السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل ثبت أن أحدا من الصحابة طلب الشفاعة ( المتعلقة بيوم القيامة ، لا الاستغفار) من النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ثبت عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة :
روى الإمام أحمد (16076) عَنْ خَادِمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَقُولُ لِلْخَادِمِ : ( أَلَكَ حَاجَةٌ؟ ) قَالَ : حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، حَاجَتِي قَالَ : ( وَمَا حَاجَتُكَ؟ ) قَالَ : حَاجَتِي أَنْ تَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ: ( وَمَنْ دَلَّكَ عَلَى هَذَا؟ ) قَالَ : رَبِّي قَالَ : ( إِمَّا لَا، فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ) .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 249) : " رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ " .
وقال الألباني في "الصحيحة" (2102) : " إسناده صحيح على شرط مسلم " .
وصححه – أيضا – محققو المسند .
وروى أحمد أيضا (24002) وابن حبان (211) والطبراني في "الكبير" (134) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: عَرَّسَ بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَافْتَرَشَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ ، قَالَ : فَانْتَهَيْتُ إِلَى بَعْضِ الْإِبِلِ ، فَإِذَا نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ قُدَّامَهَا أَحَدٌ ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ قَائِمَانِ ، قُلْتُ : أَيْنَ رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَا : مَا نَدْرِي غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا صَوْتًا بِأَعْلَى الْوَادِي ، فَإِذَا مِثْلُ هَزِيزِ الرَّحْلِ قَالَ : امْكُثُوا يَسِيرًا ، ثُمَّ جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي ، فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ ) ، فَقُلْنَا : نَنْشُدُكَ اللهَ ، وَالصُّحْبَةَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ؟! قَالَ: ( فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي ) ، قَالَ : فَأَقْبَلْنَا مَعَانِيقَ إِلَى النَّاسِ ، فَإِذَا هُمْ قَدْ فَزِعُوا ، وَفَقَدُوا نَبِيَّهُمْ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ مِنْ رَبِّي آتٍ، فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ ، وَإِنِّي اخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ ) . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، نَنْشُدُكَ اللهَ وَالصُّحْبَةَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ؟! قَالَ : فَلَمَّا أَضَبُّوا عَلَيْهِ قَالَ : ( فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنَّ شَفَاعَتِي لِمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتِي )
صححه محققو المسند ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3637) .
ثانيا :
المقصود من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة في هذين الحديثين وغيرهما : سؤاله أن يدعو الله لهم أن تنالهم شفاعته ، ويأذن له صلى الله عليه وسلم فيهم ؛ ففي رواية لحديث عوف بن مالك المتقدم عند الطبراني في "الكبير" (136) : " فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ : ( اللهُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ) ثُمَّ أَتَيْنَا الْقَوْمَ فَأَخْبَرْنَاهُمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ فَقَالَ : ( اللهُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ) .
ورواه أحمد (19724) من حديث أبي موسى بمعناه وفيه : " فَجَعَلُوا يَأْتُونَهُ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ، فَيَدْعُوَ لَهُمْ " .
وذلك أن الشفاعة لله جميعا ، قال عز وجل : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ) الزمر/ 44 ، فلا يشفع أحد إلا لمن أذن الله له ، قال تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) البقرة/ 255 ، وفي حديث الشفاعة : ( … فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ ، قُلْ تُسْمَعْ ، سَلْ تُعْطَهْ ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا ، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ )
رواه البخاري (4476) ، ومسلم (193) .
وأما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث : ( فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي ) : فمرد ذلك الخبر إلى الوحي عن رب العزة ، كما في بشراه بالجنة لمن بشره ، ونحو ذلك من أمور الغيب .
والله تعالى أعلم .
الحمد لله
أولا :
ثبت عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة :
روى الإمام أحمد (16076) عَنْ خَادِمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَقُولُ لِلْخَادِمِ : ( أَلَكَ حَاجَةٌ؟ ) قَالَ : حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، حَاجَتِي قَالَ : ( وَمَا حَاجَتُكَ؟ ) قَالَ : حَاجَتِي أَنْ تَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ: ( وَمَنْ دَلَّكَ عَلَى هَذَا؟ ) قَالَ : رَبِّي قَالَ : ( إِمَّا لَا، فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ) .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 249) : " رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ " .
وقال الألباني في "الصحيحة" (2102) : " إسناده صحيح على شرط مسلم " .
وصححه – أيضا – محققو المسند .
وروى أحمد أيضا (24002) وابن حبان (211) والطبراني في "الكبير" (134) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: عَرَّسَ بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَافْتَرَشَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ ، قَالَ : فَانْتَهَيْتُ إِلَى بَعْضِ الْإِبِلِ ، فَإِذَا نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ قُدَّامَهَا أَحَدٌ ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ قَائِمَانِ ، قُلْتُ : أَيْنَ رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَا : مَا نَدْرِي غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا صَوْتًا بِأَعْلَى الْوَادِي ، فَإِذَا مِثْلُ هَزِيزِ الرَّحْلِ قَالَ : امْكُثُوا يَسِيرًا ، ثُمَّ جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي ، فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ ) ، فَقُلْنَا : نَنْشُدُكَ اللهَ ، وَالصُّحْبَةَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ؟! قَالَ: ( فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي ) ، قَالَ : فَأَقْبَلْنَا مَعَانِيقَ إِلَى النَّاسِ ، فَإِذَا هُمْ قَدْ فَزِعُوا ، وَفَقَدُوا نَبِيَّهُمْ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ مِنْ رَبِّي آتٍ، فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ ، وَإِنِّي اخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ ) . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، نَنْشُدُكَ اللهَ وَالصُّحْبَةَ لَمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ؟! قَالَ : فَلَمَّا أَضَبُّوا عَلَيْهِ قَالَ : ( فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنَّ شَفَاعَتِي لِمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتِي )
صححه محققو المسند ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3637) .
ثانيا :
المقصود من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة في هذين الحديثين وغيرهما : سؤاله أن يدعو الله لهم أن تنالهم شفاعته ، ويأذن له صلى الله عليه وسلم فيهم ؛ ففي رواية لحديث عوف بن مالك المتقدم عند الطبراني في "الكبير" (136) : " فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ : ( اللهُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ) ثُمَّ أَتَيْنَا الْقَوْمَ فَأَخْبَرْنَاهُمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ فَقَالَ : ( اللهُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ) .
ورواه أحمد (19724) من حديث أبي موسى بمعناه وفيه : " فَجَعَلُوا يَأْتُونَهُ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ ، فَيَدْعُوَ لَهُمْ " .
وذلك أن الشفاعة لله جميعا ، قال عز وجل : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ) الزمر/ 44 ، فلا يشفع أحد إلا لمن أذن الله له ، قال تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) البقرة/ 255 ، وفي حديث الشفاعة : ( … فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ ، قُلْ تُسْمَعْ ، سَلْ تُعْطَهْ ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا ، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ )
رواه البخاري (4476) ، ومسلم (193) .
وأما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث : ( فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي ) : فمرد ذلك الخبر إلى الوحي عن رب العزة ، كما في بشراه بالجنة لمن بشره ، ونحو ذلك من أمور الغيب .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب