حلّ الشفرة الجينية لطفيليات البلهارسيا القاتلة
تتسبب الديدان الطفيلية بآلاف حالات الوفاة عبر العالم كل عام
وقد كشف العلماء أيضا في دراستهم الجديدة، والتي نُشرت نتائجها في مجلة "نيتشر" الطبية، عن أهداف وضعوها لإنتاج علاج جديد للمرض الذي ينجم عنه عادة حمى وشعور بالإعياء والإرهاق الشديد.
ملايين الإصابات
ويفتك مرض البلهارسيا كل عام بحوالي 280 ألف شخص في دول جنوب الصحراء الأفريقية لوحدها.
هناك ثمة حاجة ماسة لوجود أدوية وعقارات جديدة وأنواع شتى من التدخل من أجل تقليص أثر هذا المرض الذي يسبب تدني مستوى نوعية الحياة التي يحياها المريض وتؤدي إلى تباطؤ التنمية الاقتصادية في المناطق التي ينتشر فيها
الدكتور أنتوني فوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية
حاجة ماسة
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، تم توزيع دواء رخيص الثمن على نطاق واسع في المناطق التي ينتشر فيها المرض في العالم، واسم الدواء هو "برازيكوانتيل" المضاد لطفيليات البلهارسيا والديدان الشريطية.
تطوير عقار جديد
لقد وجد الباحثون العاملون على دراسة وتحليل الخارطة الجينية لبلهارسيا "ماسوني"، وهو طفيلي البلهارسيا الأوسع انتشارا، أنه يتكون من 11809 جينات، أي ما مقداره عشرة أضعاف عدد الجينات (الجينوم) التي يحتويها طفيلي الملاريا.
وقد قام العلماء على وجه الخصوص بتحديد عدد كبير من الجينات التي تنتج الإنزيمات التي تخرب البروتينات، وتمنح الطفيليات قدرتها على ثقب واختراق الخلايا.
إن من شأن تفكيك هذه السلسلة الجينية (أو الخارطة الوراثية) لهذا النوع من الطفيليات أن يطلق عملية البحث حول داء البلهارسيا إلى فضاء أرحب وينقلها إلى عهد جديد
الدكتور ماتيو بيريمان، باحث من معهد "ويلكام تراست سانجر"
أدوية "فعالة"
وكشفت الدراسة أيضا أن الأمر الذي يفتقر إليه طفيلي البلهارسيا من نوع "ماسوني" هو الأنزيم الرئيسي الذي يحتاجه لصنع الدهون الأساسية، وبالتالي يضطر هذا النوع من الطفيليات للاعتماد على الوسط الذي يستضيفه لتزويده بتلك الدهون.
وبهذا الاكتشاف المثير، يكون الباحثون قد عثروا على عقب أخيل (أي نقطة الضعف الكبرى التي تصيب بمقتل)، وهذا هو الأمر الذي يمكن استغلاله والبناء عليه لتطوير دواء جديد للمرض.
من جهته، يقول الباحث الدكتور ماتيو بيريمان، من معهد "ويلكام تراست سانجر": "إن من شأن تفكيك هذه السلسلة الجينية (أو الخارطة الوراثية) لهذا النوع من الطفيليات أن يطلق عملية البحث حول داء البلهارسيا إلى فضاء أرحب وينقلها إلى عهد جديد."
مظاهر بيولوجية معقدة
لقد أعطتنا السلسة الجينية، وللمرة الأولى، صورة شاملة للمحركات التي تقود الطفيليات وتدفعها، وللاستراتيجيات التي تسمح لها بالبقاء حية، ناهيك عن فهم جسم البشري الذي يستضيف مثل هذه الطفيليات
الدكتور نجيب السيد، باحث ومحاضر في جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة
أما الدكتور نجيب السيد، وهو من جامعة ميريلاند ومشارك في البحث الجديد، فيقول: "لقد أعطتنا السلسة الجينية، وللمرة الأولى، صورة شاملة للمحركات التي تقود الطفيليات وتدفعها، وللاستراتيجيات التي تسمح لها بالبقاء حية، ناهيك عن فهم جسم البشري الذي يستضيف مثل هذه الطفيليات."
ويردف بقوله: "إنها (أي الخارطة الوراثية أو السلسلة الجينية) دليل (كاتالوج) من الفرص."
وفي دراسة منفصلة، اكتشف العلماء أيضا أن طفيليات البلهارسيا من نوع "جابونكيوم"، والتي يقتصر انتشارها إلى حد كبير في الأغلب على قارة آسيا، تحتوي هي الأخرى على عدد أكبر من الجينات أو المورثات.