سياحة في رفوف الماضي في تلك الأطياف التي كانت بالأمس..
هي جولة وفاء في المركز الأول في قسم خواطرنا..
إلى قلب نقي التي خط نقاؤها تفاصيل الأمس .
منذ مدخل العنوان فأنت حتما ستقف على أطلال ماضٍ طال الوقوف عندهـ
لكنه لم يكن بلغة من وقف واستوقف صاحبيه على الأطلال في لحظة قذف
حرارة الدمع على ما تبقى من ذكريات.
عندما يسكن الطيف تفاصيل المستقبل فكم من لحظات نعيشها من خلاله, لكن يا ترى
ماهي أطياف الأمس ؟
وحدها الكاتبة من تأخذ بيدنا لستكشف تلك الأطياف…
دعني أُحدثكَ عن أطيافٍ تَسكنني
دعني أروي لك عن
قصة الأمس
عن رباعيات الوجد والهيام
سأخرج حروف مازالت تختبئ في جوف قلمي
مازالت تنام فوق أناملي
مازالت تملأ عقلي وفمي
السطر الأول كفيل بأن يستوقفك عند بوابة الحكاية, فإنك سترى (قلب نقي)
بإنتظارك أنت , لتخبرك عن ماذا يسكنها..
الأمس يا ترىُ هو الأمس القريب أم الماضي السحيق , ربما لا يهم كل ما يهم
هي تلك الاطياف التي تكونك حتما ليس من أمس واحد.
في ذلك الامس كان وجد وهيام فيها , شكلت رباعيات فكان لكل واحدة منها
زاويتين تحتل الأمس وتتفنن ..
وتكتمل البقية أنها ستخرج حروف خجلة تغفو على ضفاف القلم
ومصدر الوحي يحتويها بكل تفاصيل (العقل و الفم).
جوف قلمي
مازالت تنام فوق أناملي
تشبيه رائع حد الجنون بأن حبر ذلك القلم لم يكن إلا عبارة عن قصص الأمس
وتلك القصص التي ننام حين سماعها هي من نامت.
إنه الحلم الذي أرفض الإفاقة منه أبداً
سأحكي لك كيف اخترقت السهام قلبي
كيف اهتز كياني وتغير إيقاع نبضي
تسير بنا نحو تفاصيل عابرة فحلمك الماضي لا زال في داخلي أنام فيه
بشكل متقوقع ..
وتنتقل في السطر الثاني إلى لوعة الوجد في تلك السهام المؤلمة..
ومن تلك السهام , تبدل رتم قلبي وتغير نبضه.
والتعبير بكلمة إيقاع كان في مكانه ولائق جدا .
لكن ستخرج أيها القارئ من وضع نفسك في السطور وانت المعني بالحديث
عندما تذكر أنها (قلب نقي) قد تعرضت لسهام .. ومن هنا تبدأ تجرد نفسك
من السطور لتدخل إلى حكاية حب أنت تتابع تفاصيلها فقط
لا حول لك فيها ولا قوة.
سأعزف بالقلم لحن لم يعزفه أحد قبلي ولا بعدي ..
اليوم سأخلع رداء الحزن عني
سأرتدي من خزائن أحلامي
ثوبٌ مُوَرّد ٌ وقفطان
وأمتطي جوادي الأشهب
ليطير بيّ لمدينة عشقي
لا وقت عندي
يكفيني ما أضعت من عمري
هنا قلب نقي ترفع راية التحدي, وتبدأ بتسلق السلالم الموسيقية عزفا بالقلم
لكنه عزف لن ولم يتمكن أحدا غيرها بإتقانه.
وتتجرد من ثوب لبسته ولو للحظات , وكأن العيد زارها لتنسج من خزائنها
ثوب مورد وقفطان
القفطان : ثوب فضفاض, يأخذ أشكالا عدة , مثلا يأتي مفتوح في الأمام وفتحتين
صغيرتين في الجوانب.
صحيح أن الزمن لم ينصفني
لكنه علّمني
أن الحب الحقيقي لن يموت
وأن الوفاء مازال يعزف كل يوم …. معزوفة المطر
وهنا سطور لا جديد فيها , جاءت بشكل حكمة مباشرة
بأن الحب وحدة لا يكفِ ليعش وإنما لا بد من مصداقيته.
كنتُ أنثى لم تشرق شمسي بعد
أنثى في دور التكوين
وشاح أزرق وتسبيل عين
خجل وحياء وتورد وجنتين
تفتحت أزاهير حقلي
إرتفعت أغصان سنابلي
تغير إيقاع قلبي
من نظرةِ عين
هنا تبدأ بوادر كثيرة من الحكاية تكشف عن أنثى تحبو نحو الحياة
وتبدأ حلقة سجع تجبر القارئ على تغير إيقاع قراءته كما هو حال
إيقاع قلب الراوي.
وكانت أمسية
تعانقت أرواحنا في السماء
تمايل الغيم على شدونا وإيقاع
رقصت النجوم في حلقاتٍ دائرية
هطلَ علينا مطرٌ بعطر ِليمون ونعناع
إنها لحظات لم يُعرف لها تفسيّر
لحظات كونية الصفات
لحظات نكتشف فيها وجه آخر للحياة
وجه بديع …كالخيال
لا شيء أذكرهـ سوى أني أدعو القارئ ليكمل القراءة وينتشي
بشيء من الليمون المنعنع.
ففي لحظة التحام الأرواح
يُولد في القلب نبض جديد
إنه سرٌ عجيب يعجز العقل على تكهنه
لأول مرة يتحرك في الأحشاء قلبٌ جنين
يخترق السمع وشوشات ورنيم
ولازال للأطياف بقية فتابع القراءة , وكأن ذلك الإيقاع في القلب
قد ولد بشكل لم تتصوره من قبل فكأنه مولود جديد.
أطياف أثيرية تهمس بصمت
نغمٌ رقيق !!
ومضات نور !!
هكذا بتُ موصولة بك عبر تيارات
لا أعلم مداها
تشدني اليك دون أسلاك
هل كان حلم أم يقظة !!
لا أعلم !
قطعة جميلة , قد تفسدها كلمة (أسلاك) التي لم تناسب الموضوع برأيي إطلاقا
فتلك الرقة في القطعتين السابقتين لا تناسب جو (أسلاك) وحتى الزمن الحالي
تجاوز كلمة أسلاك .
مازلتُ ممتلئة بك
مازلتَ تَحشو أوراق أمسي وحاضري
تحاصرني بأصفادِ عشـقٍ أزلي
رغم البعد والمسافات الفاصلة
مازلتُ أرتوي من منهلك ..
مازلت أحتفظ بأول وردة
بين صفحات أجندتي
وأول مكتوب غرامي بمظروفهِ الأزرق
مازلتُ أحلمُ بكفوفي
تنام كالعصفور بين يديك
بداية القطعة رائعة جدا , فكيف الإنسان يمتلئ بالانسان؟
ومفردات حداثية رائعة في التعبير
تحشو أوراق أمسي وحاضري (رائعة حقا)
أصفاد عشق أزلي (أروع وأروع)
وفي القطعة تكشف عن مظروف أزرق قد داعب قلبها ذات يوم.
وكفوفها التي يطبق عليها لتنام كالعصفور الذي خاف أن يحلق بعيدا عنه
فهو يطبق عليه بحنية ورقة.
حالما تغيب شمس المساء
أرتمي فوق سحابة بيضاء
أصنع من النجوم عقود وخلخال
أتزين بها لك ولأجلك
هنا اتوقف في المدخل للمقطع , الذي يشكو خللا إملائيا في كلمة (حالما)
وهي تأتي بالفتح (حالمَ)..
بينا أنسى هذا الخلل عندما أرى النجوم عقودا وخلخال تتزين به..
لكن لأجله وحدة , فنغض الطرف وندعهما والحب فقط.
كنتُ طفلة ماعرفت الوجد يوماً
إلا معك
كنت أسير على رؤوس أصابعي أسترق الخطى
أخشى عيون المارة
كنت أضغط بكفوفي على أضلعي
لأخرس ضجيج قلبي
شيء كالسحر يشدني إليك
مازلت أقرأ في عينيك شيء أجهله
شيء لم أجد له تفسيّر !!
مازلت أرتجف حينما يصلني صوتك
حينما تهمس شفتاي باسمك
أبتسم خجلاً وحياء
مازال الشوق يملأني بكَ
كالبركان
يغلي ويفور بصمت
لوحات بريشة فنان , الصمت فيها أبلغ
حينما قررتُ الرحيل
ووليت وجهي شطرَ الاغتراب
حينها شعرتُ باليتم
بكيت بحرقة ضياع وطني الأم
وفقدان حبيبي الوطن
لازالت رائحة ورودك عالقة في مخيلتي
اليك ياوطني الحبيب
أشدّ الرحال
ومن هنا ندخل بوابة الوجد, ونقرأ الضياع والتيه
وضياع كل الأوطان لكن لا زالت الذاكرة تشد بها
للرحيل إليك يا وطن.
وقد تتضح معالم الوطن , بإشارة رمزية فائقة الدقة
فهو الوطن ذلك المذكور في القرآن, عندما جاء
أمر الله بأن يولي المصلين وجوههم منه إلى القبلة الجديدة.
كلما بَعدتني عنكَ السنين
أزدادُ شوقاً يكويني الحنين
مازلت أرفض ذلك الرحيل المباغت !
مازلتُ أعاني فَقدكَ
وزمن أجوف يجدف بي لبعيد
بين الموانئ والطرقات
لاتزال أحلامي المؤجلة تكبر وتتشعب
ففي كل مساء أتوسد شريط ذكرياتي .. وأغفو
مازلتُ أحلمُ بغدٍ
ينتشلني
من صمتي والضياع
وفي نهاية المطاف , لا زال الحلم الوردي يتألق في السماء
ففيه تحيا الروح المرهقة , ويا ترى كم بقي على الحلم ليتحقق.
لكن السؤال هل من كان وطن
ومن كتب ذلك المظروف
ومن أطلق تلك السهام
وأسل نفسي من بين السطور لأهرب من الكم الهائل من الآهات
وأقف باكيا على تلك الأوطان التي تاهت من خارطة النسب
فلم كانت وإلى من أصبحت.
قلب نقي وأي النقاء تحمل ؟
لم تكن هذه إلا جولة في سطور حققت ابداعا بتصويت الأذواق.
تقبليني كـ قطرة ندى على نافذة تشكو من البرد