[BACKGROUND="70 #FFFFFF"]
ظهرت أخيراً أبحاث طبية حديثة يؤكد أصحابها إمكان إنتاج حيوانات منوية من جلد الرجال وبويضات من خلايا النخاع العظمي للنساء وتلقيحها صناعياً من أجل تحقيق حلم الإنجاب للمصابين بالعقم، فما هي تفاصيل تلك الأبحاث؟ وماذا يقول علماء الدين عنها؟
بدأت القضية بإعلان باحثين بريطانيين تمكنهم من إنتاج خلايا منوية مبكرة، أطلقوا عليها اسم «الخلايا الجرثومية الأساسية»، من جلد البشر، حتى ممن يعانون من العقم. ونقلت وكالات الأنباء عن أحد العلماء المتخصصين في علم الجينات والوراثة، قوله إنه للمرة الأولى في العالم أمكن تخليق «الخلايا الجرثومية البدائية» من جلد أشخاص يعانون من العقم.
كما تمكن العلماء البريطانيون من إنتاج حيوانات منوية أيضاً من نخاع عظام النساء وليس بويضات فقط. لكن منتقدي هذه الطريقة يقولون إنها ستقلل من دور الرجال وتزيد من إنجاب الأطفال بوسائل صناعية. ويعتمد هذا البحث على الخلايا الجذعية التي يمكن أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا، حيث يأخذ العلماء خلايا جذعية من نخاع المتبرعات ويحوّلونها إلى حيوانات منوية باستخدام مواد كيميائية وفيتامينات معينة.
وأكد العلماء أنه تم بالفعل تحقيق المرحلة الأولى من إنتاج حيوانات منوية من نخاع الذكور، إلا أن أخذ الخلايا الجذعية من إنسان بالغ مصاب بالسرطان مثلاً، قد يتسبب بمشاكل صحية للأطفال الذين سيولدون بهذه الطريقة، وستنجب النساء اللواتي يتم تلقيحهن بحيامن أنثوية بنات فقط، وذلك لانعدام الكروموزوم الضروري لإنجاب الذكور في تلك الحيامن.
وأعلن الباحثون من جامعة شيفيلد البريطانية أن الخلايا الجذعية الجنينية قد تكون مصدراً ممكناً لإنتاج الحيوانات المنوية أو البويضات، بعدما توصلوا إلى أن الخلايا الجذعية التي تتكاثر في المختبر لها صفات الخلايا التي تخرج منها الحيوانات المنوية أو البويضات، وذلك يعني ببساطة أنه يمكن الإنجاب لمن لا توجد لديه حيوانات منوية أو من لا تستطيع إنتاج البويضة لأي سبب، وأن إنجاب المرأة لن ينقطع ببلوغ سن اليأس أو استئصال المبيضين أو حتى الرحم، وقد يأتي يوم تكون فيه للطفل ذرية قبل بلوغه.
وذكر موقع «هيلث داي نيوز» أن علماء أميركيين من جامعة ستانفورد طوروا تقنية تتيح تحويل خلايا جذعية جنينية إلى خلايا تناسلية، هي أساس إنتاج الحيوانات المنوية والبويضات. وتساعد هذه التقنية الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الخصب على الحمل، من خلال صنع حيوانات منوية وبويضات من خلايا غير تناسلية تستخرج من أجسامهم، وبذلك سيكون الجنين الذي ينجبونه من صلبهم ويحمل جيناتهم. غير أن بعض المشككين تساءلوا عن إمكان نجاح هذه التقنية الجديدة، وإمكان تلقيح بويضة مستخرجة من خلايا جذعية لتصبح إنساناً.
وانتقدت جوزفين كوينتافال، من جمعية أخلاقيات الإنجاب هذا النوع من العبث العلمي، قائلة: «إنهم يبحثون في حالات غامضة جداً، فيما علينا البحث في أسباب العقم وعلاجه، لأن حياة الأطفال تكون أفضل عندما يولدون وينشأون في أسرة طبيعية من أب وأم، لأنهما يمثلان للأطفال القدوة في حياتهم، ولكن عندما يتم تعمد إنجاب أطفال بهذه الطريقة فهذا عمل غير أخلاقي».
خلايا الزوجين
لكن كيف يرى علماء الدين لدينا فكرة الإنجاب من خلايا الجلد والنخاع؟
في البداية وصف الدكتور عبد الفتاح الشيخ، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، ما يحدث بأنه نوع من العبث العلمي المنافي للأخلاق وتعاليم الأديان السماوية التي لا تعترف بغير الطرق الطبيعية للإنجاب، بحيث يكون الحيوان المنوي من الزوج والبويضة من الأنثى، سواء بالاتصال المباشر بينهما عن طريق المعاشرة الزوجية أو عن طريق التلقيح الصناعي المنضبط شرعاً، بأن يكون من الزوجين دون تدخل طرف ثالث.
وأشار إلى أن الأديان السماوية حثت على الزواج، الذي امتن الله به على الناس، وجعل منه الإنجاب بشكل واضح لا يحتمل اللبس أو الشك، فقال تعالى: «وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ» الآية 72 سورة النحل. ونظراً لتأكيد الإسلام أنه إنجاب بغير زواج شرعي، فقد جعله الله آية من آياته، فقال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم.
وعن مشروعية نسب الطفل، في حالة الإنجاب من استخراج الحيوانات المنوية من جلد الزوج أو استخراج البويضات من نخاع الزوجة، قال: «باعتبار أن هذا فرض لم يتم على أرض الواقع، فإنني أقترح عرضه حين وقوعه علي المجامع الفقهية التي تضم علماء للدين وأطباء، للوصول إلى اجتهاد شرعي في القضية حيث يمكن قياسه بالتلقيح الصناعي، طالما من خلايا الزوجين، ويكون حراماً إذا تم بين غير الزوجين».
شبهة
أما الدكتور محمد يسري، الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، فيرفض الاعتراف بأي طريقة غير مألوفة للإنجاب، لأن الحيوانات المنوية الطبيعية للزوج وكذلك البويضة الطبيعية للمرأة هي الطريقة التي ليس فيها شك أو اختلاف، ولهذا قال عنها النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي بِضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا أَهْلَهُ فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ»، الهدف من ذلك أن نعرف الأب والأم بلا أدنى شك، أما أن يتم استخراج حيوانات منوية من جلد الرجل أو المرأة فهذا عبث سيؤدي إلى اختلاط الأنساب، لأنه لا مانع من أن تقوم المرأة بدور الأب والأم معاً.
وأوضح يسري أن الإسلام «أتاح التداوي بالتلقيح الصناعي بين الزوجين كوسيلة لعلاج المشكلات في الحيوانات المنوية أو البويضات، حيث يتم التنشيط والعلاج لها والتلقيح خارج الرحم أو داخله، لكن إنتاج حيوانات منوية أو بويضات بغير الطرق المعهودة فإنني أتحفظ عنه، حتى بين الزوجين، لأن هذه الطريقة إن لم تكن حراماً ففيها شبهة، وقد أمرنا رَسُولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، بالابتعاد عن الشبهات فقال: «إن الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثيِرٌ مِنَ الناسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشَّبُهاتِ وَقَعَ في الْحَرَامِ، كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِك أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمى أَلا وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُه، أَلا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحً الْجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْب».
نو كومنت
ولكم مني اطيب الامنيات
[/BACKGROUND]