بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
*
*
يرى المؤرخ الكبيير ويل ديورانت، مؤلف المطولة التاريخية الشهيرة "قصة الحضارة" ،
أن الإنسان هو واحد من ملايين ملايين الأنواع الحية التي تتصارع من أجل الوجود وتتنافس من أجل البقاء.
ويشير الى أن بالإمكان تتبع آثار الإنسان الى حوالي مليون سنة قبل الميلاد، عاش خلالها بصورة أساسية على حصيلة ما يصطاده من الحيوانات،
وذلك باستثناء فترة ال 25 ألف سنة الأخيرة التي عرف فيها الإنسان حراثة الأرض وزراعتها.
ويرى ديورانت أن الطبيعة الأساسية للإنسان قد تشكلت على مدى فترة ال 975 ألف سنة الأولى التي اعتمد خلالها على حياة الصيد من أجل البقاء.
ففي هذه المرحلة، كان الإنسان مولعاً بالاكتساب الى حد النهم والجشع لأن مؤونته من الغذاء غير مؤكدة وغير مضمونة.
وعندما يصطاد طريدته كان على الأغلب يلتهمها الى أن تمتلئ معدته تماماً، لأن الفائض مآله الى الفساد.
كذلك كان الإنسان (المذكر) ميالاً للمشاكسة ومستعداً دائماً للقتال من أجل طعامه، أو أليفته، أو حياته.
وكان يتخذ، حين يستطيع، أكثر من زوجة واحدة لأن الصيد والقتال يحدثان نقصاً في عدد الرجال، وبالتالي فائضاً في عدد النساء على الرجال،
إضافة الى أن زيادة عدد الأولاد تساعد على تشكيل فريق للصيد.
إذن، كانت السمات المميزة للإنسان في عصر الصيد هي: الولع بالكسب، والميل الى القتال، والاستجابة الفورية للجنس.
ويبدو أن هذه السمات لا تزال تمثل واقع الإنسان الذكر الى يومنا هذا. فالوظيفة الأولى للذكر لا تزال الخروج "للصيد" لإطعام أسرته ورعايتها.
ويرجح ديورانت أن تكون المرأة هي التي طوّرت الزراعة، بما هي التربة الأولى للحضارة.
فقد لفتت نظرها البذور النابتة بعد سقوطها من الثمار والأشجار،
ولعلها عمدت الى زرعها بكل صبر وأناة على مقربة من كهفها،
فيما الرجل يجول بعيداً، مطارداً الحيوانات بحثاً عن الطعام.
وعندما نجحت تجربتها،
خلص زوجها الى استنتاج مؤداه أنه إذا اتحد وأقرانه الذكور في تأمين حماية متبادلة من خطر الهجمات الخارجية،
فقد ينضم الى نسائه في الزرع والحصد، بدلاً من المجازفة بحياته ومؤونته الغذائية، اتكالاً على حظوظ غير مضمونة من الصيد، أو من الرعي، ارتحالاً من مكان لآخر.
وقرناً بعد قرن، روّض الإنسان نفسه على السكن بين الجدران، وجنح الى الحياة المستقرة.
ويرى ديورانت أن المرأة هي التي دجّنت الحيوانات الأليفة كالخراف والكلاب والحمير…الخ،
وأن الرجل هو الحيوان الأخير الذي دجنته المرأة، تدريجياً، بعد ممانعة شديدة منه.
ثم أخذ يتعلم منها الخصال الاجتماعية: حب الأسرة، الشفقة والحنان، الاستعداد للتعاون، النشاط الاجتماعي….الخ.
ولربما لولا المرأة لما كانت هناك حضارة.
ودي بلااا حــدوود