا حبيبي يا رسول الله …
يا مُنايا في كل وقــــت
يا حبيبي يا رسول الله …
برحمتك نهتدي
يا حبيبي يا رسول الله …
بأخلاقك نقتدي
يا حبيبي يا رسول الله …
بأرواحنا نفتدي
يا حبيبي يا رسول الله …
بأسلامنا نفتخر
يا حبيبي يا رسول الله …
ندعو و نبتهل
يا حبيبي يا رسول الله …
نعمل و نجتهد
يا حبيبي يا رسول الله …
نخلص و نتكل
يا حبيبي يا رسول الله …
نُبتلى و نشكره