النعام .. طائر يعشق الأرض
يعد لحم النعام من أجود اللحوم الحمراء وأفضلها على الإطلاق لقلة دهونه وانخفاض نسبة الكوليسترول فيه بشكل كبير.
– يمكن حفظ لحوم النعام في الثلاجة لمدة طويلة لخلوها من الدهون
– من أهم ميزات لحوم النعام ارتفاع معدلات الحديد فيها
رغم الاهتمام الذي حظي به النعام منذ الأزل إلا أن ذلك مر بعدة مراحل قبل أن يتبلور في صورته الحالية. فكان الاهتمام بادئ الأمر بإنتاج الريش وأصبح الطلب عليه كبيرًا جدًّا كالذهب؛ لاستخدامه في عمل الوسائد وأعمال الديكور وتصميم الملابس، وكان الفرسان القدامى يضعونه على مقدمة خوذاتهم ليتزينوا به عند الاحتفال بالانتصار.
بعد ذلك تحولت الأنظار إلى جلد النعام، فبدأ الاهتمام به يتزايد وظهرت صناعة المنتوجات الجلدية الفاخرة منه، وكثر الطلب عليه في العالم لما فيه من نعومة وطراوة، كما أنه شبه مطاطي وذو شكل يميزه عن الجلود الأخرى.
ولم يلبث الوضع طويلاً قبل أن ينهال الإقبال على تناول لحمه لما له من مميزات ومواصفات تجعله يتربع على القمة بين أجود اللحوم على الإطلاق، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى محاولة تربية الطائر وكسر احتكار دول جنوب إفريقيا (موطنه الأصلي) له، فأصبح إنتاج لحم النعام وجلده وريشه في ازدياد مطرد وتصاعد كبير في أوروبا نظرًا إلى الربح المادي السريع من ورائه.
ومضت الدول الغربية في اهتمامها بتناول لحم النعام رغم ارتفاع ثمنه لما وجدت فيه من فوائد صحية متعددة.
طائر بلا عش
النعام، واسمه اللاتيني struthio camelus طائر لا يطير.. ويعرف بأنه أكبر طائر على وجه الأرض، ويتبع فصيلة صغيرة باسم ratitac أو الطائر الذي يجري.
وهو الطائر الوحيد الذي له إصبعان مقارنة ببقية الطيور الأخرى التي لها ثلاث أصابع. وهو طير قارتomnivorous أي يتغذى على المواد النباتية كالأوراق والبراعم والبذور و الثمار، وكذلك الحيوانات مثل الزواحف.
ومن المعروف عن النعام أنه أسرع مخلوق يجري على قدمين، فالطائر كامل النمو يمكن أن تصل سرعته الى 65 كم/ الساعة مع ملاحظة أن المسافة بين قدميه عند الجري قد تصل من 6 أمتار إلى 8 أمتار.
وتبلغ حرارة جسم النعامة نحو 40 درجه مئوية، وليس للجلد غدد عرقية لتنظيم درجة الحرارة، ولهذا تستخدم النعامة حركة جناحيها في عملية تلطيف حرارة جسمها، كما أنها تملك حاسة إبصار قوية، وعينها محاطة برموش طويلة، إضافة إلى جفن ثالث شفاف يحمي العين من الغبار و الرمال كما في الثعابين.
إضافة إلى ذلك، فللنعامة رقبة طويلة تساعد على كشف مساحة أكبر، ولها قدرة على تحريك رأسها في كل الاتجاهات بفضل جلدها الطري والقابل للتمدد، حيث يمكن للطائر أن يلف رقبته في الاتجاه العكسي بزاوية قدرها 360 درجة.
أما بالنسبة إلى الأرجل فأرجل طائر النعام قوية جدًّا، ويبلغ طول العضلة حوالي 60 سم بدءًا من الكعب حتى أعلى الساق، وهذه العضلة هي التي تعطي الطائر السرعة والقوة.. وهى سلاحه الخطير والفتاك الذي يستخدمه في الدفاع عن نفسه ضد أي خطر، ويمكن لطائر النعام الرفس الى الأمام بقوة ضغط تصل إلى 225 كجم/البوصة في الرفسة الواحدة، وهي بالطبع رفسة قاتلة.
وللإصبع الكبير ظفر حاد يستعمل وقت الحاجة.. حيث يمكن له أن يحدث جرحًا قاطعًا في الإنسان من الرأس إلى القدم برفسة واحدة خطيرة تؤدي إلى الوفاة أحياناً ( ولا يمكن تحديد الأخطار التي يواجهها الإنسان من طير النعام في الحظائر وخصوصًا من الذكور في وقت الإخصاب).
النعام.. أنواع ومميزات
– النعامة ذات الرقبة الحمراء
تبدأ الأنثى بوضع البيض بعد أربع سنوات، وبمعدل 15 بيضة في السنة، ويكون ذكر النعام جاهزًا للتلقيح بعد خمس سنوات.
ويصعب استئناس قطيع الأمهات وفراخ التسمين وكذا السيطرة عليه.
– النعامة ذات الرقبة الزرقاء
يتشابه النعام ذو الرقبة الزرقاء و ذو الرقبة الحمراء في صفات كثيرة من ناحية صعوبة استئناس قطيع الإناث وفراخ التسمين، وصعوبة السيطرة عليه إلا أن الأنثى تبدأ في وضع البيض عند عمر 18 شهرًا.
– النعام ذو الرقبة السوداء
يتميز ذكر النعامة ذو الرقبة السوداء بريشه الأسود وبياض ذيله وجناحيه، وهو مهجن من أصول تعود إلى النعام العربي المنقرض.
تصل الأنثى إلى سن البلوغ وتبدأ بوضع البيض عند سن 24 شهرًا، وتعطي الأنثى من30 بيضة إلى 50 بيضة في الموسم، أما الذكر فيصل إلى سن البلوغ عند الشهر الثلاثين من عمره.
منتجات النعام
اللحم
يأتي لحم النعام على قمة المنتجات نظرًا إلى جودته وامتيازه بقلة الدهون مقارنة باللحوم الحمراء والبيضاء، إذ يكاد يكون خاليًا من الكوليسترول عدو القلب، حيث إن نسبة اللحم إلى الدهن توازي 99% ، وتتركز كمية اللحم في الأرجل وهى عبارة عن عضلة كبيرة (وهى تحتوي على أفضل قطع اللحم في الطير) فصدر النعامة خال تمامًا من اللحم، ويتم التخلص منه تمامًا بعد الذبح، وهى شبيهة باللحم البقري من حيث القوام والطعم والمظهر.
ولحم النعام قليل الألياف مع زيادة في عنصر الحديد ونقص في الصوديوم، إلى جانب انخفاض السعرات الحرارية مع كثرة الأحماض الدهنية غير المشبعة وزيادة نسبة البروتين فيه.
إضافة إلى العوامل السابقة فإن لحم النعام له نكهة مميزة وهو ما جعله من أفخر أنواع اللحوم في بلدان أوروبا وآسيا مع ارتفاع ثمنه، ويمكن حفظه في الثلاجة لمدة طويلة نظرًا إلى عدم وجود الدهون التي تؤدي إلى فساد اللحم وهو ما يميزه كلحم أحمر صحي..
ويمكن تمييز لحم النعام الطازج و الجيد بالآتي:
– يكون اللحم أحمر قانيًّا.
– جميع العضلات ذات لون أحمر متجانس غامق وخال من البقع.
– له نكهة جيدة ومميزة.
– خال من الروائح والنكهات الغريبة.
– اللحم طري وكمية السائل المنفصل عنه قليلة خصوصًا بعد تسييح اللحم المجمد.
ولاحتواء لحم النعام على نسبة دهون قليلة يفضل طهيه بدرجة حرارة عالية وبسرعة، بحيث تصل درجة الحرارة في المركز الحراري للحم 65 إلى 70 درجة مئوية في غضون الدقيقة، وبهذا تحتفظ بطراوتها وعصارتها.
والسن المثالي لذبح النعام هو من 10 -14 شهرًا. ومن الممكن إعداد الأطباق نفسها المعدة بلحم العجل من لحم النعام، كما يمكن استهلاك قطع لحم النعام بعد تقطيعها على هيئة فيليه أو تصنيعها على هيئة سجق ونقانق، وغير ذلك من منتجات اللحوم الأخرى.
الجلد
ويأتي في المرتبة الثانية بعد اللحم، وهو من أرقى أنواع الجلود وأغلاها ثمنًا، ويستخدم في صناعة الملابس الجلدية الفاخرة والأحذية والحقائب الراقية وأكياس النقود ويمتاز جلده بالطراوة والنعومة والمرونة والمتانة وتعطي النعامة الواحدة في سن الذبح ما يوازي 14 قدمًا مربعًا من الجلد.
الدهن والريش
لزيت النعام المستخلص من الدهون (على قلتها) فوائد علاجية وطبية فريدة في التقليل من التعب وآلام العضلات والمفاصل فيدخل في صناعة الأدوية.. بجانب مواد التجميل الراقية حيث استعمل منذ آلاف السنين في المساعدة على زيادة نضارة البشرة وجمالها لقدرته على تخفيف العلامات الداكنة والتجاعيد التي تظهر على البشرة.
أما ريشه فهو من أجمل أنواع الريش وأجمله، وعلاوة على استخداماته المعروفة منذ قديم الزمان في أعمال التنجيد الفاخر والديكور، والإكسسوارات الكلاسيكية للسيدات، فهو يدخل في تنظيف الأجهزة الدقيقة مثل مصانع الكمبيوتر قبل الإقفال ومصانع السيارات قبل الدهان، وذلك لخاصيته المتميزة عن بقية أنواع ريش الطيور الأخرى بقوى مغناطيسية تجذب الغبار و الأتربة الدقيقة.
ويتم جمع الريش مرة كل 12 شهرًا، ويقدم الذكر البالغ حوالي 50 ريشة بوزن كجم واحد كل مرة، ويتركز توزيع الريش في الظهر والأفخاذ والأجنحة والذيل. أما المناطق أسفل الأفخاذ والصدر وتحت الأجنحة و السيقان فليس بها ريش على الإطلاق.
البيض
يمتاز بيض النعام بمذاقه الرائع وكبر حجمه وتكفي البيضة الواحدة لإشباع أربعة أشخاص ذوي شهية جيدة، ويبلغ وزنها حوالي 1.5 كجم تتحمل وزنًا يصل إلى 120 كجم. وتحتاج بيضة النعامة لسلقها إلى 100 دقيقة تقريبًا، وتنتج الأنثى نحو 30 بيضة إلى 50 بيضة في السنة.
وكان البيض المفرغ غير المخصب يستخدم كأوان لشرب الماء في الماضي.. أما اليوم فيدخل استخدامه في الديكور والزينة كأعمال فنية ورسومات ذات نقوش مدهونة بتصاميم رائعة، وتعد من التحف الجذابة.
ومن الناحية التكنولوجية العلمية يتم الاستعانة به فوق المباني المرتفعة لمنع الصواعق!
العرب والنعامة
حظيت النعامة باهتمام العرب وعنايتهم، فضربوا بها الأمثال وقالوا فيها الشعر والنثر وأطلقوا عليها عدة أسماء، فسمي ذكر النعام بالظليم أو الهقل. ويطلق على النعام الصمل لصغر رأسه، ويقال له أيضا الأسك لافتقاده إلى الأذنين.
فقال الشاعر:
وكنت كالهقل غدا يبتغي
قرنًا فلم يرجع بأذنين
وأنثاه راله، ويقال للصغار عند أول فقسها الحسكل.
ووصفت النعامة بالجبن فقيل:
أجبن من نعامة
وقيل: أحمق من نعامة.
وقال الشاعر:
كمثل نعامة تدعى بعيرًا
تعاظمها إذا ما قيل طيري
فإن قيل احملي قالت فإني
من الطير المرتب في الوكور
النعام في المملكة العربية السعودية
النعام طائر عربي الأصل، مكيف للعيش في الصحراء.. وجد في الجزيرة العربية وإيران، حيث كانت قطعان النعام ترعى في أنحاء الجزيرة العربية من شمالها إلى جنوبها وحتى الربع الخالي.
وقد ذكر الشيخ كمال الدين الدميري في كتابه «حياة الحيوان الكبرى» بعض الأحاديث الشريفة عن النعام وحكم صيده وإتلاف بيضه في الإحرام، وأن لحمه من أفضل اللحوم وهذا يؤكد توفر النعام في الجزيرة العربية.
ومن المحتمل أنه انقرض من الجزيرة سنة 1900 -1910 ولعل من أسباب انقراضه حفر قناة السويس التي فصلت آسيا عن إفريقيا فتوقفت هجرته، إضافة إلى العوامل الطبيعية القاسية والنشاطات البشرية المختلفة وهو ما أدى إلى القضاء على ما تبقى منه.
ولم يستطع الإنسان في الماضي إنتاج النعام بكميات تجارية نظرًا إلى عدم توفر الحضانات والفقاسات الآلية، ولكن مع اختراع الكهرباء تهيأ للبشرية ذلك بعدما شارف طائر النعام على الانقراض بسبب الصيد الجائر بوسائل الصيد الحديثة بحثًا عن مذاق لحمه الطيب، وجودة جلده ودهنه ونعومة ريشه.
وانطلاقًا من حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولى عهده الأمين حفظهما الله على تنمية القطاع الزراعي في المملكة العربية السعودية وتطويره، شهد العقد الماضي تطورًا فريدًا من نوعه في مشاريع الإنتاج الحيواني بالمملكة وفى مجال تربية النعام خاصة. وتجري الآن بنجاح تربية مكثفة للاستفادة من لحمه كما يستفاد اقتصاديًّا من جلود النعام وريشه.
وفي عام 1416هـ بدأ اهتمام المستثمرين بالتزايد لإنتاج النعام وتربيته مواكبًا ذلك موافقة الوزارة على إقامة أربعة مشاريع في كل من الرياض والخرج وحائل والقصيم بطاقة إنتاجية قدرها حوالي 50000 طائر في السنة.. كما يوجد طلبات تحت الدراسة لإقامة عدد من المشاريع المماثلة.
حقائق عن النعام
– يبلغ ارتفاعه حوالي 3 أمتار.
– ووزنه 180 كجم.
– سرعته تبلغ 65 كم /الساعة، وتفوق 80 كم عند المطاردة مع المقدرة على المراوغة والفرار.
– متوسط عمر النعام 80 سنة.
– تضع النعامة من 40 بيضة إلى120 بيضة في العام لفترة لا تقل عن 40 سنة.
هل يدفن النعام رأسه؟
طائر النعام مخلوق غير ذكي، وحجم دماغه صغير جدًّا مقارنة بالحيوانات الأخرى، وحجم المخ يساوي حجم عين النعامة، ووزن المخ تقريبًا 400 جرام، ومع ذلك فإن طائر النعام لا يدفن رأسه في الأرض كما هو مشاع عنه في حالة الذعر أو الخوف، فهو ليس بطائر جبان، ولكنه يخفض رأسه بين رجليه ويمد رقبته على الأرض عند الحذر أو التربص