ولا يهمني كثيرا الوقوف في هذه المسألة ، لكني انظر إلى المولد النبوي بنظرة تربوية لأنستقي منها العبر والدروس .
الكل يعرف أن الحبيب صلى الله عليه وسلم ولد يتيما وقد توفي والده وهو جنين في بطن أمه ؛ قال الله تعالى في كتابه الكريم : (ألم يجدك يتيماً فآوى ) .
يقول السعدي في تفسيره (ص928) : (( أي وجدك لا أم لك، ولا أب، بل قد مات أبوه وأمه وهو لا يدبر نفسه، فآواه الله، وكفله جده عبدالمطلب، ثم لما مات جده كفله الله عمه أبوطالب، حتى أيده الله بنصره وبالمؤمنين ).
وفي نشأته صلى الله عليه وسلم يتيما دلالات تربوية جسيمة، تتمثل في الآتي:
1- أن اليتم ليس معيقاً في الوصول إلى معالي الأمور، ولا مثلمة في حياة الأفراد؛ بل على اليتيم أن يشق طريق الخير ويصبر على العقبات، متذكرا سيرة رسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم وأنه عاش يتيما.
2- حماية الله عز وجل لنبيه الكريم ، ورعايته له، بأن سخر له صلى الله عليه وسلم من يرعاه ويأويه من أقاربه كجده وعمه ؛ وهنا على المسلم أن يؤمن بما قدر الله عليه، ولا يحمل هم اليتامى من بعده إذا اتقى الله عز وجل وحسن عمله، فالله هو المدبر للأمور، وهو الذي يرزقهم ويغنيهم ويسخر من يرعاهم من بعده .
3- على اليتيم أن يأخذ من سيرة المولد النبوي دروسا بحيث لا يركن إلى الهزيمة النفسية والبؤس، بل عليه أن يفتح باب الأمل ويأخذ بالعزيمة والجد، ويحسن الظن بربه عز وجل.
4- إن لرعاية أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم درس لنا لنقوم بالرعاية النفسية والتربوية والاجتماعية للأيتام، ونشارك في كفالتهم ولا سيما فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ، وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطى ) [ البخاري برقم 6005) .
5- حماية الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يمتن أحد عليه بالرعاية والتربية، وأن الأمر بيد الله عز وجل ، وهو الذي رعاه ورباه ؛ كما قال تعالى : { ألم يجدك يتيما فآوى }.
إخواني الأعضاء:
لئن كان غالبنا عاش عيشا أسريا مكونا من الأب والأم وأخذ من حنانهما وعطفهما فإن الحبيب صلى الله عليه وسلم قد عاش يتيما، ولكن لم ييأس ولم يتوانَ ولم يضعف، بل صار أمة وقدوة للناس، فهلا نقتدي به صلى الله عليه وسلم .