التصنيفات
اسلاميات عامة

فيزيولوجية الصوم في الاسلام

فيزيولوجية الصوم
بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــــــــــــم

من الضروري المرور سريعاً على آلية تعامل الاجسام مع مركبات الأطعمة التي يتناولها الانسان حتى يتسنى لنا فهم التغيرات التي تحدث اثناء الصيام وبالتالي تاثير الصيام على جسم الانسان الصحيح أو المريض.

لقد هيأ الخالق عز وجل الأبدان للتعامل مع مركبات الطعام، وفقاً لآلية تسير بنظام وتوافق في ثلاث مراحل متتابعة:

المرحلة الأولى: عمليات الهضم في المعدة والأمعاء، والامتصاص والتمثيل في الأمعاء، وعمليات تحويل الطعام إلى سكر جلوكوز (Glucose) يسري في الدم، والى مواد أخرى أولية يتيسر استخدامها لإطلاق الطاقة وبناء الأنسجة.

المرحلة الثانية: تخزين الفائض من الطاقة، فالجلوكوز الفائض يخزن في الكبد والعضلات، على هيئة نشا حيواني جلايكوجين (Glycogen)، بينما يخزن فائض الدهون في معظم أجزاء الجسم.

المرحلة الثالثة: تتولى هذه الملاحلة مهمة فتح مخازن الطاقة وتحويل الجلايكوجين والدهون، إلى جلوكوز وأحماض دهنية، لإطلاق طاقتها في الأجسام.

وتختلف المرحلة الأخيرة عن سابقتيها، في أنها لا تحدث مطلقاً، إلا إذا امتنع الإنسان عن تناول الطعام لفترة زمنية محددة، أي لا تحدث إذا لم يصم الإنسان. فالصائم يمتنع عن تناول الطعام لفترة محددة، ونتيجة لذلك يبدأ مستوى سكر الجوكوز الطبيعي (80 – 120ملغم/ 100سم3) في دمه بالانخفاض بعد نحو ست ساعات من بدء الصوم؛ الأمر الذي ينبِّه منطقة الهيبوثلامس (Hypothalamus) بالدماغ، فترسل إلى الغدد برسائل عاجلة تطلب منها العون والمدد.

وعندئذ تفرز الغدة الكظرية مزيداً من الهرمونات التي تحث على تحول الجلايكوجين المخزون إلى سكر الجلوكوز بواسطة هرمون (الأدرينالين Adrenaline) و(الكورتيزون Cortisone) وتعمل الغدة الدرقية نفس العمل بواسطة أنزيم (الثيروكسين Thyroxin) وكذلك الغدة النخامية عن طريق هرمون النمو والبنكرياس أيضاً عن طريق هرمون الجلوكوز (Glucose).

وهكذا تتشارك كل هذه الهرمونات في حث الجسم على تحويل مخازن الطاقة المدخرة في الكبد والعضلات إلى سكر جلوكوز، ليعيد الاتزان المفقود في سكر الدم. على أن الجلايكوجين المخزون قد يستنفذ، وهنا لا بد من التعامل مع مخازن الدهون، لهدمها وتحرير طاقتها.

لقد أكد الباحثون أثر الصيام في زيادة منحنى احتراق الدهون طوال ساعات الصوم، حيث يتم استهلاك مخازن الدهون المتراكمة في مناطق ترسيب الدهن في الأجزاء الخارجية من الجسم كالأرداف والعجز والبطن ونحو ذلك. ومن هنا نستطيع أن تخمن ماذا يمكن أن يحدث في الجسم إذا لم يمارس الصوم – من وقت لآخر – إذ يبقى الجسم مشغولاً بإجراء المرحلتين الأوليتين،ولا تتاح له فرصة إذابة مخزون الكلايكوجين والدهون.

والنتيجة سوف تُثقل كاهل الجسم بكميات هائلة من الدهون المخزونة، والتي تستلزم إنشاء عشرات الكيلو مترات الإضافية من الشعيرات الدموية الصغيرة والدقيقة لنقل الدم إلى تلك الدهون المتراكمة.

وتشير إحدى الدراسات بأن كل كيلو غرام من الأنسجة الدهنية الزائدة تقابله زيادة 3 كم طولاً من الشعيرات الدموية يلزم وصول الدم إليها, مما يعني مزيداً من العبء على القلب وشرايينه، علاوة على ما تسببه الدهون المتراكمة من تأثير سيء على الكبد والكلي وسائر أعضاء الجسم وأجهزته.

وعلى ضوء ذلك فإن فسيولوجيا الأبدان، تقتضي الامتناع عن تناول الطعام بين وقت وآخر، وتستوجب الحصول على فترات معقولة من الصيام، تكفل إراحة الوظيفتين الأوليتين وتعمل على منح الوظيفة الثالثة فرصتها في العمل والتغيير.

وبناءً على ما تقدم فإن الصيام يعتبر من الناحية الطبية تمريناً فسيولوجياً للجسم على تحمل الجوع في كافة الظروف حيث يحدث العديد من التبدلات الهرمونية والفسيولوجية في كافة أعضاء الجسم بشكل يتأقلم فيها البدن مع النقص الحاصل في الوارد الغذائي من الخارج. فكما ذكرنا أن الجسم يصرف الطاقة من مخازن الجلايكوجين والسكريات المتعددة الموجودة في الكبد والعضلات خلال فترة الصيام، ويحدث تبدل هرموني في إفرازات غدة البنكرياس مثل الأنسولين والجلوكاجون Glucagon وهرمونات الغدد النخامية والكظرية، وما إلى ذلك من تبدلات.

ورغم الفوائد الجمة والهائلة للإنسان الطبيعي والإنسان السوّي. إلا أن الصوم غير مناسب لبعض المرضى، وفي أحيان معينة يزيد من سوء حالتهم الصحية. ولذلك يتوجب عليهم اتباع ارشادات وتعليمات الأطباء المختصين.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.