التصنيفات
اسلاميات عامة

بادرة الاقوياء – شريعة اسلامية

بادرة الاقوياء …!‏
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ‏نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا ‏رفعه الله" [رواه مسلم]. هذا الحديث النبوي هو نص قاطع لكل من ظن أن ‏صاحب العفو يورثه عفوه ذلة ومهانة فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن ‏العفو يرفع صاحبه ويكون سببا في عزته بل أرشد الله عباده إلى العفو فقال: ‏‏{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ثم بين في آيات أخرى ‏ما لهؤلاء العافين عن الناس من الأجر والمثوبة فقال : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ ‏رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي ‏السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ ‏الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ‏ إن الذي يجود بالعفو عبدٌ كرمت عليه نفسه، وعلت همته وعظم حلمه ‏وصبره، قال معاوية رضي الله عنه: "عليكم بالحلم والاحتمال حتى تمكنكم ‏الفرصة، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال".‏ ولما أُتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث في وقت الفتنة قال عبد الملك ‏لرجاء بن حيوة: ماذا ترى؟ قال: إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر ‏فأعط الله ما يحب من العفو، فعفا عنهم.‏

حقا إن العفو هو خلق الأقوياء الذين إذا قدروا وأمكنهم الله ممن أساء إليهم ‏عفوا.. الأقوياء الذين لم يغب عن أبصارهم وأسماعهم قوله تعالى : {وَلْيَعْفُوا ‏وَلْيَصْفَحُوا}. إن تربية الإسلام لأبنائه على هذا المعنى العظيم السامي هي ‏التي جعلت أبو بكر الصديق يعفو عن مسطح رضي الله عنه بعدما حلف ‏رضي الله عنه ألا ينفق على مِسْطَح لأنه من الذين اشتركوا في إشاعة خبر ‏الإفك عن عائشة رضي الله عنها، فأرشده الله للعفو بالآية السابقة بل ألمح ‏الله في آخرها إلى أن من يعفو عمن يسيء إليه فإن الله يعفو عنه فقال : { أَلا ‏تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}. هذه التربية هي التي أيضا دفعت عمر بن الخطاب ‏لأن يقول: "كل أمتي مني في حِلٍّ". بل نفس المعنى نستشعره في كلمات ابن ‏مسعود رضي الله عنه حين جلس في السوق يشتري طعامًا، فلما أراد أن يدفع ‏الدراهم وجدها قد سُرقت، فجعل الناس يدعون على من أخذها، فقال عبد ‏الله بن مسعود: "اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها، وإن ‏كان حملته جراءة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه". رحمك الله يا بن مسعود ‏ورضي لله عنك وعن أصحابك كلمات خرجت من قلوب امنت بالله فدفعها ‏إيمانها لان تنام قريرة العين ومستريحة البال قلوب لم تحمل غلا ولا حقدا على ‏ظالم أو شاتم أو سارق ..‏

أحسب أن ملك الانسانية لم تغب عنه هذه المعاني الجليلة فأصدر عفوه الذي ‏أشعل أنوارا في بيوت لطالما كانت مظلمة وقلب أتراحها أفراحا .. كم من ‏طفل الآن هو في حضن والده وكم من زوجة هي اليوم تعيش أسعد لحظاتها ‏بعودة زوجها وكم من أم فرحة بعودة ابنها إني ألمحهم الان جميعا ودموعهم ‏تسابق عبراتهم فتترجمها الالسن دعوات حرى من قلوب صادقة لك ياخادم ‏الحرمين بأن يحفظك الله من كل مكروه .. ‏
ولربما نازلة يضيق بها الفتى ….. ذرعا وعند الله منها المخرج ‏
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها…… فرجت وكان يظنها لا تفرج

‏ مبروك عبدالله الصيعري
‏ رئيس كتابة عدل شرورة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.