نبي الله "يوشع بن نون" عليه السلام
هو "يوشع بن نون" بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون: يوشع ابن عم هود.
وقد ذكره الله تعالى في القرآن غير مصرح باسمه في قصة سيدنا موسي و الخضر وذلك في قوله تعالي:
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ}
سورة الكهف60-62
و قد ثبت في الصحيح من رواية أبي بن كعب رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أنه يوشع بن نون.
وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم وهم السامرة، لا يقرون بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون، لأنه مصرح به في التوراة، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم من ربهم فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
وهو كان من أفضل تلاميذ سيدنا موسي عليه السلام من حيث العبادات وتعاليم الدين وطاعة الله ونبيه موسي عليه السلام وأصطحبه معه الي مجمع البحرين لمقابلة العبد الصالح خضر وكبر ونشأ تحت رعاية وتعليم سيدنا موسي عليه السلام.
لم يخرج أحد من التيه الذى دام أربعون عاما ممن خرج من مصر مع سيدنا موسى. سوى اثنين. هما الرجلان اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بدخول قرية الجبارين. ويقول المفسرون: إن أحدهما يوشع بن نون. وهذا هو فتى موسى في قصته مع الخضر. صار الآن نبيا من أنبياء بني إسرائيل، وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها.
وكان الله قد أمر موسى أن يجند بني إسرائيل وأن يجعل عليهم نقباء..
قال تعالى:
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١٢﴾المائدة
ولما استقرت يد بني إسرائيل على بيت المقدس استمروا فيه، وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب التوراة حتى قبضه الله إليه، وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة، فكانت مدة حياته بعد موسى سبعاً وعشرين سنة.
و الله تعالى أعلى و أعلم…
قصته مع الشمس
كان لنبي الله " يوشع بن نون " قصة مع الشمس
تبدأ من حيث أمر الله تعالي سيدنا موسي بفتح الأرض المقدسة فخرج مع نبي الله وباقي بني أسرائيل الي الصحراء لفتح الأرض المقدسة وبالقرب من مدينة أريحا أرسل سيدنا موسي عليه السلام عيون للإستطلاع فرجعوا إليه وقالو إن بها قوم جبارين فلما أمرهم موسي عليه السلام بالدخول عليهم وقتالهم قالوا يا موسي اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولما رفض بني اسرائيل القتال فغضب عليهم سيدنا موسي عليه السلام وقال داعيا عليهم:
(( قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ))
﴿٢٥﴾المائدة
فاستجاب له الله تعالي في قوله :
((قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ))
﴿٢٦﴾ سورة المائدة
فحرمها الله عليهم لمدة أربعين عاما وهم تائهون لا يهتدون لطريق الخروج وفي هذة الفترة كانت معجزات الله علي سيدنا موسى ومنها تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوي وانفجار اثنا عشرة عينا من الماء وهناك نزلت التوراه وشرعت لهم الأحكام و كانت هذه المدة كافية ليموت فيها جميع من خرج مع سيدنا موسي عليه السلام من مصر ويبقي الابناء حيث تربوا علي أيدي سيدنا موسي وهارون ويوشع وتعلموا منهم العقائد والعبادات الصحيحة ومات الكثير من بني اسرائيل ومنهم هارون أخو سيدنا موسي عليه السلام وبعده بثلاث سنوات مات موسي عليه السلام وأقام الله فيهم "يوشع بن نون" عليه السلام نبيا خليفة عن سيدنا موسي فلما مضت مدة التيه خرج "يوشع بن نون" ومعه من بقي من بني اسرائيل من الجبل الثاني فقصد بهم الأرض المقدسة.. قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا،ثم بيت المقدس وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا. فحاصرها ستة أشهر.
وفتحها يوم الجمعة بعد العصر ولما قربت الشمس علي الغروب وخاف دخول السبت عليه وهو يوم السبوت وعدم العمل لدى اليهود, وان دخل عليهم المغيب لدخل بغياب الشمس يوم السبت, فلا يتمكنون معه من القتال فنظر إلى الشمس ودعى ربه بأن لاتغيب وهو كان علي وشك الانتصار فقال للشمس:
((إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي))
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس"
فحبسها الله تعالي أو أوقف سيرها حتي فتحها يوشع وأمره الله أن يأمر بني أسرائيل حين يدخلون بيت المقدس أن يدخلوابابها سجدا ويقولون حط عنا ذنوبنا وخالف بني اسرائيل ما أمروا به ودخلوا متعالين متكبرين وقال تعالى:
((وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ
وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ))
﴿١٦١﴾ سورة الأعراف
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"قيل لبني إسرائيل: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ}
فبدلوا فدخلوا يزحفون على استاههم وقالوا حبة في شعرة.
وكذا رواه النسائي.
وقد ذكر الله تعالى أنه عاقبهم على هذه المخالفة؛ بإرسال الرجز الذي أنزله عليهم، وهو الطاعون، كما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إن هذا الوجع – أو السقم – رجز عُذِّب به بعض الأمم قبلكم".
وذلك لأن بني إسرائيل خالفوا ما أمروا به قولاً وفعلاً؛ فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم وهم يقولون: حبة في شعرة، وفي رواية: حنطة في شعرة.
((فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ))
﴿١٦٢﴾الأعراف
وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به واستهزأوا به؛ كما قال تعالى حاكياً عنهم في سورة الأعراف
وقد قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن همام بن منبه،
أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"قال الله لبني إسرائيل: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ}
فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم فقالوا حبة في شعرة".
ورواه البخاري ومسلم والترمذي حسن صحيح.
ولما فتح يوشع بن نون الارض المقدسة وجد فيها من الاموال ما لم يري مثله من قبل….
عن همام عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بُضْع امرأة، وهو يريد أن يبني بها ولما يبن، ولا آخر قد بنى بنياناً ولم يرفع سُقفها، ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات وهو ينتظر أولادها."
قال: فغزا فدنا من القرية حين صُلي العصر أو قريباً من ذلك،
فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور. اللهم احبسها عليَّ شيئاً فحبست عليه حتى فتح الله عليه،
فجمعوا ما غنموا، فأتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه،
فقال: فيكم غُلول فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده،
فقال: فيكم الغلول فليبايعني قبيلتك، فبايعته قبيلته،
فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة
فقال: فيكم الغلول أنتم غللتم.
قال: فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب،
قال: فوضعوه بالمال وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا".
وبعد ماسبق ذكره وفيه الدلالة على أن الذي فتح بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام، لا موسى عليه السلام، وأن حبس الشمس كان في فتح بيت المقدس لا أريحا. وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام..
وقد تم فتح الأرض المقدسة (( بيت المقدس )) عبر التاريخ ثلاث مرات :
أولا – على يد يوشع بن نون عليه السلام
ثانيا – سنة 16 هجريا فى عهد سيدنا عمر بن الخطاب الخليفة الثاني
والذى قام بفتحها هو الصحابى الجليل أبى عبيدة بن الجراح.