التصنيفات
رسول الله و أصحابه الكرام

فتنة معركة صفين .بين الإمام علي ومعاوية (رضي الله عنهما)عند المؤرخين – سنة النبي

فتنة معركة صفين .بين

الإمام علي ومعاوية (رضي الله عنهما).. عند المؤرخين..

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف

المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبعد.

أقدم

بين يديكم بحث بعنوان "معركة صفين عند المؤرخين"، والذي يتناول أحداث معركة صفين،

وآراء المؤرخين والعلماء فيها، وقد ضمت جنبات هذا البحث أربعة مباحث :

المبحث الأول، مقدمات وأسباب معركة صفين،

والمبحث الثاني تناول تفاصيل المعركة،

والمبحث الثالث، نهاية القتال والدعوة للتحكيم،

والمبحث الرابع، آراء المؤرخين في أحداث

معركة صفين ونقد بعض الروايات.

وقد واجهت الباحث عدة صعوبات كان منها صعوبة الوصول للمكتبات بسبب الأحداث الجارية على

الساحة، ولكن الباحث أفاد كثيراً من الاسطوانات الالكترونية والكتب المصورة على

المواقع الالكترونية.

والدراسة في هذا الموضوع صعبة جداً لأنها تتناول مرحلة هامة في التاريخ الإسلامي كان لها ما

بعدها، حيث أن جروح معركة صفين لم تندمل حتى يومنا هذا، وبقيت تشكل مرحلة مؤلمة في

التاريخ الإسلامي، خاصة وأن أبطال هذه المعركة المتصارعين هم من كبار الصحابة

وفاتحي الأمصار، وممن قام الإسلام على أيديهم وانتشر في أصقاع المعمورة، ولهذا كان

لزاماً على الباحث أن يكون موضوعياً في قراءة الأحداث وأن يتحدث عن هؤلاء الصحابة

باحترام وإجلال، لأن ديننا الحنيف يحثنا على احترام هذا الرعيل الأول من الصحابة

والبعد عن القدح بهم، فقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا

تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا

بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ". ( )

ولهذا

فقد اعتمد الباحث على حسن الظن بالصحابة الكرام، وأن قتالهم كان بسبب الخلاف في

وجهات النظر حول الاقتصاص من قتلة الخليفة عثمان رضي الله عنه، خاصة وأن جميع

الروايات التي انتقصت من أحد الطرفين لصالح الطرف الآخر، كانت روايات ضعيفة رواها

إخباريون ضعاف من غلاة الشيعة من أمثال أبي مخنف، ونصر بن مزاحم

المنقري.

وحاول الباحث أن ينوع في مصادره التي استقى منها البحث، فكان منها الكتب التاريخية، وكتب

الحديث، وكتب الرجال، وكذلك بعض المراجع الحديثة.

وأسأل

الله تعالى أن يوفقني في بحثي هذا، وأن أكون قد قدمت شيئاً مفيداً لمن

يقرأه.

والله

ولي التوفيق.

الباحث

عبد الرؤوف جبر القططي

الجامعة

الإسلامية غزة- فلسطين

المبحث الأول

مقدمات

وأسباب معركة صفين

صِفَّينُ:

موضع بقرب الرقة على

شاطئ الفرات من الجانب الغربىِ بين الرَقة وبالس وهي صحراء ذات كدى وأكمات،

وبها كانت الوقيعة العظيمة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في غرة صفر سنة

37هـ والتي جاء فيها الحديث المتفق على صحته: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان

عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة" وقُتل في الحرب بينهما سبعون

ألفاً، منهم من أصحاب علي خمسة وعشرون ألفاً ومن أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفاً،

وقُتل مع علي خمسة وعشرون صحابياً بدرياً وكان معه منهم سبعون رجلاً، وممن

بايع تحت الشجرة سبعمائة، وما لا يحصى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن

خيار التابعين، وكان مع علي رضي الله عنه رايات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي

كان يغزو بها، وقد شكك البعض بأنه لم يشهد مع علي من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت،

وهو قول مردود عليه، فإن من أهل بدر عمار بن ياسر رضي الله عنه وقد قتل معه، وبه

عرفت الفئة الباغية في قوله صلى الله عليه وسلم لعمار في حفر الخندق: "ويح عمار

تقتله الفئة الباغية

مقدمات

وأسباب المعركة:

شكل استشهاد الخليفة

عثمان رضي الله عنه صدمة كبيرة للمسلمين، فانطلقت الأصوات تطالب بالثأر من قتلة

الخليفة عثمان، فخرج النعمان بن بشير ومعه قميص عثمان مضمخ بدمه، ومعه أصابع نائلة

التي أصيبت حين دافعت عنه بيدها، فقطعت مع بعض الكف فورد به على معاوية بالشام،

فوضعه معاوية على المنبر ليراه الناس، وعلق الأصابع في كم القميص، وندب الناس إلى

الأخذ بهذا الثأر والدم وصاحبه، فتباكى الناس حول المنبر، وجعل القميص يرفع تارة

ويوضع تارة، والناس يتباكون حوله سنة، وحث بعضهم بعضا على الأخذ بثأره، وقام في

الناس معاوية وجماعة من الصحابة معه يحرضون الناس على المطالبة بدم عثمان، ممن قتله

من أولئك الخوارج: منهم عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء

كان معاوية بن أبي

سفيان والياً على الشام في عهد عمر وعثمان –رضي الله عنهما، ولما تولى عليّ الخلافة

أراد عزله، وتولية سهل بن حنيف بدلاً منه، إلا أنه ما كاد سهل يصل مشارف الشام حتى

لقيته خيل معاوية عليها حبيب بن مسلمة الفهري، فقالوا له: إن كان بعثك عثمان فحيهلا

بك، وإن كان بعثك غيره فارجع،

فرجع

لقد امتنع معاوية وأهل

الشام عن البيعة ورأوا أن يقتص علي من قتلة عثمان ثم يدخلون البيعة، وقالوا: لا

نبايع من يؤوى القتلة ؛ واستشهد معاوية ومعسكره بأحاديث وردت عن النبي صلى الله

عليه وسلم، منها: عن النعمان بن بشير، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أرسل رسول

الله صلى الله عليه وسلم، فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه، فقال: "يا عثمان إن الله

عسى أن يلبسك قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني".

وهناك حديث آخر له

تأثيره في طلب معاوية القود من قتلة عثمان وكان منشطًا ودافعًا قويًا للتصميم على

تحقيق الهدف، وهو: عن النعمان بن بشير عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم لعثمان: "يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصًا، فإن أرادك

المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني" ثلاثًا، فقال لها النعمان بن بشير: يا أم

المؤمنين فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله ما ذكرته قال: فأخبرتُه معاوية

بن أبى سفيان فلم يرضَ بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إليّ به،

فكتبتْ إليه به كتابًا.

بعث الإمام علي رضي

الله عنه كتباً كثيرة إلى معاوية رضي الله عنه، ولم يرد عليها، واستمر ذلك الأمر

إلى الشهر الثالث من مقتل عثمان، ثم بعث معاوية رسالة مع رجل، فدخل به على عليّ

فقال له عليّ: ما وراءك؟ قال: جئتك من عند قوم لا يريدون إلا القود، كلهم موتور،

تركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان، وهو على منبر دمشق، فقال علي: اللهم إني

أبرأ إليك من دم عثمان. ثم عزم الإمام عليّ على قتال أهل الشام، فكتب إلى قيس

بن سعد بمصر يستنفر الناس للقتال، وإلى أبي موسى الأشعري بالكوفة، وبعث إلى عثمان

بن حُنيف بذلك، وخطب الناس فحثهم على ذلك، وعزم على التجهز، وخرج من المدينة، ورتّب

الجيش، فدفع اللواء إلى محمد بن الحنفية، وجعل ابن عباس على الميمنة، وعمر بن أبي

سلمة على الميسرة، وقيل: جعل على الميسرة عمرو بن سفيان بن عبد الأسد، وجعل على

مقدمته أبا ليلى بن عمر بن الجراح، واستخلف على المدينة قثم بن العباس، إلا أن ظروف

معركة الجمل أعاقته عن قتال أهل الشام.

توجه الإمام علي إلى الشام:

أرسل الإمام علي إلى

معاوية رضي الله عنهما يدعوه إلى بيعته، حيث عرض جرير بن عبد الله أن يتوسط بين

الطرفين، فقال جرير بن عبد الله: أنا أذهب إليه يا أمير المؤمنين فإن بيني وبينه

وداً، فآخذ لك منه البيعة، فقال الأشتر: لا تبعثه يا أمير المؤمنين فإني أخشى أن

يكون هواه معه، فقال علي: دعه، وبعثه وكتب معه كتاباً إلى معاوية يعلمه باجتماع

المهاجرين والأنصار على بيعته، ويخبره بما كان في وقعة الجمل، ويدعوه إلى الدخول

فيما دخل فيه الناس، فلما انتهى إليه جرير بن عبد الله أعطاه الكتاب فطلب معاوية

عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام فاستشارهم فأبوا أن يبايعوا حتى يقتل قتلة عثمان، أو

أن يسلم إليهم قتلة عثمان، وإن لم يفعل قاتلوه ولم يبايعوه حتى يقتل قتلة عثمان بن

عفان رضي الله عنه، فرجع جرير إلى علي فأخبره بما قالوا، فقال الأشتر: يا أمير

المؤمنين ألم أنهك أن تبعث جريراً؟ فلو كنت بعثتني لما فتح معاوية باباً إلا

أغلقته، فقال له جرير: لو كنت لقتلوك بدم عثمان، فقال الاشتر: والله لو بعثتني لم

يعيني جواب معاوية ولأعجلنه عن الفكرة، ولو أطاعني قبل لحبسك وأمثالك حتى يستقيم

أمر الأمة، فقام جرير مغضباً وأقام بقرقيسيا، وكتب إلى معاوية يخبره بما قال وما

قيل له، فكتب إليه معاوية يأمره بالقدوم عليه.

جهّز أمير المؤمنين

علي جيشاً ضخماً اختلفت الروايات في تقديره، فقيل كان علي في تسعين ألفاً وكان

معاوية في مائة وعشرين ألفاً، وقيل كان علي في مائة وعشرين ألفاً ومعاوية في تسعين

ألفاَ وهذا أصح، وكان مكان تجمع جند علي بالنخيلة وهو على بُعد ميلين من الكوفة،

فتوافدت عليه القبائل من نواحي العراق، وبعث أمير المؤمنين علي من النخيلة زياد بن

النضر الحارثي طليعة في ثمانية آلاف مقاتل، وبعث شريح بن هانئ في أربعة آلاف، ثم

خرج علي بجيشه إلى المدائن، فانضم إليه فيها المقاتلة وولى عليها سعد بن مسعود

الثقفي، ووجه منها طليعة في ثلاثة آلاف إلى الموصل، وسلك رضي الله عنه طريق الجزيرة

الرئيسي على شط الفرات الشرقي حتى بلغ قرقيسياء فأتته الأخبار بأن معاوية قد

خرج لملاقاته وعسكر بصفين، فتقدم علي إلى الرقة ، وعبر منها الفرات غرباً ونزل

على صفين.

خروج معاوية إلى صفين:

كان معاوية جاداً في

مطاردة قتلة عثمان، فقد استطاع أن يترصد بجماعة ممن غزوا المدينة من المصريين أثناء

عودتهم وقتلهم، ومنهم أبو عمرو بن بديل الخزاعي ، ثم كانت له أيد في مصر، وشيعة

في أهل "خربتا" تطالب بدم عثمان، وقد استطاعت هذه الفرقة إيقاع الهزيمة بمحمد بن

أبي حذيفة في عدة مواجهات عام 36هـ، كما استطاع أيضاً أن يوقع برؤوس مدبري ومخططي

غزو المدينة من المصريين، مثل عبد الرحمن بن عديسي، وكنانة بن بشر، ومحمد بن حذيفة

فحبسهم في فلسطين، وذلك في الفترة التي سبقت خروجه إلى صفين، ثم قتلهم في شهر ذي

الحجة عام 36هـ ( )، وعندما علم معاوية بتحرك جيش العراق جمع مستشاريه من أعيان أهل

الشام، وخطب فيهم وقال: إن علياً نهد إليكم في أهل العراق.( ) وكان أهل الشام قد

بايعوا معاوية على الطلب بدم عثمان، والقتال. وقد قام عمرو بن العاص بتجهيز الجيش

وعقد الألوية، وقام في الجيش خطيباً يحرضهم، فقال: إن أهل العراق قد فرقوا جمعهم

وأوهنوا شوكتهم، وفوا حدهم، ثم إن أهل البصرة مخالفون لعلي قد وترهم وقتلهم، وقد

تفانت صناديد أهل الكوفة يوم الجمل، وإنما سار في شرذمة قليلة، ومنهم من قد قتل

خليفتكم، فالله الله في حقكم أن تضيعوه، وفي دمكم أن تبطلوه

وسار معاوية في جيش

ضخم، اختلفت الروايات في تقديره، وكلها روايات منقطعة أسانيدها، وهي الروايات عينها

التي قدرها جيش علي، فقدر بمائة ألف وعشرين ألفاً ( )، وقدر بسبعين ألف مقاتل، وقد

بأكثر من ذلك بكثير ( )، إلا أن الأقرب للصواب أنهم ستون ألف مقاتل، فهي وإن كانت

منقطعة الإسناد إلا أن راويها صفوان بن عمرو السكسكي، حمصي من أهل الشام ولد عام

(72هـ)، وهو ثبت ثقة، وقد أدرك خلقاً ممن شهد صفين، والإسناد إليه صحيح.

وبعث معاوية مقدمة

جيشه بقيادة أبي الأعور السلمي إلى صفين، فعسكر هناك في سهل فسيح، إلى جانب شريعة

في الفرات، ليس في ذلك المكان شريعة غيرها، وجعلها في حيزه

يـــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــــ ـــبــــــــــــــــــــــــــــــع ………

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.