المقصود بتنمية الذات؛ نمو ذاتية الطفل وبداية مقاومته بشكل تدريجي، والسن التي تظهر فيها أولى العلامات الدالة على ذلك تختلف باختلاف ذكاء الأطفال.
أمثلتها :
رفض نوع من أنواع الطعام أو المأكل من 5-6 أشهر .
رفض الطعام عند مرحلة الفطام.
رفض الطعام إذا لم تسمح له أمه بحمل كأس الحليب أو الملعقة، لأنه يعتبر ذلك ممارسة لمهاراته الجديدة.
البكاء إذا لم تسمح له بإلباس نفسه أو خلع ثيابه.
ويولع الطفل من الشهر الرابع بتكرار الأعمال أو التصرفات التي تضحك من حوله، وإذا أكتشف أن عملاً ما يجذب انتباه الآخرين ويجعله محط أنظارهم أو انتقادهم أو تعليقهم فإنه يكرر هذا العمل باستمرار.
ثم يمر الطفل خلال دور عدواني، وذلك عندما ينتقل من دور الاعتماد على الآخرين إلى دور الاستقلال، فيصبح مستبداً عنيفاً متبعاً لهوى نفسه ويرى أن ذلك من حقه تماماً.
وتظهر علامات إيثار الغير عند الطفل في السنة الثالثة أو الرابعة، وأما قبل ذلك فهو لا يهتم ولا يعرف إلا نفسه ونفسه فقط.
ويحتاج الأمر في هذه المرحلة إلى أشهر طويلة وصبر من قبل الوالدين حتى يدرك الطفل أن لغيره أهمية واعتبار كما له هو.
ومن الخطأ تغيير طبيعة الطفل هذه لأنها هي التي ستجعل منه رجلاً صلباً في المستقبل وسيتعلم الإيثار مع الزمن.
أن يمدح الطفل وأن يقدر عمله فلا شيء مثل الثناء والتشجيع العادل في جعل الطفل معتمداً على نفسه.
وكذلك بالنسبة للسلبية فهي من الصفات الطبيعية ما بين سنة ونصف 3- 4 فهو مولع بالمخالفة ويجد السرور بعمل عكس ما يطلب منه .
وبكلمة مختصرة يصبح الطفل صعباً مشاكساً بعد أن كان سهلاً ليناً .
والأم تقول : ما لذي جرى ما لذي غير طفلي؟
والعلاج :
1- إنه من الخطأ مخاصمة الطفل على توافه الأمور، لأنه سينتصر في كل مرة لذاته.
2- يحسن عدم إرغامه على فعل شيء لا يريده إلا إن كان أمراً ضروريا جداً.
3- عدم إبداء أي مظهر من مظاهر القلق والاهتمام حول أي عادة يتعودها الطفل، أو حركة شاذة لأن ذلك يؤدي إلى تشبثه بها تثبيتاً لشخصيته وإظهاراً لقوته.
وهناك أسباب أخرى لمقاومة الطفل تكون بعض الأحيان بإصرار الوالدين على أمر ما دون مسوغ وجيه؛ مثل رغبة الطفل في الاستمرار في اللعب لأنه منسجم ومسرور ولا يريد أن يتركهما من أجل الطعام أو الاستحمام، فهو لا يرغب في مخالفة أمه أو مضايقتها بل يماطل لأنه لا يريد ترك اللعب، وهو في نفس الوقت لا يعرف قيمة الوقت فينبغي عدم الإصرار إلا لحاجة ماسة.
وبعض الأحيان تشتد مخالفة الطفل وسلبيته في بعض الظروف؛ كالجوع والتعب والقلق وتشتد بالنقد اللاذع من قبل الأم.
وولعها الشديد بالنظام والترتيب والمحافظة على الأدب، وبطلب مالا طاقة للطفل به.
وعموماً هذه الصفة أيضاً تتأثر بالعامل الوراثي، ويلعب فيها دوراً هاماً، لذا فإن الطفل يحتاج إلى التأديب والتوجيه والتربية لما للبيئة الوراثة من تأثير على خلقه، ولذلك كانت قضية التربية والتأديب.
قال الماوردي رحمه الله أن التأديب ضروري لأن النفس مجبولة على شيم مهملة وأخلاق مرسلة لا يستغنى محمودها عن التأديب والتهذيب.
ويقول:" الأدب مكتسب بالتجربة ، أو مستحسن بالعادة ، ولكل قوم مواضعة ، وذلك لا ينال بتوقيف العقل ولا بالانقياد للطبع حتى يكتسب بالتجربة والمعاناة ، ويستفاد بالدربة والمعاطاة .
العادة :
إن ما يميز الطفل في هذه المرحلة تكوين العادة، فكل تغيير في نظام الطفل الاعتيادي إلى وضع آخر يرجحه الطفل يؤدي إلى تشبث الطفل بالوضع الجديد وتعوده عليه.
مثاله :
عادات في النوم أو الطعام يتعود على صنف معين أو مص الاصبع أو اللفاظ البذيئة.
فإذا مرض الطفل ونامت الأم بجواره بعد أن كان ينام وحيداً، يتعلق الطفل بهذا الوضع الجديد، وكذلك إذا سافرت الأسرة وأصبحوا ينامون في غرفة واحدة أو الطفل بجوار أمه كذلك .
وسبب التعود يعود في الأصل إلى الرغبة في تلبية الميول الغريزية الجسدية والنفسية، و الطريقة القاسية عموماً في محاولة إبطال العادة السيئة غالباً لا تجدي خاصة إذا كان الطفل شديد الميل للحب والعطف أو شديد الميل لإظهار القوة، فقد تؤدي ذلك إلى تثبيتها واستمراراها.
أو الأم التي تتحدث بانزعاج واضطراب عن العمل الذي يقوم به الطفل، أو تكثر التحدث مع من تصادفه، فإن الطفل يصبح أكثر تشبثاً بهذا العمل ، ويجعل منه وسيلة للفت الانتباه إليه، وحب التقليد أيضاً سبباً هاماً في تكوين العادة عند الأطفال.
والأطفال الذين يتمعون بذكاء شديد وذاكرة قوية يتعودون بشكل أسرع من غيرهم وذلك لأنهم يتعلمون ويفهمون بسرعة.
ومعنى هذا أننا إذا أردنا أن ينشأ الطفل متحلياً بالعادات الجيدة والأخلاق الحميدة فعلينا أن نكون قدوة حسنة.
1- إذا كنت لا تجيبين طفلك إذا سألك.
2- أو تقاطعينه عندما يتكلم.
3- أو سيئة الخلق، سريعة الانفعال بذيئة الكلام، فلا تتوقعي أن يكون طفلك إلا بهذه الصفات.
أيضاً لا بد أن نشير إلى تأثير الخصومات والمنازعات بين الوالدين على عقلية الطفل ونفسيته، وفهم الطفل وذاكرته يسبقان نطقه، فالطفل قد يتذكر الحادثة وهو في الثالثة من عمره ولو مضى عليها شهوراً طويلة.
معنى هذا أن الطفل يتأثر ببيئته والمحيط الذي يعيش فيه.
التخيل :
أيضاً في هذه المرحلة تنمو مخيلة الطفل بشكل محسوس بعد السنة أو سنة ونصف، وكلما كان الطفل أكثر ذكاء كان أوسع خيالاً.
وهذا ما يبدو من تصرف الطفل مع لعبه فيخاطبهم كأشخاص أو أصدقاء.
ـ وفي الثالثة يستطيع أن يروي قصصاً خيالية خرافية ويلعب بناء بيوت، فتح أبواب، ركوب مركبات أو طائرات، استقبال ضيوف وهكذا.
وهذا التخيل قد يؤدي بالطفل إلى نوع من الخوف من الظلام والضجيج والحيوان وغيره.
الإيحاء :
وفي هذه الفترة نستطيع أن نوحي للطفل بكثير من الانفعالات، كالخوف والبغض والحب والاشمئزاز من طعام مثلاً، كل هذا ينتقل للطفل بسهولة.
ذكاء الطفل :
بعض الأحيان يكون قلة الذكاء عند الطفل سبباً في شيء من الاضطرابات السلوكية لأنه بطيء التعلم، والناس يعاملونه على قدر سنه، لا على قدر عقله، أي أنهم يطالبونه بأشياء هي فوق طاقته.
وهو لا يستطيع إدراك قيمة الحدود أو القواعد التي تفرض عليه من ناحية النظام والسلوك والترتيب وغيره.
وهو لا يحسن التكلم بالمستوى الطبيعي ولا يستطيع أن يعبر عن نفسه.. فإذا لم نتخذ الاحتياطات المناسبة للتعامل مع هذا الطفل سيصاب بخيبة أمل وقلق وسلبية شديدة.
أما الطفل الأكثر ذكاء قد يسبب مشكلات أو يوجد لديه بعض المشكلات السلوكية لكن بطريقة أخرى، فيستطيع بسهولة أن يميز انفعالات أهله من حوله، فيميز بين ما يثيرهم أو يغيظهم أو يلفت انتباههم، فيكثر من الأفعال التي تؤدي إلى هذه النتائج لإبراز مقدرته وإظهار شخصيته.
وقد يتكلم الأهل أمام الطفل أكثر مما يجب بعدم تقدير ذكائه.
وفي كثير من الأحيان يحرمون من التعليم الموازي لمقدرتهم العقلية، ولا يسمح لهم بالقيام بالأعمال وتحمل المسؤولية التي هم أهل لها، فيؤدي إلى الملل والسأم والتصرفات غير اللائقة في الدرس والمدرسة أو في البيت.
كما أن لاختلاف الشخصية أثر في حجم المشاكل السلوكية، فهناك طفل هاديء منذ فترة رضاعته وآخر عكسه، يأخذ الثدي ثم يتركه ويبكي ويصرخ حتى يحتار الجميع فيه.
كذلك تفاوتهم في تحمل الجوع، في كثرة الضحك والابتسامة وحب المداعبة، تطلب الطفل للحنان والعطف، تفاوتهم في العناد والسلبية، حذرهم وخوفهم، درجة تخيلهم وتفاعلهم تجاه النقد، فالبعض خلق ليقود والآخر ليتبع، كما قالت العامة: إن الله خلق أخوين ولم يخلق طبعين.