مضت الأحداث بسيدنا "إبراهيم"، فحطَّم الأصنام؛ ليعلم قومه أنها لا تنفع ولا تضر، وينبههم إلى ضلال ما هم فيه؛ فكان عقابه أن أُلقِيَ في النار، ولكنه لم يجزع، ولم تهتزّ ثقته في خالقه.
حين أشعلت النار وقُذف فيها، ضجَّت السماوات والأرض، وهتفت الملائكة ضارعةً إلى الله: ربنا ليس لنا في الأرض أحد يعبدك غير "إبراهيم"، وإنه الآن يُحرَق، فأذن لنا يا رب في نصرته، فقال الله جلَّ وعلا- وعينه ليست غافلة عن خليله وصفيه-: إن استعان بأحد منكم فليُغِثه، وإن لم يدعُ غيري فأنا وليُّه وناصرُه.
فجاء خازن الماء وملك الرياح كلاًّ منهما يسأله أن يخمِد له النار، فيأبَى، ثم يرفع رأسه للسماء، قائلاً: لا اله إلا أنت سبحانك، أنت رب العالمين، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك، حسبي الله ونعم الوكيل، واستقبله جبريل قبل أن يُقذف في النار، فقال له: ألك حاجة؟ قال "إبراهيم"- عليه السلام-: أما إليك فلا، قال جبريل: فاسأل ربك، فقال "إبراهيم": حسبي من سؤالي علمه بحالي.
إنها ((قمَّة التوكُّل والتفويض ))إلى الله تعالى، إنه الرضا بقضاء الله وقدره، فقال الله للنار: ﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ (الأنبياء: 69).
فبقي في النار سبعةَ أيام، لم يقدر أحد أن يقترب منها لشدة لهيبها، ثم جاءوه فوجدوه قائمًا يصلي لله تعالى ..
سبحــــــــــان الله ..